• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

التحذير من البطر

التحذير من البطر
د. أمين الدميري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2017 ميلادي - 9/10/1438 هجري

الزيارات: 46742

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التحذير من البطر


في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ ﴾ [الأنفال: 47].

البَطَر لُغةً: هو مجاوزة الحدِّ في المرح وخفة النشاط، ورجلٌ أشِرٌ بَطِرٌ، وأبطره الغنى، وفقرٌ مُخطِر خيرٌ مِن غنًى مُبطِر، وأن الخِصْب يُبطِر الناس، كما قيل:

قومٌ إذا اخضرَّتْ نِعالُهُمُ ♦♦♦ يَتَناهَقونَ تَناهُقَ الحُمُرِ

ومن المجاز: لا يُبطرَنَّ جهلُ فلانٍ حِلْمَك، وبطر فلان نعمة الله: استخفَّها فكفرها، ولم يسترجحها فيشكرها، ومنه: ﴿ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾ [القصص: 58][1]، فالبَطَر هو الاستخفاف بنِعَم الله، وكفرُها، وعدمُ مقابلتها بالشكر والعرفان.

 

أمر الله تعالى عباده المؤمنين إذا خرجوا لقتال ألا يتشبَّهوا بالمشركين من أهل مكة الذين خرجوا أشرًا وبطرًا، يريدون دفع الحق وإبطاله، والقضاء على الدعوة الإسلامية، يقول ابن كثير: (قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا ﴾، هم المشركون الذين قاتَلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، خرجوا بالقيانِ[2] والدفوف)[3].

 

إن البطر - حسب سُنة الله تعالى - سببٌ لزوال النعم ونزول النقم، كما قال تعالى: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص: 58]، وقال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

 

جاء في جامع البيان: (يقول الله تعالى ذكره: ومثَّل الله مثلًا لمكةَ التي سكنها أهل الشرك بالله، هي القرية التي كانت آمنةً مطمئنة، وكان أمنُها أن العربَ كانت تتعادى ويقتل بعضها بعضًا، ويسبي بعضها بعضًا، وأهل مكة لا يُغار عليهم، ولا يحارَبون في بلدهم، فذلك كان أمنها، وقوله: ﴿ مُطْمَئِنَّةً ﴾؛ يعني قارَّة بأهلها، ﴿ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا ﴾؛ يقول: يأتي أهلَها معايشُهم واسعة كثيرة، وقوله: ﴿ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ﴾؛ أي: مِن كل فج ومن كل ناحية، ﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ﴾، وقوله: ﴿ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ﴾، وذلك جوع خالط أذاه أجسامَهم، فجعل - تعالى ذكرُه - ذلك لمخالطته أجسامهم بمنزلة اللباس لها، وذلك أنهم سلط عليهم الجوع سنين متوالية بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أكلَوا الجِيَف، وأما الخوف، فكان خوفهم من سرايا الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت تُطيف بهم، وقوله: ﴿ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾؛ أي: مِن الكفر بأنعم الله، ويجحدون آياته، ويكذِّبون رسوله صلى الله عليه وسلم)[4].

 

فالبَطَر مذمومٌ، ذمَّه الله تعالى في كتابه وحذَّر منه، وذمَّه النبي صلى الله عليه وسلم وحذَّر منه، ونهى عنه وعابه؛ لأنه كِبْرٌ وتكبُّر بغير حق ولا سند، فالكِبْرُ والكبرياء إنما هما لله الواحد القهَّار الجبار، القادر المقتدر، العزيز الحكيم، فعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخلُ الجنة مَن كان في قلبه مثقالُ ذرَّة من كِبْر))، قال رجل: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا ونعلُه حسنة؟ قال: ((إن الله جميل يحبُّ الجمال، الكِبْر بَطَر الحق، وغَمْط الناس))[5].

 

يقول الإمام النووي: (بَطَر الحق: دفعه وإنكاره، ترفعًا وتجبرًا، وغَمْط الناس: احتقارهم)[6].

فما أقبح الكِبْر والمتكبِّرين، وما أجمل التواضع والوقار، فقد جاء وصف عباد الرحمن بأجمل الصفات، وأولها ما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

 

وفي وصية لقمان لابنه، يقول الله عز وجل: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18].

 

وفي معنى الآية يقول ابن كثير: (قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ﴾، يقول: لا تتكبَّر، فتحتقر عباد الله، وتُعرِض عنهم بوجهك إذا كلَّموك)، وقوله: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ﴾؛ أي: خُيلاء متكبرًا جبارًا عنيدًا، لا تفعل ذلك يُبغِضُك الله؛ ولهذا قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾؛ أي: مختال مُعجَب في نفسه، فخور على غيره)[7].

 

إن الكِبْر والكبرياء لله عز وجل وحدَه، فمَن استكبر واستعلى من الخلق، أخذه الله تعالى أخذَ عزيزٍ مقتدر، فقد أغرق الله تعالى فرعون؛ لأنه تكبَّر وادَّعى لنفسه الألوهية والربوبية؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 38 - 40].

 

روى الترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لما أغرق الله فرعونَ، قال: ﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾ [يونس: 90]، فقال جبريل: يا محمد، لو رأيتَني وأنا آخذُ مِن حال البحر وأَدُسُّه في فِيهِ، مخافةَ أن تُدرِكَه الرحمة))[8].

 

وكما أهلك الله تعالى فرعونَ موسى، فقد أهلك الله تعالى أبا جهلٍ فرعونَ هذه الأمة يوم بدر، وهذه هي نهاية كل عنيد متكبِّر، وهذا مصير مَن يعادي أولياء الله ويقف في طريق دعوة التوحيد.

 

ولأهمية هذا التحذير الرباني والأمر الإلهي بعدم التشبه بالكافرين وأفعالهم القبيحة - وأخطرها الكِبْر، وهو كما سبق بيانه (بطر الحق، وغمط الناس) - فإني ألقى المزيد من الضوء على أهمية مجانبةِ الكِبْر والعُجْب؛ لأن هذا الداء قد يتسرَّب إلى الدعاة إلى الله، فتكون العاقبة وخيمة على الداعي؛ فينصرف عنه الناس ويحبط عمله، وعلى الدعوة؛ فلا يقبلها المدعوون وينفرون منها بسبب عجب الداعي واستكباره، أو استعلائه على الناس، فقد جاء في "أدب الدنيا والدين":

(أما الكبر، فيكسب المَقْتَ، ويُلهِي على التألف، ويُوغِر صدور الإخوان، وحَسْبُك بذلك سوءًا عن استقصاء ذمه.

ورأى رجل رجلًا عليه حُلَّة يسحبها ويمشي الخُيلاء، فقال له: ما هذه المِشْيَة التي يُبغِضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له: أمَا تعرفني؟ فقال: بل أعرِفك: أوَّلُك نطفة مَذِرَة، وآخرُك جِيفةٌ قَذِرَة، وحَشْوُك فيما بين ذلك بولٌ وعَذِرَة.

وقال أحدُهم[9]: عجِبتُ لمَن جرى في مجرى البول مرتينِ، كيف يتكبَّر؟!

 

وقد وصف بعض الشعراء الإنسان، فقال:

يا مُظهِرَ الكِبْرِ إعجابًا بصورتِهِ
انظُرْ خَلَاكَ فإنَّ النَّتْنَ تَثرِيبُ
لو فكَّر الناسُ فيما في بطونِهِمُ
ما استَشْعَر الكِبْرَ شبَّانٌ وَلا شِيبُ
هل في ابنِ آدمَ مثلُ الرأسِ مكرمةٌ
وَهْوَ بخَمْسٍ مِنَ الأقذارِ مَضرُوبُ
أنفٌ يَسِيلُ، وأُذْنٌ ريحُها سَهَكٌ
والعينُ مُرفضَّةٌ، والثغرُ ملعُوبُ
يا بنَ الترابِ، ومأكولَ الترابِ غدًا
أَقْصِرْ فإنَّك مأكولٌ ومَشُروبُ


وأحق مَن كان للكبر مجانبًا، وللإعجاب مباينًا، مَن جلَّ في الدنيا قدرُه، وعظم فيها خطره؛ لأنه قد يستقل بعالي همته كلَّ كثير، ويستصغر معها كلَّ كبير)[10].

فالكِبْر والعُجْب والفخر آفاتٌ مدمِّرة، ومحبطة للأعمال، ومخيبة للآمال، إن الفخر الحقيقي إنما هو يوم القيامة، عندما يُنصَب الميزان، وتوزن الأعمال؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴾ [القارعة: 6 - 9].

 

فالميزان إنما يثقلُ بالأعمال الصالحة ويَخِف بالأعمال الفاسدة، (فالفخر الحقيقي ليس بكثرة المال والأولاد والعَشيرة، والمنصب والسلاح والدواب والعقار؛ إنما الفخر الحقيقي هو يوم القيامة بعد خروج نتائج الميزان؛ حيث يطير فرحًا مَن خرجَتْ نتيجة أعماله بالإيجاب، فيجري بين الناس مهللَ الوجه وهو يقول: ﴿ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 19 - 22]، بينما الآخر الذي خفَّت موازينه واسودَّ وجهُه من الندم والحسرة والحرج والفضيحة، فيقول: ﴿ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ [الحاقة: 25 - 29]، فهو يُدرِك الآن أن الفخرَ في الدنيا بالمال والسلطان كان فخرًا مزيفًا، فعندما تدعونا أنفسنا للفخر بهذه المظاهر الدنيوية، فلنتذكر الفخر عند الميزان يوم القيامة)[11]، فالعاقل هو الذي يجتنب الفخر، ويتحلَّى بالتواضع.

 

ومَن أُعجِب بنفسه أو أصيب بداءِ (الفخر)، فلينظر في عيوبه، يقول الإمام ابن حزم[12]:

(ومَن ِامتُحِن بالعُجب، فليُفكِّر في عيوبه، فإن أعجب بفضائله فليفتِّش ما فيه من الأخلاق الدنيئة، فإن خَفِيت عليه عيوبه جملةً حتى يظن أنه لا عيب فيه، فليعلم أن مصيبتَه إلى الأبد، وأنه أتم الناس نقصًا، وأعظمهم عيوبًا، وأضعفهم تمييزًا، وأول ذلك أنه ضعيفُ العقل جاهل، ولا عيب أشد من هذين؛ لأن العاقل هو مَن ميز عيوب نفسه فغالبها، وسعى في قمعها، والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه، إما لقلة علمه وضعف فكرته، وإما لأنه يقدر أن عيوبه خصال، وهذا أشدُّ عيب في الأرض، واعلَمْ يقينًا أنه لا يَسْلَم إنسٌ من نقص - حاشا الأنبياء صلوات الله عليهم - فمَن خَفِيت عليه عيوبه، فقد سقط وصار مِن السخف والضعة، والرذالة والخسة، وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم، بحيث لا يتخلَّف عنه متخلِّف من الأرذال، وبحيث ليس تحتَه منزلةٌ من الدناءة، فليتدارَكْ نفسه بالبحث عن عيوبه والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها، وأما النطق بعيوب الناس، فعيب كبير، والواجب اجتنابه إلا في نصيحة)[13].

ومِن هنا كان على العاقل أن ينظر في عيوبه، ويداوي أمراض قلبه وأدواء نفسه، قبل أن ينظر في عيوب غيره.



[1] أساس البلاغة، مادة ب ط ر.

[2] القينة: الأَمَة المُغنِّية.

[3] تفسير ابن كثير، ج2، ص 317.

[4] جامع البيان في تفسير القرآن؛ للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، دار الريان للتراث، 1987، المجلد السابع (11 - 14)، ص 124.

[5] صحيح مسلم، شرح النووي، المجلد الأول، ص 282، باب تحريم الكبر وبيانه.

[6] المرجع السابق.

[7] تفسير ابن كثير، ج3، ص 446.

[8] حال البحر: طينه الأسود - سنن الترمذي، باب (ومن سورة يونس) حديث رقم 3107، ص722، وقال: حديث حسن.

[9] هو الأحنف بن قيس.

[10] أدب الدنيا والدين؛ لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي، المتوفي سنة 450هـ، المكتبة التوفيقية، ص 202.

[11] انظر منهج التابعين في تربية النفوس؛ تأليف: عبدالحميد البلالي، دار ابن حزم، بيروت، ط3، 1997، ص71.

[12] هو الإمام أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معد بن سفيان بن يزيد، وُلِد بقرطبة سنة 384هـ، وكانت له - ولأبيه مِن قبله - رياسة الوزارة وتدبير المملكة، فزهد بها وانصرف إلى العلم والتأليف، يقال لأتباع مذهبه: (الحَزْمية)، توفي سنة 456 هـ.

[13] الأخلاق والسير في مداواة النفوس؛ لابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، 1982، ص 65.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العجب
  • العجب من محبطات الأعمال
  • العجب
  • الكبر والعجب
  • بطر النعم وجحودها

مختارات من الشبكة

  • التحذير من كتابي: التحذير من فتنة التكفير، وصيحة نذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 4/3/1433 هـ - التحذير من ضياع الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من الإسراف والتبذير (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التحذير من أكل المواريث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من جلساء السوء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من إلحاق الضرر بالمسلمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون حديثا في فضل التوحيد، ويليه: الأربعون حديثا في التحذير من الشرك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التحذير من الطعن في العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التحذير من الظلم في توزيع الميراث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من فتنة المال (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب