• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

من مفاهيم الضعف وعلاجه

من مفاهيم الضعف وعلاجه
عبدالعزيز مصطفى الشامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2012 ميلادي - 13/8/1433 هجري

الزيارات: 22094

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من مفاهيم الضعف وعلاجه

 

لقد شاءتْ إرادة الله - تبارك وتعالى - أن يُفاضل بين عباده، وأن يَجعلهم مختلفين، فتنوَّع الناسُ خَلقًا وتقديرًا؛ بين غني وفقير، وقوي وضعيف، وصحيح وسَقيم، ومُعافًى ومُبتلى، والله - سبحانه - له الحِكمة الباهرة في جميع أفعاله، لا يُجري على عباده إلاَّ كلَّ خير ورحمة، وهو الرحيم الودود في العطاء والمنْع، واليُسر والعُسر، والشِّدة والرَّخاء، والعافية والبلاء، سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأُمِّ بولدها، ينظر ماذا يفعل عباده في مواضع الابتلاء؛ قال - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20].

 

معنى الضَّعف لغة:

إذا رجعْنا إلى أصْل معنى الضَّعف في دواوين لغة العرب، قال ابن فارس: "ضَعَفَ: الضاد والعين والفاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدُهما على خلاف القُوَّة، ويدلُّ الآخر على أنْ يُزاد الشَّيء مِثلَه، فالأوَّل: الضَّعف والضُّعف، وهو خلاف القُوَّة، يُقال: ضَعُفَ يَضعُف، ورجلٌ ضعيف، وقوم ضُعفاء وضِعافٌ..."؛ "مقاييس اللغة" (3 / 362).

 

وقال ابن منظور في "لسان العرَب": "ضَعُف: الضَّعْف والضُّعْف خِلاف القُوة، وقيل: الضُّعْف بالضمِّ في الجسد، والضَّعف بالفتح في الرأْي والعقل، وقيل: هما معًا جائزان في كلِّ وجْهٍ، وخصَّ الأزهريُّ بذلك أهْل البصرة، فقال: هما عند أهْل البصرة سِيَّان يُستعملان معًا في ضَعْف البدن، وضَعْف الرأْي؛ "لسان العرب، (9/ 203).

 

الضَّعف سِمَة المخلوقين:

إنَّ أصل خَلْق الإنسان أنه ضعيف، والضَّعف سِمة عامَّة لجميع المخلوقين، وإنْ ظهروا على أنَّهم أقوياء؛ قال - جل وعلا -: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54].

 

وقال - تبارك وتعالى - موضِّحًا ضَعف ابن آدم، وأنَّ الله الرحيم لا يُريد إعناته ولا المشقة عليه: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 26 - 28].

 

ويا لَروعة التعبير الربَّاني القرآني: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾، إنها جُملة واضحة الدَّلالة على أن أصْل خِلْقة البشر الضَّعف، وأنَّ فقرَهم إلى رحمة الله وهدايته وتوفيقه أعظمُ من كلِّ فقرٍ، وأنَّ حاجة العباد لسَتْر ربِّهم عليهم وعافيته لهم وحُسن تقديره، وألاَّ يَكِلهم إلى أنفسهم - من أهمِّ الأمور - إنْ لَم تكن أهمَّها على الإطلاق.

 

لا يَضْعُف المؤمن أمام المصايب وقول الحق:

إنَّ أفضل مواطن الضَّعف أن يَستكين العبد لربِّه ومولاه، ويَخضع له بجميع جوارحه، وألاَّ يَذِلَّ لمخلوق مَهْما كانتْ قوَّته وجَبروته، ويُعَلِّمنا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كيف يكون الضَّعف ولِمَن تكون الاستكانة، فيقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ويرْحَم الله لُوطًا؛ لقد كان يأْوِي إلى رُكْنٍ شديدٍ))؛ متفق عليه؛ أي: يأْوي إلى الله ربِّه ومولاه، ولا يظهر ضَعفه إلا له، وهذا ما حكاه ربُّنا في سورة هود، إذ يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [هود: 80].

 

إنه لا ينبغي للمؤمن أن يذلَّ لغير الله، ولا تَقتله الهموم وله ربٌّ على كلِّ شيء قدير، لا يُعجزه شيءٌ في السموات ولا في الأرض، ولا ييْئَس ولا يَعجز؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احْرِص على ما ينفعك، واستعنْ بالله ولا تَعجز، وإنْ أصابَك شيء، فلا تقل: لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قُل: قدر الله وما شاء فعَل؛ فإنْ (لو) تفتَح عمل الشيطان))؛ مسلم (2664).

 

وهذا الحديث يُرشدنا إلى عدم الجزَع والحَسْرة والاستسلام للمخاوف، والضَّعف المُقعِد عن العمل والعبادة، وضرورة أن يَنفض العبد ضَعْفه ويتوكَّل على ربِّه، وأن يَثِقَ في حُسن اختيار الله له، وقد نبَّه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أهميَّة القوَّة وعدم الضَّعف في إبداء الرأي وإعلانه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا لا يمنعنَّ أحدَكم رهبةُ الناس أن يقول بحقٍّ إذا رآه أو شَهِده، فإنه لا يُقرِّب من أجَلٍ، ولا يُباعد من رِزق أن يقول بحقٍّ أو يُذكر بعظيم))؛ مسند أحمد (18/ 54)، وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر، والشيخ الألباني.

 

إنَّ إعلان رأيك وإظهاره بالضوابط الشرعيَّة لا يُقرِّبك من الموت، ولا يُباعد عنك الرزق، فلا تَعجز ولا تستسلم، ولا تَضْعُف عن الجَهْر بالحقِّ بلا إفراط ولا تفريط.

 

مَضارُّ الضَّعف عامة، وخطورة الهزيمة النفسيَّة خاصة:

لقد دخلَت علينا كثيرٌ من المصطلحات من غير بابها، وأساء كثيرٌ من الناس فَهْمَها، ومن ذلك موضوع الضَّعف؛ سواء كان جسديًّا أم عضويًّا، أم علميًّا، أم نفسيًّا، والأخير أخطرُها على الإطلاق.

 

إنَّ الاستسلام لوَهْمِ الضَّعف وتحقير الذات، وسوء الظنِّ بالنفس، ليجعل الإنسان مهزومًا قبل دخول أرض معركة الحياة، إنَّ يدَ المحارب ليستْ هي التي تحمل سيفه فقط، وإنما يدفع الشجاعَ للنِّزال القلبُ القوي والثقة بالنفس، والهدف العالي، والرغبة الصادقة، وكذا فإنَّ مخاطر الضَّعف والتهويل منه يجعل الإنسان عاجزًا عن كثيرٍ من الأمور السهلة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "اجتماع القوَّة والأمانة في الناس قليل؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: اللهمَّ أشكو إليك جَلَد الفاجر، وعَجْزَ الثقة"؛ مجموع الفتاوى (12/ 254).

 

إنَّ الأُمم تتقدَّم وتزدهِر بالأمل والطموح القائم على العمل والكدِّ والسعْي، وإنَّ هزيمة المسلمين النفسيَّة، ونظرتهم الدونيَّة إلى دُوَلهم وشعوبهم، والتطلُّع للغرب على أنه جنة الدنيا - ليدفع الإنسان إلى الكسل والخمول، واليقين والمبالَغة في نظرية المؤامرة، وهذا كلُّه يؤدي بالمسلمين إلى التأخُّر والحاجة، وعدم الرِّيادة والاتِّكاليَّة والانهزاميَّة.

 

آه لو انتَبه المسلمون إلى أنَّ القوة قوةُ القلب، والغِنى غِنى القلب، فأخذوا بأسباب التقدُّم، وعبدوا ربَّهم وأخلصوا له، لصاروا سادةً وقادة!

 

نقاط ضَعْف الإنسان:

اعلم عبد الله - رحمني الله وإياك - أن الإنسان ضعيفٌ بنفسه، غَنِيٌّ بربِّه، وأنَّ من أشهر مواطن ضَعْف الإنسان فَرْجُه وبطنُه، وأنَّ مَن أفلَح في غلْق هذين البابين - إلاَّ في الحلال - فقد أفلَح ووَقَى نفسه من مهالك جَمَّة؛ قال - تعالى -: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، روى الطبري بسنده عن طاوس، قال: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾، قال: في أمور النساء، ليس يكون الإنسان في شيءٍ أضعفَ منه في النساء.

 

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ يَضْمَنْ لي ما بين لَحْيَيْه وما بين رِجليْه، أضمنْ له الجنة))؛ البخاري (6474).

 

فالضَّعف أمام الأموال يؤدي بالإنسان لأكْل الحرام، والتطلُّع للنساء يجرُّ إلى البلايا لِمَن خاضَ فيها، ولَم يُراعِ حدود الله.

 

أسباب الضَّعف والوهَن، ومظاهره وآثاره السيِّئة على المسلمين:

لقد حذَّرنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الركون والميْل إلى الدنيا ونِسيان الآخرة، وأخبرَنا أنَّ الميل إلى الدنيا وحُبها وشِدة التعلُّق بها، يؤدي بالإنسان إلى الضَّعف الشديد؛ مما يؤثِّر على الأُمَّة كلِّها؛ فعن ثَوْبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((يُوشك الأُمُم أنْ تدَاعى عليكم، كما تداعى الأَكَلة إلى قَصْعتها))، فقال قائل: ومِن قلَّة نحن يومئذٍ؟ قال: ((بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنَّكم غثاءٌ كغُثاء السَّيْل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهَنَ))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهَن؟ قال: ((حُبُّ الدنيا وكراهية الموت))؛ أبو داود (4279)، وصحَّحه الألباني.

 

فمن هذا الحديث - إخواني الفضلاء - يتَّضح لنا أن الإقبال على الدنيا وجمْعها من حلال وحرام ونِسيان الآخرة، والطُّغيان والظلم، هي أهم أسباب الضَّعف، والجزاء من جنس العمل.

 

وليس الضَّعف ناتجًا عن قلَّة العدد أو العُدَّة، وإنما الضَّعف أن نستسلِمَ للأوهام، ولا نأخذ بالأسباب، ولا نحصِّل وسائل النجاح.

 

لا ينبغي للعبد أن يقعد عن أسباب الرزق والرِّفعة والعمل، ثم يُعاتب الأقدار على فقْره وضَعفه وحاجته!!

 

ورَحِم الله زمانًا كان الصِّغار في المدارس يسمعون فيه الأقوال المأثورة: مَن جَدَّ وجدَ، ومَن زرَع حصَد - إن شاء الله - فما ثَمَّ سبيل للقوة سوى العلم والعمل.

 

إنَّ جزءًا كبيرًا مما نُعانيه في حياتنا قد يكون مَرَدُّه إلى الضَّعف النفسي والبدني المُخَذِّل والمُقْعِد عن طلب المعالي والسَّعْي وراء الأهداف النبيلة.

 

إنَّ من أهمِّ أسباب القوة وعدم الضَّعف، العلم النافع في الدِّين والدنيا، والاتحاد في المجتمع والمدرسة، والشركة والمؤسَّسة والمسجد، والعمل والإنتاج الذي يعود على بلادنا وأُمَّتنا وشعوبنا بالخير العميم، فمَن أخَذ بأسباب القوَّة منَحه الله أفضلَ مما سعَى إليه، ومَن عجَز وكَلَّ وناحَ ومَلَّ، فجزاؤه من جنس عمله، وما ربُّك بظلاَّم للعبيد.

 

الفرق بين اللين والضَّعف:

إنَّ توحيد الله - تبارك وتعالى - وإفراده وحْده بالطاعة والعبادة، واتِّباع سُنة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليملأ قلب المسلم ثِقة ويقينًا في قُدرة الله - تبارك وتعالى - فيستشعر العبد عندها أنَّ قوةً أعلى تؤيِّده، ومَددًا سماويًّا ربَّانيًّا يُسَدِّده، وعندها يكون متَوسطًا في أخلاقه، فلا يتكبَّر على عباد الله، ولا يَذِلُّ لهم، ويَخفض جَناحه للمؤمنين، ويَردُّ إساءة الظالمين، وذلك أنه يفهم أنَّ لِينه مع إخوانه وتواضُعه للمسلمين وحَدَبَه عليهم، لا يعني أنه ضعيف، بل هذا مُنطلق القوَّة أن يُنفِّذ العبد أوامرَ ربِّه؛ قال - تعالى -: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54].

 

فالذِّلة للمسلمين في غير استكانة - ولا خضوع يُضَيِّع كرامة الإنسان - عبادة، وكذا التكبُّر عليهم والبَغي والاستطالة، مصايب تَسوء الإنسان دنيا وآخِرة.

 

إنَّ من أشهر ما قيل في الفرق بين اللين والضَّعف، أنَّ اللين يعني: الرِّفق بالناس لإصلاحهم، والضعيف يرفُق بالناس ليتَّقي شرَّهم، أو لينال منهم نفعًا، وأنَّ اللين يتغافل عن الخطأ تسامُحًا منه، والضعيف يتغافل عن الخطأ تجنُّبًا للمشكلات، واللين يبتسم في وجْه الناس؛ ليُدخل البهجة في قلوبهم، والضعيف يبتسم للناس؛ ليَسْتجلب حُبَّهم أو عطفَهم، واللين إنسان حكيم، والضعيف إنسان محكوم، واللين نعمة، والضَّعف نِقمة.

 

حُسن الخُلق لا يعني الضَّعف والذُّل والمسكنة:

إنَّ حُسن الخُلق - في أعلى صُوَره - هو أن يعامل العبد الناسَ لله في كلِّ معاملاته معهم؛ يَصِل مَن قطَعه، ويعفو عمَّن ظلَمه، ويُعطي مَن حرَمه، كلُّ ذلك يرجو رحمة ربِّه، وحُسن عطائه وجزائه، غير خانع لهم، ولا طامع في عطائهم؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينبغي لمؤمن أن يذلَّ نفسه، قيل: يا رسول الله، وكيف يذل نفسه؟ قال: أن يتعرَّض من البلاء لِمَا لا يطيق))؛ ابن ماجه (4016)، وحسَّنه الألباني.

 

إنَّ من تمام قوَّة المسلم في دينه، ما يتمثَّل في حُسن الخُلق مع إخوانه والناس أجمعين، حتى مع الكفار، وحُسن الخلق لا يعني الضَّعف والذِّلة والمسكنة، وإنما العدل والإنصاف، وتحرِّي الحق، وصدق الله - تعالى - إذ يقول: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]، وقال - تعالى -: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

 

يعيش المسلمون اليوم ضَعفًا في جوانبَ كثيرة من حياتهم، لكنَّهم مع ذلك يتفوَّقون على غيرهم في الدِّين والرسالة، والأخلاق والقِيَم والمُثل، ومتى رجَع المسلمون إلى دينهم واستمسكوا به، واستقاموا على سُنة نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - واتقوا ربَّهم، ولانُوا مع إخوانهم، وقام كلٌّ منهم بما يجب عليه، لا شكَّ أنَّ المسلمين سيجدون العزَّة، ويستشعرون الكرامة والقوَّة، وصدَق الله - تبارك وتعالى - إذ يقول: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10].

 

نسأل الله أن يُقَيِّض لهذه الأُمَّة أمْرَ رشدٍ؛ يُعَزُّ فيه مَن أطاعه، ويُذلُّ فيه مَن عصاه، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر، وأنْ يُعِزَّنا ولا يُذِلَّنا، وأن يرفع الضُّرَّ عن عموم الأُمَّة، آمين.

 

والحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في أثناء وأثناء... بين القوة والضعف
  • الإسلام يكره الضعف ويمقت العنف ويدعو للسلام
  • لذائذ الضعف

مختارات من الشبكة

  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العالم الإسلامي: مفهوم واحد أم مفاهيم متعددة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مفاهيم ضائعة (1) مفهوم الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • خصائص المفهوم القرآني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما معنى الفكر ؟(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • مفاهيم مبسطة عن علم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفاهيم عامة لتدريس الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا لذوي الإعاقة البصرية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب: "مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية"... في خلاصة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفهوم الحرية في الإسلام ومفهومها في الفكر الغربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاك الله خيرا
أحمد - مصر 06-07-2012 10:39 PM

جزاك الله كل خير على هذا المقال الرائع.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب