• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أبناء / مراهقون
علامة باركود

حقوق الوالدين

حقوق الوالدين
محمد محمود مصطفى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/1/2014 ميلادي - 18/3/1435 هجري

الزيارات: 54425

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الوالدين


قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].

 

يا إخوة الإسلام:

لقدْ قال الإمام عليٌّ - رضي الله عنه -: "إنَّ للولَدِ على والِده حقًّا، وللوالِد على ولَدِه حقًّا؛ فحقُّ الولَد على أبيه: أن يُحسِن اسمَه، وأن يُحسِن أدَبَه، وأن يُعلِّمه القرآن، وحقُّ الوالِد على ولدِه: أن يُطيعَه في كلِّ شيءٍ إلاَّ في مَعصيةِ الله.

 

واليوم نَتكلَّم عنْ حقِّ الآباء على الأبناء.

 

فاعْلَم أخي - أوَّلاً - أنَّ شُكْر المُنعِم واجِبٌ، وأنَّ عِرفانَ الجَميل جَميلٌ، ومَن أحقُّ عِندنا بالشُّكْر وأوْلى أن نعترِف له بالفضْل بعدَ الله - سبحانه وتعالى - مِن الوالِدَين؟!

 

فاللهُ قد أمَرَك - سبحانه وتعالى - أن تتَّجهَ بالشُّكْر - أوَّلاً - إليه، ثُمَّ إلى الوالِدَين، فقال - سبحانه -: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، فالشُّكْر - أولاً - يُوجَّه لله؛ فهو المُنعِم بكلِّ شيء، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه ﴾ [النحل: 53]، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]، ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 33 - 35]، ﴿ أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 71 - 73].

 

ثم تتَّجه بعْدَ ذلك بالشُّكْر للوالِدَين، فقدْ قامَا على ترْبِيَتِك خيرَ قِيام، وتعهَّداك أحسَن التَّعهُّد، وبَذَلاَ في سبيل مَرْضاتِك وقتَ الصِّغَر كلَّ مُرتَخَص وغالٍ؛ يَجوعان لِتَشبعَ، ويَظمآنِ لتَرْوى، ويَلبَسان أرْخصَ الثِّياب لِتلْبَس أنتَ أغْلاها وأحْسَنها! لا همَّ لَهما غير إسْعادِك، ولا هَناء لَهُما إلا في هَنائك، إن بَكَيتَ بَكَيَا، وإن ضَحكتَ ضَحِكَا، وإن مَرِضتَ أو أَصابَك مَكروهٌ تَمنَّيا أن يَكونا فِداءً لك مِن كلِّ مَكروه، وما زال هذا حالَهما مَعكَ حتَّى كَبِرْتَ وصِرتَ رجلَ الدُّنيا وواحِدَها، أبعْدَ ذلك تَنسى فضْل والِدَيك علَيك؟! أليس مِن المُروءة والوفاءِ أنْ تَمُدَّ لَهُما بالمَعونة يَدَيك؟ وقدْ قال الرسولُ - عليه الصلاة والسلام -: ((لن يَجْزي ولَدٌ والِدَه حتَّى يَجدَه مَملوكًا فيَشْترَيه فيُعْتِقه))، ويقول ربُّ العزَّة - سبحانه وتعالى - ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

 

وقد رَغَّب الله في البرِّ بِالوالدَين، وحَضَّ عليه، وامْتدَح بعضَ رُسُله على بِرِّهِم؛ فقال عن يَحيى: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14]، وعن عيسى: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]، وعن يوسف: ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [يوسف: 100]، وعن إسماعيل: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

 

وحُقوق الوالدَينِ لَيستْ مِن قَبيل التزيُّن بالأدَب الاجْتماعيِّ، بلْ هِي فُروضٌ وعَزائمُ، فمَن أدَّاها فقدْ أبرَأ ذِمَّته، وأعْتقَ رقَبتَه مِن النَّار، ومَن لم يُؤدِّها فلنْ تَنفعَه صَلاةٌ ولا صِيام ولا غيرُ ذلك مِن الأعْمال؛ قال رسولُ الله - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن أصْبحَ مُطيعًا لله في والِدَيه أصْبحَ له بابانِ مَفتوحانِ مِن الجنَّة، وإنْ أمسى فمِثْل ذلك، ومَن أصْبحَ عاصيًا لله في والِدَيه أصْبحَ له بابانِ مَفتوحانِ إلى النَّار، وإنْ أمْسى فمِثْل ذلك، وإنْ كان واحدًا فواحدٌ، قال رجل: وإنْ ظَلَماه؟ قال: وإنْ ظَلَماه، وإنْ ظَلَماه، وإنْ ظَلَماه))[1].

 

ولقدْ قَرَنَ اللهُ بِرَّ الوالِدَين بالإيمان به - سبحانه وتعالى - وعُقوق الوالِدَين بالإشْراك بالله؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، وقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ تَعَالَوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151].

 

ولقدْ رفَعَ الله مِن قِيمَة الإنسانِ؛ حيثُ لم يوجه إليه النهْيَ عن الإساءة إلى الوالِدَين، كما وجَّه إليه النهْيَ عن الإشْراك فقال تعالى: ﴿ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151]، وما ذاك إلا سموٌّ بالإنسانِ مِن أن تظن به الإساءة بالوالِدَين، فلَيسَ مِن شأنِه ولا مِن خُلُقه أن تَقع الإساءة مِنه لوالديه حتَّى يكون في حاجَةٍ إلى النهْي عنها.

 

وقدْ قال الرسولُ - عليه الصلاة والسلام -: ((رِضا الربِّ في رِضا الوالِدَين، وسَخَط الرَّبِّ في سَخَط الوالِدَين))[2]، وقال أيضًا: ((مَن أرْضى والِدَيه فقدْ أرْضى الله، ومَن أسْخَطَ والِدَيه فقد أسْخَط الله))[3].

 

وهذا البِرُّ يَختلِف مِن إنسانٍ لآخَر، وخُلاصَة ما يَطلُبه الإسْلام ألاَّ تَقول لَهُما "أفٍّ"، وأن تقول لَهُما قولاً كريمًا.

 

وقد فضَّل الله البِرَّ بالوالِدَين على الجِهاد في سبيل الله؛ رَوَى عبدالله بْنُ مسعود قال: سألتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أيُّ العمَلِ أحبُّ إلى الله؟ قال: ((الصَّلاة لِوقْتِها))، قُلتُ ثُمَّ أي؟ قال: ((بِرُّ الوالِدَين))، قُلتُ: ثُمَّ أي؟ قال: ((الجِهادُ في سبيلِ الله))[4].

 

ورُوي أنَّ رجُلاً قَدِم على سيِّدنا رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: إنَّني أشْتهي الجِهادَ ولا أقْدِرُ عليه! فقالَ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هلْ بَقِي مِن والِدَيك أحد؟)) قال أمِّي، قال: ((قابِلِ اللهَ في بِرِّها، فإذا فعلْتَ ذلك فأنتَ حاجٌّ ومُعتَمِرٌ ومُجاهِد))[5].

 

والبارُّ بوالِدَيه مِن أهْل الجَنَّة، والعاقُّ مِن أهْل النَّار؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فلْيفْعَلِ البارُّ ما شاءَ أن يَفعل فلنْ يَدخُلَ النَّار، ولْيفعَلِ العاقُّ ما شاءَ أن يَفعلَ فلنْ يَدخُل الجنَّةَ)).

 

وسُورة الأحْقافِ تُؤكِّد هذا، وتَذكُر صُورتَين لولَدَين؛ أحدهما: بارٌّ يَتقبَّل الله منْه أحسَن أعْمالِه ويَتجاوَز عن سيِّئاتِه ويَتكفَّل الله له بالجنَّة.

 

والثاني: عاقٌّ، يُغضِب والِدَيه، ويُنكِر البعْثَ، خَسِر الدُّنيا والآخِرة، وحاقتْ به لعْنةُ الله ربِّ العالمين؛ قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [الأحقاف: 15 - 16].

 

﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 17 - 18].

 

وعُقوق الوالِدَين مِن أكْبر الكبائر؛ فقدْ قال الرسولُ - عليه الصلاة والسلام - يومًا لأصْحابه: ((ألاَ أُنبِّئكُم بأكْبرِ الكَبائر؟ - ثلاثًا -: الإشْراكُ بالله، وعُقوقُ الوالِدَين، وكان مُتَّكئًا فَجَلَس، فقال: ألاَ وقَول الزُّور، وشَهادَة الزُّور))، فما زال يُكرِّرها حتَّى قال الصَّحابَة: لَيتَه سَكَتَ؛ رأفةً به - عليه الصلاة والسلام[6].

 

وهذا العاقُّ الذي يَرتكِب بعُقوقِه أكْبرَ الكَبائر مَلعونٌ مِن اللهِ؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لعَن اللهُ مَن غيَّر تُخومَ الأرض، ولعَنَ الله مَن ذبَح لغيرِ الله، ولعَنَ الله مَن سبَّ والِدَيه))[7].

 

ويُعاقِب اللهُ على عُقوقهما في الدُّنيا؛ كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((أسْرعُ الخَيرِ ثوابًا: البِرُّ وصِلَة الرَّحِم، وأسْرعُ الشَّرِّ عُقوبةً البَغْي وقَطيعة الرَّحِم))[8].

 

وكما أنَّ الله يُعجِّل له العُقوبةَ في الدُّنيا، فإنَّه لن يَدخُل الجنَّة؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثةٌ حَرَّم الله - تبارك وتعالى - عليهم الجنَّةَ: مُدمِن الخمْر، والعاقُّ، والدَّيُّوث؛ الذي يُقرُّ الخبَثَ في أهْلِه))[9].

 

والإنسانُ مُطالَبٌ بالإحْسان إلى الوالِدَين حتَّى في حالة مُخالَفتِهما له في العَقيدة؛ قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 14 - 15].

 

ويُروَى أنَّ هذه الآيةَ نزَلتْ في سعْد بنِ مالِكٍ؛ فقدْ كانَ بارًّا بأمِّه، ولما هَداه اللهُ للإسْلام أقْسَمتْ أنَّها لن تَذوقَ الطَّعام ولا الشَّرابَ حتَّى يَرجِع إلى دِينِه ودِين آبائِه، ولكنَّ سعْدًا تَرجَّح عِندَه طاعةُ الله، فقال لأمِّه: يا أمِّي لو وهَبَكِ الله مائة نفْسٍ خرَجتْ نفْسًا وراءَ نفسٍ ما تَركتُ دِين مُحمَّد، فأنَزلَ اللهُ هذه الآية؛ لِيأمُرَه الله فيها بالمُحافَظةِ على الإيمان، والتمسُّكِ بالإحْسان إلى أمِّه.

 

وهذا البِرُّ ليس مَقصورًا على الوالِدَين حالَ حياتِهما، بل إنَّه يَمتدُّ إلى ما بعْد الوفاة؛ فقدْ جاءَ رجُلٌ مِن بني سَلِمَة إلى الرسولِ - عليه الصلاة والسلام - فقال: يا رسولَ الله؛ هلْ بَقيَ مِن برِّ أبَويَّ شيءٌ أبَرُّهما به بعْد موتِهما؟ قال: ((نعَمْ، الصَّلاة عَليهِما، والاستغْفارُ لَهُما، وإنفاذُه عَهدِهما مِن بعْدِهما، وصِلَة الرَّحِم التي لا تُوصَل إلاَّ بِهما، وإكرام ضَيفِهما))[10].

 

وقال أيضًا: ((إنَّ العبْدَ لَيموت والِداه أو أحدُهما وإنَّه لَهُما لعاقٌّ، فلا يَزال يَدعو لَهُما ويَستغفِر لهما حتَّى يَكتُبَه الله بارًّا))[11]، أيضًا: ((إنَّ الرجُل لَتُرفَع درجتُه في الجنَّة، فيقول: يا ربِّ أنَّى لي هذا؟! فيُقال باستِغفارِ ولَدِك))[12].

 

كذلك يَمتدُّ البِرُّ إلى ذَوي الأرْحام؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الرَّحِم شَجْنَةٌ مِن الرَّحمن؛ قال الله تعالى: مَن وصَلَكِ وصلْتُه، ومَن قطَعكِ قَطعتُه))[13]، وأُحذِّرك أن تَنقادَ لقَول السُّفهاء: "الأقارب كالعَقارب"، أو لقول أحدهم:

لُحُومُهُمُ لَحْمِي وَهُمْ يَأْكُلُونَهُ
وَمَا دَاهِيَاتُ المَرْءِ إِلاَّ أَقارِبُهْ

 

حَذارِ أن تَنقاد لِهذا! واتَّبِعْ قولَ الحقِّ: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ [النساء: 1]؛ اتَّقوا الله فلا تَعصُوه، واتَّقُوا الأرْحامَ فلا تَقطُعوها؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن سرَّه أن يُمدَّ له في عُمُره، ويُزادَ له في رِزْقه: فليَبرَّ والِدَيه، ولْيَصِلْ رَحِمَه))[14].

 

وقال أيضًا: ((ألاَ أَدلُّكم على أكْبرِ الكَبائر؟)) قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: ((الإشراكُ بالله، وعُقوقُ الوالِدَين، وكان مُتَّكئًا فجلَس، فقال: ألاَ وقول الزُّور، وشَهادة الزُّور ثلاثًا)) حتَّى قال الصَّحابةُ: لَيتَه سَكَت؛ رأفةً بِه.



[1] رواه الدارقطني

[2] رواه الترمذي.

[3] رواه البخاري.

[4] رواه البخاري ومسلم.

[5] رواه الطبراني.

[6] مُتَّفق علَيه.

[7] رواه ابن حبان.

[8] رواه الترمذيُّ وابن ماجَه.

[9] رواه أحمَد والنَّسائي.

[10] رواه أبو داود وابن ماجه.

[11] رواه البيهقي.

[12] رواه أحمدُ وابن ماجهْ.

[13] رواه البخاري.

[14] رواه أحمد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بر الوالدين.. سبل للعمل
  • أساليب ومهارات وقصص في بر الوالدين
  • بر الوالدين بين التطبيق والتهميش
  • بر الوالدين كفارة للكبائر
  • بر الوالدين
  • بر الوالدين
  • تطليق الابن زوجته بأمر الوالدين بلا سبب شرعي
  • حقوق الوالدين (1)
  • حقوق الوالدين (2)
  • من حقوق الوالدين (خطبة)
  • من حقوق الولد على والديه
  • حقوق الوالدين
  • حقوق الوالدين على الولد
  • حقوق الوالدين والأرحام (خطبة)
  • حقوق الوالدين

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب