• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / قضايا الأسرة
علامة باركود

فنون الأبوة: بناء عوالم مليئة بالحب والتوجيه

فنون الأبوة: بناء عوالم مليئة بالحب والتوجيه
د. محمد موسى الأمين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/12/2023 ميلادي - 26/5/1445 هجري

الزيارات: 1430

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فنون الأبوة

بناء عوالم مليئة بالحب والتوجيه

 

في زمن الأحلام البعيدة والأمنيات النبيلة يرنو كل والد ووالدة إلى رؤية أفراد أسرتهم ينمُون في بستان من السعادة والتفاؤل؛ حيث يتغذى الصغار على رحيق القيم والمبادئ السامية، تربية تجعلهم أسوياء الأخلاق ومتيني الشخصية، فإرساء أسس أُسرية متينة وثابتة يتطلب فَهمًا عميقًا للقواعد الأساسية التي تشكِّل قاعدة رحيمة لنمو الأبناء، منذ أوائل أيامهم في هذا العالم الجديد.

 

رحلة القلوب بين القدر والأمل:

بين أطراف لا تلمسها العيون، تتراقص القلوب كالورقات الخفيفة في رحلةٍ لا تحكمها إلا إرادة الخالق، هي تنسجم وتتغير، تتلون بألوان القدر كما يشاء سيدها.

 

حتى لو صار الوالد بمثابة مدرسة في الخُلُق والعلم والحكمة، فإن هذا لن يكفي أحيانًا، فمع كمِّ الحكمة في قلب إبراهيم عليه السلام، لم يشعر بالطمأنينة لسلامة ابنه، فدعا من أعماق القلب: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35].

 

حتى نوح عليه السلام، أحد الأنبياء العظماء، لم يُسمَح له بإرشاد ابنه، ومع هذا العِظَمِ والدعاء، بقِيَ القلب رهينة لمسارات القدر.

 

علينا أن نُبقي قلوبنا متوجهة نحو الله، متصلة به، آملة فيه، ثقة بعونه وتوفيقه وهدايته.

 

ورث الحكمة وبناء الحياة:

في عمق الزمن السحيق، ترجم الإمام الشافعي حكمته إلى نصائح مخبأة في أرض الأسرار.

 

كانت تلك الكلمات تتنفس حكمة الأجداد، وتحمل وزن الأمانة التي يجب أن يحملها كل واحد منا.

 

ولكن هناك طفل، في عمره ما زال يتأمل الأحداث بعيون البراءة، لكنه يمتلك أكثر من مجرد قلب ينبِض وعقل يتلقَّى، إنه يمتلك أدوات خفية؛ أذنَين تسجل كل صوت وكلمة، وعينين ترصد كل حركة ومشهد، بالإضافة إلى دماغه الذي يعمل كورشحًا[1]، يمتص كل تفاصيل الحياة من حوله، ويحولها إلى مفاهيمَ وقناعات تتراكم داخله.

 

هذا الطفل، إنه وريث ذاكرة حية، يرصُد ويحفظ كل شيء، فكيفما كان تصرف الآباء والأمهات أمامه، فإنه يتلمس ويستوعب، إذا كانت الرِّقَّة والاحترام سيدة الموقف، فلن يكون ذلك إلا جواهر يحملها في سريرته، وبينما ينمو ويتطور، يصبح مرآةً لِما سبق، يستلهم تصرفاته وأسلوبه من حوله.

 

ومن هنا، تتفتح أزهار جديدة في بستان الحياة، تكون الأجيال اللاحقة مجسِّدة لِما عاشه سلفها، إن كان التعامل الأبوي ذا طابع الجمال والاحترام، فإن الأجيال اللاحقة سترث ذلك النمط وتتلوه، وهكذا يتلاحق الرَّكب النبيل من جيل إلى جيل، حاملين معهم إرثَ الحكمة والتقدير، مديرين لشؤون البيوت بأناقة وإتقان.

 

تكوين الأبناء وصياغة المستقبل:

في عَتَمَةِ الليل، تنبثق أصداء أقوال الأجداد كأشعة من الضوء، تُنير درب الفهم والحكمة، فالتربية والتعليم يشبهان النقش على حجر الزمن، مواصلة لتراث الأجيال الماضية التي أدركت أهمية الأسرة كمدرسة أولى للحياة.

 

وحينما نتطلع لأجيال مستقبلية مباركة، فعلى وشكهم أن يمتلكوا الرؤية والمعرفة والحكمة التي تشكل شخصية الأب والأم، لن يكون الأمر كتقليد أو تمهيد، بل يتطلب تربية مستنيرة منذ بداية الطفولة، وتجهيزهم بالقدرات والمهارات الضرورية لقيادة الأُسَرِ الجديدة.

 

فيضم الخطة الْمُعَدَّة العديدَ من الأمور الحيوية؛ إذ ينبغي التفكير في متى وكيف ومع من يتزوج الأبناء، وكيف يبنون حياتهم الزوجية والأسرية، وهناك أسئلة دقيقة تستلزم تحديد أساليب التعامل مع الشريك والأبناء، وكيفية توفير احتياجات البيت والتعامل مع مصاريف الحياة.

 

تشير هذه الخطة أيضًا إلى الحاجة الماسَّة لاكتساب معارف ومهارات عديدة، التي يجب على الفرد تعلمها واكتسابها قبل أن ينزلق إلى دوامة الحياة الزوجية، وهنا يتجلى دور الأسرة في تزويد الأبناء بما يحتاجونه من هذه المعارف والمهارات، قبل أن يطوف الزمان، ويصبح الأمر أكثر صعوبة.

 

فإذا لم يعد الفرد يمتلك هذه المعارف والمهارات، فأين يمكنه الاستمرار في تعلمها؟ إن تربية الإنسان ليست مجرد إيمان، بل هي مسؤولية تشكل القواميس الحية للأجيال القادمة؛ حيث يكون الحكم والمعرفة والتوجيه هما مصدر الضوء الذي يُنير طريق الحياة.

 

"رحلة الاكتساب: بين تراث الحرف وتحديات الشهادات":

أعلى النموذج:

في عالم متشابك بأزِقَّتِهِ المتعرجة وسقفه الذي يحتضن لون السماء الساحر، تعزف سيمفونية الحياة، هنا، تتراقص الأصوات وتندمج القصص، محتضنةً أسرار الحرف وأحلام الأجيال.

 

كانت هذه العائلات تمضي أوقاتها بين غزوة الأدوات ولغة الحرف، فالأبناء لم يلدوا فقط، بل احتضنوا في أناملهم معرفة الأجداد، ورحلة الصناعة التي لفَّها الدهر، فكل طفل يبصر النور وهو يحمل بصمات المهنة التي نسجت حوله أحلام الآباء، وحكايا الأجداد.

 

لكن مع تبدل العصور، وتغير طقوس الحياة، غَدَتْ أحلام الشباب تتشكل في أروقة الدراسة، يحاوِلون ترويض الكتب لصياغة مستقبلٍ يلوح في الأفق بوعود الوظائف والنجاحات المشهودة.

 

في هذه الأحداث الجديدة، يتحول دور الشباب إلى تحمل إضافي، يجنبون مهاراتهم وتصرفاتهم لاستدامة أحلامهم، وإطعام آمال أطفالهم، إن الشبان الذين يحملون الحقائب الشاقة للتعليم والعمل يصبحون بناة لحياة كريمة، تبنونها بين أضلع المجتمع دون تأثير على جوهر الحياة اليومية، ومع ذلك، ليست التحديات فقط في جعل العيش مستدامًا، بل في نحت الذات وقبول المجتمع، فالدراسة ليست مجرد مسيرةٍ نحو وظيفة، بل هي تحدٍّ يفرضه المجتمع للشاب ليؤكد وجوده وقيمته.

 

ربما يفهم منع الشباب من العمل حتى يتم تخرجهم، لكن هذا الفكر يُغفِل مفهوم الاستقلال، وينمي اعتمادية قد تحجم معها المسؤولية، ومن ثَمَّ يجد الشباب أنفسهم مرهقين، يعانقون الشهادات بينما يتشاءمون بالباب الموظف الذي لم يعد يناسبها.

 

إن التعلم منذ الصغر يمنح الشباب خارطة لاستكشاف قدراتهم، واكتشاف ميولهم، فتتحول الأدوات إلى أقلام ترسم مسارات مستقبلية.

 

ولكن لن تكتمل الصورة إلا باعتبار العمل ليس سبيلًا للعيش، بل مهدًا للإبداع، ومركزًا للابتكار؛ حيث يقول الحكماء: "تسعة أعشار الرزق في عالم الأعمال".

 

في هذا السياق، يتجلى دور الأب الموجه والمثابر، فهو الذي يمهِّد الطريق لأبنائه بأجمل الأزهار، وأعذب العبارات، إنه المرشد الذي لا يعلم فقط كيفية جمع الثروات، بل كيفية بناء مستقبلٍ وتحمل مسؤولياته بثقة وجرأة.

 

أسرتان متناقضتان:

في أعماق كتاب تاريخ الحياة، كان الزواج يرتسم كفصل مهمٍّ يرتقي بالأرواح إلى بُعْدٍ جديد، رحلة تجلى فيها همس الأقدار، ورقصتها، كانت الأسرة في عالم يراوح بين ضفاف الأمل، وأحيانًا شبح الضياع، ترتبط بالوجود والمعنى بأبهى صورها.

 

فكما تعلو الجبال تباهيًا بارتفاعها، كانت الأسرة تتسلق قمم العطاء والاهتمام، تلقي بجسور الاحتواء نحو جيرانها ومن يحتاج، تغرس بذور التفاهم، وتروي شجيرات الوفاء.

 

وبينما ينعكس ضياء الأسرة المزدهرة على شواطئ الحياة، كانت الأسرة المنغلقة تأبى الانصهار بشراذم الجيران، كانت كالقارة المعزولة في بحر الحياة، لا تلتفت إلى من حولها بلغة الاكتراث والحنين، فالحاجة والمرض كانت مجرد غَيمة صيفٍ تمر عابرة في سماء انغماسهم.

 

إنما كانت المحنة الحقيقية تكمن في ترسيخ جسر مصاهرة القلوب بين هؤلاء العائلتين المتباينتين، فالطلب لم يكن مجرد طلب، بل كان مسيرة مليئة بالتحديات، طريق يتخلله جسورٌ من الوعود والضمانات المادية التي تشكَّلت في لُبِّ أحلامهم.

 

في عالم التكافل والترابط، كان الأمرُ أسهلَ، وكانت الأيدي تمتد لتلمس أطراف الاحتياجات بيُسرٍ وسهولة.

 

الابن المنبثق في أروقة المجتمع المترابط، حمل على كاهلِه تحمل الفهم والتسامح، فهو رسم بألوان الصفح والوفاء في قصر الحياة الجديد، أما الابن الذي نبت في بيت العزلة، فقد توارى عن لغة العطاء والتبادل الحقيقي، إذا كانت الأنانية والاهتمام الذاتي هما قمة جبل يتربعان على سماء تفاصيل حياته.

 

في هذه الفروق الواضحة تتجلى جوانب الأسرة، فالتكافل الاجتماعي ليس مجرد خيط رقيق في نسيج الاجتماع، بل هو عمود يرتكز عليه قوام القيم، وترسخت فيه ثقافة الحياة.

 

وجاء فصل البلوغ:

في عالمٍ مليءٍ بالمدائن المشغولة، تتلاشى ثوابت الوقت أمام ضغوطات الحياة والمسؤوليات المتراكمة، هكذا، كما يعاقب المقاول المتسبِّب في تأخير مشروعه، يعدم الوقت ليسقط الستار على فترة التربية المخصصة التي جعلها الخالق لرحلة تكوين الأرواح.

 

ترى، ليس العقوبة هنا سوى نتيجة طبيعية لتقاعس من خالف قوانين الزمن، وكما هو محددٌ لكل شيء في هذا الكون، هكذا حُدِّدت فترة التربية، مدة قصيرة يسعى فيها الوالدان لتشكيل شخصيات الأبناء بين أيديهم، ثم بعد ذلك، يرتفع الستار ويصبح الابن مسؤولًا عن نفسه، وأمامه طريقه الخاص، مهما اختار أو فضل.

 

تُعرَف مرحلة البلوغ بأنها ختام فصل الطفولة، بوجود تغيراتٍ في الجسم والروح والسلوك تنشأ نتيجة لتغيراتٍ في تراكيب الجسد.

 

في هذا السياق، يجد الطبيعي في نغمات الإرادة الإلهية تناغمًا مع تأثير البيئة والتربية الإنسانية، وعندما تكمل التربية دورها في تنمية الفرد دينيًّا وعقليًّا وروحيًّا، يظهر الطبيعي بمهمته لتحويل الفتى البريء إلى راشد يحمل أعباء البالغين، يحتاج إلى مواجهة الحياة بكل ما فيها من تحديات ومسؤوليات.

 

تعتبر فترة البلوغ موسم الزواج؛ حيث يحمل الأبناء صفاتٍ مميزةً ومخصصة جعلها الخالق في هذه المرحلة الذهبية، وقد تناولت في مقال سابق بعضًا من هذه الخصائص في مقال يحمل عنوان: "الطفولة والزواج ووجهة نظر أخرى".

 

فمن يضيع هذه المرحلة، كمن يزرع بذرة صيف في أحضان الشتاء، فما أكثر ما يحتاج إلى جهدٍ ومالٍ لينمو هذا النبات بسلام! الحياة تعلمنا أن لا شيء يستطيع الازدهار خارج فصوله المناسبة، وهكذا هي دورة الحياة، تدور وفقًا لأزمانها المحددة، ومن يتجاهل تلك التوقيتات يواجه مأساة الزرع في الوقت الخاطئ.

 

الوالدان والمهمة الصعبة:

خلال الفترة الطويلة التي عاشها الابن مع والديه يمكنهما وبكل سهولة تحديد شخصيته، ومن ثَمَّ فيمكنهما اختيار الزوجة الأنسب لابنه، وكذلك العكس، والمتهم الأول في فشل كثير من الزواجات هو التسرع في اختيار شريك الحياة دون بحث أو تدقيق، أو التفات إلى الأصل الأهم؛ وهو صلاح الابن أو البنت، والبيئة التي تربى فيها.

 

ومما يميز سن البلوغ أن اختيار الوالدين غالبًا ما يلقى قبولًا لدى الأبناء؛ نظرًا لحداثة السن، وبُعْدِهم عن التفاصيل الكثيرة، عديمة الجدوى، قليلة الفائدة التي يشترطها الكبار بعد تقدمهم في السن.

 

وغالبًا ما يكون حديث البلوغ الذي تلقى تربية صالحة في بيته لم يتأثر بعدُ بأصدقاء سيئين، ولم يكوِّن علاقات محرمة، ولم يتعود على عادات سيئة يلجأ لها بعض الشباب للتخفيف من ضغط الشهوة، وهذا عامل كبير في نجاح الأسرة الجديدة.

 

ومن الأهمية بمكان التنبيه على خطورة إجبار الأبناء أو البنات على الزواج بأشخاص لا يرغبون فيهم؛ فإن البيوت التي لم تُبْنَ على المحبة كانت أدعى للفشل.

 

زفاف البساطة والحب:

في زمن الحصاد؛ حيث تتلاقى أوتار الفرح والانتظار، تتصاعد الأحلام نحو لحظات السعادة الراقي، يمشي العريس ببهجة إلى عروسة حياته، لحظة تطوي في طياتها عبقرية الأمل وجمال البدايات.

 

رعاة هذا الزواج ليسوا سوى روادٍ منضجين، يتقنون لغة الحياة وتبجيلها، وهما عصفوران صغيران يرقصان على نغمات الوفاء والقبول؛ فرحًا بالعروسين، ونجاحًا للوالدين، يزهو المجتمع بذكريات جميلة تنمو في جنباته.

 

أجمل ما في هذا الزمان أنه لم يعد الزواج محمَّلًا بأعباء المجتمع الثقيلة، فالشاب لم يعد مشتاقًا لشقة مستقلة وعتاد ثقيل، بل يجد الرضا في غرفةٍ بها دفء منزل أبيه، لم يعد يطمح إلى عروسه في قاعات البذخ والرفاهية، بل يحلم بزواجٍ تحيطه حنان وتقدير المجتمع إلى من يختاره بحبٍّ.

 

صغر السن وعبق الوفاء والتآلف:

في عالم الصغار البالغين، يمتزج الحنان بين جدران الوالدين؛ حيث يلزمهما السكن تحت سقف واحد، بوصلة توجه الابن نحو خدمة ورعاية والديه، تغمره بنعم القرب وحسن الاهتمام، تداعب أصداؤها أرواح الأسرة الجديدة، تلقي بثقلها وخفتها في سيرورة الحياة، وإذا دعت الضرورة، تستعرض سواعد الوالدين لإصلاح شرخ قد يتفاقم.

 

حين يفتح الزمان أبواب الخير، ويرزق الابن بأحفاد ينثرون الفرح في أنحاء البيت كالعسل النقي، يأتي دور الأجداد لينقلوا تجاربهم وخبراتهم المليئة بحكم الحياة إلى أحفادهم، يصبح كتاب الحياة مفتوحًا أمام الأبناء، يغذيهم بخيرات العرفان، ويعطيهم دروس الحكمة العملية.

 

لا يعتبر الخلاف الزوجي مأزقًا ضخمًا، فربما يرى الحموات في الزوجة الشابة بنتًا ثانية، وتجد الزوجة فيها أمًّا جديدة؛ حيث تلتقي القلوب بطبيعتها وتندمج، تحل الخلافات وترسم الوفاقات في لوحة جميلة تشكل أواني الأسرة.

 

روح الثقة ورسوخ الصداقة:

لم يكن لديَّ استيعابٌ كافٍ لفكرة أنه يمكن للأبناء أن يكونوا أصدقاء لوالديهم إلا بعدما غمرتني أمواج تلك الرحلة المحورية نحو عالم الزواج والبلوغ، فكانت تلك المنعطفات الطبيعية تحمل في طياتها حقيقة جديدة؛ حيث يتبدل وجه الأب ويتغير طابع تعامله، مما يجبره على النظر إلى ابنه بعين الثقة والاعتماد، ينسجم معه كشخص موثوق به وصديق مقرب.

 

لكن على النقيض تمامًا، كانت نظرة الآباء والمجتمع العام تجاه الشخص العازب مربكة ومليئة بالتشكيك؛ حيث لم يُعْتَبَرَ عادةً شخصًا مسْتَقِرًا أو يمكن الاعتماد عليه، كانت العزوبية في عالم العرب تحمل بعضًا من الاستهتار والشكوك، مستَقِبَلًا للانتقاد والتحفظ.

 

ختامًا...

كما ينبغي للفارس الشجاع أن يستعد جيدًا ويمضي سنوات في تدريباته المكثفة ليحصل على الشرف والاعتراف في ساحة القتال، فكذلك يحتاج الوالدان المتطلعان لتربية أبناء رائعين إلى عمل مستمر، وتضحيات طويلة، وتخطيط دقيق، كأسرار ساحرة متدفقة من الحكمة والحنان يجب أن تنمو وتستقي قبل أن يستطيعوا إخراج جواهرهم الصغيرة المتلألئة إلى عالم ينتظرها بشوقٍ.

 

وما توفيقي إلا بالله.



[1] الكورشح: هو مصطلح يُستخدم في بعض اللهجات العربية للإشارة إلى شيء يمتص السوائل أو الأشياء، في السياق الذهني والمجازي، يُشير إلى الدماغ ككيان يستوعب ويمتص المعرفة والمعلومات والتجارب ويحولها إلى مفاهيم وتفاصيل يمكن الاستفادة منها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مأساة الأبوة الإلحادية
  • الأبوة الظالمة
  • نشيد الأبوة والطفولة (قصيدة للأطفال)
  • الأبوة البائسة
  • الأبوة والأمومة تكليف وتشريف
  • خطبة: كيف نشبع أولادنا بالحب؟

مختارات من الشبكة

  • فن المعاملات أو الإتيكيت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة فنون الأفنان في عيون علوم القرآن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نون النسوة.. النون الثانية: نون الغيرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نون النسوة.. النون الأولى: نون العنترية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • فنون الحب في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أضواء على كلمة الفن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فنون الترجمة الأدبية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بين الكتاب والمقال صورة من فنون المناظرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • غزوة دومة الجندل: فنون عسكرية وأسرار تعبوية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب