• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أبناء / أطفال
علامة باركود

ابنك.. مشروع لا ينتهي

ابنك.. مشروع لا ينتهي
نسمة السيد ممدوح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2012 ميلادي - 24/5/1433 هجري

الزيارات: 17569

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ابنك مشروع لا ينتهي
(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)


لكلِّ صناعةٍ أساليبُها وفنونُها، وأمهرُ الصُنَّاعِ هو من يؤدِّي صنعتَه بإخلاصٍ، وهو بذلك يُؤمنُ أنَّ جودتَها وصلاحيتَها دليلُ براعتِهِ وكفاءتِهِ، وهي أيضًا الضامنُ لاحترامِهِ وتقديرِهِ، فإن كانَ هذا يَنطبقُ على الصِّناعاتِ الماديةِ، فما بالُك بالصِّناعةِ البشريةِ؟!


وما أعنيه بالصِّناعة البشرية هو "التَّربية"، أو كما عرَّفها البعضُ بأنَّها "عمليةُ صناعةِ الإنسانِ".


إنَّ التربيةَ كعمليةٍ هي صناعةٌ شديدةُ التعقيدِ والصعوبةِ، ويَفشلُ في أدائِها والقيامِ بها من توَهَّم - جاهلاً، أو أَوْهَم نفسَه متعمِّدًا - أنَّها عمليةٌ سهلةٌ ويسيرةٌ، ومن أشيَعِ أخطاءِ العصرِ أن يتعاملَ الأبوانِ مع التربيةِ بأسلوبِ الأزماتِ، فينتظرا نشوبَ الأزمةِ ليتدارسا حلَّها، وهكذا تَمضي حياتُهما مع أبنائِهما: سلسلةٌ من الأزماتِ غيرِ المتوقَّعة وغيرِ المستعَدِّ لمواجهتها، ثم الحلولِ الوقتيةِ غيرِ المدروسةِ على نحوٍ صحيح، وما كان لهذا الخطأ أن يكونَ إلا لجهلِهم أو عدم اكتراثِهم بأهميةِ التربيةِ، وهو ما يُمكنُ أن نسميَهُ "عشوائيةَ التربيةِ".


وللأسف تزخَرُ المواقعُ الإلكترونيةُ والكتبُ بالموضوعاتِ والمقالاتِ التي تتناولُ تربيةَ الأطفالِ وأساليبَها، وتُكثِر مِن ضربِ الأمثلةِ، والتنويهِ على أهميةِ تلكَ المرحلة العمرية، في المقابلِ تُهملُ الحديثَ عن العمليةِ التربويةِ على عُمومِها وشُمولِها، وإن تركَّزَ الاهتمامُ فيما بعد الطفولةِ، فهو يَقتصرُ على مرحلةِ المراهقةِ، وكأنَّ الأغلبيةَ تتناسى - أو هي غافلةٌ عن - استمرارية عمليةِ التربيةِ، وعن وجودِ جهاتٍ وأطرافٍ عديدةٍ تُشاركُ في هذه العمليةِ، وما يؤكِّدُ هذه الرؤيةَ هو تعريفُ التربيةِ على أنَّها: "تحصيلٌ للمعرفةِ، وتوريثٌ للقيمِ، كما هي توجيهٌ للتفكيرِ، وتهذيبٌ للسلوكِ"؛ فهي بذلك عمليةٌ مستمرةٌ ما دامت المعرفةُ متجددةً، والسلوكُ في تغيُّرٍ، والفكرُ في تطورٍ، وهي - أيضًا - عمليةٌ مقصودةٌ، وليست عشوائيةً، ولها هدفٌ سامٍ مفترَضٌ أن يتحققَ.


ويُجسِّدُ هذا الهدفَ تعريفُ "أفلاطون" الفيلسوفِ اليونانيِّ لها بقولِه: "إن التربيةَ هي أن تُضفيَ على الجسمِ والنفسِ كلَّ جمالٍ وكمالٍ مُمكنٍ لها"، وبالطَّبعِ لمْ ولنْ يَبلغَ البشرُ الكمالَ المُطلقَ؛ وإنِّما يَعني أفلاطونُ السَّعيَ قدرَ المُستطاعِ نحو هذا الكمال.


وللتربيةِ أربعةُ أبعادٍ رئيسيةٍ تلازمُ الإنسانَ في مراحلِ حياتِهِ المُختلفةِ: فلها "بُعدٌ معرفيُّ" خاصٌّ بنقلِ التُّراثِ الثقافي واللغوي من جيلٍ إلى جيلٍ، أو مِمَّن هو أكبرُ عُمرًا لمن هو أصغرُ عُمرًا، و"بُعدٌ نفسيٌّ" خاصٌّ بتشكيلِ نفسيةِ الطفلِ وتقويمِها، وإصلاحِ ما قد يعوَّجُ منها إثر ضغوطِ الحياةِ وتغيُّراتِها، و"بُعدٌ اجتماعيٌّ" يُعنَى بسلوكِ الإنسانِ وأسلوبِ تلبيتِهِ لرغباتِهِ وحاجاتِهِ، وسيطرتِهِ على غرائزه ، وتفاعلِهِ في مجتمعِهِ، ومدى نجاحِه في التَّكيفِ معه، وأخيرًا "بُعدٌ عقليٌّ" يُعنى بتنظيمِ عقلِ الإنسانِ وأسلوبِ تفكيرِهِ، وتزويدِهِ بمهاراتِ التَّفكيرِ السَّليمِ والمُنظَّمِ، كذلك تَمكينه من التَّفكيرِ النقديِّ وغيرِها من المهاراتِ العقليةِ، وتأمُّلٌ في الأبعادِ الأربعةِ يَقودُ حتمًا لحقيقةِ أنَّ: التربية عمليةٌ تمتازُ بالاستمراريةِ، وإطلاقُ لفظِ العمليةِ كفيلٌ بدعمِ وتأكيدِ صفةِ الاستمراريةِ، فالمعلوماتُ والمعارفُ كثيرةٌ ومتشعِّبةٌ، وهي في تزايدٍ مستمرٍّ، وهذا يعني أنَّ هناكَ تراثًا ثقافيًّا ومعرفيًّا ولُغويًّا ضخمًا سيتم نقلُهُ خلالَ التربيةِ، وهناك تراثٌ معرفيٌّ لا يمكِنُ نقلُه مشافهةً، وإنَّما يَجبُ تدريبُ الإنسانِ على التَّعاملِ مع مصادرِهِ، وهنا يأتي دورُ التدريبِ على المهاراتِ العقليةِ؛ حتى يَستطيعَ الإنسانُ التَّواصلَ مع مصادرِ الفكرِ والمعرفةِ على اختلافِها، وفي إطارِ ذلك نجدُ أنَّ المجتمعَ مُتَّسعٌ ومُتَشابكُ العلاقاتِ، والفردُ يوجد في دوائرَ اجتماعيةٍ عديدةٍ، وهناكَ أعرافٌ وقيمٌ وتقاليدُ من الضروريِّ مراعاتُها، وهنا يحدثُ التَّمازُجُ بين البُعدِ المعرفي والاجتماعي، ولكي يعيشَ الإنسانُ، ويتفاعلَ مع من حولَه، ويتكيفَ مع مجتمعِهِ بطريقةٍ إيجابيةٍ؛ فمن الضروري أن يكونَ بناؤُه النفسيُّ سليمًا، وهذا ما تحققُّهُ التربيةُ في بُعدِها النفسيِّ.


وتقع مسؤوليةُ التربيةِ - على صعوبتِها وأهميتِها وقُدسيتِها - على عدةِ جهاتٍ في المجتمعِ، بل لنْ نكونَ مبالغين إذا قُلنا: إنَّ المجتمعَ بأسرِه يشاركُ في هذه العمليةِ، ويلعبُ الوالدانِ دورًا شديدَ الأهميةِ في السنواتِ الأولى من حياةِ الطِّفلِ، ثم يشاركُهما - فيما بعدُ - المربُّون في دُورِ الحضانةِ، ثم المدرسة، وانتهاءً بالجامعةِ، وعندما يُنهي الشابُّ مشوارَهُ التعليمي يَظنُّ الأبوان أنَّ دورَهما يكادُ أن ينتهي، وأن من حقِّهما الآن التقاطَ أنفاسِهما بهدوءٍ وعمقٍ، تاركين ما تبقَّى من مشوارِ التربيةِ للمجتمعِ، والنتيجةُ أنَّ هذا الشابَّ لنْ يكونَ صالحًا ومُنتجًا وفعَّالاً إلا بعد مرورِ العديدِ من السنواتِ، وخلالَ هذه السنواتِ سوف يرتكبُ الكثيرَ من الأخطاءِ التي يُعاقِبُ عليها المجتمعُ دونَ قصدٍ منهُ، وسَيتعلَّمُ من هذا العقابِ الكثيرَ، وسوف تتقاذفُه الأيامُ يمينًا وشِمالاً، في النهايةِ سوف يَقبلُه المجتمعُ باعتبارِه رجلاً ناضجًا أو امرأةً ناضجةً، وسيكون عليه - أو عليها - أن يبدأَ مشوارَهُ مع النشْءِ الجديدِ.


ولكن ثمة ما كان يجبُ على الأبوين القيامُ به تجاه هذا الشاب، فدورُهما حقيقةً لم ينتهِ، وإنَّما كان عليهما مواصلةُ مشوارِ التربيةِ بنفسيهما، ولعلَّ أقربَ صورةٍ لهذا المعنى هو البناءُ الذي توضعُ أساساتُه، ويُشرف عليها المهندسُ ويُوليها عنايتَه، فكذلك يَفعلُ الأبوان طَوال السنواتِ العشرين الأولى من حياةِ الابنِ، ثم ماذا بعد ذلك؟ تخيَّل لو أن المهندسَ تركَ موقعَ العملِ وأولى للعمالِ مسؤوليةَ إنهاءِ المشروعِ، بناءً على ما لَقَّنَهم إياهُ في البدايةِ، وجَلسَ على كرسيه بعيدًا يتلذذُ بالنسائمِ الحلوةِ دونَ إشرافٍ أو متابعةٍ ، فماذا ستكون النتيجة؟


من المحتمَلِ أن ينجحَ العمالُ في المهمةِ، ومن المحتمَلِ جدًّا أن يَفشلوا فيها، لكن ما يَضمنُ الوصولَ لنتائجَ جيدةٍ هو وجودُ المهندس في موقعِ العملِ مُتابعًا ومُشرفًا، ومُوجِّهًا وناقدًا، وهذا ما يجبُ أن يقومَ به الوالدان.


فلا يكفي أن تعلِّمَ ابنَك في صغرِهِ، وأن تَنقُلَ إليه الكثيرَ من العاداتِ والقِيمِ والمعلوماتِ والمعارفِ، ولا يكفي أن تشرفَ على مشوارِهِ التعليمي حتى يتخرَّجَ في الجامعةِ، بل يتوجَّبُ عليك أيضًا أن تُعينَهُ على اجتيازِ المراحلِ القادمةِ في حياتِهِ بنجاحٍ، ولعلَّ الفكرةَ تتضحُ أكثرَ بهذا السُّؤال: هل حاورتَ ابنَكَ ذات مرة، ونقلتَ إليه خبرتَكَ حول الأسلوبِ الصَّحيحِ لاختيارِ شريكِ الحياةِ؟


ليس من الصوابِ أن تطلبَ من ابنِك أن يكونَ موضوعيًّا عند اختيارِ شريك حياتِهِ، وليس من الصوابِ أن تطلبَ منه النَّظرَ لكل الجوانبِ ونقدِها وعدم التسرُّعِ، هذا لا يكفي؛ ولكن عليكَ أن تضعَ نُصب عينيك أنَّ هذه التجربةَ جديدةٌ، وأنَّ ابنَك بحاجةٍ للمساعدةِ، والمطلوبُ أن تدرِّبَ ابنَكَ على طريقةِ نقدِ الآخرين وتحليلِ شخصياتِهم، وأن تنقُلَ إليه الأفكارَ والأساليبَ الصحيحةَ، وأن تحدِّثَهُ عن مستويات اختيار شريك الحياة، وأنَّ هناك جوانبَ عديدةً يجبُ النَّظرُ إليها، وأنَّ هذا الشريك سيكون شريكًا نفسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وعاطفيًّا وجنسيًّا، ولا داعي للخجل إن كُنت تَطمحُ في بناءِ إنسان جيد، والزواج في حقيقتِهِ علاقةٌ ذاتُ أوصافٍ عدةٍ، ليس من المنطقِ تجاهلُ أحدها.
وعندما تكون أبًا لعدةِ أبناءٍ قد تزوَّجَ البعضُ منهم وتأخرَ البعضُ، فعليك أيضًا أن تعرفَ كيف تتصرفُ في المواقفِ المختلفةِ، وأن تُلاحظَ ما قد يَصدرُ من أخطاءٍ، وأن تتوقعَهُ لتنبِّهَ عليه مُسبَقًا، مُحاولاً تلافيَه، فكم من إخوةٍ جرحوا أخواتِهم وإخوانَهم بجهلٍ، وكم من فتياتٍ تجرَّعْن كؤوسَ المرارةِ؛ لأنَّ أخواتِهن ونساءَ إخوانِهن يُشعْن الفرحةَ بدون حساب، ودون مراعاة لمشاعرِ فتاةٍ حُرِمَتْ من الزواجِ أو من مشاعرِ الأمومةِ، وتَزدادُ قتامةُ الموقفِ بأمٍّ أو أبٍ يتَّخِذان الصمتَ والـ "لا مبالاة" أسلوبًا ومنهاجًا.


وكما ساهم الأبُ والأمُّ في تكوينِ وبناءِ الأسرةِ الصغيرةِ، فعليهما ألا ينسيا دَورَهما في بناءِ الأسرةِ الكبيرةِ، فمع زواجِ الأبناءِ يَدخلُ أفرادٌ جددٌ للعائلةِ ذكورًا وإناثًا، ثم يَدخُلُ الأحفادُ أيضًا، وتَزدادُ العلاقاتُ تشابُكًا، وتَكثرُ الأخطاءُ غيرُ المقصودةِ من الجميعِ، ولأنَّ الكثيرَ من الأمَّهاتِ والآباءِ لا يحصِّنون أنفسَهم، ولا يفكِّرون في تلك المرحلةِ؛ تَجِدُهم يُصدَمُون بهذه الأخطاء، وتَزدادُ الصورةُ قتامةً أمامَ أعينِهم، ويتحسَّرون على ما فات، وما أُهدِرَ من سنواتِ العمرِ في تربيةِ الأبناءِ، وللأسف يَخضعون لهذه الأخطاءِ منكسري القلوبِ، منعقدي الألسنةِ، دون أن يمارسوا دورَهم في التوجيهِ، وحقيقةُ الأمرِ أن هذه صورةٌ طبيعيةٌ؛ لأنَّ كلَّ هذهِ العلاقاتِ الجديدةِ تحتاجُ لمن ينقُلُ خبراتِها للأبناءِ، وهناك أساليبُ عديدةٌ لممارسةِ الدورِ التربويِّ في هذه المرحلة من قِبَلِ الآباء والأمهات، وللأسف فإن الجهل بأساليبِ التربيةِ المختلفةِ هو ما يعزِّزُ هذه المشكلة، والدَّور السلبي للوالدين.


وكما يَرى التربويون، فهناك أساليب مختلفة للتربية، منها: التربية بالمُلاحظة، والتربية بالعادة، والتربية بالترغيب والترهيب، والتربية بالموعظة، والتربية بالمُحاكاة، وبعضُ هذهِ الأساليبِ يفيدُ في التعاملِ معَ الصغارِ، وبعضُها يصلحُ للصغارِ والكبارِ، ومن الأساليبِ النَّاجحةِ في التعاملِ مع الكبارِ: التربيةُ بالعادةِ، وبالملاحظةِ، وبالموعظةِ، وبالمُحاكاةِ، فإذا كُنتَ تَرغبُ في توثيقِ الصلةِ بين أبنائِكَ، وإن كُنتَ ترى أنَّ الذكورَ أكثرُ تقصيرًا في ودِّ أخواتِهم من الإناثِ، فبإمكانِكَ اتِّباعُ أسلوبِ العادةِ لحلِّ هذهِ المشكلةِ، عوِّد أبناءَك من الذكورِ أن تجمعَهُم في نهاية كلِّ أسبوعٍ، وأن تصحبَهُم في زيارة لأخواتِهم الإناث، وعليكَ أن تَستمرَّ بتَكرارِ هذا السلوكِ لفترة طويلة؛ حتى يُصبحَ عادة، عندها حتى لو تَوقفتَ أنتَ عن مُمَارستِهِ، فسيظلُّ أبناؤك يمارسونهُ بحكمِ العادةِ، وفي النهايةِ تجدُ أنَّ الغرضَ قد تحققَ وأصبحَ هناك تزاورٌ دائمٌ بين أبنائِك، فإن كان الرسولُ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قد لفتَ إلى هذا الأسلوبِ في التعويدِ على أهمِّ ركنٍ من أركانِ الإسلامِ، وهو الصلاةُ عمودُ الدينِ، فمن بابِ أولى أن تتَّبعَهُ أنتَ لغرسِ العاداتِ الحسنةِ بين أبنائِك، حتى وإن كانوا كبارًا.


كذلك يُجدي أسلوبُ ملاحظتك لأبنائِك كثيرًا، فبإمكانِكَ مُتابعة أدائهم، وطريقِة تفاعلِهم مع بعضِهم البعض، ومعَ المجتمعِ الخارجي، وقَوِّمْ ما يَبدرُ منهم من أخطاءٍ، وتَذكرْ أنَّ أخطاءَهم في تلك المرحلةِ تُشبِهُ إلى حدٍّ كبيرٍ أخطاءَ وهفواتِ الطفلِ الصغيرِ الذي يخوضُ التجارِبَ لأولِ مرةٍ، وحَاول أن تُفيدَ من أسلوبِ التربية بالمُحاكاةِ، فالميلُ للمُحاكاةِ والتقليدِ لا يقتصِرُ على الأطفالِ فقط، وإنَّما الإنسان يَنزعُ لمُحاكاةِ كلِّ من يُكِنُّ له التقديرَ والاحترامَ، وكثيرًا ما تنتقلُ العاداتُ الحسنةُ بالمُحاكاةِ بشكلٍ لا إرادي، وهذا ما يجبُ أن تُركزَ عليه، اتَّبِعْ أسلوبَ التربيةِ غيرِ المباشرةِ مع الكبارِ من أبنائِك، وأكثِرْ من الحديثِ والنِّقاشِ معهم، وتذكَّرْ أنَّهم بحاجةٍ لأُذنيك أكثرَ مما هم بحاجةٍ للسانِك في هذه المرحلة؛ لأنَّك كلما كنتَ مُنصِتًا جيدًا، ستتمكنُ من جمعِ معلوماتٍ أكثر، وستتمكنُ من رسمِ صورةٍ أدقَّ تُساعدُك فيما بعدُ على توجيهِهم.


وختامًا تذكَّرْ أنَّكَ تَلعبُ دورَ المستشارِ مع أبنائِك الكبارِ، وأنَّ هذا الدورَ التربوي يختلفُ في طبيعته عن الدورِ الذي لعِبتَهُ معهم عندما كانوا صغارًا؛ ففي البدء كنتَ مُوجِّهًا وضابطًا لهم، أما في المرحلةِ الثانيةِ، فأنتَ المُستشارُ الذي يُبدي النصيحةَ، ويُلاحظُ ويَقترحُ، تدعَمُه خبرةُ السنين والإدراكُ الواسعُ ، ولا تَنسَ أنَّ القراءةَ على قدرٍ كبيرٍ من الأهميةٍ، عليكَ أن تقرأَ في أساليبِ التربيةِ من قَبْلِ أن تكونَ أبًا أو أن تكوني أمًّا، اقرأ كي تحددَ أهدافَكَ وتضعَ خططَكَ السليمةَ، واحلمْ أن تُخرجَ من بين يديك إنسانًا يتحدثُ عنه العالَمُ بأَسْرهِ، ويُصبحُ فيما بعد رمزًا وقدوةً حسنةً يُحتذى بها، واعملْ قدرَ ما تَستطيعُ، وابذلِ الجهدَ؛ فابنُك هو مشروعُكَ الشخصيُّ، اسعَ لتصنعَهُ على أجملِ وأكملِ  ما يكونُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيف تتعامل مع ابنك في المرحلة المتوسطة
  • ادع لابنك ولا تدع عليه
  • صاحب ابنك
  • حبب الطاعة إلى ابنك
  • كيف أربي ابني ليكون رجلا؟
  • ابنك ليس أنت

مختارات من الشبكة

  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يا معشر قريش، احفظوني في أصحابي وأبنائهم وأبناء أبنائهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • المجلد الأول من الكافي في الفقه، للموفق ابن قدامة ينتهي عند كتاب البيع(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام مشروع حياة وليس مشروع موت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكسب المشروع والكسب غير المشروع وآثار كل منهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة رسالة في المشروعات وغير المشروعات(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
8- رجاء
ملك نور - الجزائر 14-04-2015 12:05 AM

يقول طبيب النفس الفرنسي بيير داكو : "بدلا من أن تفرض على الطفل مجموعة هائلة من المعارف يجب تسخير قليل من وقته لكي يعرف ذاته، وبدلا من دفعه أن يصبح شخصية بارزة وجب مساعدته أن يكون شيئا مجسدا، ان يكون عامل نظافة أو وزيرا لا يغير من الأمر شيئا"
أرجو من الآباء والمربين أن يتوقفوا عن الحشو الأحمق لدماغ أبنائهم وطلابهم.

7- من التربية إلى الصداقة التربوية
صفاء - المغرب 03-05-2013 12:53 AM

بارك الله فيك ,موضوع قيم فيه خلاصة من التجارب والمعارف

التي ربما تحتاج منا السنين لإدراكها,

أعجبتني العبارة الأخيرة "كن مستشارا لأبنائك"

فكم من الرائع عندما تنضج العلاقة التربوية بين الآباء

والأبناء من علاقة تربيةوتوجيه, إلى علاقة صديق يستشير صديقه.

6- شكر و تقدير
سهام قاسم - المغرب 01-02-2013 06:38 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أتقدم شاكرة الكاتبة على هذا المقال الرائع الذي يجب على كل الآباء أن يأخذوا تربية أبنائهم كمسؤولية على عاتقهم لبناء أسرة كاملة وهادفة

5- آية من القرآن الكريم
الوردة - العراق 19-09-2012 09:20 PM

كلام جميل لكن لماذا لا يوجد استشهاد بآية كريمة من القرآن الكريم أو حديثا من الرسول الكريم (ألف الصلاة والسلام عليه) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

4- شكرًا
نسمة السيد ممدوح - السعودية 02-08-2012 05:39 AM

شكرًا أستاذة أسماء وأستاذة فرح، التربية تحدي حقيقي ومسؤولية لا يحملها بصدق غير المخلصين، فالإخلاص هو سر النجاح، والتربية الحسنة بحاجة لأب مخلص وأم مخلصة.

أبي العزيز لكم زادتني كلماتك فخرًا وشرفًا، وحملتني من أعباء المسؤولية وواجباتها الكثير، أدعو الله أن يضعني في موضع الكفء لهذه المسؤولية والثقة، بارك الله في عمرك وروحك ونفسك الطيبة.

3- التقدم يحدث بالاهتمام بتربية الجيل .
asmaa.nawara - مصر 23-06-2012 03:59 PM

نعم إن الاهتمام بتربية الجيل لهو شىء جيد.
وأتوجه إلى صاحب المقال بالشكر.

2- هل لي أن افخر
السيد ممدوح عبد العظيم - السعودية 17-04-2012 12:41 PM

ابنتى الحبيبة
هل لي أن أفخر بانتسابك إلى أم افخر بانتسابى إليك. كلاهما واحد على ما أعتقد فأنت بضع مني وإن كنت الأجمل بكل المعايير. بابا

1- نظرة أمل للغد
فرح يوسف - مصر 17-04-2012 05:45 AM

بداية أتوجه بخالص الشكر لكاتبة هذا المقال الذي يجب أن يقرأه كل من يخطو أول خطوة في تربية أبناءه فقد ألقت الضوء على الأساسيات اللازمة لكل أسرة ترغب في التربية السوية لأبناءها من أجل الوصول إلى غد مشرق في تنمية مجتمعنا فهم اللبنة الأولى في بناءه

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب