• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

شذرات عن طريق طالب العلم (٣)

شذرات عن طريق طالب العلم (٣)
إبراهيم العيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/3/2016 ميلادي - 13/6/1437 هجري

الزيارات: 10125

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شذرات عن طريق طالب العلم (٣)

 

الحمد لله مصليًا على رسوله وآلِه وصحبه ومسلِّمًا، وبعد:

فهذا هو الجزء الثالث والأخير من مجموع رسائل (شذرات عن طريق طالب العلم)، وبه تكمل المائة في أجزاء ثلاثة؛ وهي كلمات قصيرة لعلَّها تُعين الطالبَ في طلَبه، وإن كانت في الأصل موجَّهة لطالب العلم المبتدئ، وقد تكون تَذكِرةً وذكرى للمنتهي، بعضها نقلًا، وبعضها رَقْمًا، سبق أن أرسلتُها إلى مجموعة من الأحبَّة كرسائل قصيرة، ورأيتُ جمعَها وعرضها ليُنتفع بها، يا ربِّ حقِّق المُنى، وأخلِص النيَّةَ، وأصلح العمل.

 

إبراهيم بن محمد العيدان

♦   ♦   ♦

 

طالب العلم إذا ازداد علمًا، ازداد حرصًا وبغيةً وشفقةً ولهفةً على العلم وأهله، يقوى تشبُّثه به، ولا يبرحُ يَعَضُّ عليه بالنواجذ، ويقبض على جمر التضحية في سبيله...

 

قال الإمام الشافعي رحمه الله: "العالمُ يُسأَلُ عمَّا يعلم وعمَّا لا يعلم، فيُثبِت ما يعلم، ويتعلَّم ما لا يَعلَم، والجاهل يَغضَب من التعلُّم، ويأنف من التعليم"[1].

♦   ♦   ♦

 

حياة طالب العلم وقِوامه بإخلاصه لله، وتعاهده كسرَ كبرياء نفسه؛ حتى تَسلَم له وتنجو، ولسان حاله: "ولعلِّي أنجو ولعلي...".

 

قال عمرو بن سواد: قال لي الشافعي: "كانت نَهْمتي في الرَّمْي وطلب العلم، فنِلْتُ من الرمي حتى كنت أصيبُ من عشرة عشرةً، وسكَتَ عن العلم، فقلت: أنت واللهِ في العلم أكبرُ منك في الرَّمْيِ"[2].

♦   ♦   ♦

 

طالبُ العلم طالبٌ للحق ببصر الشرع لا بدافع الهَوَى؛ ولذا فهو في زُمْرة من "عبروا جسورَ الهوى حتى أناخوا بفناءِ العلم، فاستَقَوْا من غدير الحكمة"[3]، وليس ممن طلب العلم للهوى فامتلأ من هواه حتى ثَمالةِ الهوان.

إذا ما رأيت المرءَ يقتادُه الهوى ♦♦♦ فقد ثَكِلتْه عند ذاك ثواكلُهْ[4]


ولذا؛ تجده يراقب قلبَه أن يميل عن قَصْد الحق، ويدخل في دهاليز الهوى الزَّلِقة؛ خشيةَ أن يقع فيما وقع فيه صاحب الأعراف؛ فيضلَّ عن المراد، ويُوصم بأشنع الأوصاف.

♦   ♦   ♦

 

لا يجتمع كِبْر وطلب علم في قلب واحد حتى تُدرك الشمسُ القمر، وحتى يسبق الليلُ النهار.

 

سنة الله في من تكبَّر أن يصرف عن العلم، ويصرف عنه العلم، ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146].

 

يا طالبَ العلمِ، تواضع لعلمك تَنلْه، تواضع لشيخك تضمَنْه، تواضع لنفسِك تُوفَّقْ، تواضع لربِّك يرفَعْك.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، اجعل سبيلك للوصول إلى الحق الحقَّ نفسَه الذي يفرض سطوتَه على عقلك وقلبك، وإياك واستعمالَ الهوى؛ فما قام أحدٌ بالهوى إلا وهوَى! وكيف تستعمل الهوى، ولا نور علمٍ ولا صدق عزمٍ ولا صبر طلبٍ إلا وكان الهوى وقودًا عليه حتى يُخمِدَه؟ أفتتخذه سبيلًا وهو لك عدو؟ بئس لمتَّخذه بدلًا!

 

قال علي بن عبيدة: "العقل والهوى ضدَّان، فمؤيِّد العقل التوفيق، وقرين الهوى الخذلان، والنفس بينهما، فأيهما ظَفِر كانت في حيِّزه"[5].

♦   ♦   ♦

 

يا محبَّ العلم وباغيه، وصاحبه وشاريه، لَلهف قلبك وشغفه على تحصيل حظِّك من العلم خيرُ وقود لتصلَ إلى مرغوبك وأنفعه وأنجعه، ولا غَرْوَ؛ فإن الملوك إذا ما أحبوا شيئًا، جعلوا له كلَّ شيء.

 

والقلب ملك؛ فأَوْرِ ضرامَ الحب، واسكُبْ سلسل العشق، فإن "العمل عن المحبة لا يداخله الفتور"[6]، واركُضْ ركضَ الصبيان؛ حتى تنال مثلَ ما نال الكبارُ؛ كابن حنبلٍ سيدِ شيبان.

 

قال محمد بن إسماعيل الصائغ رحمه الله: "كنت في إحدى سفراتي ببغدادَ، فمرَّ بنا أحمدُ بن حنبل وهو يعدو، ونعلاه في يدِه، فأخذ أبي هكذا بمَجامِع ثوبِه، فقال: يا أبا عبدالله، ألا تستحي؟ إلى متى تعدو مع هؤلاء الصبيان؟ قال: إلى الموت"[7].

♦   ♦   ♦

 

كلما كان الطالبُ أعرفَ بنفسه وقدراته ومجال انطلاق فكرِه، وبحر نشاطه - كان رعيُه لقراءته وبحثه وتطويره ودراسته أكثرَ وأكبر، وعكس ذا بعكسه؛ ولذا، فاعرف بحقٍّ محيطك لتحيطَ منه، واستَشِر ذا لبٍّ في مجالك لتجولَ به، ولا تكن ممن يضني، ويضيِّع نفسه، وينظر إلى متاع غيره، فمتى ينظرُ فيما بين يديه فينَمِّيه؟!

 

فالنفس أبواب؛ فاعرف بابَك والزَمْه، فمن فُتِح له باب خير، فلينتهزه؛ فإنه لا يدري متى يُغلَق عنه.

♦   ♦   ♦

 

قلَّما تجد طالب علم جادًّا مُخلِفًا لموعد درسِه وساعة حظِّه من غير عذر، وأسفِ قلب؛ لأنه يعلم يقينًا أن خسارته وحسرته وحرقةَ فؤاده وإن بلغت عنان السماء، فلن تُعوِّض جزءًا مجزَّأً مما فقد؛ ولذا فقد ضرب الكبار أسمى الأمثال وأكرم الأفعال.

 

قال القاضي أبو يوسف: "مات ابنٌ لي، فلم أحضر جِهازَه ولا دفنه، وتركته على جيراني وأقربائي؛ مخافةَ أن يفوتني من أبي حنيفة شيءٌ لا تذهب حسرُته عني"[8].

 

قال العلامة محمد بن محمد المختار الشنقيطي: "ويعلمُ اللهُ عالمُ السر والنجوى لا أعرف في حياتي أني اعتذرت عن درسٍ يومًا من الأيام، أو عن محاضرة إلا وأعدَدْتُ لي جوابًا بين يدَيِ الله"[9].

 

فإذا قرعَ قلبَك مثل هذا، علمت معنى قول ابن عُيَيْنة: "كان الشاب إذا وقع في الحديث احتسبه أهله"[10]؛ لشدة انقطاعه وتفرُّغه.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، تروَّ وتأنَّ؛ فالصواب إلى المتأني أدنى منه إلى المتعجل، ولا تكن ملقافًا؛ فقد يكون ما تصوبه اليوم من غير تحسُّب وتريُّث أخطأَ شيء عندك غدًا! وقد يصبح ما تعدُّه الساعة فادحًا لبَّ الصواب في حين آخر!

 

قال الإمام مالك: "كان يقال: التأنِّي من الله، والعجلة من الشيطان، وما عَجِل امرؤ فأصاب، واتَّأد آخر فأخطأ، إلَّا كان الذي اتَّأد أصوب رأيًا، ولا عَجِل امرؤ فأخطأ، واتَّأد آخر فأخطأ، إلَّا كان الذي اتَّأد أيسرَ خطأ"[11].

 

وليس ذا فحسب، بل "من تأنى وتثبَّت، تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديهة" كما قال أبو عثمان بن الحداد[12].

 

فراعِ ذا، تُمنَح خيرًا وفيرًا.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، ابتغ بعلمك إظهار الحق وإعزازه، والوصول إليه والدعوة، فإنها ما دامت بوصلتك باتجاه الحق لا تزيغ عنه، أُجريَت الحكمة على قلبك ولسانك وبيانك، ومتى ما بِنتَ من الحق بعد إذ تبيَّن، وقعت في الباطل، وكفى بتركك الحقَّ ورده أمارةً ودلالةً على بطلان ما وقعت فيه.

 

قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: "ومن ردَّ الحق فمحالٌ أن يوجد له دليل أو حجة تدل على صحة قوله، بل مجرد العلم بالحق يدل على بطلان قول مِن ردَّه وفساده"[13].

 

والحق نعمة؛ ﴿ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 211]؛ فالحذرَ الحذرَ، والكيْسَ الكيْسَ.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، ليكن قلمك سيالًا، وورقك مبسوطًا، حاني الجبهة، تتحين حظَّك من العلم فتثبته لاهفًا في صحفك، وإياك وابيضاضَ الصحف، وجفافَ اليَراع؛ فما بهذا تنال الرتبة، وتبلغ المرتبة.

 

روي موقوفًا ومرفوعًا من طريق أنس رضي الله عنه: "قيِّدُوا العِلمَ بالكِتابِ"[14].

 

فكتابة العلم قفْلُ أمانٍ عن الضياع، وترس ضد سهام النسيان... فسُلَّ قلمك اقتداءً بدأب الكبار.

 

عن الربيع بن سعد قال: "رأيت جابرًا يكتب عند ابن سابط في ألواح"[15].

 

واحرص وقيِّد، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا سمعت شيئًا، فاكتبه ولو في حائط"[16] كما أوصى الضحاك، وذكر سعيد بن جبير عن نفسه "أنه كان يكون مع ابن عباس فيسمع منه الحديث فيكتبه في واسطةِ الرَّحْل، فإذا نزل نسخه"[17].

 

يا طالبَ العلمِ، أهرق حبرَك؛ لتكون حَبْرًا.

♦   ♦   ♦

 

من الوسائل الناجعة، والطرائق الناجحة، والتي تقدم لطالب العلم العون حتى يبلغ بغيته، ويحصل مراده، مذاكرة العلم مع إخوانه، واتِّخاذ صاحب له يشاركه الدرب، ويناصفه الهم.

وما المرءُ إلا بإخوانه ♦♦♦ كما تقبضُ الكفُّ بالمِعصمِ[18]


ومما يدفع بطالب العلم لاتِّخاذ صاحب يُذاكِره ما قاله عبدالله بن أحمد بن حنبل: "لما قدم أبو زُرعة نزل عند أبي، فكان كثيرَ المذاكرة له، فسمعت أبي يومًا يقول: ما صلَّيْتُ غير الفرض؛ استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي"[19].

 

واذْكر ما ذكره ابن رجب في ترجمة الحافظ عبدالغني المقدسي أنه "رحل إلى بغداد سنة إحدى وستين، هو والشيخ الموفق، فأقاما ببغداد أربع سنين"[20].

 

يا طالبَ العلمِ، ذاكر علمَك يبقَ عندك.

♦   ♦   ♦

 

الصدقُ إكسير الطلب ونبضه، والطالب الصادق متقلد للصدق ومتعلِّق به، يتحرَّاه، ويقول ويعمل به، ويسعى لبغيته وقد استشعره واستدثره؛ ولذا، فهو لا يدع وقتَه يضيع في غير بغيته، وتحصيل مراده، وما أعان على ذلك.

 

قال إبراهيم الخواص: "الصادقُ لا تراه إلا في فرضٍ يؤديه، أو فضل يعمل فيه"[21].

 

وأما من ليس بذلك أو قلَّ عنده؛ فستجده أقل ما تجده مفرِّطًا في الفرص، وقاتلًا للوقت، وفي الجُبِّ ما يَجُبُّ ما يتفوه به ويتنمَّق به، ومهما تمنطق بدعوى الطلب وتنفَّج بالتحصيل، فإن مردَّه إلى بَوار، وسعيَه إلى اندثار.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119] و﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].

♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦

 

يا طالبَ العلمِ، الجدَّ الجدَّ، والعزمَ العزمَ؛ فإن النفس ركَّانة إلى الدَّعة واللهو إذا ما خُلِّي بينها وبينه.

والنفسُ كالطفل إن تهمله شبَّ على ♦♦♦ حبِّ الرَّضاع وإن تفطمْه ينفطمِ

 

وإذا ما أُخِذَتْ بالحزم، وقِيدت إلى القمم، انساقت ونصت إليه نصا.

 

وبغيتُك عظيمة، ورغبتُك عزيزة، ومطيَّتك نفسك، ودابَّتك روحك، ولا بدَّ للمركوب من سوطٍ لينقاد، قال ابن الجوزي: "ليس في سِياط التأديب أجودُ من سوطِ العَزْم"[22].

 

فيا طالبَ العلمِ، لا هوادةَ.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، إن تصدِّيك لهذا العمل الجليل يُحتِّمُ عليك ألَّا تُفرِّط فيه، فهو وإن كان "طلبُ العلم الشرعي فرض كفاية، إذا قام به من يكفي صار في حق الآخرين سنة"[23] - إلا أنه يبقى من الفرائض الإلهيَّة، وحقُّه الوجوب على مَن قال: أنا له.

 

فاحرص على تنميته، وابذل واسعَ جهدك فيه، فإنما ينالُ المجدَ من جدَّ، "وعلى هذا؛ فكل طالب علم يعتبر قائمًا بفرض كفاية يُثاب على طلبه ثوابَ الفريضة، وهذه بشرى سارةٌ لطلاب العلم أن يكونوا على طلبهم قائمين بفريضة من فرائضِ الله عز وجل، ومن المعلوم أنَّ القيام بالفرائض أحبُّ إلى الله تعالى من القيام بالنوافل"[24].

 

فما أظنُّ بك بعد ذا إلا إنفاذ وصية ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ [مريم: 12].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، من سلك الدَّرْبَ، وتزوَّد للطريق، ومشى على بصيرة، وبذل وسعه، وشد مِئزره، ومضى ولم يلتفت - بلغ مراده، ولم يكن شيء ليرده. والأمر إنما هو توفيق وتضحية، وصبر ومصابرة، وبذل ومجاهدة، والله المستعان.

 

"فبين العبد وبين السعادة والفلاح: قوة عزيمة، وصبر ساعة، وشجاعة نفس، وثبات قلب، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم"[25].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، إذا أردتَ أن تربحَ سوقك، ويبارك لك في صفقة يدك، وتروَّج بضاعتك، فعليك بالمحاسبة؛ فما تاجر ناجح إلا والمحاسبة وَليفُه ورفيقه، فجرِّد نيتك لله، وجَرِّدْ ما عندك من علم؛ لتعرفَ نقصك فتتمَّه، وتعرف ربحك فتتبحر فيه، وليكن ذا دأبَك وديدنَك.

 

فهذا متن يحتاج لضبط، وهذه مسألة تبغي مراجعة، وذاك حكم يحتاج إلى تحرير، وتلك فائدة تنتظر التقييد، وهذا وهذا...

 

والرابح من كانت تجارتُه عابرةً للدارين، ومستقرةً عند رب العالمين، له ذخرًا ومدخرًا.

 

يا طالبَ العلمِ، احرص على دوانيقِ العلم ودنانيره.

♦   ♦   ♦

 

طالب العلم، اسأل وتساءل؛ فبالسؤال العلمَ تنال، واحرص يا أُخَيَّ على السؤال المفتاحيِّ، وليس أن تسأل لغرضِ السؤال وحسب.

 

انظر فيما يجعل قناة علم شيخك تشخب في حياضك شخبًا، وتصب صبًّا؛ فيالَحظِّك بذاك السيل الثجاج!

 

قال يعقوب بن بختان: "سألت أحمدَ عن مسألة، فقال: يقال: إن العلمَ خزائن، والمسألة تَفتحُه؛ دعني حتى أنظر فيها"[26].

 

يا طالبَ العلمِ، هذه الصرر؛ فَحُلَّ الوِكاء.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، تلطَّف حين المسألة، وتملَّق لشيخك؛ فإن أدب الطلب روح العلم، فلطالما كانوا يقولون بين يدي مسألتهم "رحمك الله، ما تقول في كذا وكذا؟"، وإياك ومسابقةَ شيخك في الكلام، ومنازعته الخطاب؛ فما هذا من الأدب في شيء.

 

فأَذِلَّ نفسك بين يدي شيخك تُعَزَّ، قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبًا فعززت مطلوبًا"[27].

 

ولا تمارِ شيخك وتستمهن المخالفة فيخبو ضوء علمك؛ فقد كان أبو سلمة يماري ابنَ عباس؛ فحُرِمَ بذلك علمًا كثيرًا[28].

 

يا طالبَ العلمِ، أحسِن سؤالك، أحسن الله إليك.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، لا تفرِّطن في لحظة طلب، ولا تحقرن هُنَيْهَةً تُقضى في علم؛ فإنه لولا الدقائقُ ما جاءت الجلائل.

 

فحديثٌ مع حديث، وسطر مع آخر، ومسألة تلو أختِها يبارك الله سيرك، ويعظم مسيرك؛ فإذا بك - بعدَ منَّة الله وتوفيقه - بلَغت فوق ما كنت تظنُّ من مراتب العلم.

لا تحقرِنَّ صغيرةً ♦♦♦ إن الجبالَ من الحصى

يا طالبَ العلمِ، السلسلة حلقة وحلقة.

♦   ♦   ♦


يا طالبَ العلمِ، أرعِ سمعك، وأصغِ لشيخك، وأنصت بقلبك وبِسَمْتِكَ إليه قبل أذنك؛ فإنك لن تملأ قِرابك إذا كان قاعها ذا خروق وشقوق، فصمتك وأُذُنُك أول علمك وثانيه، ومؤسِّسُه ومُرسيه، وذي هي شجية السابقين؛ فقد كانوا إذا تكلم متحدِّثُهم أطرقوا كأنما على رؤوسهم الطير، فإنصاتك يا طالبَ العلمِ لشيخك وعدم منازعته أمارة التواضع وزين العلم والأدب، وبه ينال العزيز؛ قال عبدالله بن المعتز: "المتواضع في طلب العلم أكثرُهم علمًا، كما أنَّ المكان المنخفض أكثر البقاع ماءً"[29].

 

يا طالبَ العلمِ، استمع تَنَلْ حظَّك وترتفع.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، احترم جلال العلم، واقدُره قدره؛ تنَلْه وتحفظه؛ فإنما أنت وعاء، وبقدر نقاء الوعاء ونظرته ونضرته يصفو ما يحفظ به، ويُقبِل مشايخك والناس ويقبلون، ويطمئنون إليك ويسكنون، كيف لا؟ و"إن الهدى الصالح والسمت الصالح جزء من سبعين جزءًا من النبوة"[30].

 

قال إبراهيم النخعي: "كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى صلاته، وإلى هَدْيِه، وإلى سمته"[31].

 

واعلم أنَّ مشايخك والناس يحكمون عليك من شبابك لتبابك، ومن صغرك لكبرك؛ فتَوَقَّ تُوقَ، وهذا دافع لك عظيم لتصونَ العلم، وتحرص عليه وترفعه، وتكون بذلك صادقًا؛ فإنه ((خصلتان لا يجتمعان في منافق: حسنُ سمتٍ، ولا فقهٌ في الدين))[32].

 

ومن ربَّى نفسه رُبِّيَتْ، ومن ألزمها لزمت.

فكن لحُسْن السَّمْت ما حَيِيتَا ♦♦♦ مقارفًا تُحْمد ما بقيتا[33]

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، من مفاتح هذا العلم لزوم علمائه، وثَنْيُ الرُّكب بين أيديهم، والأخذ من أفواههم، فـ "إن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتبِ، وصارت مفاتحُه بأيدي الرجال"[34]، وبقدر طول المدد، وصدق الملازمة، يُنال العلم، وهذا هو السبيل المرتضى؛ ففي الحديث: ((تسمعون، ويُسمع منكم، ويُسمع ممن يَسمع منكم))[35]، وهو مَظِنَّة موافقة الحق، وحصول الصواب، ونيل الرشد، وتطور القدرات؛ إذ بقدر عرضالمشايخ علومَهم وعقولَهم على الطالب، بقدر ما يرتفع وينتفع، قال ابن خلدون: "حصول المَلَكات عن المباشرة والتلقين أشدُّ استحكامًا وأقوى رسوخًا، فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها"[36]، وقد كانوا يمدحون من اتَّصف بمثل هذا، كما ورد في ترجمة "أحمد بن حميد، أبو طالب المُشْكاني، المتخصص بصحبة إمامنا أحمد"[37].

 

كما أن الانفرادَ بالنفس والاستغناء بالكتب؛ مدعاةً للزلل، والفهم السقيم؛ كما قال أبو حيان النحوي:

"يظن الغمر أن الكتْب تهدي
أخا ذهنٍ لإدراك العلومِ
وما يدري الجهولُ بأنَّ فيها
غوامضَ حيّرتْ عقلَ الفهيمِ
إذا رُمتَ العلوم بغير شيخٍ
ضَلِلْتَ عن الصراط المستقيمِ"[38]

 

ولنا في سيد الحفَّاظ أبي هريرة رضي الله عنه أسوة وقدوة؛ إذ يقول عن نفسه: "ألزمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني؛ فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون"، وفي رواية "ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون"[39].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، أجمِلْ بالإطراق وأحْسِن بالإصغاء، حين تلقِّيك العلمَ من شيخك، فمن كانت أذنه أكبرَ من فمه نال علمًا، ومن نال أنال، وبلغ المقصد والمنال، ومن سمعه أحال، كان في بذله ضعيف الحال، هذا في جانب العلم الصِّرْفِ؛ فكيف بالأدب معه؟!

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما يحكي حال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعد الله"[40].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، من ملك المفاتح حصَّل ما في الخزائن، ومن بنى على قواعدٍ لم ينشب حتى يرتفعَ بنيانه شامخًا صلدًا.

 

وهكذا حالك مع العلم؛ فعليك بالقواعد الأمهات، تنال ما تفرَّع عنها من مسائلها؛ ولذا؛ فعلى طالب العلم العناية بـ "فهم قواعد العلم وتطبيقها؛ حتى تحصل ملكة استعمالها، فأما توسيع دائرة الفهم والاطلاع؛ فإنما يتوصل إليها الطالب بنفسه بمطالعاته للكتب، ومزاولته للتقرير والتحرير"[41].

 

يا طالبَ العلمِ، ﴿ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم: 24-25].

♦   ♦   ♦

 

طالب العلم الصادقُ يظهر صدق رغبته في الطلب جليًّا في تأدُّبه مع شيخه وكتابه، ومع كرمه من بين أصحابه، قال الشافعي: "كنت أصفح الورقةَ بين يدي مالك صفحًا رفيقًا؛ هيبةً له؛ لئلَّا يسمع وَقْعَها"[42]، وكما قيل: إن "أصل المحاسن كلها الكرم"[43].

 

وأَجْمِل بقول الحسن حين يقول: "التقدير نصف الكسب، والتودد نصف العقل، وحسنُ طلبِ الحاجة نصف العلم"[44].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، الوفاءَ الوفاءَ؛ فإن "من اعتقد الوفاءَ والسخاء، فقد استجاد الحلة بربطتِها وسربالها"[45]، وإياك ونكرانَ فضل من أجرى الله على يديه عليك فضلًا، من شيخٍ وعالم وصاحب؛ فما هذا إلا من قطائر الجور، ونبائت الشحِّ، ونسائل انعدام الشهامة، كيف لا و"الوفاء مركَّب من العدل، والجود، والنجدة"[46] في أصله؟!

 

ويعز في النفس، ويحز في الخاطر ما يُبتلَى به البعض من قلة الوفاء، ورداءة الطَّوِيَّة، حينما يترك شيوخه بعد إذ ربَّوْه وعلموه، وفهم عنهم وبصَّروه، لغير ما مبرِّرٍ شرعي، وما كان العلماء الأفذاذ ولا الكبار الجهابذة إلا منبع الوفاء وعينه، واقرؤوا إن شئتم قول ابن الجوزي عن شيخه محمد السلامي حين يقول: "وهو الذي تولى تسمُّعِيَ الحديث، وعنه أخذت ما أخذت من علم الحديث"، وقال أيضًا: "قرأت عليه ثلاثين سنة، ولم أستفد من أحدٍ كاستفادتي منه"[47]، ثلاثون عامًا وهو بين يديه؛ أولم يكُ شيخًا يُطلَب عنده خلالها؟! ومع ذا فهو يفي فيُثْني عليه بلسانه، ويَثْني رُكَبَه بين يديه! وقال إبراهيم الحربي يتحدث عن الإمام أحمد: "هو ألقى في قلوبنا منذ كنا غلمانًا اتِّباع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاويل الصحابة، والاقتداء بالتابعين"[48].

 

يا طالبَ العلمِ، الوفاء جوهرة الطلب.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، انتهز مدة شبابك وقواك في حفظ العلم وضبطه، ولا تؤخِّر ولا تتأخر؛ فإن ساعة طلب قد تبلغك مراتب علم عالية، وإن هُنَيْهةَ لَهْوٍ قد تحرمك حسنة الجنة ومَهْرَها.

 

قال أبو بكر الشاشي حاثًّا وحاضًّا:

تعلَّمْ يا فتى والعود رطْبٌ ♦♦♦ وطِينك ليِّنٌ والطَّبعُ قابل[49]

يا طالبَ العلمِ، إنما هي ساعات، والغد الموعد.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، اعلم أنَّ علوَّ همتك هو خير وقود حتى تبلغ أعلى الطبقات، والناس في هذه يتفاوتون؛ فتجد صاحب العُلُوِّ وصاحب السفل، فتلقى "من يحفظ بعض القرآن، ولا يتوق إلى التمام، ومنهم من يسمع يسيرًا من الحديث، ومنهم من يعرف قليلًا من الفقه، ومنهم من قد رضي من كل شيء بيسيره"[50]، ثم يقول ابن الجوزي معلِّقًا بزبدة الزبدة: "ولو عَلَتْ بهم الهمم، لجدَّت في تحصيل كل الفضائل، ونَبَتْ عن النقص، فاستخدمت البدن، كما قال الشاعر:

ولكل جسمٍ في النحول بليةٌ ♦♦♦ وبلاء جسمي من تفاوت همتي!"[51].

يا طالبَ العلمِ، ومن يطلب الحسناء لم يغله المهر!

 

يا طالبَ العلمِ، افهم معنى المصطلحات، واعقل مراد الأسلوب والعبارات، ولا تتعجَّل، فتبنيَ على فهمك؛ وإذا بكقد غرَّبت وشردت عن المعنى، فتخطئ خطأً عظيمًا، سواءٌ كان هذا حين حديث شيخك أو بين سطور الكتب.

 

فتجد بعضهم يقول: "أكرهه" ويعني تحريمَه، وبعضهم يقولها ويريدُ التنزُّهَ، ويحكم بعضهم على الحديث بـ "حسن"، ويعني: ضعفَه، ويقوله بعضهم ومراده الصحة، وتسمعه يقول: "لا أعرفه"ومراده أنه لا يثبت أصلًا، وآخر يقولها تورُّعًا... وما إلى ذلك مما يسلك مسلكه.

 

وفَهْمُ هذا إنما يكون بالسؤال، وملازمة الشيخ، وإدمان المطالعة، والنظر في كتب القواعد والمصطلحات الخاصة بكل فن وبكل زمان، وحتى بكلِّ مذهب ومدرسة.

يا طالبَ العلمِ، خذ العلم كما أُريد ووُضِع.

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، من ابتغى كتابةً احتاج قلمًا؛ ليس لأن القلم هو غايته؛ وإنما هو أداته، وكذلك تعلُّم العربية والإعراب، والنحو والخطاب، "فإن الشاب المبتدئ في طلب العلم ينبغي له أن يأخذ من كل علم طرفًا، وإذا رُزِقَ فصاحةً من حيث الوضع، ثم أُضِيفَ إليها معرفة اللغة والنحو، فقد شُحِذَتْ شفرةُ لسانه على أجواد مِسَنِّ"[52]؛ ولِما لطلبها من نفع عظيم وخير عميمٍ أوصى بها الكبار الأعاظم، كما قال الحسن لمن سأله: "ما بلغك ما كتب به عمر: أن تعلموا العربيَّة، وحُسن العبارة، وتفقَّهوا في الدين"[53]، فجعلها الفاروق وسيلة وأداةً للتفقه في دين الله، ولا ريب، وهو الذي قال فيها: "تعلموا العربية فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة"[54]، وعلى هذا تواطأت أقوال أهل العلم مِن السلف ومَن بعدهم، قال الشعبي: "النحو في العلم كالملح في الطعام، لا يستغنى عنه!"[55]، وشدد فيه بعضُهم؛ كابن عمر، حيث روي "أنه كان يضرب ولده على اللحن"[56]، وقال سيد القراء أُبيُّ بن كعب: "تعلموا العربية كما تعلمون حفظ القرآن"[57].

 

"قال الخليل بن أحمد:

أيُّ شيء من اللِّباس على ذي السْ
سِرِّ أبهى من اللسان البهيِّ
يَنظِمُ الحجَّةَ الشتيَّة في السِّلـ
ك من القول مثل عقد الهَدِيِّ
وترى اللحن بالحسيبِ أخي الهيـ
ـئة مثلَ الصدى على المشرفيِّ
فاطلبوا النحوَ للحِجاجِ وللشعـ
ر مقيمًا والمسند المرويِّ
والخطاب البليغ عند جواب الـ
قول يزهى بمثله في النديِّ"[58]

يا طالبَ العلمِ، "من نظر في النحو، رَقَّ طبعه"[59].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، عليك بهذا الوحي، فمن ابتغى قبسًا من غير مشكاته لم يجد نورًا، ومن أراد ثمرًا من غير أكمامه لم ترَ نوره، فاجعل لنفسك منه حظًّا تنَلْ خيرًا، ويبارَك لك في علمك، ولذا؛ فما تحسَّرَ الأكابر بمثل ما تحسروا عليه.

 

قال بحر العلوم العقلية والنقلية شيخ الإسلام ابن تيمية في آخَرِ حياته: "ونَدمتُ على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآنِ"[60].

 

هو كتاب مَجيد؛ فنَلْ من مجده، وهو مبارك؛ فاجنِ من بركته، وهو هدًى؛ فاهتدِ بهداه، وهو رحمة؛ فاستمطر رحماته، وهو فضل؛ فمدَّ يدك لتأخذ، وهو كريم؛ فاحْتَذِ من كرمه، وهو عزيز؛ فاعتزَّ به يعزك، وهو صدق، وحق، وعلم، وموعظة، وبصائر، وبيان، وذكر... هو حياتك وعلمك وعملك.

 

يا طالبَ العلمِ، ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [العنكبوت: 51].

♦   ♦   ♦

 

يا طالبَ العلمِ، عليك بالإخلاص؛ "لأن الإخلاص، هو الطريق إلى الخلاص"[61]، وبه يهيئ الله لك ويفتح من العلوم والفهوم ما لا تدركه بغيره، وانظر إلى أهل العلم كيف كانوا ينظرون لنياتهم، "قال ابن هُرْمز: ما تعلمت العلمَ إلا لنفسي"[62]، وكان الإمام مالك يقول: "ما تعلَّمْتُ العلم إلا لنفسي، وما تعلمت ليحتاج الناسَ إلي، وكذلك كان الناس"[63]، وتجد هذا جليًّا حين ألَّف موطأَه والمدينة حينئذ ملأى بالموطآت؛ فقيل له: "ما الفائدة في تصنيفك؟ قال: ما كان لله بقي"[64]، وقال: «لَتَعلمُنَّ ما أريد به وجه الله"[65]، قال المفضل بن حرب: "فكأنما ألقيت تلك الكتب في الآبار!"[66] فيا لله تلك النية الصادقة، واعلم يا أخي أنه "متى نظر العامل إلى التفات القلوب إليه؛ فقد زاحم الشرك نيته، وباء بخسران وتعب"[67].

 

فاللهَ اللهَ في الإخلاص، وفَّقك الله إليه.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



[1] سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤١).

[2] سير أعلام النبلاء (١٠/ ١١).

[3] المجالسة وجواهر العلم (٢/ ١٦٩).

[4] حلية الأولياء (٧/ ٢٧٦).

[5] تسهيل النظر للماوردي (١/ ١٤).

[6] قوت القلوب (٢/ ٩١).

[7] مناقب الإمام أحمد (١/ ٣٢).

[8] مناقب أبي حنيفة؛ للإمام الموفق المكي (١/ ٤٧٢).

[9] تسجيل صوتي https://goo.gl/JAVX1v .

[10] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/ ١٤٢).

[11] المدخل إلى السنن الكبرى (١/ ٤٣٧).

[12] جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١١٢٧).

[13] تفسير السعدي (١/ ١٠٠٨).

[14] رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك.

[15] جامع بيان العلم وفضله (١/ ٣١٠).

[16] جامع بيان العلم وفضله (١/ ٣١٢).

[17] جامع بيان العلم وفضله (١/ ٣١٦).

[18] الصداقة والصديق (١/ ٢١٦).

[19] تاريخ دمشق (٣٨/ ١٧).

[20] ذيل طبقات الحنابلة (٣/ ٣).

[21] مدارج السالكين (٣/ ٢٠).

[22] صيد الخاطر (١/ ٦٧).

[23] مجموع فتاوى العثيمين (٢٦/ ٥٧).

[24] مجموع فتاوى العثيمين (٢٦/ ٣٣ - ٣٤).

[25] مدارج السالكين (٢/ ١٠).

[26] طبقات الحنابلة (٢/ ٥٥٦).

[27] جامع بيان العلم وفضله (١/ ٥٠٦).

[28] جامع بيان العلم وفضله (١/ ٥١٧).

[29] الآداب الشرعية (٢/ ٢٥).

[30] رواه الطبراني في الكبير، وقال الألباني: حسن.

[31] حلية الأولياء (٤/ ٢٢٥).

[32] رواه الترمذي، وقال الألباني: صحيح.

[33] جامع بيان العلم وفضله (١/ ٥٧٨).

[34] الموافقات (١/ ١٤٠).

[35] رواه أحمد وأبو داود، وقال الألباني: صحيح.

[36] مقدمة ابن خلدون (٢/ ٤٦٢).

[37] طبقات الحنابلة (١/ ٨١).

[38] طبقات الحنابلة (٢/ ١٢٥).

[39] رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.

[40] رواه الشيخان.

[41] آثار ابن باديس (٤/ ٢٠٣).

[42] تذكرة السامع والمتكلم (١/ ٤١).

[43] المستطرف في كل فن مستظرف (١/ ١٦٨).

[44] البيان والتبيين (٢/ ٦٥).

[45] ربيع الأبرار (٥/ ٢٩٩ - ٣٠٠).

[46] الأخلاق والسير (١/ ١٤٥).

[47] ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ٥٥ - ٥٦).

[48] طبقات الحنابلة (١/ ٢٣٤).

[49] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (١٧/ ١٣٨).

[50] صيد الخاطر (١/ ٣٢١).

[51] صيد الخاطر (١/ ٣٢١).

[52] صيد الخاطر (١/ ١٩٠).

[53] مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ١١٦).

[54] شعب الإيمان (٣/ ٢١٠).

[55] جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١١٣٣ - ١١٣٤).

[56] مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ١١٦).

[57] مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ١١٦).

[58] جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١١٣٣ - ١١٣٤).

[59] جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١١٣٣ - ١١٣٤).

[60] ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٥١٩).

[61] تفسير السعدي (١/ ٦٩).

[62] سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٧٩).

[63] سير أعلام النبلاء (٨/ ٦٦).

[64] تدريب الراوي (١/ ٩٣).

[65] التمهيد (١/ ٨٦).

[66] التمهيد (١/ ٨٦).

[67] صيد الخاطر (١/ ٣٧٤).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شذرات عن طريق طالب العلم (1)
  • شذرات عن طريق طالب العلم (٢)
  • شذرات عن طريق طالب العلم (4)
  • شذرات (2)

مختارات من الشبكة

  • شذرات عن طريق طالب العلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شذرات في علوم القرآن (1) جواب القسم في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقريب حلية طالب العلم: إعانة المتعلم بتقريب حلية طالب العلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نصائح مهمة للمبتدئين في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شذرات من دلائل نبوته في تكثير الماء ببركته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في تكثير القليل من الطعام ببركته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في شفاء المرضى على يديه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في إخباره بتغير أخلاق الأمة الإسلامية في آخر الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في إخباره بضعف الأمة الإسلامية في آخر الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب