مواصفات المركز القومي للامتحانات لا تنص على القرائية في اختبارات اللغة العربية

مواصفات المركز القومي للامتحانات

لا تنص على القرائية في اختبارات اللغة العربية

(1)

خطَت القرائية خطواتٍ واسعة وعديدة إلى الأمام في عمرها القصير؛ فقد صار لها إدارة عامة في الوزارة، وقد راعتها المناهجُ في آخرِ تعديل بإيراد إستراتيجياتها في الأسئلة عقب الموضوعات، وقد تعدَّدت أنشطتها، و...، و... إلخ.

لكن ...

لكن تبقى خطواتٌ أخرى يجب أن توجد وتظهر؛ حتى تكتمل لها الحُلَّةُ اللامعة.

مثل ماذا؟

مثل وجود مرجعٍ علمي تنظيري لإستراتيجيات القرائية؛ كما أوردت في مقال (إستراتيجيات الفهم القرائي .. غياب المرجع العلمي التنظيري)، وبعد ذلك أظهَرَ التطبيقُ لي جليًّا ضرورة وجود المرجع في إستراتيجيات المفردات أيضًا.

ومثل وجود القرائية في متن الموضوعات القرائية والأدبية؛ كما نبهت في مقال (موت بعض الإستراتيجيات غير الموظَّفة في متون موضوعات كتاب التلميذ).

ومثل النص على وجود القرائية نصًّا في الورقة الامتحانية، لا روحًا ومعنى؛ كما أوردت في مقال (القرائية .. الحاضرة في الشرح، الغائبة في التقويم المنتظم)، ومقال (عدم تكامل عناصر المنهج في إستراتيجيات القرائية الخاصة بالمفردات)، وضبط الأسئلة؛ كما نبهت في مقالات (نقود على بند التقويم اللغوي في الاختبارات وأحد الكتب الخارجية الشارحة 1و2و3).

وكنت أظنُّ أن غياب الأسئلة المباشرة في تقويم القرائية بمصطلحاتها المعروفة سببُه عدم اهتمام واضعي الامتحانات، لكنني فوجئت بعد الاطلاع على مواصفات الورقة الامتحانية للغة العربية التي أصدرها المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، قسم التطوير، وحدة اللغة العربية للفصل الأول من العام الدراسي 2016/2017م - بأنه لا يوجد نص على تضمين الاختبارات مسائلَ القرائية وإستراتيجياتها.

ماذا يوجد؟

يوجد عبارات قد يُفهم منها ذلك، وقد لا؛ فإن ضَمَّن الممتحن الورقةَ الامتحانية القرائيةَ، استدلَّ بها واحتج، وإن لم يضمنها القرائية، استدل بها أيضًا واحتج.

كيف؟

في الصف الثاني الابتدائي ص5، وفي (ثالثًا: المواصفات الخاصة لكل فرع من فروع المادة)، وفي (أ- القراءة) - نجد البنود الآتية الخاصة بما يجب أن تراعيه الأسئلة القرائية: (2- تقيس الثروة اللغوية للتلميذ من مفردات وجموع ومعانٍ. 3- تقيس فهم التلميذ لمضمون الموضوع ومحتواه. 4- تقيس قدرة التلميذ على استخدام المفردات في جملة مستقلة من إنشائه. 5- تقيس قدرته على التمييز بين الواقع والخيال).

وفي (ب- المحفوظات) نجد البنود الآتية: (2- بند يقيس فهم معاني الكلمات الجديدة. 3- بند يجاب عنه من النص أو من خلال فهمه له).

ماذا نجد في ذلك؟

نجد كلامًا عامًّا يصلح لواقعٍ خالٍ من القرائية التي لها طرق ووسائل وإستراتيجيات ومسائل تؤدي إلى تحصيل هذه الأهداف؛ فلِمَ لا تُذْكَر هذه الوسائل وهذه الإستراتيجيات فيُزاد على البنود السابقة ما يؤكِّد وجود القرائية في ذهن واضعي مواصفات الورقة الامتحانية؟

مثل ماذا؟

مثل إضافة هذه الجمل إلى ما يخص بنود القراءة السابقة: (2- ... وغير ذلك مما تتطلبها إستراتيجيات المفردات. 3- ... كما توضح إستراتيجيات الفهم القرائي. 4- ... كما توضح إستراتيجيات مفاتيح السياق وملصق الكلمة، وغيرهما. 5- ... كما توضح إستراتيجيات الفهم القرائي).

وكذلك إضافة ما يشبه ذلك إلى بندَي المحفوظات؛ مما يجعل القرائية حاضرة في التقويم، فيُكْسِبها ذلك اهتمامًا فوق ما هو مبذول لها من التلميذ والمعلم في الميدان.

لِمَ؟

لأن الامتحان هو المهم، وما يأتي فيه هو المرتقب من الجميع؛ فإن راعى الامتحان القرائية، اهتم بها الجميع اهتمامًا يلائمها؛ لأن العلم بها يكون من العلم الذي يؤدي إلى عملٍ تقييمي يؤثِّر في النتيجة، وإلا فقد يهملها البعض بحُجة أنها لا تأتي في الامتحانات؛ مما يجعلها علمًا لا يؤدي إلى عمل تقييمي يؤثر في النتيجة.

(2)

قد يقول قائلٌ مفكرًا تفكيرًا منطقيًّا صوريًّا: هذا يخص الصف الثاني، وهو مبتدأ الأمر، لكن إن صعدنا، فقد نجد ذلك ذلك مراعًى فيما يليه من صفوف وسنوات دراسية.

وأقول له: لا، إن التالي كالسابق.

كيف؟

في الصف الثالث نجد البنود ذاتها في القراءة، وما أضيف إليها من بنود تَكْرَارٌ لها في المعنى، ونجد بندًا جديدًا في المحفوظات ينص على عدم تفعيل القرائية.

كيف؟

ورد في بند 2 ص6 فيما يجب أن تهدف إليه أسئلة المحفوظات: [سؤال يقيس الفهم (المرادف - المضاد - المفرد - الجمع)]؛ فلو أورد الممتحن تنفيذًا لذلك: (أكمل: مرادف كذا ...، ومضاد كذا....، ومفرد كذا....، وجمع كذا ...) - لكان منفِّذًا لهذا البند، ولكان بعيدًا عن القرائية وإستراتيجياتها التي تجعل هذه الأشياء مجموعة لا مفرَّقة؛ فإستراتيجية "خريطة الكلمة" لها ذراعان: الأفقي منهما يضم المرادف والمضاد، والآخر يضم النوع والجملة.

ولا يختلف الأمر في الصف الرابع عن ذلك كثيرًا؛ فإن كل أهداف القراءة فيه فهمٌ قرائيٌّ ولا مجال للمفردات فيها، وفي المحفوظات نجد المفردات نفسها السابقة في الثالث.

كيف؟

ورد في ص 7: [فهم اللغويات الموجودة في النص (المرادف - المضاد - المفرد - الجمع) مع استخدامها في جمل مستقلة]، وهذه كلها مجتمعة تتحقق في إستراتيجية "خريطة الكلمة" كما أسلفت قريبًا..

والبقية فَهمٌ قرائيٌّ، وتذوق أدبيٌّ.

(3)

هذه الصفوف هي معقل القرائية وميدانها؛ فالصفوف الأولى هي الميدان القديم، أما الصفوف العليا بدءًا من الرابع، فهي ملحَق مستحدَث يغلب عليه العلاجية، والخامس والسادس ما زالا حديثي عهدٍ بالقرائية العلاجية، وكذلك المرحلة الإعدادية؛ لذا لن أتناولها.

فإذا كان الأمر مع المعقل هكذا، فإننا لن ننتظر في الخامس نصًّا ولا إشارة؛ فقد ورد في الصف الخامس ص8 في النصوص فيما يجب أن تحتويه الأسئلة: (3- تذوق مدى ملاءمة الألفاظ والتراكيب من الناحية الجمالية وإيحاءاتها. 4- تذوق اللغة والأسلوب وإصدار الأحكام النقدية وإبداء الرأي)، وورد في السادس ص7 في القراءة فيما يخص ما يجب أن يوجد في أسئلتها: (3- معرفة المترادفات والأضداد والمفرد والجمع، وقدرته على التمييز بين الكلمات المتقاربة في معناها، واستعمال مفردات اللغة وتراكيبها في سياقات جديدة. 4- تذوق إيحاءات الكلمات وتمكنها من موضعها في النص)، وفي النصوص ص8 ورد فيما يخص ما يجب أن يوجد في أسئلتها: (3- تذوق مدى ملاءمة الألفاظ والتراكيب من الناحية الجمالية وإيحاءاتها. 4- تذوق اللغة والأسلوب، وإصدار الأحكام النقدية وإبداء الرأي).

(4)

وقد يقول قائل: ليس المهم تضمين القرائية باصطلاحاتها وإستراتيجياتها، بل المهم تحقيق أهدافها؛ فإن القرائية في الصف الأول وبعضِ الثاني لا تشترط تعليمَ التلاميذ أسماءَ الإستراتيجيات؛ بل تهتم بتعليمهم إجراءاتِها التي تفيدهم فقط.

والجواب جدُّ يسيرٍ: إن كان الأمر كذلك في الصف الأول، فليس هو كذلك في بقية الصفوف، ولو كان كذلك في بقية الصفوف، فهذا يتصل بالتلاميذ لا بواضعي الامتحانات، الذين يجب ألا يضيِّعوا جهودًا يبذلها الآلافُ من العاملين في مشروع القرائية.

لكل هذا سأظلُّ أرقبُ النصَّ على تضمين الامتحانات القرائيةَ إستراتيجياتٍ ومسائلَ باصطلاحاتها المعروفة من المنبع، حيث الجهة التي تضع مواصفات الورقة الامتحانية التي تُلزم بها واضعي الامتحانات في مراحل ما قبل التعليم الجامعي، حيث تورد نهاية المواصفات وقبل جدول المواصفات هذا القانون: (المواصفات ملزمة لواضع الامتحان، وسيتم تقويم الورقة الامتحانية وفق هذه المواصفات)؛ فهل سيتم؟

أرجو، بل أدعو!