• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

وهم التصحيح التربوي في طبعة 2015 / 2016م في الفصل الثاني من قصة علي مبارك

وهم التصحيح التربوي في طبعة 2015 / 2016م في الفصل الثاني من قصة علي مبارك
فريد البيدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/11/2015 ميلادي - 12/2/1437 هجري

الزيارات: 5834

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وهم التصحيح التربوي في طبعة 2015 / 2016 م

في الفصل الثاني من قصة "علي مبارك"


(1)

أشرتُ في مقالي السابق: "تناقضات الفصل الثاني من قصة علي مبارك المقرر على السادس الابتدائي" إلى أنَّ الفصل الثاني من قصَّة "علي مبارك" المقرَّرة على الصف السادس الابتدائي - هو الفصل الأكثر تناقضًا، والأكثر أخطاء تربويَّة، والأقل أحداثًا؛ واقعًا وفنًّا.

 

وأقرِّر هنا أنَّه يمكن أن يُختصر كله في فقرة تفتتح الفصل الثالث من دون إخلال بالحبكة الفنيَّة ولا البِناء الفنِّي للقصة؛ لذا يَجب أن يحذف من القصَّة في طبعتها القادمة إن شاء الله؛ فمعلوماته قليلة يسيرة، وأخطاؤه التربوية كثيرة كثيرة؛ كما وضَّحتُ في مقالي "تلويث القيم في المخرج التعليمي للقصص التربوي"، وكما سأضيف هنا في هذا المقال.

ولم أنفرِد بذلك، أو يبدو أن ما قلتُه منذ عام مضى قد آتى بعض ثمره.

 

كيف؟

وردَت طبعة 2015 / 2016 م خالية من بعض هذه الأخطاء؛ فقد لحظ مُعِدُّ طبعة 2015 / 2016 م ذلك، فحذف أجزاء متفرِّقة منه كانت قد وردَت في الطَّبعات السَّابقة.

لكن الحذف كان ناقصًا؛ لذا لم تؤتِ محاولة التصحيح التربوي أثرَها المرجو.

 

لِمَ؟

لأنَّ المصحِّح التربوي لم يَحذف كلَّ ما يستحق الحذف، بل كان حذفه انتقائيًّا، فترك فجوات أبقَت الأثر التربوي السيئ.

 

كيف؟

لقد كان الحذف انتقائيًّا غير مستوفٍ كلَّ ما هو غير تربوي، حتى في المواضع التي رآها المصحِّح غير تربوية وحذَفها كما رأى، لكنَّنا سنرى أنَّه حذف منها ولم يحذفها، فبقي السوءُ الذي أراد أن يهرب منه.

ما هي؟


(2)

إنَّ أولها هو الجزء الخاص بهروب "علي مبارك" من البيت، وكان قد ورد في الطَّبعات السابقة في ص 29 و30.

 

ما نصه؟

إنَّه (ولم يسرع الشيخ مبارك إلى تَرضيةِ صغيره وتهدئةِ نفسه، حتى وقع ما خاف منه وخافَت منه الأسرة كلها؛ فقد ذهب الصبي إلى قريته الأولى برنبال دون أن يخبِر أسرته، واتَّجه إلى أخٍ له هناك كان قد عاد إلى برنبال، وأقام معه لعلَّه يقنع والدَه بعدم الذهاب إلى الكتَّاب، فأسرعوا يَبحثون عنه حتى عثر عليه أحدُ إخوته بعد أن طاف بالبلاد يبحث عنه، ولم يزجره ذلك الأخ العاقل، ولم يعاتِبه على تَرك أسرته دون علمها، بل استخدم معه اللِّينَ والملاطفة، ولم يتركه حتى رضي بالعودة معه إلى السماعنة وهو يفكِّر فيما سيصنعه أبوه، وأخوه يلحظ عليه ذلك التفكير، ويطمئِنه، ويخبره بأنَّ أمه وأباه في شوقٍ إليه، ويؤكِّد له أنَّ أباه لن يعاقبه، ولا يودُّ إلَّا أن يعرف منه الطريق الذي يحب أن يسير فيه؛ ليكون رجلًا عظيمًا يقدِّره الناس كلَّ التقدير).

 

ما المخالفة التي رآها المصحِّح التربوي في هذا النصِّ حتى أدَّته إلى حذفه؟

إنَّها الحض على الهروب من البَيت إن لم ينفِّذ الوالدان ما يَرغبه الطِّفل؛ والمصحِّح على صواب فيما رأى وفعل، لكنَّه لم يحذف كلَّ ما يشير إلى هذه الفكرة الخاطئة من الفصل؛ لذا بقي الأمرُ على السوء ذاته.

 

كيف؟

ورد ص24 من طبعة 2015 / 2016 م التي حذف منها النص السابق - فقرة جعلَت فِكرة الهروب تتمثَّل لطفل الصف السادس وتبقى.

 

ما هي؟

إنَّها (لكن الأب العاقل الحكيم أدرك ما في نفس الصبي، وقرأ ما في وجهه من علامات التمرُّد، فخاف أن تُلجئه الشدَّة إلى الهروب، فعاد إلى الهدوء).

 

ماذا ترك المصحِّح التربوي؟

ترك: "وقرأ ما في وجهه من علامات التمرُّد، فخاف أن تُلجئه الشدةُ إلى الهروب".

 

ماذا هنا؟

هنا "علامات التمرُّد، فخاف أن تلجئه الشدة إلى الهروب"، وهي تَحمل الفكرة التي حذف من أجلها الفقرةَ السابقة، وتزيد عليها التمرُّد؛ فَلِمَ تركها؟

لا أدري.

 

(3)

وبعد أن أَثبتنا أنَّ هذا الحذف غير ذي جدوى، نسأل: هل يعيش علي مبارك شدَّةً حقيقية تَستدعي تمردًا وهروبًا؟ أم هل هي شدَّة مَزعومة عند الكاتب؟

والجواب على وَفق أحداث الفصل الثاني يؤكِّد أن الشدَّة الواردة ليسَت شدَّة، بل مراعاة مصلحة الطِّفل الصغير من والده المسؤول عنه، فهل تكون شدَّة الوالد لمصلحة الابن شدَّةً غير تربوية وغير صحيحة، لا سيما أنَّها تأتي في مواقف تستدعيها؟

 

كيف؟

إنَّ أول شدَّة مزعومة يَحكيها الفصل كما يأتي في هذا النصِّ الممتد في ص 22 حتى ص24 من ط 2015 / 2016 م: (فلمَّا ثقلَت عليه العصا، رفض الذهاب إلى الشيخ، ولم يفد معه تهديد أبيه ولا غيره ممَّن كانوا يريدون إرغامَه على الذهاب إلى الكتَّاب، فعاد أبوه يعلِّمه بنفسه، ولمشاغله الكثيرة لم يستطع الإشرافَ الكامل عليه، فانصرف إلى اللعب حتى نسي ما حفظ وما تعلَّم، فحزن أبوه لذلك، ودعاه إليه، وقال له في شدة:

• مِن الغد يا علي تَذهب إلى الشيخ أبي خضر، وتواصِل الذهاب إليه؛ لتتمَّ حفظك وتعليمك، أسمعتَ؟

 

فانفجر الصبيُّ صائحًا في قوة وعزم:

• وأعود مرة أخرى إلى العصا الغليظة، والمعاملة القاسية، وأتعلَّم الخضوعَ والمذلَّة والجبن؟! لا، لن أعود أبدًا إلى ذلك الشيخ.

 

• بل ستعود رغمًا عنك، فلا طريق لك سوى التعليم!

 

وانضمَّ أحد إخوته إلى أبيه يزجر هذا الصبي الجرِيء المتفتِّح العقل، الشجاع، الذي يعلِن رأيَه في صراحة.

 

وتدخَّل الكثيرون ليخيفوه حتى يطيعَ ما يأمره به أبوه، لكنَّه ظلَّ عازمًا على الرفض، والحاضرون كلهم يَنتظرون من أبيه أن يقوم إليه، ويوسعه ضربًا، ولا يتركه حتى يخضع له).

 

وقد سبق بيان تناقض الكاتِب في هذه الأحداث في المقال السابق: (تناقضات الفصل الثاني من قصة علي مبارك المقرَّر على السادس الابتدائي)؛ فقد زعم هنا ثقلَ العصا، لكنَّه أبان في فقرة سابِقة أنَّ الشيخ لم يكن يعاقِب إلَّا المسيء، وهذا شيء غير محذور ولا محظور في التربية.

 

ماذا قال الكاتب؟

قال: "وبعد فترة أدرَك أنَّه يمكن أن يَنجو من شرِّ هذه العصا إذا اجتهد ليتمَّ حفظ القرآن الكريم، وعندئذٍ يترك الكتَّاب".

إذًا، لم يكن هناك ثقل عصا إلَّا إن كان "علي مبارك" ثقيل الفهم والاجتهاد.

إذًا، لا مشكلة لـ"علي مبارك"؛ فلِمَ يلجأ إلى الهروب؟ ولماذا كلُّ هذه الضجَّة التي أعلنها الكاتِب على حدَث تافِه يسير؟

ولماذا لم يَحذف المصحِّح التربويُّ العبارات الخاطئة تربويًّا في هذه الفقرة؟

مثل ماذا؟

مثل: (فانفجر الصبي صائحًا في قوة وعزم).

انفجر الصبيُّ في من؟

 

انفجر في أبيه الذي يريد منه تثبيت حفظه للقرآن الكريم، والذي بيَّن وجهةَ نَظره قبل الأمر في قوله: (من الغد يا علي تَذهب إلى الشيخ أبي خضر، وتواصِل الذهاب إليه؛ لتتمَّ حفظك وتعليمك! أسمعتَ؟).

 

لكن الصبي يَنفجر، ويُعجب الكاتب بهذا الانفجار فيمتدحه بوصفه: "صائحًا في قوة وعزم".

 

"قوة وعزم"؟

هكذا يعلِّم الكاتب تلاميذنا أن ينفجروا في آبائهم إن فعل الآباء أشياء لا تَروق لهم حتى لو كانت في مَصلحتهم، وهكذا أبقى المصحِّح التربويُّ هذه الأشياء ورأى أنَّها غير ذات قِيمة على الرغم من سلبيَّتها الظاهرة تربويًّا.

 

بل لمَّا أعاد الأب قولَه، ووضَّح للابن أنَّه لا سبيل إلَّا سبيل العلم - امتدح الكاتب عنادَ الابن، ورفضه الانصياعَ للوالد ولكلِّ من حوله.

 

كيف؟

اقرأ بقية الحوارية السالفة:

(بل ستَعود رغمًا عنك، فلا طريق لك سوى التعليم!

وانضمَّ أحد إخوته إلى أبيه يزجر هذا الصبي الجريء المتفتِّح العقل، الشجاع الذي يعلِن رأيَه في صراحة.

 

وتدخَّل الكثيرون ليخيفوه حتى يطيعَ ما يأمره به أبوه، لكنَّه ظل عازمًا على الرفض، والحاضرون كلهم يَنتظرون من أبيه أن يقوم إليه، ويوسعه ضربًا، ولا يتركه حتى يخضع له).

 

نجد الكاتِب مُعجبًا أيما إعجاب بهذه الأفعال الصبيانيَّة غير الصحيحة تربويًّا، ويصف صاحبَها بـ "الصبي الجريء المتفتِّح العقل، الشجاع الذي يعلِن رأيَه في صراحة".

 

وأسألُ: لمصلحة مَنْ يَمتدح الكاتب هذه الأفعال غير الصحيحة أخلاقًا وتربية؟

إنَّ هناك إجماعًا من كلِّ الكبار المحيطين بـ "علي مبارك" على سوء تصرُّفه، لكن الكاتب يصوِّبه ويخطِّئهم، وهذا ما يَدعو إلى الدَّهشة!

 

(4)

هذه أول شدَّة، فماذا عن الشدَّة الأخرى المزعومة؟

إنَّها الشدَّة التي جاءت بعد إخفاقه الثاني عندما ترك العملَ مع الكاتِب بعد إخفاقه الأول بعدم تثبيته حفظ القرآن الكريم.

 

وردَت هذه الشدَّة في ص26 إلى ص 29 من ط 2015 / 2016 م، فقال عنها الكاتِب: (... لكن ظنه كان خاطئًا؛ فقد غرَّه المظهرُ، ولم يعلم ما وراءه، فسريعًا ما ظهرَت له الحقيقة المرَّة، فلم يَجد في بيت هذا الرجل الهدوء الذي كان يَنشده، ووجده يموج بالضجَّة؛ لِكثرة عيال الرجل من زوجاته الثلاث، ثمَّ وجده يقتر عليه في الطَّعام فلا يعطيه ما يشبعه، وفي كثير من الليالي يحرمه منه، فيبيت جائعًا، فإذا خرج إلى العمل أخذه معه لا يعلِّمه، بل ليتخذه خادمًا يخدمه مع إهانته.

 

فلم يطِق هذا الجوَّ الكئيب، وعاد إلى أبيه يَشكو إليه هذا الكاتِب المعلم الذي يؤذيه، ولا يستفيد شيئًا منه، فقابل أبوه شكواه بالغضَب الشَّديد منه، وصاح فيه قائلًا:

• اخسأ يا ولد وتأدَّب، ولا تقل هذا عن معلِّمك! إنَّه يعلِّمك ويرشدك.

 

• لكنَّه يا أبي لا يرشدني، ولا يعلِّمني حرفًا ولا غيره، بل يؤذيني ويجيعني، فكيف أصبِر على هذا الحال؟! ولماذا أَكذب وقد اخترتُ بنفسي هذا الطريق الذي ظننت أنه سيجعلني إنسانًا محترمًا؟).

 

ماذا رأينا في هذا النص؟

نجد عجزًا من "علي مبارك" عن التكيُّف مع المجتمع، ونجد أنَّ المجتمع هو المخطئ دائمًا؛ فنجد هنا أن المتعلِّم "علي مبارك" الطفل الصغير (سريعًا ما ظهرت له الحقيقة المرَّة).

 

هكذا "سريعًا"! وكأنَّ المتعلِّم ليس من شِيَمه الصَّبر، وكأنَّ الكاتب يتوقَّع أن المعلِّم سيتفرَّغ لـ "علي مبارك" ويعلِّمه في دورةٍ مكثَّفة في أسبوع أو أسبوعين حتى يعود سريعًا إلى أبيه متعلمًا!

 

ما هذا؟ أهذه أصول تعلُّم الحِرَف قديمًا وحديثًا؟ إنَّنا إلى اليوم نجد من يتعلَّم في الحِرَف؛ كالنجارة والحدادة وغيرها، يَمكث سنوات حتى يُصبح معلِّمًا.

 

وعندما راجعه أبوه مصيبًا في مراجعته، اتَّهم الكاتِب الأبَ بعدم الإدراك في الفقرة التي صدرنا بها الموضوعَ وسوَّغ الهروب ص29: (وفات الشيخَ "مبارك" أن يَقرأ ما في وجه صغيره كما قرأَه في المرة السابقة؛ ليتبيَّن ما فيه من العزم على أمرٍ خطير، ويعرف أنَّ الشِّدَّة لا تفيد، وأنه كان ينبغي أن يرقَّ مع ابنه؛ حتى لا يزيده كراهيةً لِما هو فيه، ويدفعه إلى شيء لا يحبه، ولم يسرِع الشيخُ مبارك إلى تَرضية صغيرِه وتهدئةِ نفسه حتى وقع ما خاف منه وخافَت منه الأسرة كلُّها؛ فقد ذهب الصبيُّ إلى قريته الأولى برنبال دون أن يخبِر أسرتَه...).

 

هكذا كانت الشدَّة الثانية التي أدَّت إلى هروب "علي مبارك"، فهل كانت شدَّة؟ وهل عالجها الكاتِب معالجةً تربوية؟ وهل حذفها المصحِّح التربويُّ في ط 2015 / 2016 م؟

لا.

 

كيف؟

لقد أبقى المصحِّحُ التربوي في ص 29 قول الكاتب: (وفات الشيخَ "مبارك" أن يَقرأ ما في وجه صغيره كما قرأه في المرة السابقة؛ ليتبيَّن ما فيه من العَزم على أمرٍ خطير، ويعرف أنَّ الشدَّة لا تفيد، وأنه كان ينبغي أن يرقَّ مع ابنه؛ حتى لا يزيده كراهية لما هو فيه، ويدفعه إلى شيء لا يحبُّه).

 

ماذا أبقى المصحِّح؟

أبقى (ليتبيَّن ما فيه من العزم على أمرٍ خطير، ويعرف أنَّ الشدَّة لا تفيد، وأنَّه كان ينبغي أن يرقَّ مع ابنه؛ حتى لا يزيده كراهية لِما هو فيه، ويدفعه إلى شيء لا يحبُّه).

 

فإن سأل تلميذ معلِّمَه: ما هذا الأمر الخطير الذي عزم عليه "علي مبارك"؟ وما هذا الشيء الذي لا يحبُّه "علي مبارك"؟ - فبمَ سيجيب المعلِّم؟

إنَّ المعلم لن يجيب.

 

لِمَ؟

لأنَّ المصحِّح حذف الهروبَ، وأبقى هذه الفقرة التي تلَتها الفقرة الآتية التي لا تَحمل توضيحًا ولا جوابًا.

 

ما هي؟

إنَّها: (وكان الشيخ مبارك والأسرة كلها في حيرةٍ شديدة من أمر هذا الصبي، ثمَّ رأوا أخيرًا أن يعرضوا عليه التعليم مرَّةً أخرى باللِّين ما دامَت الشدَّة لا تفيد معه).

 

هكذا وردَت هذه الفقرة خاليةً من إجابة السؤال المتوقَّع إثارتُه، وخالية من تَوضيح غموض الأمر الخطير والشيء الذي لا يحبُّه؛ فلماذا أبقاها المصحِّح؟

 

لا أدري سببًا مفيدًا يسوِّغ هذا التناقض في هذا الفصل من الكاتِب، ولا ذاك التَّناقض في الحذف والإبقاء من المصحِّح لا سيما أنَّه حذف جملة: (فلمَّا حضر مع أخيه، لم يُظهروا له الغضب) اتساقًا مع ما حُذِفَ.

 

(5)

ولم يكن هذا التناقض مقصورًا على هذا الحذف فقط، بل امتدَّ إلى الحذف الثاني في هذا الفصل.

 

ما هو؟

لقد حذف المصحِّح كلمتي "السب والشَّتم" من موضعين:

الموضع الأول: ورد بصيغة ضمير الغائب في الطبعات السابقة عن 2015 / 2016 ص 27 الفقرة الثانية: (إذا خرج إلى العمل أخذه معه لا يعلِّمه، بل ليتَّخذه خادمًا يخدمه مع إهانته وسبِّه وشتمه)، ووردَت في ط 2015 / 2016 في الصفحة نفسها والفقرة ذاتها خالية من "سبِّه وشتمه": (إذا خرج إلى العمل أخذه معه لا يعلِّمه، بل ليتخذه خادمًا يخدمه مع إهانته).

 

الموضع الآخر: ورد بصيغة ضمير المتكلِّم في الفقرة الثالثة ص 31 الطبعات السابقة عن 2015 / 2016: (فصاح في مرارةٍ: صدِّقوني أيها الناس! لا فائدة من تعليمي بهذا الشَّكل؛ فلم أستفِد من المعلِّم الأول، ولم ألقَ سوى الضَّرب والإهانة والسب والشتم)، فوردَت الفقرة الخامسة ص 29 في طبعة 2015 / 2016 م خاليةً منهما منتهية عند كلمة "والإهانة": (فصاح في مرارة: صدِّقوني أيها الناس! لا فائدة من تعليمي بهذا الشكل؛ فلم أستفِد من المعلِّم الأول، ولم ألقَ سوى الضرب والإهانة).

 

لماذا حذف المصحِّح كلمتي "السب والشتم"؟

يبدو أنَّه يريد تنقيةَ قاموس التلاميذ منهما، أو يَبدو أنَّه رآهما غير ملائمتين تربويًّا، أو يبدو... إلخ.

 

لماذا "يبدو"؟

لأنَّ غرض الحذف غير واضح.

 

لماذا؟

لأنَّ المصحح أبقى كلمةَ "السب" ذاتها في ص 21 من طبعة 2015 / 2016 التي حذفها منها في ص 29.

 

كيف؟

ورد ص21: (وبعد فترةٍ أدرك أنه يمكن أن ينجو من شرِّ هذه العصا إذا اجتهد ليتمَّ حفظ القرآن الكريم، وعندئذٍ يَترك الكتَّاب، ويبعد عن صاحبه الذي يَقسو على تلاميذه بالضرب والسبِّ والإهانة).

 

ما الفرق بين كلمة السبِّ في هذه الفقرة الواردة ص 21 وبين كلمة السب الواردة في الفقرة الخامسة ص 29، حتى يَحذفها المصحِّح من ص 29 ويبقيها في ص21؟

 

لا فرق؛ فهما كلمة واحدة، لها الدلالة ذاتها، وكلا السياقين مصحوب بكلمة "الإهانة"؛ فلماذا حذفها من سياقٍ وأبقاها في آخر؟

سؤال لن نجد له جوابًا مفيدًا.

 

(6)

ولم يكن هذا كل شيء في هذا الحذف الذي صار حذفًا مركبًا كسابقه.

 

كيف؟

لقد حذف المصحِّح كلمةَ السبِّ، لكنه أبقى السبَّ نفسه.

 

كيف؟

لقد سبَّ الكاتِب الشيخ أبا خضر في الفقرة الأولى من ص 21 في طبعة 2015 / 2016 وما قبلها.

 

كيف؟

قال الكاتب: (عندما ذهب الصبيُّ إلى الشيخ أبي خضر في كُتَّابه وجده كاشر الوجه، قاسي الطَّبع، بجانبه عصا غليظة يَنظر إليها أولادُ الكتَّاب في خوف شديد، فملكه الرعب، ثمَّ ازداد ما به من الفزع وهو يرى تلك العصا تهوي على جسد بعض أولئك الأولاد لأتفه الأسباب).

 

إنَّ المصحِّح التربوي أغفل هذه الصِّفات الذَّميمة في الشيخ التي هي سبٌّ واضح للشيخ، وحذف كلمة السبِّ! لقد أبقى "كاشر الوجه، قاسي الطبع... تهوي على جسد بعض أولئك الأولاد لأتفه الأسباب"، وحذف كلمة "السب والشتم"! أبقى التشويهَ الجسدي والنَّفسي، ووصف الشيخَ بالسَّفه الذي يَدفعه إلى ضرب التلاميذ لأتفَه الأسباب، وحذف كلمتي السب والشتم.

 

(7)

هذا فيما يتَّصل بالحذفين السابقين، فماذا عن الحذف الثالث؟

لقد كان الحذف الثالث كالحذف الثاني.

 

في أي شيء؟

في حذف الكلمة المرفوضة من موضعٍ، وتركها في موضع آخر.

 

كيف؟

وردَت الفقرة الآتية في طبعات ما قبل 2015 / 2016 م ص 27 رابعة: (فقابل أبوه شكواه بالغضَب الشَّديد منه، وصاح فيه قائلًا في قسوة...).

 

ماذا حذف المصحِّح التربوي؟

حذف كلمة "قسوة" فجاءت الفقرة في ط 2015 / 2016 م في ص 27 رابعة خالية من كلمة القسوة: (فقابل أبوه شكواه بالغضب الشديد منه، وصاح فيه قائلًا).

 

لِمَ حذف المصحِّح التربوي كلمةَ "القسوة"؟

يبدو أنَّه رأى أنَّها تعلِّم التلاميذَ القسوة، فأراد ألَّا يُبقيها قبالة أعينهم عندما يقرؤون القصَّةَ، فعل ذلك على الرغم من أنَّ القسوة ليسَت سيئة في كلِّ المواضع؛ فإن جاءت في موضعها فهي مَحمودة؛ يقول الشاعر:

وقسا ليَزدَجروا ومن يَكُ حازمًا ♦♦♦ فليَقسُ أحيانًا على مَن يَرحمُ

 

فإن تغاضَينا عن ذلك، وعدَدنا القسوةَ سيِّئة في الحالات قاطبة، فإنَّنا سنساير المنطقَ إن طلبنا من المصحِّح أن يحذفها من كلِّ المواضع.

 

ماذا؟ هل حذفها من موضعٍ، وتركها في آخر؟

نعم، هذا ما حدث.

 

كيف؟

حذفها من الفقرة السَّابقة كما أشرتُ، لكنَّه أبقاها في فقرةٍ سابقة وردَت فيما قبل 2015 / 2016 م ص 21 ثانية: (وقال لنفسه في ألمٍ شديدٍ: هل يليق بالمعلِّم أن يكون بمثل هذه القسوة؟ وهل جئنا إلى هنا لنتعلَّم الجبنَ والخوف؟)، وكذلك وردَت في 2015 / 2016 م ص 21 ثانية غير مَحذوف منها هذه الكلمة: (وقال لنفسه في ألمٍ شديدٍ: هل يليق بالمعلِّم أن يكون بمثل هذه القسوة؟ وهل جئنا إلى هنا لنتعلَّم الجبن والخوف؟).

 

بل زاد المصحِّح التربوي الأمر سوءًا فأبقى في 2015 / 2016 م على اسم الفاعِل من القسوة ص 23 الفقرة الثانية: (فانفجر الصبيُّ صائحًا في قوة وعزم:

• وأعود مرة أخرى إلى العصا الغليظة، والمعاملة القاسية، وأتعلَّم الخضوعَ والمذلَّة والجبن؟! لا، لن أعود أبدًا إلى ذلك الشيخ).

وأسأل: ما الفرق بين القَسوة المحذوفة والقسوة المتروكة؟ وما الفرق بين القسوة والقاسية؟

لا فرق.

 

فلِمَ لَم يحذف في كلِّ المواضع؟

لن تجد جوابًا مفيدًا!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دار العلوم.. رائعة علي مبارك (WORD)
  • تناقضات الفصل الثاني من قصة "علي مبارك" المقررة على السادس الابتدائي
  • اعتبارات عدم منطقية بعض أحداث قصة "علي مبارك"
  • اتهام المجتمع في قصة "علي مبارك" المقررة على السادس الابتدائي

مختارات من الشبكة

  • مهارات المراجعة اللغوية: نافذة على التصحيح اللغوي من منظور آخر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • وظيفة التصحيح اللغوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تاريخ التصحيح السياسي في الولايات المتحدة (الماركسية الثقافية)(مقالة - المترجمات)
  • آخر مؤلفات السيوطي: التنقيح في مسألة التصحيح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تبيين الحق بين التصحيح والتجريح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تبيين الحق بين التصحيح والتجريح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراجعات في التصحيح اللغوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإطار النظري لبرامج التصحيح الهيكلي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أصول التصحيح والتضعيف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتجاهات الإشراف التربوي الحديثة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب