إستراتيجية الصفة المضافة: عقبات الفهم والتطبيق وتذليلها

إستراتيجية "الصفة المضافة"

عقبات الفهم والتطبيق وتذليلها

(1)

في مقالي "إستراتيجيات القرائية أدوات التعلم النشط" المنشور في يناير 2015م قلتُ عن الصفة المضافة:

(و - الصفة المضافة:

تعالِج مسألة النَّعت المقيد الدلالة، وهي تتصل بمبحث المطلق والمقيَّد، وتجعل التلميذ يتحكَّم في دلالة كلمة ما بوضع كلمات تالية لها.

مثال: وقف التلميذ.

كلمة "التلميذ" في هذه الجملة تعني كلَّ تلميذ، لكن لو وضَعنا بعده "المتفوِّق" لقَلَّ العدد؛ وهكذا يتمكَّن التلميذ من اللعب بالدلالة سعة وضيقًا).

وفي مقالي "الفلسفة اللغوية لإستراتيجيات القرائية الخاصة بالصوتيات والمفردات" المنشور في مارس 2015م قلت عنها:

(ز - الصِّفة المضافة؛ أي: التلاعب بالدلالة:

الصِّفة المضافة تعالج مسألةَ النَّعت التي سيدرسها التلميذ في صفِّه السادس الابتدائي، وهي تتَّصل أصوليًّا بمبحث المطلق والمقيد، وتجعل التلميذ يتحكَّم في دلالة كلمة ما بوضع كلمات تالية لها.

مثال: وقف التلميذ.

كلمة "التلميذ" في هذه الجملة تعني كلَّ تلميذ، لكن لو وضعنا بعده "المتفوِّق" لقلَّ العدد؛ وهكذا يتمكَّن التلميذ من اللعب بالدلالة سعة وضيقًا).

وهأنذا أعيد القولَ فيها بعد اختلافي إلى الأدلَّة الإرشادية بشأنها بعد تجربتي الواقعيَّة التي أوقفَتْني على العقبات والصعاب التي تعايش المعلِّمين ولا تراعيها الأدلَّة؛ فيولد الوهم والاضطراب الذهني والعملي.

ما هذه التجربة؟

لقد أردتُ الوقوفَ على ما عند عيِّنة من المعلمين بلغَتْ أحدَ عَشَرَ معلِّمًا، فوضعتُ سؤالًا واحدًا، ثم أدرجتُ جملًا ثمانية ليجيب المعلِّمون عن السؤال من خلالها.

ما السؤال؟

كان السؤال: أي الأمثلة الآتية ينتمي إلى إستراتيجية "الصفة المضافة"؟ ولماذا؟

وماذا كانت الاختيارات؟

كانت على وَفْقِ الجدول التالي:

وماذا كانت النتيجة؟

كانت نتيجة واقعية تعبِّر عن ضعف ما يصِل إلى المعلِّمين من تدريب، لا لضعفٍ في التدريب؛ بل لنقص في مادَّته التي تتجاهل مواد مؤسَّسة لغويًّا لهذه الإستراتيجية يجب أن يبدأ التدريب بها.

كيف؟

أهمل الجميع الاختيارَ الأول على الرغم من صحَّته، واختار البعض الذي لم يبلغ الثلث الاختيار الثاني، ولم يختر الرابعَ إلَّا واحد، ولم يختر السادسَ إلَّا ثلاثة، وكانت جلُّ الاختيارات في الثالث والخامس والسابع.

ولك أن تسأل: لماذا لا تتَّضح الصِّفة في أذهان المعلِّمين؟ ولِمَ يدخلونها في الحال والخبر؟

إنك إن أردتَ أن تعرف سبب هذا الاضطراب فإنه سهل ميسور.

ما هو؟

إنه عدم الشرح والإفهام.

كيف؟

تكتفي الأدلَّة الإرشادية بالتمثيل فقط؛ أي: تخاطب المعلِّم وكأنَّ المقدِّمات التأسيسية حاضرة في ذهنه، فتبني عليها، وما هي في ذهنه؛ فيحدث الخلَل والاضطراب، وهذا ما يحدث في الدورات التدريبية التي تُحاكي الأدلَّةَ الإرشاديَّة في المادة والإجراءات.

يحدث كلُّ هذا على الرغم من أن هذه الإستراتيجية تدرس النَّعت الذي لا بدَّ له من مقدمة لغوية عن المعرفة والنكرة؛ لأنها التأسيس النظري والعلمي لهذه الإستراتيجية، ولولاها ما فهمت هذه الإستراتيجية.

فهل تراعي الأدلَّةُ الإرشادية ذلك؟

لا.

كيف؟

(2)

لم تتناول الأدلَّةُ الإرشادية الصِّفَةَ المضافة إلَّا من الصف الثالث، فتناولها الدليل الإرشادي للصف الثالث الابتدائي، الفصل الدراسي الأول، سبتمبر 2014م، ص 44، وص 45 - مرَّة واحدة، وتناولها الدليل الإرشادي للصفِّ الرابع الابتدائي، الفصل الدراسي الأول، سبتمبر 2014م - ثلاث مرَّات؛ مرتين شرحًا، وثالثة إحالة، وتناولها دليل الصف الرابع، الفصل الدراسي الثاني يناير 2015م - مرَّةً واحدة ص 20 وص 21.

وسأقتصر هنا على نقل مرَّة دليل الصف الثالث الواحدة ص 44 وص 45، ومرة الصف الرابع في فصله الدراسي الثاني ص 20 وص 21 - كالتالي:

أولًا: دليل الثالث الابتدائي ص 44 وص 45:

[المفردات - إستراتيجية الصفة المضافة:

الهدف: أن يقدِّم التلميذ كلمة واحدة تصف كلمةً أخرى في الجملة لتكون أكثر تحديدًا.

التهيئة: المعلِّم: اليوم سنتعلَّم كيف نضيف كلمة جديدة (صِفة) إلى الجملة فتصبح أكثر تحديدًا.

النموذج: يكتب المعلِّم الجملةَ على السَّبُّورة جملة، وهي: (شاهدتُ المعالم على أرض مصر)، ويضع خطًّا تحت كلمة (المعالم)، يقرأ المعلِّم الجملةَ، ويضيف بعض الصفات لكلمة (المعالم)، مثل: (السياحية، التاريخية، الأثرية، الدينية...)، يكتب المعلِّم الجملةَ بعد اختيار أنسب الصِّفات، مثل: (شاهدت المعالم السياحية على أرض مصر).

الممارسة الموجهة: يكتب المعلِّم جملةً أخرى: (النِّيل يجري على أرض مصر)، ويضع خطًّا تحت كلمة النيل، يقول المعلِّم للتلاميذ: تعالوا نفكِّر في صِفة نضيفها إلى كلمة النيل لتكون أكثر تحديدًا، ويستمع المعلِّم لاستجابات التلاميذ ويوجهها، ثم يدوِّن المعلِّمُ الاستجابات المناسبة: (الكبير، الواسع، النظيف، الجميل...)، ثم يكتب المعلِّمُ الجملةَ بعد اختيار أنسب هذه الصفات: (النيل الجميل يجري على أرض مصر).

الممارسة المستقلَّة: يكتب المعلِّم جملةً جديدة على السبورة: (عندما ترى هذا المكان تشعر بالراحة والاطمئنان)، ويضع خطًّا تحت كلمة (المكان)، ثمَّ يطلب من التلاميذ إضافة صِفة إلى كلمة (المكان)؛ لتصبح أكثر تحديدًا، ثم يذكر التلاميذ الكلمات التي توصَّلوا إليها، ومن المتوقَّع أن تكون: (الجميل، الرائع، الجديد، البعيد)، ثمَّ يطلب المعلِّم من التلاميذ كتابة الجملة في كراساتهم بعد إضافة الصِّفة التي تجعلها أكثر تحديدًا.

التطبيق: يعرض المعلِّم جملةً جديدة: (أحبُّ مصر وطني)، ثم يطلب من التلاميذ إضافة بعض الصفات لكلمة (وطني)، يذكر التلاميذ الكلمات التي توصَّلوا إليها، ومن المتوقَّع أن تكون: (الجميل، العظيم، الجديد، المشرق)، يطلب المعلِّم من التلاميذ كتابة الجملة في كراساتهم بعد إضافة الصِّفة المناسبة التي تجعل الكلمة أكثر تحديدًا.

ثانيًا: دليل الصف الرابع، يناير 2015م، ص 20 وص 21، وقد احتوى خطأ في "الممارسة الموجهة"؛ فقد أورد خبرًا وهو يتحدَّث عن صفة - كما سنرى:

[المفردات - إستراتيجية الصفة المضافة:

"الهدف: أن يقدِّم التلاميذ كلمةً واحدة تصف كلمةً أخرى في الجملة لتكون أكثر تحديدًا.

التهيئة: المعلِّم: اليوم سنتعلَّم كيف نضيف كلمة جديدة (صِفة) إلى الجملة فتصبح أكثر تحديدًا.

النموذج: يكتب المعلِّم على السبورة جملة: (الحوت الأزرق حيوان)، ويضع خطًّا تحت كلمة (حيوان)، ثمَّ يقرأ الجملة، ويضيف بعض الصِّفات التي تحدِّد كلمة (حيوان)، مثل: (ضخم، كبير، هائل، مخيف...)، ثمَّ يكتب الجملةَ، وبعد اختيار أنسب الصِّفات، مثل: (الحوت الأزرق حيوان ضخم).

الممارسة الموجهة: يكتب المعلم جملةً أخرى (طيور النورس)، ويضع خطًّا تحت كلمة (النورس)، ثم يقول للتلاميذ: تعالوا نفكِّر في صِفة نضيفها إلى كلمة (النورس) لتكون أكثر تحديدًا، ثمَّ يستمع لاستجابات التلاميذ ويوجهها، ثم يدوِّن الاستجابات المناسبة (مفترسة، شجاعة، متهورة، مجازفة، مندفعة، متسرعة...)، ثمَّ يكتب الجملةَ بعد اختيار أنسب هذه الصفات: (طيور النورس شجاعة).

[قلت (فريد): جملة "طيور النورس مندفعة" جملة اسمية من مبتدأ وخبر، ولا نعت فيها].

الممارسة المستقلَّة: يكتب المعلِّم جملةً جديدة على السبورة: (يصاب الحوت بجراح)، ثم يطلب من التلاميذ إضافة صِفة إلى كلمة (بجراح)؛ لتصبح أكثر تحديدًا، يذكر التلاميذ الكلمات التي توصَّلوا إليها، ومن المتوقَّع أن تكون: (كبيرة، مخيفة، دامية، مرعبة)، ثم يَطلب المعلِّم من التلاميذ كتابة الجملة في كراساتهم بعد إضافة الصِّفة المضافة التي تجعلها أكثر تحديدًا: (يُصاب الحوت بجراح دامية).

التطبيق: يعرض المعلِّم جملةً جديدة، ثم يطلب من التلاميذ إضافة بعض الصِّفات لكلمة...، ثمَّ يذكر التلاميذ الكلمات التي توصَّلوا إليها، ومن المتوقَّع أن يكون...، ثم يطلب المعلِّم من التلاميذ كتابةَ الجملة في كراساتهم بعد إضافة الصِّفة المضافة المناسبة التي تجعلها أكثر تحديدًا".

(3)

ولسائل أن يسأل: كيف نؤسس المعلِّمين لغويًّا لفهم هذه الإستراتيجية؟

والجواب يسير؛ بل جدُّ يسير.

كيف؟

إن هذه الإستراتيجية تنهض على أنَّ (المعرفة بعد المعرفة نعت)، وعلى أنَّ (النكرة المنونة بعد النكرة المنونة نعت).

ولهذا السائل أن يسأل: إنَّنا إن أردنا تعليمهم المعرفة والنَّكرةَ فسنستهلك الوقت والجهد، وسيفوتنا مرادنا من الإستراتيجيات القرائية!

ودفع هذه الشبهة يسير بل جد يسير!

كيف؟

إنهم يدرسون المعارَف، لكن تنقصهم معلومة تسميتها بالمعارف.

كيف؟

إنهم يدرسون "الضمائر، وأسماء الإشارة، والاسم الموصول، والمعرف بـ"أل"، والعلَم" في الأنشطة والتدريبات وفي مقرَّر الأساليب، وهذه هي المعارف إضافة إلى النوع السادس الذي هو المضاف إلى واحدٍ مما سبق.

فلو قيل لهم: هذه هي المعارف، وما عداها يكون نكرة، فسيكون شأن هذه الإستراتيجية أيسَر من اليسر تطبيقًا وشرحًا، واستخراجًا وتعليلًا، لا سيما بعد فَهْمهم المضاف.

لِمَهْ؟

لأنَّ كلمة "المضافة" المعقبة "الصِّفة" جعلَتِ البعضَ يتوهَّم أن هذه الإستراتيجية تدخل في باب الإضافة لا باب النعت.