• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول (9)

خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول (9)
وليد سميح عبدالعال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/1/2024 ميلادي - 10/7/1445 هجري

الزيارات: 1600

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول [9]


قال الشيخ - رحمه الله -:

فصل: مِن الشِّرْك فعلُ مَن يَتبرَّك بشجرة أو حجَر، أو بقعة أو قبر،

أو نحوها، يتخذ ذلك المكان عيدًا، وبيان أنَّ الزيارة تنقسم إلى: سنية، وبِدعية، وشِرْكية

 

124- هَذَا وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ
مِنْ غَيْرِ مَا تَرَدُّدٍ أَوْ شَكِّ
125- مَا يَقصِدُ الجُهَّالُ مِنْ تَعْظِيمِ مَا
لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ بِأَنْ يُعَظَّمَا
126- كَمَنْ يَلُذْ بِبُقْعَةٍ أَوْ حَجَرِ
أَوْ قَبْرِ مَيْتٍ أَوْ بِبَعْضِ الشَّجَرِ
127- مُتَّخِذًا لِذَلِكَ الْمَكَانِ
عِيدًا كَفِعْلِ عَابِدِي الْأَوْثَانِ

 

يستطرد الشيخُ الناظِم في بيان أعمال الشِّرْك التي يفعَلها الكثيرُ من جهَّال المسلمين؛ فمِن ذلك اتِّخاذ البعض بقعةً معيَّنة، أو قبرَ وليٍ أو ميتٍ عيدًا، أو مكانًا مقدَّسًا، يتبرَّكون به أو يعودون إليه يخصُّونه بعبادات معينة، وهذا الفعْل هو الأصل الأوَّل لعبادة الأوثان مِن دون الله؛ إذ كان قومُ نوح على التوحيد مُدَّةً طويلة من الزمن، ثم لَمَّا مات صالحوهم اتَّخذوا لهم صورًا وتماثيلَ؛ ليتذكروهم، فكانوا يذهبون لزيارتهم، فلمَّا اندرس العلم ومات العُلماء، عبدوا هذه التماثيل، وما هذه العِبادة إلا مِن الغلوِّ في هؤلاء الصالحين، وهو أصْل شِرْك العالَم - كما قال ابنُ القيِّم رحمه الله.

 

وقد قال أصحابُ موسى لموسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138]، وورد في ذلك الحديثُ الشهير عن أبي واقِدٍ الليثي: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمَّا خرَج إلى حُنين مرَّ بشجرة للمشركين، يقال لها: ذاتُ أنواط، يُعلِّقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسولَ الله، اجعلْ لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذاتُ أنواط، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سبحان الله! - وفي رواية: الله أكبر! - هذا كما قال قوم موسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾، والذي نفسي بيده، لتركبنَّ سُنةَ مَن كان قبلكم))؛ صحيح الترمذي.

 

وظاهِر قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ هذا الفعل كان كفرًا أكبر؛ لكنَّه عذرَهم؛ لأنهم كانوا حديثي عهْد بشِرْك، وقد قطَع عمر - رضي الله عنه - شجرةَ الرضوان؛ سدًّا لذريعة الغلوِّ والشرك.

 

ومما انتشر في عصورنا الحاضرة هذه: تعظيمُ الناس لأصحاب القبور، واللجوء إليهم في الملمَّات، والطواف بقبورهم؛ بل واتِّخاذ الأعياد وما يَحتَفُّ بذلك من النذر والذبْح لهم، وطلَب الحاجات منهم، فضلاً عن المعاصي الكِبار التي تُرتَكب في مثل هذه المحافل؛ مثل مولد البدوي والدسوقي وغيرها، ونحمد الله أنَّ تعظيم الناس لهذه الأشياء قد انحَسَر في الآونة الأخيرة.

 

قال الناظم:

128- ثُمَّ الزِّيَارَةُ عَلَى أَقْسَامِ
ثَلاَثَةٍ يَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ
129- فَإِنْ نَوَى الزَّائِرُ فِيمَا أَضْمَرَهْ
فِي نَفْسِهِ تَذْكِرةً بِالآخِرَهْ
130- ثُمَّ الدُّعَا لَهُ وَلِلأَمْوَاتِ
بِالْعَفْوِ والصَّفْحِ عَنِ الزَّلاَّتِ
131- وَلَمْ يَكُنْ شَدَّ الرِّحَالَ نَحْوَهَا
وَلَمْ يَقُلْ هُجْرًا كَقَوْلِ السُّفَهَا
132- فَتِلْكَ سُنَّةٌ أتَتْ صَرِيحَهْ
فِي السُّنَنِ الْمُثْبَتَةِ الصَّحِيحَهْ
133- أَوْ قَصَدَ الدُّعَاءَ وَالتَّوَسُّلاَ
بِهِمْ إِلَى الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَلاَ
134- فَبِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ ضَلاَلَهْ
بَعِيدَةٌ عَنْ هَدْيِ ذِي الرِّسَالَهْ
135- وَإِنْ دَعَا الْمَقْبُورَ نَفْسَهُ فَقَدْ
أَشْرَكَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَحَجَدْ
136- لَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ
صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً فَيَعْفُو عَنْهُ
137- إِذْ كُلُّ ذَنْبٍ مُوشِكُ الْغُفْرَانِ
إِلاَّ اتِّخَاذَ النِّدِّ لِلرَّحْمَنِ

 

فمَن ذهب لزِيارة هذه القبور، فهو واحد مِن ثلاثة: إمَّا أنه يريد أن يستنَّ بما قاله النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورغَّب فيه في قوله: ((نَهَيْتُكم عَنْ زِيارةِ القُبورِ، فَزُورُوها))؛ [مسلم]، فهذا مأجورٌ مُثَاب إن لم يُحدِث عندها بِدعة أو عملاً من أعمال الجاهلية؛ كمَن يشقُّ الجيوب، ويلطُم الخدود، أو يطعم عندَها الطعام، أو يزورها في أيام العيدين.

 

وإمَّا أنَّه يقصد صاحب القبر، ويتوسَّل به إلى الله - عزَّ وجلَّ - ظانًّا أنَّ هذا المقبور له مع الله شفاعة، أو صِلة تجعل الله يستجيب دعاءَه، ويحقِّق مراده، فهذا الفعْل بدعة ضلالة، بل هو شرْك أصغر؛ لأنَّه ذريعة للشرك الأكبر.

 

والقِسم الثالث أن يدعوَ المقبورَ نفسَه صارفًا له العبادة، فهذا يُخرج صاحبَه من المِلَّة؛ لأنها عبادة صريحة، وإنما مَنَع من تكفيره فشوُّ الجهل، حتى غابتْ مثل هذه الضروريات المعلومات من دِين الإسلام.

 

ثم أورد الشيخ بعدَ ذلك فصلاً فيما يفعَله عوامُّ الناس من الغلوِّ، فقال:

فصل: في بيان ما وقَع فيه العامَّة اليوم، وما يفعلونه عندَ القبور،

وما يرتكبونه من الشِّرْك الصريح، والغلوِّ المفرِط في الأموات

 

138- وَمَنْ عَلَى الْقَبْرِ سِرَاجًا أَوْقَدَا
أَوِ ابْتَنَى عَلَى الضَّرِيحِ مَسْجِدَا
139- فَإِنَّهُ مُجَدِّدٌ جِهَارَا
لِسُنَنِ الْيَهُودِ والنَّصَارَى
140-كَمْ حَذَّرَ الْمُخْتَارُ عَنْ ذَا وَلَعَنْ
فَاعِلَهُ كَمَا رَوَى أَهْلُ السُّنَنْ
141- بَلْ قَدْ نَهَى عَنِ ارْتِفَاعِ الْقَبْرِ
وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ فَوْقَ الشِّبْرِ
142- وَكُلُّ قَبْرٍ مُشْرِفٍ فَقَدْ أَمَرْ
بَأَنْ يُسَوَّى هَكَذَا صَحَّ الْخَبَرْ

 

ممَّا استحدثَه الجُهَّال من العوام بناءُ المساجد على القبور، مع أنَّ النهي واللَّعْن ثابتان عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ذلك، فالعجَب ممَّن أباح ذلك، أو قال: هذا لا شيءَ فيه.

 

وأيضًا فالأئمَّة تكاد تتَّفق كلمتُهم على تحريم ذلك، ومَن ورد عنه لفظُ الكراهة فقط، فلا بدَّ مِن حمْله على التحريم؛ إحسانًا للظنِّ بهم أن يجعلوا شيئًا لعَن النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاعلَه من المكروهات، وقد ورد عندَ البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال في مَرَضه الذي مات فيه: ((لعَن الله اليهود والنصارى؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد))، قالت: ولولا ذلك لأُبرِز قبره، غيرَ أنه خشي أن يتخذ مسجدًا.

 

وفي الصحيحين عن عائشة أيضًا: أنَّ أُمَّ حَبِيبةَ وَأُمَّ سلَمةَ ذكرتَا كنيسةً رأتَاها بالحَبشة، فيها تصاويرُ، فذكرتَا ذلك للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((إنَّ أولئك إذا كان فيهم الرَّجلُ الصالِح فمات، بنَوْا على قبْرِه مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصُّور، فأولئك شِرار الخَلْق عند الله يوم القيامة)).

 

بل قد دعَا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ربَّه ضارعًا: ((اللهمَّ لا تجعلْ قبري وثنًا يُعبَد)).

 

وسدًّا للذريعة، وحمايةً لجَنَاب التوحيد؛ نهى عن رفْع القبر عن الأرْض، إلا بقدر شِبْر فقط، وأمر بتسوية كلِّ قبر مشرف؛ أي: مرتفع، ففي حديث أبي الهَيَّاج الأسدي عند مسلم، قَالَ: قال لي عليُّ بنُ أبي طالب: ألاَ أبعثك على ما بَعَثني عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ ألاَّ تدعَ تِمثالاً إلا طمستَه، ولا قبرًا مشرِفًا إلا سوَّيتَه.

 

ثم أكمل الشيخ ما بدأه مبينًا أن سبب ذلك الغلو في الإطراء، فقال:

143- وَحَذَّرَ الْأُمَّةَ عَنْ إِطْرَائِهِ
فَغَرَّهُمْ إِبْلِيسُ بِاسْتِجْرائِهِ
144- فَخَالَفُوهُ جَهْرَةً وَارْتَكَبُوا
مَا قَدْ نَهَى عَنْهُ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا
145- فَانْظُرْ إِلَيْهُمْ قَدْ غَلَوْا وَزَادُوا
وَرَفَعُوا بِنَاءَهَا وَشَادُوا
146- بِالشِّيدِ وَالآجُرِّ وَالْأَحْجَارِ
لاَ سِيَّمَا فِي هَذِه الْأَعْصَارِ
147- وَلِلْقَنَادِيلِ عَلَيْهَا أَوْقَدُوا
وَكَمْ لِوَاءٍ فَوْقَهَا قَدْ عَقَدُوا
148- وَنَصَبُوا الأَعْلاَمَ وَالرَّايَاتِ
وَافْتَتَنُوا بِالْأَعْظُمِ الرُّفَاتِ
149- بَلْ نَحَرُوا فِي سُوحِهَا النَّحَائِرْ
فِعْلَ أُوْلِي التَّسْيِيبِ وَالْبَحَائِرْ
150- وَالْتَمَسُوا الْحَاجَاتِ مِنْ مَوْتَاهُمْ
وَاتَّخَذُوا إِلَهَهُمْ هَوَاهُمْ
151- قَدْ صَادَهُمْ إِبْلِيسُ فِي فِخَاخِهِ
بَلْ بَعْضُهُمْ قَدْ صَارَ مِنْ أَفْرَاخِهِ
152- يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ
بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ وَبِاللِّسَانِ
153- فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ أَبَاحَ ذَلِكْ
وَأَوْرَطَ الأُمَّةَ فِي الْمَهَالِكْ
154- فَيَا شَدِيدَ الطَّوْلِ وَالْإِنْعَامِ
إِلَيْكَ نَشْكُو مِحْنَةَ الْإِسْلاَمِ

 

نهَى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الأمَّةَ أن تُطرِيَه، وتغاليَ فيه، وترفعَه كما فعلتِ النصارى مع عيسى ابن مريم - عليه السلام - فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُطْروني كما أطْرَتِ النصارى ابنَ مريم؛ فإنَّما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله))؛ رواه البخاري.

 

وخالَف كثيرٌ من الناس هذا النهي، وردُّوه صراحةً؛ بل قال بعضُهم: لا بدَّ للمصلي وهو يتشهَّد أن يقول: اللهمَّ صلِّ على سيدنا محمد، لا أن يقول: اللهم صلِّ على محمَّد!

 

وقد عَلِم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بحِكْمته أنَّ الغلوَّ متأصِّل في طباع البشَر، فنهاهم عن ذلك، وعن الزِّيادة في القُبور، وإبرازها، وبنائها، وتشييدها، وتَجْصيصها، وتزيينها، والكتابة عليها، واتِّخاذ القناديل والسُّرُج عليها؛ فعن جابر - رضي الله عنه - قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُجصَّص القَبْر، وأن يُقْعد عليه، وأن يُبنى عليه، (وفي رواية: أو يُزاد عليه، أو يُكتب عليه)؛ صحيح أحكام الجنائز للألباني.

 

فعجبًا لهؤلاء كيْف فعلوا عينَ ما نهى عنه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟! بل العجَب من أناس باتوا يتباهَوْن بمقابرهم التي أعدُّوها؛ بل ويوصِي أحدُهم ورثته أن يوقدوا عليها الأضواء، ويُزيِّنوها بكذا وكذا من الألْوان والزينات.

 

وأصبح دعاء أهل القبور أمرًا شائعًا؛ بل ويَذْبحون عندها الذبائح، ويَنذِرون لها، ويسألون الأموات كشْفَ الكُربات، وقضاءَ الحاجات، حتى قال قائلهم: إذا تعسَّرتِ الأمور، فعليكم بأصحاب القبور!

 

واتَّخذ البعضُ إلههم هواهم؛ ونصَب لهم إبليس شرَكَه، فدعَوا للعقائد الباطلة، التي ما اعتنقها إلا أهلُ الأهواء، ومع أنَّا نرى الآن انحسارًا لهذه العقائد وهذه الطوائف مِن الطرق الصوفية وغيرها، إلا أنَّك تجد البعضَ منهم يتألَّم أن يرَى ذلك، ويرى انصرافَ الناس عنهم، فصار يدعو بكلِّ سبيل، ويتشبَّث بمثل هذه العقائد والأفْعال الفاسدة الباطلة، ويُزيِّنون ذلك للناس، ويستعملون كلَّ صاحب لِسان؛ ليلبس على الناس أمرَ دِينهم، ويوقعَهم في شَرَك الشيطان.

 

ويذكرون أحاديثَ باطلةً وموضوعة، اتَّفق العلماء قاطبةً على كذِبها، ويردُّون صريحَ الكتاب والسنَّة؛ لأنَّهم يريدون نصْرَ مذهبهم، ويفتي بعضهم بجواز الصلاة في المساجد المقبورة، وأنَّ اتخاذ المساجد على القبور جائزٌ، ومن طوامِّهم أنَّ الله خلَق العالَم من نور محمد، وأنَّ الله في كلِّ مكان، إلى غير ذلك مِن الباطل الصُّراح، الذي نكارتُه وبطلانُه معلومٌ من الدِّين بالضرورة، وكما قال الشيخ: إلى الله المشتكَى.

 

اللهمَّ انصرْ دِينَك، وأظهِرْه على الدِّين كلِّه، ويسِّرْ له أمرَ رُشْد يعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويذلُّ فيه أهلُ معصيتك، ويُؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر.

 

ثمَّ ذكَر الشيخ فصلاً مرتبطًا بالأُلوهية؛ عن السِّحْر والتنجيم والكهانة، مبينًا أحكامها، وعقوبةَ فاعلها، فقال:

فصل: في بيان حقيقة السحر، وحد الساحر، وأن منه علمَ التنجيم،

وذِكْر عقوبة من صدَّق كاهنًا

 

155- وَالسِّحْرُ حَقٌّ وَلَهُ تَأْثِيرُ
لَكِنْ بِمَا قَدَّرَهُ الْقَدِيرُ
156- أَعْنِي بِذَا التَّقْدِيرِ مَا قَدْ قَدَّرَهْ
فِي الْكَوْنِ لاَ فِي الشِّرْعَةِ الْمُطَهَّرَةْ
157- وَاحْكُمْ عَلَى السَّاحِرِ بِالتَّكْفِيرِ
وَحَدُّهُ الْقَتْلُ بِلاَ نَكِيرِ
158- كَمَا أَتَى فِي السُّنَّةِ الْمَصَرَّحَةْ
مِمَّا رَوَاهُ التِّرْمِذِيْ وَصَحَّحَهْ
159- عَنْ جُنْدَبٍ وَهَكَذَا فِي أَثَرِ
أَمْرٌ بِقَتْلِهِمْ رُوِيْ عَنْ عُمَرِ
160- وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةَ عِنْدَ مَالِكِ
مَا فِيهِ أَقْوَى مُرْشِدٍ لِلسَّالِكِ
161- هَذَا وَمِنْ أَنْوَاعِهِ وَشُعَبِهْ
عِلْمُ النُّجُومِ فَادْرِ هَذَا وانْتَبِهْ
162- وَحَلُّهُ بِالْوَحْيِ نَصًّا يُشْرَعُ
أَمَّا بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَيُمْنَعُ
163- وَمَنْ يُصَدِّقْ كَاهَنًا فَقَدْ كَفَرْ
بِمَا أَتَى بِهِ الرَّسُولُ الْمُعْتَبَرْ

 

أفْرَد الشيخُ هذا الفصلَ للكلام في السِّحْر، وما هو مِن أشباهه كالتنجيمِ والكَهانة، وبدأ بالسِّحْر ذاكرًا أنَّ له حقيقةً، وهو الصواب، خلافًا لمَن قال: إنَّه تخييل فقط، وإنما يكون تخييلاً أحيانًا، وسحرًا للعيون أو خدعة مِن خدع الحُواة، كذلك فالسِّحْر يؤثِّر ضرًّا ونفعًا، ولكن بقَدر الله ومشيئته؛ كما قال - سبحانه -: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 102].

 

فالسِّحْر يؤثِّر بقَدَر الله الكوني الذي هو قوله للشيء: كُن، فيكون، سواء أحبَّه - سبحانه - ورَضِيَه أم لمْ يحبَّه، أما أمره ومشيئته الشَّرْعية، فهي كلُّ ما يشرعه ويحبُّه سبحانه، والله يُنفذ السحرَ ابتلاءً للبشَر؛ ليرَى كيف يعمَلون.

 

وحُكْم الساحر الأصْلُ فيه الكفر، ولكنْ فيه تفصيل: فإنْ كان سحرُه متعلَّمًا من الشياطين، فهو كُفرٌ - كما نصت الآية - إذ يشترطون عليه الكفرَ أولاً بالسجود لصنَم، أو دخول الخَلاءِ وفي قدميه المصحف - والعياذ بالله - أو فعْل أيِّ شيء يخرم باطنَه، ويكسِر إيمانه.

 

وإن كان السِّحْر بدُخَان وألعاب حُواة، فإنِ اعتقد حِلَّ هذا، كفَر - على تفصيل الإمام الشافعي رحمه الله.

 

وحَدُّ الساحر أن يُقتَل، وفيه خلاف: هل يُقتل على كلِّ حال، أو إذا بلَغ بسِحْره الكُفر، فيقتل رِدَّةً؟ وقد ورد قتلُه عن الصحابة، وأشهَرهم جُنْدب في قوله (وهو موقوف عليه): "حدُّ الساحر ضربةٌ بالسَّيْف"، وثبَت عن عمر في الصحيح أنَّه كتَب - رضي الله عنه -: أنِ اقتُلوا كلَّ ساحر وساحرة، قال بَجَالةُ (الراوي): فقتَلْنا ثلاثَ سواحر.

 

وكذلك صحَّ عن حفصة - رضي الله عنها - ففي "الموطَّأ" عن محمَّد بن عبدالرحمن بن سعْد بن زُرارة: أنَّه بلَغَه أنَّ حفصة زوج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قتلتْ جاريةً لها سحرتْها، وقد كانت دبَّرَتْها، فأمرتْ بها فقُتِلت.

 

ولا يجوز حَلُّ السِّحْر بسِحر مثله، فقد ورَد عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - النهيُ عن ذلك، وأنَّه شِرْك؛ فقد سُئل عن النُّشْرة المحرَّمة (وهي حلُّ السِّحْر بالسِّحْر)، فقال: ((هو من عمَل الشيطان))؛ "الصحيحة" (2760).

 

والله - عزَّ وجلَّ - هو الضارُّ النافع، والعبدُ إذا أصابه شيءٌ من ذلك، فلا دافعَ له إلا بالتوكُّل على الله، ودُعائه والتضرُّع له.

 

ذَكر الشيخ بعدَ ذلك ما يُلحِقه العلماء بباب السِّحْر، وهو التنجيم والكَهانة.

 

وقد قسَّم العلماء علمَ النجوم لقسمين: علم التأثير، وعلم التسيير.

 

قال العثيمين - رحمه الله - ما ملخَّصه:

وعلم التأثير ثلاثة أقسام:

1- أن يدَّعي أن هذه النجومَ فاعلةٌ مؤثِّرة، فهذا شرْك أكبر.

 

2- أن يجعلَها سببًا يدَّعي به علم الغيب، فادِّعاءُ عِلْم الغيب كُفْر أكبر.

 

3- أن يعتقدَها سببًا لحدوثِ الخير والشرِّ، فهذا شرْك أصغر.

 

وأما علم التسيير، فقسمان:

1- أن يستدلَّ بسَيْرها على المصالِح الدِّينية، فهذا مطلوبٌ، بل قد يكون واجبًا دِينيًّا، كمَن أراد الاستدلالَ بالنجوم على اتِّجاه القبلة.

 

2- أن يستدلَّ بسيرها على المصالِح الدنيويَّة، فهذا لا بأسَ به، كمَن استدلَّ بها على معرِفة الجِهات والفصول. اهـ

 

ويحرُم على العبْد أن يقول: "مُطِرْنا بنَوْء كذا وكذا"، كما ورد في حديث زيْد بن خالد الجُهني الشهير.

 

وأمَّا الكهانة، فهي ادِّعاء عِلم الغيْب في المستقبل، وقد ورَد عن عمران بن حُصَين - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليْس منَّا من تَطيَّر أو تُطيِّر له، أو تَكهَّن أو تُكهِّن له، أو سَحَر أو سُحِر له، ومَن أتى كاهنا فصدَّقه بما يقول، فقد كفَر بما أُنزِل على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم)).

 

فإذا علِم العبدُ أنَّ هذا الكاهِنَ طاغوتٌ؛ مجاوز للحدِّ الذي يَنبغي للعَبْد الوقوفُ عندَه، بادِّعائه عِلمَ الغَيْب، ثم صدَّقه، فهذا كفر بالله، ولا يجتمع في القلْب إيمانٌ بالقرآن، وبما جاء به النبيُّ العدنان، مع تصديق للكهَّان.

 

فاللهمَّ عافِنا وعافِ أمَّةَ الإسلام، مِن كل شِرْك يا رحمن.

 

وللحديث بقيَّة - إن شاء الله تعالى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (1)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (2)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (3)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (4)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (5)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (6)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (7)
  • خواطر إيمانية حول منظومة (سلم الوصول) في التوحيد (8)
  • خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول (10)
  • خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول (11)
  • خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول (12)
  • خواطر إيمانية حول منظومة سلم الوصول (13)
  • خواطر "عامة" في ترجمة "النصوص الأدبية"

مختارات من الشبكة

  • خواطر حول الرؤى وتفسيرها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خواطر حول تفسير قوله تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر حول سورة فاطر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خواطر حول حديث: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))(مقالة - ملفات خاصة)
  • خواطر حول سورة الملك (‏PDF‏)‏(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خواطر حول سورة الفتح (6) مناسبات سورة الفتح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر حول سورة الفتح (5) الظروف المحيطة بالنزول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر حول سورة الفتح (4) عدد آياتها ومكيها ومدنيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر حول سورة الفتح (3) تاريخ النزول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر حول سورة الفتح (2) فضل سورة الفتح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب