ما السبيل إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية؟

ما السبيل إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية؟

إنَّ من العوامل المحدِّدة لنجاح نظامٍ تعليميٍّ ما: مقدارَ تحقيقِ الأهداف المسطَّرة بخصوصه، ولكي ينجح هذا النظام التعليميُّ، ويسير على أُسسٍ صحيحة سليمة، تجب شروطٌ لا بد منها لضمان هذه السيرورةِ الحسنة، ووصولها إلى المرحلة المبتغاة والمرجوَّة، وتتمثَّل هذه الشروط فيما يلي:

• يجب أن تسيرَ العمليةُ التعليمة على هدى مخطَّط واضح منذ البداية؛ لأن أيَّ خَلَلٍ فيها - والسَّنَةُ الدراسية قد بدأت - قد يكون له أثر سيئ جدًّا، سواء بالنسبة للمتعلِّمين أو الأساتذة، فتختلط الأمور، ويصعُب بعدها مراجعتُها، والتخفيف مِن وَقْعها على التحصيل العلميِّ للمتعلِّم، والراحة التامَّة للأستاذ.

• توضيح النقاطِ الواجبِ ملامستُها للأستاذ؛ لأنه لكل فصل دراسيٍّ هدفُه العام، والذي يتفرَّع حسب كلِّ باقة من الدروس؛ فإن كانت النقاطُ غامضةً، ويصعب على الأستاذ اكتشافُها وحده، سارت الدروسُ دون هدف، وضاعت الغاية من تلقين تلك المادة للمتعلِّم؛ لأنه عليه أن يُحِسَّ بقيمتها وأثرها في تحسين مستواه الدراسيِّ.

• من الواجب منح الوقت الكافي للأستاذ بما يتوافق مع عدد الدروس؛ فالصعوبة تكمن في كون عدد الساعات قليلًا، أمَّا مقدار الدروس فهائل مقارنةً به، هذا ما يجعل الأستاذ يُسرع، فننتقل من مرحلة الشرح والإفهام والهضم، إلى الحشو والإكراه والضغط، وهذا حتمًا ما يقود المتعلِّم إلى الملل والنفور، وربما رفض التعلُّم.

• يجب أن تكون البرامج التعليمية لكلِّ مرحلةٍ متكاملةً حتى تحقِّق الهدف منها؛ فالمتعلِّم كالنبتة الصغيرة، نسقيها رويدًا رويدًا لتنمو وتزهر أوراقها، وإذا لم نراعِ فيها منح الماء والهواء والضوء، تذبُل وتموت وتتلاشى مع مرور الزمن.

• عدم إرهاق المتعلِّم بكثافة الدروس؛ لأن ذلك سبب في نفوره منها ورفضه للتعلُّم؛ فالأفضل تخفيفها ومراعاة الفائدة منها، لا التركيز على الكمِّ؛ لأن تلقين العلم يهدف إلى الحصول على نوعية جيدة من المتعلِّمين، لا عدد كبير منهم ومستواهم قد لا يرقى إلى المطلوب.

• الجانب الاجتماعي والنفسي والمكتسبات السابقة للمتعلِّم، لها دور كبير في تحقيق برامج التعليم لأهدافها؛ فالمتعلِّم له واقعٌ يجب أَخْذُه بعين الاعتبار، وانطلاقًا من هذا الواقع نبني أُسُسَ برامجنا؛ حتى تكون مكيفة بالشكل الجيد مع مستويات المتعلِّمين ومتطلباتهم النفسية والاجتماعية.

• التبسيط قدر الإمكان للمتعلِّم، والعمل على إكسابه المَقْدِرَة على التعلُّم، فيُبْحر بعدها في عالَم المعرفة وحده، وهذا أسلوب التعليم الحديث، فهو يجعل من المتعلِّم هو محور العملية التعليمية، أمَّا الأستاذ، فهو موجِّه لها وراسمٌ لخطوطها العامة، التي يقتفي أثرَها هذا المتعلِّمُ.

• التشجيع وفتح باب الأمل للمتعلِّم ضعيف المستوى؛ لأن الهدف من العملية التعليمية غرسُ خُلُق المساعدة في المتعلِّم والأستاذِ أيضًا؛ ولهذا فأخذُه بيد المتعلِّم والسير معه بخُطى بطيئةٍ - ولكنها ثابتة - دليلٌ على نجاح العملية التعليمية، واكتسابها قيمةً راقية مرتبطة بجوهر الإنسان.

• الهدف من العملية التعليمية هو تخريج جيل من الأفراد صالحين، قادرين على النهوض بحياتهم الخاصة والعامة؛ لأن المجتمع في حاجةٍ إلى ذلك، وما ينتجه هذا النظام ومدى جودة المتعلِّمين له أثرٌ عميق في نهضة المجتمع، وإشاعةِ الوعي، وبعث مفاصله الفعَّالة النشطة.

• منح الفرصة للتفاعل الإيجابيِّ والتعاون فيما بين المتعلِّمين؛ لأن إحساس المتعلِّم أنه يقاسم أقرانه الشوق إلى المعرفة كفيلٌ بغَرْس الشعور بأنهم جميعًا على قاربٍ واحدٍ، وهذا سبب في تفعيل لذَّة طلب العلم وخلق المنافسة، وبالتالي التحصيل في الأخير على عناصرَ ممتازةٍ، وربما نوابغ.

إن التعليم ركنٌ مكين في أيِّ مجتمع، والعمل على إصلاح مثالبه والخللِ فيه واجبٌ، وقد وضعنا بعضَ الشروط اللازم توفُّرها فيه؛ حتى يحقِّق الهدف الأسمى والأعمَّ منه، ألا وهو: تخريج فرد مثقَّف وواعٍ، يعلم دورَه المنوطَ به في المجتمع، ويسعى إلى ممارسته على دراية وتبصُّر.