• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / استراحة الحج
علامة باركود

خواطر حاج

د. أحمد مصطفى نصير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/8/2010 ميلادي - 12/9/1431 هجري

الزيارات: 12710

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أستهل خواطري بهذا الحديث الشريف الذي يقول فيه - صلى الله عليه وسلَّم -: ((مَن حَجَّ لله، فلم يَرفث ولم يَفسق، رجع كيوم ولدته أمُّه))[1]، وقال أيضًا: ((الحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[2].

 

بيدَ أنَّ نيلَ هذا الثواب يحتاجُ أن يُدرِكَ الحاج كُنهَ الحجِّ ومقاصدَه ومراميَه؛ إذ تقول عائشة - رضي الله عنها -: "يا رسول الله، ترى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟"، قال: ((لكن أفضل الجهاد حَجٌّ مبرور))[3]، كيف ذلك؟ وما العلاقة بين الحج والجهاد؟ هذا ما سوف ندندن حوله مع خواطر حاج.

 

بادئ ذي بَدء، فإن الاستطاعة هي مَناط تلك الفريضة؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، ويَكفي لتحققها أن يحل على المسلم وقت الحج وهو مكلف قادرٌ على الحجِّ، ويملك المال والصحة والأمن اللازم لذلك، وعند التحقيقِ نجدُ أن كثيرًا من المسلمين قادرٌ على الحجِّ، أو قد توافرت في شأنه الاستطاعةُ لأداء هذه الفريضة، بيدَ أنه يؤخِّرها؛ لأنه يُكلِّف نفسه من أمور الدنيا ومتاعها ما لم يُكلِّفْه المولى بذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: ((دَيْنُ الله أحقُّ أن يُقضَى))[4].

 

فإذا ما شَرعَ الحاج بالإحرام لأداء مناسك الحج في أشهره المعلومة، فإنه يتعيَّن عليه على وجه الخصوص الحذرُ من ثلاثة أمور ذَكَرَها الله - تعالى - في كتابه، فقال: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

 

أولاً: الرفثُ: إذ يتعيَّن على الحاج منذ إحرامه - وعلى وجه خاص يوم التروية إن كان مُتمتِّعًا - حتى طَواف الإفاضة: أن يَجتنبَ أهله، فلا يجوز له مُجامعتهن، ولا الإتيانُ بمقدِّمات ذلك، حتى ولو بالكلام، وتلك هي أول وسائل التربية الجهادية من هذه الفريضة؛ إذ يجاهدُ شهوته التي أحلَّها الله له، وليس معنى ذلك أن الإسلام يحاربُ الشهوات لحدِّ الكَبْتِ؛ بل الإسلام يسمحُ بتصريفها من خلال الأُطر والقَنوات التي شرعَها المولى، ولا يجوز تصريف الشهوة إلا من خلالها؛ قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5 - 7]؛ إذ متى امتلك المسلمون إربهم، وقَدَروا على شهواتهم، فلا شكَّ أنهم سيكونون بذلك أقدر على أعدائهم، والعكس كذلك صحيح.

 

ثانيًا: الفُسوق: قد حذَّرَ المولى - سبحانه وتعالى - من أن يَستصحبَ الحاج نيَّةَ إتيان المعاصي؛ فقال - سبحانه -: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25]، فالله - عز وجل - يريد منك - أخي الحاج - أن تتوب توبةً نصوحًا، فأوجَبَ عليك أن تطهِّرَ نيَّتك، فلا تَعقد العزمَ على العودة للمعصية أبدًا؛ يقول المولى -سبحانه -: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7]، إنها فرصتك أخي الحاج كي تعودَ لرشدك، وتميِّزَ بين الإيمان ونقيضه، فتُحب الإيمان، وتكره الكفر والعصيان؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه، وجد حلاوة الإيمان: أن يكونَ الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبَّ المرء لا يُحبُّه إلا لله، وأن يكره أن يعودَ في الكُفر كما يكره أن يُقذفَ في النار))[5].

 

ثالثًا: لا جِدالَ في الحَج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنة لمن تَركَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا))6، فالجدال والمِراء من الأمور المذمومة في الإسلام؛ إذ يكفي المسلم أن يشرحَ رَأْيه ووجهة نظره لغيره، دونَ أن يحملَ غيرَه على رأيه، ويظل يُجادله في ذلك حتى وإن كان مُحقًّا، طالما أنَّ المسألة تَحتملُ وجهين للصواب، أما إن كانت المسألة مما يتعلَّقُ بالعقيدة وأمور الإيمان، فإنها لا تَحتملُ إلا وجهًا واحدًا؛ لذا شُرِعَ الجدال مع أهل الكِتَاب بشرط الإحسان؛ يقول المولى - سبحانه -: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ﴾ [العنكبوت: 46]، فالحاج - على وجه الخصوص- لا يكْترثُ بانتصار غيره عليه في الرأي أو الحُجَّة، ومن يَغلبه في مناقشة، طالما أنَّ هذه الأمور جميعًا من أمور الدنيا؛ مما يشغله عن الذِّكر والخشوع المطلوب.

 

فهيَّا - أخي الحاج - نطوف معًا حول مناسكِ الحج مُرتَّبة؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلَّم - لنخرج منها ببعض الفوائد، كما يلي:

أولاً: الإحرام:

الإحرامُ: هو أول طلقة يُطلِّق بها الحاج الدنيا؛ إذ يشرع بالزهد فيها، مستهلاًّ إحرامَه بارتداء ملابس الإحرام، التي هي أشبه بالكَفَنِ المعَدِّ للميت، نَعم إنها رحلة إلى الآخرة، حيث يَخلع المُحرِم ما كان عليه من ملابس كان يتزين بها، فهو الآن لا يَتباهى بشيءٍ من عَرَض الدنيا، حتى إنه لا يجوز له أن يَتطيَّب بعد إحرامه، ولا أن يُقصِّر شيئًا من شَعره أو أظافره، إنه حقًّا يَخلع نفسه من حياة الترف التي ألِفها وتعوَّدها، حيث يَترك أهله ولا يَقترب من زوجته، تلك التي سمَّاها القرآن صاحبته؛ إذ لا صاحب له اليوم إلا السفر، قاطعًا مسافاتٍ شاسعةً من كلِّ فجٍّ عميق، تاركًا أهلَه وماله وبلده، مُنقطعًا عمَّا يشغله من أمور الدنيا، قاصدًا بيت الله الحرام، ليس له همٌّ إلا تحصيل التقوى؛ يقول المولى - سبحانه -: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

اعلم - أخي الحاج - أنك لم تَقطع تلك المسافات لتُحَصِّل عَرَضًا من الدنيا، ولا يُمكنكُ تحصيل التقوى إلا بالتوبة الصادقة النصوح والإقلاع عن المعصية؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((مَن يَضمن لي ما بين لَحْيَيْه وما بين رِجْليه، أضمن له الجنة))[6]، فإذا ما حافظتَ - أخي الحاج - على لسانك من الفسوق والجِدال، الذي هو أول باب اللغوِ في الكلام، وتوطئة لارتكاب ما بعده من المعاصي، وكذا حافظتَ على فرْجِك، فاجتنبتَ أهلك حالَ إحرامك، فهنا تكون قد تدرَّبت وتربَّيت على تهذيب نفسك، الأمر الذي ينعكس بلا شك على حياتك كلِّها؛ لتكون مسلمًا حقًّا، ومؤمنًا حقًّا.

 

والإحرامُ وإن كان من جِهةٍ انقطاعًا عن الدنيا وملذَّاتها، فإنه من جهة أخرى رسالةُ سلامٍ عام للعالمِ أجمع، فالصيدُ مجرد الصيد لأيِّ حيوان بَرِّي قد حظره الشارع على المُحرِم؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ﴾ [المائدة: 96]، فالسلامُ الذي ينشده الإسلام، والذي تَعدَّى كذلك للحيوان، ليس هو سلام الضعف والاستكانة، وإنما ينشدُ الإسلام السلامَ بمنظور يَحمل معانيَ القوة والجهاد، لا الاستكانة والضعف، فالمسلمون يعلنون بتمسكهم بشعائر الحجِّ استسلامَهم الكامل لله - تعالى - ورفض كافة صُور الظلم والاستبداد والاستعباد والخضوع والذلِّ لغير الله - تعالى - بقولهم: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، فإذا ما وصلت إلى الميقات المكاني، شَرعتَ بالتلبية حتى ترى البيت الحرام، مُجاهرًا بها، مُعلنًا توحيدك لله - تعالى - والتجرُّد من الدنيا وشهواتها، واختصاصك بالعبودية له وحده.

 

ثانيًا: طواف القدوم:

وعندما يَشرع الحاج في طواف القدوم لأول وَهْلة، يَتبادر لذهنه سؤال: كيف يطوف حول حجارة، ويُقبِّل الحجر الأسود الذي بها، وقد جاء الإسلام لتحطيم الأصنام التي كانت حول الكعبة؟! نَعم، قد وقع ذلك في صَدْرِ مَن هو خيرٌ منك؛ إذ قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: "إني أعلمُ أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلَّم - يُقبِّلك ما قَبَّلْتك"[7]؛ يَقصد بذلك الحجر الأسود.

 

إذًا؛ فما الغاية من ذلك في دين الله - تعالى؟ وكيف يتمُّ التوفيق بين هذه الشعيرة وقوله - سبحانه -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]؟

 

يُجاب على ذلك بأن الأصل في العبادة المنع، فلا يجوز أن يُعبدَ الله - تعالى - بشيءٍ لم يشرعه، وإنما يُعبدُ الله - تعالى - بما يشرعه لنا من عبادات سمَّاها لنا وبيَّنها، وعلى الطريقة التي شرعها، دون زيادة أو نُقصان، ولا تبديل أو تحريف، والله - تعالى - قد حدَّد العلاقات بين خلقه، فأمرنا أن نذلَّ أنفسنا لإخواننا المسلمين؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 54]، كما أمرنا أن نخفضَ جَناحَ الذلِّ لوالدينا؛ فقال - سبحانه -: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24]، وأمرنا أن نعزَّ أنفسنا على الكفار؛ فقال: ﴿ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين ﴾ [المائدة: 54]؛ إذ ليس للعبد اختيارٌ في أن يذلَّ نفسه أو يعزَّها، وإنما هو يذلها لبعض خلق الله، ويعزها على بعض خلق الله بأمر الله - تعالى - ومِن خلقه - سبحانه - ذلك الحَجرُ الأسود، وتلك الكعبة التي أمرنا أن نطوفَ حولها دون أن نتمسَّحَ بها أو نقبِّلها؛ إذ إن الأصل في العبادة المنعُ، ما لم يأتِ دليلٌ من الله بمشروعيتها، أما إذا جاء الأمر بها، فلا يجوز مناقشة المولى في ذلك ولا التعلُّل بعلة؛ إذ إن إبليس طُرد من رحمة ربه؛ لقوله: ﴿ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ﴾ [الإسراء: 61]، وعلى النقيض أطاعتِ الملائكة أمرَ ربها، إذ لا تعصيه ما أمرها، ونحن بطوافنا حول الكعبة نكونُ قد حقَّقنا معنى الطاعة والولاء لله - تعالى - وذلك هو تمام الانقياد والخضوع والعبادة لله - تعالى - وذلك هو قوله - سبحانه -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].

 

ثالثًا: السعي:

إذ بعد أن ينتهي الحاج من الطواف يبدأ بالسعي بين جبلي الصفا والمروة، تاليًا قولَ الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 158]، وقد كان أول مَن سعى بهما السيدة هاجر - رضي الله عنها - زوج نبي الله إبراهيم - عليه السلام - وأم نبي الله إسماعيل - عليهما السلام - حيث تركها نبيُّ الله إبراهيم هي وولدَها إسماعيل بأمر الله - تعالى - في مَكَّة حين كانت مُقْفِرة لا زرعَ فيها ولا ماء، فأطاعت أمرَ ربها واستسلمت له، قائلةً: "يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مِرارًا، وجعل لا يَلتفتُ إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يُضيِّعنا"[8].

 

وبالرغم من يقين هاجر أمِّ إسماعيل - عليه السلام - أنَّ الله لن يضيِّعها، وامتثالها لأمره بالوجود في هذا الوادي، حيث عَلِمتْ أن هذا هو أمر الله - تعالى - فإنها أخذتْ بالأسباب المشروعة لطلب الرزق؛ كما أمر الله - تعالى - إذ قال: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، فسعت بحثًا عن الماء بين الصفا والمروة، فما تكادُ تصل إلي أيِّ الجبلين حتى ترجع للآخر، وهكذا في سبعة أشواطٍ، فما وجدت غير التقوى؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُو حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

إنها فوجِئت بالماء يَنبع تحت قدمِ رضيعها إسماعيل - عليه السلام - إذ ضربَ جبريلُ - عليه السلام - الأرضَ ضربةً نَبَعَ منها ماءُ زمزم، هذا الماء المبارك الذي يُسَنُّ للحاج والمعتمر شربُه؛ فهو طعام طعم، وشفاء سقم، وهو لما شُرِبَ له؛ كما ذكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلَّم - فاسعَ واشربْ وتضلع - أخي الحاج - ولتعلم أنه مهما سعى الإنسان في هذه الدنيا طلبًا للرزق مِن مولاه وخالقه، فإنَّ رزقَه مُقَدَّر عنده - سبحانه - فهو القائل: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22].

 

رابعًا: التقصير (التحلل الأول):

يَختتمُ المُحرِم أعمال العمرة - إن كان مُتمتِّعًا - بتقصير شعره قريبًا من الحَلقِ؛ حتى يَتسنَّى له حَلْقُ شَعرِه كلِّه لله أول أيام التشريق، فالشعر هو مكرمةُ الإنسان، وأنت حين تقصِّره أو تحلقه لله - وإن كانت امرأة تأخذ منه قَدرَ أُنْمُلة - امتثالاً لأمر مولاك، تتخلَّص رويدًا رويدًا من مصادر عزَّتك وأَنَفَتِك التي شَغَلتك كثيرًا عن ذكر الله.

 

إنها إحدى صور العبودية المَحْضة لله - تعالى - التي ليس للنفسِ حظٌّ فيها؛ بل تأتي بعكس حظها ورغبتها في التجمُّل والتزيُّن؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مِثقالُ ذَرةٍ مِن كِبْر))، فقال أحد الصحابة: الرجل يحبُّ أن يكون ثوبُه حسنًا، ونعله حسنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((إن الله جميلٌ يُحبُّ الجمال))[9]، وعنه - صلى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كان له شعرٌ، فليكرمْه))[10]؛ إذ تضع جمالك لله - تعالى - بتنفيذِ هذه المناسك وتلك الشعيرة.

 

خامسًا: الإحرام للحج، والمبيت بمنى يوم التروية، الثامن من ذي الحجة:

والمَبِيتُ في المزدلفة هذه الليلة هي سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلَّم - وهنا يشرعُ الحاج في بذل أول جهد بدنيٍّ لأداء هذه الفريضة، حيث يقطع مسافة من (4-5) كم متر في مَسيرة إسلامية بملابس الإحرام، تُشعرك بالتقوى وفخر الانتماء لهذا الدين؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

 

سادسًا: التوجه لعرفة بعد الضحى، والوقوف بها من زوال يوم التاسع حتى غروب شمس هذا اليوم:

يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((الحجُّ عَرفة، فمَن أدركَ ليلةَ عَرفة قَبل طلوع الفجر مِن ليلةِ جَمْعٍ، فَقدْ تَمَّ حَجُّه))[11]؛ إذ ليس هناك معنى للذهاب إلى عَرفات، وقَطْع هذه المسافة كلِّها، إلا الامتثال لأمر الله - تعالى -[12] حيث يَفد جميع الحجَّاجِ مِن جميع مَشارق الأرض ومغاربها، على اختلاف أعراقهم وجنسياتهم، وأشكالهم وألوانهم، وألسنتهم وطبائعهم، كلهم يجتمعون في يوم واحدٍ، يدْعون ربًّا واحدًا، فيسمعهم جميعًا في آنٍ واحدٍ ويستجيبُ لهم؛ فقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: أنه بعد أن صلَّى الظهر والعصر جَمْعَ تقديمٍ قصرًا بعرفات، وخطب خطبة الحج، ظلَّ واقفًا رافعًا يديه إلى السماء يدْعو الله - عز وجل - حتى غربت الشمس، ولا شكَّ أن هذا الموقف يُذكِّرنا بيوم الحشر حين يشفع النبي - صلى الله عليه وسلَّم - لأمَّته بعد أن يحمد الله - تعالى - بمحامد يُلهمه إياها[13]؛ يقول الله - عز وجل -: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من يومٍ أكثر من أن يَعتقَ الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))[14].

 

إن الله ليعلم حالنا من التعب والنَّصَب، والهيئة غير المُرتَّبة، شُعثًا غُبرًا، ولعلَّ ذلك يكون دافعًا للحُجَّاج لأنْ يكونوا أكثرَ نشاطًا وقوة وحَيويَّة في طاعة الله - تعالى - عندما يعودون لأوطانهم، متذكِّرين أيام عرفات واجتهادهم في الطاعة وهم على هذه الحال.

 

وعَرفة كلُّها موقف؛ فلا تشغل بَالَكَ - أخي الحاج - بمكان وقوفك بعرفات، اللهم إلا بطن عُرَنَة؛ حيث نهى النبي - صلى الله عليه وسلَّم - عن الوقوف فيها[15]، وهنا وقفة لا بدَّ وأن تُؤخذ في الاعتبار: مَن الذي ألَّف هذه القلوب جميعًا في هذا اليوم وهذا المكان؟ يقول المولى - سبحانه -: ﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنفال: 63]، إنهم لم يجتمعوا لعَرَضٍ من أعراض الدنيا، إنما هم تركوها وراء ظهورهم، إن الذي جمعهم اليوم هو كلمةُ التوحيد (لا إله إلا الله)، أبَعْدَ ذلك يسوغ للمسلمين الاختلاف؟ بالطبع لا؛ فصورة الأخوَّة والوحدة، والقوة والعِزَّة، تملأ العيون والقلوب عندما تشاهد هذه الملايين من الحجاج وهم مجتمعون على جبلِ عرفات وقت غروب الشمس يدْعون الله - تعالى - إلهًا واحدًا، وربًّا واحدًا، إنه أعظم وأكبر مُؤتمر عالمي عرفتْه الأرض، ولن تَعرف مثله إلى يوم القيامة، وإنه ليحضرني في هذا المقام قولُ الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، إنها رسالة الإسلام للناس أجمعين، فالإسلام قوة، وبالرغم من هذه القوة، إلا أنها قوةُ حبٍّ وسلام وأمان للعالمين؛ إذ إن هذه الحشود لم تُمسك بيدها سلاحًا، ولا عَتادًا ولا عُدَّة، وليس عليها إلا أقمشة بيضاء تستر بها عوراتها فحسب، إنهم يُعلنون السلام العالمي للعالم قائلين: إنَّ الإسلام لم ينتشر بالسيف ولا بالإكراه؛ وإنما بالسلام والأمان، فالسلامُ الذي ينشده المسلمون ليس سلامَ ضعفٍ واستكانة، وإنما يكون السلام سلامًا إذا نَبعَ من القوة، لا من الضعف، فهو سلام لمن سالم المسلمين، وقوة وشِدَّة وبَأْس على من حاربهم أو قاتلهم أو اعتدى عليهم؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 191].

 

سابعًا: المبيت بالمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة:

لا شكَّ أن انتقال الحاجِّ من البيت الحرام إلى (مِنى)، ثم إلى عرفة، والعودة إلى المزدلفة والمبيت فيها، فضلاً عن اجتهاده في الطاعة والذِّكر والدعاء في هذه الأثناء، مع قلة الزاد إلا بالتقوى، فإن الحاج حينئذٍ يُصاب بشيءٍ من الإعياء ويحتاج للراحة، فيبيت الحاج بالمزدلفة بعد أن يُصلي المغرب والعشاء جَمعًا وقَصرًا ثم الوتر وينام، وليس عليه قِيام هذه الليلة؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا))[16]، وها هو الجسد يحتاج لقسطٍ من الراحة والنوم؛ لذا كان النوم عبادة متى أفضى إلى عبادة، أو أعان على القيام بها، ونوم الحاج على هذه الهيئة يؤكد أن الإسلام يساوي الأمير مع الخفير، والغني مع الفقير، وهنا تظهر عدالة الإسلام حين يتساوى هؤلاء جميعًا في ذلك اليوم، حيث ينامون نَومةً واحدة، بملابس واحدة، ويعيشون ذات الظروف، ولو لليلة واحدة في العمر.

 

ثامنًا: رمية العقبة الكبرى (أول أيام التشريق):

بعد أن يُصلي الحاج الفجرَ بالمشْعر الحرام بالمزدلفة، يذكر الله - تعالى - حتى طلوع الشمس، لينطلق بعد الدعاء إلى (مِنى)؛ ليرمي جَمرة العَقَبة الكبرى وهو يُلبِّي ويجمع الحَصَيَات، وهكذا يدخل الحاج في شَعيرة أخرى، مستشعرًا معانيَ جديدةً هذه المرة؛ إذ إنه يجمع الحصى ليرجم به، فمن يَرجم؟ ولماذا؟ وما المقصد من ذلك؟ يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ألا إن القوةَ الرمي، ألا إن القوةَ الرمي، ألا إن القوة الرمي))[17].

 

إذًا؛ الرمي هو رمز القوة العسكرية عند المسلمين، وأول مَن رجم الشيطانَ الرجيم هو نبيُّ الله إبراهيم - عليه السلام - حينما أراد الشيطان أن يصرفه عن تنفيذ أمر ربِّه، لما أمره بذبح ابنه عند جمرة العَقَبة، فرماه بسبع حَصَيات حتى سَاخَ في الأرض، ثم عَرض له عند الجَمْرة الثانية، فرماه بسبع حصيات حتى سَاخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، قال ابن عباس: "الشيطان ترجمون، ومِلَّة أبيكم إبراهيم تتَّبعون"[18]، فنحن نقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - في أداء هذه المناسك، متذكرين قصةَ رَجْم نبيِّ الله إبراهيم للشيطان الرجيم، وما فيها من فوائد تحملُ على التجرُّد لله - تعالى - من حبِّ الدنيا والولد وكلِّ ما سواه، فمن كان اللهُ ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، ذاق بذلك حلاوة الإيمان كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلَّم - بذلك[19].

 

رمز لقوة المسلمين كما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ألا إن القوة الرمي))[20]، وقد أمر الله بإعداد العُدَّة قدر الاستطاعة، وهي اليوم تمثَّلت في تلك الحَصيات؛ يقول - سبحانه -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60]؛ إذ إن أعداء الإسلام يرهبون أن يعلمَ المسلمون يقينًا أن أمر الله - تعالى - قد نزل بتوجيه تلك الجمرات على أعداء الله - تعالى - ومنتهكي الحقوق ومغتصبيها؛ إذ لو علموا ذلك، لفعلوا بلا تردد، الأهم أن يكون ذلك هو أمر الله - تعالى – يقينًا؛ يقول - سبحانه -: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]، فماذا لو تَجمَّع المسلمون - ولو لمرة لا أكثر - وبيدِ كلِّ واحد منهم حَصاة يلقيها في وجوه المعتدين، رادين إساءتهم بالمثل؛ كما ذكر الله - تعالى -: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194]، إذ لا شك أنه عندئذٍ لن يكون للباطل قائمة، وعندئذٍ يتحقق وعد الله؛ ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].

 

تاسعًا: نحر الهدي:

إذ يذكِّرنا موقف نبي الله إبراهيم - عليه السلام - حينما امتثل لأمر ربِّه، وشرع في ذبح ابنه إسماعيل - عليه السلام - بقوة الإيمان، وهزيمة الشيطان؛ قال - تعالى -: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 103 - 105]، وعندئذٍ نزل الفرجُ من الله - تعالى -: ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107]، إنه حقًّا ابتلاءٌ صعب، أن يُبتلى رجل كبير مُسن، قد طرده أهله، فظلَّ في صحراء جَرداء، لا زرعَ فيها ولا ماء، ولا أثر فيها لحياة البشر، ومعه ولده الرضيع وزوجته، وهما لا يملكان من الدنيا شيئًا إلاَّ اليقين بالله - تعالى - ثم يَمنُّ الله عليهم بالماء والزرع، وتبدأ الحياة تسير رويدًا رويدًا، ويَفدُ إليه الناس، حتى يشب ابنُه ويكبر، فيأتيه الأمر بذبحه، إنه اختبار في صدق الإيمان بالله - تعالى - أيكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما؟ يقول الله - عز وجل -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه ﴾ [البقرة: 165]، نعم والذين آمنوا أشد حُبًّا لله.

 

والهَدي يحمل - أيضًا - معنًى هامًّا للحاج؛ إذ إنه يأتي البيت الحرام وهو ليس من أهله - غالبًا - ومعه هَدي يذبحه بتلك البلد، فهو لا يتسوَّل ولا يسأل الناس، وإنما يعمل بقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى))[21]؛ قال - تعالى -: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37].

 

عاشرًا: الحلق والتحلل الأول:

قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهم ارحم المحلِّقين))، قالوا: والمقصِّرين يا رسول الله، قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصِّرِين يا رسولَ الله، قال: ((والمقصِّرين))[22]، نعم تتنزَّل رحمة الله على المحلقين ثلاثًا، وعلى المقصِّرين مرةً؛ إذ عليك - أخي الحاج - أن تتخلَّص من كلِّ ما يتعلق به قلبُك من أمور الدنيا وزينتها، والحلقُ علامة ذلك ودليله.

 

هنا، إذا تمكَّن الحاج من إتيان ما تقدم ذكْره من المناسك - بترتيب أو بغير ترتيب - يمكنه أن يتحلَّل التحلُّل الأول، فيأتي كلَّ شيء كان محظورًا عليه حالَ إحرامه عدا النساء،فلك أن تتطيب - أخي الحاج - وتتعطَّر، وتلبس ما تشاء من الملابس، تحلَّلْ وائْتِ من الطيبات ما أحلَّه الله لك، دون أن تتجاوز حدَّ الإسراف؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين ﴾ [الأعراف: 31]؛ إذ لا يجوز للمسلم أن يُقبل على الدنيا بنَهم، ولا ينبغي لقلبه أن يظلَّ مشغوفًا بها؛ إنما يجوزُ للقلب أن يروحَ عنه متى تعلَّق بالله - تعالى - وانصرف عن الدنيا، فإذا انصرف عنها، ساغ له أن يَقتاتَ منها لُقيمات يُقِمْنَ صلبه؛ امتثالاً لقوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، نعم، لا تنسَ نصيبك من الدنيا؛ أي: إنك في إطار سعيك للآخرة تذكَّر نصيبك الذي قدَّره الله لك من الدنيا، وليس العكس هو الصحيح، فلا ينبغي أن يكونَ سَعْيُنا للدنيا وفي أثناء سيرنا فيها نأخذ منها نصيبًا للآخرة، فالدنيا مَطيَّة الآخرة، وهي في أيدينا لا في قلوبنا.

 

الحادي عشر: طواف الإفاضة:

وهو طَواف الركن، ويجوز تعجيله بعد فجر اليوم العاشر، ويجوز تأخيره لآخر أيام التشريق، ويمتدُّ لآخر ذي الحجة كذلك متى كان الزحام شديدًا، فالكلُّ سواسية يذوب بعضهم في بعض، فلا فضل لأيهما على الآخر إلا بالتقوى، وإنما مَثَلُهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى))[23]، ولا داعي للمُزاحمة على الحجر الأسود، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلَّم - عمرَ بن الخطاب عن أن يُزاحم عليه؛ لأنه بقوَّته قد يؤذي الضعيف، واكتفى لنا بالإشارة إليه من بعيد[24]، والإسلام يتحدَّى أيَّة دولة من دول العالم أن تتمكن من تنظيم هذه الكُتَل الهائلة من البشر؛ ليقوموا معًا بأداء مثل هذه المناسك، في هذا المكان الذي لا يكاد يَسعهم، دون أن يحدثَ صِدامات ونزاعات ومشاحنات بينهم، إلا أن يكونوا مؤمنين يتقون الله - تعالى - ويَخافون من قوله - سبحانه -: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].

 

أما النساء فلا يجوز لهن مزاحمة الرجال بحجة أنَّ النساء كُنَّ يطفنَ مع الرجال في عهد النبي - صلى الله عليه وسلَّم - إذ لا يقاس على ذلك؛ لاختلاف عدد الطائفين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلَّم - عنه في زماننا، وليس هناك شرع بإجازة مُزاحمة الرجال للنساء، ولا النساء للرجال في الطواف؛ بل إن المصلحة تقتضي العمل على تنظيم هذه المسألة بصورة تَكفُل كرامة المرأة في الطواف؛ ففي الحديث: منع ابن هشام النساءَ الطواف مع الرجال، فقال عطاء: كيف يمنعهن وقد طاف نساءُ النبي مع الرجال؟ قلت - ابن هشام -: أبعدَ الحجاب أم قبل؟ قال: إي لعمري، لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يُخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن[25].

 

فإذا لم تجد المرأة مساغًا لذلك، فعليها أن تصبر وتطوف من أبعد مسافة، بعيدًا عن الرجال، ولها أن تتأسَّى بابنتي شُعيْب حينما أخَّرتا السقي لحين ينتهي غنم الرجال، فلا تختلطان بهم، كذلك لا حُجة لأحد بأن وجه المرأة ليس بعورة، استنادًا إلى أن المرأة المُحرِمة لا تنتقب ولا تلبس القفَّازين؛ ذلك أن السُّنة قد جرت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - أن النساء إذا مَرَّ بهن الرجال غطَّين وجوههن[26].

 

فإذا ما انتهى الحاج من طواف الإفاضة، فله أن يتحلَّل كل التحلل، وله أن يأتي أهلَه ويجامعهم؛ إذ إنه بذلك قد أدَّى أركان الحج، ولم يتبقَّ له إلا إتيان سائر الواجبات، كالمبيت بمنى، ورمي الجمرات الثلاثة.

 

الثاني عشر: أيام منى ورمي الجمرات الثلاثة:

حُجَّاجَ بيت الله - تعالى - أروا الله من أنفسكم خيرًا في أداء هذه المناسك؛ إذ لأول وَهْلة تتعجب حينما تعلم أن أرضَ مِنًى هي أرض لأداء مناسك الحج فحسب؛ فهي طوال العام ليست مستقرًّا لأحدٍ، وفي أيام الحجِّ تتشكل عليها دولة كاملة، شعبٌ قوامه ملايين البشر، وذلك بين ليلة وضحاها، وهنا يستحيل أن يتكوَّن هذا المجتمع بهذه الصورة خاليًا من المنازعات، والمشاحنات، وارتكاب الجرائم، اللهم إلا إذا عاش بالإسلام؛ كما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن الذي لا يَأمن جارُه بوائقَه))[27]، فكن للناس كالشجر: يلقونه بالحجر، فيلقي إليهم بالثمر.

 

وهذا ما يذكِّرنا كذلك بإنشاء مجتمع الصحابة، الذي تميَّز بالحبِّ والإخاء والإيثار؛ ففي الحديث: آخى الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - بين المهاجرين والأنصار، فآخى بين عبدالرحمن بن عوف وسعد بن ربيع، فقال سعد لعبدالرحمن: "إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك، فسمِّها لي أطلقها، فإذا انقضتْ عدتها فتزوجتها، فقال عبدالرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دُلوني على السوق"[28]، وخرج إلى السوق، فاشترى وباع وربح، فكان عبدالرحمن بن عوف بعد ذلك من أغنى أغنياء الصحابة، وقد أمهر إحدى زوجاته نواة من ذهب[29]، وقام بتجهيز جيش المسلمين في معركة العُسرة بمائتي أُوقِية.

 

صدق الله - تعالى - إذ يقول: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون ﴾ [الذاريات: 22]، فقوة المسلمين تكْمنُ في أُخوَّتهم وحبهم لبعضهم بعضًا؛ مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))[30]، يقول المولى - سبحانه -: ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]؛ إذ لم يكن من الممكن أن تستقبل المدينة هؤلاء الألوف من المهاجرين الذين ليس معهم مال، ولا جاه، ولا سلطان، إلا بمشكلة بطالة وركود، وغير ذلك مما هو معهود من سائر المشكلات الاجتماعية، والاضطهادات السياسية، إلا بتأليف النبي - صلى الله عليه وسلَّم - بين هذين المجتمعين: الأنصار والمهاجرين، في إطار من التكافل الاجتماعي، والمسؤولية الاجتماعية، والحب والإخاء والإيثار، ويقابله من المهاجرين العِفَّة والصبر، والعمل والإيمان.

 

وقد رخَّص النبي - صلى الله عليه وسلَّم - للظُّعُن والضعفاء من النساء والرجالِ الرميَ في ليل أو نهار، ودون حاجة لانتظار وقت الزوال، كما رخص للعباس المبيت بمكة؛ لأجل سقاية الحجاج، ورخَّص المولى للحُجاج جميعًا التعجُّل في رمي الجمرات حتى يوم الثاني عشر، فيبيتون في منًى ليلتين فحسب، بَيْدَ أنه من الحجاج من يقبل على الله - تعالى - بكليَّته، فلا يترك شيئًا للرخص؛ إنه يعلم يقينًا أنه في أرض رِباط في سبيل الله - تعالى - لذا تجده يتأخِّر ليرمي اليوم الثالث عشر؛ يقول المولى - سبحانه -: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203]، نعم، الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومن البر أن يأتي الحاج مناسك الحج كلها؛ حتى ينالَ فضلها وأجرها؛ يقول - تعالى -: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه ﴾ [البقرة: 196].

 

وأخيرًا: طواف الوداع:

من العجيب أن الإسلام يحبِّذ للمسلمين الإكثار من الصلاة في البيت الحرام؛ كما ورد في قول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((صلاةٌ في المسجد الحرام أفضلُ من مائة ألف صلاة فيما سواه))[31]، وبالرغم من هذا الثواب العظيم، يدْعو الحجاج والمعتمرين إلى الرجوع إلى أهليهم فور أداء مناسك الحج والعمرة، متى استطاع الحاج أو المعتمر ذلك؛ كما ورد في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلَّم -: ((السفر قطعة من العذاب؛ يمنعُ أحدَكم طعامَه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته، فليعجل إلى أهله))[32]، وعنه - صلى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((إذا قضى أحدكم حَجَّه، فليعجل الرحلة إلى أهله؛ فإنه أعظم لأجره))[33]، إذًا فما الحكمة من ذلك؟

 

لا شكَّ أن الإسلام يريد مِنَّا أن نتزود من مناسك الحج هذه قَدرًا من التقوى يعيننا على ابتلاءات الدنيا، وليس معنى ذلك أن يظلَّ المسلمون منقطعين عن الدنيا، هاربين منها؛ بل لا بدَّ من المجاهدة والرجوع إليها مرة أخرى، لكن هذه المرة يكون الرجوع بهذا الزاد - ألا وهو التقوى - خيرَ مُعين على عبادة الله فيها؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((المسلم إذا كان مُخالطًا الناسَ ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم))[34].

 

فإذا ما شرع المسلم في مُغادرة الكعبة، فإنه يجب عليه الطواف بالبيت؛ ليكون ذلك آخر عهده به؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا يَنْفِرنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت))[35]، ولعلَّ ذلك يسد مفاسدَ كثيرةً، وبدعًا قد تُصنع، مثل التمسُّح بالبيت، أو إلقاء بعض المناديل؛ أملاً في العودة إليه مرة أخرى، إنما الطواف فحسب هو الذي شرع للوداع، لا غير ذلك؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((وشر الأمور محدثاتها، وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))[36].



[1] رواه البخاري (2/ 553)، رقم (1449).

[2] رواه البخاري (2/ 629)، رقم (1683).

[3] رواه البخاري (2/ 553)، رقم (1448).

[4] رواه البخاري (2/ 690)، رقم (1852).

[5] رواه البخاري (1/ 14)، رقم (16).

[6] رواه البخاري (5/ 2276)، رقم (6109).

[7] رواه البخاري (2/ 579)، رقم (1520)

[8] رواه البخاري (3/ 1227)، رقم (3184).

[9] رواه مسلم (1/ 93)، رقم (91).

[10] رواه أبو داود (2/475)، رقم (4163)، وقال الألباني: حسن صحيح.

[11] رواه النسائي (5/256)، رقم (3016)، وصححه الألبانيُّ.

[12] إذ تُقدَّر تلك المسافة من مِنى حتى عرفة بما يَقرب من 9 كم، وغالبًا ما يكون السَّيْر على الأقدام أيسر من وسائل المواصلات الحديثة، عدا العجائز.

[13] رواه البخاري ج ص رقم.

[14] رواه مسلم (2/ 982)، رقم (1348).

[15] رواه ابن ماجه في سننه (2/ 1002)، رقم (3012).

[16] رواه البخاري (2/ 697)، رقم (1874).

[17] رواه البخاري (3/ 1522)، رقم (1917).

[18] رواه ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرطهما، انظر: "صحيح الترغيب والترهيب"، للشيخ الألباني (2/17).

[19] والحديث قد رواه البخاري (1/ 14)، رقم (16)، بلفظه غير الوارد في السياق المذكور، لكن المعنى واحد؛ إذ سبق ذكره.

[20]سبق تخريجه.

[21] رواه البخاري (2/ 518)، رقم (1361).

[22] رواه البخاري (2/616)، رقم (1640).

[23] رواه مسلم (4/ 1999)، رقم (2586).

[24]الحديث في "سنن البيهقي الكبرى" (5/ 80)، رقم (9043)، ورواه أحمد في "مسنده" (1/ 28)، رقم (190)، و قال شعيب الأرنؤوط: حَسَن، رجاله ثِقات رجال الشيخين، غير الشيخ بمكة، قال الدارقطني في " كتاب العلل ": قال ابن عُيينة: ذكروا أن هذا الشيخ هو عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، انظر: "نصب الراية للزيلعي" (3/ 32)، و هو من أولاد الصحابة، كما ذكر ذلك ابن حجر، وقد روى له البخاري في "الأدب المفرد"، والنسائي، انظر: "رواة التهذيبين"، وقد عدَّه ابن حبان من الثقات (5/ 81)، ولم يخالفه أحد في ذلك.

[25] رواه البخاري (2/ 585)، رقم (1539).

[26] رواه أبو داود، وضعف الألباني الرواية بلفظه، لكنه حسَّنها بشواهدها من حديث عائشة، وصححه من حديث أسماء بنت أبي بكر (1/107)، "جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة"، الطبعة الأولى 1413هـ، وانظر: "حجاب المرأة"، لشيخ الإسلام ابن تيمية، (1/ 33)، حيث ذكر أنه صحيح.

[27] رواه البخاري (5/ 2240)، رقم (5670).

[28] رواه البخاري (3/ 1378)، رقم (3569).

[29] رواه البخاري (3/ 1432)، رقم (3722).

[30] رواه البخاري (1/ 14)، رقم (13).

[31] رواه ابن ماجه (1/ 451)، رقم (1406)، وصححه الألباني.

[32] رواه البخاري في باب العمرة (2/ 639)، رقم (1710).

[33] رواه الدارقطني (2/ 300)، رقم (289)، وحسنه الألباني، انظر: "السلسلة الصحيحة" (3/ 367)، رقم (1379).

[34] رواه الترمذي في "سننه" (4/ 662)، رقم (2507)، وصححه الألباني، انظر: "السلسلة الصحيحة" (2/ 614)، رقم (939).

[35] رواه أبو داود في "سننه" (1/ 612)، رقم (2002)، واللفظ له، وصححه الألباني، ورواه البخاري في "صحيحه" (2/ 624)، رقم (1668).

[36]رواه النسائي (3/ 188)، رقم 1578، وصححه الألباني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صفة الحج
  • الحج… تنبيهات وتعريفات
  • المنهاج في بيان سنن الحاج
  • وقفات مع آيات الحج (1)
  • وقفات مع آيات الحج (2)
  • وقفات مع آيات الحج (3)
  • آداب الحج وما يتحلى به الحاج من حين خروجه من منزله حتى عودته إليه
  • الحج دروس وعبر
  • الحج
  • خواطر الحج (من وحي حج 1435هـ)
  • آيات بينات للعبر والعظات
  • خواطر مسجدية (1 - 5)

مختارات من الشبكة

  • من خواطر معلم لغة عربية (8)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من خواطر معلم لغة عربية (7)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جوزيات: خواطر من صيد الخاطر لتركي عبد الله الميمان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من خواطر معلم لغة عربية (5)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من خواطر معلم لغة عربية (6)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نزهة الخاطر بعبادة جبر الخواطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر وتأملات في الطب النبوي: المفهوم الشامل والهدي المتكامل(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • خواطر حول الرؤى وتفسيرها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خواطر "عامة" في ترجمة "النصوص الأدبية"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خواطر في إصلاح النفس والمجتمع(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب