• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / حوارات وتحقيقات
علامة باركود

أي البطالتين أهون؟!

محمود المختار الشنقيطي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/7/2009 ميلادي - 13/7/1430 هجري

الزيارات: 8416

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حين أكتب عن المرْأة أشعُر أنَّني أدور في حلقة مفرغة، فالحديث عن (بطالة المرأة) جزْء منه سبق الحديث عنْه، مع القرارات التي تتَّخذ على عجل .. إلخ.

على كل حالٍ، مع تزايُد الحديث عن بطالة النساء، وكثرة المقالات والتحقيقات، الَّتي تبرز الموضوع، كتبت أكثر من مرَّة، وفي أكثر من صحيفة عن الموضوع، واستشهدت أكثر من مرَّة - حتَّى أصبت بالملل - بِمقال للدُّكتور سيد حسين العطاس، عنوانه: "العقل الأسير والتَّنمية الخلاَّقة"، ثمَّ اكتشفتُ أنَّ القضيَّة ليست قضية نقاش، من أجل الوصول إلى الحلول المثلى، وإنَّما "كلٌّ يغنِّي على ليلاه"، وما أبرئ نفْسي.

وهذا بعض ما جاء في مقالة الدكتور العطاس:
"ودعْني أقدِّم لك نموذجًا آخَر لتأْثِير العقل الأسير هذه المرَّة، في مجال التَّخطيط، ففي تحليل للبطالة، خلال الستَّ عشرة سنة الأخيرة، استخدمت الحكومة الماليزيَّة شكلاً واحدًا من نماذج حصر البطالة للعاطلين المقيمين من الذُّكور والإناث؛ من أجل الأهداف الأساسيَّة للتَّخطيط، وأنماط البطالة لكلِّ جنس ينبغي أن تُحْصَر منفصلة؛ ذلك أنَّ البطالة في الذُّكور تسبِّب مشكلات حقيقيَّة ومُختلفة عن بطالة الإناث، خاصَّة في فترات السِّنِّ من 16 سنة إلى 24 سنة، وهذا يرجع إلى طبيعة النظام الاجتماعي، وعندما لا تعمل المرأة فإنَّها تعتمِد على عائلتها وتساعد في الأعمال المنزليَّة، أمَّا عندما لا يعْمل الرَّجُل، فإنَّ فُرْصَته نادِرة في العمل المنزلي؛ لذلِك نحن ننظُر نظرة ذات مغزى للرِّجال المتكاسلين ولا ننظُر للنساء مثل هذه النظرة، وكوْن العمل المنزلي يمكن أن يَستوعِب قدرًا من الرِّجال أقلَّ من النِّساء يثير مشكلة؛ فالرِّجال العاطلون يصبحون عالةً على عائلاتِهم، وأكثر من ذلك أنَّ النِّساء يحتمل أن يتزوَّجن قبل بلوغهنَّ سنّ 24 سنة، ويستمررْن ربَّات بيوت، سواءٌ كن يعملن أم لا، وإذا كان الرجال لا يعملون فلا يحتمل أن يتزوَّجوا، والرَّجل كعائل للأسرة ما زال قيمة باقية في المجتمع الماليزي؛ لذلك فإن بطالة الرجل أخطر من بطالة المرأة، وأبعد من ذلك أنَّه في الزَّواج تلزم المرأة المنزل لتدْبيره ولترعى الأطفال؛ لذلِك فإنَّ إخراج النساء من القوَّة العاملة إلى البيت العامل هامٌّ في موقف العمال، إنَّه يقلل هؤلاء الَّذين يحتاجون بشدَّة للعمل، وفي وقت محدَّد قد تكون هناك ضرورة ملحَّة لكي نعرِف هل العاطِلون من الرِّجال أكثر أم من النِّساء، فإنْ كان الرِّجال المتعطلون أكثر فعندئذٍ تكون الحاجة إلى العمل أكثر إلحاحًا، أمَّا إذا كانت النساء العاطلات أكثر، فعندئذٍ لا يكون العمل كالزَّواج، والحكومة التي لا تخطِّط على أساس هذا التمايُز تخلق مشكلة جديدة، وتعوق رؤيتها الذَّاتية بمثل هذا العبء في تَمييز حالة البطالة"؛ مجلة الثقافة النفسيَّة، العدد 9 مجلد 3 ، كانون الثَّاني 1992م.

هذا الكلام يفترض أن ندرسه بعناية، ونستفيد منه، فهو يتحدَّث عن ظروف اجتماعية، قريبة من ظروفنا، ولكن يبدو أنَّ القضية في بعض جوانبها ليست أكثر من صراع، توضع المرأة وعملها وقودًا له.

العمل بنصف (دوام):
من سنوات طويلة ونحن نقرأ بعض الآراء التي تطرح بعض الاقتِراحات حول عمل المرأة السعودية، فلا شك أنَّ (الجمع بين وظيفتين)، يؤدِّي - عاجلاً أو آجِلاً - إلى الإرهاق، وقد حوّل العمل خارج المنزل المرأة إلى ترس في آلة العمل الضخْمة، وذلك ما أفقدها الكثير من أنوثتها، وما الذي نتوقَّعه منها حين تعمل مهندسة، أو سائقة للشَّاحنات الضخمة؟! وقد ثبت أنَّ خروج المرأة الأمريكيَّة للعمل أدَّى إلى عزوفها عن الأعمال المنزليَّة، مما أوجد: (وكالات متخصِّصة للزَّواج من الخارج، عبر كتلوجات) يقول "جيم .." أحد المتزوِّجين من تلك الوكالات: المرأة الأمريكيَّة يمكن أن تكون مهندسة، أو مخترعة، بل قد تقوم بمغامرة في جبال (الهملايا)؛ لكنَّها لا تفكِّر في تنظيف بيتها أو إعداد فنجان قهوة لزوجها، الجمعيَّات النسائيَّة أصبحت تطالب بوقف أعمال تلك الوكالات، التي تخطف الرجال. جريدة المدينة، العدد 12231 في 5/ 5/ 1417هـ.

من الآراء التي طرحها أصحابها، لمحاولة تدارُك ما يمكن تداركه، من تلك الانعكاسات السلبية التي نجمت عن خروج المرأة للعمل، من تلك الآراء رأْي طرحه الأستاذ حمد القاضي، وقد علَّقت على ذلك الرأي، حين ذاك:
"الرأي الذي سبق وأن طرحه الأستاذ حمد القاضي، وكان رأي الأستاذ حمد - فيما أذكر - أن تُكلَّف المرأة بنصف دوام لتتفرَّغ لمنزلها، ولعلَّ الموضوع يبدو معقولاً، إذا كنَّا مقتنعين، بأنَّ دور المرأة في الأساس هو الأسرة، لما يرتبط به دورها من تنشئة أجيال المستقبل، فعمل المرأة نصف دوام بنصف الراتب يوفر لها الوقت لتلقي بنظرة على أطفالها ومنزلها، كما أنَّ عملها ينمي شخصيتها ويثبتها اقتصاديًّا، أمَّا إذا كانت المرأة العاملة، مسؤولة عن أسرتها دون وجود مورد آخر غير وظيفتها، فيمكنها أن تعمل بدوام كامل، إنَّه لو قدر لهذا الكلام أن يكون أكثر من حبر على ورق جريدة يومية، فسوف يُدرس الموضوع من جميع جوانبه، وما المانع مثلاً أن تكون كل وظيفة نسائيَّة، عبارة عن وظيفتين في وظيفة؛ أي: إنَّها قابلة لتعْيين موظفتين كل واحدة منهما بنصف دوام ونصف راتب، وفي نفس الوقت تكون قابلة - أي الوظيفة - لتعيين موظفة واحدة بدوام كامل وراتِب كامل؟

هناك الكثير من الصعوبات في هذا الرأي، فمثلاً هل سيكون عمل المرأة نصف دوام إجباريًّا في حالة وجود طفلين، أو ثلاثة، أم سيكون اختياريًّا؟ إلى آخر ما يمكن أن يطرح من تساؤلات"؛ جريدة البلاد، العدد 9981 في 15/ 4/ 1412هـ.

نعم، ما المانع أن تعمل المرأة نصف دوام بنصف الراتب؟! مَن قال: إنَّ المرأة لا يمكن لها تحقيق ذاتها إلاَّ إذا عملت دوامًا كاملاً مثل الرجل؟ ثمَّ ما المانع أن يتم تخفيض دخْل المرأة، وهي - المرأة المسلمة - غير ملزمة شرعًا بالنفقة؟!

كما توقَّعتُ تمامًا، لم يكن اقتراحي بأن تعمل المرأة نصف دوام أكثر من "حبر على ورق جريدة يومية"، وليس ذلك بالشيء الغريب، فقد تمَّ إغفال اقتراح الأستاذ حمد القاضي، الكاتب والمثقف ورئيس تحرير( المجلة العربية)، وعضو مجلس الشُّورى فيما بعد، فما بالكم برأي قارئ؟!

وضعت القلم، بل تركت لوحة المفاتيح، وشربت كأسًا من الماء، إذا كان الشَّاعر المصري صلاح عبدالصبور كتب: وشربت شايًا في الطريق، ممَّا جعل النَّاقد الكبير الدكتور بدوي طبانة، يفقِد الأمل في الشَّاعر بعد كتاباته لهذا البيت، كما ذكر في محاضرة ألْقاها في النادي الأدبي بالمدينة المنورة، فأنا شربت في المكتب كأس ماء!

أمرَّ ما يقرب من عقدين من الزَّمان على كتابة ذلك (الاقتراح)، على انسكاب ذلك الحبر على ورق جريدة يومية؟!

لَم يتوقَّف البحث عن سبل تقلِّل من مخاطر (هجْر) المرأة بيْتَها ومنزلها، وقد عقد الملتقى الخامس لتنمية الموارد البشرية، واستضافتْه الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية، بالمملكة العربية السعودية، وقد جاء في الورقة التي قدَّمتْها الأستاذة غيداء الجريفاني:
"لقد أثبتتْ بعض البحوث العلميَّة تعارُض عمل المرأة مع طبيعة حياتِها كأم وزوجة؛ نتيجة لتأثير ذلك على حالتِها الانفعاليَّة والجسديَّة، واستعانتها بالآخرين لتربية أولادها، فالطفل يحتاج إلى الأم الهادئة المتفرِّغة لعمليَّة الإرضاع ليكتسب الرَّاحة النفسيَّة والنمو الطبيعي، لا جدوى من عمل المرأة وخروجها من المنزل، بيْنما لو شجَّعنا العمل في المنزل أو عن بُعْد نَجد أنَّها وفَّرت المصاريف المترتِّبة على الخروج، كالنقل والملابس. 

وذكرت الباحثة أنَّ التجارب في البلدان المجاوِرة - مثل الأردن والسودان ومصر - كثيرة عن عمل المرأة من المنزل، بالإضافة إلى أنَّ أعدادًا من النساء الأمريكيَّات يُدِرْن أعمالهنَّ من المنزل، ويسوِّقْن منتجاتِهِنَّ عن طريق الشبكة العنكبوتيَّة، مع أنَّهنَّ لا يملكن من المحاذير الشَّرعيَّة أو الاجتماعيَّة كما هو لدينا؛ وذلك لتوفير الوقت والجهد ومصاريف النقل. جريدة اليوم، العدد 11242 في 5/ 2/ 1425هـ.

سبق أن أشرنا إلى مقالة الأستاذة الدكتورة نجاح الظهار "مشكلة البطالة النسائيَّة وهم لا حقيقة"، نقلنا بعضها سابقًا، وقد ختمت الكاتبة المقالة ببعض المقترحات: 
1- توعية المرأة بدورها كأم وزوجة، وأنَّ عملها ووظيفتها الأولى في البيت وتربية الأولاد.
2- بالإمكان إيجاد أعمال تتناسب مع المرأة وهي مستقرَّة في دارها، عن طريق الشَّركات التي تكلِّف المرأة بالعمل وهي داخل دارها، فقد سمعنا بتجارب ناجحة في هذا المجال.
3 - بإمكان المرأة الواعية أن تُنْشِئ في دارها مصانع نسائيَّة صغيرة خاصَّة بها، كصناعة المربيات أو الحلويات أو المأكولات الخفيفة.
4- على الجهات الرسميَّة التعليمية أن تشجِّع استمراريَّة الكلِّيات التي تغذي سوق العمل النسائي، مثل كليات الاقتِصاد المنزلي، وتزيد من تخصُّصاتها، ومن العجيب ما قامت به بعض جامعاتنا بإغلاق هذه التخصُّصات دون أي مبرر.
5- افتتاح مشاريع خاصَّة صغيرة مثل مطاعم ومقاهٍ نسائيَّة لها خصوصيتها، وتحت إدارة نسائيَّة مباشرة، بحيث يشترك عدد من الفتيات المتخصِّصات في فن الطهي والتغذية والإدارة، ويقمن بهذه المشاريع بأنفسهنَّ دون استقدام عاملات من الخارج، وكذلك من الممكن فتْح مشاغل ودور تصميم وديكورات نسائيَّة وفق ما سبق.

إنَّ مجال عمل المرأة الحر أراه أكثر مرونة واتساعًا من مجال الرَّجل، وذلك لمن تستخدم تفكيرها وإرادتها، ورغبتها الحقيقيَّة في العمل الحركي المنتج، وهكذا بإمكان المرأة السعودية أن توجد لنفسها مجالات عملٍ عديدة ومتميِّزة بعيدًا عن الاختلاط ومراجعة الرجال، وتستطيع أن تجعل من نفسها نموذجا للمرأة العاملة المبدعة البعيدة عن التقليد. جريدة المدينة العدد 15798 في 29 / 6 / 1427هـ = 25 / 7 / 2006م.

المشكلة التي لا نشكُّ أنَّها لم تغب عن أختنا الدكتورة "نجاح": أنَّ هناك من يرفض أن تكون المرأة المسلمة - سعودية كانت أو غير سعودية - أنموذجًا خاصًّا له تميزه.

على كل حال، يبدو أنَّ البحث عن حل لتنامي البطالة النسائيَّة قد وصل إلى اقتراح تخفيض سنوات خدمة المرأة.

كما هو متوقع، تعالت أصوات بعْض النساء، محتجَّات على هذا الاقتراح، وبأنَّ المرأة حسب هذا الاقتراح تحال إلى التقاعد، وهي في أوْج عطائها،، وحجج أخرى.

ولكن يبدو أنَّ هذا الاقتراح لم تتمَّ دراسته دراسةً وافية - كما هي عادتنا دائمًا - ومن هُنا جاء قلم أ. د. نجاح الظهار، لتكشف عن بعض الخلل الموجود، في ذلك الاقتراح:
"قرأت في يوم الأحد 11 رجب 1421هـ في جريدة الاقتِصادية خبرًا أفزعني وأقلقني، مفادُه أنَّ الترتيب للتقاعُد المبكِّر للمعلمات في طريقه للظهور، بعد أن وجّهت الرئاسة العامَّة لتعليم البنات بِحصر جميع المعلمات اللاتي تجاوزتْ مدَّة خدمتهن في الرِّئاسة 15 - 20 عامًا، وأنَّ مجلس الشُّورى قد أجازه، ولَم يبق إلاَّ إقراره من مجلس الوزراء في صورته النِّهائيَّة، وقد بلغ عدد المنتظر إحالتهنَّ للتَّقاعُد (116896)، وهذا أمر في غاية الخطورة، ألَم ينظر هذا النظام إلى أنَّ كثيرًا من المعلِّمات اللواتي أمضين 15 - 20 عامًا في العمل تتراوح أعمارُهُنَّ ما بين 35 - 45 عامًا، وكثيراتٌ منهنَّ أرامل ومطلَّقات، وعليهنَّ يقع عبء إعالة الأسر؟! إضافة إلى ارتباطهنَّ بخطط ماليَّة مستقبليَّة توجب عليهنَّ تسديد أقْساط (سيَّارات، شراء أرض، بناء مساكن) وإنَّ إحالتهنَّ على التقاعد ستُرْبِك حياتَهنَّ، وتوقعهنَّ في مشكلات ماليَّة عويصة.

وعلى العكس من ذلك، فإنَّ الفتيات اللَّواتي يراد إحلالهنَّ في أماكن المتقاعدات ما زلنَ في العشرينات، ممَّا يعني أنَّ أطفالهنَّ مازالوا صغارًا، وهنَّ مازلنَ في سن الإنجاب، والأسرة مازالت قليلة العدد، فأُسرهنَّ أحوج إليهنَّ، إلى جانب أنَّ مسؤولياتهنَّ الماليَّة أقل مقارنة بأسرة المرأة التي يراد فرض التقاعد عليها، وقد يكنَّ غير متزوِّجات ولكن فرص الزَّواج وإيجاد عائل ما زالت مفتوحة أمامهنَّ، بعكس أولئك اللَّواتي بلغنَ الأربعين، وقلَّت فرص زواجهنَّ، وهذا القرار يجعلهن بلا وظيفة ولا عائل، والمولى - عز وجل - لا يجمع بين عسرين.

وما الميزان الذي سنستخْدِمُه حين يزيد عدد المتقاعدات على عدد المتخرِّجات؟ إذا ما علمنا أنَّ عدد المتقاعدات (116896) معلِّمة، وفرضنا أنَّ عدد المتخرِّجات والباقيات من غير عمل (80) ألف معلمة، علمًا أنَّ عدد المتقاعدات يَختلف من مرحلة إلى مرحلة، ومن منطقة إلى أخرى.

هل سنستخدم القُرعة في إخراج المتقاعدات، أو ستتدخَّل الواسطة والاستِثْناءات الشخصيَّة مما يشيع الفوضى في تطبيق القرار؟ ص 39 - 41 "المرأة السعودية: قضايا وآمال"، د. نجاح الظهار، مكتبة الرشد، 1425هـ/ 2004م، الطَّبعة الأولى.

يبدو لي أن احتمالاً فات على سعادة الدكتورة، فالقول بأنَّ المعلمات المحالات على التقاعُد، ممَّن تتراوح خدماتهنَّ بين 15 - 20 ربَّما كان ذلك يدلُّ على أنَّ الإحالة على التقاعُد ستبدأ من اللواتي خدمن 20 عامًا، ثمَّ 19 وهكذا، هذا في تصوري الشخصي، ولكن يبقى الشَّيء المهم الذي أشارت إليه سعادة الدكتورة، وهو ارتباط بعض المعلمات باستِحْقاقات مالية، وأنَّ بعضهن يقمن بإعالة أسرهن، فكان على القرار أن يدرس كلَّ الحالات قبل أن يصل إلى مرحلة التنفيذ، كان من الممكن أن يأخُذ الأمر بالتدرج، في البداية تكون الإحالة على التقاعُد اختياريَّة، لمن أكملت عشرين عامًا في الخدمة، مع حصول المعلِّمة على آخِر راتب كانت تتقاضاه، كراتِب تقاعد، ويمكن في مرحلة لاحقة، أن تضاف كلُّ مَن أتمَّت خمسة عشر عامًا في الخدمة، وهكذا، طبعًا حصل ما حصل، وتم إيقاف القرار أو تأجيله، هل ترك الباب مواربًا، أم أغلق تماما؟! كما أوقف قرار حصر بيع المستلزمات النسائيَّة على البائعات.

ثم قرأنا هذا الخبر الَّذي طالعتنا به جريدة (المدينة)، وقد جاء على صفحتها الأولى: (تعيين معلمتين لكل وظيفة)، وفي صلب الخبر قرأْنا التَّالي:

"بحث مجلس وزارة التَّربية والتَّعليم في اجتماعه الأخير بالطَّائف اعتِماد سلَّم وظيفي جديد للمعلِّمات، وتعْيين كلِّ معلمتين على وظيفة واحدة، وعلمت المدينة أنَّ الهدف من هذا المشْروع الجديد هو إحْداث وظائف جديدة للمعلِّمات في إطار نظام النِّصاب الجزئي، الذي سيتمُّ إخضاعه للمزيد من البحث في الفترة المقبلة"؛ جريدة المدينة العدد 15843 في 15/ 8/ 1427هـ = 8/ 9/ 2006م.

لا يقتصر الفارِق بين المرأة المسلمة، والمرْأة الغربيَّة، على شعور الأولى بأنَّها سوف تسأل عن الأمانة التي وكلت إليها فقط؛ بل هي ملزمة أيضًا بواجبات دينيَّة، ونستطيع أن نحسَّ بمعاناة المرأة، لو تصوَّرنا كمية الأعباء المناطة بها، هاهي إحْدى الأخوات تصرخ: "هند تستعرض معاناة النساء في الشَّهر الفضيل، فضلاً أعفونا من الدَّوام في رمضان": "شهر رمضان الذي حُرِمْنا من الاستمتاع فيه، والتدبُّر في معانيه، منشغلين عنه باللَّهث خلف الأطفال وتدريسهم، والمعاناة في جعلهم يَخْلدون للنوم ليستطيعوا أن يستيقظوا لوجبة السُّحور، ثم يفيقوا للذهاب إلى مدارسهم وعمل بعض الأعمال بعد خروجهم، ناهيك إن كانت الأم عاملة، فتكون في عجلة من أمرها حتَّى تذْهب لوظيفتها ولا تتأخَّر، وبعدها تأْتي المعاناة الكبرى حيث تعود من دوامِها منهكةً صائِمة، مفروض عليها معركة المطبخ واستِخْراج ما لذ وطاب منه، ناهيك عن المشاكل التي تحدثها الخادمات، وإضْراب أكثرهن من كثْرة العمل وتكدُّسه، وبعد هذا تأتي الخطوة الثانية حيث انتهت معركة المطبخ، فتبدأ ربَّة المنزل أو الموظَّفة بتجهيز نفسها وتبديل ملابسها بعد مشوارها الطويل؛ لتقابل من هو أجلُّ وأعز، الحي القيوم، فتكون هذه المسكينة قد خارت قواها من كثْرة التعب وكثرة التَّفكير في أولادها، الذين من واجبها عليهم أن تعود وتستذكِر معهم دروسهم، وتحضيرهم للاستعداد ليوم دراسي جديد وروتين يومي آخر"؛ جريدة الرياض العدد 13887 في 6/ 6/ 1427هـ = 2/ 7/ 2006م.

في هذا الخضم، تخرُج علينا جريدة الرياض بهذا العنوان: ( محاضرة د. نورة العدوان: تعدُّد دور المرأة  بين الإنجاب والتنشِئة يمثل عائقًا لعملها).

كان عنوان محاضرة الدكتورة نورة، هو: (أدْوار المرأة السعودية.. الواقع والتحديات)، وقد ألقت الضوء على: عمل المرأة والآثار المترتِّبة على البناء الاجتماعي، والاستحقاقات المدنيَّة والاجتماعيَّة على خروجها للعمل، وذكرت أنَّ أدوار المرأة تعدد - هكذا - بين الدور الإنجابي كالأمومة والتنشئة الاجتماعيَّة، وهو ما يمثل العائق الأكبر لعمل المرأة، ويقلص دورها الإنتاجي خارج المنزل.

أمَّا الدور الثاني، فهو الدور الاقتصادي ويمثل 20% من النِّساء في من هم في حاجة اقتصادية كالأرامل والمطلَّقات، أمَّا 80% من العاملات، فيسعَين إلى الاستِقْلال المادِّي عن الرَّجُل.

والدور الثالث هو التنظيمي، ومنه الحصول على المراكز القيادية، والعمل على التأثير في المراكز التشريعية، وهي قائمة في الغرب على الصراع، أمَّا في الدين الإسلامي، فمبنية على الدور التكاملي بين الرَّجُل والمرأة، وهذا يرجع لخصوصية المرأة العربيَّة.

وشدَّدت على دور الإعلام لزيادة الوعْي بأدوار المرأة العاملة، وإلْقاء الضَّوء على سلبيَّات وإيجابيَّات تمكين المرْأة وتوضيحه بطريقة تناسب خصوصية المرأة في العالم العربي. جريدة الرياض العدد 14062 في 4/ 12/ 1427هـ = 24/ 12/ 2006م.

شيء جيِّد أن تشير المحاضِرة إلى الفرق بين حال المرأة الغربيَّة، وصراعها مع الرَّجل الغربي، وحال (الدين الإسلامي)؛ لأنَّ الفرق أصبح في الدين فقط؛ أي: من النَّاحية النظريَّة، أمَّا خطابنا الثقافي، فهو صورة طبق الأصْل، من الخطاب الغربي - يكفي أنَّ المحاضرة أشارت إلى أن الإنجاب يمثل العائق الأكبر أمام المرأة - فنحن نسمع نفس المطالب، ويتم تكرار نفس القوالب، مع مراعاة الفارق الزَّمني الذي يتقدَّم به الخطاب الغربي، وما (تمكين المرأة) الذي أشارت إليه المحاضرة، إلاَّ محاولة لمحو الفوارق بين الثَّقافات والأدْيان، فإذا منع تعدُّد الزوجات في الغرب، فلا بدَّ أن يمنع في كل مكان، وإذا أُبيح الزنا، تحت ذريعة حريَّة الجسد، فلا بدَّ أن يباح في العالم أجمع .. إلخ، ولا بدَّ أيضًا من (تمكين المرأة) في مجال السياسة، وفي بعض الدول العربيَّة يتم القفْز فوق هذه الديمقراطية، التي يتشدَّقون بها، ويتم تَخصيص بعض المقاعد البرلمانيَّة للمرأة!

وهنا يرد سؤال رغْم أنَّ الإجابة المنطقيَّة عليه بديهيَّة، والإجابة التي تتماشى مع (الواقع) بديهيَّة أيضًا، إلاَّ أنَّنا نطرحه، والسُّؤال مبني على ما قرَّرتْه الدكتورة نورة العدوان، من الأدوار المتعدِّدة للمرأة، فما هو الحل؟ هل تضحِّي المرأة بدورها في الحمل وتنشِئَتها للأجيال؟! أم تضحي بدورها الإنتاجي خارج المنزل، وبحْثها عن المراكز العليا؟!

لديَّ يقين لا يقبل الشَّكَّ، أنَّ من ينطلق في تعامُله مع قضية المرأة من منطلق إسلامي، لا يمكن أن ينظر إلى قضيَّة المرأة، بمنظار (الصراع)، ومَن يتفوَّق على من؟

ومن هنا؛ علينا - إذا كنَّا صادقين مع أنفسنا - أن نعيد النَّظر في عمل المرأة، منطلقين من دينِنا، ومن ثقافتنا، دون أن نكون (عالة) على الغرب، فإذا انطلقوا هم من (الصراع)، فنحن ننطلق من مبدأ (الإيثار)، {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ} [الحشر: 9]. هذا هو المنهج الإسلامي، وهذا بالطَّبع لا يلغي التَّمايز، والسعي إلى التميز.

يقينًا أنَّ إيجاد حل كامل لقضية عمل المرأة السعوديَّة، يحتاج إلى كثير من الجهد، وقبل كل شيء اقتناع الجهة التي بِيدها اتخاذ القرار.

بين الواقع والمأمول:
حين تطوف بي الأفكار التي سوف تكون محظوظة إن قرأها أحد، أجدُها تتزاحم بين أفكار تتظاهر بأنَّها جادَّة، وأنَّها قد تكون قابلة للتطبيق، وأخرى جاءت تحت هذا العنوان:  من أجل عينيها!

سؤال صغير: كل هذه الدَّعوات لـ (تمكين) المرأة، لمصلحة مَن؟! هل هي حبٌّ في المرأة، وسعيٌ إلى ما فيه صالحها؟ أم أنَّ المجتمع هو الذي يعاني نقصًا في اليد العاملة، فهو في أمسِّ الحاجة إلى المرأة العاملة؟ بمعنى آخر: من يحتاج لمن؟!! إذا قلتم: إنَّ الاختيار الثاني هو الصحيح (تصبحون على خير)!

أمَّا إذا كان الاختيار الأوَّل هو الصحيح، فسوف ندخل في سباق، من يخدم المرأة أكثر من الثاني؟! خذوا هذه الاقتراحات:
1 - وزارة للمرأة. 
2 - ميزانية مفتوحة لشؤون المرأة. 
3 - تمنح المرْأة راتبًا كاملاً، حتَّى لو عملت (نصف دوام). 
4 - إجازة مفتوحة عند (الحمل والولادة والإرضاع).

المرأة والمجتمع: مَن يحتاج إلى الآخر؟!
هذا السؤال في حدِّ ذاته يبدو غريبًا؛ إذْ يبدو كأنَّه قد أخرج المرأة من المجتمع، وهي نِصْفه أو تزيد!

على كل حال، في تصوُّري أنَّ القضايا، وما يُتَّخذ فيها من قرارات، إنَّما يصدر من (الفلسفة)، أو الرؤية، التي ينطلق منها مَن يخطط، ومن بعده مَن يتَّخذ القرار.

بِما أنَّنا ننطلق من الإسلام الَّذي أوجب النَّفقة على الرجل، ولم يُوجِبْها على المرأة، والقرآن الكريم يُشير إلى ذلك قبل أن يخرج أبونا آدم - عليه السلام - من الجنَّة؛ {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117]، من ذلك المنطلق فإنَّ المجتمع هو الذي يحتاج إلى المرأة وليس العكس - وإن كنَّا صنعنا واقعًا يكون العكس فيه هو الصَّحيح - وعليه فإنَّ (الطرف المحتاج)  يجب أن يلبِّي مطالب، واحتياجات (الطَّرف المستغني).

من هنا؛ كان من المفترض أن يتمَّ الصرف بسخاء على تعليم المرأة، وعلى صنع كادر وظيفي ينظر بعين الاعتِبار إلى خصوصية المرأة، والأدْوار الرئيسة الأُخرى التي تلعبها، من مهام الزوجية، إلى الحمل، والولادة، مرورًا بالإرضاع، بِما أنَّنا نحرث في البحر، فيكفي ما حرثنا! وسنكتفي بوقفتين قبل أن نَختم هذه الكلمة:

الوقفة الأولى:

مقالة رائعة كتبتْها الأستاذة إيمان القدوسي، وملخَّصها أنَّ الدكتورة هدى وجدت شغَّالتها قد كتبت هذه الرسالة:
"حبيبي حازم، متى تشعر بي؟ ولماذا لا تراني وأنا أمامك؟ هذا البيت الَّذي تحبُّه هو بيْتي وبيتك، أنت رجُل البيت وأنا - وحْدي - ست البيت، الطَّعام الذي تأكُلُه من صنع يدي، ملابسك وكتُبك وكل ما يخصُّك أرتِّبُه وأجهِّزه من أجل عيونك، أمَّا هدى فهي مجرَّد ضيفة في هذا البيت، حتَّى الأطفال لا تعرف عنهم شيئا!".

لم تنَم هدى ليلتها، كانت تردِّد لنفسها: البنت عندها حق!

استقالت من المستشفى واكتفتْ بعيادتِها الخاصَّة، وافقتْ على مشاركة زميلتِها الدكتورة وفاء، فصار عملها ثلاثة أيَّام في الأسبوع، وبدأت تعيد دمْج نفسِها في نسيج أسرتها، لَم تكُن عوْدتُها للمطبخ سهلة؛ ولكنَّها ممتِعة. جريدة المصريون، العدد الصادر في 12/ 6/ 2009م.

كم من السيدات سوف تكتشف ما اكتشفتْه الدكتورة هدى؟! وكم منهنَّ لديها القدرة على اتِّخاذ قرارات مماثلة؟! ألَم يكن الأجْدر بالمجتمع أن يصنع للمرأة - خصوصًا المرْأةَ المتزوِّجة، والتي لديها أطفال - مُحيطًا وظيفيًّا، يَجعل دوامها أصلاً لا يزيد عن ثلاثةِ أيَّام، مع سهولة الوصول إليه؟!

الوقفة الثانية:
زفَّت إلينا قناة (الجزيرة - من قطر) أمس الاثنين 22/ 6/ 1430هـ، نبأ وجود مائة سيِّدة يعملن في سلك المرور، يقُمْن بتنظيم السَّير في شوارع كاتامندو، عاصمة نيبال، زفَّ إلينا الخبر أحد المذيعين منوِّهًا بهذا الاختِراق الَّذي حقَّقته المرأة النيباليَّة، لمجال كان حكرًا على الرجال! أمَّا التقرير فقد جاء فيه: إنَّ عمل المرأة في تنظيم السير يحتاج إلى لياقة عالية، كما أنَّ شرطيَّة السير - أو الشرطي - قد تتعرَّض لضربة شمس!

سؤال صغير: مَن المستفيد؟! وسؤال أكبر: متى يتمُّ التوقُّف عن الضَّحك على عقولنا بوضع فرضيَّة أنَّ المرأة لا تستطيع أن تقوم بعملٍ ما - تنظيم السَّير هنا - ثمَّ يهللون فرحًا بأنَّ المرأة أثبتتْ أنَّها قادرة على أداء ذلك العمل؟!

ممنوع القراءة لغير الشنقيطيات! (عتب على المرأة الشنقيطيَّة):
حين أرى المرأة الشنقيطيَّة - على مستوى المؤتمرات النسويَّة - تعْدو مع العاديات خلف البحث عن حقوق المرأة، حين أرى ذلك، أتعجَّب، ثم أعتب بشدة! فالمرأة الشنقيطيَّة لها من الحقوق ما لا مثيل له، ولها مكانة عالية لا تُدانيها فيها امرأة أخرى.

هل هذه دعوى تحتاج إلى دليل؟! خذوا هذه الوقفات: 
الوقفة الأولى:

في عموم الثَّقافة الشنقيطيَّة، لا نعرف أنَّ (ضرب) المرأة، ممَّا يخطر على البال، فضلاً عن تعرُّضها له، أنا في الخمسين - ومهتمٌّ بقضايا المرأة - ولا أذكر أنَّني سمعت عن رجل ضرب زوْجَته، إلاَّ مرتين، لا يتعلَّق الأمر بالشَّاذِّ الَّذي لا حكم له، أو بالشذوذ الذي يؤكِّد القاعدة؛ بل يتعلَّق بأنَّ أهل الرَّجُل الأوَّل - سمعت ذلك وأنا صغير - من شدَّة تحرُّجهم من تلك الفعلة، ادَّعَوا أنَّ الزَّوجة هي التي صفعت ابنَهم، فأفقده الغضبُ شعوره، فمن المستحيل أن يضرب زوجته، وفي الحالة الثانية أيضًا، ذكر أنَّ الزَّوج يعاني من بعض المشاكل النفسيَّة.

الوقْفة الثَّانية:

عن مكانة المرأة الشنقيطيَّة، يقول الشَّيخ محمد الإمام: "النساء عند عامَّة أهل القطر - موريتانيا - كأنهنَّ لم يخلقْنَ إلاَّ للتَّبجيل، والإكرام، والتودُّد لهنَّ، فلا تكليف عليهنَّ ولا تعنيف، (نحن نقول "لا تُضرب" والشيخ يقول: لا تُعنَّف)؛ فالمرأة هي سيِّدة جميع ما يتعلَّق بالبيت، من متاع وماشية، والرَّجل بمثابة الضَّيف، فلها أن تفعل ما شاءت من غير اعتِراض عليها ولا مراقبة، وليس من العادة أن تفعل شيئًا من الخدمة بيدها إلاَّ أن تكون في بيت فقير فتفعل من ذلك ما لا يناسب الرَّجُل مباشرته، وتمتاز نساء الزَّوايا بالقراءة فيشاركن الرِّجال (كثيرًا ما يقمن بتعليم الصغار) في جميع الفنون، مع الصيانة وعدم التبذُّل، وإن نزل بهنَّ الأضياف، فلهنَّ أن يفعلن ما يفعل الرَّجُل من إكرام الضَّيف لو كان حاضرًا"؛ ص 179 - 180 "حياة موريتانيا" الجزء الثاني، الحياة الثقافية، المختار بن حامد، ليبيا، الدار العربية للكتاب/ 1990.

بل وصل (الدَّلال) بامرأة أنَّها كادت أن تفسد صفقة تجاريَّة مع الفرنسيين في أيَّام الاستِعْمار! ذكر الرحَّالة كايي أنَّه كان شاهد عيان عندما تمَّ توقيف عمليَّات التبادُل يومًا في المحطَّة؛ لأنَّ خالة الأمير فاطمة بنت المختار اشتكتْ إليْه من أنَّ أحد التجَّار - الفرنسيين - كان قد قدَّم إليْها قهوة ارتأت أنَّها غير لذيذة. 346 "المجتمع البيضاني في القرن التاسع عشر" محمدو بن محمذن، الرِّباط، منشورات معهد الدراسات الأفريقية، 2001م.

وعندما زار الصحفي بدر الغانمي موريتانيا وأعدَّ بعض التَّقارير الصحفيَّة، كتب يقول: "لا يمكن أن نجد في أي بلدٍ عربي دورًا للمرأة كما هو في موريتانيا"؛ جريدة عكاظ، العدد 13485 في 29/ 5/ 1424هـ.

الوقفة الثَّالثة:

في كرَّاس صغير، أسمَيْته: "هموم شنقيطيَّة: جناية لا سابقة"، كتبت بين مازح ومازح: "يعجز القلم عن الإحاطة بإنْجازات المرأة الشنقيطيَّة، ولعلَّ من أبرز إنجازاتها أنَّها حملت لواء رفض تعدُّد الزوجات (قبل قرون من هذه الموجة الحديثة)، وبما أنَّ المجتمع الموريتاني مجتمع عرف بتديُّنه فقد تمَّ اللجوء إلى قاعدة: (المؤمنون عند شروطهم)، ومن هنا تميَّز عقد النكاح عندنا بالشَّرط الشهير "لا سابقة ولا لاحقة"، وقد فتح عليْنا ذلك الشَّرط بابًا عريضًا من "المزاح"، يقول الأستاذ المختار - رحمه الله -: 
"ويكون الزَّواج - غالبًا - على الشَّرط بأن لا سابقة ولا لاحقة، وإلاَّ فأمرها بيدها أو بيد وليِّها، وقد لا يلفظ بالشَّرط ويطبَّق عمليًّا، وقد تتعدَّد الزَّوجات عند بعض ذوي الجاه والمال"؛ ص 182 (حياة موريتانيا) ذُكر سابقًا.

أليْس من حقِّي أن أعتب على المرأة الشنقيطيَّة، وهي لا تعاني من (الضَّرب)، ولها مكانة عالية، ولا تتَّخذ عليْها (ضرة)؟!

لعلَّه من الطريف أن نشير إلى أنَّ شرْط المرْأة الشنقيطيَّة يبدو سهلاً، بالنسبة لشرط المرأة الأندلسية؛ (نموذج عقد زواج وما يتضمنه من شروط للمرأة):
"أمَّا بعد، فقد أصدق فلانُ بن فلان الفلاني زوجَه فلانة بنت فلان الفلاني، أصدقها على بركة الله ويُمْنه كذا وكذا دينارًا، وأن تكون عنده بأمانة الله - تبارك وتعالى - وبما أخذه عن وجهه للزَّوجات على أزواجهنَّ المسلمين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وعليه أن يتَّقي الله - تعالى - في صحبتها ويحمل بالمعروف عشرتَها جهده؛ كما أمرَه الله - تعالى وجلَّ - وله عليها مثْل ذلك، من حسن الصُّحبة وجميل العِشْرة، ودرجة وطاعة النَّاتج المذْكور لزوجته المذْكورة، بعد أن ملك عصمتها استجلابًا لمودَّتها وتفان لمسرَّتها، بألا يتزوَّج عليها ولا يتسرَّى معها، ولا يتَّخذ أمَّ ولد عليها، فإن فعل شيئًا من ذلك، فالدَّاخلة عليها بنكاح أو مراجعة طالق، (شرط المرأة الشنقيطية أخف وأقرب إلى الصواب، فمِن حقِّها - إذ اشترطت - أن تطلِّق نفسها، وليس لها أن تطلِّق الأخرى)، والسرِّية وأم الولد حرَّتان لوجه الله تعالى.

وألاّ يضارّها في نفسها ولا في أخْذ شيء من مالِها، فإن فعل شيئًا من ذلك فأمْرُها بيدها، وألاَّ يغيب عنْها غيبة بعيدة أو قريبة، طائعًا أو مكرهًا، حيث ما توجّه من أسفاره من ستَّة أشهر إلاَّ في أداء حجَّة الفريضة عن نفسه؛ فإنَّ له في ذلك مغيب ثلاثة أعوام، فإنْ زاد على هذيْن الأجلين أو أحدِهِما فأمرُها بيدها.

وألاّ يرحِّلها من موضع كذا إلاَّ بإذنها ورضاها، فإن رحَّلها مكرهة فأمرُها بيدها، وإن هي طاعت له بالرَّحيل فرحَّلها ثم سألتْه الرَّجعة فلم يرجعْها، من يوم تسأله ذلك إلى انقضاء ثلاثين يومًا - فأمرُها بيدها، وعليه مؤنة انتِقالها ذاهبة وآيبة، وألاّ يَمنعها زيارة أهلها من النِّساء وذوي محارمها من الرجال".

الجزيري: "المقاصد المحمودة" ص 2 - 3؛ مجلة "دراسات أندلسيَّة": ظاهرة الزَّواج في الأندلس إبَّان الحقبة المرابطيَّة من خلال نصوص ووثائق جديدة، د. إبراهيم القادري بوتشيش.

أريد فقط من يدلُّني على (مكتب المحامي) الَّذي أعدَّ عقد الزَّواج هذا! الحقيقة أنَّ في صياغة العقْد، ليس تكبيلاً فقط، بل احتيالٌ كذلك، فهو يقول: "وطاعة النَّاتج المذْكور لزوجته المذْكورة بعد أن ملك عصمتها استجلابًا لمودتها وتفان لمسرَّتها بألا يتزوَّج عليها ولا يتسرَّى معها، ولا يتَّخذ أم ولد عليها"، هذا شيء قبِلَه الرَّجُل "استجلابًا لمودَّتها"، ولكن ما أن قبل ذلك، حتَّى تمَّ تكبيله، فإذا فعل شيئًا من ذلك تطلَّق زوجته، وتحرَّر أَمته!

وختامًا نتساءل: من الأفضل؟
تنشغل المرأة كثيرًا، بمسألة أفضليَّة الرَّجُل؛ وقد قال الحق - سبحانه وتعالى -: {وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] هذه واحدة.

ثانيًا: لا شيء يمنع الحوار في كل شيء، ولكن دون أن يتحوَّل الأمر إلى (صراع)، قد يفسد الحياة.

ثالثًا: من منظور الإسلام، أليس الدين هو المقياس؟! إذا كانت المرأة المسلمة أفضل من كل رجل لا يؤمن بالله، فالمرْأة المسلمة أفضل من مليارات من الرِّجال، أليس كذلك؟

وفي إطار المسلمين أنفسهم، أمّنا عائشة - رضي الله عنْها - أفضل من ... ضعِ العددَ الَّذي تشاء من الرجال، ثم أليستْ كل مسلمة متمسِّكة بدينها أفضل من كل رجل فاسق؟!

رغمَ كلِّ ما سبق، إلاَّ أنني تحيِّرني بعض الأمور، المتعلِّقة بالمرأة والرجل، لماذا الرجل يكسب دائما؟!

كان الرَّجُل يبذل الغالي والنفيس ليحصُل على (نظرة) من وجه المرأة، فخلعت ملابسَها قطعة قطعة، من الذي ربح؟!

كان الرَّجُل يكدح الليل والنَّهار، ويقدِّم الرِّشا أحيانًا ليؤمِّن لزوجه وأبنائه لقمة العيش، فأضافت المرأة إلى مهامِّها المنزلية - وخصوصًا تلك التي لا يستطيع الرَّجُل أن يساعدها فيها: الحمل والولادة - مهمَّة الكدح خارج المنزل، من الَّذي ربح؟!

من ضمن كدح الرَّجل، أنَّه كان يكنس الشوارع، وينظِّف البواليع القذِرة، تريد هي، من باب المساواة، أن تقوم بنفس المهام، تفضَّلي سيدتي: السَّيدات أولاً! صورة مع التحيَّة لكل المتربِّعات على الكراسي الوثيرة، يصُغْن النظريَّات، ويعملن في الوظائف المريحة، ويتسنَّمن المراتب العالية، في المكاتب الوثيرة، ولسنَ في حاجة للوظيفة أو معظمهن، يتسلَّين، أوووف .. ملل.

ولا عزاء للكادحات، يتصبَّبن عرقًا، يعانين حرارة الصيف وبرد الشتاء، .. و .. و .. و.. والقلق على الصغار، ولا زلت أتذكَّر إحدى البائعات سمِعْتُها، وهي تجلس على مبسطها الصغير، تعاتِب ابنَها - عبر الجوَّال - لأنَّه لم يعد إلى البيت بعد، كان ذلك بعد خروجي من صلاة العشاء، في مسجد سيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وقد تكون هذه المتابعة مفرحة، ولكن المفزع، موقف آخر - بل موقفان - إحدى البائعات الشَّابَّات، تقف إلى جوار سيَّارة البلدية - والَّتي في "حوضها" بضاعة تلك الشابة - ولَم أسمع من حديثها سوى قولِها "والله ما أكذب"، تكرِّرها!

أمَّا الموقف الثاني، فقد كان عند بوَّابة أحد الأسواق الكبيرة، وكنت في انتِظار زوجتي وابنتي، حين صعدت سيَّارة البلدية على الرَّصيف، وسارت بجوار مجموعة من البائعات، ثمَّ توقَّفت السيَّارة، فنهضت إحْدى البائعات، ومكثت تتحدَّث مع السائق أكثر من خمس دقائق! فأي خطر تُعرَّض له المرأة؟! لهن الله. 
ويا أيُّها الرجال، ألف مبارك على كل هذه المكاسب، ما أكبر حظكم ... (أهب)!

للأسف لا أعرف لفظة باللغة العربيَّة الفصحى تقوم مقام: (أهب)!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المرأة العاملة، والزوج العاطل من العمل
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (1/4)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (2/4)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (3/4)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (4/4)
  • تمكين المرأة يستهدف اقتلاعها من جذورها الدينية والثقافية
  • المرأة والأسرة والعمل.. نظرة شخصية
  • بين يدي تفكك الأسرة
  • من تغيير الجو إلى تغيير الزوجة
  • البطالة تحت أقدام العمل
  • الشباب المصري في مواجهة البطالة
  • انفصال مخرجات العملية التعليمية عن سوق العمل أمر خطير ويزيد نسبة البطالة
  • البطالة بين التصنيف الدولي والتشريع الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • من أي الفريقين أنت؟ وفي أي الدرجات منزلتك؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طالب الحق كناشد ضالة يفرح بظهورها على أي يد كانت ومن أي جهة أتت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى البعث والنشور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عصمة المجتهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مفردات غريب القرآن (4) (ليصرمنها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {صم بكم عمي فهم لا يرجعون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح خاتمة تحفة الأطفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: الربا ثلاثة وسبعون بابا(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • أي الصنفين أنا؟(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • روائع البيان في تفسير آي القرآن: سورة مريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب