محو الأمية

محو الأمية

تعاني الأمة العربية من ارتفاع نسبة الأمية فيها، وأعنى بالأمية: جهل القراءة والكتابة[1]، وعلى سبيل التمثيل تبلغ نسبة الأمية في مصر 46.1 % حسب آخر تعداد عام للسكان سنة 1986م، وترتفع بين النساء إلى 61.8 %، كما ترتفع في الريف عنها في الحضر[2].

ويقدم تلفاز مصر منذ سنوات ركنًا لمحو الأمية يتسم بالحيوية والتشويق وسُرعة الحركة، ولا شك أنه يمكن أن يعمم مثل هذا البرنامج في البلاد العربية كلها، وحتى يُحقِّق هذا البرنامج هدفه لا بد أن يراعى فيه ما يأتي:

1- الطابع المحلي؛ فالنموذج المصري - بمادته العلمية - بكل أبعاده وطوابعه لا يَصلح للتعميم في البلاد العربية كلها؛ لأنه يتحدث إلى الطبقة الدنيا من العمال والفلاحين، وهم أعلى الطبقات المصرية في الأمية، والبرنامج المذكور يدور على مِحوَر عاداتهم وتقاليدهم وأعمالهم، مما يَقتضي المغايرة في البلاد العربية الأخرى كالمملكة العربية السعودية، التي تعلو نسبة الأمية فيها بين البدو.

ومِن ثَمَّ وجب أن يوضع لهؤلاء من برامج محو الأمية ما ينسجم مع واقعهم وأعمالهم وعاداتهم وتقاليدهم؛ لأن كل أولئك سيُمثِّل نسيج هذه البرامج حتى يعايشهم ويعايشوه.

2- توظيف الموروث الديني، والقيم والسلوكات الإسلامية في تعليم اللغة، وربط اللغة بهذه المعطيات الدينية، واعتزاز الناس بالدين سيجعل اللغة قريبة من نفوسهم.

وإذا نظرنا إلى هذا الموروث الديني وجدنا أن الصلاة هي أصلح المواد لتعليم "الأعداد"، بعرض العبارات الآتية:

أ‌- في اليوم خمس صلوات.

ب‌- الصبح ركعتان.

ت‌- الظهر أربع ركعات.

ث‌- المغرب ثلاث ركعات.

ج‌- العصر والمغرب معًا سبع ركعات... إلخ.

3- الخروج عن النمطية التقليدية التي تعتمد على التقرير والإلقاء، واستخدام الوسائل المتطورة في العرض والشرح، واستخدام أسلوب الحوار والتمثيل والتصوير المعبِّر عن المواقف ومعاني الكلمات[3].

4- تجنُّب استخدام المصطلحات النحوية إلا في حالة الضرورة القصوى، وفي مرحلة متأخِّرة نسبيًّا؛ ففي مثل العبارات الآتية:

المسلم صادق.

التاجران أمينان.

المُجتهدة ناجِحة.

تستخدم العبارات بعيدًا عن المصطلح، فيقال: الاسم الأول والاسم الثاني، ولا داعي لاستخدام اصطلاحَيْ (المبتدأ والخبر) في المرحلة الأولى.

5- وثمة جانب مهم جدًّا هو جانب المتابعة، فحتى لا يفهم برنامج محو الأمية على أنه مِن قبيل الترفيه العقلي أو اللاعقلي، وحتى يؤخذ البرنامج مأخذ الجدِّ، وحتى يرتبط المشاهدون به ارتباطًا حقيقيًّا، وحتى يحقق البرنامج الأهداف المنوطة به: يجب أن يكون هناك متابعة جادة من المسؤولين، ومن أهم مَظاهرِها اتخاذ الخطوات الآتية:

أ‌- إعلان المشاهدين المتابِعين إرسال بياناتهم كاملة للمسؤولين عن البرنامج[4].

ب‌- عقد امتحان سنوي للمتابعين المسجلين بعد انتهاء كل دورة، وتكون مراكز الامتحان المدن الكبرى في المملكة (جدة - مكة - المدينة - أبها - الدمام.. إلخ).

ت‌- رصد جوائز قيمة للخمسة الأوائل في كل مركز من مراكز الامتحانات، وجوائز أقيم للخمسة الأوائل على المستوى المملكة كلها، ويَحسن إفساح المجال للشركات والمتاجر لتقديم مثل هذه الجوائز.

ث‌- يُمنح الناجحون شهادات نجاح يُنظر إليها بعين الاعتبار في حياتهم العملية والوظيفية.