• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإسلام يحافظ على الكيان الأُسري
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثالثة عشرة: التسامح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تربية الأبناء في عصر "الشاشة" كيف نربي طفلا لا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تطوعي نجاحي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

مفتاح خزائن العلم

مفتاح خزائن العلم
عماد سمير عبدالسلام نايل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/1/2016 ميلادي - 23/3/1437 هجري

الزيارات: 22386

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مفتاح خزائن العلم


هل يمكنُ للإنسان أن يستغنيَ عن السؤال في كلِّ مجالات حياته من تعليم أو تعلُّم، أو أخذٍ أو عطاء، أو أيِّ اتصال بينَه وبين الآخرين، وخاصة إذا تصدَّر للدعوة أو الإرشاد، أو التعليم، أو التدريب، أو الاحتكاك بالناس، أو التواصل مع الجماهير؟ وهل يحتلُّ السؤال منزلةً عُظْمى في حياة طلاب العلم خاصة، وفي حياة البشر عمومًا؟

 

والإجابة: نعم، فبالسؤال تُستجلَبُ المصالحُ، وتحصل المنافعُ، وبالسؤال تَنجذِبُ القلوب، وتَنفتِحُ خزائنُ العلوم، وتَنقطِعُ أسبابُ الجهل، والسؤالُ أسلوبٌ ربَّاني كَثُر في كتاب الله عز وجل، وكَثُر في سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعظَّم اللهُ شأن السؤال باستخدامه بكثرة في كتابه العظيم؛ ولذا فإننا ينبغي أن نُعظِّم ما عظَّم اللهُ من شأن السؤال، ومن أرادَ الفصاحةَ والبلاغة، كان للسؤال في حديثه وكتاباته مكان الصَّدارَةِ.

 

فبالسؤال دعا يوسف رفقاءَ السجن إلى التوحيد الخالص: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [يوسف: 39].

 

وبالسؤال تلطَّف موسى وتوسَّل ليُصاحب الخِضْر في رحلته، ويطلب العلم على يديه: ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66].

 

وبالسؤال تلطَّف الضعفاء مع ذي القرنين؛ حتى يبني لهم سدًّا يحميهم من أعدائهم: ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94].

 

وبالسؤال أقام اللهُ الحجةَ على إبليس قبل أن يلعنَه ويطردَه، ويجعلَه شيطانًا رجيمًا: ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾ [ص: 75].

 

وبالسؤال تعجَّب الهُدهد من ضلال البشر وسجودِهم للشمس، وعدم سجودهم لله ربِّ العالمين: ﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [النمل: 25، 26].

 

وبالسؤال وبَّخ الله أهلَ الكتاب؛ لأخذهم بعضَ الكتاب وتركهم لبعضه: ﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].

 

ويأمر الله خيرَ خلقِه باستخدام السؤال كمنهجٍ دعويٍّ يستخرج به إقرار قومِه أن الله هو الخالق القدير، وأن من سواه لا يملك من الأمر شيئًا: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38].

 

وبالسؤال عاتب اللهُ خيرَ خلقِه محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [التوبة: 43].

 

وبالسؤال بدأتْ دعوةُ الإسلام الجهريَّة بينَ أهل مكة حين نادى الرسولُ صلى الله عليه وسلم على بطون قريش وأهل مكة وزعمائِها، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، صَعد النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فِهرٍ، يا بني عدِيٍّ - لبطون قريش - حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يَستطِعْ أن يَخرجَ أرسل رسولًا؛ لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: ((أَرأيْتَكم لو أخبرتُكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تُغِيرَ عليكم، أكنتم مُصدقيَّ؟))، قالوا: نعم؛ ما جرَّبْنا عليك إلا صدقًا، قال: ((فإني نذيرٌ لكم بين يدَيْ عذابٍ شديدٍ))، فقال أبو لهب: تبًّا لك سائرَ اليوم! ألهذا جمعتَنا؟! فنزلت: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [المسد: 1، 2]؛ البخاري.

 

وبالسؤال يُغيِّر النبي صلى الله عليه وسلم قَناعات إعرابيٍّ جاء يرمي امرأتَه بالزنا، فلم يَزِدْ على أن سأله بضعةَ أسئلة قادته للحقيقة؛ فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا من أهل البادية أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولَدَتْ على فراشي غلامًا أسود، وإنَّا أهلُ بيتٍ لم يكن فينا أسودُ قطُّ؟! قال: ((هل لك من إبلٍ؟))، قال: نعم، قال: ((فما ألوانها؟))، قال: حُمْرٌ، قال: ((هل فيها أسود؟))، قال: لا، قال: ((فيها أَوْرَق؟))، قال: نعم، قال: ((فأنَّى كان ذلك؟))، قال: عسى أن يكون نَزَعَه عِرْقٌ، قال: ((فلعلَّ ابنَك هذا نَزَعَه عِرْق))؛ صحيح ابن ماجه، الصفحة: 1642، خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح.

 

وبالسؤال يُعالِجُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم طيشَ الشباب وعنفوانَ الجرأةِ، وقوَّة التمرُّد، فعن أبي أمامة قال: "إن فتًى شابًّا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القومُ عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ! فقال: ((ادْنُهْ))، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: ((أتحبُّه لأمِّك؟))، قال: لا والله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناسُ يُحبُّونه لأمهاتهم))، قال: ((أفتحبُّه لابنتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناس يُحبُّونه لبناتهم))، قال: ((أفتحبُّه لأختك؟))، قال: لا والله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناس يُحبُّونه لأخواتهم))، قال: ((أفتُحبُّه لعمَّتِك؟))، قال: لا واللهِ جعلني اللهُ فداءك، قال: ((ولا الناس يُحبُّونه لعمَّاتهم))، قال: ((أفتُحبُّه لخالتك؟))، قال: لا والله جعلني اللهُ فداءك، قال: ((ولا الناس يُحبُّونه لخالاتِهم))، قال: فوضع يده عليه، وقال: ((اللهم اغفَرْ ذنبَه، و طَهِّرْ قلبَه، وحصِّنْ فرجَه))، فلم يكن بعد ذلك الفتى يَلتفتُ إلى شيء"؛ أخرجه أحمد (5/ 256 - 257).

 

مما سبق يبدو بجلاءٍ ووضوح أهميةُ السؤال عمومًا، وأنه لو أُحسِن استغلاله، ووُظِّف بشكله الصحيح، لكان سبيلًا لكل مراقي العلم والعُلا، ومدارجِ الكمالِ، وحُسْن الخُلق.

 

قال سابق البربري:

وقد يَقتلُ الجهلَ السؤالُ ويشتفي
إذا عاين الأمرَ المُهمَّ المُعاينُ
وفي البحث قِدْمًا والسؤالِ لذي العَمَى
شفاءٌ، وأشفى منهما ما تعاينُ

 

إن السؤال الآن أصبح علمًا بحدِّ ذاته، له أسسُه وقواعدُه وأُطُرُه، بل أصبح السؤال فنًّا تُؤخَذُ فيه الدورات، وتُؤسَّس عليه المعاملات.

 

وصار الإنسانُ المتسائل هو مشروعَ عالمٍ، وأساس مبدع، وشروعًا في قائد فذٍّ لا يُشقُّ له غُبار.

وبالسؤالِ يُستدلُّ على عقلِ العقلاء، وذكاء الأذكياء، بل به يُستدلُّ على بلاهة البلهاء،

بل بالسؤال تُحلَّل الشخصيات، وتبدو الاهتمامات؛ فبإمكانك الآن أن تقول: (مِن أسئلتهم تعرفونهم).

 

منزلة السؤال عند العلماء:

ولكن السؤال الذي يطرحُ نفسَه بعد ذلك: هل كان للسؤال قدر ومنزلة عند أسلافنا وعلمائنا؟

 

والإجابة: نعم، لقد اهتمَّ سلفنا الصالح بالأسئلة، وعَدُّوها من أهم وسائل تحصيل العلم؛ حتى إن الحافظ أبا عمر بن عبدالبرِّ في كتابه: "جامع بيان العلم وفضله" أَفْردَ بابًا بعنوان: "بابُ حَمْدِ السؤال والإلحاح في طلب العلم"، وافتَتحه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إنما شفاءُ العيِّ السؤالُ))، والعيُّ: هو الجهل، ثم ساق حديث عائشة رضي الله عنها، الذي أخرجه مسلمٌ وأبو داود وغيرهما: "نِعْمَ النساءُ نساءُ الأنصار؛ لم يكن يمنعُهنَّ الحياءُ أن يَسأَلْنَ عن الدِّين، وأن يتفقَّهْن فيه".

 

والأسئلةُ مهمةٌ للتفكير؛ فإن بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن الإنسانَ يتذكَّرُ بعد شهر ثلاثةَ عشرَ في المائة من عناصر المعلومات التي تلقَّاها عن طريق السمع، وخمسةً وسبعين في المائة من التي تلقاها عن طريق السَّمْع والبصر، وخمسةً وتسعين في المائة من التي تلقَّاها عن طريق الحوار وطرح الأسئلة.

 

هل نال السؤال منزلةً عند السلف؟

نعم، نال السؤال منزلةً سامقة عند السلف، وقد ساق الإمام ابن عبدالبرِّ نصوصًا كثيرة من كلام السلف في أهمية السؤال، منها: ما ورد عن معاويةَ بن أبي سفيان رضي الله عنهما: أنه دعا دَغْفَلًا النَّسَّابة، فسأله عن العربيَّة، وسأله عن أنساب الناس، وسأله عن النجوم؛ فإذا رجلٌ عالم، قال: من أين حفظتَ هذا؟ قال: "حفظتُ هذا بقلبٍ عَقُول، ولسانٍ سَؤول".

 

وثَبَت عن الإمام الحافظ محمد بن شهابٍ الزهريِّ أنه قال: "إن هذا العلمَ خزائن، وتَفتحُها المسألةُ"، وفي روايةٍ أخرى عنه قال: "العلمُ خزائنُ، ومفاتيحُها السؤالُ".

 

ومما ورد عن السلف في فضل السؤال وأهميته ما جاء عن وَهْبٍ بن منبِّه، وسليمان بن يَسار، وهما من علماء التابعين، أنهما قالا: حُسْنُ المسألة نصفُ العلم؛ وذلك لأن السؤالَ الذَّكيَّ الدقيقَ الواضح، يُسهِّل الوصول للإجابة.

 

وعن الخليل بن أحمد الفراهيدي أنه قال: "العلومُ أَقْفال، والسؤالات مفاتيحُها"، وقال أيضًا: "ولا تَجزَعْ بتفريع السؤال؛ فإنه يُنبِّهك على علمِ ما لم تَعْلَمْ".

 

وهذه الكلمة يجب أن تحظى بعنايتنا؛ فهي من كلام رجلٍ عبقريٍّ عُرِف بالتفكير الإبداعي؛ فهو واضعُ علم العَروضِ، وهو الذي ضبط قواعدَ النحو، وألَّف أقدمَ مُعجمٍ في اللغة العربية، يُخبِرُنا هذا العبقري بأن العلوم أَقْفالٌ لا يفتحها إلا السؤال، ثم ينصح طلبةَ العلم ويقول: لا تَجزعوا من تفريع الأسئلة وتنويعِها، والإكثار منها؛ فإن ذلك يقودُكم للوقوف على علمِ ما لم تَعلَموا.

 

وسُئل الأصمعي - وهو من علماء العربية المشهورين -: بِمَ نِلْتَ ما نِلْتَ؟ قال: "بكثرة السؤال، وتلقُّفِ الحكمة الشَّرُود".

 

وقال الإمام ابن القيم: "من أهمِّ مراتب العلم حسنُ السؤال"، وبيَّن رحمه الله أن من الناس من يُحرَم العلم؛ لعدم حسن سؤالِه، إما لأنه: لا يسألُ بحالٍ، أو يسأل عن شيءٍ لا أهميةَ له؛ كما يسألُ عن فضول العلم التي لا يضرُّ جهلُه بها، ويدعُ ما لا غنى له عن معرفته؛ كحال كثيرٍ من الجهال المُتعالِمين.

 

ويرى الحافظ ابن حجر رحمه الله أن العلم سؤالٌ وجواب.

 

فوائدُ الأسئلة وانعكاساتُها على شخصيَّة السائل:

• في إلقاء الأسئلة اكتشافٌ لجوانب مُبهمة في كل موضوع، سعة في الأفق، وزيادة في العقل، وتخلُّصٌ من الجمود.

 

• في تعويد الإنسان على طرح الأسئلة: إثارةٌ للروح العلمية، وتدرُّبٌ على أساليب النقاش، ونموٌّ لمَلَكات النقد والتحليل، وهذا يسهم في رُقيِّ التفكير، ونموِّ العقل، وشَحْذِ الذِّهْن، وتقوية الحجة والبيان، والثَّقة بالنفس.

 

• ومن فوائد التعوُّد على طرح الأسئلة: التشجيعُ على حبِّ الفضول، والرغبة في الاكتشاف، مما يساعد على زيادة الاطِّلاع، والقراءة والتدبُّر في العلوم.

 

هل طرحُ الأسئلة مهارةٌ يُمكن تعلُّمُها؟

إنما العلم بالتعلم، والتساؤل مهارة علميَّة وعقليَّة يمكن تعلُّمُها، والتدريب عليها، والمثابرة في التعوُّد عليها، حتى تصير مَلَكةً وصفةً لازمة لصاحبها.

 

وطرحُ الأسئلة الجيِّدة يمكن تعلُّمُه بالمثابرة، والصبرِ، والتدريبِ الذاتي المستمرِّ، والجهدُ الذي يتطلَّبُه - بالرغم من ضَخامتِه - له ما يُبرِّرُه.

 

وتعلُّم فنِّ السؤال يهمُّ مَن يريدُ أن يتعلَّم قواعدَ التفكير السليم، ولكنْ من أهم الذين يجبُ عليهم تعلُّمُ ذلك: المُعلِّمون والمعلمات؛ ذلك لأنهم سوف يُسهمون في بناء عقولِ المستقبل المُفكِّرة؛ عقول أبنائِنا وبناتنا، ولن يستطيع المعلِّمون والمعلمات أن يُسهموا في تربية عقولٍ تُحسِنُ التعامل مع متغيِّرات العصر الحديث، إلا إذا عرفوا كيف يُؤسِّسون تلك العقولَ على مهارة التساؤل، وطرحِ الاستفسارات التي هي مِفتاحُ المعرفة.

 

ومن تجاربي الذاتيَّة في تدريس الصف الثالث بالمرحلة الابتدائية أنني صنعتُ بنكًا للأسئلة، عبارة عن صندوقٍ للأسئلة، وكلُّ طالب عليه أن يُلقِيَ في هذا الصندوق سؤالًا في كل يوم، حتى اجتمعَ لنا خلال عامٍ دراسيِّ حوالي ثلاثةِ آلاف سؤالٍ.

 

إن المعلِّمين والمعلِّمات حين يستعملون إستراتيجيَّات السؤال داخل الصف الدراسي بمهارةٍ وعنايةٍ واهتمام، سيَجنُون ثمراتٍ لا حصرَ لها في مستوى التعلُّم والتحصيل والتربية، وستتحوَّل عملية التعلُّم إلى عملية استمتاعٍ مليئةٍ بالتحديات التي تَستَنْفِرُّ العقول إلى التفكير والإبداع.

 

إن فنَّ طرح السؤال أصبح قضيةً عصريَّة شغَلَت كلَّ مَن انخرط في مجال التربية والتعليم، ولا أبالغُ إن قلت: إن السؤال ينبغي أن تُنشَأ له بنوكٌ، وتُقامَ له الأسواق، وتَكْثُر لعرضه المعارض، بحيث إذا احتاج المُربُّون أو المُعلِّمون أسئلةً في كل مجال رجعوا إلى بنوكهم ومعارضهم؛ فحصَّلوا من الأسئلة ما يُحقِّقون به أهدافَهم التعليميَّة والتربوية والتقويميَّة.

 

وينبغي ألا نختمَ هذا الموضوعَ حتى ننوِّه بأن السؤال لكي يؤتيَ أُكُلَه ويُثْمِرَ مردودَه المأمول، ينبغي أن تتوافرَ فيه عدةُ خصائص، منها:

• حسنُ صياغتِه ووضوحه.

• عدم السؤال عمَّا لا تحتاج إليه.

• عدم السؤالِ عن أمر تَعلمُه على سبيل التحدي أو التنقُّص.

 

• أن يختارَ السائلُ أطايبَ الكلامِ عند حديثه مع العالم، فيقول مثلًا: أحسن الله إليك شيخَنا، أو: عندي سؤال بارك الله فيك، أو نحو ذلك.

 

• ألَّا يذكرَ عند السؤال قولَ عالمٍ آخرَ؛ فهذا ليس من الأدب مع العالم.

• عدم تسجيل السؤال والإجابة إلا بإذن مَن تسألُه؛ لأن هذه أمانة.

• الإصغاءُ للإجابة حتى ولو كنت تَعلمُها مُسْبقًا.

• عدمُ السؤال عن شيءٍ تسوءُك إجابتُه.

• عدمُ السؤالِ عن شيءٍ تجلُبُ إجابتُه المَشقَّةَ والعَنَت لك وللآخرين.

• الصبرُ على جفاءِ المُعلِّم أو العالمِ إن كان من طبعه الجفاءُ؛ حرصًا على تحصيل العلم.

 

وكل نَهْيٍ عن السؤال في القرآن أو السنة، فهو نَهْيٌ عن أسئلة لم تستوفِ شروطَها؛ فتسبب الحرجَ والعَنَتَ والمَشقَّةَ، والله أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المفتاح
  • كن مفتاحا للخير
  • مفتاح السعادة
  • شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (1)

مختارات من الشبكة

  • أعطيت مفاتيح خزائن الأرض(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة العلم خزائن ومفتاحها السؤال (رسالة في معنى ألقى الشيطان في أمنيته)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاتيح الخير ومفاتيح الشر فمن أيهما نحن؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نماذج من خزائن كتب أهل العلم (1) خزانة تقي الدين السبكي (ت756هـ)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفاتيح القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: احتواء كتابه على الكتب السابقة، وجعله من أهم العبادات، وإعطاؤه خزائن الأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في خزائن المخطوطات(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب