• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

تصريح الزوجين بالحب والغيرة من منظور إسلامي

تصريح الزوجين بالحب والغيرة من منظور إسلامي
نجاح عبدالقادر سرور

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2022 ميلادي - 8/3/1444 هجري

الزيارات: 3690

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تصريح الزوجين بالحب والغَيْرة من منظور إسلامي

 

الزواجُ رباطٌ مُقدَّس، وميثاقٌ غليظٌ، وآيةٌ من آيات الله الكبرى، وقد شاء الله عزَّ وجلَّ أن يخلق الليل والنهار، والشمس والقمر، والذكر والأنثى؛ قال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾ [الليل: 1 - 3]، فكما لا يستغني الليل عن النهار، ولا النهار عن الليل، كذلك لا يستغني الرجل عن المرأة، ولا المرأة عن الرجل، وكما لا يكون هناك يومٌ كاملٌ، ولا حياةٌ منطقيةٌ إلا إذا وُجِد الليل والنهار، فكذا لا تكون هنالك حياةٌ حقيقيةٌ؛ بل لا تكون هنالك حياةٌ بالكُليَّة إلا إذا وُجِد الرجال والنساء، فالنساء شقائقُ الرجال؛ كما قال المعصوم صلى الله عليه وسلم، ومن هنا نفهم لماذا ذكر ربُّ العزة جلَّ جلاله تلك الآية: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} بعد قوله عزَّ وجلَّ عن الليل والنهار: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} إنه التشابُه في التكامل، فكما لليوم نِصْفانِ، يكمل أحدهما الآخر ويتكامل معه، فكذلك للحياة نِصْفان – الذكر والأنثى – كلاهما شقيق الآخر، ونصفٌ له، لا يستغني عنه بأي حالٍ من الأحوال، إنهما وجهان لعملة واحدة.

 

وهذه الآية الكبرى – الزواج – تتمثَّل في هذا القَدر المسطور، في رَقٍّ منشور، عند ربِّ العزة جلَّ جلاله، كُتِب فيه نصيبُ كلِّ إنسانٍ من شقِّه ونصفه؛ هذه زوج لفلان، وهذا زوج لفلانة، فإذا بالأرواح تتآلف، وبالقلوب تتلاقى؛ فتتكوَّن هذه المودة والرحمة، التي صرَّح بها القرآن العظيم، أما الصِّنْف الذي تنتفي عنه المودَّة، ومِن ثَمَّ تنتفي عنه الرحمة، فإنه صِنْفٌ شقيٌّ لا تُكتَب له السعادة في هذه الحياة الدنيا: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وقد صرَّح ربُّ العِزَّة جلَّ جلالُه برِباطِ المودَّة بين الزوجين، وجعله سابقًا على رباط الرحمة؛ لأنه إذا وُجِدت المودة بين الزوجين؛ وُجِدت حتمًا الرحمة بينهما، فالمودَّةُ هي الأساس والقاعدة الوثقى، وهي شاملة لكل جميل في هذه العلاقة المُقدَّسة، إنَّها الحب والغيرة، ولين الجانب، وخفض الجناح، والتلطُّف والرِّقة.

 

فهل يبيحُ الإسلامُ للزوج أن يُصرِّح ويُعلِن على الملأ حبَّه لزوجه؟ وهل يبيحُ الإسلام للزوج – ذكرًا أو أنثى - أن يُصرِّح ويُعلِن على الملأ غيرته على زوجه؟

 

أزعمُ أن هذه سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى الأدلة والتفصيل:

أولًا: نصَّ القرآن العظيم على أن الحبَّ كعاطفةٍ ساميةٍ يجب أن تكون في المقام الأول لله عزَّ وجلَّ ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي بعدهما مَن أمر الله تعالى بحبِّهم، ومنهم الزوج، (وكلمة زوج في اللغة تُطلق على الرجل والمرأة على حدٍّ سواء)، قال جلَّ جلاله: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، فالآية لا تنفي حب الزوج لزوجه، والتصريح بذلك؛ وإنما يجب ألَّا يكون في النفس والقلب أعظم من حبِّ العبد لربِّه عزَّ وجلَّ، ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم أحبب بعدهما مَن وجبت محبته من البشر ومنهم الزوج، وهذا ما أكَّدَه حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))[1].


ثانيًا: نصَّ القرآن على أن الله عزَّ وجلَّ جعل في نفس الإنسان غريزة حبِّ النساء، وقدَّمها على ما عداها، فقال جلَّ جلاله: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].


ثالثًا: صرَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بحبِّه لنسائه، وخصَّ بعضهن بالذكر أحيانًا؛ فمن ذلك ما وَرد عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((حُبِّبَ إِلَيَّ مِن الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ))[2]، وقال صلى الله عليه وسلم عن خديجة: ((إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا))[3].


وعنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُخْتِي أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ حَبِيبَهَا أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهَا قَالَ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الظُّهْرِ فَتَمَسُّ وَجْهَهُ النَّارُ أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ))[4].


وعَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: ((عَائِشَةُ))[5].


وقد اعترفت سَوْدة بنت زَمْعة زوجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بحبِّه لعائشة، فتنازلت عن يومها لها؛ تقرُّبًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصل حبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلُّقه بعائشة أن استأذن نساءه في مرضِ موتِه أن يُطبَّب في بيتها، ومات صلى الله عليه وسلم في يومها، وفي بيتها، وبين سَحْرِها ونَحْرِها، وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا، وأول ساعة من الآخرة، ودُفِنَ في بيتها.


وقال صلى الله عليه وسلم مصرِّحًا بحبِّه وتعلُّقه بعائشة: ((إنه لَيُهَوِّنُ علَيَّ أني رأيت بياض كَفِّ عائشة في الجنة))[6].


وكانت رضي الله عنها من شدةِ حبِّها له صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما تُصرِّح وتقول: حبيبي صلى الله عليه وسلم، فقد سُئِلَتْ عن خِضَاب الحناء، فقالت: "لا بأسَ به؛ ولكنِّي أكرهه، كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره ريحه"[7] .

 

وعَنْها قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَذْكُرُ الْحَبِيبُ حَبِيبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: ((يَا عَائِشَةُ، أَمَّا عِنْدَ ثَلَاثٍ فَلَا: أَمَّا عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَثْقُلَ أَوْ يَخِفَّ فَلَا، وَأَمَّا عِنْدَ تَطَايُرِ الْكُتُبِ؛ فَإِمَّا أَنْ يُعْطَى بِيَمِينِهِ، أَوْ يُعْطَى بِشِمَالِهِ فَلَا، وَحِينَ يَخْرُجُ عُنُقٌ مِن النَّارِ، فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ، وَيَتَغَيَّظُ عَلَيْهِمْ))[8].


ثُمَّ إِنَّ بعضَ زوجاتِ النبي صلى الله عليه وسلم غِرْنَ من حبِّه عائشةَ، فدَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: "إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ"، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: ((يَا بُنَيَّةُ، أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟))، قَالَتْ: بَلَى[9].


وحدث أن أُعتِقَتْ بَريرة زوجة مغيث – وكان عبدًا– فصارت حُرَّةً، فلما خيَّروها بين البقاء معه زوجةً وبين مفارقته، اختارت مفارقته، فوجد مُغِيثٌ عليها وَجْدًا شديدًا، فتعجَّب صلى الله عليه وسلم من حبِّ مُغِيث بَريرةَ، وحاول أن يتوسَّطَ له اعتبارًا لحبِّه الشديد لها، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعبَّاسٍ: ((يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟!))، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((لَوْ رَاجَعْتِهِ))، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: ((إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ))، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ[10].


هذا عن التصريح بالحب للزوج، أما الغيرة على الزوج؛ فقد وردت نصوص صريحة تدلُّ على أنها أمرٌ محمودٌ في الشرع، وسُنة من سُنن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما دامت الغيرة بعيدةً عن الشكِّ والتخوين، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عزَّ وجلَّ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ))[11].


ولقد كان داود عليه السلام شديدَ الغَيْرة، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان داود عليه السلام فيه غَيْرةٌ شديدةٌ، فكان إذا خرج أُغلِقَت الأبوابُ، فلم يدخل على أهلِه أحدٌ حتى يرجِعَ))[12]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديدَ الغَيْرة على نسائه، ولقد صرَّح صلى الله عليه وسلم بذلك لما تعجَّب الصحابة من غَيْرة سعد بن عبادة رضي الله عنه، وكان رَجُلًا غَيُورًا، حتى قالت الأنصار عن سعد: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلَّا عَذْرَاء، وَلَا طَلَّقَ امْرَأَةً فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا أَنْ يَتَزَوَّجهَا مِنْ شِدَّة غَيْرَته[13]! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتعجبون من غَيْرةِ سعد؟ فواللهِ لأنا أغْيَرُ منه، واللهُ أغْيَرُ مني، ومن أجل ذلك حرَّم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن))[14].

 

وكذلك كان الصحابة يغارون على أزواجهم، فهذا أبوبكر رضي الله عنه يغار بشدة على زوجه، فقد رَوى مسلم أنه لما انقضت عدة أسماء بنت عميس من جعفر رضي الله عنها، زوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر يوم حنين، وكان شديد الغَيْرة عليها، فأقبل يومًا داخلًا عليها، فإذا نفرٌ من بني هاشم جلوسٌ في بيته، فكره ذلك، ووجد في نفسه، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، وقال: لم أرَ إلَّا خيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ قد بَرَّأها من ذلك))، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال:((لا يَدْخُلَنَّ رجلٌ، بعدَ يومي هذا، على مُغِيبةٍ، إلَّا ومعه رجلٌ أو اثنانِ))[15].


وهذا عمر رضي الله عنه، يقول عنه عبدالله بن عمر: كَانَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ، وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالَ: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ))[16].


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُلُوسٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا))، فَبَكَى عُمَرُ وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ قَالَ: أَوَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟![17].


وكانت أُمُّ سَلَمَةَ بها غَيْرة شديدة، فبعد وفاة زوجها أبي سلمة اسْتَأْذَنَ عَلَيها رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَها؛ فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني امْرَأَةٌ فِيَّ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ؛ فَأَخَافُ أَنْ تَرَى مِنِّي شَيْئًا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ عزَّ وجلَّ مِنْكِ))، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[18].


وكانت أمُّ المؤمنين عائشة شديدة الغَيْرة عليه صلى الله عليه وسلم، وصرَّحت بذلك، فقد ثَبَت عَنْ عَائِشَةَ أنها قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ، وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: ((أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ))، قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا))[19].


وعن عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ، فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: ((مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟))، فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟))، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟! قَالَ: ((نَعَمْ))، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ؛ وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ))[20].


وهكذا يتبيَّن لنا أن التصريح بالحبِّ والغَيْرة بين الزوجين أمرٌ يدعو إليه شرعنا الحنيف، وتؤكِّد عليه سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ وذلك تعميقًا لأواصر المودة والرحمة، وتجديدًا لعلاقة الحبِّ الطاهر بين الزوجين؛ ليكون كلُّ زوجٍ حقًّا قرةَ عينٍ لزوجه الحبيب: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، والله من وراء القصد، والحمدُ لله ربِّ العالمين.




[1] البخاري 1/ 26 باب حلاوة الإيمان.

[2] النسائي 12/ 288، وأحمد 24/ 392.

[3] مسلم 12/ 181.

[4] النسائي كتاب قيام الليل وتطوع النهار ح 1790.

[5] البخاري 13/ 256.

[6] رواه أحمد 51/ 82.

[7] رواه أبو داود كتاب الترجل ح 3633.

[8] أحمد 50/ 305، مسند الأنصار ح 23649.

[9] البخاري 9/ 30.

[10] البخاري 16/ 332.

[11] النسائي كتاب الزكاة ح 2511.

[12] أحمد 19/ 106.

[13] فتح الباري 15/ 25.

[14] السابق ج2 ص 127 ح 956.

[15] مسلم 11/ 148.

[16] البخاري 3/ 430.

[17]البخاري 16/ 248.

[18] أحمد، مسند المدنيين ح 15751.

[19] مسلم 12/ 181.

[20] مسلم 13/ 429 .





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشك بين الزوجين
  • اختلاف الطباع بين الزوجين
  • بركة المال الصالح على الزوجين
  • النقد المستمر بين الزوجين
  • الخيانة العاطفية بين الزوجين
  • مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • التصريح بالحب بين الاقتصاد والإسراف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شرح قاعدة: لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصلاة بغير تصريح(استشارة - الاستشارات)
  • كينيا: تصريحات حكومية مثيرة للفتنة بين المسلمين وغيرهم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: انتقادات يمينية وترحيب إسلامي لتصريحات الرئيس عن الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سويسرا: رفض منح تصريح لمنتدى إسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الولايات المتحدة: استنكار إسلامي لتصريحات مرشح الرئاسة المرتقب ضد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أوكرانيا: تصريحات جديدة لرئيس مجلس الشورى الإسلامي عن القرم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: انتقادات حادة لتصريحات رئيس الوزراء حول الإسلاميين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: زعيمة حزب الجبهة القومية تؤيد تصريحات كاميرون ضد الإسلاميين(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب