التدمير وعدم الطاعة عند الأطفال

التدمير وعدم الطاعة عند الأطفال

تعتبر مرحلةُ الطفولةِ مرحلةً مهمَّة في حياة الفرد؛ بل يمكن القول: إنها أهم مراحلِ عمره؛ حيث يوضَع فيها الأساسُ الأوَّل الذي يبني عليه شخصيتَه، فالطفولة هي الفترة التي يعتمد فيها الفردُ على والديه في المأكل، والملبس، والمأوى، والتعليم، والصحة، والترويح.

وقد يُواجِه الطفلُ في هذه المرحلةِ بعضَ المشكلات، سواء كانتْ مشكلاتٍ ذاتية أو مشكلات بيئية، ومن هذه المشكلات مشكلة التدمير ومشكلة عدم الطاعة.

أولاً: مشكلة التدمير عند الاطفال:

يتميَّز الطفل في هذه المرحلة العمرية بحبِّ الاكتشاف، وفحصِ الأشياء؛ فنجدُه دائم الحركة والنشاط، والمشكلة أنه لا يميِّز بين الأشياء؛ أي: لا يعرف الفرق بين الرخيص والثمين، فقد يحطِّم ويكسر ويمزِّق، فتبدأ الأسرة بالشكوى ووصف الأطفال بالشقاوة، والحقيقة أن هذا السلوك طبيعي، لكنه يتسم بعدم الوضوح.

أسباب مشكلة التدمير:

من أسباب التدمير عند الأطفال ما يأتي:

1- حب الاستطلاع، فهو قد يفكِّك أو يركِّب من أجل المعرفة.

2- الشعور بالغضب، والغيرة، أو عدم الشعور بالأمن.

3- عدم إشباع حاجة الحب.

4- الإحساس بقسوة الوالدين، أو عدم الاستقرار في العائلة.

5- لفت أنظار الوالدين؛ فالطفل قد يقوم بالتدمير من أجلِ لفت أنظار الوالدين.

6- الصراع النفسي الشديد الذي قد لا تكون أسبابُه واضحةً، وهنا لا بدَّ من زيارة الطبيب النفسي من أجل معرفة الأسباب.

7- القدرات والمواهب التي قد يجهلها الآباء.

علاج مشكلة التدمير عند الأطفال:

1- إشباع حاجات الطفل النفسية.

2- اتباع أساليب تربوية حديثة في عملية التنشئة الاجتماعية.

3- إشباع ميول الأطفال وحبهم للاستطلاع، وهنا تختارُ الأسرة اللُّعَب الرخيصة والخفيفة، وغير الخطرة؛ كاللعب البلاستيكية التي تحل وتركب بسهولة.

4- تخصيص أماكن أو غرفة خاصة بالأطفال؛ تجنبًا لمراقبة الكبار الدائمة لأنشطتهم.

ثانيًا: مشكلة عدم الطاعة عند الأطفال:

الطاعة لا تَعنِي الخضوع والاستسلام، بل هي سلوكٌ مكتسَب عن طريق الخبرة والتجرِبة والتدريب، وقد تغرسُ في النفس المعاييرَ الجيدة، والنظام، وضبط النفس، والسيطرة على الموقف.

وكثيرًا ما يخطئ الوالدان في استخدام العنفِ والقسوة والحرمان، من أجل السيطرة على أطفالهم، وإجبارهم على الطاعة والخضوع، كأن يَفرِضُوا عليهم المكوثَ في مكانٍ واحد، وبشكل معين مدة من الزمن، والحقيقة أن هذا يتنافَى مع طبيعة الطفل ونشاطه، كما أنه ليس دليلاً على الأخلاق الجيدة؛ فمثلاً قد تجد الطفلَ مطيعًا وهادئًا في البيت، والعكس تمامًا في المدرسة.

وقد لا ينجحُ الأهل أحيانًا في ضبط سلوك أطفالهم وإجبارهم على طاعتهم، وإن نجحوا، فالمدَّة قد تكون محدودة، يُعلِن الطفل بعدها العصيان؛ فمثلاً قد تجد الأمَّ تلحُّ على طفلِها لتناول الطعام وهو لا يستجيب، وأحيانًا تجد الطفل يزيد من عصيانه ورفض أوامر الوالدين في أثناء وجود ضيوفٍ في البيت، فيقوم بأنشطة زائدة، أو يأكل بشراهة، أو يجلس بطريقة غير مهذَّبة؛ أي: إنه قد يبالغ في إحراجِ والديه ليظهر عجزَهم، وأحيانًا نجد الأمَّ تخوِّف الأطفال بالشرطة، والعفاريت، والسجن، وهذا الأسلوب قد يُجدِي لفترة من الوقت، لكنه يجلب الخوف للطفل، ولكن الأهم من ذلك هو إقناع الأطفال بالطاعة، والفوائد التي يُمكِن أن يَجنُوها من وراء ذلك.

والعقابُ البدنِي الذي يستخدم وسيلةً لإجبار الأطفال على الطاعة والنظام - يَستَبعِده التربويُّون ورجالُ علم النفس؛ لأنه يَزِيد الأمور سوءًا، ويمكن أن تستخدمَ الأسرةُ - كما ذكرنا - الإقناعَ وأساليب المدح والثناء والتعزيز، والحوافز المادية والمعنوية، فمثلاً إذا أردنا أن نعدَّ للطفل وجبةً نأخذ رأيه، وإذا غسل يديه نشكرُه ونُثنِي عليه؛ بحيث تُصبِح الطاعة لديه خاصيةً مميَّزة؛ مما يُسَاعِده على النضج والنمو بشكل سليم.

المراجع:

1- أحمد العموشي: المشكلات الاجتماعية، القاهرة، دار العالَم الجديد، 2009، بتصرف.

2- ثريا عبدالرؤوف وآخرون: الأسرة المعاصرة والممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الأسرة والطفولة، القاهرة، مركز وتوزيع الكتاب الجامعي ، 2004.

3- كمال إبراهيم مرسي: علاقة مشكلات التوافق في المراهقة بإدراك المعاملة الوالدية في الطفولة، بحث منشور في المجلة التربوية، القاهرة، 1986.

4- محمد محمود الزيني: رعاية الأسرة والطفولة في المجتمع، القاهرة، دار الكتب الجامعية، 1967.

5- محمود حمودة: الطفل والمراهقة: المشكلات النفسية والعلاج، القاهرة، المطبعة الفنية، 1991.