وقفات مع طالب

وقفات مع طالب

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فوقفاتي اليوم مع طالب، وسوف أَطرحها في صِيغة سؤالٍ وجواب، زيادة في السهولة واليُسر والفهم.

ابني الطالب، أوجِّه لك هذه الكلمات من صَميم قلبي، انطلاقًا من حقِّك عليَّ من واجب النُّصح والتوجيه، وأمانة الإرشاد والتَّشجيع؛ عسى أن يكون لها صدًى في حياتك العلميَّة والعمليَّة بإذن الله تعالى.

س: لماذا أذاكِر وأتفوَّق؟

ج:

(1) من أجل نَفسي؛ لأنَّ المتفوِّق يَصِل بسرعة إلى ما يريد.

(2) من أجل أبي وأمِّي؛ لأنَّ نجاحي وتفوُّقي سبب في شعورهما بالسَّعادة.

(3) من أجل مجتمعي؛ لأن المجتمع يحتاج إلى المتفوِّقين والناجحين.

(4) من أجل المسلمين؛ لأنَّ المسلمين اليوم يحتاجون بشدَّة إلى متفوقين ونابغين.

(5) من أجل خدمة ديننا وعقيدتنا من خلال الدَّعوة إلى الله تعالى.

(6) من أجل استحقاق سعادة الدنيا والآخرة.

س: هل توجد آداب معينة لطالب العلم؟

ج: نعم، هناك آداب كثيرة يَجب على طالب العِلم أن يتحلَّى بها، منها:

(1) الإخلاص؛ فيقصد بالتعليم رضا الله تعالى والتقرُّب إليه.

(2) العلم للعمل؛ فالعِلم يهتِف بالعمل؛ فإن أجابَه وإلَّا ارتحَل، قال معاذ: "اعلموا ما شئتم أن تَعلموا؛ فلَن يأجركم الله حتى تَعملوا".

(3) التخلُّق بالمحاسن؛ فينبغي على الطالب أن يتعاهَد نفسَه بالخصال الحميدة؛ مثل: الحلم والصبر، والورع والوقار، مع التواضع والخضوع، وطلاقة الوجه من غير خروجٍ إلى حدِّ الخلاعة، وملازمة الصِّدق دائمًا؛ فالطالِب الصَّادق هو الذي يقول الحقَّ ولا يخبر إلَّا بما يَعلمه ويراه، وأن يكون من المحبِّين للإنصاف؛ فإنَّ التعصُّب سبب تفريق النَّاس بعضهم عن بعض، وجذوة حَجب العقول عن الحقِّ، والإنصاف راحة؛ لأنَّه يَرفع الخلافَ، ويوجِب الائتلاف.

(4) النَّظافة؛ فعليه أن يكون نظيفَ الوجه، وخاصَّة العينين والأسنان، واليدين والقدمين، وسائر البدن، وكذلك الثياب، والحذر من التشبُّه بالكفَّار في صيحات الموضة وقصَّات الشَّعر المنهي عنها شرعًا.

(5) بَذل النَّصيحة، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الدِّين النَّصيحة؛ لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين، وعامَّتهم))؛ رواه مسلم.

(6) عليك بالتحلِّي برعاية حُرمة معلِّمك؛ فإنَّ ذلك عنوان النَّجاح والفَلاح، والتحصيل والتوفيق، فليكن معلِّمك محلَّ إجلالٍ منك وإكرام وتقدير وتلطُّف، فلا تتقدَّم عليه بكلام أو مَسير، ولا تلحَّ عليه في جواب، متجنبًا الإكثارَ من السؤال لا سيما أمام النَّاس؛ فإنَّ هذا يوجب لك الغرور وله الملَل، ولا تُنادِه باسمه مجرَّدًا، وإذا بدا لك خطأ من معلِّمك أو وَهم، فلا يُسقطه ذلك من عينيك، ومن ذا الذي يَنجو من الخطأ دائمًا؟ ولتعلم أنَّ رأس مالِك من معلِّمك القدوة بصالح أخلاقه وكريم شمائله، أمَّا التلقي والتلقين، فهو رِبح زائد.

(7) آداب أخرى: الوفاء بالوعد، ومعاملة النَّاس برَأفة ورِفق ولِين، وعدم الحَلف إلَّا عند الضَّرورة، ولا يكون إلَّا بالله، والحكمة في استخدام الهاتف المحمول فإنَّ له أصولًا، ومراعاة الهمَّة والنَّشاط في جميع الأفعال؛ فلا يطأطِئ رأسَه ويَثني ركبتيه وظهره في مشيه أو قعوده، وعليه أن يتوسَّط في مشيه ويكون إلى السُّرعة أقرب، ويحافظ على صحَّته، ولا يُكثر من السَّهر دون فائدة، والمواظبة على الرياضة باتِّزان.

س: ماذا أتَّبع من قواعد حتى أتفوَّق؟

ج: (1) الاستعانة بالله تعالى (الدعاء... الدعاء)، ولا تَنسَ أذكارَ الصَّباح والمساء؛ فهي من أعظم مفاتيح الخير والبرَكة، ومن أسباب الكفاية في الأمور كلِّها، ييسِّر الله بها العسير، ويفتح بها الأرزاقَ، ويدفع بها الشرورَ والآفات.

(2) وهبَك الله قدرات فلا تُهملها، وتذكَّر أنَّ قدراتك العلميَّة أكبر من هذه المناهج الدراسيَّة؛ ولذا فهي تَبدو أسهل ممَّا تتوقَّع، عليك فقط مضاعَفة ثِقتك بنفسك.

(3) لا يمكن أن تتلقَّى بدون أن تحب.

(4) العطاء يساوي الأخذ.

(5) الفشل.. مجرَّد حدَث، والفاشلون قِسمان: قسم فكَّر ولم يفعل، وقسم فعل ولم يفكِّر، ولتعلم أنَّ الفشل طريقك إلى النجاح والتفوُّق.

(6) تذكَّر دائمًا طعم النَّجاح والتفوُّق واجتهد لتناله، وكن عالي الهمَّة؛ فعُلوُّ الهمَّة أدب نفسيٌّ نفيس، مَن امتلكه فقد امتلك مفاتيحَ النَّجاح كلَّها.

س: ما مراحل المذاكرة؟

ج:

أولًا: التهيئة:

• داخل الفصل:

(1) احتسِب الأجرَ في جلوسك.

(2) أحسِن اختيار الزميل المجاور.

ولا تَجلس إلى أهل الدَّنايا ♦♦♦ فإنَّ خلائق السُّفهاء تُعدِي

(3) الحضور المنتظم والمبكِّر.

(4) لا بأس من المشاركة في بعض الأَنشطة المدرسيَّة.

• خارج الفصل:

(1) تحديد وقت معيَّن للمذاكرة.

(2) ابتعد عن أماكن الرَّاحة.

(3) إياك وكلمة (سوف).

(4) المذاكرة أولًا بأول.

أخي لن تَنال العلمَ إلَّا بستَّة سأُنبِيك عن تفصيلِها ببيانِ ذكاءٌ وحِرص واجتهاد وبُلغة وإرشادُ أستاذٍ وطولُ زمانِ

ثانيًا: التركيز:

• داخل الفصل:

(1) التركيز سرُّ التميز.

(2) لا تستهِن بالمشاركة مع المعلِّم.

(3) فكرة موجزَة عن الدَّرس قبل شرح المعلِّم تجد الفرق.

(4) نشاط القائل على قَدر تركيز وفهم المستمِع.

• خارج الفصل:

(1) اقضِ على السَّرحان.

(2) عند التعب توقَّف ثمَّ واصِل.

(3) راقب استيعابك.

ثالثًا: المراجعة:

• فوائدها:

(1) تَقتصد الوقتَ والجهدَ وتعطيك فرصةً للترفيه.

(2) عند الاختبارات تُحمد المراجَعة.

(3) تَعمل على تَثبيت المعلومات واستحضارها بسهولة.

(4) تقلِّل رهبةَ الامتحان وتَزرع الثقةَ في النفس.

• أوقاتها:

(1) نهاية اليوم الدِّراسي.

(2) نهاية الأسبوع.

(3) نهاية الشَّهر.

(4) نهاية الفَصل الدراسي.

• كيفيَّتها:

(1) التلخيص؛ أسهل طرُق المراجعة.

(2) مراجعة الدروس أولًا بأول دون تراكم.

(3) تسلسل المراجعة؛ العناوين الكبيرة فالصغيرة.

(4) أجب عن الأسئلة وأسئلة الامتحانات السَّابقة.

(5) لا بأس بالمراجعة مع صديقٍ ولكن بضوابط.

س: كيف أحفظ جيدًا؟

ج: قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "مفتاح دار السعادة": "وللعلم ستُّ مراتب، أولها: حُسن السؤال، الثانية: حسن الإنصات والاستماع، الثالثة: حُسن الفهم، الرابعة: الحفظ، الخامسة: التعليم، السادسة - وهي ثمرته -: العمل به ومراعاة حدوده".

وهناك أمور يجب اتباعها لكي تحفظ جيدًا؛ منها:

(1) العزم، وما أدراك ما العزم؟!

(2) قبل أن تحفظ.. افهم، وعليك بالاستغفار عند استغلاق الفهم.

(3) حافظ على الصَّلاة في وقتها، واهجر المعاصي.

شكوتُ إلى وكيعٍ سوء حِفظي فأرشدني إلى تَرْك المعاصي وأخبرني بأنَّ العِلم نورٌ ونورُ الله لا يُهدى لِعاصي

(4) قسِّم الدرسَ إلى وحدات صغيرة وعلى فترات زمنيَّة.

(5) كرِّر ثمَّ كرِّر ثم كرر، واستعمل ما تمَّ حفظه، فدعائم الذَّاكرة الجيدة ثلاث: التَّكرار، الربط والخيال، التنظيم، وإيَّاك أن تربط بين عدَد السَّاعات وحصيلة الاستيعاب؛ لأنَّه لا علاقة بينهما.

(6) التسميع (شفوي أو تحريري) هو مِرآة الذَّاكرة، وخيرُ دليلٍ على اختبار مدى رسوخ المعلومة في ذِهنك، فهو يَكشف لك مواضعَ ضعفِك والأخطاء التي تَقع فيها، كما أنَّه الوسيلة القويَّة لتثبيت المعلومات وزيادة القدرة على تذكُّرها لفترة أطول.

(7) قم قبل صلاة الفجر بساعةٍ ثمَّ صلِّ ركعتين وادعُ اللهَ تعالى لك ولزملائك بالتوفيق والتيسير، وأن يعينَك، ثمَّ ابدأ المذاكرة بعد صلاة الفَجر؛ فهي أفضل أوقات الاستيعاب.

س: وماذا عن يوم الامتحان؟

ج: يوم الامتحان يُكرَم المرءُ أو يُهان، فعليك باتِّباع الآتي:

(1) عليك بالاستيقاظ مبكرًا؛ فإنَّ البركة في البكور، ولا تنسَ صلاة الفجر؛ فإنَّ ركعتي الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها.

(2) اطلب من والديك الدعاءَ لك دائمًا، وخاصَّة عند خروجك في الصباح.

(3) بعد استلام ورَقة الأسئلة ابدأ بالبسملة ثمَّ كتابة اسمك ورقم جلوسك وبياناتك بخطٍّ واضح، واعلم أنَّ الورقة الجيدة في تَنظيمها وعَرضها ووضوح وجمال خطِّها - تؤثِّر إيجابيًّا على نفسيَّة المصحِّح، ومن ثمَّ على تقويمها.

(4) بعد توزيع ورَقة الأسئلة لا بدَّ من قراءة الأسئلة بكاملها، ثمَّ اتِّباع التعليمات المكتوبة فيها والتقيُّد بها، ولتحذَر الغشَّ؛ فإنَّه عادة قَبيحة ومحرَّمة.

أخي المبارَك، أنت قدوة لغيرك، أنت شُعلة في الحياة، نفسك حَيث تضعها؛ فإن أنت أكرمتَها فقد أكرمتَ نفسك، وإن أهنتَها فقد أُهنتَ؛ فضع نفسَك موضعَ القدوة، وتذكَّر أنَّ الناس ينظرون إليك، فكن خيرَ قدوة لأقرانك وأترابك.

(5) ابدأ بالإجابة على السؤال السَّهل، ووزِّع زمنَ الإجابة على الأسئلة حسب طبيعة إجابة كل سؤال، ولا بدَّ من فهم السؤال جيدًا قبل الإجابة عليه من خلال قراءته أكثر من مرَّة بتركيز.

(6) راجع إجابتك قَبل تسليم ورقة الإجابة، ولا داعي للاستعجال والتفاخُر بأنَّك كنتَ سبَّاقًا في الانتهاء من الإجابة والخروج من قاعة الامتحان قبل زملائك؛ فهذا ليس من العقل في شَيء؛ فقد تَنسى أسئلةً أو أجزاء من أسئلة، وحتى لو لم تنسَ أسئلة فهذا عمل خاطئ، فكلُّ مرة تراجَع فيها إجاباتك ستكسب ولن تَخسر بإذن الله تعالى.

وفي الختام:

أخي الطالب، توكَّل على الله جلَّ وعلا، واعتمد عليه، وفوِّض الأمرَ إليه وحده، وبعد أخذ كلِّ الأسباب؛ من مذاكرةٍ واجتهاد وغير ذلك، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه الأمر الذي توكَّل عليه فيه، واحذر أخي الطالب من الاعتماد على ذكائك وحِفظك، أو نبوغك وفهمِك، فتترك الاعتمادَ على الله، فها هو النبيُّ كان يقول: ((يا حيُّ يا قيوم، برحمتك أَستغيث، أصلِح لي شَأني كله، ولا تَكلني إلى نَفسي طرفةَ عين)).

واللهَ أسأل أن يوفِّقنا إلى ما فيه الخير والصَّلاح، والنَّجاح والفلاح، وصلَّى الله على محمد وعلى آلِه وصَحبه وسلم.