• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / فتيات
علامة باركود

المرأة في الإسلام (3)

سيد ولد عيسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/11/2009 ميلادي - 24/11/1430 هجري

الزيارات: 28762

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
تحدث الباحث في محور "الأمثلة" عن عِدَّةِ أمثلة اعتبرها دليلاً قاطعًا على وجود حقوق كبيرة للمرأة في الجاهليَّة، معتبرًا أنَّ الإسلام قضى على هذه الحقوق، وصادر تلك الحريات ونحن سنعرض - وإن بإيجاز - لأهم الأمثلة التي أوردها الكاتب معقبين بما سنح به الوقت من تعقيب.

أولاً: خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -:
عرض الكاتب هنا لكثير من النِّقاط، سنناقش أهمها وأكبرها، ثم نعرج على ما بَقِيَ إنْ شاء الله.

وأهم ما قاله الكاتب هنا هو أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - استأذن خديجةَ - رضي الله عنها - في إعطاء حليمة حين جاءته ببعض المال فأعطتها، جاعلاً من ذلك دليلاً على سطوة المرأة الجاهليَّة على الرجل.

قال الكاتب: "واستئذان محمد من خديجة أنْ تساعِدَ أُمَّه بالرَّضاع يَحمل الكثيرَ من الدلالة على نفوذ وسطوة خديجة أثناء حياتهما الزوجيَّة قبل الرِّسالة"، وليس في هذا دليلٌ على ما يَدَّعي الكاتبُ، فلا يخفى على أحد ما كان يتمتَّع به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من رفق وشورى، وما يتميز به في هذا المجال خاصَّة مع النساء، وقد أوصى بِهِنَّ خيرًا؛ ((استوصوا بالنِّساء خيرًا، فإنَّهن خلقن من ضلع أعوج))، أو كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإنَّ هذا الرِّفق واللين في بيت محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لن يَجدهما الكاتب في أي بيت من بيوت الجاهليَّة التي يتصيد مَحاسنها، ومن ناحية ثالثة، فإنَّ هذا التصرف من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليس خاصًّا بخديجة، ولا بهذه الفترة، بل إنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - استشار أم سلمة يومَ الحديبية، فأشارت عليه بالرأي في القصة المشهورة؛ مما يؤكد أن استشارته - صلَّى الله عليه وسلَّم - داخلة في إطار تشريعه للشورى كمبدأ في كلِّ مَراحل الإدارة، وهي استشارة داخلة في التطبيق النبوي لهذا المبدأ الإسلامي الأصيل.

ومن ناحية رابعة، فليس هذا بدعًا في هذا الدين، بل إنَّ هذا الدين الذي جاء به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأمر بالشورى، ويطلب من الزوجين أن يتشاورا في أمور بيتهما وأبنائهما؛ قال تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233]، وقال: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 6]، فمشاورة الرجلِ للمرأة ليست من أعمال الجاهلية التي نقضها الإسلام - كما يزعم الكاتب - وإنَّما هي من الأخلاق التي جاء الإسلام بها.

وقد تحدَّث الكاتب هنا عن نقاط أخرى منها: 
• أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، حسب تعبير الكاتب - "ما تجرأ محمد على الزواج من نساء أُخَر في حياتها"، وهذا يدل على عظيم فضل خديجة، وعلى عُلُوِّ منزلتها عنده - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو لم يتزوج بعد خديجة إلاَّ بأمرٍ من الله، ولمصلحة يأتي بها زواجُه على الإسلام، وإلاَّ فلا يُمكن أن نفهم لماذا كان في شبابه مكتفيًا بامرأة واحدة حتى كبر - صلَّى الله عليه وسلَّم - جمع تسعَ نساء، هذا يفهمه فقط مَن أدرك أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مأمور ينفذ أوامر ربه ولا يعصيه.

والأدلة على ما نقول أكثر من أنْ تُحصى، أما من أعمى الله قلبه، وطمس بصيرته، فلا يفهم هذا ولا يعقله.

ولا أدل على فضل خديجة ومنزلتها وعلى حرص الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - على مكافَأَتِها مما رواه الفاكهي في ‏"كتاب مكة‏"‏، عن أنس: ‏"أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان عند أبي طالب، فاستأذنه أنْ يتوجه إلى خديجة، فأذن له، وبعث بعده جارية له يقال لها: نبعة، فقال لها‏:‏ انظري ما تقول له خديجة‏؟‏ قالت نبعة‏:‏ فرأيت عجبًا، ما هو إلاَّ أن سمعت به خديجة، فخرجت إلى الباب فأخذت بيدها، فضمتها إلى صدرها ونحرها، ثم قالت‏:‏ بأبي وأمي، والله ما أفعل هذا لشيء، ولكني أرجو أن تكون أنت النبيَّ الذي ستبعث، فإنْ تكن هو فاعرف حَقِّي ومنزلتي، وادعُ الإله الذي يبعثك لي‏.‏

قالت‏:‏ فقال لها‏:‏ والله لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدًا، وإن يكن غيري، فإن الإله الذي تصنعين هذا لأجله لا يضيعك أبدًا‏"‏[1].

وهذه الحادثة سابقة على النبوة، وتدُلُّ على حب خديجة الشديد للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما يدل تعقيبه هو على كلامها على مستوى حرصه على مكافأتِها والوفاء لها.

وعدم زواجه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على خديجة جزء من مُكافأتِه ووفائه لها، كما قال ابن حجر - بعد أن ذكر إحسان خديجة على النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم - ‏:‏ "ومما كافأ به المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - خديجة على ذلك في الدُّنيا:
• أنَّه لم يتزوج عليها حتى ماتت، كما في مسلم عن عائشة وهذا مما لا خلافَ فيه بين أهل العلم بالأخبار‏.‏
• وفيه دليلٌ على عظيم قدرها عنده، ومزيد فضلها؛ لأنَّها أغنته عن غيرها، واختصت به بقدر ما اشترك غيرها فيه مرتين:
• لأنه عاش بعد ما تزوَّجها ثمانيةً وثلاثين عامًا، انفردت خديجةُ منها بخمسة وعشرين، وهي نحو ثلثي المجموع.
• ومع طول المدة صان قلبها من الغَيْرة ونكد الضَّرائر"[2].

ومع كل هذا، فالنَّبِي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يلتزم لخديجة أنَّه لن يتزوج عليها ولم يقصد زواجًا، فمنعته سيطرتُها منه، ولو وقع هذا، لكان شاهد صدق على ما قال الكاتب، ولكنه لم يقع بشكل مُطلق.
 
• ثم يقول الكاتب: "ولعلَّ أكبر مثال على نفوذ وسطوة نساء العرب في الجاهلية يتمثل في الدور الكبير، الذي لعبته هذه السيدة القرشية في تشجيع زوجها محمد على نشر الإسلام والثَّبات عليه"، وليس في هذا دليل على ما ادَّعى، فالنساء بطبيعتهن عاطفيَّات، ويَستطعن إعمالَ عاطفتِهن في تثبيت أزواجهن على المواقف، وفي الأماكن الصعبة، ولا علاقةَ لهذه العاطفة بزمان ولا بمكان، ولا بدين ولا جاهليَّة، وإنَّما هي جزء من تكوين المرأة ثابت فيها بحكم فطرة الله التي فطرها عليها.

•
وبعد ذلك، فإنَّ خديجة - رضي الله عنها - ليس لها في أمر الرِّسالة شيء، ولم تزد على أنْ ذكرت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بصفات فضيلة تعرفها فيه؛ "والله لا يُخزيك الله أبدًا، إنَّك تحملُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المعدومَ، وتَقْرِى الضيفَ، وتُعين على نوائب الحق"، وهذا الفضل وهذه الفطنة إنَّما اكتسبتهما خديجة من مساكنتها للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومن عَمِّها العالم بدُنُوِّ بَعثته، كما تدل على ذلك رواية الفاكهي السابقة، ولذلك لم تُؤْثَر هذه الفطنة عند أي امرأة من العرب غيرها.

ثانيًا: هند بنت عتبة - رضي الله عنها -: وقد تحدث الكاتب عن هذه المرأة بمواقف كلها حجة عليه، وهي: 
1 - استقلاليتها المالية: "كانت تملك مالها الخاص وحق التصرف به، بدليل توجيه عبدها وحشي لقتل حمزة، ثم إعتاقه بعد أن وفى بوعده"، وهذا لا يحمل أيَّ دليل على ما يدَّعيه الكاتب، فقريش كانت تريد قتلَ حمزة - رضي الله عنه - ولو لم يكن لها في قتله حاجة، لما أَقَرَّت هندَ على قتله، النساء في التصرف في ممتلكاتهن حتى يجعل الكاتب الفضل في ذلك للجاهلية دون الإسلام؟! ولكن الحقيقة التي جهلها الكاتب أو تجاهلها هي أنَّ الإسلام لم يَمنع النساءَ من التصرُّف في مُمتلكاتهن، بل هو الذي حمى ممتلكاتهن من عُدوان الرجال عليها؛ قال تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19]، وقال: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، وكل هذه الأمور التي نهى القرآن عنها وحَرَّمها كان معمولاً بها في الجاهليَّة، فعن أيِّ حرية ماليَّة تتحدث، وحَتَّى ولو كانت الجاهلية قد أعطت هندَ بنت عتبة وشبيهاتِها من نساء الأمراء وبنات الكُبَراء حرية التصرُّف المالي، فإنَّ الغالبَ الأعم أنَّ الجاهلية لا تعطي للمرأة ميراثًا ولا صداقًا، ويَحتالون على أموالهن بمختلف الحيل، ورُبَّما بقي لإحدى نساء الجاهلية مالُها؛ نظرًا لوجود حامٍ يَحميها يخاف بأسه ليس إلاَّ.

2 - ثم يقول الكاتب: "وقصة دَورها الكبير في التحريض لمعركة أحد يدُلُّ على أنَّ المرأة في ذلك المجتمع لم تكن مُهمشة، كما حدث لها في ظلِّ المجتمع الإسلامي"، ولَعَلَّ الكاتب لا يعلم أنَّ الغزوةَ نفسها التي يتحدث عنها كانت فيها نساء المؤمنات يُحرِّضن المسلمين على القتال، ولعله لا يعلم أنَّ نسيبة - رضي الله عنها - شلَّت يدها يومَ أحد في الدِّفاع عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولعله كذلك لا يعلم أنَّ فاطمة بنت محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأم سلمة وعائشة بنت الصديق كن يومَ أحد مع المسلمين يُداوين الجرحى.

أما دور نساء قريش "الكافرات"، فلا نعلم في كتب التاريخ عنهن إلا النوح، أو ذلك التصرف البهيمي الذي فعلنه من التمثيل بالقتلى وأكل كبدهن، وقد تاب الله على هند، ورضي الله عنها حين عادت عن غَيِّها ودخلت في الإسلام، ومع هذا فإن هند زوجة القائد العام لجيش الجاهلية، ومِنْ ثَمَّ تتجه إليها الأضواء أكثر، أمَّا دور المرأة المسلمة في هذه المعركة، فنجد أن من أكبر الأدوار النسائية فيها دور "نسيبة بنت كعب" - رضي الله عنها - ولم تكن زوجة أمير، ولا مَن في حكم الأمير، ومع ذلك كان لها هذا الدورُ الكبير ليس في التحريض فقط، بل في الدِّفاع عن الإسلام في هذه المعركة.

3 - ويقول الكاتب: "ولعلَّ إجابتها لمحمد بعد فتح مكة قائلة له: "أنبي وحقود" عندما ناداها بهند آكلة الكبود - خير دليل على قوة شخصيتها وثقتها بنفسها"، وليس في هذا دليل على قوة شخصية هند - رضي الله عنها - المكتسبة من الجاهلية، فقوة الشخصية أمر شخصي لا علاقةَ له بجاهلية ولا بإسلام، وحرية التعبير التي وهبها الإسلام لرعاياه هي التي جعلت هند تقول ما قالت، وأكثر من ذلك، فالمرأة أصبحت متبَرِّئة من ماضيها، تائبة من جرائمها التي ارتكبت، طالبة فتح صفحة جديدة مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي لا تُحب أن تُذكَّر بذلك الماضي الأليم المظلم الذي عاشته في جاهليَّة قررت باختيارها الانفصال عنها، فأرادت بكلمتها أن تستعطف النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد رأت مِن حلمه ما رأت، فيعفو عنها ويصفح.
 
ولو لم تكن تعلم كرمه وجوده وعفوه عن المسيئين، لما تجرأت على رد الجواب، ولكنَّه عوَّد أعداءه الحلم عند المقدرة، ومع كل هذا، فهند في هذا الوقت - وكذلك خديجة فيما بعد نبوته، صلَّى الله عليه وسلَّم - لم تَعُدْ تُمثِّل الجاهلية، وإنَّما أصبحت جزءًا من الإسلام تمثل المسلمين وأخلاقهم وقيمهم، وإلاَّ فإن المرأة في الجاهلية لم يكن من العار عليها أنْ تزني، بل كانت تعمل أنواعًا من الزنا لا يرى المجتمع فيها بأسًا.

ثالثًا: الخنساء تَمَاضُر بنت عمرو بن الشريد السلمية:
يقول الكاتب: "إنَّ رجلاً جاء ليخطبها بعد أنْ رآها، وهي تطبب جملاً لها، فذهبت إلى مكانٍ كان الرجل قد تبوَّل فيه؛ لترى أَثَرَ بوله في الرَّمل؛ لتحكم على قدرته الجنسية، وسواء إنْ صَحَّ هذا أم لا، فإنَّ في روايته دليلاً على أن المرأة كانت المرجع الأخير فيمن تتزوج، وأنه كان لها حق الرفض أو القَبول"، وقد شكك الكاتبُ بنفسه في صحة هذه الرواية من أصلها، ولو صحت، لما كانت دليلاً على ما قال؛ إذ لو كانت هذه الحادثة تدُلُّ على حرية تتمتع بها المرأة في من تتزوجه، لكانت من النوادر التي لا يُقضى بها، ومع ذلك فتماضُر بنت عمرو أدركت الإسلام، ورُبَّما يكون رفضها في الإسلام، وعلى هذا يسقط الدَّليل من أصله، وعلى افتراض أن الأمر وقع في الجاهلية، فليس في هذا حجة على الإسلام؛ لأنَّ الإسلام يعطي للمرأة الحق في قَبول أو رفض مَن ستتزوجه، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لا تنكح البكر حتى تستأمر، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر))، ويبين أن إذنَ البكر "صماتها"، وأن إذن الثيب "نطقها"، وبدهي أنَّ الاستئذان يعني أن تُعْطِي المرأة الإذن في الزواج، وإلاَّ ما صح كما رجحه كثير من أهل العلم.

وأهل العلم مُجمعون على أنَّ الثيب البالغة العاقلة لا تزوج إلا برضاها، وأمَّا غيرُ الثيِّب - أو الثيب الصغيرة - فاختلفوا فيها، فبعضهم جعل الصغر والبكارة دليلين على نقص التجربة، ومِنْ ثَمَّ يكون أبوها أدرى بمصالحها من نفسها، وعلى كل حال، فالمرأة مهما كانت إذا جاءت القاضي رافضة الزَّواج من شخص أو طالبة الزواج من آخر، مع مُحاولة وليها إرغامها على ما لا تحب، وتبين للقاضي رشدها، فإنَّه يَمنع وليَّها من إرغامها مهما كان.
 
فالعبرة إذًا بالرشد والعقل، وسبب تقييد الحرية السَّفاهة، وهي أمر مُعتبر حتى في القوانين الوضعية المعاصرة، أمَّا المرأة العاقلة المجربة، فحريتها مكفولة في الإسلام، وقد فصل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله تعالى - في هذه المسألة في كثير من فتاواه[3].

رابعًا: فاطمة بنت ربيعة بن بدر بن عمرو الفزارية (أم قرفة):
تحدث الكاتب عن عِزِّ هذه المرأة وأنها: "كانت إذا تشاجرت غطفان بعثت خمارها على رمح، فينصب بينهم فيصطلحون"، ونسي الكاتب المسكين أنَّ أم قرفة أخذت هذا العِزَّ ليس من كونها امرأةً؛ "فالمرأة في الجاهلية لا حَقَّ لها"، وإنَّما أخذت العز من كونها زوجة ملك وأُمًّا لسادات قومها، كما اعترف الكاتب بذلك حين قال: "وكل أولادها كانوا من الرُّؤساء في قومهم"، فلا علاقةَ لموقف الجاهلية من المرأة بعز أم قرفة؛ إذ ما احترمت إلا لكونها أمًّا لثلاثة عشر ولدًا من خيرة القوم وساداتِهم.

أمَّا الإسلام، فيحترم المرأة كل الاحترام، ويُكِنُّ لها كل التقدير، ويَقبل شفاعتها في نطاق الشرع، كما تشهد بذلك المواقف الكثيرة المتعددة عبر التاريخ الإسلامي الطويل.

خامسًا: حقوق العاهرات:
وهنا نَسِيَ الكاتب ما كتبه عن "قوة" شخصية هند حين قالت: "وهل تزني الحرة؟!" فالكاتب كان يكتب عن هند باعتبارها مُمثلة للجاهلية، ولقوة شخصية المرأة التي تُراجِعُ القُواد، وتُبين الموقف الحقيقيَّ للمرأة "الجاهلية"، ونحن بيَّنَّا هناك أنَّ هندَ لا تُمثل في ذلك الموقف الجاهلية، لكن الكاتب حين وصل إلى ما سماه "حقوق العاهرات" تَجاهل الموضوع، فيا كاتبُ، انتبه، إذا كانت المرأة في الجاهلية لا تزني، فلا معنى لذِكْر العاهرات، أحرى بالحديث أن يكون عن حقوقهن، وإذا كان العهر فعلاً طبيعيًّا في الجاهلية تُرْعى لآتيه الحقوق، فلا معنى للحديث عن هند هناك وإيرادها مثالاً للجاهلية.

يقول الكاتب: "كان العرب قبل الإسلام حتى يحترمون حقوق العاهرات، ومن الأمثلة على ذلك أن والدةَ عمرو بن العاص كانت عاهرة عاشرها في ليلة واحدة أربعةٌ من أشراف قريش، يقال: إنَّهم العاص، وأبو سفيان، وأبو لهب، وأمية بن خلف، وأنَّ كلاًّ من هؤلاء الرجال ادَّعى عمرًا لنفسه، ولكنها نسبته إلى العاص؛ لأنَّه كان أثراهم".

وهنا لا بد من إبراز الملاحظات التالية:
أولاً: لا أعلم شيئًا يؤكد القصة هذه، بل غاية ما توصلت إليه أنَّ أوَّل من نقلها هو: الزمخشري في كتابٍ له يُسمَّى: "ربيع الأبرار"[4]، ونقلها بعضُ المعتزلة وغُلاة الشيعة في كتب أخرى من بينها "شرح نهج البلاغة"، كتاب "الغدير"، وكتاب "بلاغات النساء"، [وكل هذه الكتب لا يُمكن التأكد من صحة نسبتها إلى قائليها، أحرى أنْ تكونَ مصدرًا ملهمًا للتاريخ الإسلامي]، والقصة موضوعة لا أساسَ لها من الصحة، وقد عَزَوْهَا إلى كثير من الكتب المعتمدة، وكَذَبُوا في ذلك؛ إذ غاية ما في الكتب المعتمدة في التاريخ هو أن أم عمرو بن العاص كانت مسبية، كما صَرَّح بذلك الراوي الأصلي للقصة الموضوعة "الزمخشري"، وقد قال: إنَّ بعضَ الناس "جعل لرجل ألفَ درهم على أنْ يسأل عمرَو بنَ العاص عن أمه، ولم تكن بمنصب مرضي، فأتاه وهو بمصر أميرًا عليها، فقال: أردت أنْ أعرفَ أمَّ الأمير، فقال: نعم، كانت امرأةً من عنزة، ثم بني عجلان، تسمى: ليلى، وتلقب بالنابغة، اذهب، فخذْ ما جُعِلَ لك"[5]، هذا هو الأصل الموجود في الكتب التاريخيَّة من القصة، وعلى فرض ثبوتها (وهو ما تنفيه الأدلة القاطعة)، فلا يترتب عليها أكثرُ من أنَّ الجاهلية كانت غاية في الانحلال والميوعة، وأنَّ حرائر أهل الجاهلية كُنَّ يُمارسن الفاحشة جهرًا تحت مسمى "الزواج"، وعليه القوم ليسوا بمعزل عن هذا[6].
ثانيًا: أنَّ الجاهلية كانت رمزًا للفساد الأخلاقي المنظم، فالذين ذكر الكاتب في هذا الحادث هم عِلْيَةُ القوم، ويجتمعون على الزنا، ووالله، إنَّه لغاية السقوط أنْ يُمجِّد إنسانٌ عصرًا سيرةُ عليةِ القوم فيه هكذا.
 
ثالثًا: ليس في هذا دليل على احترام المجتمع الجاهلي لشيء، ولا تقديره لشيء، وإنَّما هذا دليل على انحطاطه وسقوط أخلاق أهله.
 
رابعًا: في هذه الرواية الباطلة التي يستشهد بها الكاتب دلالة على أنَّ العهر في الجاهلية يرعاه المجتمع ويُقِرُّه، وليس حالة شاذة؛ إذ هم يعدونه نوعًا من الزواج يلحقون الولدَ معه لمن شاءت المرأة أنْ يكون أبوه، بل يعد هذا صنفًا من أصناف الزواج عندهم، كما بينت ذلك عائشة - رضي الله عنها - في حديثها، فهو مُجتمع يرعى العهر والزنا، ثم يجعل الكاتب ذلك ونحوه دليلاً على أفضلية المجتمع الجاهلي على المجتمع المسلم، فيا لَلَعجب!.
ثم يقول الكاتب: "فيما بعد استعمل معاوية بن أبي سفيان هذه الحادثة؛ ليجذب عمرو بن العاص لصفه بدعوى أنَّه أخوه من والده الحقيقي أبي سفيان"، رغمَ كثرة الأخطاء النحوية في هذا النص يبقى خطؤه التاريخي أكبر، ولقد قرأت كثيرًا من كتب التاريخ، وما وقفت على هذه الحادثة فيها، بل غاية ما توصلت إليه في شأن المشاجرة أنَّ عمرو بن العاص كان يتَّفق مع معاوية في الرأي والاجتهاد، وليس الصحابة - رضوان الله عليهم - بهذه الدرجة من السَّذَاجة، ولم يكن قتالهم قتالاً عرقيًّا حتى يستعين الإنسان فيه بأقاربه، إلاَّ أن هناك قصة "زياد بن أبيه"، وقد تكون اشتبهت على الكاتب بالقصة التي ذكر عن عمرو بن العاص، وبين القصتين بونٌ شاسع، فزياد بن أبيه لم يكن ينتسب لأحد، ولا يدَّعيه أحد، بل كان مَجهولَ الأب، فيُمكن استلحاقه بخلاف سيدنا عمرو بن العاص - رضي الله عنه.

خامسًا: ملكة تدمر وملكة اليمن: ذكر الكاتب هاتين الملكتين، ثم ذكر الحديث: ((لن يفلحَ قوم وَلَّوا أمرَهم امرأة))، وأنا يحدوني الفضول لِأَنْ أسألَ الكاتب: كم تُمثِّل هاتان المرأتان بالنسبة لتاريخ العرب؟
والله ما أرى أن مُلْك هاتين المرأتين يُمثل شيئًا مذكورًا، ولو أضفنا إليهما الزَّبَّاء، لما غير ذلك شيئًا في المعادلة، ستبقى الغالبية العُظمى من الدول يقودها رجال، ويبقى السبب الوحيد لقيادةِ المرأة في هذه الدول الثلاث هو أنَّ المجتمعَ يتوارث الملك بالولادة، وحين لا يكون للمَلِك ولد ذكر ترثه ابنته، أما الإسلام، فيرسخ مبدأ الشورى، ويرى الإمامةَ تكليفًا، وليست تشريفًا، ومِنْ ثَمَّ كلف الرجال بشؤونِها باعتبارهم أقدرَ على التفكير العقلي، بينما كلف النساءَ بأمور البيت وتربية الأبناء، باعتبارهن أقدرَ على التفكير العاطفي، ولكلٍّ مجاله الخاص، وإطاره الذي لا يصلح فيه غيره.
ومن زاوية أخرى فلا علاقة لهذه النوادر التاريخية بالحديث: ((لن يفلحَ قوم وَلَّوا أمرَهم امرأة))، فهو حديث له سبب أولاً، وحتى لو ذهبنا إلى إطلاقه، فنهايات ممالك النِّساء هذه لم تكُن كلها فلاحًا، فبلقيس تَحوَّل ملكها إلى سليمان - عليه السَّلام - والزَّبَّاء قُتِلَت شَرَّ قِتْلة، وزنوبيا أَسَرَها أعداؤها الرومان - كما هو معروف - وما أظن في هذا فلاحًا.
 
سادسًا: الملاحم العربية وحضور المرأة فيها: يقول الكاتب: "مع أنَّ الملاحم العربية المشهورة مثل قصة الزير سالم وعنترة كتبت بعد الإسلام بوقت طويل، ومع أنَّه لا يُمكن اعتمادها كدليل تاريخ موثق، إلاَّ أن فيها بعضًا من الدلائل التاريخية على مكانة المرأة وتَمتُّعها بحقوق تشابه إلى حد كبير ما أقره لها الإسلام فيما بعد، فمثلاً دور البسوس في إشعال الحرب المسماة باسمها يثبت مكانة المرأة ودورها في هذه المجتمعات".

لم يَجد الكاتب في هذه القصة غَيْرَ أنَّها ربطت باسم امرأة، فدل ذلك عنده على دور للمرأة في هذه المجتمعات، وأنا أجزم أنَّ كل مجتمعات البشرية كان فيها دورٌ للمرأة إذا كان دور المرأة يُعرف بمجرد ذكر امرأة، حتى ولو لم تذكر إلا بشُؤمها وتسببها في الحروب الطاحنة، فما من مُجتمع إلا وللمرأة فيه ذكر، حسنًا كان أم سيئًا، وإذا كان مجرد ذكر شيء ما دليلاً على الدور البارز له، فإنَّ دور الأماكن في المعارك أكثر بكثير من دور الأبطال فيها، فليس لذكر المرأة في هذه الحرب فائدة لا على حريتها، ولا على تقدمها، وإنَّما فائدة الذكر هنا الشؤم فقط، ونحن عندنا في الحضارة الإسلامية صرخة امرأة، كانت سببًا لحرب بين المسلمين وبين الرُّوم، ولكن المسلمين انتصروا لتلك المرأة باعتبارها مظلومة، وليس لأي اعتبار آخر.

وقد عوض الكاتب عن ضحالة المعلومات عن حرب البسوس هنا بما يلي: 
• الطعن في المصادر التاريخية أو التشكيك فيها، وأنا أؤكد أنَّ كلَّ المصادر التي أخذ منها مُصابة بهذا الدَّاء الذي اتَّهم به المصادر التي تحدثت عن هذا التاريخ، فإذا كان المسلمون هم مَن كتب هذا التاريخ، فإنَّهم هم من كتب كلَّ تاريخ العرب في الجاهلية، ولو لم يكونوا مُحايدين ومتجردين وعِلْمِيِّين في كتابتهم، لَمَا وجد الكاتب ما يتحدث به عن عصر الجاهلية.
• ومع ذلك أخذ الكاتب من هذا التاريخ المشكوك فيه "بعضًا من الدلائل التاريخية على مكانة المرأة وتَمتُّعها بحقوق تشابه إلى حد كبير ما أقره لها الإسلام فيما بعد"، وسبحان الله! فالكاتب هنا أثبت أنَّ الإسلامَ أقر للمرأة حقوقًا يُعَدُّ ما كان في الجاهلية شبيهًا بها، ولو توقَّف عند هذه الحقيقة العلمية التي وصل إليها، لكان ذلك أكمل له - وهو على كلٍّ اعترافٌ إيجابي بالواقع يُذكَر للكاتب.

سابعًا: بعد هذه الأمثلة وَصَل الكاتبُ إلى خلاصة مَفادُها: "أنَّ المرأة الجاهلية تَمتعت بحق الملك والوراثة واختيار الزوج والتجارة والحكم، والمشاركة بالنشاط الديني وترأسه"، وقد أعطى الإسلام كل هذه الحقوق للمرأة وزاد عليها، أعطاها هذه الحقوق غير ممنونة ولا مقطوعة، باستثناء حق "الحكم العام"، فقد منع الإسلامُ على المرأة القيادة العامة للمسلمين، رفقًا بها وبرعيَّتِها، ولكن جعل للمرأة مملكتها الخاصة البيت ورعاية الأولاد دون منعها من أيِّ نشاط آخر لا يتعارض مع هذه المهمة.

وأمَّا المشاركة في النَّشاط الديني، فالمرأة شريكة الرجل فيه؛ {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ...} [الأحزاب: 35] إلى آخر الآية، و{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124]".

وأمَّا أن ترأس النشاط الديني، فالكاتب أولاً لم يذكر في هذا المقال مثالاً واحدًا له، والمرأة في الإسلام غير مكلفة به، بل هي مفرغة لنشاط البيت غير ملزمة بأي نشاط خارجه، كما أنَّ الرجل مفرغ للنشاط خارج البيت غير ملزم بتدبر أمور البيت، وكل له تخصصه وله دوره.

ويقول الكاتب أيضًا: "بالمقابل جمد الإسلام هذه الحقوق بالقرآن والشريعة، ومنعها من التطور حسب العصر والزمان"؛ إنَّه اتِّهام لا بَيِّنَةَ عليه، فالقرآن والشريعة يتميزان بالحيوية والقابليَّة للتطبيق في كلِّ زمان ومكان إلاَّ أن الحقد يعمي ويصمُّ، بل القرآن - والشريعة تابعة له - طوَّر ما كان موجودًا من حقوق المرأة في الجاهلية من عادات اجتماعية قابلة للتغيُّر إلى نصوص شرعية غير قابلة للتعطيل، ولا للتغيير والتبديل، وحماها من الضياع وسطرها في صفحاته الخالدة، وجعلها قابلة للتطبيق في كل زمان ومكان.

ولم يبقَ بعد هذا إلا أن أختمَ بملاحظات أوجزها فيما يلي:
• أنَّ الإسلام الذي كان يتحدى العرب الفصحاء البلغاء بكتابه ما زال يتحدَّى العالم بخلود شريعته ونقائها وصَفائها، فمن لم يَرُقْ له تشريعه، فليأتِ بتشريع أعدل منه، ووالله لن يكونَ ذلك؛ لأن نظرة البشر قاصرة مُقيدة بقيد الزَّمان والمكان، وعلم الخالق مُحيط شامل؛ {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، ونظرة البشر مقيدة بقيد مصالح الناظر، وتشريع الله لا يتحيز لأحد.
• أنَّ الإسلامَ دين يقوم على الحرية والتساوي، وليس على الإكراه والاستكراه.
• أنَّ الإسلام يدعو إلى الحوار والجدال بالحجة والإقناع، وينطلق من مَبادئه الثابتة؛ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]، أمَّا الدعاوى التي لا تستند على شيء، فلا ينبغي للعاقل أن يأتي بها.
• أنَّ الإسلام ربَّى معتنقيه على العدل والإنصاف، فرغم جَوْرِ الجاهلية وظلمها، فإنَّه لم يظلمها، واعترف لها بما كانت تَحتوي من خير، يتَّضح ذلك جليًّا في حديث: ((إنَّما بعثت لأتمم مكارمَ الأخلاق))، ويؤكده المبدأ القرآني: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
• أنَّ المسلمين في كتابتهم للتاريخ لم يظلموا أحدًا، بل دَوَّنوا ما وَصَلهم كاملاً غير مَنقوص، وبذلوا في ذلك جهدًا كبيرًا ينبغي للمنصف بدل تخوينهم أنْ يعترف لهم بجهدهم الذي بذلوا في تدوين التاريخ، وعليه بعد ذلك أنْ يأتي بأحسن مما جاؤوا به، أو ينصفهم فيما قاموا به، كما قال الشاعر:
 
أَقِلُّوا     عَلَيْهِمْ     لاَ     أَبَا     لِأَبِيكُمُ        مِنَ اللَّوْمِ أَوْ سُدُّوا الْمَكَانَ الَّذِي سَدُّوا
• وهنا أرجو من أي باحث يريد أنْ يتكلَّم عن الإسلام - بغض النظر عن دينه - أنْ يتحرَّى الحقَّ والصواب، وألا يطلق الأحكام بشكل عشوائي، فالمسلمون مُستعدون للحوار، لكنَّهم لا يقبلون بالهجوم والتحامل.
• وأؤكد على أن التحامُل على الإسلام والحقد عليه لن يساعدَ في تجميل الجاهلية ولا تحسينها.
• وأجزم أنَّ الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة لم تجدها قبله، ورغم ما وجدت من حقوق في العصر الحديث، فإنَّه لا يُعادل عُشْرَ ما أعطاها الإسلام.
• وستظل المرأة حين تنفرد بعقلها وتفكر في مصلحتها - بعيدًا عن الدعاية والمزايدة والأباطيل - تدرك أنَّ الإسلام حرَّرها، ورَحِمَها، وخاطبها كإنسان كامل متساوٍ مع الرجل في الخطاب، ولن تجد أفضل ولا أعدل ولا أرحم بها من هذا الدين، ولو كره الكافرون.




ــــــــــــــــــــــ
[1] "فيض القدير شرح الجامع الصغير"، حرف السين الحديث، رقم: 4760.
[2] "فتح الباري"، كتاب المناقب، باب تزويج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها - رضي الله عنها.
[3] "مجموع فتاوى ومقالات عبد العزيز بن باز"، ج20، ص: 411-417، جمع وترتيب: د/ محمد بن سعد الشويعر، إعداد وتنسيق: موقع ابن باز.
[4] انظر: "ربيع الأبرار"، ص 667.
[5] المرجع السابق، ص130.
[6] تعلق بهذا الكذب البشع وطعن في الصحابي الجليل عمرو بن العاص - رضي الله عنه - فَيْلَقَ كثير من الرَّوافض وبعض المعتزلة والمسيحيين الحاقدين، وجعلوا منها أداةً للطعن في الصحابة - رضوان الله عليهم - وهي رواية مُتناقضة لا تكاد تتفق روايتان من رواياتِها، والذي ذكرها لم يسندها ولم يذكرها في كتاب معتمد، وإنَّما ذكرها في كتاب من كُتب الأدب فيه الغثُّ والسمين، ولأنْ يكونَ حجةً على صاحبه أحرى من أن يكون حجة على صحابي - رضي الله عنه وأرضاه - وعلى فرض صحة القصة، وهو أمر مستحيل علميًّا، فلا يلحق منها عمرو بن العاص دنس؛ لأنَّ جرائم الجاهلية على أهل الجاهلية، وليس على المسلم ذنب مما كان اقترفه قبل الإسلام، وأحرى بذلك إذا كان الذنب ذنب آخرين، فالله – تعالى - يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، [الإسراء: 15]، [فاطر: 18]، [الزمر: 7]. 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المرأة في الإسلام (1)
  • المرأة في الإسلام (2)
  • الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية
  • حوار مع د. فوزية العشماوي حول مكانة المرأة في الإسلام
  • اجتماع مغلق للإناث
  • رويدك أنجشة
  • نسج العنكبوت
  • إبطال ثلاث شبه حول مكانة المرأة في الإسلام
  • المرأة المسلمة (1)
  • مكانة المرأة في الحضارات والديانات والمجتمعات السابقة على الإسلام
  • الفهم المغلوط في شعار المرأة نصف المجتمع
  • مكانة المرأة في الإسلام
  • حرمة المرأة في الإسلام
  • المرأة في الإسلام
  • المرأة في الإسلام
  • تربية وتعليم المرأة في الإسلام
  • الدرة المصونة
  • المرأة في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • حديث: لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • في اليوم العالمي للمرأة(مقالة - ملفات خاصة)
  • صور ومواقف حاسمة من إسهامات المرأة المسلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: ((‌لا ‌تزوج ‌المرأة ‌المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها)) وبيان أقوال أهل العلم فيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عورة المرأة المسلمة بالنسبة إلى المرأة الكافرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة المسلمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب