• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

ركائز الحماية المجتمعية في الإسلام من خلال خطبة يوم عرفة (2)

ركائز الحماية المجتمعية في الإسلام من خلال خطبة يوم عرفة (2)
محمد السيد حسن محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2022 ميلادي - 4/12/1443 هجري

الزيارات: 3596

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ركائز الحماية المجتمعية في الإسلام من خلال خطبة يوم عرفة

(2)

 

المسألة السادسة: الولد للفِراش وللعاهِرِ الحَجَرُ وحسابُهم على الله تعالى:

وهذا من حقوق الطفل في الإسلام الحنيف الخالد، وهذا هو الأصل في قاعدة النَّسَب، وأنه حقٌّ للطفل المولود أن ينتسب إلى أبيه، وهو صاحب الحق الأول والأخير في هذا الفراش، وهذا جانبٌ عالٍ سامق رفيع؛ إذ أقام هذا الدين سياجًا لحقوق الأطفال في شريعته، حين يأمنون أنهم في كنف فراش الزوجية، الهانئ، الحني، اللطيف، الرقيق، الدفيء.

 

وأن ما يمكن أن يتلوَّث به هذا الفراش لا شأن للأطفال به، وإنما علاجه- وعلى وجه شرعي آخر- في إقامة الحدود على هذا التعدِّي على حدود الله تعالى.

 

ومن ذلك ما أفاد به النص، أن للعاهِر الحَجَر؛ أي: الرجم بالحجارة، أو أنه الخيبة والخسران والحرمان، وحين توافرت شروط إقامة حدِّ الزنا، إذ ليس يعدُّ ذلك مانعًا من إيقاف أو التعدي على حقوق هذا الفراش، ومن ثم الأطفال بالدرجة الأولى؛ لأنهم أصحاب الحق الأصيل في الانتساب إلى هذا الفراش بداهة.

 

وإن القول بغير ذلكم هو الذي سيفتح باب فتنة على مصراعيه، والذي يكون من موجبه امتلاء ساحات المحاكم من قضايا تعجُّ بها، وإذ ولربما كشفت عن ساقي جرح غائر في المجتمع، والأصل أنه مجتمع ذو لحمة واحدة.

 

وثمة ما يقلق حين القول بغير ذلكم أيضًا، وهو احتمال أن يكون أولاء الأطفال المساكين، والذين لا ذنب لهم في اقتراف ما قد حدث، أن يكونوا مُثْلَةً مُهَلْهَلَةً، تضربها أحداثُ الزمان من كل صَوْبٍ وحَدَبٍ!

 

وإن من كل ذلك، ومن موجبه، أن حساب الناس على الله تعالى، ولئن حدث مثل هذا التعدي على حدوده تعالى، فإنما يكون الحساب عنده تعالى، يكون في الدنيا حدًّا، وفي الآخرة عذابًا، وحين لم تقم شرائط إقامة الحد، والفرض أنه قد تعدَّى على حدوده تعالى، ومن ستر! والفرض أيضًا أنه لم يتب الناس من جراء فعلهم هذا.

 

ولكنَّ هذا فتح لأبواب التوبة على مصراعيها أبدًا أبدًا؛ ليستشرف الناس فضل ربهم الحق المبين، حين أرخى سدول الستر دنيا، ولما فتح أبواب التوبة آخرةً!

 

المسألة السابعة: ومن ادَّعَى إلى غير أبيه أو انْتَمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة.

وهذه مقدمة مفضية إلى نتيجتها.

 

وأما المقدمة: فإنها ادِّعاء دَعِيٍّ ما أنه منتسب إلى غير أبيه، أو إلى غير مواليه، وهذان أمران يقوِّضان البنيان الاجتماعي، حال انتشارهما، أحدهما، أو كليهما، وبهما معًا، أو أحدهما، لا يكون ثمة مجتمع ناضج متماسك، بل فاسد متهالك! حين لا تُعرَف فيه الأنساب؛ ولذلك فقد كان هذا العلم أصليًّا لدى الناس يومهم ذاك؛ ويوم الناس هذا أيضًا، حين قد أُنشئت المصالح المدنية؛ لتوثيق المواليد، في كل زقاق من أزقَّة المجتمعات الناضجة؛ لعظم شأن الأنساب.

 

وعلى كل حال، حين ينشأ مجتمع ما على أساس سليم، ومن هذه النسبة، فلا تسل عن ائتلافه، ولا تسل عن تضامُنه، وارتباطه، والتحامه، واتحاده، ولئن نشبت فيه ناشبة يومًا، فإنه سرعان ما تعود الرياح أدراجها!

 

ولعل قول الشاعر يومًا كان برهانًا ما للأساس النَّسَبِيِّ من قيمة، حين قال:

بلادي وإنْ جارَتْ عليَّ عزيزةٌ
وأهْلِي وإنْ ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

حيث يقوم مجتمع ما على غير أصل نسبي معروف، وإلا أنك لا تسل أيضًا عن فرقته، وتشتُّته، وتصرُّمه، وتفكُّكه.

 

وأما النتيجة: وبه وضحت النتيجة التي أفضَتْ إليها المقدمة، حين التأم مجتمع تحكمه النسبة، لمَّا انفرط عِقْدُ أُمَّةٍ، وإذ ها هي قد تصرَّمت من نسبة.

 

المسألة الثامنة: لا تنفق امرأة من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.

وهذا أصل في المسألة، وهو موجب التئام الأسر، وهو سبب انسجام الأواصر، وداعية التحام الروابط.

 

لكنه قد يجري العرف والعادة، أن تعرف الزوجة من سيرة زوجها تغاضيه، أو رضاه، حين تنفق أو تتصدَّق ما كان بالمعروف، وأكرِّر ومن خلال السيرة بينهما، والعهد، والعرف، والعادة الأسرية السارية في هذا الشأن، أو العادة المجتمعية أيضًا؛ لأن العادة حاكمة؛ وكيما لا يوغر صدر، وحتى يذوب، وينصهر، ويتلاشى موجب ذلك.

 

ولكن التصريح قد يكون بالقول، أو قد يكون بما جرت به العادة والعرف أيضًا.

 

وبه يظل الاستئذان أصلًا، وما عداه يُعَدُّ فرعًا، وحسبما جرت به العادات والأعراف في هذا الشأن.

 

وعليه يحمل حديث عائشة أم المؤمنين: إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا[1].

 

ولكن إنفاق الزوجة على ذي بيتها أفضلُ شرعًا، وأقْوَمُ دينًا؛ ولهذا السبب كانت واقعة الصحابي الكريم عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه مع زوجه نصًّا في الباب، حين: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، تَصَدَّقُوا))، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ))، فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ، أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ))، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ زَيْنَبُ، فَقَالَ: ((أَيُّ الزَّيَانِبِ؟)) فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ((نَعَمْ، ائْذَنُوا لَهَا))، فَأُذِنَ لَهَا، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ اليَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: ((صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ))[2].

 

وأقول: ويحمل أمره صلى الله عليه وسلم للنساء بالتصدُّق، وعلى استئذانهن أزواجهن.

 

المسألة التاسعة: العارية مُؤدَّاة.

والعارية: الشيء الذي يتداوله القوم بينهم، وهي منسوبة إلى العارة وهو اسم من الإعارة، يقال: أعرْتُه الشيء أعير إعارة وعارة، كما تقول: أطعته إطاعة، وأجبته إجابة وجابة، وهي من ذوات الواو، وأصلها عورية، فقلبت الواو ألفًا؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها، تقول: هم يتعاورون العواري بينهم بالواو، وهي المعاورة والتعاور، شبه المداولة والتداول في الشيء يكون بين اثنين، قال ذو الرُّمَّة:

وسِقْطٍ كعَيْنِ الدِّيك عاورْتُ صُحْبَتي
أباها وهيَّأنا لموقِعِها وَكْرا[3]

وهذا مقتضاه أن من استعار شيئًا فعليه ردُّه لصاحبه حين انتهاء موعد كان بينهما مضروبًا، يوم هذه العارية! ولأن الناس قد تساهلوا في هذا الجانب كثيرًا، فإذ بك ترى شيئًا قد أُعِيرَ، ولربما ليس يعود!

 

ولكنك ترى فريقًا أخذ العارية، وقد تحولت من لسان حاله أنها منحة! ولهذا كان مجيء رد المنحة؛ لاحتيال قد يرد؛ ولتحويل هذه العارية إلى منحة، ومن ذات الهوى، ومن غير برهان؛ ولأن العارية غير المنحة بنص الحديث أيضًا.

 

ولكن العارية والمنحة والهبة، كلُّها مرادفاتٌ متقاربةٌ، وعلى كل حال، وإذ تتفتح آفاق العمل الحسن المشروع، والقائم على سد حاجات الناس، وبسُبُل أكثر ضمانة لتنشئة مجتمع التكافل والعون والمساعدة.

 

وهذا فيه قضٌّ لمضاجع الربا والمرابين، حين ضيقت عليهم منافذهم التي منها يُصاب هذا المجتمع المسلم بالشَّلَل الاقتصادي التام، حين تستحوذ طبقة المرابين هذه على مُقدَّرات الأمم والمجتمعات!

 

ومنه صار الناس يسمعون مصطلحات أغرب، حين قد تسمعت آذانهم منظومات أعجب، فهذا تضخُّم، وهذا رأسمالي، وهذا اشتراكي، وهلم جرًّا، في منظومة كئيبة، ذاقت من ويلاتها المجتمعات المرّ العَلْقَم!

 

ولكن حاجة الناس إلى العارية؛ من باب التيسير على العباد، ورفع الحرج عنهم، ومن جهة مشروعيتها شرعًا، ومن جهة أنها سببٌ للتيسير على العباد بينهم البين؛ ولذا كان منه الوقوف على عهدها، فترد، وكان منه الحفاظ على وقتها، فتعود إلى صاحبها إلى مدتها.

 

ومنه فليس مقبولًا أن يجيزها الشارع الحكيم؛ تيسيرًا على العباد، ثم يأتي أناسٌ فلا يردونها!

 

ولكن هذا المعير، لما كان ذا فضل؛ لإعارته أخاه، ومن ثم فالفضل هو شكره، والمروءة هي جزاؤه، وليس أقل من أن يردها المستعير، وقد قضى بها نهمته، ومنها بغيته!

 

وإنما للمستعير أن ينتفع بما اتفق عليه، وبقدره، في عقد العارية هذا، وليس له أن يتعدَّاه إلى غيره!

 

وهذا ابتلاء آخر للمستعير حين كان مؤتمنًا، فجمع بين ابتلاءات ثلاثة هي:

الابتلاء الأول: المحافظة على هذه العارية؛ لأنه لها ضامن.

الابتلاء الثاني: ثم إنه مبتلى أيضًا حين كان مؤتمنًا على القدر المتفق عليه.

ولعل الثالث: وهو ذلكم الشكر والثناء الحسن للمعير؛ وقد كان ذا فضل!

 

وعلى كل حال ينبغي الاتفاق على المنافع، وقدرها، ومدتها، من عقد العارية هذا.

 

وكفى أنها عقد ليس معاوضة؛ بل هذا من عقود التبرُّعات النافعة نفعًا محضًا.

 

ويحسن عدم رجوع المعير عن إعارته؛ لأن المستعير قد رتَّب أوضاعه على عقدها هذا؛ لتستقر المعاملات، ولا يشق على هذا المستعير، والحال أنه ما استعار إلا لحاجته؛ ولأنه ما أعير إلا من عجزه وقصوره؛ ولتوفير ما استعاره، وإن جاز للمعير الرجوع عنها.

 

وإنما تختلف الإعارة عن الإجارة، حين كانت المنفعة للعين المؤجرة ملكًا للمستأجر، ومن طبيعة عقد الإيجار هذا، ولكنه في عقد العارية ليس مالكًا لهذه المنفعة؛ لأنه عقد تبرُّع محض؛ ولذا كان هذا هو أساس جواز رجوع المعير عنها، وإن قلنا بأفضلية تصبُّره حتى ينقضي أمدها؛ لأن المستعير قد رتَّب أوضاعه بِناءً عليها.

 

والفرق بينها وبين الإجارة- بِناءً على ما هو المشهور من تعريف الإجارة بأنّها: تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم- من جهتين:

إحداهما: أنَّ الإجارة تمليك المنفعة، والعارية صرف تسليط للانتفاع، لا أن تكون المنفعة ملكًا للمستعير، يترتَّب عليه آثار مذكورة في محلِّه.

 

الثانية: أنَّ جواز الانتفاع واستيفاء المنافع في العارية مجَّاني وبلا عِوَض، وفي الإجارة يكون بعوض معلوم[4].

 

ولما كان الموت قد انقضت به ملكية المالك لملكه، وانتقال هذه الملكية لورثته شرعًا؛ وبه فإن عقد العارية مُنْقَضٍ حكمًا وواقعًا، بمجرد موت المعير؛ وهذا احترامًا لحق الورثة أيضًا، وإن حسن إمراره إلى أجله؛ ولشأن أوضاع رتَّبها المستعير، فلا يضار، ومن ثم يخلف الله تعالى على الورثة؛ لصبرهم حين أمكن توزيع الأنصباء، وبه دخلت العارية في ذمة أحدهم، وهذه أخلاق شريعتنا.

 

وإنما يقاس على الموت غيره؛ لنفس الأساس، وهو انقضاء الملكية، ومنه بيع المعير للعين المعارة، أو الحَجْر عليها لأي سبب شرعي آخر في هذا الشأن الذي به تزول ملكية العين عن المعير؛ لأنه حينئذٍ ليس صاحب سُلطة، وليس ذا ولاية، وعلى ما انقضى ملكه لأي سبب من أسباب انقضاء الملك.

 

ولكنه عند رجوع المعير عن عاريته؛ لسلطته على ملكه، وإنما ليس يضار المستعير أيضًا.

 

ولكنه وحين تساوى الأمران، ولما كانت للمعير سلطته على ملكه؛ ومنه فلا يضار بالعارية، ولكن المستعير، وقد كان زرع أو غرس مثلًا، ويكأنه لا أجرة له مقابل ما غرس أو زرع، وهذا هو أساس التسوية، فالمعير لايضار؛ لأنه ملكه، والمستعير لا يضار؛ لأنه وإن قلنا لا أجرة؛ لأن العقد تبرُّع.

 

ولما كان الحال كذلك، فإنما له الأَرْش شرعًا أيضًا، وجبرًا للخواطر، ولا سيما أن المالك قد عاد إليه ملكه، وإنما سوف يعود عليه نفع ما غرسه أو زرعه المستعير؛ ومن صفته الأولى، وقبل فسخ عقد العارية هذا.

 

وهذه كلية قمنة درسًا لأهميتها.

 

والأرْشُ: هو ما يُدفَع بدلًا عن ضرر، وليس محددًا في الشرع له قدر سلفًا.

 

وإنما حسن ألا يخرج عن الحد المعتاد، كيما لا يضارَّ أحد المتعاقدين.

 

وهذه روح تعاقداتنا في إسلامنا!

 

وإنما كان الأرْش تعويضًا عن ضرر لحق بالمستعير، حين رتَّب أوضاعه زرعًا أو غرسًا أو ما سواهما، وبالتالي فرفع الضرر دين، ومقابلة هذه السلطة للمعير على ملكه، ولكنه ليس له إضرار غيره، وإلا فقد فتحنا بابًا واسعًا للإضرار، وجعل الشيطان صاحب سلطة في هذا! وحينها يتحوَّل عقد العارية، ومن أصله، وحين كان مواساة أصلًا وفرعًا، إلى سبيل آخر للوقيعة والتناحُر والفساد بين علاقات الناس، وهو ما عناه الشرع الكريم؛ ضبطًا للمعاملات، ومحافظة على العلائق والرحمات.

 

وإنما كان هذا الأرْشُ شرعًا للمستعير الغارس أو الزارع؛ لأن الأصل أنه فعل فعله هذا من إذن سابق للمعير، أو من مقتضى عقد العارية الواضح المحدد سلفًا.

 

ولكنه حين فعل ذلك من تَعَدٍّ على نصوص العقد المبرم بينهما؛ ومن ثم فلا أرْشَ ولا معاوضة؛ بل هو مُتَعدٍّ ههنا، ولقاعدة: ((لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ))، التي كان أصلها الوحي المطَهَّر حين قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ))[5].

 

وإنما كان للمعير الرجوع عليه في ذلك، وهذا باب آخر.

 

ولكن المنافع الحرام ليست محلًّا للعارية، بل الحلال وحسب، فليس لأحد إعارة وطء لأحد! وحينه فالعقد باطل بطلانًا مطلقًا، وليس منعقدًا، ولا أثر له؛ ومنه فإنه لا تصح إعارة المصحف للكافر أيضًا؛ لأنه ليس أهلًا لقبوله، وعلاوة على أنه لدينا أصل عام في ذلك، وهو قوله تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]، وكذا، لا تجوز إعارة الأواني لشرب الخمر، ولا الأجهزة لسماع الغناء، ولا الدور للبغاء، ولا الجواري للاستمتاع، ولا المحل لبيع المحرمات؛ وإذ كان أصل تحريم ذلك من قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

وإنما وجب تعيين العين المعارة تحديدًا؛ نفيًا للجهالة وسدًّا لذرائع خلاف مُفْضٍ إلى شحناء، والأصل أننا أمة إخوة، والأصل أن العارية إنما هي عقد تبرُّع محض، فليس يليق جعله سببًا لإفساده للعلائق، والحال كذلكم، وكما أنف.

 

ولكن المعير، وإذ كان الأصل أنه مالك العين؛ وعليه فلو أعار غصبًا، أو ما ليس ملكًا له بوجه ما، فإنه يكون ضامنًا ههنا؛ لقاعدة: ((عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ))؛ لأن الأصل فيها الحديث عن سمُرة بن جُنْدب: ((عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ))[6].

 

وليس يجوز للمستعير إعارة العارية لغيره، إلا بإذن من المعير، وإلا عُدَّ ضامِنًا بالوفاء بها، لو أصابها تَلَفٌ أو تَعَدٍّ أو غصب من المستعير الثاني، وإنما له الرجوع عليهما معًا بالوفاء؛ لأن الأول ضامن ومُتَعدٍّ.

 

ولكنه حين يخلو عقد العارية من حدود الانتفاع بمقتضاه، وإنما يرجع في ذلك إلى العرف، والعادة في هذا حاكمة.

 

ولكنه إذا حصل وجحد المستعير العارية! فإنه يكون ضامنًا للعين، من وقت إنكاره هذا، بقطع النظر عن كونه قد خالف قواعد الإحسان!

 

وخلاصة أركان عقد العارية: المعير، والمستعير، والعين المعارة، وعلى شروط كل مما هو بابه ليس ها هنا.



[1] [صحيح البخاري: 1425].

[2] [صحيح البخاري: 1462].

[3] [شرح أدب الكاتب، الجواليقي: 1 /29].

[4] [كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي: 6/ 4552].

[5] [صحيح أبي داود، الألباني: 3073].

[6] [الدراري المضية، الشوكاني: 278]، خلاصة حكم المحدث: فيه الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه كلام مشهور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ركائز الحماية المجتمعية في الإسلام من خلال خطبة يوم عرفة (1)
  • ركائز الحماية المجتمعية في الإسلام من خلال خطبة يوم عرفة (3)
  • إضاءات في صعيد عرفات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: العمل الجماعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: التجرد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: العقلانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: الواقعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: المصداقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: التوازن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: الإيجابية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: العفوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز التربية الناجحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العشرة الزوجية (4)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب