• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

النهي عن الاختلاف

النهي عن الاختلاف
عمير الجنباز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2013 ميلادي - 10/11/1434 هجري

الزيارات: 87477

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النَّهي عَنِ الاِختلافِ


لَقدْ جَاءَتْ عَدَدٌ من النُّصوصِ الشَّرعيةِ في كتَابِ الله تعَالى وسُنِّةِ نَبيِّهِ محُمدٍ عَليه الصَّلاَةُ والسَّلاَم تَحثُّ الْمُسلمينَ على الاجتماعِ والائتلافِ، وتَنْهَى عن الْفُرْقَةِ والاختلافِ.

 

فمنها قول الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ [سورة آل عمران: 103]، فاللهُ تعالَى يَأمرُ عبادَهُ الْمُؤمنينَ بأَنْ يَستمسِكُوا بدينِهِ وَكتَابِهِ، ويُقِيمُوا دينَهُمُ الذي اِرتضَاهُ لَهُمْ، وهُوَ الذي شَرَعَهُ لَهُمْ، وَأَوصَلَهُ إليهِم، وَجَعَلهُ سَبباً في فلاحِهِم في الدُّنيا والآخرةِ، وَأَمَرَهُمْ أَيضاً أَنْ يجْتَمِعُوا على ذَلكَ وألَّا يَتفرَّقُوا كما تَفرَّقتِ الْيَهودُ وَالنَّصارى في أَدْيانهِم، فإنَّ الْفُرقةَ مَهلكةٌ، وَالْجَماعةَ مَنجَاةٌ.

 

قَالَ الإِمَامُ ابنُ المبارَكِ -رحمه الله-:

إنَّ الجماعةَ حَبلُ اللهِ فاعتصمُوا
مِنهُ بعُروَتهِ الوُثقى لمن دَانا

 

وقَدْ نهَى اللهُ تعالَى عن النِّزَاعِ الذي يُؤدي إلى الْخِصَامِ، والْخِصَام الَّذي يَنتجُ عنه الْوَهْنُ والضَّعفُ وَالانحطاطُ، قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة الأنفال: 46]، فأخبرَ تعالى أنَّ طاعتَه وَطاعةَ رَسُولهِ وَائتلافَ قُلوبِ الْمُؤمنينَ وثَباتهم على دِينهِمْ وعَدَمَ تَنازُعهِم والصَّبرَ على ذلكَ سَببٌ للنَّصرِ على الأعداءِ، والتَّنازعُ في الآراءِ سَببٌ للْفُرْقةِ والْخُصُومَةِ والْفَشَلِ ممَّا يجعلُ المختلفينَ لُقمةً سائغةً لأعدائهِمْ، وَشَواهدُ الأحوالِ على هذا قَائمةٌ لمن استقرأَ تاريخَ الدُّولِ والأُمَمْ.

 

وَالْفَشَلُ الْمُترتِّبُ عَلى الْمُنازَعةِ والْمُخَاصَمةِ والْمُجَادَلةِ هو ضَعفٌ مَعْ جُبنٍ، وتفشَّلَ الْمَاءُ إذا سَالَ، وفي تهذيبِ اللُّغةِ: " قالَ اللَّيثُ: رَجلٌ فَشِلٌ، وقد فَشِلَ يَفْشَلُ عند الحرب والشِّدَّة، إذا ضَعُفَ وَذَهبَتْ قِواهُ، ويقال: إنه لَخَشْلٌ فَشْلٌ، وإنه لَخَشِلٌ فَشِلٌ.

 

وقال الله جَلَّ وعزَّ: ﴿ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، قال الزَّجاج: أي تَجْبُنُوا عن عَدُوِّكُمْ إذا اخْتَلَفْتُمْ "[1].

 

ومنه أيضاً قول الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ﴾ [سورة آل عمران: 152]، أي تركتُمْ امتثالَ أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَهُوَ الائتلافُ وَعَدمُ الاختلاف، فاختَلفتُمْ وَتنَازعتُمْ وَفشِلْتُمْ، وَعَصَيتُمْ نَبيَّكُمْ مُحمَّداً عَليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وتَركتُمْ أَمْرَهُ مِنْ بَعْدِ مَا أَراكُمْ اللهُ مَا تُحِبُّونَ وَهُوَ خُسْرَانِ أَعدائكِمْ وانخذَالهِمْ، فحَصلَ ما حَصلَ مِنْ تَفرُّقِ صَفِّكُم وقَتلِ بَعضِكُِم.

 

وَلمَّا كانت الأمَّةُ الإسلاميَّةُ مُتحدةً تحتَ رايةٍ وَاحدةٍ، ومُندرجةً تحتَ قولٍ وَاحدٍ، عُمدتُه الكتابُ والسُّنة، كانت مُترابطةً قويةً مهيبةً رفيعةَ الجَانبِ والشَّأن، شامخةً منتصرةً على أعداءِها، فالاجتماعُ في الرَّأيِ ووحدةُ الكلمةِ يُنشئُ عَنهُ القُوَّةُ وَالعزَّةُ والحَصَانَةُ، وأيضاً الاتفاقُ في الظَّاهرِ يؤدي إلى الاتِّفَاقِ في البَاطن، والعَكْسُ بالعكْسِ، فلذا حرَّمَ الشَّارِعُ التشبهَ بالكفَّار؛ لأنَّ مُوافقَتَهُم في الظَّاهرِ تُفضي إلى مُوافقَتِهِم في الْبَاطِنِ، وَهِيَ تُورِثُ الرَّدى وَالْخِزي في الدُّنْيَا وَالآخرِة، وَالْخِلافُ معَهُم في الظَّاهرِ يُفضي إلى مُنَابذتهِم في الْبَاطنِ.

 

وَقَدْ أرشدَ اللهُ تعالَى المؤمنينَ برَدِّ كُلِّ ما تنازعَ النَّاسُ فيهِ مِنْ أُصُولِ الدِّين وفُرُوعِه، والمسائلِ الخلافيَّةِ التي تقعُ في أُمورِ دِينِهِم ودُنْيَاهُم إليه تعالى وإلى رَسولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلام، أي إلى الأُصولِ وَالْقَواعدِ الشَّرعيةِ الْمَأخوذةِ وَالمستنبطةِ عَنْ كتابِ الله تعالى وسُنَّة رسوله عليه الصَّلاةُ والسَّلام، فهُمَا فَصْلُ النِّزَاعِ، لأنَّ حُكمَ الله ورَسُولِه أحسنُ الأحكامِ وأعدلها وأرحمها وأصلحها للنِّاسِ في أَمْرِ دينهِم وَدُنْياهُمْ وَعَاقِبتهِمْ في كلِّ زَمانٍ وَمَكانٍ، وذلكَ التَّحَاكُمُ مِنْ شَرطِ الإيمانِ بالله تعالى، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [سورة النساء: 59].

 

قَالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّة -رحمه الله-: " وَإِذَا تَدَبَّرْت كِتَابَ اللَّهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَفْصِلُ النِّزَاعَ بَينَ مَنْ يَحْسُنُ الرَّدَّ إلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى ذَلِكَ؛ فَهُوَ إمَّا لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ فَيُعْذَرَ، أَوْ لِتَفْرِيطِهِ فَيُلَامَ "[2].

 

وَقَالَ ابنُ القَيمِ -رحمه الله-: " أَنَّ قَولَهُ تَعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ﴾، نَكِرةٌ فِي سِياقِ الشَّرطِ تَعُمُّ كُلَّ مَا تَنَازَعَ فيهِ المُؤمِنُونَ مِنْ مَسَائِلِ الدِّينِ دِقِّهِ وَجِلِّهِ، جَلِيهِ وَخَفِيِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ الله وَرَسُولِهِ بَيَانُ حُكمِ مَا تَنَازَعُوا فيهِ وَلَمْ يَكُنْ كَافِياً لَمْ يَأْمُرْ بِالرَّدِّ إِليهِ إِذْ مِنَ المُمْتَنعِ أَنْ يَأمُرَ تَعالَى بِالرَّدِّ عِندَ النِّزَاعِ إِلى مَنْ لَا يُوجَد عِندَهُ فَصْلُ النِّزَاعِ، وَأَنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّدَّ إِلى اللهِ سُبْحَانَهً وَتَعالى هُوَ الرَّدُّ إِلى كِتَابهِ، وَالرَّدُّ إِلى الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الرَّدُّ إِليهِ نَفسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَإِلى سُنَّتهِ بَعدَ وَفَاتِهِ، وَأَنَّهُ جَعَلَ هَذا الرَّد مِنْ مُوجِبَاتِ الإِيمانِ وَلَوازِمِهِ، فَإِذَا اِنتفَى هَذا الرَّدُّ اِنتفَى الإِيمانُ؛ ضَرورَةَ اِنتفاءَ الملزُومِ لانتِفَاءِ لاَزِمهِ، وَلاَ سِيَّمَا التَّلازُمُ بَينَ هَذينِ الأَمْرَينِ فَإنَّهُ مِنَ الطَّرفَينِ، وَكُلٌ مِنهُمَا يَنتَفِي بِانتِفَاءِ الآخَرِ، ثُمَّ أَخْبَرهُمْ أَنَّ هَذا الرَّدَّ خَيرٌ لَهُمْ، وَأَنَّ عَاقِبَتَهُ أَحسنُ عَاقِبة "[3].

 

وَقَالَ أَبو إسحاق الشَّاطبي -رحمه الله-: " الاختِلاَفُ مَنفيٌ عَنِ الشَّريعَةِ بِإطْلاَقٍ، لأَنَّهَا الْحَاكِمَةُ بَينَ الْمُخْتَلفِينَ لِقَولهِ تَعَالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ﴾، إِذْ رَدَّ التَّنازُعَ إِلى الشَّريعةِ، فَلَوُ كَانَتِ الشَّريعةُ تَقتَضِي الْخِلافَ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّدِّ إِليهَا فَائِدَةٌ "[4].

 

قَالَ تَعالَى: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ [سورة النساء: 82].

 

قالَ الحَافِظُ ابنُ كَثير -رحمه الله-: " يَقُولُ تَعَالى آمرًا عِبَادَهُ بِتَدَبُّرِ الْقُرآن، وَنَاهِياً لَهُمْ عَن الإِعرَاضِ عَنْهُ وَعَنْ تَفَهُّمِ مَعَانيهِ الْمُحْكَمَةِ وَأَلفَاظِهِ الْبَليغَةِ، وَمُخْبِرًا لَهُمْ أّنَّهُ لاَ اختِلاَفَ فِيهِ وَلاَ اِضطِّرَاب، وَلاَ تَضَادَّ وَلاَ تَعَارُضَ؛ لأنَّهُ تَنزيلٌ مِنْ حَكَيمٍ حَميدٍ، فَهُوَ حَقٌ مِنْ حَقٍ؛ وَلهَذا قَالَ تَعالَى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [سورة محمد: 24]، ثُمَّ قَالَ: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ ﴾ أي: لَوْ كَانَ مُفْتَعَلاً مُختَلَقاً كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ جَهَلةِ الْمُشركينَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي بَواطِنِهِمْ ﴿ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ﴾أي: اضِّطرَاباً وَتَضادًّا كثيرًا، أي: وَهَذَا سَالِمٌ مِنَ الاختِلاَفِ، فَهُوَ مِنْ عندِ الله، كَمَا قَالَ تَعالى مُخبِراً عَنْ الرَّاسخينَ فِي العلمِ حَيثُ قَالُوا: ﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [سورة آل عمران: 7]، أَي: مُحْكَمهِ وَمُتَشَابههِ حَقٌ؛ فَلهَذا رَدُّوا الْمُتَشَابهَ إِلى الْمُحْكَمِ فَاهْتَدوا، وَالَّذينَ فِي قُلوبهِمْ زَيغٌ رَدُّوا الْمُحْكَمَ إلى الْمُتَشَابهِ فَغَووا؛ وَلِهَذَا مَدَحَ تَعَالى الرَّاسخينَ وَذَمَّ الزَّائغينَ "[5]، وَقَالَ أيضاً: " فَدَلَّ عَلى أَنَّ الْحَقَّ يَتَّحِدُ وَيَتَّفقُ، وَالْبَاطلَ يَختَلِفُ وَيَضَّطرِب "[6].

 

ولاشَكَّ أنَّ الاختلافَ بين النَّاس يُفضِي إلى التَّنازُعِ والتَّناحُرِ وَالْمُجادلةِ والْمُخَاصمةِ والْفُرقةِ، لا سيَّمَا إذا كانَ منشأُ الاختلافِ عَنْ هَوىً لا بحثاً عن الْحقِّ، فقَدْ كانَ النَّاسُ بعد أبيهم آدم عليه السلام قبلَ عَشرةِ قُرونٍ مِنْ إرسالِ نُوحٍ عَليه السلام أُمَّةً واحدةً تتحدُّ مقاصدَها ومطالبهَا ووجهتهَا على توحيدِ الله تعالى وتحقيقِ الْعُبوديةِ لربِّهم جلَّ وعلا[7]، ثم ابتعَدُوا عَنْ دينهِم وفَرَّقتهم الأهْواءُ الْمُختلفةُ فانحرفُوا عَنْ جَادَّةِ الصِّراطِ المستقيمِ الذي يُثمرُ كل خَيرٍ وسَعَادةٍ لَهُمْ في الْعَاجلِ والآجلِ، وصَارَ مآلهُم إلى الاختلافِ وَالشِّقِاقِ وَالْعِصيانِ الْمُستَتبعِ لِلْفَسادِ وَالشَّقاءِ في الدَّارين.

 

قال تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة البقرة: 213].

 

وَلَمَّا كانَ النَّاسُ لم يُخْلَقُوا سُدىً مَنَّ الله عليهم بما يُبصِّرهُمْ سَبيلَ الرَّشادِ في الاتحادِ على الْحقِّ والاستقامةِ عليه من بَعثةِ الرُّسلِ وَالأنبيَاءِ -عليهم السلام- مُبشِّرينَ لمن آمنَ باللهِ وأطاعَه، ومُنذرينَ لمن كفرَ به وعَصَاه، وأنعمَ عليهم بأَنْ أنزلَ مَعَهُمْ الْكتابَ الْحقِّ وَالشَّريعة لِيَحْكُمَ بَينهُمْ فِيمَا يحتاجُونَ إليه من أُمورِ دينهِم ودُنْياهُمْ وذلكَ لإزالةِ الاختلافِ ليتَّفقوا ويجتمعُوا على الاِستِقَامةِ والْهِدايةِ التامَّةِ، ولكنَّهُمْ بَغى بَعضُهُم على بَعضٍ، وحَصَلَ التَّنازعُ وكَثرةُ التَّخاصُم والاختِلاف في الْكتَابِ، وذلكَ مِنْ بَعدِ مَا عَلِمُوهُ وَتَيقَّنوهُ، فَضَلَّوا بذلكَ عن الصِّراطِ الْمُستقيم.



[1] تهذيب اللغة للأزهري (11/251 ).

[2] مجموع الفتاوى لابن تيمية (34/63).

[3] إعلام الموقعين (1/49-50).

[4] الاعتصام للشاطبي (2/249).

[5] تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/365).

[6] البداية والنهاية لابن كثير (2/86).

[7] أخرج البزار، وَابن جَرِير، وَابن المنذر، وَابن أبي حاتم، والحاكم وصحَّحه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كانَ بينَ آدم ونُوح عشرة قرون كلهم على شريعةٍ من الحقِّ فاختلفوا فبعث الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرينَ وَمُنذرِينَ ، قال: وكذلك هي في قراءة عبدالله: (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا)".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الاجتماع وخطر الاختلاف
  • وحدة الهدف لاتمنع الاختلاف
  • الدعوة إلى الائتلاف ونبذ الاختلاف من محاسن الدين
  • في تدبير الاختلاف بين العلماء
  • الاختلاف بين السابقين واللاحقين
  • حول الاختلاف وضرورة الأدب الإسلامي
  • أدب الاختلاف في الإسلام
  • سنة الاختلاف

مختارات من الشبكة

  • قواعد فهم النصوص الشرعية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بلاغة النهي في الأربعين النووية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • أوقات النهي عن الصلاة(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • النهي عن ترك الاستثناء فيما يجب الاستثناء فيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن قول الداعي: اللهم اغفر لي إن شئت فإن الله لا مستكره له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن تقبيل الأرض ووضع الرأس بين يدي الشيوخ والملوك وغيرهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالة النهي عند ابن رسلان الرملي الشافعي (ت 844 هـ) في شرحه لسنن أبي داود (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مظاهر اليسر في الصوم (4) النهي عن صوم الأبد(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)

 


تعليقات الزوار
1- مقال مفيد
مالك - hgsu,]dm 28-05-2014 11:06 AM

مقال مليء بالفوائد ، جزى الله كاتبه خيرا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب