• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

الأسرة في الجاهلية والإسلام

تامر عبدالفتاح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/12/2008 ميلادي - 29/12/1429 هجري

الزيارات: 78245

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
من معاني الأسرة - كما في معاجم اللغة العربية -: الدرع الحصينة، وأقارب الرجل الأدنون، وأهل بيته، الذين يتقوى ويحتمي بهم كما يحتمي المحارب بالدرع، ومن المجاز البليغ - كما قال الزمخشري - قولُهم: شدَّ الله أَسْرَه؛ أي: قوى إحكام خلقته.

والأسرة في التاريخ القديم، وعند أكثر الأمم، اعتبروها وحدة اجتماعية، يرأسها الأب، وكان العرب يعتبرون القبيلة هي الوحدةَ السياسية والاجتماعية، كما قال "سمث"، وقال "روبرت لوي": "إنهم كانوا يعتبرون الأسرة هي الوحدةَ الاجتماعية الصغرى، التي نمت بعد ذلك حتى صارت عشيرة أو قبيلة"، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن عرب الجاهلية، لم يعرفوا زواجًا مستمرًّا، ترتبط فيه المرأة برجل معين، وإلى أجل غير مسمى؛ لأنهم كانوا يجرون على نظام النكاح المؤقت، الذي ظل شائعًا بينهم، حتى جاء الإسلام، فأباحه الرسول - عليه الصلاة والسلام - لأصحابه فترة من الزمان، عرف فيها هذا النكاح المؤقت باسم "نكاح المتعة"، كما ذهبوا إلى شيوع الإباحية الجنسية عند العرب قبل الإسلام، وذلك ما سجله المؤرخ "سترابون" في معجمه الجغرافي على العرب في بلاد اليمن، غير أن الباحثين المحققين قديمًا وحديثًا، قد أثبتوا بطلان ما سجله "سترابون" هذا، وأثبتوا أن علاقة الرجل بالمرأة في العصر الجاهلي كانت لها نظم أربعة، أشار إليها الحديث الصحيح، بلسان السيدة عائشة أم المؤمنين، التي قالت - رضي الله عنها -: "إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: 
أ- فنكاح منها نكاح الناس اليوم.
ب- والنكاح الثاني: كانوا يسمونه نكاح الاستبضاع، وهو أن يقول الرجل لامرأته، إذا طهرتْ من حيضها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ثم يعتزلها زوجها جنسيًّا، حتى يظهر حملها من ذلك الرجل، فإذا ولدت منه، نسب الولد إلى أبيه لا إلى أمه، وهذا النكاح لم يكن شائعًا عند العرب، ولا مقصورًا عليهم، كما سنبين ذلك قريبًا.
ج- والنكاح الثالث: نكاح المشاركة أو الرهط، وهو أن يجتمع رجال دون العشرة، فيدخلوا على المرأة؛ ليصيبها كل منهم، فإذا حملت، اجتمعوا عندها، لتختار منهم مَن تُلحق به ولدها، وهذا النكاح الثالث كان دخيلاً على العرب من الفرس في أثناء حكمهم لليمن، وتسلطهم على الحيرة قريبًا من الكوفة، في عهد الساسانيين.
د- والنكاح الرابع كان نكاح الإماء البغايا، اللائي كن دخيلات على العرب، الذين كانت أغلبيتهم العظمي لا يعترفون إلا بالنكاح الأول المشروع، الذي أقره الإسلام فيما أقرَّ من النظم الجاهلية، التي لم يرَ بها بأسًا في مجموعها، وأدخل عليها ما أدخل من التعديل، والتنظيم، والتهذيب؛ لأنه وحي السماء، الذي لم يُبِح مثلاً - وحاشاه - نكاحَ الاستبضاع، الذي أباحه أفلاطون في "جمهوريته"، كما أباحه ليكورغ مشرع إسبرطة، وأباحته شريعة سولون للمرأة التي يعجِز زوجها عن معاشرتها جنسيًّا، وأقرته شريعة مانو للهنود، وكل هذه الشرائع الوضعية لا قيمة لها، ولا عبرة بها في جنب الإسلام شريعة السماء، وخاتمة الشرائع:

وَلا يَسْتَوِي وَحْيٌ مِنَ اللهِ مُنْزَلٌ        وَقَافِيَةٌ  فِي   الْعَالَمِينَ   شَرُودُ


أما أهم ما أزاله الإسلام من الأنظمة الجاهلية للأسرة، وأهم ما جاء به عوضًا عنها: 
فأولاً: أنكر الإسلام على عرب الجاهلية - أول ما أنكر - اعتبارَهم عقدَ الزواج صفقةً تجارية، ومن هنا وصفوا الأنثى عقب مولدها بأنها "النافجة"، قائلين في التهنئة بمولدها: "هنيئًا لك النَّافِجَة"، وذلك ما سارت به أمثالهم العربية، ومعنى النافجة: التي تنفُج مالَك، وتزيده بما تأخذه من مهرها، وهو العوض الذي يدفع لأهلها، وبما تأخذه من صَداق، وهو العوض الذي يدفعه الرجل لها هي، وبفضل الصداق والمهر ينفتج حالُ والد العروس ويتضخم؛ وإنصافًا للحقيقة والتاريخ، نقرر أن بعض سادات العرب وأشرافهم كانوا يأنفون من تضخيم ثرواتهم وأموالهم بمهر أو صداق؛ ومن هنا فخرت إحدى الزوجات العربيات بأن زوجها ووالد بناتها لا يأخذ مهرًا أو صداقًا، مما كانوا يسمونه "حُلْوانًا"، وفي ذلك قالت هذه الزوج الأم الفخور بزوجها المتعفف:


لاَ يَـأْخُـذُ الـحُـلْـوَانَ مِـنْ بَـنَـاتِـيَـا


كما قال زوج عربي يفخر بذلك أيضًا: 


وَلَيْسَ تِلاَدِي مِنْ وِرَاثَةِ وَالِدِي        وَلاَ شَادَ مَالِي مُسْتَفَادُ النَّوَافِجِ


وبقدر ما أنكر الإسلام اعتبار عقد الزواج صفقةً تجارية، خلع على هذا العقد من القداسة والتكريم ما لم يخلع على عقد سواه:
أ- فهو آية كونية عالمية، شاملة لبني الإنسان وغيرهم؛ {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36].

ب- وطرفاه - وهما الذكر والأنثى - جديران بالقَسَم بهما، والتكريم لهما، شأنهما في ذلك شأن الآيات الكونية التي أقسم الله بها قائلاً: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 1 - 4].

ج- وهو العقدة الوثقى، والميثاق الغليظ، الذي وصف القرآن الكريم به اثنين لا ثالث لهما؛ وهما العهد الرباني الأول، الذي أخذه الله على أنبيائه ورسله، وعقد الزواج، قائلاً: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: 7]، وقائلاً أيضًا - سبحانه -: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].

ثانيًا: هذا الميثاق الزوجي الغليظ، أقامه الأدب الإسلامي القرآني، على أمتن الدعائم، وأقوى الأسس الاجتماعية، وهي السكينة والمودة والرحمة؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

ثالثًا: في ظلال هذه السكينة والمودة والرحمة المتبادلة بين الزوجين المسلمين المتحابَّين، أقرَّ القرآن الكريم العيونَ، وشرح الصدور، وأنار الأبصار والبصائر، بالدعوات الصالحات، المتوهجات بنور الأمل والرجاء، في الذرية الصالحة، والخلَف - بفتح اللام – الطيب؛ قائلاً: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5، 6]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

رابعًا: وقد أنكر الإسلام مغالاتَهم في المهر والصداق، اللذين كانوا يفرِّقون بينهما بأن المهر: هو العوض الذي يدفع لأهل المرأة، والصداق: هو العوض الذي يدفعه الزوج للزوجة نفسها، وما أروعَ ما دعا به النبي الشريف – صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: ((اللهم أذهبْ ملك غسان، وضع مهورة كندة))، كانوا يغالون في مهور العرائس، إلى درجة أن العروس الكندية كان مهرها أحيانًا لا يقل عن ألف من الإبل، وتلك هي الروح التجارية المادية، التي أعلن الإسلام الحرب عليها بإنسانيته وسماحته وبساطته؛ حتى يقيم الأسرة على أساس إنساني، لا على أساس تجاري، بمثل قول الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - مثلاً في حديث سهل بن سعد، عندما أراد الزواج: ((اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد))، قال: "يا رسول الله، ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد"، فسأله الرسول الإنسان الأعظم: ((هل معك من القرآن شيء؟))، قال: "معي سورة كذا، وسورة كذا"، قال: ((اذهب فقد أنكحتُكها بما معك من القرآن))، ومثل قوله - صلَّى الله عليه وسَلَّم - أيضًا: ((خير النساء أيسرهن))، وكذلك زوَّج الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - رجلاً آخر بدون مهر أكثر من أن يعلِّم زوجته أربعَ سور أو خمسًا من كتاب الله - كما روى ابن عباس - أو يعلمها عشرين آية - كما روى أبو هريرة - وبهذه الروح الإسلامية الأصلية تشبع فاروق الإسلام عمر بن الخطاب، في كلمته الصادقة الواقعية الملهَمة: "لا تغالوا في صدقات النساء، فإنه لو كان تقوى لله، أو مكرمة في الدنيا، لكان نبينا - صلَّى الله عليه وسَلَّم - أولانا بذلك، فما أصدق نساءه ولا بناته أكثرَ من اثنتي عشرة أوقية".

ومن شواهد الوسطية الإسلامية في اتزانها واعتدالها: أنها لم ترضَ المغالاة في المهر، وفي الوقت نفسه لم ترضَ الحرمان نهائيًّا من المهر، ومن هنا حرم الإسلام ما كان يعرف في الجاهلية بنكاح الشغار، الذي سمي بهذا الاسم؛ لأنه شاغر وخالٍ من المهر كلية؛ لأنه قائم على اتفاق رجلين على أن يزوِّج كلٌّ منهما الآخر ابنتَه أو أخته، بدون مهر مطلقًا، وحسب الطرفين هذا التبادل بينهما، فإن تم هذا النكاح المحرم - وهو نكاح الشغار - فهنا يوجب الإسلام مهرَ المِثل لكل من هاتين الزوجتين، وإلا فالزواج باطل شرعًا.

ومن شواهد الوسطية الإسلامية أيضًا: أن الإسلام لم ينكر على الجاهلية تعدُّدَ الزوجات - من حيث المبدأ - وإنما أنكر عليها الفوضى في تعدد الزوجات، فقد جاء الإسلام فوجد في قبيلة ثقيف وحدها رجالاً لدى كل منهم عشر زوجات؛ كمسعود بن معقب، وعروة بن مسعود، وسفيان بن عبدالله، وأبي عقيل مسعود بن عامر، وغيلان بن سلمة، فلما أسلم غيلان وسفيان وأبو عقيل، نزل كل منهم عن ست زوجات، وأمسك أربعًا؛ ولكثرة الأزواج الذين تزوجوا أكثر من أربع نساء في الجاهلية، ألَّف فيهم أبو الحسن المدائني كتابًا مستقلاًّ، عنوانه: "من جمع أكثر من أربع"، ومن سماحة الفقه الإسلامي ومرونته، التي كان بها صالحًا لكل زمان ومكان: أنه اعتبر تعدُّدَ الزوجات خاضعًا في الحكم الشرعي للظروف والاعتبارات الاجتماعية، التي تحيط بالفرد والأسرة والأمة؛ فهو: إما مباح، وإما مكروه، وإما حرام؛ كما حقق ذلك الفقهاء قديمًا وحديثًا، ولا سيما الشيخ محمد أمين، صاحب الحاشية المشهورة باسم "حاشية ابن عابدين" في فقه الأحناف.

ولا شك في أن المنصفين الموضوعيين - حتى من غير المسلمين - يعتبرون تعدد الزوجات، في الإطار الإسلامي المحكم المعتدل العادل - خيرًا من تعدد العشيقات، في النظم الغربية المتحللة، التي ندد بها كثير من الكتَّاب والباحثين الاجتماعيين شرقًا وغربًا، ومنهم - على سبيل التمثيل لا الحصر – "جوستاف لوبون"، الذي وصف نظام العقود الإسلامي بأنه "نظام حسن، ويرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تدين به، ويزيد الأسر ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تجدهما في أوروبا".

خامسًا: إنكار الإسلام على بعض القبائل العربية، أنها كانت لا تكتفي بحرمان المرأة من الميراث - وإن كانت زوجة وأمًّا - وإنما كانت تعتبرها هي نفسها ميراثًا يورث عن زوجها المتوفى، وكانت لا تتورع عن عَضْلِها والتضييق عليها، بمنعها من الزواج في حياة زوجها أو بعد وفاته، سواء أكان هذا العاضل الظالم زوجًا، هدفه من ظلمه هذا أن يسترجع الصداق الذي دفعه لها، أو كان وارثًا هدفُه من ظلمه هذا أن تتنازل له المسكينة الأرملة، عما ورثتْه من زوجها؛ بدافع الغيرة، أو الأنفة، أو الأَثَرة وحب الذات، وفي تحريم هذا كله حفاظٌ على كيان الأسرة المسلمة؛ يقول القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

وفي تفسير هذه الآية الكريمة، قال الطبري: "إن ابن الزوج المتوفى أو قريبه، كان يعضل امرأته، فيمنعها من الزواج من غيره حتى تموت، أو ترد إليه صداقها فداء لها"، وقال الزمخشري: "إن الرجل كان إذا تزوج امرأة ولم توافقه، حبسها مع سوء العشرة والقهر؛ حتى تفتدي منه بمالها وتختلع"؛ وإنصافًا هنا للحقيقة والتاريخ، نذكِّر القراء - والذكرى تنفع المؤمنين - بأن هذه المنكرات التي أنكرها الإسلام على بعض القبائل العربية؛ ليكفل للأسرة استقرارَها العائلي المنشود - لم تكن مقصورة على هؤلاء العرب، فقد كان العبريون يعتبرون المرأة جزءًا من متاع الرجل، تُورَّث كما يورث ما خلفه، وللوارث أن يبيعها، أو يعضلها ويضيق عليها.

سادسًا: حرَص الإسلام أيضًا على الإنكار على كثير من العرب في الجاهلية استخفافَهم برباط الحياة الزوجية الغليظ، وكرامة الزوجة المغلوبة على أمرها، ومن شواهد هذا الاستخفاف أن الرجل منهم - كما قال الفخر الرازي، وابن زيد - كان يطلق امرأته ألفَ مرةٍ أو مائة مرة، ثم يراجعها بعد كل مرة إن أراد، ولا حسيب ولا رقيب، ولا معروف ولا إحسان، وإنما هي المضارة للزوجة المسكينة، والاستخفاف بكرامتها وكرامة الحياة الزوجية، وذلك ما أنكره الإسلام عليهم أيما إنكار؛ يقول الله – تعالى -: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

وأباح لها - إذا لم تكن العصمة بيدها - أن تفتدي حريتها، بما تدفعه لزوجها من مال، باسم "الخلع"، ما دام هنالك مبرر معقول، ومسوغ شرعي مقبول؛ كالغَيبة الطويلة، أو العجز الجنسي، أو سوء العشرة الطويلة، أو تعذر التجاوب العاطفي بينها وبين زوجها، أو نحو ذلك مما فصلته كتب الفقه الإسلامي في واقعية وموضوعية، وإلى لقاء قريب - إن شاء الله.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كاميليا حلمي مديرة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل: المواثيق الدولية للمرأة تسعى للمساواة، وتدمير الأسرة، ومحاربة التعدد
  • المرأة والأسرة والعمل.. نظرة شخصية
  • الأسرة في الإسلام (1)
  • الأسرة في الإسلام (2)
  • الأسرة في الإسلام (3)
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (1)
  • مآل الأسرة المسلمة في الآخرة
  • حقوق الأسرة في الفقه الإسلامي (1)
  • تاريخ العرب في الجاهلية: بين التشويه والتنزيه؟
  • الأسرة .. ومفهومها
  • الأسرة ( المزورة )!
  • مدخل لقراءة القصيدة الجاهلية (5)
  • صراع الأصهار بين الجاهلية والإسلام
  • يوم الأسرة العربية ( خطبة )
  • جوانب من حياة العرب في الجاهلية
  • الجاهلية تخطئ والإسلام يضع الحل
  • قانون الأسرة وإشكالية المرجعية الدينية في الجزائر
  • مفهوم الجاهلية في التصور الإسلامي
  • الأسرة بين المفهوم الإسلامي والغربي (خطبة)
  • الأحلاف في الجاهلية
  • علوم العرب في الجاهلية
  • هكذا كان حال الأسر في ذلك الزمان (خطبة)
  • الأسرة وخطر الفكر النسوي (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة فقه الأسرة: الخطبة (1) أسس بناء الأسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الأسرة في علاج وتدريب الطفل المعاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأسرة ومقومات البيت المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد تربوية لمائدة طعام الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار الأسرة والزواج من ناحية فقهية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الفشل في بناء الأسر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ‏ آداب وأخلاق يجب مراعاتها في الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الخلافات الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
2- شكرا
محمد - مصر 07-01-2009 12:14 AM
جزاكم الله من فضله
1- لا للجهل
على 02-01-2009 03:45 PM

مقالة رائعة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب