رجال.. معنَّفون! (1/2)

رجال.. معنَّفون! (1/ 2)

تخطت الأصوات المندِّدة بالعنف ضد النساء كل الحدود الجغرافية، وعلا ضجيجها لدى الجمعيات والمنظمات النسائية والمنتديات، ولكن قد يغضّ البعض الطرف عن العنف الموجه ضد الرجل من قِبَل المرأة، أو قد يستغرب البعض الآخر كلام كهذا..

ولكن هذا ما تؤكده الناشطة الأميركية كاري ل. لوكاس، التي تشغل منصب مدير السياسات ونائب رئيس منتدى المرأة المستقلة بالولايات المتحدة; حيث تقول في كتابها (خطايا تحرير المرأة): "العنف ضد النساء مشكلة ضخمة، وعادة ما تشير الجمعيات النسائية إلى أن الرجل خطر على المرأة، وأن العنف ضد النساء أمر لا مفر منه، ولكن ينبغي أن تعرف النساء أن تلك الإحصائيات المعروضة مبالغ فيها، وأن الحركة النسوية تروّج لها لتُظهر أن العنف ضد المرأة هو أمر حتمي في وجود الرجال. نحن عادة لا نسمع عبارة "العنف ضد الرجال»، ومع ذلك فالرجال أكثر عرضة ليكونوا ضحايا لجرائم عنف، وبالرغم من انخفاض معدلات العنف ضد الرجال في العقود الأخيرة، فإنّ الرجال في عام 2003 كانوا أكثر عرضة للعنف من النساء بنسبة 40%، وكانوا أكثر عرضة للقتل من النساء في 2002».

ماذا عن البلاد العربية؟

بالأرقام:

كشفت دراسة حديثة بعنوان "عنف الزوجة ضد الزوج" أجراها أستاذ أكاديمي بجامعة الكويت الاستشاري النفسي الدكتور سعيد سالمين عن مفاجأة من العيار الثقيل; وهي أن 10% من الكويتيات يضربن أزواجهن، وفي السعودية 5%، في حين ترتفع النسبة في مصر إلى 20%.. وبيّنت الدراسة التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية المصرية بشكل عشوائي على عيِّنة من 150 من النساء أن 26% من الجنس اللطيف يستخدمن في ترويض أزواجهن أدوات مطبخية من صحون وأوعية، وتختار 8.4% الملاكمة باستخدام الأيدي والأرجل، وتفضل 4% من النساء الاشتباك المباشر مع أزواجهن باستخدام الأسلوبين معاً!!!

جمعيات تُدافع عن حقوق الرجل

قد لا يصدق البعض أن هناك جمعيات في العالم العربي تهدف إلى الدفاع عن حقوق الرجل ورفع الظلم عنه.. وقد تكون غير مستساغة ومقبولة اجتماعياً، ولكنها تدل على وجود عنف من قبل النساء ضد الرجل:

في كردستان:

طالب رئيس "اتحاد الدفاع عن حقوق الرجال" الذي تأسس عام 2007 في كردستان، برهان علي فرج، في تصريح صحفي بـ "تنظيم يوم من كل سنة لمناهضة العنف ضد الرجال أسوة بيوم مناهضة العنف ضد المرأة... بهدف توعية الرجال بحقوقهم والحد من ممارسة العنف ضدهم»، مؤكداً أن "أكثر من 103 رجال سجّلوا شكاوى بسبب تعرضهم للعنف من قبل النساء". وأشار إلى أن "هناك العديد من الحالات الأخرى لانتحار الرجال بسبب تعرضهم للعنف من قبل النساء لكنها لم تسجَّل بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة في الإقليم".

في تونس:

أسس مجموعة من الشبان التونسيين عام 2009 جمعية غير حكومية لحماية الأزواج من تعنيف زوجاتهم أُطلق عليها اسم "الجمعية التونسية للدفاع عن الأزواج المعنّفين»، وأشارت مجلة "الملاحظ" الأسبوعية استناداً إلى نتائج دراسة اجتماعية حول العنف بين الأزواج في تونس أن 10% من النساء المتزوجات في البلاد يضربن أزواجهن، وأن 30% منهن يعتدين على بعولتهن بالعنف اللفظي.

في المغرب:

كشف تقرير تقويمي صدر عن "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجل" أن أكثر من أربعة آلاف رجل تعرضوا للعنف من طرف زوجاتهم منذ عام 2008، من ضمنها 20% من حالات العنف المادي.

ويتوزع العنف الذي يتعرض له الرجال في المغرب بين الجسدي والمعنوي والقانوني. ويلخصها رئيس "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال" عبد الفتاح البهجاجي، بالنفقة والحرمان من صلة الرحم، أو الاستيلاء على الأموال، أو الطرد من بيت الزوجية، وقد يصل الأمر إلى ممارسة الضرب، وكذلك عدم احترام الرجل أمام الأبناء والجيران والأقارب. لكن الأخطر كما يقول البهجاجي هو دس السُّم في الأكل أو الشرب.

في مصر:

"المستضعفون في الأرض" جمعية أسسها الدكتور فاروق لطيف أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، وهي عبارة عن مشروع اجتماعي للدفاع عن المقهورين والمضروبين من الرجال!

في السعودية:

قام مجموعة من الشبان السعوديين في الرياض، بتأسيس جمعية أهلية تحت اسم "حماية الرجال من تسلط المرأة" ولقد قال أحد مؤسسي الجمعية عبد الله العبدلي لموقع "إيلاف" الإلكتروني: "بدايتها كانت عبارة عن فكرة ساخرة هزلية، غير أنّ هذه الفكرة أصبحت واقعًا". ويضيف: "كنا في البداية 30 عضواً غير أنه بعد الضغوط النسائية، تقلص هذا العدد إلى ثلاثة بسبب خشية أولئك الأعضاء من زوجاتهم ومن تداعيات تأسيسهم على استقرارهم الأسري". ويستطرد: "زوجتي كادت تنفصل عني عندما علمت بتأسيسي لهذه الجمعية».

وفي لبنان؟!

مع أن الكاتبة شيماء عيسى الوطني أشارت في مقالة لها نشرتها صحيفة الوقت (العدد 686)– الصادر يوم الاثنين 28 ذي الحجة 1428هـ تحت عنوان: "ضرب النساء للرجال ظاهرة عالمية" إلى أن نسبة الرجال الذين يتعرضون للعنف من زوجاتهم في لبنان 53%، إلا أننا لم نعثر على إحصائية دقيقة تؤكد هذا الأمر ولا جمعيات تندد بعنف النساء ضد الرجال..

ولكن مَن يظن أن أسرار البيوت تبقى خلف الأبواب فهو مخطئ, خاصة بعد أن سمعنا من خلال مندوبة منبرالداعيات بثينة عشاير عن حالات حقيقية لزوجات يعنفن رجالهن...

أزواج تحت رحمة النساء!

يؤكد أبو هشام على أنه ليس لزوجته الحق في تعنيفه بأي شكلٍ من الأشكال؛ ومع هذا فهي تمارس عليه التعنيف النفسي واللفظي - وبرّر أن ما تقوم به زوجته نابعٌ من غَيْرتها وخوفها عليه من أن يتزوج امرأةً أخرى. فهي ترغب في حبسه بين جدران المنزل وذلك تطبيقاً لما نصحتها به شقيقتها بأن لا تظهر للناس مدى ثرائه فتُعجَب به إحداهُنّ فتسرقه منها! وعندما سألناه عن مدى تقبل الأبناء لهذا الوضع، ردّ بأنهم يدركون خطأ الموقف ولا يتقبلونه نفسياً ولكنهم يصمتون لأنها والدتهم وخوفاً من أن تغادر المنزل. كما أوضح بأن الأزواج لا يسكتون على هذا التعنيف لضعف شخصياتهم، ولكن للمحافظة على تماسك الأسرة! فهو يعمل طوال اليوم ولا يستطيع الاهتمام بأولاده إذا قررت زوجته ترك المنزل والعودة إلى منزل والديها، بالإضافة إلى أنه يصمت عن تعنيفها له تلافياً للمشاكل التي قد تدمر استقرار الأسرة!

ويصف أبو هشام الزوجة التي تعنِّف زوجها بأنها إما متسلّطة أو مختلّة نفسياً وعقلياً. وبالمقابل يعتبر الزوج المُعنف بأنه شخصٌ حكيمٌ ومضحِّ!

زوجات يعنفن أزواجهن!

تقول هناء (ربة منزل): نعم، يحق للمرأة أن تعنف زوجها في حال الخيانة الزوجية. ومن الأسباب التي تدفعني لتعنيفي لزوجي: إحساسي بالقهر، وقد يصل التعنيف حد المقاطعة ولا أندم أبداً على تعنيفي له، فالحقّ معي 100%، وغالباً ما يبقى زوجي ساكناً أثناء تعنيفه! كما أن هذا الموضوع يتم في السر بعيداً عن الأبناء الذين قد يفقدون احترامهم لوالدهم في حال عنّفتُه أمامهم. وتضيف: المرأة التي تعنف زوجها يقِلّ احترامها لذاتها.. أما الزوج الذي يُعنَّف فهو إما على خطأ أو أنه ضعيف الشخصية.

أما سونيا (تعمل مربية أطفال)؛ فلقد كانت شاهدة على بعض حالات تعنيف المرأة لزوجها؛ فتقول: الرجل المعنَّف ما هو إلا رجل ضعيف الشخصية ويعاني من حالة نفسية غير مستقرةٍ ولقد كانت قريبتي من فترة تضرب زوجها إذا لم يلبِّ لها مطالبها!

أما أم حيان (ربة منزل) فتسرد لنا حادثة عن زوجة تعرفها; فهي تصرخ في وجه زوجها دائماً وتأمره أمام الناس أن يُحضر هذا ويأخذ هذه... كما تأمره بأن يطبخ وينفذ سائر الأوامر التي تمليها عليه.

وتعلّق عبيدة وهي ربة منزل أيضاً على الموضوع قائلة: لا أستطيع أن أصف الزوجة المعنِّفة إلا أنها ضحية الرجل الذي أوصلها لهذه المرحلة. أما الرجل الذي يعاني من تعنيف زوجته له فهو ضعيف الشخصية، أو أنه يراعي وضعها النفسي ومشاعرها. ولقد سمعت عن امرأة وزوجها أحبّا بعضهما حباً شديداً، وبعد الزواج بشهور تغيرت الزوجة جذرياً وبدأت تُعنف زوجها بالكلام الجارح وأصبحت ترميه بكل شيءٍ أمامها، فهي لكونها امرأة عاملة أصبحت تفجِّر ضغط العمل بالزوج المسكين!

وحكى ربيع (يعمل محاسباً في إحدى المدارس) بأنه شاهد الكثير من حالات تعنيف النساء لأزواجهن، وسرد لنا قصة زوج وامرأته كانا في زيارةٍ للمدرسة، ووصف كيف أنه كلما حاول الزوج أن يتكلم قامت هي بإسكاته أمام الجميع قائلة له: "اسكت. أنا سأتكلم»!

•  •  •

ما تقدّم كان نماذج ميدانية واقعية تكشف عن مقدار غياب القِيم واختلال الموازين في مجتمعاتنا المعاصرة... ولا شك أن خلف هذا الواقع الأليم أسباب وانعكاسات نفسية واجتماعية قامت منبرالداعيات باستجلائها، وكذلك توقفت عند آثار العنف القانونية وموقف الشرع من عصيان المرأة لزوجها والتمادي عليه...

سنستكمل هذا الملف في العدد المقبل بإذن الله؛ حيث نستضيف عدداً من الشخصيات المتخصصة... فإلى اللقاء.

تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبر الداعيات)