• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (3)

تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (3)
عبدالكريم بن مسعود جيدور

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/5/2014 ميلادي - 8/7/1435 هجري

الزيارات: 10651

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (3)


1- مراجعة ومُلاحظات:

إن تمكين التلميذ الصغير من فهم الكلام الذي يسمعه هو هدف منطقي ومعقول، ولكن المعلم ينبغي أن يتذكر أن هدفه هو تعليم اللغة العربية الفصحى، أو بعبارة أخرى: إكساب المتعلِّم قدرةً لغويَّة تامَّة، يستعين بها في مشواره العلمي، وحتى في حياته الاجتماعية والثقافية، ونحو ذلك من أبواب توظيف اللغة.

 

وأبواب توظيف واستغلال اللغة كثيرة، بل لا تكاد تُحصى، وهذا التنوع والثراء في استغلال مجموعة جد قليلة من الحروف (29 حرفًا)، ثم نُشكِّل بها آلاف المفردات، ومنها نركِّب ملايين الجُمَل والعبارات - هذا التنوع هو في ذاته آية عظيمة باهِرة تَستحِقُّ من المعلِّم أن يملأ قلبه إكبارًا لصانعها لقاء ما أنعم وتفضَّل علينا به من نعمة البيان، ويا حبذا لو نقل المُعلِّم المسلم هذه المعاني العميقة منه إلى تلاميذه، فيكون بذلك قد استردَّ سلسلة السنَد الصحيح في تعليم العربية، كما كان أسلافنا يفعلونه رحمهم الله تعالى ورضي عنهم؛ فقد ألفيناهم معظِّمين هذا اللسان، لا لذاته، كما يقول فقهاء اللسانيات المعاصِرون، وإنما لما يتحقَّق به مِن فهمٍ ومِن بيان، ولولا هذا الفهم والبيان لما تعلم الإنسان شيئًا، ولما نطَق بالقرآن، ولما لهَج لسانُه بشُكر الرحمن، فلله تعالى الحكمة البالغة، وسبحانه مِن صانعٍ مدبِّرٍ حكيم.

 

وبهذا يتحدَّد موقفنا من تعلُّم اللغة وتعليمها، ونعلم أننا في ذلك مُتبعون منهج خير القرون، ومطبِّقون - بحسب طاقتنا وفهمنا - ما أرشدنا إليه المولى - جل جلاله - في نحو قوله: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]، وقوله - جلَّ مِن قائل حكيم -: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192 - 195]، وقوله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 27، 28].

 

نأتي الآن إلى حصاد البحث العلمي الجاري حول العالم بهدف سَبرِ أغوار ظاهرة تعليم اللغات واستغلالها أحسن استغلال في التنمية والتطوير فنقول:

يَرتكِز المنهج المُعاصر في تدريس اللغات (الوطنية والأجنبية) على عدد من الأسُس والمفاهيم، تطوَّرت وعُدِّلت مرارًا وتَكرارًا على مدى أكثر من قرن من البحوث، حتى صارت من جملة بديهيات الفِكر التربوي المُعاصِر.

 

أهم هذه الأسس وأكثرها قبولاً وتطبيقًا ناجحًا من لدن المربين والخبراء هو أن القدرة اللغوية عند الإنسان هي في الحقيقة مهارة يُتقِنها ويَبرع فيها، وله في هذا الإتقان مستويات، ويتفاوَت الناس فيه بين مُتقِن جدًّا، وحسَنِ الإتقان، وغير مُتقن بالجملة، ونحو ذلك من المراتب المقرَّرة.

 

ثم إن هذه المهارة - وهي: حاصل القدرة أو الملَكة اللغوية بعد صقلها وتهذيبها بالمران والتدريب المنتظم - تنتجها مجموعة متضافرة من العوامل والمؤثِّرات؛ بيولوجية، نفسية - عصبية (إدراكية)، اجتماعية، وثقافية.

 

والمهارة اللغوية الكلية يُمكن تقسيمها (لفائدة تطوير النظرة العِلمية، ولفائدة توضيح آلية التعلُّم بالنسبة للأستاذ والمعلم) - إلى مهارات فرعية، وكل مهارة فرعيَّة تتفرَّع بدورها إلى مُهيرات أصغر منها، والمهارات الفرعية المجمع عليها حاليًّا هي أربعة: الاستماع (Listening)، الحديث (speaking)، القراءة (reading)، والكتابة (writing).

 

2- المُلاحَظات والاستنتاجات الرئيسية المترتِّبة على هذا المَنظور:

الملاحظة 1:

كل المهارات الأربع يَرتكِز اكتسابها (تعلُّمها) على آلية حسية لها استقلالها البيولوجي والعصبي والنفسي، ومعنى ذلك أنها لا تَختلِف من حيث المبدأ عن بقية المهارات التي يتعلمها الإنسان، البسيطة والمعقَّدة؛ مثل: المشي، والأكل، والعَدْو، والسِّباحة، ونحو ذلك، نوضِّح هذا المعنى كما يلي:

 

الملاحظة 2:

المهارات الأربع لا تَحدُث في واقع التواصل الإنساني إلا مُندمِجة؛ فحالة انعزالها وتفرُّدها تُعدُّ شاذَّة وليست مرجع استدلال؛ ففي أغلب الأحوال هناك اندماج محكم بين الاستماع والحديث من جهة، ثم بين القراءة والكتابة من جهة أخرى.

 

والحق أن التعلُّم - كما نرى - يَحدث من اندماج أكثر من مهارتين، وأفضل أحواله: اندماجُ أو تكامُل المهارات الأربع دفعة واحدة، وهذا ما يُسمِّيه بعض الباحثين: النمط مُتعدِّد المهارات (Multi - Skills)، وهم مُحقُّون في هذا الاقتراح بناءً على حقيقة تكوين الملَكة اللغوية من الجهة البيولوجية والنفسو - عصبية، وكذا من جهة ما نراه عينيًّا في مُزاوَلة التلميذ لتعلماته داخل الفصل الدراسي.

 

الملاحظة 3:

يَنطلِق التدريب اللغوي السليم مِن مَهارة الاستماع؛ يُركز على تكوين ترابُط حسي على مستوى أذن التلميذ بين الصوت الذي يسمعه وحقيقة الأشياء المادية، يُستعان هنا بالصور التوضيحية، ولكن لا يتم إرفاقها بالنص المكتوب إطلاقًا (في هذه المرحلة) حتى يتمكَّن التلميذ بنفسه من خلال التكرار والترسيخ المنتظم من الربط بين الصوت ومعنى الأشياء.

سؤال:

لماذا لا نَستخدِم النص المكتوب في هذه المرحلة، رغم أنه يساعد في التعلم حسب نظرية اندماج وتكامُل الحواس؟

الجواب:

لكي يتمكَّن التلميذ من التفريق بنفسِه بين الحروف الصوتية والحروف الخطيَّة.

 

ونقول هنا بكل صراحة: إن إهمالنا لهذه الحقيقة في التعليم هو واحد من الأسباب التي أدَّت إلى تفاقم مشكل تعليم اللغة العربية في السنوات الأخيرة؛ وذلك لأن التلميذ حين يربط بين الشيء ورسمِه (طريقة كتابته)، فإنه يترسَّخ في ملَكتِه هذا الجزء المحدود جدًّا من حقيقة اللغة العربية، وعندما يطلب منه أن يُعبِّر مُشافهةً يتلعثَم ولا يستطيع أن يُفصح ويتوسَّع؛ لأن مهارته محصورة بشدة بالصور الخطية للكلام، فلا يستطيع أن يَخرج عنها، وهكذا يتقوقع ويَنكمِش ويَعتقِد أن العربية الفصحى هي لغة أدب وكتابة فنية، وليست لغة خطابة وحوار، ونحو ذلك من أبواب الحديث الشفوي الذي هو قلب اللغة النابض، وهذه الأفكار - وبالأحرى: الأوهام - حول الخصائص الشعرية والنثرية للغة العربية مُتداوَلة، وعلى نطاق واسع بين مثقَّفي العربية في زماننا، بل قد تسرَّب شيء منها إلى المسلمين غير العرب، فزاد ذلك من شدة وطأة تقوقُع وانحسار اللغة العربية، الذي نَشكو منه في هذه المرحلة من تاريخنا.

 

وقد يتساءل الأخ المعلِّم أو الأخت المعلمة - ولهما كل الحق - فيقولان:

أليست الكتابة تعبيرًا أمينًا عن الكلام المنطوق؟!

فنجيب هؤلاء الأفاضل بما يلي:

إنَّ الكتابة هي تَعبير أمين نعم لا شك في ذلك.

 

ولكن هذا التعبير على سبيل الاختصار والرمز؛ فالألف والباء وغيرها من الحروف هي رموز اخترعها العرب القدماء - غفر الله لهم وجزاهم خيرًا - ليتمكَّنوا من تحويل المَنطوق الذي يَفنى ويتلاشى في الهواء إلى مكتوب على الجلود والرقاع ونحوها مما هو أدوَمُ وأبقى، فيكون بذلك تاريخًا وعلمًا وثقافةً وحضارة ومعنى عميقًا للوجود والإبداع الإنساني، فهذه قيمة الكتابة، وهي عظيمة جدًّا، ولكن:

في كل الأحوال هذا الذي نكتبه هو في الحقيقة تصوير واختصار نُجرِّده ونَنتزِعه من المَنطوق، وليس كل ما يُنطَق يُكتَب، بل إن أكثر ما ينطق لا يكتب، أو بالأحرى لا يُمكن كتابته إلا باختراع رموز وأيقونات جديدة؛ كما نرى مثلاً في لغة غرف الدردشة ورسائل الجوال، فإنها تصوير للغة مَنطوقة، وفيها من الرموز والاختِصارات الكثيرة التي قد لا يَفقهها إلا عدد مَحدود من الناس يتعارَفونها بينهم كالألغاز والشفرات.

 

فنحن إذا بدأنا بتدريب المتعلِّم على الربط المباشر بين الصورة التي يَراها وطريقة كتابتِها (في الفُصحى الموحَّدة)، نكون قد حقَّقنا جانبًا من المهارة يَنحصِر في الربط السليم بين الشيء من موجودات الحياة مع طريقة مَخصوصة في التعبير عنه كتابةً، ولكنَّنا لا نغطِّي الجوانب الفارغة من الملَكة اللغوية، فنجد هذا الطفل عندما يُتابع مقطعًا من فيلم كرتوني فتُذكَر التفاحة مثلاً، ولا تظهَر في الصورة لا يُمكِنه أبدًا أن يُحقِّق الإدراك الواعي بهذا الشيء، فعندما تَطلُب منه أن يَكتب الأشياء التي ذُكرت (أصواتها) في الفيلم مما سبق له أن تعلمه، فإنه لا يستطيع أن يَكتُب إلا ما رآه بعينه.

 

ونحن نستنتج من هذه العيِّنات أن اكتساب الملَكة اللغوية للتلميذ مُنحصِر بشدَّة في المقروء (الإدراك البصري)، والمَكتوب (الإدراك الانتزاعي أو التجريدي)، وهذا خطأ فادح؛ إذ نَنقله رأسًا إلى مرحلة تَجريد الأشياء مِن مكونها الصوتي إلى مكونها الخطِّي، ولا يكون قد استكمل مهارته بعد في إدراك المَسموع أو لم يمرَّ تمامًا بهذه المرحلة، فتتكون الملَكة اللُّغوية عنده مُشوَّهة، وتظل طوال مراحله التعليميَّة اللاحِقة شديدة التعلق بالصور الخطية، فلا يتحصَّل له الطلاقة والإبداع الشفويُّ إلا بعنتٍ شديد، أو لا يَبلغ هذه المرحلة من المهارة اللغوية حتى يصل إلى التعليم الجامعي، وهو لا يزال كعهدِه في أول تعلماته كثير التوقُّف والتأتأة، ويظهر عليه قلق واضطراب شديد كلما طُلب منه التعبير بالفصحى شفويًّا؛ وذلك لأنه رسخ في اعتقاده أن هذه اللغة للكتابة وليست للحوار والمناقَشة.

 

ثم ماذا نحن فاعلون مع الأشياء التي ليس لها وجود مادي وهي كثيرة جدًّا (الخير - الشر - الإيمان - العزَّة...)، أي رابط بيداغوجي سَلِسٌ وسليم أفضل في توصيلها من الرابط السمعي الهادئ المُنتظِم.

 

ثم إن هناك جانبًا آخر تتَّضح فيه الأهمية القُصوى لتسبيق المسموع، وإلا فقدْنا جانبًا كبيرًا من سَعة العربية ورونقها، الذي يظهر في أدائها الصوتي المُنسجِم، ويتعلق الأمر بمفهوم ما سمَّيناه آنفًا: (الحروف الصوتية)؛ فالحرف من حيث هو كتلة فيزيو - صوتية، مختلفٌ عن رسم الحرف، أو طريقة كتابته، فالأول هو الأصل، وهو أكبر وأوسع مجالاً في أدائه، بحيث يَستحيل أن يوجد لكل حرف صوتي رسم يُقابل كل تنوُّعاته الأدائية، ولنأخذ مثلاً، فإنه بالمثال يتَّضح الحال:

لدينا حرف الجيم، رسمه في العربية الموحَّدة كما هو مقرَّر هكذا (ج/ جـ)، غير أن نُطقه في الفُصحى على حد ما أثبته العلماء الأوائل: مِن المنطقة الشجرية مخرَجًا، شديدًا ومجهورًا صفةً؛ (انظر سيبويه..)، ولكننا نجد - فيما قرره العلماء الأوائل مما سَمِعوه من العرب الفصحاء في نطق الجيم - صفات أخرى، وقد بقيَت أكثرُ هذه الصفات في اللهجات العربية الحالية، وزِيدَ عليها بطبيعة الحال، ويَنطِق بها المتكلمون العرب في زماننا المعاصر حين يتحدَّثون بالفُصحى ولا سيما مَن بقيت فيهم آثار السليقة؛ كأهل حضرَموتَ، والحجاز، وبعض المناطق في السودان وفي المغرب العربي.

 

فهذه الأداءات تدخل كلها في رسم واحد (ج/ جـ)، ويُمكن أن يقترح لها رموز صوتيَّة للمُساعَدة في أعمال الرصد والتدوين اللغوي واسع النِّطاق، لكنها تَبقى أقل سَعةً وأشد اختصارًا من الحقيقة النُّطقية؛ ذلك لأن الاختلاف في أداء الحرف الواحد قد يقَع بين الجَماعة القليلة في حيز جُغرافي ضيِّق.

 

وهذا كله يؤدِّينا إلى مراجعة نظرتنا إلى تعليم العربية، واستعادة مركزية الاستِماع في دروسها، ثم ضبطه وتنظيمه وجعله مُنطلقًا لدَمج المهارات الأخرى حتى تتكوَّن مهارة التلميذ اللغوية مُنسجِمة وكاملة، لا يَشعُر فيها بالافتقار ولا بالنقص في جانبٍ على حساب الآخر.

 

3- بناء درس اللغة على مهارة الاستماع:

انطلاقًا من الملاحظات السابقة نستنتج مجموعة من المبادئ، ينبغي أن نضعها نصب أعيننا عند تصميم وتطوير دروس اللغة العربية، وهي على الخُصوص:

1 - دمج المهارات الأربع.

2 - ثقل مهارة الاستِماع، وجعلها منطلقًا، ومنحها الوقت الكافي للترسيخ، ثم التدريب، ومِن ثَم المُراجَعة المنتظِمة.

3 - تدوير المعلومات اللغوية المُكتسبة على المهارات؛ صعودًا ونزولاً، انطلاقًا من الاستماع، مرورًا بالقراءة، فالكتابة، وانتهاءً عند الحديث، ثم إدخال مَنتوج الحديث في درس الاستماع المُقبل...، وهكذا دواليك.

4 - مُراعاة الفوارق بين المسموع والمَكتوب، وكذا سعة العربية في تداولاتها الشفوية.

 

4 - حصاد البحوث والتحقيقات العِلمية في مجال تحليل المَسموعات وتكوين الملَكة اللغويَّة السليمة:

4 - 1 - كل طريقة تعليمية يجب أن تركِّز على تَفادي المعلومات الضائعة:

عند دخول المعلومات (حوارات/ إعلانات/ دروس/ مفردات جديدة/ ضجَّة صوتية...)، يَستقبِلها الجهاز السمعي، فيُحولها إلى سيالات عصبية تُنقل مباشرةً إلى الذاكرة قصيرة المدى، فيَحدُث في أثناء هذا النقل ضياع لنسبة من المعلومات، ثم تُنقل إلى الذاكرة النشطة فتفقد نسبة أخرى من المعلومات، ولا تَصل إلى الذاكرة طويلة المدى إلا وقد فقَدت في الغالب نحوًا من 50 إلى 70% من الكتلة المتجانسة للمعلومات الصوتية، وهذا يعني أن الفهم المحصل سيكون جزئيًّا وربما ناقصًا، وفي كثير من الأحيان لا يتحصَّل أي فهم إطلاقًا، فيلجأ الإنسان إلى طلب تكرار الكلام مثلاً إذا كان مُمكنًا.

 

الاستنتاج:

من الواضح أن العناصر الجديدة غير المألوفة هي السببُ الرئيسي في ضياع المعلومات على حدود الذاكرة القصيرة والنَّشِطة، ومن أجل تفادي هذا الضياع وتقليل نسبتِه إلى أدنى حدٍّ يُنصَح في بناء درس الاستماع:

بالانطلاق من النصوص التي تكون مادَّتها الخام من المفردات والجُمل المألوفة، أو سبق للتلاميذ دراستها، فإن لم يكن ذلك مُمكنًا، فيتوجَّب على المعلم أن يُحصي بنفسه مفردات وجمل النص المقرَّر، ثم يبدأ بتعليم التلاميذ إياها حتى ترسخ عندهم، ولا يقدِّم أي نص تكون مادته غريبة أو يغلب فيه الغريب والجديد؛ (انظر الشكل الموالي).

 

4 - 2 - التحليل الذهني للمسموع يختلف صعودًا ونزولاً لعدة عوامل:

أ/ إذا كان التلميذ (المُستمِع) خالي الذهن تمامًا من المعلومات التي ستَرِد عليه في النص، فإن عقله سيُطبِّق تلقائيًّا التحليل التصاعُدي؛ بمعنى أنه سيَبني الفهم تدريجيًّا من الأسفل (من معلوماته وذخيرته المكتسبة سابقًا)، ويصعد تدريجيًّا من إدراك المجاميع الصوتية، إلى تشخيص المفردات، إلى ضبط معانيها، إلى ربط الجُمَل، إلى انبثاق المعنى الإجمالي.

 

فلو فرضنا أن التلميذ لا يعرف أي شيء إطلاقًا من المادة التي سترد على سمعه في النص المقرَّر، فالسؤال المطروح:

على أي شيء سيعتمد يا ترى في نشاطه الذهني التحليلي؟


إنه في الحقيقة كمَن يطحَن الماء لا أكثر ولا أقل!

 

النصيحة التربوية:

ما يُمكن قوله للمعلم هو تجنُّب بناء الدرس اللغوي على نصوصٍ لا يعرف التلاميذ محتواها من المفردات والجُمَل، حتى نرسِّخ عندهم هذه المكونات الجديدة بشكل مُستقلٍّ، ونُدرِّبهم على إحداث التقابل بينها وبين بعضها (المترادف/ المتضاد/..).

 

هذا الشيء قد يعرفه المعلم مسبقًا بحُكم خبرته وتجرِبته، ولكن نَقوله هُنا بناءً على مَحصول التجارِب العلمية في التحليل العصبي والأكوستيكي.


ب/ إذا كان التلميذ له سابق معرفة بموضوع النصِّ، ويَعرف عددًا لا بأس به من الكلمات التي ستَرِد عليه، نلاحظ في هذه الحالة أن عقله سيطبق تلقائيًّا التحليل التنازلي؛ يعني أنه سيَنطلِق من المعنى الذي عنده، أو مِن مجموعة العناصر المألوفة التي يُدركها بكل سرعة، فيُحاول أن ينزل كل مرة إلى الجزئيات ليُعيد بناءَ وتطوير الفهم الإجمالي الذي لدَيه.

 

فالمُلاحظ أن هذه الطريقة تُفيد في تعميق وتدقيق معرفة عامة سابقة الوجود.

 

من كل ما سبَق نستطيع أن نحدِّد أربعة عوامل تتحكَّم في منطق التحليل الصاعد والنازل، وهي:

1- أُلفة وأنس التلميذ وتعوُّده على المُحتوى الموضوع.

2- كثافة المعلومات في النص.

3- نمط النص (قرآن/ حديث شريف/ سردي/ حواري/ قصصي/ تقريري/...).

4 الهدف والغاية من نشاط الاستماع.

 

4 - 3 - التحليل الذهني للمَسموع يمرُّ بخمس مراحل أساسية:

في أقل من ثانية (20 جزء من مائة) تتمُّ المراحل الموضحة في المخطَّط الموالي، تَنطلِق من الحدث الصوتي وصولاً إلى التفاعل = الرد الملائم على الرسالة المسموعة.

 

5- الدرس اللُّغوي النموذجي:

الدرس اللُّغوي النموذجي يتطلب دمج المهارات الأربع، كما أشرنا آنفًا، ولكنَّنا في هذا البحث نركِّز على قيمة ودور مهارة الاستماع؛ نظرًا لعدد من العوامل، أشرنا إليها في ثنايا التحليل السابق، ولا بأس أن نلخِّصها فيما يلي:

أ- أسبقية المشافهة كمهارة.

 

ب- أسبقية المسموع على المكتوب (في واقع التداول اللغوي، وفي تاريخ تكون النظام اللغوي: الكتابة ظهرت في فترة مُتأخِّرة، أول آثارها مع الفينيقيِّين على الأرجح، وقبل ذلك كانت الكتابة التصويرية، وقبل ذلك لا يُعرف وجود كتابة أو أي شكل عدا التعبير الشفوي).

 

ج- افتقار وحاجة الدرس الرسمي لتعليم اللغة العربية إلى التركيز المَنهجي المُنتظِم على هذه المهارة؛ وذلك بالموازاة مع ضَعف الجانب الشفوي في عموم تداولات اللغة العربية المُعاصِرة.

 

أما الدرس في حد ذاته فينقسم إلى ثلاث مراحل؛ مرحلة تمهيدية، مرحلة إجرائيَّة، ثم مرحلة تدريب وترسيخ.


المرحلة التمهيدية تتراوَح من 5 إلى 7 دقائق، لا تزيد على ذلك، الهدف منها تهيئة وتَحضير التلاميذ للدخول في أجواء التعلُّم، فأول ما يَحسُن البدء به هو مراجعة جد مركزة وخفيفة للتعلمات السابقة، ثم ينشِّط المعلم التلاميذ للدرس المقرَّر من خلال مجموعة من الأسئلة، أو تمهيد خفيف حول القصة، بهدف وضعِهم في سياق النص الذي سيَستمِعون إليه.

 

كما يفضِّل كثير من التربويين الانطلاقَ من الطريقة التصاعُديَّة؛ وذلك بتركيز الانتباه أولاً وقبل كل شيء على المفردات، وأهم العبارات الجديدة التي ستظهَر في النص المقرر، وباتِّباع طريقة التكرار وإعادة التوزيع يتمكَّن أغلب التلاميذ من ترسيخ هذه المكونات الجديدة في مدة لا تتجاوز 3 أو 4 دقائق (طبعًا يجب أن تكون هذه المكوِّنات قليلة العدد من 3 إلى 7 حتى لا يقَعَ التلميذ في حالة حصر ذاكري).

 

أما المرحلة الإجرائية فيقع فيها استماع مُباشر للنص المقرر؛ هذا النص يكون في العادة محددًا مسبقًا في إطار المنهاج، كما يُمكن للمعلم أن ينتقيه بنفسه من المادة المسموعة المنتشرة في المواقع والفضائيات بعد أن يُنقِّحه ويتفحَّص مادته بعناية.

 

وهذه المرحلة تنقسم بدورها إلى أربع فترات مُتتابعة؛ فترة الاستماع الواسع المدى، فترة المهمَّة أو النشاط الإجرائي المباشر، فترة الاستماع المركَّز، وختامها فترة مُراجعة وفحص فهم الطلبة عن طريق السؤال والجواب.

 

ملخص التصور التربوي لهذه المرحلة كما يلي:

إن فترة الاستماع الواسع المدى، تَعتمِد كليًّا على تلك المكوِّنات من الكلمات والجمل التي سبق للمُتعلم أن رسَّخها في الدروس السابقة، وفي المرحلة التمهيدية، فعندما يَستمع إلى النص يجد أن كثيرًا من كلماته مفهومة لدَيه؛ فهذا الأمر يُساعده أيما مساعدة على التركيز، ومِن ثَمَّ تسريع إدراك الكلام، وهكذا يتوقَّف غالبًا دون مساعدة كبيرة من المعلم مِن فهم المعنى الإجمالي.

 

ثم يتبع هذا الاستماع الأول بما يسمِّيه الخبراء: مهمة تربوية، يوزع فيها التلاميذ - طبقًا لنوع النص - إلى أزواج أو مجموعات، ثم يؤدون مجموعة معينة من النشاطات، يكون المعلم قد حضَّرها مسبقًا، تهدف إلى اختبارٍ أوَّلي لتحقُّق الفهم الإجمالي، وتستغل أيضًا لدمج مهارتي القراءة والكتابة؛ وذلك مثل: ملء الفراغات، إتمام عبارة، إملاء مَفتوح، وغير ذلك.

 

يُحبذ أيضًا أن يقوم التلاميذ بتأدية النص، لا سيما إن كان حوارًا، فذلك يُظهر الكثير من المؤشرات حول فهمِهم، وله دور في دمج المهارات، وفي التقييم أيضًا.

 

بعد ذلك نُطبِّق النوع الثاني من الاستماع الذي نُسمِّيه الاستماع المركز، فبعد أن حقَّقنا الفهم الإجمالي في الاستِماع الواسع، تبقَّى علينا أن نملأ الفراغات المتبقية في المناطق الدقيقة غير المدركة من النص، فنركِّز على قضية من قضايا الأصوات (الإدغام/ الاختِلاس/ النقل...)، أو قضية معجمية، أو قواعدية، وذلك كله بالنشاطات والتقنيات التربوية دون شرح أو تحليل؛ لأن الهدف هو أن يتوصَّل التلميذ بنفسه إلى التفريق بين الأصوات المفخَّمة والمرقَّقة، ويعرف دور الإدغام وكيفية نُطقِه، ثم يلاحظ كيفية تحصيله خطيًّا، وغير ذلك من القضايا الهامة التي تَبني ملكته بناء صحيحًا، ويُكتفى في ذلك كله بقضية واحدة مع تنوُّعاتها المحتملة.

 

وكما فعلنا بعد الاستماع الواسع المدى، نفعل كذلك بعد الاستماع المركز، فيوجه المعلم مجموعة من النشاطات على شكل أسئلة متدرِّجة، ثم تُفحص الإجابات وتصحَّح جماعيًّا.

 

أما مرحلة التدريب والترسيخ، فتكون فرصة للقيام بمجموعة من النشاطات، ندعم فيها محصول النوعين السابقين من الاستماع من خلال مُقتطَفات نوظِّف فيها المفردات والجمل، ونستخدم ما يُسمى بطرُق استِنتاج معاني المفردات، وتختم بمراجعة، ثم إعادة تشغيل للنصِّ الصوتي وترديده بشَكلِ جَماعي، ثم مُراجعة المحصول الجديد من المفردات والجُمَل، لتكون منطلقًا للدرس المُوالي.

 

ختامًا:

كانت هذه محاوَلة لتقريب مَجموعة من الأفكار والنظريات التعليمية المُستغلة في تعليم اللغات العالمية، وقد ساهمت في تحسين مَردودية تعليم اللغات وتعظيم مفعوله التطبيقي بصورة واضِحة.

 

ونحن نَعتقِد أن تعليم اللغة العربية في الفترة الراهنة هو أحوَج ما يكون إلى شيء من هذا القبيل؛ يركِّز على المهارات الأساسية، ولا سيما مهارة الاستماع، وقوة الإدراك للمَسموع، ثم قوة الملكة في التعبير الشفوي.

 

ورجاؤنا أن يستفيد المربُّون وكل مُهتمٍّ وعاكف على اللسان العربي المبين تعلُّمًا وتعليمًا من هذا الجهد المتواضع.

 

كما نرجو أن تُتاح لنا الفرصة لاستكمال هذا العمل، من خلال مجموعة من النماذج والتطبيقات العملية، نجريها ونُطبِّقها على خطة الدرس النموذجي في مراحله الثلاث.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (1)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (2)

مختارات من الشبكة

  • ثناء العلامة ابن عثيمين على شيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • محاولة فهم التلميذ(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • كان خلقه القرآن (طريقة لتدريس القرآن مع الوصول بالطالب إلى تطبيق هذا الحديث)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إستراتيجية الصفة المضافة: عقبات الفهم والتطبيق وتذليلها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العلامة الممنوحة للتلميذ(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عدم التعارض بين الأمر بتدبر القرآن وفهمه كما فهمه السلف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفهم السليم والفهم العقيم منطلقات وغايات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الضرر الناتج عن التأديب المشروع للتلميذ(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • التأديب بالضرب ( ضرب التلميذ )(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • قطرات على ظمأ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب