• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

بناء الإنسان بين الأمم المتحضرة، وأمة الحضارة

أبو العلياء محمد بن سعد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/12/2013 ميلادي - 19/2/1435 هجري

الزيارات: 19023

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بناء الإنسان بين الأمم المتحضرة، وأمة الحضارة


كم تُصيبني حسرةٌ مبكية عندما أتأمل وأتدبَّر السور المَدَنيَّة من القرآن الكريم، وما فيها من بناء تشريعي مبيِّن ومفصِّل لأدوات بناء الحضارة، وعلاج لجميع مشاكل الأمة - بلا استثناء - وبيان لأسباب الهلاك والردَى التي يجب تجنُّبها.

 

مع ذلك أرى الأمة تترنَّح، وتتهاوى، وكل يوم أسوأ من سابقه، وكأن الأمة تقرأ الكتاب وما فيه مِن بيان أسباب هلاك الأمم لا لتتجنَّبها؛ بل لتقع فيها.

 

إن السُّور المدنية هي السور التي نزلت بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - بغضِّ النظر عن مكان نزولها، ولكن ليس هذا كل ما يعنيه كونها مدنيةً، بل ما يَنبغي الوقوف عنده هو أنها السور التي نزلت والمسلمون بصدد بناء المُجتمع الإسلامي، والذي لم يكن بناؤه يعني مجرَّد بناء مكان صالح للعيش، بل كان بناؤه يعني بناء موكِب الحضارة الإسلامية.

 

نزلت تلك السور تبني الفردَ والمُجتمع، وتعلِّم المسلمين الأُوَل كيف يبنون أمة الحضارة، كيف يستحقون أن يكونوا خير الأمم.

 

تتعجَّب وأنت ترى في البناء التشريعي لتلك السور عامة، وسورة البقرة خاصة، كل شيء يُمكن أن يُحتاج إليه لبناء الأمم والحضارة - بكل ما تعنيه لفظة (كل) من العموم والشمول - فتجد فيها:

صناعة الإنسان وبناءه بالشرائع التي تزرَع بداخله التقوى، وما أدراك ما التقوى؟ ولماذا التقوى خاصة؟

 

لأنها الحاجز الأول بين الإنسان وبين الوقوع في المنكرات، إنها (محكمة الضمير) التي تستقر في نفس الإنسان فتجعل بداخله مانعًا من فعل القبائح حتى لو كان يعلم أن أحدًا لا يراه، فهو يَمتنع منها لمصادمتها ضميره، وبناءه النفسي والعقلي الذي بني على مراقبة الله.

 

إنه لا يمتنع من المنكرات خشية عقاب الناس، بل هو لا يأبه لهم؛ إنما يَمتنِع عنها لما تُمثله من قدح في تعامله مع ربه سبحانه؛ ولذلك فهو يُقدِم على فعل الطاعات ولو كان بعضها سيجرُّ عليه الأذى والابتلاء.

 

إنها التقوى التي تُصْلح كل تعاملاته؛ مع ربه سبحانه، مع أسرته، مع أفراد المجتمع الإسلامي، مع كل أحد.

 

ولذلك تُختم كثير من آيات سورة البقرة بعد ذكر التشريعات بذكر التقوى:

﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، ﴿ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 180]، ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187]، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189]، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194]، ﴿ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

تجد فيها أن القرآن يعلمهم كيف يتعاملون مع ربهم، ويُبيِّن لهم صفات المؤمنين الطائعين، وصفات الكافرين والمنافقين، وجزاء كل من الفريقين.

 

تجده يربيهم بالخير والشر:

﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35]، ويمدَح لهم الصابرين في الحالين على منهج الله - عز وجل - ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، وهو في ذلك أيضًا ينقِّي الصفوف كما قال: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران: 179].

 

ويضرب لهم المثل بالأمم التي سبقتْهم، وكيف كان عقابهم عندما لم يقوموا بواجب الاستخلاف.

 

تجده يعلمهم الأسس الصحيحة لبناء الأسرة؛ بأحكام الزواج، النفقة، الرضاع، بل وحتى عند الطلاق، كيف يطلقون، وكيف يحفظون شعور بعضهم حتى بعد الطلاق؛ ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]، ويضَع التشريعات التي تحفَظ الطفل، وتُجنِّبه تأثير انفِصال الوالدَين عليه.

 

وعلى مستوى المجتمع، تجده يعلمهم كيف يتعاملون مع إخوانهم الذين يَجمعهم بهم مجتمع واحد؛ فيُعلِّمهم عدم أكل المال بينهم، كيف يُتاجِر بعضهم مع بعض دون حيف أو ظلم، يعلمهم أحكام القصاص في الجنايات على النفس وما دونها، يُعلِّمهم أحكام الوصية، وغير ذلك من التشريعات.

 

وعلى المستوى الاقتصادي، تجده يعلِّمهم التجارة وأحكامها، والتكافل بين الأغنياء والفقراء؛ حتى لا يكون بينهم مُحتاج، فيعلمهم النفقة، ويُزيِّنها لهم، ويقبِّح التعامل بالربا الذي هو مَمحقَة الخَير، ومفسَدة المُجتمعات، ومزرعة الضغائن فيها، الربا الذي يكرِّس لبقاء رأس المال دُولَةً بين الأغنياء، فينقسِم المجتمع إلى طبقة عاملة، وطبقة تُحصِّل المال ومكاسبه بلا عمل.

 

وعلى مستوى العلاقات الخارجية، تجده يُعلِّمهم كيف يتعاملون مع المجتمعات الخارجية، الصديق منهم والعدو، وكيف يُبيِّنون حقيقة دعوتهم، وأسُسَها، ويردُّون شبهات مخالفيهم، ويصنَعون المُعاهَدات ويحفظونها ولا يتجاوَزونها، ويُجاهِدون مَن عاند منهم؛ حتى لا تكون فتنة، وحتى لا يُعبَد في الأرض غير الله - عز وجل.

 

ويُعلِّمهم أنهم يقاتلون دفاعًا وطلبًا، وفي كلا الحالين يبذلون دماءهم دفاعًا عن حق الناس أن يعيشوا عبادًا لله - عز وجل - فيردُّون - في جهاد الدفع - مَن تعدَّى عليهم، ويردُّون - في جهاد الطلب - من أراد أن يَحرم الناس من حق استماع دعوة الإسلام، وعبادة ربِّ العالَمين.

 

ومِن أعجب ما يستوقفك هو أن القرآن لم يضع تلك التشريعات لنوعية معيَّنة من البشر، بل وضع أسسًا تتعامل مع البشر على ما فيهم من ميزات وعيوب، فيعلِّمهم كيف يُحسنون استغلال ميزاتهم، ويقوِّمون عيوبَهم.

 

إن المجتمع الإسلامي الأول حدثَت فيه حوادث زنا؛ كحادثة ماعز وغيره، وحدثت فيه حادثة افتراء وغيبة؛ كحادثة الإفك، وحدثت فيه حوادث قتل؛ كالرجل الذي قتَل صديقه بالفأس لخلافٍ بينهما، وحدث أن وقع البعض على أهله في نهار رمضان، وحدَث خلاف على أمور من أمور الدنيا، وربُّ العالمين يقول لهم في بعض الوقائع: ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ﴾ [آل عمران: 152].

 

قد كان في المُجتمَع ما يكون في المجتمعات البشرية، فجاء القرآن يعالج كل هذا، فصنَع منهم خير الأجيال، وصفوة البشَر بعد الأنبياء.

 

وهذا الأمر مِن أهمِّ أسس التربية، وصناعةِ الإنسان والحضارة؛ وهو أن تصنَع ذلك ممَّن أمامك، بمميزاتهم وعيوبهم، لا تقل: هذا لا يَصلُح، أو هؤلاء لا يَصلُحون، بل أنا أريد نوعية كذا وكذا.

 

إن الناس هم الناس بمُميزاتهم وعيوبهم، والقرآن هو القرآن بأسسه الثابتة الصالحة لكل عصر وزمان، وكيف لا يكون الأمر كذلك والذي أنزل القرآن هو الذي خلَق الناس، وهو الذي يعلم ما يُصلِحهم؟!

 

هذا هو المنهج الذي صنع الله به أعظم البشر بعد الأنبياء، وأشرف المُجتمعات، وأكثرها تحضُّرًا، وهو المنهج الذي انتهجه الأوائل - على فقرِهم المُدقع في الموارد المطلوبة لبناء الحضارة - فصاروا سادة الدنيا، وبنوا أعظم الحضارات التي شهدَها التاريخ على وجه الأرض، بنوا حضارة شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء.

 

بنوا ذلك البناء كما علَّمهم القرآن؛ ففازوا بالدنيا والآخرة.

 

كيف لا، وهو المنهج الذي وضعه رب العالمين؟!

 

كيف لا، وفيه كل مقوِّمات بناء الحضارة؛ بشرية، اقتصادية، ثقافية، اجتماعية، خلُقية، وغيرها؟

 

هذا هو المنهج الذي يكاد يتفتَّت الكبد وهو يرى أممًا لا تمتُّ للإسلام بصلة أخذت ببعضه، فصارت من أنجَحِ الأمم في أمور الدنيا على الأقل.

 

وهو يرى - مثلاً - ألمانيا التي خرجَت من الحرب العالمية الثانية محطَّمة تمامًا، ومع ذلك لم تمضِ أعوامٌ طويلة حتى عادت ألمانيا إلى صدارة الدول في كل المجالات، وصارت إحدى أكبر الدول المتحضِّرة، وأبهرت العالمَ بأسرِه، مع أن الإحصاءات الأولية كانت تتوقع ألا تقوم - إن قامت - قبل عشرات الأعوام.

 

وهو يرى اليابان بعد الحرب، وبعد القُنبلتين النوويتين في هيروشيما ونجازاكي، كان ظَهرُ أرضها ليس عليه إلا حطام المنازل والمباني، وباطنها ليس فيه إلا البراكين والزلازل، فليس  هناك مصادر ومقومات لبناء شيء، وكان مِن المُفترض بهذا الوضع أن تبقى اليابان خارج حسابات التاريخ لمدة قرن على الأقل، ومع ذلك لم تمضِ إلا أعوام قلائل حتى وجدنا اليابان أيضًا في صدارة الدول.

 

بل وهو يرى أوروبا كلها كيف قامت لصدارة الدنيا بأسرِها وبناء أعظم الحضارات في العصر الحديث، وقد خرجت من الحرب العالمية الثانية شبه مُدمَّرة؟ فقد فُقِد في تلك الحرب (خمسون مليون) إنسان، وتحطَّمت بعضُ دولِها بأكملها، وصارت عواصم بعضها أثرًا بعد عين، ونُسِفت أغلب مصادر الطاقة والموارد الصناعية في كثير من دولها، ومع ذلك قامت تلك الدول فصارت - بمقاييس الدنيا - دولَ الحضارة، وصرنا عندما ننسب شيئًا إلى التقدُّم والتحضر نقول: هذا أوروبي!

 

يكاد يتفتَّت الكبد وهو يقارن - خجِلاً - بين تلك الدول وبين بلدانِنا الإسلامية والعربية؛ إننا تقريبًا نَمتلِك كل شيء؛ من الموارد الصناعية، والزراعية، والبشرية؛ فأراضينا أغنى أراضي العالم بالبترول، ولدينا المصادر المائية، وأما الموارد البشرية، فنحن أكثر شعوب العالم إنجابًا، ومع ذلك نحن كل يوم في تأخُّر، والمقارنة بيننا وبين أي دولة في العالم تكون مقارنةً ظالمةً وصادمة.

 

لماذا؟ كيف نهَض هؤلاء القوم، ولماذا تخلَّفنا؟

نهض هؤلاء القوم لأنهم عرفوا أين البداية؛ كما قالت رئيسة فنلندا؛ في حوار لها مع إحدى القنوات الفضائية قالت: نحن لا نَملِك سوى الإنسان، فنحن نستثمِر في الإنسان.

 

إنها صناعة الإنسان إذًا.

 

هؤلاء القوم يعرفون أنه لا حضارة بلا إنسان، وأنه إذا أراد أحد أن يَبني حضارة، فعليه أن يبني إنسانًا مُتحضِّرًا أولاً، وأن الحضارة من الممكن أن تقوم بدون موارد، لكنها لا يُمكِن أن تقوم بغير إنسان.

 

لذلك كان يجلس مُعلِّمو اليابان يعلمون تلاميذهم فوق الحطام؛ لأن التعليم عندهم وسيلة للبناء؛ بناء الشخص، وبالتالي بناء المجتمع، وليس وسيلة لتحصيل شهادات عقيمة لا قيمة لها إلا تقليل مدة التجنيد الإجباري.

 

ولذلك وفَّروا له كل شيء ليُبدع، ويظهر قدراته، وأول ما وفروه له هو حريته وأن يأمن على نفسه؛ لأنه - كما يعلم كل عاقل - لا يستطيع الإنسان أن يُنجِز شيئًا إلا إذا كان حرًّا، يأمن على نفسه وحريته، وهذا ما نص عليه ول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة".

 

إن الإنسان هو الأداة الأم، والعامل الأساس في بناء الحضارة، وبه يُمكِنك أن تستحضِر غيره من العوامل؛ اقتصادية، أو سياسية، أو غيرها.

 

هذا هو ما تنبَّهوا له مؤخرًا والتزموه؛ فاستقامت لهم أمورهم، ولم يكن كهنتهم قد بيَّنوا لهم ذلك، بل لم تستقم لهم الأمور إلا بعد التخلي عن دينهم ورجاله الذين كانوا عائقًا لهم عن بناء الحضارة.

 

أما نحن، فقد نبهنا عليه ديننا - كما سبق - قبل خمسة عشر قرنًا، ولم يكتف بالتنبيه حتى فصَّل لنا كيفية صناعته، وأُسسَ بنائه، ومقومات النهوض به، ولكننا لم نتنبَّه، بل قدمنا أشخاصًا ليَستخرِجوا لنا سبل النهوض من مناهج غيرنا، فإذا هم يَخرُجون علينا بالعجب العجاب:

ذهبوا إلى الجانب المُظلم في هؤلاء القوم، وهو الفساد العقَدي، والتفسُّخ الأخلاقي، فصرَخ صارخُهم: وجدتُها، هذا هو السبيل للنُّهوض.

 

ما هو؟

قال: الفساد العقَدي، والتفسُّخ الأخلاقي.

 

إي والله! هكذا قالوا: قالوا: لم ينهَض هؤلاء إلا بعد ترك الدِّين والأخلاق، فلا بدَّ أن نفعل كما فعلوا، لا بدَّ وأن نترك التمسُّك بالعقائد والأخلاق، لا بدَّ أن يُنحَّى القرآن عن سيادة الأمة، لا بدَّ أن تخلع المرأة حجابها، لا بد.. لا بد.

 

وما ذاك إلا لأن الأمة صُدِّر لها أشخاص لقيادتها إما عملاء لأعدائها صراحة، وإما لا يَعرِفون عن الإسلام إلا كما يعرف أعداؤها عنه، فبدلاً من أن يروا ما في منهج الإسلام من أسس للبناء، رأوا ما في مناهج أعداء الإسلام من تسيُّب وتحلُّل من الدِّين.

 

لذلك في الوقت الذي كان الجميع ينهض، كانت أمتنا تهوي إلى القاع بأقصى سُرعة؛ لأن الجميع كان يتَّجه إلى المقومات الحقيقية للبناء، بينما أمتنا تبحث عن طريقة تتخلَّص بها من الأساس الحقيقي للبناء.

 

إننا نَمتلِك الأساس الذي لا يَمتلِكه أحد ولا يَستطيعُه، ولكن واقعنا بعيد كل البعد عنه، فإذا أردنا أن ننهَض، لا بدَّ - قبل النظر في الاقتصاد، والاجتماع، والسياسة، وغيرها - أن نعود إلى المصدر الذي لا قوام بدونه.

 

ومهما أوهمنا أنفسنا، وزيَّن لنا الشيطان من سبُل، فلا فلاح إلا في هذا المصدر والرجوع إليه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اختلال القوى القيادية في الأمة
  • أمتي أمة القيم
  • أمتي والوظيفة الحضارية
  • أمة أخرجت للناس
  • مفهوم الحضارة بالنسبة لي
  • الرسالة الإسلامية وبناء الإنسان الصالح
  • بين فئة قليلة وأمة كليلة
  • عصور الحضارة في القرآن
  • الرواية ورشة بناء الإنسان
  • قول المتحضر في مفهوم التقدم والتأخر
  • محو الأمية بداية بناء الإنسان
  • محطات تربوية لبناء الإنسان

مختارات من الشبكة

  • بناء الإنسان.. بناء الحضارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منظمة بناء الإنسان تفتح دار أيتام بناء في كركخان - تركيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ظلم الإنسان لأخيه الإنسان(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أنت أيها الإنسان؟ (2) بداية خلق الإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)
  • الإنسان ذئب الإنسان خصوصًا في هذا الزمان...(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • حقوق الإنسان بين نظرة الإسلام وإعلان هيئة الأمم المتحدة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ميانمار: الأمم المتحدة تدعو ميانمار لاحترام حقوق الإنسان(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب