تحديد شخصية وميول المتقاعد باستعمال مقاييس نفسية علمية (PDF)

تحديد شخصية وميول المتقاعد

باستعمال مقاييس نفسية علمية

لا يشكُّ عاقل في ثَراءِ ونضْجِ خبرة المُتقاعِدين في الحياة عمومًا، فكثير منهم قد عركتهم التجارب والصعاب، وعرفوا شخصياتهم وميولهم، لكننا نعرف - بالاستقراء والخبرة - أن بعضهم لم يحظَ بفرصة لإتمام أحد المقاييس النفسية والفحوص العلمية المجرَّبة لتحديد نوع الشخصية ومعرفة الميول الفطرية الخاصة، وتدفعنا الرغبة في استكمال البحث للحديث ببعض التفصيل عن مقياسين عِلميين فاحصَين، وهذا مبحث مهم جدًّا، ومُعين للمُتقاعِد وغيره من الذين يُريدون معرفة المزيد عن شخصياتهم وميولهم، وكذا فهو مفيد لمن أراد أن يتأكد مما يعرفه سابقًا.

يتناغم هذا الجزء من البحث مع الحديث عن بحث المتقاعد (وغيره) عن معنى جديد أو متجدِّد لحياته بعد تقاعُدِه عن العمل، وكما أسلفنا الذِّكر: فلا تحلو الحياة إلا بمَعنى، وما جمال الحياة إلا في علوِّ معناها، وأجمل المعاني ما وافق هوى المرءِ وفطرته السليمة التي خلَقه الله عليها، معنى ينطلق من أعماق ذاته بلا تقليد أو تكلُّف أو تصنُّع، ولعلنا نحيل القارئ العزيز لتفصيل هذا المبحث الجزئي المهم في بحث سابق للكاتب بعنوان: كيف يبحث المتقاعد عن معنى جديد لحياته؟

كما نُواصل الحديث ونركزه حول صنفين من المقاييس العلمية في مجال فحص الشخصية وتحديد الميول الفطرية، وسوف نعرض محاور وأسئلة كل منهما، ولسوف نحرص على إحالة القارئ إلى الروابط المتعلقة على شبكة المعلومات العالمية (إنترنت) باللغة الإنجليزية، والتي تمكِّنه من الدخول والمشاركة في هذَين المقياسيين الفاحصين، والإجابة عليهما - بدقَّة وأمانة - فيما يخص شخصيته وتجربته، ولسوف تعرض النتائج مباشرة بعد إنهاء الفحص مع تفسير مبسَّط لها ومراجع، ولعلَّ الذين لا يُجيدون اللغة الإنجليزية يستعينون بمن يجيدها إجادة كافية لفهم الأسئلة وتحديد إجاباتهم وفهم النتائج.

مقياس السمات الشخصية الخمس الكبرى (The Big Five Personlaity Traits):

يُعنى الكثير من الباحثين النفسيين بهذا المقياس العلمي، ولعلهم يقدمونه على غيره في مجال البحث والتصنيف الأكاديمي، فهو ثمرة لدراسات عالمية مستفيضة، تتمحوَر حول البحث عن: أفضل وأدق وأجمع وسيلة منهجية لتصنيف الشخصيات، ولقد أسس على تحليل وفرْز قدر كبير من العوامل والسمات الشخصية المختلفة (Factor Analysis).

لقد أظهرت هذه الدراسات وجود خمس سمات شخصية تتميَّز بوضوح عن المئات من غيرها، ولها وثيق الصلة بالتباين في أصناف الشخصيات، فاستخدمها واضِعو هذا المقياس (نختار منهم بحث العالم جولدبرق في عام 1992) كمحددات دقيقة بغرض معرفة وتحديد أنماط الشخصيات، وأثبتَت التجارب مصداقية هذا المقياس.

يُضيء هذا المقياس خمسة عوامل أو جوانب شخصية مهمَّة، ويحدد معالمها وتباينها، وسوف نذكرها بصيغتها الإنجليزية، ثم نترجمها في صيغة أسئلة للمزيد من الإيضاح، علمًا بأنها مصطلحات متجذرة في علم النفس الغربي، ولا يحيط بكل أبعادها الاصطِلاحية إلا المختصون، ولعل بعضهم يتواصل معنا بخصوص زيادة الدقة والوضوح في الترجمة إذا وجد ما يستدعي ذلك:

1- Extraversion: أيستمدُّ المرء طاقته من خارجه: الاختلاط بالآخرين، أم من التأمل بداخله؟

2- Neuroticism: ما مقدار القلق والخوف في الشخصية؟

3- Agreeableness: ما قوة رغبة المرء في تقديم إسعاد الآخرين على نفسه وموافقتهم؟

4- Conscientiousness: ما هو مستوى يقظة الضمير وتَحكُّمه؟

5- Openness to Experience: هل يَنفتح المرء على التجارب الجديدة، ويقبل عليها؟

لن نغرق القارئ في التفاصيل العلمية المملة لهذا المقياس، وسنركز على الجانب التطبيقي الذي يهمنا، ونشرحه من خلال عرض مثال لنتيجة افتراضية لهذا الفحص، فضلاً انظر الجدول في الشكل الإيضاحي رقم 1، وسوف نعرض بعدها الرابط الذي يتعلق بالراغبين في المشاركة في المقياس والإجابة عليه لمعرفة نمط شخصياتهم، كما سنعرض في آخر البحث سردًا لأسئلة المقياس باللغة الإنجليزية، ولعل الوقت يسمح مستقبلاً بترجمتها للعربية وإضافتها للبحث - إن شاء الله عزَّ وجلَّ.

تحذير مهمٌّ: يَحسن التذكير قبل شرح الجدول أن هذا المقياس لا يهدف لتشخيص العلل النفسية، فهذه مهمة الطبيب المختص، ولكن هذا المقياس يعطي إرشادات عامة عن أنماط الشخصية، ولا يغني المقياس أبدًا عن مشورة المختصين في مجال الطب النفسي والعلاج السلوكي، الذين لديهم وسائل أكثر دقة للتشخيص والعلاج للحالات المثبتة.

نرى من خلال هذا الجدول أن شخصية مجيب هذا المقياس تتميَّز بعلو مستوى السمة الخامسة والسمة الثانية، وهذا يشير لشخصية مبدعة محبة للتجريب، ولكنها تتسم بعلو مستوى القلق والتوجس، ولعل هذه السمة - إذا عرفها صاحبها أو من يستخدمها - تفيد في مجال الابتكار والإبداع.

كما نرى في الجدول نفسه انخفاضًا في مستوى السمة الأولى والرابعة، ويفسر هذا بأن هذه الشخصية تتبع الصنف التأملي، الذي يستمدُّ طاقته ورضاه من داخل ذاته، ولعل هذا يفسر قِلة مخالطة هذا الصنف للآخرين، فهم لا يكرهونهم، ولكنهم يحبون الخلوة بأنفسهم خِلقة، وكما يقدم هذا النمط من الشخصيات قيمة الفكرة على المشاعر، وليس في هذا - لمن عرف هذا النمط معرفة علمية منهجية - سوء أدب أو قلة تقدير للآخرين، ولكنه توجه هذه الشخصية، ولعلها تجيد في مجال تقييم الأفكار بعيدًا عن المشاعر والمجاملات، وبالطبع فعلى صاحب هذه الشخصية - بعد معرفته لنمطه الخاص - ملاحظة هذا الجانب، وتعلم سبل ومهارات مراعاة المشاعر بلا تضحية لقيمة الفكرة، ولعله بهذا يكسب الآخرين لفكرته عن طريق إبداء احترامه لمشاعرهم، وتعلم فن أدب الخلاف.

كما يوضِّح التوزيع الإحصائي - في الشكل الإيضاحي رقم 2 - مستوى وتباين هذه العوامل الشخصية (المستوى الرقمي، المرصود في العمود الثاني ترتيبًا من جهة اليسار في الجدول السابق)، وتوزيعها الإحصائي المستمد من قاعدة البيانات التي تشمل إجابات أعداد كبيرة من (العينات) الذين أنهوا هذا الفحص، ويبين موقع كل فرد حسب نتائجه مقارنة بالعينات الأخرى.

إن لهذا المقياس التصنيفي للشخصيات إضاءات وتطبيقات عدة، تفيد مجيب المقياس، وتعينه في فهم نفسه، وفهم غيره، وتمكِّنه من تحسين التواصل مع المختلفين عنه من خلال فهم شخصياتهم وشخصيته ومعرفة الفروق، وتبرير سلوك الآخرين وفهمها وفق أنماطهم لا وفق نمطه الخاص، ويتلو ذلك محاولات لفهم الآخر وتعلم التواصل والتكيف معه.

الشكل الإيضاحي رقم - 1: جدول فيه مثال لنتيجة مقياس السمات الشخصية الخمس الكبرى، وفق صيغة جولدبرق، 1992

ترجمها للإنجليزية وعلق عليها: هشام محمد سعيد قربان، 2014©

الشكل الإيضاحي رقم - 2: التوزيع الإحصائي للإجابات على مقياس السمات الشخصية الخمس الكبرى، وفق صيغة العالم جولدبرق، 1992 (فضلاً انظر الشكل الإيضاحي السابق: رقم 1 لمعرفة ترجمة السمات الخمس التي تمثلها المنحنيات البيانية).

نعرض للراغبين رابط هذا المقياس على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، ومن خلاله يجيبون أسئلته بما يتوافق مع شخصياتهم بصراحة، وسوف تعرض عليهم النتائج مباشرة بعد الفراغ من إجاباته، وفي الشرح المعروض أعلاه عونٌ لهم في ترجمة السمات الشخصية وفهم أوَّلي للنتائج، الرابط هو: http: / / personality - testing.info / ، كما سيسأل برنامج المقياس المجيب - بعد فراغه منه وقبل عرض الإجابة - إن كان يرغب بالمشاركة بنتائج هذا المقياس بطريقة سرية لا تطلب اسم المجيب وهويته، ويكتفي بالسؤال عن عمره ونوعه، ولعله يستأذن المجيب في الإجابة على المزيد من الأسئلة، يحوي كلٌّ منها زوجًا من الصور المختلفة، ويسأله عن الصور التي يفضِّلها ومقدار تفضيلها.

كما هو معلوم لمُستخدمي الإنترنت فكثير من الروابط أو المواقع قد تَختفي أو تقفل بعد زمن من عرضها لأسباب تقنية عدة؛ لذا ارتأينا إضافة أسئلة هذا المقياس لهذا البحث باللغة الإنجليزية؛ لتعين الباحث في حال اختفاء الروابط، وبهذا يطول أمد فائدة هذا البحث.

2 - مقياس أنماط هولاند: IIP RIASEC Markers The Holland Codes:

أسس هذا المقياس العالم جون ل. هولاند في عام 1950، ويحدد ستة أنماط للشخصية، ويحدد ما يُلائمها من توجهاتها من الوظائف والمهن، وهو من أشهر المقاييس في مجال الإرشاد والتوجيه الوظيفي (Career Counselling)، ولقد بُنيت عليه منذ تأليفه مقاييس أخرى، وسوف نتحدث هنا عن صيغة المقياس التي طوّرها من الصيغة الأصلية العالم جايمس روندس وآخرون في عام 2008، والتي يشار إليها بلفظ مختصر يتكوَّن من الحروف الأولى للسمات الشخصية الست التي اقترحها هولاند: RIASEC Markers، وهذه الأنماط الستة كما يلي:

نسأل الله الإخلاص والقبول، آمين.

اضغط لتحميل كامل أسئلة مقياسي الشخصية المشروحين في البحث باللغة الانجليزية