• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هل فقدنا ثقافة الحوار؟
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المحطة التاسعة عشرة: الصبر
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    حقوق الزوج على زوجته
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثامنة عشرة: الحكمة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (2)
    نجلاء جبروني
  •  
    حاجتنا إلى التربية
    محمد حسني عمران عبدالله
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (1)
    نجلاء جبروني
  •  
    الإجازات وقود الإنجازات
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أنثى في القلب
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    خلف الكواليس
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    إن لم تحرز تقدما تراجعت!
    أسامة طبش
  •  
    المحطة السابعة عشرة: المرونة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الآباء والأمهات لهم دور كبير في توجيه الطفل حتى ...
    عثمان ظهير
  •  
    جيل الحساسية الاجتماعية المفرطة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الطفل (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    معذور لأنه مراهق!
    محمد شلبي محمد شلبي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

الإسلام يكره الضعف ويمقت العنف ويدعو للسلام

الإسلام يكره الضعف ويمقت العنف ويدعو للسلام
محمد حافظ سليمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2012 ميلادي - 20/3/1433 هجري

الزيارات: 14694

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139].

 

مما لا ريبَ فيه أنَّ المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، ولا شكَّ أنَّ الإسلام يمقتُ الْجُبن ويَكره الضَّعف، ولا يرضى بالاستسلام، ولكن يدعو للسلام.

 

(لا يكنْ أحدُكم إمَّعَة؛ يقول: أنا مع الناس، إن أحسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأْتُ، ولكن وطِّنوا أنفسكم، إنْ أحسن الناس أن تُحسنوا، وإن أساؤوا أن تَجتنبوا إساءتهم).

 

والإمَّعات: أقوام ضعاف النفوس، يعتمدون على سادتهم أعداء الحياة الإنسانيَّة - وقد هانتْ عليهم كرامتهم - فأضحوا يتملَّقون كبرياءهم؛ لإرضاء غرورهم، يستدرّون الرحمة من قلوبهم القاسية المتحجِّرة، فأفنوا شخصيَّاتهم، فصاروا حطامًا آدميًّا منهارًا.

مَنْ يَهُنْ يَسْهلِ الْهَوَانُ عَلَيْهِ = مَا لِجُرْحٍ بَمَيِّتٍ إِيلاَمُ

 

وأفضل الناس مَن تواضَع عن رِفعة، وتزهَّد عن ثروة، وأنصف عن قوَّة، وقال رجل لعمر بن عبدالعزيز: نحن بخير ما أبقاك الله، قال له: أنت بخير ما اتَّقيتَ الله.

 

وقال عَلِي - رضي الله عنه -: "من قَوِي فليقوَ على طاعة الله، ومن ضَعُفَ فليضْعُفْ عن غضب الله، والمؤمن يجب أن يكون قويًّا في غير عُنف، لَيِّنًا في غير ضَعف، يمشي على الأرض هَونًا غير مُختال ولا فخور، فلا يُصَعِّر خَدَّه للناس؛ لأن تقوى الله عِصمة من الزَّلل، ووقاية من الطَّيْش والنزوات".

 

وهذه مُثل عُليا للأخلاق الإنسانية الفاضلة الكريمة:

﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ [الفرقان : 63 - 76].

 

وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اغتنمْ خَمسًا قبل خمس: حياتك قبل مَوتك، وصِحَّتك قبل سَقمك، وفَراغك قبل شُغلك، وشبابك قبل هَرَمك، وغِناك قبل فَقرك))؛ رواه البيهقي، والحاكم.

 

والقرآن الكريم يصوِّر لنا صورًا لنفوس لئيمة جاحدة، بدَّلتْ نعمة الله كُفرًا، وعَتت عن أمر ربِّها ورُسله، فذاقتْ وَبال أمرها، وكان عاقبة أمرها خسرًا.

 

ولقد كانت نفسيَّة قارون صورة تعبيريَّة وتفسيريَّة توضِّح العُتوَّ والاستعلاء، والتمرُّد والكبرياء، لَمَّا بَخِل واستغْنَى وطَغَى، وبَغَى وتَحَكَّمَتْ في سلوكه انتهازيَّة قاتلة، وأنانية جامِحة، فَنَسي فضلَ الله عليه، وقال بلسان المستكْبِر المتجبِّر، وبلغة الخسيس اللئيم: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص : 78].

 

وثَمَّة نفوس أخرى تهافَتتْ، فتهاوت فانهارتْ، وأمام كنوز قارون وزينته تضاءَلتْ، فتزعزعت فتصدَّعَتْ، ثم قالتْ: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص: 79].

 

أما الذين آمنوا ولم يُفتتنوا بكنوزه ومتاعه، ورَضوا بما قَسَم الله لهم، وآتاهم الله العلم والْحِكمة والفِقه، فقد قالوا: ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص : 80].

 

وهذه الصور الآدمية المتباينة تراها مرسومة على صفحات القرآن الكريم تنطق بها هذه الآيات البيِّنات:

﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [القصص : 76 - 84].

 

وتلك عُقبى البَغْي، وهذه نهاية البطر بالمال الخلاَّب والمتاع القاتل من غير تقوى ولا رضا، ولا صبر ولا دين.

 

ويقول لقمان لابنه وهو يعظه:

"يا بُني، اغلبْ غضبَك بِحِلمك، ونَزَقك بوقَارك، وهَواك بتقواك، وشَكك بيقينك، وباطلك بحقِّك، وشُحك بمعروفك، كنْ في الشِّدَّة وقورًا، وفي الكلام صبورًا، وفي الرخاء، شكورًا، وفي الصلاة متخشِّعًا، وفي الصدقة متسرِّعًا، لا تُهِن من أطاع الله، ولا تُكْرِم من عَصَى الله، ولا تَدع مالك، ولا تَجْحد ما عليك، ولا تتكلَّف ما لا تُطيق، ولا تتعظَّم ولا تَخْتَلْ ولا تفخَرْ، ولا تَدع السر، ولا تغتب ولا تَحسدْ، ولا تنبز ولا تَهمز، وإن أُسيء إليك، فاغْفرْ، وإن أُحْسِن إليك فاشْكُر، وإن ابْتُليتَ فاصْبِر، احفظ العِبَر واحذر الغير، وانصحِ المؤمنين، وعُدْ مرضاهم، واشْهَد جنائزهم، وأعنْ فقراءَهم، وأقْرض خُلطاءك، وأنْظِر غُرماءك، والزم بيتَك، واقنعْ بقُوتِك، وتخلَّق بأخلاق الكِرام، واجْتَنبْ أخلاق اللئام.

 

واعلم يا بُني أنَّ المقام في الدنيا قليل، والركون إليها غرور، فكُنْ سَمحًا سهلاً، قريبًا أمينًا، وكلمة جامعة: اتقِ الله في جميع أحوالك، ولا تَعْصه في شيء من أمورك".

 

وهذا توجيه دافع لتأدية الواجب الذي يشيِّد صروحَ البناء بالأخلاق النبيلة الفاضلة الكريمة.

 

والمسلمون يعتقدون أفضلَ العقائد، ويؤمنون بأكرمِ الرسالات، ويوقنون بأنَّ نظام الإسلام خيرُ الأنظمة، وعلومه أصدقُ العلوم وأسماها، ومعارفه مستمَدَّة من وَحْي السماء المبين على لسان نَبيٍّ عربيٍّ أُمِّيٍّ لا يَنطق عن الهوى، وهم يوقنون بأنَّ التقوى والاستقامة تَفرض علينا الإخلاص في السرِّ والْعَلَن، والعدل في الغضب والرضا، والقصْد في الفقر والغِنى.

 

والإسلام الحنيف يُعلِّمنا إنكار الذات في خدمة الجماعات، وتأدية الواجبات في إطار رِباط رُوحي مُقدَّس يشدُّ الناس بعضهم إلى بعضٍ؛ ليحقِّقوا بهذا العدالة الاجتماعية، ويوطدوا بهذا دعائم الأمن، وينشروا بذلك ألْوِية السلام.

 

﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [يونس : 26].

 

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((انطلق ثلاثة رَهْطٍ ممن كانوا قَبلكم، حتى أواهم المبيتُ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرتْ صخرة من الجبل، فسدَّتْ عليهم الغار، فقالوا: لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله - تعالى - بصالح أعمالكم، قال الرجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنتُ لا أَغْبُق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يومًا، فلم أُرِخْ عليهما حتى نامَا، فحلبتُ لهما غَبُوقَهما، فوجدتُهما نائِمَيْن، فكرهتُ أن أوقظهما، أو أن أَغْبُق قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثتُ والقَدح على يَدي أنتظر استيقاظهما، حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قَدَمي، فاستيقظا فشَرِبَا غَبوقَهما، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وَجْهك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجتْ شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.

 

وقال الثاني: اللهم إنه كانتْ لي ابنة عمٍّ، كانتْ أحبَّ الناس إليَّ، فأَردتُها عن نفسها، فامتنعت منِّي، حتى أَلَمَّتْ بها سنة من السنين، فجاءتْني فأعطيتُها عشرين ومائة دينار على أن تخلِّي بيني وبين نفسها، ففعلتْ، فلمَّا قعدتُ بين رجليها، قالتْ: اتقِ الله ولا تفضَّ الخاتَم إلا بحقِّه، فانصرفتُ عنها وهي أحبُّ الناس إليّ، وتركتُ الذهب الذي أعطيتُها، اللهم إنْ كنتُ فعلتُ هذا ابتغاءَ وجْهك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، غير أنَّهم لا يستطيعون الخروج منها.

 

وقال الثالث: اللهم إني استأجرتُ أُجراء وأعطيتُهم أَجْرَهم غير رجلٍ واحد منهم، تَرَك الذي له وذَهَب، فثَمَّرتُ أجْرَه، حتى كَثُرتْ منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله: أَدِّ إليَّ أجْري، فقلتُ: كلُّ ما ترى من أجْرك؛ الإبل والبقر، والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي: فقلتُ: لا أستهزئ بك، فأخذه كلَّه فاستاقه، فلم يتركْ شيئًا، اللهم إنْ كنتُ فعلتُ هذا ابتغاءَ وجهك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون))؛ مُتفق عليه.

 

والله يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2- 3]، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4].

 

إن الذي يعمل بما عَلِم لينفع نفسه وغيره، كشجرة طيبة أصلُها ثابت وفرعُها في السماء، أما الذي لا تنفعه العِبَر، ولا تفيده التجارب، ولا تُعَلِّمه المعارف، فهو كالشجرة الصمَّاء؛ تمتصُّ الماء والغذاء، وتسبِّح ممتدة في الفضاء والهواء، ولكنها لا تنتج ثمرًا ولا تظل بغصون.

 

إنَّ القيمة الحقيقية لأَيَّة فرصة تُتاح لواحدٍ منَّا هو أن يتحوَّل بكلِّ ما أخذه إلى مصدر عطاءٍ للذين أتاحوا له ومَكَّنوه، وحقَّقوا امتيازه، وإلاَّ فهو شجرة عقيمة عاشتْ وارتوتْ بعَرَق السواعد، وأحاطتْها الرعاية بكلِّ أنواعها، وامتلأتْ بشعاعات الشمس، ثم لَم تُعطِ في النهاية زهْرًا أو ثمرًا.

 

وسُئل بعض العلماء عن تعريف العلم، فقال:

العلم ما انتفعتَ به، ونفعتَ به غيرَك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من مفاهيم الضعف وعلاجه
  • الإسلام.. دين الذوق والرقي والحضارة

مختارات من الشبكة

  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • شرح بعض الألفاظ الواردة في عنوان: موقف الإسلام من العنف الأسري(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاييس جمال النص في صدر الإسلام وموقف الإسلام من الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب