• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / فتيات
علامة باركود

آهات امرأة مسلمة

آهات امرأة مسلمة
ناصر حسن حمو

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/5/2013 ميلادي - 27/6/1434 هجري

الزيارات: 7764

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آهات امرأة مسلمة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

وبعد:

فهذه رسالةٌ قصيرة، أقدِّمها لأخواتي وبناتي المسلمات، المُقبِلات على الدنيا وزُخرُفِها، سطَّرتُها على هيئة قصَّة نسجتُها من إحساسي بالمسلمات اللواتي بلغْنَ من العمر ما بلغنَ حتى وصلن سنَّ العنوسة، ثم أصبحن يتمنَّين الزواج، وأن يكنَّ أمهات، ولكن انقضى الشبابُ وهنَّ يركضن وراء السراب، ولن يحقِّق شيئًا مَن يركض وراء السراب.

 

وقد اخترتُ إحداهن لتروي لنا قصَّتَها؛ لتخبرنا عن نفسها - وحالُها كحال أخواتها المسلمات - ما الذي أوصلهن إلى هذا الحال، وكيف تحسَّرت على ما فاتها من عمرها؟

 

فقالت:

أنا امرأة مسلمة، وُلِدت قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وقد فرح أبوايَ بمولدي فرحًا شديدًا، وسمَّياني فاطمة؛ تيمُّنًا بالسيدة فاطمة بنت الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم.

 

أقام لي والداي حفلاً جميلاً بمناسبة مولدي، ودُعِي إليه الأحبة والأصدقاء والأقرباء، وضُرِبت فيه المعازف، وعلا فيه صوت الغناء؛ كل ذلك لأن الله - تعالى - وهبهما إيَّايَ.

 

وقد اشترى لي والدي كلَّ ما أحتاجه من ملابس، وسرير هزاز جميل، وألعاب، أرضعتني أمي من صدرِها الحبَّ والحنان مع الحليب، وغمرني والداي بحنانهما وحبهما، وهما يترقبانِني وأنا أَكبَر ساعةً بعد ساعة، ويومًا إثر يوم.

 

وجَرَت الأيام، ومرَّت السنوات، وبَلَغتُ الرابعة من عمري، ولا زال والداي يغمرانِني بحبِّهما وحنانهما، وفي كلِّ مرحلة من عمري يشتري لي والدي ما يناسبني من الألعاب، وفي هذه السنِّ كان من بينها لعبة جميلة، أحسستُ وكأنها ابنتي، فصرتُ لا أدعُها، فأُلاعِبها كما تُلاعِب الأم ابنتها، وأغسلها كما تغسل الأم ابنتها، وأُلبِسها ملابسها كما تفعل الأم بابنتها، وأحاول أن أرضعَها كما تفعل الأمهات، وأضعها في السرير لأجعلها تنام، تمامًا كما تفعلُ الأمهات ببناتهن، ولم أدرِ في ذلك الوقت لِمَ كنتُ أفعل تلك الأفعال بلعبتي، ولكنَّ شيئًا داخل نفسي كان يجعلني أفعلُها.

 

ثم بلغتُ السنة السادسة من عمري، ففرح والداي بي فرحًا شديدًا؛ لأني أصبحت مؤهَّلة لشق طريقي الدراسي، فسجَّلني أبي في المدرسة، وبدأت رحلتي الدراسية، وبدأت الأحلام تتَّجِه للنظر في مستقبلي في أن أصبح طالبةً جامعيةً ليعلِّماني تعليمًا مميَّزًا.

 

بعد أربع سنوات - لما أصبحتُ في العاشرة من عمري - أصبحتُ أحسُّ أن أشياء تغيَّرت في جسمي وفي نفسي، وبدأت أشعر بجمالي، لا كما كنت طفلة صغيرة، فإني لم أكن آنذاك أنتبهُ لمثل هذه الأمور، أما الآن، فإني أصبحتُ كل فترة وأخرى أذهب إلى المرآة وأنظر إلى وجهي وشعري وجسمي.

 

والسعادة تغمر هذه العائلة، وفي كل ليلة تجتمع عاكفة على التلفاز، غناء، ومسلسلات، وأفلام، وكانت أحيانًا تظهر بعض المشاهد المخلَّة بالأدب والغَيرة، وكلنا يشاهدها على حدٍّ سواء.

 

وعندما أصبحتُ في الثانية عشرة من عمري ذهبت إلى أمي وأنا خائفة جدًّا، لأن شيئًا رهيبًا حصل معي؛ فأنا أنزف دمًا، وليس بي أي جرح، فأخبرتني أن هذا أمر عادي كتَبَه الله -تعالى- على بنات آدم، وهو الحَيْض، فقلت في نفسي: إذًا أنا أصبحتُ كالنساء؟!

 

ومع كل ما حصل معي من ظهور مفاتني، ومن بداية الحيض معي، ومع كل الحب والحنان اللذين لا زلت أشعرهما من والديَّ، فإني لا أذكر أنهما اهتمَّا يومًا بنوعية لباسي، أو توجيهي للحجاب الشرعي، وكل ما كنتُ أسمعه منهما: البنت لا زالت صغيرة، وعندما تَكبَر ستتعلم وستلبس الحجاب، مع أني أحببت أن ألبسه.

 

وصرت في الخامسة عشرة من عمري، وصرت أكثر جمالاً مما سبق، فأراد رجلٌ من أقاربنا خطبتي لابنه، ولكن أبي رفض بشدة؛ لأني لا زلت صغيرة في نظره، وأيضًا يريدني أن أكمل تعليمي، فالزواج مضمون في أي وقت - على رأيه - أما التعليم فلا يريد أبي أن يَفُوتَني وقتُه!

 

وأطعت أبي في هذا الأمر، وفرحتُ لأنه يريد مصلحتي في إتمامي للتعليم الجامعي، فهذه أحلام أمي وأبي منذ أن بدأت شق طريقي الدراسي، وهذا فيه تقوية لشخصيتي، والبحث عن كياني واستقلالي.

 

وهأنذا أصل إلى الثامنة عشرة من عمري، وقد بدأتُ مرحلة خطيرة في حياتي، فأنا الآن على باب دراسة الثانوية العامة، وهي التي ستحدِّد مصيري ومستقبلي ودراستي الجامعية؛ لذلك عليَّ أن أجتهد كل الاجتهاد كي أتحصَّل على أعلى معدَّل ممكن؛ ليؤهلني لأفضل دراسة جامعية ممكنة، ولكي أحقق أحلام والديَّ، وانتهت السنة، ونجحت بمعدل جيد جدًّا، وسرعان ما التحقت بالجامعة.

 

وفي ذلك الوقت بدأت الهواتف النقَّالة بالانتشار، فطلبت من والدي أن يشتريَ لي واحدًا، فاستجاب لأمري، واشترى لي هاتفًا جميلاً، مع أن ثمنه كان آنذاك مرتفعًا، ولكنه قال لي: أنتِ أغلى من كل غالٍ!

 

وتتغيَّر أنواع الهواتف النقالة، وتنتشر الهواتف التي تحوي الكاميرات وما يسمى بالبلوتوث، وطلبت من أبي أن يشتري لي واحدًا من تلك الهواتف، فوافق أيضًا، ففرحتُ فرحًا شديدًا بذلك، وقبَّلتُ أبي على خدَّيْه شاكرةً له.

 

وبدأ أول فصل دراسي في الجامعة، فأقبلت على عالم جديد، وأناس ليسوا كالذين كنت أعرفهم وأختلط بهم، سواء في البيت أو من أقاربنا، أو حتى في المدرسة، وصرت أرى مشاهد غير التي كنت أرى، ما كنت أراها إلا في بعض الأفلام؛ شابٌّ يُمسِك بيد فتاة، وآخر يجلس بجانب أخرى وكأنها زوجته، وتلك تكلِّم الشباب بلا أدنى قدرٍ من الحياء، وأنا أعلم أنهم مجرَّد زملاء في الدراسة، فبدأت أحس أني أفقد كثيرًا من حيائي.

 

ناهيك عن الملابس الفاضحة التي تلبسها الكثير من طالبات الجامعة، وكأن شبه العري من مستلزمات الدراسة في الجامعة، ومع أني لم ألبس الحجاب الشرعي، ولكن عفتي وحيائي يقولان لي: هذا حرام، هذا لا يجوز!

 

فماذا أفعل؟ هل أترك الجامعة؟ هل أترك أحلامي وأحلام أبي وأمي؟

 

لا وألف لا؛ فأنا قوية، وسأقاومُ هذا التيار بكل قوتي، ولن أخذلَ أبي وأمي ونفسي، وأبي قد أعطاني الثقة الكاملة.

 

ومرَّت الأيام، وانقضى شهر وأنا على ذلك الحال، ولكن لا بد لي من أن أتعرف على الأقل على بعض الزميلات، فنحن ندرس في قاعة واحدة، ونجيء إلى الجامعة في حافلة واحدة، فتعرَّفت على بعض الزميلات، واختلطتُ بهن، وشيئًا فشيئًا أصبحن من أعز صديقاتي.

 

ولا ننسى أني أحمل هاتفًا نقالاً يحوي كاميرا وبلوتوث، فأصبحنا نتبادل بعض المقاطع الغنائية من هاتفي إلى هواتفهن وبالعكس، حتى حصل شيء لم أكن أتوقَّعه، فقد كنت يومًا قد نسيت البلوتوث على وضع تشغيل، فوصلتني عن طريقه رسالة، فلما فتحتها فإذا هو مقطع فيديو مخلٌّ بالأدب والخُلُق والدين، فلما رأيته أحسستُ النار قد أُوقِدت في جسمي، وبدأت أرتعش ويتصبَّب العرق مني، فقمت بمسحه على الفور.

 

وتتوالى الأيام والشهور ويزداد عدد صديقاتي في الجامعة، ومعظمهن لهن أصدقاء شباب، فحاولتْ إحداهن أن تُنشِئ علاقةً بيني وبين أحد الشبان، ولكني رفضت، ثم حاولت مرة أخرى وثالثة ورابعة، وأنا أرفض في كل مرة، حتى جاء اليوم الذي انصعت فيه لهذا الأمر، وأصبح لي صديق في الجامعة كباقي صديقاتي.

 

وبدأت أنزلق شيئًا فشيئًا، حتى أصبحت أنا وصديقي لا يفارق أحدُنا الآخر في الجامعة، وأخذ رقم هاتفي، وأخذتُ رقم هاتفه، ثم أصبح يكلِّمني بعد الانتهاء من الجامعة، ثم أصبحت أكلِّمه سرًّا وأنا في البيت، حتى نشأت بيني وبينه علاقة حبٍّ، فكما يقال: مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.

 

ثم بعد ذلك أصبحت أنا وهو نروح ونجيء مع بعضنا البعض، ثم أصبحنا أحيانًا نتأخَّر قليلاً عن موعد المحاضرات؛ كي نلتقي؛ ليثبت كل منا حبَّه للآخر.

 

وبدأت نوعية ملابسي أيضًا تتغير، فمعظم صديقاتي يلبسن البنطال على أحدث الموديلات، فلمَ لا ألبس مثلهن؟

 

وأهلي لا يهتمون لأمر تغيير نوعية ملابسي؛ فأنا طالبة جامعية!

 

وكل هذا يحصل معي وهناك شيء داخلي يصرخ ويقول: يا أبتِ، أدركْني! يا أماه، أدركيني! يا نفسي، أدركيني! ولكن...!

 

وفي يوم من الأيام طلبت من صديقي أن ننهي هذه العلاقة المشبوهة بما أحل الله -تعالى- بأن يأتي لأبي ويطلبني للزواج، ولكنه قال: نحن ما زلنا في الدراسة، وأنا أمامي طريق طويل قبل الزواج، ونحن لا نفعل شيئًا خطأ، فعَلاقتنا علاقة حب خالص، ومثل ذلك الكلام الذي أثبت لي أنه يتسلى بي إلى أن تنقضي الدراسة، ثم يرميني كما فعل الكثيرون بمَن صاحبوهن، ويا مصيبةَ مَن سلَّمت نفسها لذئبٍ بشري تعتقد أنه يحبها، ثم خسرت أعز ما تملك.

 

وفي يوم من الأيام طلب منا الأستاذ المحاضر بحثًا من الأبحاث، فبحثت في بعض الكتب التي لدي، فلم أجد كل بغيتي فيها، فكان لا بد لي أن أبحث في كتب أخرى، وهي ليست متوفرة لدي، فتواعدت أنا وبعض صديقاتي أن نذهب إلى مقهى من مقاهي الإنترنت، كي نبحث عن بغيتنا؛ فالبحث في الإنترنت أسهل وأكثر وفرة! فاستأذنت أبي فأذن لي؛ لأني سأذهب مع صديقاتي، فذهبنا وبحثنا عن بغيتنا، وبعد أن انتهينا قامت إحدى صديقاتنا ممَّن انعدم الحياء عندها بوضع كلمة في محرك البحث، فإذا بمشاهد كالتي كانت قد أُرسلت لي في هاتفي النقال سابقًا، فشتمناها وخرجنا من المقهى.

 

وتمر الأيام وانقضت أربع سنوات من عمري في الجامعة، وحصلت على شهادة البكالوريوس، وتم التخرج، وأصبحت الآن في الثالثة والعشرين من عمري، فظننت أني على موعد مع أهم أحداث حياتي، وهو الزواج، فهأنذا قد حقَّقت حلمي بالدراسة الجامعية، ومنذ سنوات بعيدة وغريزةُ الأمومة تتحرك في نفسي.

 

وفعلاً، بعد شهور قليلة طرق بابَنا طالبُ زواج، فظننتُ أني سأكون سعيدة بتحقيق حلم منذ سنوات وأنا أحلم به، ولكني فوجئتُ أن أبي يرفض أكثر مما رفض وأنا في سن الخامسة عشرة من عمري، فالحجَّة كانت آنذاك أني كنت صغيرة، ولكن الآن الحجة حُجَج: لا زال الوقت مبكرًا على الزواج، وكل هذا التعليم يجب ألا يضيع هباءً منثورًا، فقد جاء الوقت الذي تستفيد فيه ابنتي من التعليم الذي تعلَّمتْه، فيجب أن نبحث لها عن عمل يناسب تعليمها، وقد تتسنَّى لها الفرصة للتقديم لشهادة الماجستير، ثم الدكتوراه!

 

فانتكستُ وتحطَّمت نفسي؛ لأنني أزداد تشوقًا لأن أكون أمًّا، ولكن!

 

وبحثتُ عن عمل حتى وجدت عملاً في إحدى الشركات، وباشرت العمل فيها، وكان لي فيها الكثير من الزملاء، وكما اعتدتُ على مخالطة الزملاء في الجامعة، فإنه لا بد لي أن أخالط زملائي الجدد في العمل.

 

وبالفعل أصبحَتِ الحواجزُ بيني وبين زملائي تتلاشى شيئًا فشيئًا، حتى أصبح الواحد منهم يمازحني ويلاطفني، ثم أصبحت أنا أمازحهم أيضًا، والأمر بالنسبة لنا عادي؛ فنحن زملاء عمل.

 

ثم إذا جاءت فترة الإفطار كنا كثيرًا ما نجتمع على مائدة واحدة، وكأننا عائلة واحدة، ولا أدري كم بقي من حيائي بعد كل هذا؟!

 

ثم طرأ في بالي أمرٌ أردت أن أحقِّقه، وهو أن أتعلَّم قيادة السيارة، فطلبت من والدي ذلك، فقال لي: لا بأس، إن ابنة فلان ليست خيرًا منكِ، وقد علَّمها أبوها قيادة السيارة، فلك ذلك يا ابنتي الغالية، وفعلاً بدأتُ بتعلم القيادة حتى حصلت على رخصة قيادة، ثم بعد ذلك لا بد أن أشتري سيارة، فأنا أعمل ولي راتبي الخاص، وذَهابي بسيارتي الخاصة خيرٌ لي من ذهابي بسيارات الأجرة أو الحافلات، وكنت قد جمعتُ مبلغًا من المال سأدفعه دفعة أولى من ثمنها، ثم أقسط الباقي من راتبي، وقد حصل.

 

وتمر السنوات، وأنا لا زلت أعمل في تلك الشركة، وأنا أرتقي من منصب إلى آخر، حتى أصبحت في منصب هام فيها.

 

ويتقدَّم العمر، وبدأت أحس بتغيرات كثيرة في نفسي، فوالله قد أصبحت أحس أني رجلٌ في جسد امرأة! فأنا لي عملي الخاص، ولي سيارتي الخاصة، ولي كياني المستقل، وشخصيتي القوية، وألبس البنطال، فكثيرًا ما كنت أسأل نفسي: أين أنوثتي؟ أين أنا؟ من أنا؟

 

وبدأت أراجع نفسي في بعض الأمور التي حصلت معي منذ بداية مولدي:

أولاً: والداي سمَّياني فاطمة؛ تيمنًا بفاطمة بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنهما بسبب مولدي أقاما حفلاً غنائيًّا، فهل هكذا يكون الشكر لله - تبارك وتعالى؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صوتانِ ملعونانِ في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة))، وهل فاطمة - رضي الله تعالى عنها - وهي ابنة خير الخلق -صلى الله عليه وسلم- ضُرِبت المعازف لمولدها؟

 

فآهٍ على بداية حياة تكون بمعصية الله -تعالى- وبأصوات ملعونة.

 

ثانيًا: لمَّا كنت في العاشرة من عمري، أحببت أن ألبس الحجاب الشرعي، ولكنَّ والديَّ لم يهتما بذلك، بل كانا يؤجِّلانه حتى أكبر، وقد كبِرتُ ولم ألبس الحجاب الشرعي، وقد علمتُ مؤخرًا أن السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: "إذا بلغتِ الجارية تسعًا، فهي امرأة"؛ يعني: تنطبق عليها أحكام المرأة، فالحجاب كان آنذاك في حقي واجبًا، فآهٍ على عمرٍ لم أرتدِ فيه الحجاب الذي يُرضِي ربي - عز وجل.

 

ثالثًا: لمَّا دخلتُ المدرسة وتقدَّمتْ بي مراحل الدراسة، لم يكن والداي يحذِّراني من صحبة السوء، أو ينصحاني بمرافقة الصالحات، والنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَثَل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكِير؛ فحامل المسك إما أن يُحذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكِير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثةً)).

 

فآهٍ على صحبة لم تُنتقَ لي، ولم أنتقِها لنفسي بما يرضي اللهَ - سبحانه وتعالى - وينفعني.

 

رابعًا: لمَّا بلغتُ الثانية عشرة من عمري، لم يهتمَّ والداي بنوعية سلوكياتي في هذه المرحلة، فأنا أصبحتُ في سنٍّ كان لا بد أن يبعداني عمَّا يُفسِدني من غناء، وأفلام، ومسلسلات، واللهُ - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، والنبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((سبعة يظلُّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وشابٌّ نشأ على طاعة الله تعالى...)).

 

فآهٍ على شبابٍ انقضى في سماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، وما يُغضب اللهَ - عز وجل - وآهٍ على شباب انقضى ولم أتعلَّم فيه كتاب الله تعالى!

 

خامسًا: لمَّا أصبحت في الخامسة عشرة من عمري ورفض أبي تزويجي في هذا العمر، هل كان ذلك حقًّا في مصلحتي؟

سألت أمي: كم كان عمرك لما تزوَّجتِ؟ فقالت: أربع عشرة سنة!

ثم سألتها: كم كان عمر جدتي لما تزوَّجت؟ فقالت: اثنتي عشرة سنة!

 

ثم سألتها: هل كان ذلك لكما خاصة، أم كان رائجًا بين البنات؟ فقالت: بل كان رائجًا بين البنات؛ بل منذ القِدَم والبناتُ يتزوَّجن في سنٍّ مبكرة، فها هي عائشة أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها - تزوَّجت وهي في سن التاسعة من عمرها، ومنذ ذلك العصر إلى عصرٍ قريب والبنات يتزوَّجن في سن مبكرة!

 

ثم سألتُها: هل سبَّب الزواج المبكِّرُ لك أو لأي من البنات اللواتي كنتِ تعرفينهن ضررًا صحيًّا، أو ضررًا نفسيًّا كما نسمع؟ فقالت: لا واللهِ يا ابنتي، بل كانت الواحدة منا تُنجِب الأطفال وهي في سن مبكِّرة، فتربي أولادها وهي في كامل صحتها، وكلها سعادةٌ بذلك الأمر!

 

ثم سألتها: هل كانت العنوسة منتشرةً في البنات كما هو الحال الآن؟ فقالت: لا والله، فكل البنات كنَّ يتزوَّجن قبل الثامنة عشرة من عمرهن!

 

ثم سألتها: لماذا أدخلتموني الجامعة، وأجَّلتم زواجي مرارًا حتى وصلت إلى سن العنوسة؟ فلم تجد جوابًا مقنعًا لهذا السؤال؛ لأن أي جواب سيتناقض مع أجوبتها السابقة!

 

ثم قلت لنفسي: لو أني تزوَّجت في سن الخامسة عشرة من عمري، وقدَّر الله - تبارك وتعالى - لي الولد حينها، أليس الآن عُمرُ ولدي يقارب الخامسة عشرة؟!

 

ألم يقل الله -تعالى-: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32]؟

 

ألم يقل النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتاكم مَن ترضون خُلُقه ودينه، فزوِّجوه، إلاَّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))؟ وهل هناك فساد أكبر من أن تبلُغَ المسلمة سن العنوسة ثم تتمنى بعد ذلك لو أنها تزوَّجت في سن مبكرة؟!

 

فآهٍ، ثم آهٍ، ثم آهٍ على عمر انقضى ولم أتزوَّج فيه، وليس لي فيه ولد يسندي ويُعِينني.

 

سادسًا: خلال دراستي في الجامعة ألم أرتكب الكثير من المحرَّمات التي كان أكبرها أن يكون لي صديق أنشأت معه علاقة غير شرعية، والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾ [المائدة: 5]؟ ألم يحرِّم الله - سبحانه وتعالى - حتى النظرة المشبوهة، وأمرنا بغض البصر، فقال - عز وجل -: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]، وقال - تعالى -: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 31]؟!

 

ثم لما استأذنت أبي للذَّهاب إلى مقهى الإنترنت، ألا يعلم أبي أن هذا تتبع لخطوات الشيطان، والله - سبحانه وتعالى - حذَّرنا من تتبع خطوات الشيطان؛ حيث قال: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾؟

 

ثم أقول لأبي: كنتَ قد أعطيتني الثقة الكاملة، فهل كنتَ واثقًا من الذئاب البشرية الذين ألقيتني بينهم؟ فآهٍ على عِلمٍ مليء بما حرَّم اللهُ - عز وجل.

 

سابعًا: لمَّا تعلَّمت قيادة السيارة، أليس ذلك تقوية لشخصيتي حتى تصبح كشخصية الرجل؟ وقد أصبحت بعدها لا أحس بأنوثتي، وأتساءل أين هي؟

والجواب: فقدتُها؛ بسبب اختلاطي بالرجال في الجامعة، وفي العمل، وبسبب قيادة السيارة، وكل ما حصل معي في حياتي، والله - عز وجل - يقول: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36].

 

فآهٍ على أنوثةٍ فقدتُها لأجل أن أبحث عن شخصيتي المستقلة وعن كياني المستقل! بل وفقدتُ نفسي في نفسي!

 

ثامنًا: لمَّا كنا على مر الزمن نعكف على التلفاز - على الغناء، والأفلام، والمسلسلات - وكانت تظهر أحيانًا بعض المشاهد المخلَّة بالأدب، ولم أكن أرَ من حَراكٍ لساكن في هذا الأمر، وكان الأمر طبيعيًّا عند أبي وأمي وكل عائلتي، أليس ذلك مما يقلِّل الحياء والإيمان في نفوسنا، والنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الحياء والإيمان قرناء، إذا رُفِعَ أحدهما رفع الآخر))؟ فآه على حياء يختل، ثم يختل معه الإيمان!

 

وأخيرًا: أقول لك يا أبي، وأقول لك يا أمي: هل تعتقدانِ أنكما قد عدَلْتما فيَّ، ولم تظلمانِي؟

 

أنا أعلم أنكما كنتما تريدانِني أن أصبح وأصبح، ولكن أقول لكما: إنكما قد أسأتُما من حيث أردتُما الإحسان؛ فإنكما لم تحسبَاها جيدًا، فوالله لأَن أكونَ أمًّا خيرٌ لي من كل الشهادات، وخير لي من كل الكيان المستقل، وخير لي من كل السراب الذي جعلتماني أركض خلفه.

 

وأقول كلمة أخيرة: إن وهبكما الله - سبحانه وتعالى - ابنةً أخرى، فلا تفعلا بها ما فعلتُما بي؛ فالمرأة خَلَقها الله - سبحانه وتعالى - لأن تكون أمًّا، ولأن تكون تحت قوامة الرجل؛ قال الله -تعالى-: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 34]، ولا يَعِيب المرأةَ أن تكون سيِّدة في بيتها، راعية لأولادها، بل ذلك شرف لها ولكم.

 

ثم إن رغبتْ أن تتعلَّم بتشاور بينها وبين زوجها وتحت رقابته، فلا بأس.

 

هذا، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفتاة المسلمة
  • الفتاةُ المراهقة.. مشاكلُ وحلول
  • الفتاة الإلكترونية!
  • مسلمة وأفتخر!
  • آهات تزاحم الرجاء ( قصيدة )
  • اعذرني فأنا امرأة غيرى!

مختارات من الشبكة

  • آه على آهات الوهن يا فاطمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: آهات على بر الآباء(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • آهات شامية وخطوات عملية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آهات ونفثات شاعر على سرير الوداع (آخر ما كتبه الشاعر سليم عبد القادر)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آهات العيد (قصيدة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يسمع خلف آهاتي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آهات وأنات(استشارة - الاستشارات)
  • آهات حزين في فقد ابن جبرين (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رفعتُ أكفَّ آهاتي (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آهات شاعر (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب