جوانب جمالية وشخصية في العلاقة الزوجية

جوانب جمالية وشخصية في العلاقة الزوجية

الوقفة الأولى: التكريم الرباني للمرأة المسلمة:

إن تكريم الإسلام للمرأة يمد ظلاله على جميع شؤون حياتها، ليشمل علاقتها مع زوجها، فالآية الكريمة توضح جليا العدل في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ... ﴾ الآية، (البقرة: 228)، ومما لا شك فيه أن اهتمام المرأة بالجوانب الجمالية أكثر من الرجل، فحبها للزينة وحرصها عليها أمر فطري لا تخالف عنه إلا الرجلة من النساء، والزوج يحب الزوجة التي تسر عينه بمرآها والتي يشم منها أطيب الطيب، خاصة في هذا الزمن الذي تفشى فيه وانتشر بشكل مذهل نماذج وصور النساء المتبرجات في كل وسائل الإعلام بل على قارعة الطريق وأماكن العمل، وهذا أمر يجب على المرأة العناية به حفظا لزوجها من الفتنة.

والسؤال المطروح: هل أوجب الإسلام على المرأة فقط أن تأخذ بالنظافة والزينة؟ ألا تحب المرأة من زوجها ما يحب منها؟ ما الهدي النبوي في اهتمام الزوج بزينته ونظافته؟

إن قول الله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ... ﴾ يدخل في معنى الآية: أن على الرجل أن يتجمل لزوجته كما تتجمل له، يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: (إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة"[1]، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن لزوجك عليك حقاً"[2]، وكثيرة هي الروايات التي تبين عناية النبي صلى الله ليه وسلم بالجانب الجمالي، فقد روى أنس رضي الله عنه قال: "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم سُكة- وهو طيب معروف- يتطيب منها"[3] وعنه رضي الله عنه في وصفه يقول: "ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أو عرفا قط أطيب من ريح أو عرف النبي صلى الله عليه وسلم "[4]، وقد كان صلى الله عليه وسلم يهتم بهيئته ولباسه، ومما جاء في وصف أصحابه له: " كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً بعيدَ ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلة حمراء، لم أر شيئا قط أحسن منه" [5]، وكان يهتم بترجيل شعره وإكرامه وتطييبه، وكم قامت زوجاته أمهات المؤمنين بغسل شعره وترجيله وتطييبه صلى الله عليه وسلم إكراما له ورعاية واهتماما بشؤونه الخاصة[6].

والأحاديث السابقة تؤكد حض الإسلام على ضرورة العناية بالنظافة الشخصية للمسلم، بل إن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لا ترى بأساً أن تطلب المرأة من زوجها العناية بنظافته الشخصية والاستنجاء بالماء تطيباً، فتقول للمؤمنات: "مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله"[7].

الوقفة الثانية: توعية المجتمع بالتربية الجنسية:

تعد التربية الجنسية من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن يطرقها الداعية في مجال النظافة الشخصية، والعناية بجمال البدن والمظهر العام، بما يتلاءم مع طبيعة المخاطبين وحاجاتهم، ومن ذلك توعية الشباب والشابات بجانب العناية بالجوانب الجمالية الداخلية والخارجية، وتنشئتهم على ما يؤدي إلى استقرار حياتهم الأسرية بعد زواجهم، وقد أجريت دراسة ميدانية في علم الاجتماع تكشف عن وجود نسبة كبيرة من المشكلات الأسرية وخاصة في جانب العلاقة الجنسية، فقد بينت الإحصائيات أن 40% من الأزواج يواجهون مع شريك الحياة مشكلات جنسية، وقد ثبت أن شعور المرأة بالحرمان الجنسي من الزوج يدفعها إلى كره الزوج وطلب الطلاق أو الخيانة الزوجية، وكذلك عدم إشباع الزوج وارتوائه جنسياً يؤدي إلى حدوث مصادمات تنتهي بتفكك الأسرة، ومن نتائج تلك الدراسة: أهمية " أن يعرف الأبناء والبنات أثناء مرحلة نضجهم أن تدليك الجسم ونظافته والرائحة الزكية؛ تستفز الشهوة الجنسية بشكل مذهل، بالإضافة إلى أن عليهم أن يغطوا رائحة عرق الجسم بهذا أو ذاك من مزيل الروائح المعروفة، حفاظاً على الآداب الاجتماعية واللياقة، وكل هذا له أثر في الرغبة الجنسية عند شريك الزواج، ومبادرته للممارسات الغرامية على الدوام، وعلى العكس من ذلك فقد تكون رائحة العرق وروائح الأعضاء الداخلية المغلقة للشريك أو للشريكة سببا في التنافر الجنسي بين الزوجين، واضطراب العلاقات الزوجية، لأن انعدام النظافة يطفئ نضارة الجسم ونشاطه"[8].

الوقفة الثالثة: العناية بالنظافة الظاهرة والباطنة:

على الدعاة إلى الله من الرجال والنساء أن يكونوا على أحسن هيئة وأجمل منظر وأكثر جاذبية، ليكونوا أقدر على التأثير والوصول إلى قلوب الناس، بل إنهم مطالبون بالعناية بهيئاتهم ونظافة أبدانهم وأثوابهم حتى لو كانوا في خلواتهم، تطبيقاً لسنن الفطرة التي حث عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم [9]، واتباعاً للهدي النبوي، ما دام هذا التجمل غير مبالغ فيه ومجانباً للإسراف والمخيلة، فالقيام بمسؤولية الدعوة إلى الله لا يتنافى مع حسن المظهر والنظافة، كيف وقد جاء الحث عليها من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى في حال العبادات، كما في عبادة الصيام فيقول ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا كان صوم أحدكم فليصبح دهينا مترجلا"[10]، كما أن الداعية لا ينبغي أن يكون رمزا للإهمال والفوضى في شكله الظاهر، فحسن الهيئة والترتيب وإحسان المظهر في اللبس والتطيب طريق إلى قبول دعوته وقوله، وإذا قصد الداعية بهذا رفعة الدين فإنه يثاب عليه [11].