• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أبناء / أطفال
علامة باركود

أطفالنا والألبان الصناعية

محمد عبدالعزيز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/8/2010 ميلادي - 24/8/1431 هجري

الزيارات: 9369

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العالم كلُّه تنبَّه للخطر، لكنَّنا لا حس ولا خبر، وكأنَّ الأمر لا يعنينا من قريبٍ أو بعيد، مع أنَّنا في قلب الخطر.

 

الرَّضاعة الطبيعيَّة تَمنح الرَّضيع 80% من القُدُرات العقلية، 20% من النمو الجسدي.

 

للرَّضاعة الطبيعيَّة آثارها النفسيَّة التي تتعدَّى مجرَّد لقْم الثَّدْي وامتِصاص الغذاء، واللبن لو أفرِغ من الثدي ووُضِع في زجاجة، لفقَد قيمته.

 

بعد دراسات وأبْحاث استمرَّت سنوات، حذَّرت الحكومة البريطانيَّة - وبكلِّ جرأة وشجاعة - من استِعْمال الألبان المجفَّفة كبديل لغذاء الأطفال الرضَّع، وأعلنتْ وزارة الصحَّة أنَّ المشروع القومي للألْبان المجفَّفة له علاقة مباشرة بوفاة ثلاثة آلافِ طفل كلَّ عام، وحفاظًا على حياة تلك الثَّروة البشريَّة ألْغت هذا المشْروع، محذِّرة الأمهات من إرْضاع أطفالهن بهذه الألبان، ونشرت هذا التَّحذير في كلِّ الجرائد والمجلاَّت والتليفزيون والإذاعة، داعيةً إيَّاهنَّ للعوْدة إلى ثدي الأم، أو ما أطلقوا عليه "رضعة الأمان" بدلاً من "رضعة الموت"، مع أنَّ بريطانيا هي أوَّل مَن صنع تلك الألبان عام 1943.

 

والجديد أنَّ بيان وزارة الصحة قد أعطى للأمِّ المسلولة - المصابة بداء الصدر - الضَّوءَ الأخضر، وصرَّح لها أنْ تُرضع طفلَها دون أدنى خوف، بعد تَحصينه بالمصْل المضاد.

 

ومن قبل، نظِّمت حملات عالميَّة، قادتْها جماعات إنسانيَّة، وجِهات رسميَّة في سويسرا، ثم تبِعتها الحكومات الأوربيَّة، وعقدت المؤتَمرات والنَّدوات في عواصم العالم الثالث، وأعلنتِ المنظمات الصحِّية العالميَّة تَحذيرها من أساليب شرِكات إنتاج الألبان الصناعية في ترْويج منتجاتها، مما أسْهم في استِجابة عددٍ كبير من الأمَّهات لإغْراء الأساليب المضلِّلة.

 

فالعالم كلُّه بكل هيْئاته الشعبية والرسمية، بدأ يثوب إلى رشده، والعِلم في كل يوم يرصد للإسلام وللقرآن انتصاراتٍ متتاليةً تؤيِّد ما جاء به من خيرٍ للإنسان.

 

فلم يكن غريبًا أن تظهر في الآونِة الأخيرة شعاراتُ العودة إلي الطبيعة، أو العوْدة إلى البساطة الأولى، فالمواد الغذائيَّة من مصادرها الطبيعيَّة أكثر فائدة وأغنى قيمة.

 

واليوم يقف الإنسان مبهورًا أمام الآية الكريمة: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، ففيها تكمُن الحقيقة التي انتهى إليْها العلماء في كل بقاع الدُّنيا، وفيها إشارة واضحة موجَّهة للوالِدات لمُمارسة وظيفتِهن الأساسيَّة التي خُلِقْن من أجلها لاستِمْرار عمران الكون.

 

ورغْم أنَّ الخطر شغل العالم كله، لكنَّه مع ذلك لم يشغلْنا، مع أنَّنا في قلبه، والموت يزحف إلى أطفالِنا في "بزَّازة الموت"، والألبان الصناعية تغزو أسواقنا، ويحتل الإعلان عنها مكانًا بارزًا في كل وسائل الإعلام والدعاية، بل ذهبْنا إلى حدِّ الإعفاء الكامل لتِلْك الألبان من الرُّسوم الجمركيَّة.

 

هي قضيَّة من القضايا التي اهتمَّ بها العالم كلُّه إلا نحن، وعواصم العالم الثَّالث تغلي بالحركة، ونحن لا حس ولا خبر كأنَّ الأمر لا يعنينا، رغْم أنَّ بلدًا مثل تنزانيا أصدرت قانونًا يحرم دخول الألبان الصناعيَّة فيها، ولم تكتفِ بذلك، وإنَّما قادت حملة توعية واسعة توضِّح للأمَّهات الأضْرار النَّاتِجة عن استِعْمالها.

 

وفي الوقت الذي تتَّخذ فيه الحكومة البريطانيَّة موقفًا إيجابيًّا وعمليًّا بإلْغاء مشروعها القومي لإنتاج اللبن المجفف، اكتفى مجلس إدارة جمعيَّة طب الأطفال في مصر بإصدار بيان يقول: إنَّ المقصود بلبن البقرة المجفَّف هو اللبن الذي كانت تصنعُه هيئة التَّأمين الصحِّي بإنْجلترا دون التَّعديل في ترْكيبه، أمَّا ألبان الأطْفال المتداولة في مصر، سواءٌ كانت نصف دسمة، أو حمضية، أو مشابهة للبن الأم - فكلُّها عُمِلت خصيصًا لتلائم تغذية الطفل، وبِها جميعًا تعديلات لنسبة البروتين والدسم والأملاح، بالإضافة إلى بعض الفيتامينات أو المعادن، التي تجعلها جميعا صالحةً من هذه الناحية، وجميعُها صالحة تَمَّ التصريح بها بعد دراستها من لجنة متخصِّصة من أساتذة طبِّ الأطفال في مصر، أمَّا اختيار الأنْواع المختلفة للأطفال، فأمرٌ متروك للطبيب المعالج.

 

ثم عاد البيان يؤكِّد على أفضليَّة الرَّضاعة الطبيعيَّة بلبن الأم، وسلامتها وفوائدها، وتميُّزها من النَّواحي الصحِّيَّة والاجتماعيَّة، والنفسيَّة والاقتصاديَّة بالنسبة للأم والطفل.

 

لكنَّ الذي لا شكَّ فيه - كما يقول الأخصائيون - أنَّ الألبان المعدَّلة تحتوي على نسبة عالية من الفوسفات والصوديوم والأملاح والبروتينات، وبعض الشَّركات تضيف حامضًا معيَّنًا لتسهيل عمليَّة الهضم، ومن أجل هذه النسب العالية في مكوّنات اللبن المجفَّف حذَّرت الجهات العالمية من استِعْماله، فالأملاح تؤدِّي إلى جفاف جسم الطفل.

 

وقد جاء في المجلَّة الطبِّيَّة البريطانيَّة أنَّ زيادة نسبة الأملاح داخل جسم الطفل يتبعه اختِلال في وظيفة الكلية، وبالتَّالي عدم استطاعة الكلْية الصغيرة إفراز هذا التَّركيز العالي في البوْل، فتعود بعض الأملاح مرَّة ثانية إلى الدَّم، وهي الحالة المعروفة (بالهيبرناترينيا) التي تجعل الجسْم حسَّاسًا لأقلِّ إصابةٍ بنزلة معوية، مما ينتج عنْها ارتفاع في درجة الحرارة، أو سرْعة التنفُّس، أو إسْهال، أو الأعراض الثلاثة مجتمعة، وهي الأعراض الممهِّدة لحدوث جفاف الجسم الناشئ عن إفْراز النسبة العالية من الأملاح في الدَّم، التي لا بدَّ وأن يصحبَها إفراز كميات كبيرة من الماء، موازية لنسبة الصوديوم العالية، وهو ما يؤدِّي إلى جفاف الجسم.

 

وقالت المجلَّة: إنه قد حان الوقت لسحْب مثل هذه الألبان نصف الدسمة من الأسواق؛ لأنَّها لا تصلح للأطفال حديثي الولادة، وخطورة تناوُلِها تتَّضح أكثر بالنسبة للأطْفال المرضى، حيثُ قد يتبعها تجلُّط في الدَّم والغرغرينا.

 

فاختِلال الأملاح في اللَّبن الصناعي وأمثالِه كانت السَّبب المباشر لإلْغائه، والتحذير من إعطائه للأطفال قبل 6 شهور؛ كما جاء في تقرير اللَّجنة العلميَّة الطبِّيَّة، وضرورة توفير الألبان الشبيهة بلبن الأم.

 

كذلك فقد أكَّدت لجنة التَّغذية بالأكاديميَّة الأمريكيَّة للأطْفال وجود علاقة بيْن زيادة نسبة الأملاح في اللبن الصَّناعي وأمراض ضغْط الدَّم، التي يُمكن أن يتعرَّض لها الطفل في مستقبل حياته.

 

أمَّا النِّسْبة الزَّائدة في البروتين، فلا تَستطيع معدة الرَّضيع إفراز الكمِّيَّة المناسبة من الأحْماض الأمينيَّة اللازمة لهضْمها، فينتج عن ذلك تعفُّن البروتين ثم الإصابة بالإسْهال، وبافتراض هضم الكميات الزَّائدة فإنَّ كلَّ جزء منها يدخل الدَّم يُجهد الكلْية، وهو تمامًا بمثابة تحْميل سيَّارة أكثر من حمولتها المقرَّرة.

 

أمَّا الفسفور، فالغدَّة فوق الدرقية لا تبدأ في مباشرة وظيفتِها إلا بعد حوالي ثلاثة أسابيع، ويعني تغْذية الرَّضيع بالألْبان الصناعيَّة خلال هذه المدَّة دخول هذه المادة مباشرة إلى الدم بدون تنظيم.

 

الكالسيوم:              في لبن البقرة 125                    في لبن الأم 33.

والفسفور                في لبن البقرة 96                        ولبن الأم 15.

الصوديوم والبوتاسيوم   في لبن البقرة 2.5                   وفي لبن الأم 0.13

 

والألبان التي يُكْتب عليْها "كامل الدسم" ليستْ في الحقيقة كذلك، بل يُضاف إلى اللبن دهن نباتي يؤثِّر على المعدة ويصيب الأطفال بالإسهال، والتشنُّجات، وعدم استقْرار الوجبات في بطونِهم، وينتج عنْه شكوى الأمهات من ترجيع الرَّضعات.

 

ولو كان اللَّبن الصناعي سليمًا من كل هذه الاحتمالات، فإنَّ ذلك لا يَمنع من أنَّ الحرارة العالية في بلادنا تؤثِّر على إفساده بسرعة، وعمليَّة النقل والتخزين والإعداد وترْك العلبة تتلوث بأي شيء تحمل من الأخطار ما لا يتصوَّر أحد.

 

إلى جانب هذا كلِّه تقف حقيقة هامة، هي أنَّ الماء الذي يَجري في بيوتِنا، ونُضيفه إلى اللبن الصناعي عند الرضعة، تزيدُ فيه نسبة المطهرات، بما تحملُه من موادَّ كيماوية تصِل أيضًا إلى الطفل من خلال رضعة اللبن الصناعي.

 

ولو عرفت كل أمٍّ أنَّ لبن ثديها به بروتين صغير جدًّا يَمنع عن طفْلِها التِصاق الميكروبات (التيفود والكوليرا) في الغِشاء المخاطي للأمعاء، لحاولت بكل جهدها إعطاءه رضعة الأمان بدلا من رضعة الموت في بزازة، خصوصًا في المناطق الفقيرة؛ حيث تصعُب وتنعدِم أحيانًا وسائل النَّظافة والتَّعقيم للبزَّازات، بالإضافة إلى الأضرار المترتِّبة عن استعمال البزَّازة ذاتها، كانتِشار أمراض الجهاز الهضمي، وبروز الفك العلوي، وتشوُّه الأنف، وفلْطحة قبوه، ممَّا يؤثر على نبت الأسنان، والتعرُّض لتلوُّث اللوزتين والبلْعوم والجيوب الأنفيَّة.

 

ويقول الدكتور حسين كامل بهاء الدين، أستاذ أمراض الأطفال بجامعة القاهرة: إنَّ اللبن الصناعي للأطفال خطرٌ في حدِّ ذاته، وليس فقط بسبب مشكلة تعْقيم البزازة، أوِ اختلال المكاييل، إنَّنا لا نستطيع استِبْعاد عامل المبيدات الحشرية الكيماويَّة التي يتم رش الزِّارعة بِها، والتي تتسرَّب إلى لبن الحيوان عندما يتناولها كغذاء، كما أنَّ الاتِّجاه الحديث لاستخدام المضادَّات الحيوية والهرمونات في تنمية المواشي، وأيضًا لإدْرار لبن أكثر، لا بدَّ وأن تصل في النهاية إلى لبن الأطفال الصناعي، إنَّنا لا نستطيع أن نقولَ للحيوان: لا تأْكُل من هذا الزرع الذي رشَّ من مبيد، ولا نستطيع أن نمنع الذين يستثْمِرون المواشي من إعطائها المضادات والهرمونات، لكنَّنا نستطيع أن نمنع الأمَّ من أن تأخذ هذه المضادات، بعد أن ثبت أنَّها أيضًا يمكن أن تلوِّث لبن الأم؛ مثل المضادَّات الخاصَّة بالغدَّة الدرقيَّة، وأدوية التجلّط، والمسهّلات واليود، وكلُّها يجب أن تمنع عنها الأم، التي تقوم بإرضاع طفلها.

 

وفضلاً عن أنَّ لبن الأم لا يعدله أي غذاء صناعي آخر، فإنَّه يتمتَّع بعدم قابليَّته للفساد، أو نقْل العدوى.

 

والمتأمِّل للآية الكريمة يَجد أنَّها حثَّت الأمَّهات على إكْمال الرضاعة حولين كاملين، والحكمة في ذلك أثبتَتْها الدراسات النفسيَّة والطبيَّة، التي أكَّدت أنَّ الرَّضيع الذي يعتمِد على الغذاء الطبيعي يكتسِب خلال السنتين الأُوليَيْن من حياته 80% من قدراته العقلية، و20% من نموه الجسدي، بالإضافة إلى الفوائد النفسية.

 

فالرَّضاعة الطبيعيَّة ليْست مجرَّد غذاء وحسْب، وإنَّما هي علاقة نفسيَّة بين الطفل والأم، فلو أُفْرِغ اللبن من الثدي، ووضع في زجاجة مثلاً، وأُعْطِي للطفل، لفقَد كلَّ قيمته، فلقم الثَّدي يكسب الطفل الأمان والاستِقْرار، ويَحميه من كثير من الأمراض النفسيَّة، وقد ثبت أنَّ فطام الرَّضيع قبل إتْمامه العاميْن يعرِّضُه للإصابة بأمراض نفسيَّة، منها الانطِواء والعزلة والتشاؤم.

 

وقد هيَّأت العناية الإلهيَّة الأنثى عند الإنسان، وسائر المخلوقات على السَّواء، بعاطفة الأمومة، التي لا يُمكن تعويضه عنها، والطفل لا يمكن تعويضه عن حاضنته، ومربِّيته، وباعثة الحنان فيه، وأي علاقة أُخرى لا تحل محلَّ ثدْي الأم، ولا تكون بديلاً عنه.

 

وإذا نظرْنا إلى عالم الحيوان وجدْنا أنثاه المفترسة تَحمل وليدَها بين أنيابِها، وتنتقِل به المسافات الطوال دون أن تُصيبه بأذى، وتدافع عنه ضدَّ الأخطار التي تصِل أحيانًا إلى التضحية بِحياتها دون رضيعها.

 

إنَّها عاطفة الأمومة أسمى العواطف مطْلقًا، بِها تتحمَّل الأمُّ المشاق، وتُحيلها بشرًا وسرورًا وسعادة، وبغيْرِها لا تستمرُّ الحياة ولا يعمر الكون.

 

ولا شكَّ أنَّ الغذاء الطبيعيَّ تكفَّلت العناية الإلهية بتدْبيره للطفل في بطْن أمِّه جنينًا، عن طريق ما يُسمَّى بالحبْل السُّرِّي المصمَّم بكيفيَّة بديعة، فلا هو بالطويل فيتخمَّر فيه الغذاء، ولا هو بالقصير فيندفع فيه بطريقة تؤْذيه، وفي خلال فترة الحمل تتكوَّن الغدد المكونة للبن من إفْرازات المبيضين، فإذا استوفيت مدَّة الحمل، صدرت الأوامر إلى الغدَد النخاميَّة لتبدأ في إنْتاج اللبن الذي يحتوي على كلِّ المواد اللازمة لاستِمْرار حياة الرَّضيع، وسدّ حاجاتِه الأساسيَّة من النشويَّات والسكريَّات، والدهون والأملاح والفيتامينات، وهي موادُّ لا يمكن بحال من الأحوال أن توجد في صنف واحد أو أصناف متعدِّدة من الأغذية، وإن وجدت فلا يمكن إعْدادها بطريقة تتلاءم مع معدة الطفل الرضيع بحيث يمكن هضمها والاستفادة منها.

 

الجنين يَخرج من بطْن أمِّه بلا خبرات، إلا من ذلك التَّوجيه الإلهي المرْشِد لمصدرِ الغذاء، فنجِده يتَّجه مباشرة إلى ثدْي أمِّه دون أن يعلِّمَه أحد ذلك.

 

ولم نسمع منذ بدْء الخليقة أنَّ طفلاً واحدًا أو حيوانًا أخطأَ في مصْدر غذائه، مع أنَّ رضيع الإنسان يمتصُّ غذاءه بشفتَيه من الثَّدي وهي عمليَّة شاقَّة للغاية، لا يقدِر عليْها الرجُل البالغ، حيثُ يتنفَّس من أنفه في نفس الوقت الذي يرضع فيه، ولا شكَّ أنَّ عدم اختلاف المصدر منذ كان الرَّضيع جنينًا إلى أن خرج إلى الوجود من أهم الأسباب التي تُحافظ على صحَّته؛ لعدم اختلاف مصدر الغِذاء، ولأنَّ هناك علاقة سببيَّة تقوم بين الطِّفْل والأم، ومن الملاحظ أنَّ لبن الأمِّ يتناسبُ مع حالة الطِّفل يومًا بعد يوم، كما يتلاءم مع حالتِه الصِّحِّيَّة، فنجِد الإفراز يزدادُ حتَّى يصل إلى لتْرين ونصف لتر في اليوم الواحد بعد عام، بيْنما لا يزيد في الأيام الأولى عن بضْع أوقيات، كما تتغيَّر نسب مكوّناته بالزيادة والنقْصان وشدَّة التركيز، فيبدأ أقرب ما يكون إلى الماء، ثم يزداد تركيز مكوناته النشوية والسكرية والدهنية يومًا بعد يوم.

 

ولكن إذا استحال الإرْضاع الطبيعي لمرض الأم مثلاً أو لجفاف ثدْيها، فإن القرآن الكريم قدْ أجاز لها في هذه الحالة استِئْجار مرضع تقومُ بهذه المهمَّة، وحثَّ الأمَّ على أن تتحرَّى الدقَّة في اختِيار تلك المرضع؛ يقول تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 223]، ولا يَجوز أن تكون الرَّغبة في عدَم الإرضاع راجعةً إلى خشية الأم من التأثير على قِوامها أو رشاقتِها وما إلى ذلك.

 

والجدير بالذِّكر أنَّ الأمَّ التي تمنع عن الرَّضاعة لمدَّة 48 ساعة فقط يَجفُّ ثدْيُها، ويصعب عليْها التحوُّل مرَّة أخرى إلى الرَّضاعة الطبيعية، وقد كانت شركات إنتاج الألْبان تعتمِد على صرْف الأمر عن الرَّضاعة الطبيعيَّة على أساس تَجربة الألبان الصناعيَّة، فإذا فعلنَ ذلك للمدَّة المذكورة، جفَّ ثديهنَّ وأصبحن أسيراتٍ للألبان الصناعيَّة، ثم صار استخدام هذه الألبان نوعًا من التقليد.

 

تلك وظيفة المرأة التي هيَّأها الله - سبحانه وتعالى - لها، ومنحها كلَّ القدرات التي تجعلها أهلاً للقيام بها، وهي وظيفة لا شكَّ لها دور هام في حياة البشرية، ومن أجلها كرم الله المرأة، وأوصي بها رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأعطاها أرفع وسام بأن جعَل الجنَّة تحت أقدامها.

 

ولعلَّنا نلتزم بتوجيهات القُرآن، وها هي ذي تحذيرات الهيئات الصحيَّة العالمية، وبين أيدينا نتائج دراسات وأبحاث الطب البشري والنفسي والاجتماعي.

 

ومن أجل أبنائنا، وفلذات أكبادنا، وأغلى شيء في الوجود، عليْنا أن نتلفَّت حولنا في اهتمام لأنَّها مشكلة، مشكلة ونحن في قلْب الخطر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الهندسة الصناعية
  • شركات الألبان ومخزون المملكة من المياه
  • مصادر صناعية (1)

مختارات من الشبكة

  • هل أطفال هذا الزمان أسوأ من غيرهم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • طفلك ليس أنت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القيم المستفادة من قصص الأطفال للكاتب "السيد إبراهيم"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أوكرانيا: مبادرة من مسلمي القرم لمساعدة أطفال وأسر السجناء(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: حفل إفطار للأيتام في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال للجمزوري (المتوفى سنة 1227 هـ) ومعه منظومة تحفة الأطفال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأطفال يلعبون (قصيدة للأطفال)‏(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • همم الرجال في شرح تحفة الأطفال ويليه منظومة تحفة الأطفال للإمام سليمان الجمزوري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • متن تحفة الأطفال المسمى تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن للشيخ سليمان بن حسين الجمزوري(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حاجات الأطفال الموهوبين ومشكلاتهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
2- ايجابي
farida - الجزائر 14-10-2010 06:22 PM

شكرا

1- جزاكم الله خيرا
قلبـ مملكه ـي وربي يملكه - السعوديه 08-08-2010 02:22 AM

جزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب