نصائح عن الخطبة والزواج

نصائح عن الخطبة والزواج

• تبدأ أولى خطوات الجدية في الزواج بمرحلة الخطوبة التي يباح فيها للرجل إذا نوى الخطبة أن ينظر إلى الوجه والكفين بدون خلوة؛ (أي في وجود وليِّها الشرعي، أو ما يوكله هو أو ينوب عنه من محارمها)، وليبعث امرأةً يثق بها تشمُّ رائحتها، وتتحسس جسدها وعرقوبها حتى تتأكد من سلامتها من العيوب.

عن أنس بن مالك أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أراد أن يتزوج امرأةً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((اذهب فانظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما))[1].

• والخاطب حكمه حكم الأجنبي عن المرأة، فلا يجوز لها أن تترك الحجاب أمامه، أو تجلس معه بمفردها، أو تخرج معه وحدها، أو تتحدث إليه عن طريق الهاتف أو النت، وذلك لأن الخطوبة وعد بالزواج فقط، ومرحلة للسؤال والاستفسار عن الأهل وسلوكهم وسمعتهم في الحي وبين الناس.

• والبكر يجب أن تستأذن، والأيم الذي سبق لها الزواج تُستأمر.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تُستأذن))، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت))[2].

• ولا يجوز إكراه الفتاة على شابٍّ لا تريده، ولا إكراه الشاب على فتاة لا يريدها، فهذا يؤدِّي في الغالب إلى فشل الحياة الزوجية وكثرة المشاكل.

فليس للآباء حقٌّ في ذلك إلا تقديم النصح والحماية لوليَّته، وعلى البنت الصالحة قَبول النصح من الوالدين والأولياء؛ لكونهم أكثر خبرة في الحياة، وأشد الناس حرصًا على مصلحتها وما فيه خيرها.

• ومن العجب أشد العجب أن تتأثَّر الأُمَّة بما عند الغرب من انحلال وتفسُّخ، فتخرج البنت مع الولد بحجَّة التعارف والتآلف، أو بحجَّة الصحبة والزمالة، وتبدأ الفوارق بينهما في الذوبان، ولا تعرف حدود التعامل مع ما هو مَحْرَم لها أو غير محرم.

وتبدأ في التنازل شيئًا فشيئًا لمن لا يستحقُّ، أو من ليس أهلًا لها، ويكون ذلك بعيدًا عن رقابة الأهل الأمناء الناصحين لها، وفي واقع إيمانيٍّ ضعيف لا يرعى لله تعالى حُرمة، ولا رقابة عليهم؛ فيحدث ما لا يُحمَد عقباه، وقد يتحوَّل هذا الصديق أو الخاطب الوهميُّ صاحب الوعود الوهمية - (دون أن يكون لديه الاستعداد وإمكانيات الزواج) - إلى ذئب لا يعرف الوفاء ولا الوعود التي قطعها على نفسه، وذلك بعد أن تركها في سمعةٍ هي إلى السوء أقرب، وحطَّم آمالها ومستقبلها[3].

• ويستحبُّ الدخول بالنساء في شهر شوال من العام الهجري، لقول عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوَّجني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني؟»، قال: «وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال»[4]، والزواج مباح في كل أشهر العام.

• إعلان النكاح: ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف الخالي من القطع النحاسية، مع عدم ظهور الأصوات وارتفاعها حتى لا يسمع الرجال؛ لأن ظهور أصوات النساء في الغناء عند الأفراح في حضور الرجال غير المحارم، منكر لا يجوز للرجال سماعه.

عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأةً إلى رجلٍ من الأنصار، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو))[5]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فصل بين الحلال والحرام، الدف والصوت في النكاح))[6].

ويحرم الغناء الذي فيه اللغو والآلات الموسيقية، سواء حقيقة، أو في أشرطة مسجلة، أو بـ(دي جي)، وتزداد الحرمة على مَن يستخدم مكبِّرات الصوت بدرجة مؤذية، وخاصة بالقرب من الأماكن السكنية؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [لقمان: 6].

قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنه: «لَهو الحديث هو الغناء»، وحلف ابن مسعود رضي الله عنه على ذلك ثلاث مرات.

وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلُّون الحِرَ والحرير، والخمر والمعازف))[7].

• واتفق الجمهور على تحريم الغناء وتحريم بيعه وشرائه؛ فهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل؛ كما قال الإمام أحمد رحمه الله.

وقال الإمام مالك رحمه الله لما سئل عنه، قال: إنما يفعله الفسَّاق عندنا.

• والغناء حرام إذا صاحَبَه آلات اللهو والآلات الموسيقية، أو كان بصوتِ امرأةٍ في حضور الرجال، أو كان داعيًا للهوى والحرام.

• وكل ذلك يوضع في ميزان السيئات يوم القيامة، ومن يفعله اليوم معروف بالفسق والفجور وشرب الخمور، علاوة على الاستهزاء بالله ورسوله وآياته والسخرية من المؤمنين، وهذا واضح وجليٌّ في كلامهم وأغانيهم.

• أما إذا كان الغناء بكلامٍ صحيح يوحي بمعاني الرجولة والشهامة، ويحثُّ على مكارم الأخلاق والفضيلة، ويدعو إلى التوحيد والعقيدة، ويحثُّ على الجهاد وحماية العقيدة، والدفاع عن الوطن، وبدون آلات الطرَب - فهذا لا شك في إباحته وجوازه.

كقول القائل:

شبابَ الإله هُداةَ الشباب تعالَوا تعالَوا لفصلِ الخطاب أهاب النبي ونادى الكتاب فطوبى لعبدٍ دعا واستجاب إلى الله ندعو إليه المآبُ إلى الله ربِّ الورى وحْده إلى الربِّ لا مُرتجى بعده إلى الحقِّ نَسأله وُدَّه إلى المصطفى نَجتلي عهدَه إلى الحرم الطهر نَرجو الثواب

وكمن يتغنَّى بالمتون في طلب العلم، كمنظومة: «سلم الوصول في علم التوحيد»، وكمن يتغنَّى بألفية ابن مالك، وكمن يتغنَّى بمتون الحديث كألفية الحديث للسيوطي.

• وأبدع وأحلى من ذلك كله: من شرح الله صدره، ومَنَّ عليه بتعلُّم تجويد وترتيل القرآن الكريم، وانشغل بتدبُّره وتفسيره والعمل به، وقتها سيجد في قلبه من الحلاوة والطلاوة والسعادة والمتعة ما يحتقر معها أيَّ شيء آخر من الغناء والأناشيد واللهو المحرَّم.

ولقد حثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: ((ليس منا من لم يتغَنَّ بالقرآن))[8].

والذي يتغنى بالقرآن قد ارتقى وارتفع، فأنَّى له أن يهبط بنفسه إلى الدنايا، ويضعها في أماكن الرذيلة وبين السكارى؟!

• والتصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية، والرجل المسلم منهيٌّ عن التشبُّه بالكَفَرة، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ﴾ [الأنفال: 35]، والمكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق.

والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يُعجبه أن يقول: (سبحان الله)، أو (الله أكبر)، كما صحَّ ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ويشرع التصفيق للنساء خاصةً إذا نابهن شيء في الصلاة، والرجال التسبيح.

يعلم من ذلك أن التصفيق للرجال غير جائز لِمَا فيه من تشبُّهٍ بالكفرة وبالنساء.

• ومن البلاء ما عمَّت به البلوى من رقص الرجال والشباب في الشوارع والطرقات تحت أصوات الـ (دي جي)، ومشاركة النساء، والخروج ليس على حدود الشرع فحسب، بل التنكُّر للقيم والحِشْمة والوقار، وتحويل الفرح بالطاعة بآية الله تعالى المقدسة في النكاح إلى معاصٍ ولهوٍ وعبث ورقص، وربما شُرِبت الخمور، فهل هذا فرح بفضل الله ورحمته وشكره، أم هو من فرح قارون لما قال له قومه: ﴿ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76]، ويكثرون من ذلك يوم الخطوبة، وعند العقد، وعند إعداد الفرش، وليلة الحِنَّة، وليلة البناء، كأنهم يحصدون السيئاتِ حصدًا، فبدلًا من أن يُبنى البيتُ الجديد على التقوى، جعلوا لَبِنَات البناء من المعاصي والسيئات، ولا حول ولا قوة إلا بالله!