• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية
علامة باركود

آيات الذرية في سورة الأنعام ومضامينها التربوية

آيات الذرية في سورة الأنعام ومضامينها التربوية
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/3/2019 ميلادي - 13/7/1440 هجري

الزيارات: 18199

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آيات الذرية في سورة الأنعام

ومضامينها التربوية

 

الآية الأولى: قال الله تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 133].


أشارت هذه الآية الكريمة إلى ثلاثة توجيهات تربوية مهمة، هي: غرس معاني أسماء الله الحسنى وصفاته في الناشئة، والاهتمام بمُراعاة سُنَن الله في خَلْقِه، وطاعة الله تعالى باتِّباع ما شرع أمرًا ونهيًا، وفيمـا يلي عرض لهـذه التوجيهات:

أولًا: غرس معاني أسماء الله الحسنى وصفاته في الناشئة:

إن الله سبحانه وتعالى غنيٌّ رحيمٌ، له الأسماء الحسنى، والصفـات العلى، وكثيرٌ منَّا يقرأ أسماء الله الحسنى، وصفاته العُلى؛ ولكن دون تدبُّرٍ وتأمُّلٍ، ووَعْي وإدراك لما تتضمَّنه من معانٍ سامية جليلة، تغـرس في النفس البشرية الثقة واليقين بقدرة الله تعالى وعظمته.

 

وهذا التوجيه مبحث تربوي عظيم، يحتاج من المربين بعامة والباحثين التربويين بخاصة مزيدَ عنايةٍ واهتمامٍ، لبيان مدلولات ومضامين أسماء الله الحسنى وصفاته العلى؛ لغرسها في نفوس الناشئة، لتكون دافعًا قويًّا لزيادة الإيمان، وسياجًا ومنعة من التفريط في جنب الله تعالى.

 

ثانيًا: الاهتمام بمراعاة سُنَن الله في الأرض:

إن الحياة منذ أن خلق الله تعالى الأرض، وهي تسير إلى أجل مُسمًّى عِلْمُه عند الله سبحانه، والناس فيها في ابتلاء وكرٍّ وفرٍّ يتكون من خلال ذلك كله الثقافات والحضارات، وكم من أُمَمٍ عاشت سنين طويلة، ثم أصبحت في ذاكرة التاريخ تُروى أخبارُهم، وما كانوا عليه من صلاح أو فجور.

 

والله تعالى خلق الخلق لعبادته واتِّباع ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والكون كله بما فيه تحت مشيئته وقدرته سبحانه وتعالى، وقد وضع له قوانين وسُنَن عامة يسير عليها، ومَنْ عرفَها والتزم بها التزامًا كاملًا نهج نهجًا موفَّقًا، فاستحقَّ رضا الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومَنْ سارَ على غير هُدًى، ولم يتعرَّف على سُنَن الله تعالى، فسيكون مآلُه الخيبة والخُسْران، والعياذ بالله.

 

ويجب على الإنسان المسلم أن يأخذ العبرة، والعظة من أحوال الناس والأُمَم السابقة، وأن الله قادر على إهلاك أُممٍ، والإتيان بغيرها، وأن يتعرف على السُّنَن الكونية التي تسير عليها حياة الأُمَم، وقد تأكَّد هذا في كثير من توجيهات الشارع الحكيم؛ فقال تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران: 137]، وقال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النساء: 26]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [الأنعام: 11]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [النمل: 69]، وقـال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ ﴾ [الروم: 42].

 

وتأكيدًا على أهمية أخذ العبرة والعظة من أحوال الناس والأُمَم، فقد أكَّد الله سبحانه وتعالى على أهمية ذلك؛ فقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2].


ويؤكِّد الشيخ السعـدي رحمـه الله في تفسيـره عنـد قول الله تعالى: ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2]؛ أي: البصائر النافذة، والعقول الكاملة، فإن في هـذا معتبرًا يُعرَف به صُنْعُ الله تعالى في المعاندين للحق، المتَّبعين لأهوائهم، الذين لم تنفعهم عِزَّتُهم، ولا منعَتْهم قوَّتُهم، ولا حصَّنَتْهم حصونُهم، حين جاءهم أمر الله، ووصل إليهم النكال بذنوبهـم، والعبرة بعموم اللفـظ، لا بخصوص السبب.

 

ويقول رحمه الله تعالى: إن هذه الآية تدل على الأمر بالاعتبار، وهو اعتبار النظير بنظيره، وقياس الشيء على مثله، والتفكُّر فيما تضمنته الأحكام من المعاني والحكم، التي هي محـل العقل، وتتنـوَّر البصـيرة، ويزداد الإيمان، ويحصل الفهم الحقيقي.

 

كمـا بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلـم أهمية الاتـِّعاظ بالغير، فقـال: ((الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ)) [1].


والمسلم العاقل ينبغي له أن يأخذ بهذا التوجيه القرآني، فينظر في حال الناس من زاوية، وحال هذه الأُمَم من زاوية أخرى، فيأخذ من قصصهم وأحوالهم العبرة، والعظة، بمعنى إذا كانوا على خير، وهداية، وصلاح، فيقتدي بهم، ويُتابعهم في ذلك وَفْق ما قرَّرَتْه الشريعة، أما إذا كانـوا على غواية وضلال وفجور، فيحذر كل الحذر مما آلوا إليه من سوء خاتمة، والعياذ بالله تعالى.

 

ثالثًا: طاعة الله تعالى باتِّباع ما شرع أمرًا ونهيًا:

تشير الآية الكريمة إلى قضية مهمة للغاية؛ وهي: أهمية طاعة الله تعالى، والعمل بها في كل ما أمر به الشارع الحكيم، واجتناب كل ما نهى عنه؛ لأن المخلوق يريد كل ما هو في سلطانه يسير وَفْق مراده، وما خطَّط ورسم له خاليًا من المنغِّصات، ولله المثل الأعلى، فهو الخالق المدبِّر سبحانه وتعالى، يريد ملكه بكل ما فيه خاليًا من أنواع الظُّلْم، والموبقات، والمعاصي، والذنوب، ومَنْ تغافَلَ عن أوامره ونواهيه، فعاقبته الزوال، وسوء المصير، والعياذ بالله من ذلك، وهي سُنَّة ماضية لكل من كان هذا دَأْبَه.

 

وهذا ما عبَّرَ عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه حيث قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: ((إِنَّ الْحَـلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَـرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمـَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ؛ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))[2].

 

فالمسلم البصير الموفَّق بتوفيق الله تعالى يلتزم طاعة ربِّه سبحانه في كل أوامره، ونواهيه، وإن مسَّه طائفٌ من الشيطان تذكَّر خالقَه، وما أعدَّه من عقابٍ للعاصي، وثوابٍ للمُطيع، فما يلبث أن يعود إلى صوابه، ورُشْدِه، ويستقيم على طاعة الله جل وعز؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].

 

الآية الثانية: قال الله تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأنعام: 84].


تضمَّنت هذه الآية الكريمة توجيهًا تربويًّا مُهمًّا؛ هو: الاقتداء بعباد الله الصالحين، وفيما يلي عرض لهذا التوجيه:

• الاقتداء بعباد الله الصالحين.

لقد وجَّه الله تعالى رسوله الكريم محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بمَنْ سبَقَه من الأنبياء عليهم السلام؛ فقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90].

 

ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره: فقد امتثل الرسول صلى الله عليه وسلم، فاهتدى بهدي الرُّسُل قبله، وجمع كل كمال فيهم، فاجتمعت لديه فضائل وخصائص، فاق بها جميع العالمين، وكان سيد المرسلين، وإمام المتقين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

 

فكما وجَّه الله نبيَّه سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بمَنْ قبله من الأنبياء عليهم السلام، وجَّه أُمَّتَه إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم؛ فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].


ولأهمية الاقتداء بالصالحين، فقد أمرنا الله تعالى بطلب ذلك في آية عظيمة من سورة الفاتحة، وهي تتكرَّر معنا في اليوم ما لا يقلُّ عن سبع عشرة مرة من غير الرواتب والنوافل، وهذه الآية هي قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].


ويُوضِّح ابن كثير رحمه الله بأن قول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ هم المذكورون في سورة النساء عند قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك، من ملائكتك، وأنبيائك، والصدِّيقين، والشُّهَداء، والصالحين.

 

ويضيف الشيخ الجزائري حفظَه الله في تفسيره: بأن صراط المنعم عليهم يشمل كل من أنعم الله عليهم بالإيمان به تعالى ومعرفته، ومعرفة محابه، ومساخطه، والتوفيق لفعل المحاب، وترك المكاره.

 

ولعل الشاعر الذي يقول:

فتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبُّهَ بالكِرام فلاحُ


قد أدرك أهمية القدوة الحسنة والتشبُّه بالصالحين، وحتى ولو لم يصل إلى مثل حالهم تمامًا، فيكفي التشبُّه بأحوالهم، لعل الله تعالى يجعله مثلهم بنيته، ورغبته في اللِّحاق بهم.

 

وبقول الشاعر المشار إليه يحضرني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتفق على صحَّتِه، وهو كما رواه مسلـم في صحيحـه "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَـاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: ((وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟))، قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا، بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، قـَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِـمْ"[3].

 

وإنني أطالب الوالدين بشدَّة بأهمية التأسِّي بأحوال الصالحين في تربية أولادهم، وفي مقدمتهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأن الآية الكريمة المشار إليها قرَّرَتْ مبدأً قُرْآنيًّا تربويًّا عظيمًا، وهو: ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ أي: من يتأسَّى بحال هؤلاء الكوكبة النيِّرة من الأنبياء في حسن تربيتهم لأولادهم، وفي صبرهم على طاعة الله تعالى، سيجعل الله له ذريةً صالحةً مباركةً تقرُّ بهم عينُه، ويثلج بهم صدْرُه.

 

الآية الثالثة: قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 87].


أشارت هذه الآية الكريمة إلى توجيهين تربويين مهمَّينِ، همـا: الأخذ بأسباب الهداية، وآثار هداية المهتدي على الأسرة، وفيما يلي عرض لهذين التوجيهين:

أولًا: الأخذ بأسباب الهداية:

إن الهداية دون أدنى شكٍّ من الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56]؛ ولكنَّ هناك أسبابًا موصِّلة لها، وهي من السُّنَن الكونية التي نُظِّمَت بها الحياة، فمن رام طريق الهداية يجب عليه أن يسلك السُّبُل الموصِّلة إليها، ومنها:

1- توفيق الله تعالى لنعمة الهداية؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].


2- الإيمان بالله تعالى، وهو محور أساس في الدين؛ لأنه يعني التصديق والاستسلام لكل ما جاء به الشرع من المغيبات، ومن وُفِّق لذلك، وُفِّق بعناية الله إلى هداية القرآن الكريم: ﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 203].


3- تقوى الله تعالى، فهي الطريق الأوحد لكسب الهداية، ويُؤكِّد ذلك الكثير مـن النصوص؛ قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، وقـال تعـالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17].


4- اتِّباع القرآن الكريم والتمسُّك بما جاء به مـن أوامر ونواهٍ؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101].


5- البُعْد عن اتِّباع الهوى؛ لأنه سَبَبٌ للزيغ والهلاك؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 56].


6- عدم اتِّباع الشيطان وخطواته؛ لأنه العدوُّ الأول للإنسان المتربِّص به؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 71].

 

7- إخلاص العبادة لله وتوحيده، وعدم الشرك به؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

 

8- المجاهدة في اتِّباع أوامر الله، واجتناب نواهـيه سبَبٌ رئيسٌ لحصول الهداية من الله؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

ثانيًا: آثار هداية المهتدي على الأسرة:

إن الرجل المهتدي الذي وفَّقَه الله تعالى للهداية وحُسْن الالتزام، سيكون بشيرَ خيرٍ على أهله، وعشيرته، فيبدأ بنصحهم، وإرشادهم، وتبيين ما يهمُّهم من أمور دينهم ودُنْياهم، ولا شكَّ أن دعوته ستلقى الكثير من القبول، مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم: 4]، وكم رأينا من رجل صالح مُصلِح أثَّر إيجابًا في أهله، وذويه، فأصبحوا في أجواء الهداية مُنعَّمين وتحت ظلالها الوارفة متفيِّئين.



[1] سنن ابن ماجه، حديث رقم: 46، كتاب: السنة، باب: اجتناب البدع والجدل.

[2] صحيح مسلم، حديث رقم: 4094، كتاب: المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشُّبُهات.

[3] صحيح مسلم، حديث رقم: 6713، كتاب: البـر والصلة، باب: المرء مع من أحبَّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آيات الذرية في سورة البقرة ومضامينها التربوية
  • آيات الذرية في سورة آل عمران ومضامينها التربوية
  • آيات الذرية في سورة الرعد ومضامينها التربوية
  • آيات الذرية في سورة الإسراء ومضامينها التربوية
  • قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم
  • إن أتبع إلا ما يوحى إلي
  • قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون
  • قل إنما الآيات عند الله
  • هدايات سورة الأنعام
  • تفسير الآية 3 من سورة الأنعام: { وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم... }
  • الوصايا العشر في سورة الأنعام

مختارات من الشبكة

  • آيات الذرية في سورتي مريم ويس ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آيات الذرية في سورة إبراهيم ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آيات الذرية في سورة الأعراف ومضامينها التربوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • آية الذرية في سورة الحديد ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الذرية في سورة الطور ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الذرية في سورة الأحقاف ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الذرية في سورة غافر ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الذرية في سورة العنكبوت ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الذرية في سورة الفرقان ومضامينها التربوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • آية الذرية في سورة الكهف ومضامينها التربوية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وامتنان
عبدالحليم ابراهيم غازي - مصر 03-08-2024 03:53 PM

جزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب