• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/9/2007 ميلادي - 20/8/1428 هجري

الزيارات: 41951

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾  [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70- 71]. 

أمَّا بَعْدُ: فإنَّ أَصْدَقَ الحديثِ كلام الله تعالى، وَخَيْرَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل مُحْدَثَة بِدْعَة، وكل بدعة ضَلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الإخوة المؤمنون: جعل الله الدنيا دار بلاء يبتلي فيها عباده، أبان لهم فيها الطريق إليه، وحذرهم من سبيل الشياطين، وخلق الجنة لمن أطاعه، والنار لمن عصاه. ولأن الناسَ كلهم يريدون الجنة ولا يريدون النار، جعل الطريق إلى الجنة فيها من البلاء والمكاره ما لا يجاوزها إلا مؤمن. وملأ طريق النار بالشهوات حتى يتمحص الصادق الذي يخافها فيصبر عن الشهوات، قال عليه الصلاة والسلام: ((حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره))؛ أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه[1]. ولن يترك الشيطانُ بني آدم على الهداية؛ بل يسعى جهده في إغوائهم. ومن بني آدم مَنْ تضعفُ إرادته، وتَهِنُ عزيمته، وتُلهِبُه شهوتُه فيسير في طريق الشيطان، مما يوجب على أفراد الأمة رده إلى الطريق الصحيحة. 

من هذا الباب كانتْ مَشْرُوعيَّة الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنهي عن المنكر، وصار فرضًا على الكفاية، ويتعين في بعض الحالات. ومن العلماء من يرى أن فروض الكفاية أعلى من فروض الأعيان؛ لأنَّ فيها القيامَ عن الأمة في أداء هذا الفرض، وإسقاطَ الإثم عن أفرادها.

 

يقول إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: "والذي أراه أن القيامَ بفرض الكفاية أفضل من فرض العين؛ لأنه لو ترك المتعين اختص هو بالإثم، ولو فعله اختص بسقوط الفرض. وفرض الكفاية لو تُرِكَ أَثِم الجميع، ولو فَعَله سقط الحرج عن الجميع، ففاعلُه ساعٍ في صيانة الأُمَّة عنِ الإثم ولا يُشَكُّ في رُجْحَانِ مَنْ حَلَّ مَحَلَّ المسلمين أجمعين في القيام بِمُهِمٍّ من مهمات الدين"، ا.هـ[2]. 

فشأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عظيم، وهو من صفات المؤمنين، كما أن عكسه من صفات المنافقين: ﴿ المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾  [التوبة: 67]، وفي آية أخرى: ﴿ وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ ﴾ [التوبة: 71]، قال القُرْطُبِيّ: "فجعل الله تعالى الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر فرقًا بين المؤمنين والمنافقين فدلَّ على أنَّ أخصَّ أوصافِ المؤمنين الأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر" ا. هـ[3].

 

وأخبر تعالى أن الخيرية في هذه الأمة إنما كانت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإيمان بالله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله ﴾ [آل عمران: 110]. 

أيُّها الإخوة: إنَّ المعصية إذا ظهرت في الناس كان أثرها عظيمًا في إفساد القلوب، ومحق البركات، وحلول العقوبات. ولا ينجو من ذلك كلِّه إلا الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر. حتى إن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينجو من الفتنة حينما يقع الناس فيها؛ لما في قلبه من الصلاح وإنكار المنكر، فَيَتَأَبَّى قلبه على الفتنة أن تداخله فتفسده. وبالضد يكون من أهَملَ الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر، تموجُ به الفتن، وتتقاذفه الأهواء؛ لما في قلبه من الفساد.

 

وما أفسد قلبَه إلا أنه لم ينكر المعصية حتى ألفها فتمكنت منه الفتنة؛ ذلك أن المعاصيَ سبيلُ الفتن؛ بل هي من الفتن نفسها.

 

خرَّج الإمام مُسْلِم في صحيحه من حديث حُذَيْفَة بن اليمان رضي الله عنهما قال: "كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: "لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فتنة الرجل في أهله وجاره؟" قالوا: أجل، قال: تلك يُكَفِّرُها الصلاة والصيام والصدقة. ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القومُ، فقلت: أنا، قال: أنت لله أبوك، قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعرض الفتنُ على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلب أُشربها نكت فيه نكتةٌ سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيض مثل الصَّفا، فلا تضرُه فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر: أسود مُرْبَادًّا، كالكوز مجخيًا، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه))... الحديث[4]، فذكر في وصف صاحب القلب الأسود المرباد أنه لايعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا.  

والإنكار بالقلب واجب على المؤمن بكل حال؛ لكن ما الحيلة إذا كان القلب يهوى المعصية، ويحب أن تشيع بين الناس؟ وذلك هو القلب الذي سُلِب الإيمان، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى: "والاهتداءُ إنما يتم بأداء الواجب، فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهْيِ عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلالُ الضال، وذلك يكون تارة بالقلب، وتارة باللسان، وتارة باليد. فأمَّا القلب فيجب بكل حال؛ إذ لا ضرر في فعله، ومن لم يفعله فليس هو بمؤمن؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وذلك أضعف أو أدنى الإيمان))[5]، وقال: ((وليس وراء ذلك من الإيمان حبةُ خردل))[6].

 

هذا أثرُ تركِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودورُه في إفساد قلب المرء، فكيف إذا كان المرء يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف؛ بل يُنْكِرُ على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ كيف سيكون قلبُه؟

 

إن المصيبة أيها الإخوة أن المعصية تعمل بين الناس، وتشتهر فإذا أنكرها مؤمن منهم زَلَقُوهُ بأبصارهم، وسَلَقُوه بألسنتهم، واتَّهموه بالتَّطفُّل والتدخل فيما لا يعنيه. سبحان الله، هل أصبح إنكارُ المنكر لا يعني المؤمن وهو ركن من أركان دينه؟ فهل فسدت قلوب الناس بمواقعتها للمعاصي؟ وصارَ بَيْنَ المعاصي وبين القلوب ألفة ومودة، حتى يُنكرَ على مَنْ أَنْكَرَهَا؟ فنعوذ بالله من تلك الحال!!

 

سئل ابن مسعود رضي الله عنه: "من ميتُ الأحياء؟ قال: "الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً"[7]، وإنما وصفه بالميت؛ لأن قلبه مات، فانظروا رحمكم الله كيف يفعل تركُ الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بالقلوب.  

ويكفي الآمرَ بالمعروف والناهِيَ عَنِ المُنْكَرِ شَرَفًا أنَّهُ حِينَما يُنْكِرُ مَعْصِيَةً؛ فكأنه لم يحضرها، فلقد أخرج أبوداود بسند حسن عن عُرس بن عميرة الكندي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عُمِلت الخطيئـة في الأرض كان من شهـدها وكرهها)) - وفي رواية -: ((فأنكرها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها))[8].

 

فاتقوا الله ربكم، ومروا بالمعروف، وانهَوْا عن المنكر، ولا تغتروا بكثرة الهالكين والمواقعين للمعاصي، والمجاهرين بها، فكلٌّ سيلقى ما عمل. نسأل الله تعالى أن يحفظنا من المُنْكَرات، وأن لا يعذبنا بسبب ذنوبنا إنه سميع مجيب، وأقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم. 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه؛ فتقوى الله تعالى سبب للأمن والسعادة ﴿ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف: 35]. 

أيها الإخوة المؤمنون: كما أن الرِّضَى بالمعصية يفسد القلب حتى ولو لم يكن العبدُ مواقعًا لتلك المعصية؛ فإن للرِّضَى بالمعاصي، والمُجَاهَرَة بها، وظهور المنكرات أثرًا مدمرًا على مُسْتَوَى الجَمَاعَة والأمة.

 

فأمةٌ لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر لا تستحق الأمن والرزق، وتكون حَرِيَّة بالعذاب والهلاك. إذا كان كل فرد من أفرادها يرى صاحبَ المنكر فلا يقول له: يا هذا، اتق الله ولا تَعْصِه وأنت في أرضه. وإنما يقول: هذا لا يعنيني، وضررُه على نفسه. وما علم أن الضرر يشمل الجميع.

 

روى قيس ابن أبي حازم رضي الله عنه قال: "قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية تضعونها على غير موضعها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، وإنما سَمِعْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ النَّاس إذا رَأَوُا الظالم فَلَمْ يَأْخُذُوا على يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ الله بعقاب))، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغَيّروا، ولا يغيرون إلا يوشكُ أن يعمَهم الله بعقاب))؛ أخرجه أبوداود والترمذي[9].  

وهذا العقاب يكون للناس كلهم، بعلمائهم ووعاظهم وصلحائهم وفجَّارهم ولا ينجو منه إلا الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 165]  قال ابْنُ النَّحَّاسِ: "فَبَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ النَّاجِيَ هو النَّاهِيَ عن السوء دون الواقع فيه والمداهن"[10].

 

أيها الإخوة: يُخْطِئُ الكثِيرونَ حِينَما يَظُنُّونَ أنَّ الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ هُوَ مُهِمَّةُ العلماء والصلحاء ورجال الحسبة، وأنه لا يجب على غيرهم.

 

وهذا ظَنٌّ خاطِئٌ؛ لأن هذا الركن من الدين سبب لحفظ الأمن وحصول الرزق، وحفظ الأمن مسؤولية الجميع. قال الرافعي والنووي وغيرهما: "لا يختص الأمر والنهي بأصحاب الولايات والمراتب؛ بل ذلك ثابت لآحاد الناس من المسلمين، وواجب عليهم" ا. هـ[11].  

وَيَرى البعض أنه لا يأمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر إلا من كان مستقيمًا كامل الاستقامة. وهذه رؤية غير صحيحة؛ بل حتى العُصَاة يجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المُنْكَرِ ولو كانوا يرتكبون الكبائر من الذنوب. وقد نقل ابن عطية عن أهل العلم: "أنه ليس من شُرُوطِ الناهي أن يكون سليمًا عن معصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضًا"[12]. وقال الأصوليون: "فرض على الذين يتعاطون الكؤوس - أي كؤوس الخمر - أن ينهى بعضهم بعضًا، لأن قوله تعالى: ﴿ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾ [المائدة: 79] يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمّهم على ترك التناهي"[13]. وإذا كان المرء مرتكبًا لمعصية ولم ينه عنها كان واقعًا في إثمين: العصيان، وعدم الإنكار. 

فاتقوا الله ربكم، وخذوا على أيدي السفهاء منكم، ومروا بالمعروف وتَنَاهَوْا عن المنكر، وليكن الرفق في ذلك صفتكم؛ لأن صاحب المعصية مريض يحتاج إلى علاج، فيعالج برفق؛ ولذلك قال العلماء: "ليكن أمرك بالمعروف بمعروف، ونهيك عن المنكر غير منكر"[14] إلا المجاهرين بالمعاصي، المُصِرِّين عليها، الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. فهؤلاء لا رفق معهم؛ لأنهم يريدون هلاك الناس وفسادهم. نسأل الله تعالى أن يفضحهم ويخزيهم، ويكفي البلاد والعباد شرهم، إنه سميع مجيب، وصلوا وسلموا على نبيكم محمد؛ كما أمركم بذلك ربكم.

 


[1] أخرجه البخاري في كتاب الرِّقَاق باب حجبت النار بالشهوات (6487)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب صفة الجنة (2823).

[2] "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أعمال الهالكين" لابن النحاس (21).

[3] الجامع لأحكام القرآن (4/ 47).

[4] أخرجه مسلم في الإيمان؛ باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا (114).

[5] ماذكره شيخ الإسلام جزء من حديث أبي سعيد الخدري: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً...))، وقد أخرجه مسلم في الإيمان باب كون النهي عن المنكر من الإيمان (49)، والترمذي في الفتن باب ما جاء في تغيير المنكر باليد (2173)، والنسائي في الإيمان باب تفاضل أهل الإيمان (8/ 111)، وأبوداود في صلاة العيدين باب الخطبة يوم العيد (4340)، وابن ماجه في الفتن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (4013).

[6] وهذا أيضًا جزء من حديث ابن مسعود الذي أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب كون النهي عن المنكر من الإيمان (50)، ومطلعه: ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي...))، وكلام شيخ الإسلام هذا انظره في: "الاستقامة" (2/ 212).

[7] "الاستقامة" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 197).

[8] أخرجه أبوداود في الملاحم باب الأمر والنهي (4345)" وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" ( 3/ 5141).

[9] أخرجه أبوداود في الملاحم باب الأمر والنهي (4338)، والترمذي في تفسير سورة المائدة (3059)، وابن ماجه في الفتن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (4005) وجوّد إسناده الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (1/ 267)

[10] "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين" (12).

[11] المصدر السابق (24).

[12] المصدر السابق (24).

[13] المصدر السابق (24).

[14] "الاستقامة" لابن تيمية (2/ 200)، وانظر مكارم الأخلاق المجموع من كتب شيخ الإسلام لعبدالله بدران، ومحمد الحاجي (57).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هيئة الأمر بالمعروف تبحث إمكانية بث قناة فضائية وموقع إلكتروني
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • أما هذا فقد قضى ما عليه، وأما أنا فمتى أقضي ما علي؟
  • واجبات هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المسلم
  • خطبة المسجد النبوي 28/ 2/ 1431هـ
  • الأمر بالعدل والإحسان، والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي
  • وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • الأمر بالعدل والإحسان والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي
  • واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • الأمر بالمعروف
  • مكافحة المنكرات في تاريخ مصر
  • صنائع المعروف أمان من المخوف
  • آيات عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • إزالة المنكر فريضة إسلامية

مختارات من الشبكة

  • رسالة في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • خطبة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: دراسة وصفية تحليلية (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سفينة النجاة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب