• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

دلالات تربوية على سورة الماعون

د. أحمد مصطفى نصير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2010 ميلادي - 25/4/1431 هجري

الزيارات: 38745

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دلالات تربوية على سورة الماعون

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ أَرَأَيْتَ[1] الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ[2] الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 1 - 7].

 

تكشف لنا (سورة الماعون) عن أحوال المنافقين؛ أولئك الذين يُعلنون خلاف ما يُبطنون، ففِعلهم يكذِّب زعمَهم، إذ يَزعمون أنهم مسلمون، وتراهم يصلُّون، إلَّا أن صلاتهم رياءٌ وسمعة، وليس فيها خشوع وتوبة، وأفعالهم تدل على ما في قلوبهم مِن نفاق؛ فتراهم يغلظون مع الضعفاء مِن اليتامى والمساكين، ولا تنكسر قلوبهم لفعل الخير، وعليه فإن (سورة الماعون) قد نهَت بإفصاحها عن مساوئ الأخلاق، ودلَّت بإفهامها إلى معالي الشيَم[3]، إذًا ففي السورة تفصيلٌ مِن أوجُهٍ عدة، ما هو التكذيب بالدِّين؟ وما هو حقُّ اليتيم؟ وكيف يكون الحضُّ على طعام المسكين؟ وما هو السهو عن الصلاة؟ وما هو الرياء؟ وما هو الماعون؟ لماذا خص الله تعالى مِن صفات المنافقين ما سلف ذكْره؟

 

أولًا: ما هو التكذيب بالدِّين؟

شرع الله تعالى في دِينِنا الكثيرَ مِن الأحكام التي يتعيَّن على العبد المكلَّف أن يلتزمها، والتزامُ تلك الأحكام يدل على صدْق توجُّه العبدِ بقلبه لله تعالى، وتسليمه له وانقياده لمولاه، أما ذلك الذي يَلتزم هذه الأحكامَ في الظاهر ويُخالِفها مُعتقَدًا، أو لا يلتزمها أصلًا لإنكاره لها، وعدم رغبته أن يتفق قلبُه مع ما أمره الله به، مِصداقًا لقوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23]، فذلك هو بحقٍّ المكذِّب بالدِّين.

 

نعمْ، قد يتكاسل العبدُ عن بعض الطاعات، ويَنشط في غيرها، إلَّا أن هناك حدودًا لهذا التكاسل، لا ينبغي للعبد أن ينزل عنها، كما أنه حينما يتكاسل أحيانًا يجب أن يستشعِر هذا التقصير، ويلوم نفسَه، أما مَن تبلَّد حسُّه، وأضحى هذا التقصير له ديدنًا وعادة ألِفها، فإنه قد اقترب كثيرًا مِن دائرة النفاق، فإذا ما أضحى هذا الشعور معتقَدًا له، فأَنكَر ما أمَرَه به سبحانه؛ كإنكار الحجاب، أو حقِّ اليتيم، أو إطعام المساكين، أو احترام وقت الصلاة، وأيِّ فعلٍ للخيرات بصفة عامة، فإنه يكون قد دخل هذه الدائرة، واستحق الويل والعذاب، وهؤلاء أمَرَنا اللهُ تعالى ألَّا نصدِّق زعمهم بأنهم متديِّنون بدين الإسلام، فقد كذَّب اللهُ تعالى زعْمَهم هذا بفعلهم ذلك.

 

ثانيًا: وما هو حقُّ اليتيم؟

حثَّ الإسلام على رعاية حقوق اليتامى والمحافظة عليها؛ ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة:220]، وهذه الوصية مِن الله تعالى هي في الأصل وديعة أودَعها الصالحون قبل موتهم عند الله تعالى، وقد قَبِلَ اللهُ تعالى وديعتَهم؛ إذ قال سبحانه: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]، فاليتامى هم أمانةٌ عند الله تعالى تعهَّد بحفظها، وأوصَى الصالحون بالمحافظة على هذه الوديعة، وذلك بأداء الحق لهؤلاء اليتامى؛ تنفيذًا لوصية آبائهم الصالحين ومراعاةً لحقِّهم.

 

تأمَّل قوله سبحانه: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 82]، كما بَلَغَ الإسلامُ مَبلَغَه في الحثِّ على هذا الفضل؛ فعن سهل قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنا وكافلُ اليتيم في الجَنَّة هكذا))، وأشار بالسبابة والوسطى وفرَّج بينهما شيئًا[4]، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه؛ أن رجلًا شكا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قسوة قلبه، فقال له: ((إنْ أردتَ تليين قلبك، فأطعِم المسكين، وامسحْ رأس اليتيم))[5].

 

بيد أن الحال ليس كما سبق بالنسبة لهؤلاء المنافقين؛ إذ قال سبحانه: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾ [الفجر: 17]، وقال سبحانه: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [الضحى: 9، 10]، ولم يَكْتَفِ هؤلاء المنافقون بالتقاعُس عن أداء حقوق اليتامى، أو مراعاة حقوقهم التي حثَّ عليها الإسلام، وإنما جمدتْ قلوبُهم وقَسَتْ على هؤلاء اليتامى، فقهر ونهر ودفع بقوة هؤلاء اليتامى، ولم يرقَّ لحالهم، ولم يرْع حقوقهم التي وصانا الله بها.

 

ثالثًا: كيف يكون الحضُّ على طعام المسكين؟

لمْ يذمَّ اللهُ تعالى في هذا الصددِ منْع المنافقِ الطعامَ عن المسكين، وإنما ذم عدم الحضِّ وحثِّ الغيرِ على فعْل هذا الخير؛ كما قال في كتابه: ﴿ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الفجر: 18]، وهذا أشمل وأعمُّ، ويَستغرق كذلك فِعْلَ النَّفْسِ ذاتها، إذ لو كان يحضُّ غيرَه على فعْل الخير، فمِن باب أولى أن يحضَّ نفسه؛ فعن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: إني أُبْدِعَ بي[6] فاحملْني، فقال: ((ما عندي))، فقال رجلٌ: يا رسول الله، أنا أدلُّه على مَن يحمله، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن دَلَّ على خيرٍ فله مثْلُ أجْرِ فاعِلِه))[7]، فالآية تدل دلالة واضحة على أن المنافق لا يتكاسل عن فعْل الخير فحسْب، بل إنما يَبخَل لغيره أنْ يفعل هذا الخير، فلا يدلُّ عليه، فكان بخلُه مِن وجهين: بخلٌ في نفسه، وبخلٌ أن يَدُلَّ على الخير متى لم يقدر هو على فعْله؛ لرغبته في عدم انتشاره بين الناس؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180].

 

رابعًا: وما هو السهو عن الصلاة؟

يتميَّز المنافقُ في صلاته بأنه لا يحرص أن يصلِّيها في أول وقتها، كما أنه لا يخشع في أدائها ويَنتهي منها بسرعة، فلا يذْكر الله فيها إلا قليلًا، كما أنه كثيرًا ما يتكاسل عن إقامتها بالمسجد جماعةً، وإذا صلَّاها جماعةً فإنه يصلِّيها رياءً؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 142، 143]، وعن العلاء بن عبد الرحمن؛ أنه دَخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة، حين انصرف مِن الظهر، ودارُه بجنْب المسجد، فلمَّا دخلنا عليه قال: أصلَّيتُم العصر؟ فقلنا له: إنما انصرفنا الساعة مِن الظهر، قال: فصلُّوا العصر، فقُمْنا فصلَّينا فلمَّا انصرفنا، قال: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمسَ حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقَرَها أربعًا لا يَذكر اللهَ فيها إلا قليلًا))[8].

 

أمَّا السهو في الصلاة، فهو معفوٌّ عنه متى لم يَخرج المصلِّي فيها إلى حدِّ شرود الذهن، فعندئذ تَبْطل صلاتُه؛ لقوله تعالى: ﴿ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43]، فإذا قرأتَ (الفاتحة) دون أن تُدرك ماذا قلتَ فيها، فقد أسقطتَ ركنًا مِن أركان الصلاة، وتبطل الصلاة لفقدان ذلك الركن، أما إذا ذكرتَ ربَّك في الركوع وسهوتَ بعد ذلك، فإنه تجزئك تسبيحة واحدة متى صدرَت منكَ وأنتَ عاقلٌ لمعناها.

 

خامسًا: وما هو الرياء؟

ضرب اللهُ سبحانه مِثاليْن رائعيْن للرياء، فالأول أنه شبَّه عمل المرائي - الذي يَبتغي الشهرة والسمعة والثناء الحسَن مِن الناس، ولا يبتغي بعمله وَجْهَ رَبِّهِ سبحانه - بتُرابٍ علا على صخرةً، فلما نزل المطرُ أزال هذا الترابَ مِن عليها؛ قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين ﴾ [البقرة: 264]، كما شبَّه المرائيَ بمَن عمِل واجتَهَد حتى رُزق بحديقة كبيرة فيها مِن كل الثمرات، فعندما كبر في السِّنِّ فكَّر في أولاده، وأنهم سوف يَرثون منه هذه الحديقة الكبيرة وهذا الجهد الذي بذَلَه، فكان ذلك داعيًا لأن يموت وهو مستريح البال، مطمئنٌّ على أولاده مِن بعده، لكنَّه قبْل موتِهِ فوجئ بأن النار أحرقت كل ما في الحديقة، وأولادُه ضعفاء لا يَقدرون على زراعتها مرةً أخرى، فكيف تكُون حسرتُه على ما بذَل مِن جهدٍ ضائع؟! وكيف تكُون حسرتُه على فقرِ أولادِه مِن بعدِه؟! قال سبحانه: ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 266].

 

سادسًا: وما هو الماعون؟

يقول ابن كثير: أي: لا أحسَنوا عبادةَ ربهم، ولا أحسَنوا إلى خلْقه، حتى ولا بإعارة ما يُنتفَع به ويُستَعان به مع بقاء عَيْنِه ورجوعه إليهم، وفي ذلك أيضًا دلالة واضحة على أنَّ مِن صفات المنافقين النهي عن المعروف؛ لقوله سبحانه: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]؛ إذ لم يَقتَصِر شرُّهم على أنفسهم فحسْب، بل إنهم دُعاةٌ للشرِّ، فيَأمُرون بالمنكَر وينهون عن المعروف، فالمنافق يَأمُر بالمعصية ويَنهَى عن الطاعة؛ لذا استَحقَّ الويلَ مِن هذا الوجه؛ قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 37].

 

سابعًا: لماذا خصَّ اللهُ مِن صفاتِ المنافقين ما سلف ذكْرُه؟

تجدر ملاحظة: أن (سورة الماعون) قد خصَّت مِن صفات المنافقين إساءتَهم لليتامى والمساكين، وتقصيرَهم في الصلاة والمحافظةِ عليها والخشوعِ فيها، وأخيرًا نهيَهم عن المعروف، يُعْزَى ذلك إلى أن تلك الأمور هي التي لا يستطيع المنافق أن يَظَلَّ مُخادِعًا فيها؛ إذ يكشفُ اللهُ خداعَه عندما يخلو المنافق بأولئك الضعفاء، أو عندما يتطلَّب العملُ حضورَ القلب كالصلاة؛ لذا فإن المنافق سريعًا ما ينكشف كذبُه وخداعُه إزاء تلك الأعمال سالفةِ البيان؛ لذا قال سبحانه: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].



[1] ولما كان فعْل الرؤية بمعنى (أخبرني) المتعدِّي إلى مفعولين، كان تقدير المفعول الثاني: أليس جديرًا بالانتقام منه وتوعده بالويل؟ الإمام البقاعي، نظْم الدُّرر.

[2] دَعَّه يَدُعُّه دَعًّا: دَفَعَه في جَفْوة، لسان العرب، ( د ع ع).

[3] الإمام البقاعي، نظم الدُّرر في تناسُب الآيات والسُّور، (10/ 631).

[4] رواه البخاري في صحيحه، (5/ 2032)، رقم (4998).

[5] رواه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسَّنه،(2/ 507)، رقم (854).

[6] معناه: هلكَت دابَّتي وهي مركوبي.

[7] رواه مسلم في صحيحه، (3/ 1506)، رقم (1893).

[8] رواه مسلم في صحيحه، (1/ 434)، رقم (622).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دلالات تربوية على سورة الناس
  • دلالات تربوية من سورة الإخلاص
  • دلالات تربوية على سورة المسد
  • دلالات تربوية على سورة الكوثر
  • دلالات تربوية على سورة النصر
  • دلالات تربوية على سورة المرسلات
  • دلالات تربوية على سورة قريش
  • دلالات تربوية على سورة الانفطار
  • تأملات في سورة الماعون
  • دلالات تربوية على سورة الفلق
  • دلالات تربوية على سورة التين
  • منع الماعون

مختارات من الشبكة

  • أنواع الدلالات وما تدل عليه من معان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دلالات تربوية على سورة الانشقاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالات تربوية على سورة الأعلى (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دلالات تربوية على سورة الغاشية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دلالات تربوية على سورة الليل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالات تربوية على سورة الشمس (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دلالات تربوية على سورة الشرح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالات تربوية على سورة الفيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالات تربوية على سورة الضحى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج الفروق والمقابلة في شرح دلالات الألفاظ(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب