في النقد التعليمي: هنات بند التقويم في أحد الكتب الخارجية الشارحة كتاب الوزارة

في النقد التعليمي

هنات بند التقويم في أحد الكتب الخارجية الشارحة كتاب الوزارة

(1)

تشغلني كتبُ اللغة العربية فيما قبل التعليم الجامعي منذ سنوات ليست بالقليلة، وقد تناولتُ في سلسلة "في النقد التعليمي" الأخطاء الفكرية والفنية في مختلف فروع اللغة وعلومها في كتب الوزارة؛ فأنتج ذلك ما يربو على الأربعة عشر مقالًا عن قصة "علي مبارك" للصف السادس الابتدائي، وعشرة مقالات عن قصة "أمنا خديجة رضي الله عنها" للصف السادس الابتدائي، ومقالات أُخَر لم أحصر عددها عن النصوص والقراءة، جلها يخص المرحلة الابتدائية، وقليلها يخص المرحلة الإعدادية والثانوية.

وكانت كل هذه المقالات تناقش بند المحتوى أو المقرر من بنود المنهج الدراسي بمفهومه الحديث؛ فتُظهر عدم الاتساق فيه، وتبين خلله الفكري والفني.

وهأنذا اليوم أعيش مع بند جديد من بنود المنهج الدراسي بمفهومه الحديث في غير كتب الوزارة.

ما هو؟

إنه بند التقويم الذي انشغلتُ به منذ زمن ليس بالقصير في أحد الكتب السيارة المشهورة الخارجية، التي تُعنى ببيان منهج اللغة العربية، بعد ما لحظته من هَنَات ليست بالقليلة في أسئلتها في مختلف سنوات المرحلة الأولى من المرحلة الابتدائية؛ أي: الصفوف الثلاثة الأُول.

وقد حصرت سبعة مظاهر لهذا البند، هي:

(2)

أ- طلب وضع علامة (صح) أو علامة (خطأ) بين احتمالين كلاهما صحيح

يكثر هذا النمط من الأسئلة في ذلك الكتاب للصف الثاني الابتدائي في اللغة العربية، ويتكرر على الرغم من خطئه الفني؛ لأنه يطلب الصحة والخطأ بين احتمالين فقط، وكلاهما صحيح.

مثل ماذا؟

هاكم بعض أمثلة عليه:

1) ضع علامة (√) أو (Χ) أمام ما يأتي:

أ- مصر أرض الكرم.

ب- للقراءة فوائد عظيمة.

2) أ- ضع علامة (√) أو (Χ) أمام ما يأتي:

1- أنقذ الصياد الطفل من الغرق.

2- شكر الأمير الطفل.

ب- طلب وضع علامة (صح) أو علامة (خطأ) قبالة بند يحتوي جملة صحيحة وأخرى خاطئة

الهنة تتمثل في س5 ص98 للصف الثاني الابتدائي.

ما هي؟

يقول السؤال:

"حدد شفويًّا الجملة الصحيحة والجملة الخطأ:

1- الله خالق كل شيء.

2- بالعقل نفكر، وبالأذن نبصر.

3- أغسل جسمي بالماء والصابون".

ماذا طلب السؤال؟

طلب تحديد الجملة الصحيحة والجملة الخطأ.

ماذا يعني هذا؟

يعني إفراد كل عنصر بجملة حتى يجيب التلميذ أو المعلم عن السؤال.

فهل حدث ذلك؟

لا.

كيف؟

في العنصر (2) وردت جملتان: جملة "بالعقل نفكر"، وهي صحيحة، وجملة "بالأذن نبصر"، وهي خطأ؛ فماذا يفعل المعلم أو التلميذ؟ هل يضع العلامتين معًا؟ أم يلغي جملة ويعد جملة؟ هذا نمط غير صحيح من الأسئلة، ويجب اختفاؤه في الطبعات القادمة.

ج- عدم التفريق بين الصوت القصير والصوت الطويل

في س5 ص 183 من أسئلة موضوع "بنك الطعام" يوجد خطأ.

ما هو؟

إنه عدم التفريق بين نوعي الصوت: القصير، والطويل.

كيف؟

هذا هو نص السؤال:

"انطق الكلمات التالية، ولاحظ الفرق بين الأصوات القصيرة والطويلة:

تبقَّى - قال/ مساعدة - طعام/ تناول - محتاجة".

أين السهو؟

إنه في الزوج الأول الذي يحتوي صوتًا طويلًا للقاف، ولا يوجد صوت قصير؛ لذا أنوِّه لعل هذا السهو يُتدارك قابلًا.

د- النموذج يخالف المثال المعطَى.. اللام الشمسية واللام القمرية

الهنة هذه المرة تتمثل في س4 ص83 بالصف الأول الابتدائي.

ما هي؟

يقول السؤال:

"أكمل كالمثال:

المثال: خطاب - الخطاب.

ثعلب:........ صغير:.......... فيل:.......... عضو:..........".

ما هدف السؤال كما يظهر من المثال والتعليق الهامشي في هذا النوع من الأسئلة؟

الهدف هو التدريب على اللام القمرية؛ لأن الخاء من حروف اللام القمرية.

وماذا يعني هذا؟

يعني أن تكون الكلمات التي سيحاكيها المثال حروفها الأولى حروف قمرية.

فهل حدث هذا؟

لا؛ فالكلمتان الأوليان تبدأان بحرف شمسي، وهذا يخالف هدف السؤال، ويشتت انتباه تلميذ الصف الأول.

هـ- النموذج يخالف المثال المعطَى.. تنوين النصب

هذه المرة مع س6 ص83 للصف الأول حيث يقول السؤال:

"أكمل وانطق كالمثال:

المثال: رحلةٌ - رحلةً / طعامٌ - طعامًا

عشب:...... / مدرسة:...... / جسر:...... / جميلة:......".

ماذا في السؤال؟

السؤال فكرته بيان الحروف التي تنوَّن تنوين فتح من دون زيادة ألف بعدها، والحروف التي تنوَّن تنوين فتح فيعقبها ألف، وهي فكرة صحيحة متميزة، لكن التنفيذ أصابه الوهم.

كيف؟

إن كلمتي "رحلةٌ - رحلةً" كان يجب أن يأتي تحتها (مدرسة وجميلة) للاشتراك في عدم كتابة الألف؛ لانتهاء الكلمة بالتاء المربوطة، وإن كلمتي "طعامٌ - طعامًا" كان يجب إدراج كلمتي "عشب وجسر" أسفلها؛ للاشتراك في كتابة الألف عند تنوينهما تنوين فتح، لكن الكتاب عكس، فكان الخطأ.

و- مخالفة مفهوم الصوت

هنة هذه المرة تتمثل في س22 ص87 للصف الأول الابتدائي.

يقول السؤال:

"اقرأ الدرس، واملأ القاموس:

كلمة بها صوت (ص) - كلمة بها صوت (ب) - كلمة بها مد بالياء".

ماذا في السؤال؟

السؤال يطلب "صوتًا".

ما معنى ذلك؟

معناه أنه ما دام يطلب صوتًا، فلا بد أن يكون الحرف معه حركة قصيرة أو طويلة، أو سكون، أو تنوين، أو تشديد وما يصاحبه - حتى يصبح صوتًا، وهذا غير موجود، وكان يجب أن تكون الصيغة مع الصورة الواردة أعلاه كالآتي:

كلمة بها صوت لحرف (ص) - كلمة بها صوت لحرف (ب).

ز- عدم التفريق بين النكرة والمعرفة

وقفتنا هذه المرة مع (ج) من س1 ص129 من ذلك الكتاب الذي أُقَدِّره على الرغم من وجود هذه الهنات التي لا يخلو منها جهد بشري.

ما موضوعها؟

إنه موضوع يقع فيه الكثير من المعلمين والمعلمات؛ لعدم تقديرهم الفرق وعدم تقديرهن إياه.

ما هو؟

إنه جمع المعرفة منكرًا أو إفراد النكرة معرفة.

كيف؟

يقول السؤال:

"اختر مفرد الكلمات الآتية:

1- كلمة الأكوان... (كائن - مكون - كون)".

ماذا هنا؟

هنا يطلب السؤال مفرد "الأكوان" المعرف بـ"أل"، ولا يضع في الاختيارات مفردًا معرفة، بل يضع كلمات كلها نكرة، وكان يجب أن يجعل البدائل كالآتي: (الكائن - المكون - الكون)؛ لأن النكرة كلمة، والمعرفة كلمة أخرى، على الرغم من الاشتراك في المادة المعجمية.

(3)

إن بند التقويم مهم، بل هو أهم بنود المنهج؛ لأنه الذي يختمها ويقيسها؛ فإن أُغلق الأمر إغلاقًا صحيحًا ثبتت المعلومة، وإلا كانت الأخرى غير الحميدة؛ لذا أدعو الله أن تصحَّح هذه الهنات وغيرها في الطبعات القادمة، وأن يصوبها المعلمون.