• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (3) القوة والأمانة

ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (3) القوة والأمانة
عادل عبدالوهاب عبدالماجد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2013 ميلادي - 10/11/1434 هجري

الزيارات: 10133

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (3)

(القوة والأمانة)


الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، وآله وأصحابه أهل الأمانة والوفا، وبعد:

فالقوة والأمانة صفتان محبوبتان بين الناس، مرغوبتان عند البشر، والقوة تشمل القوةَ البدنية، والشجاعةَ القلبية، والفصاحة اللِّسانية، والحصيلة العلمية، والمكانة الاجتماعية المتمثلة في الشُّهرة والمال والأتباع، وكذلك الهمة العالية، والعزيمة الماضية، والمبادرة الفاعلة، فكل واحدة من هذه الصفات تمثل مظهرًا من مظاهر القوة، وهي متفاوتة بين البشر.

 

أما الأمانة، فجوهرها الصدق، وحُسن الخُلق، ونقاء السريرة، والمروءة، وكل ما جاءت به الرسالات من مكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات، والناس فيها كذلك منازلُ متباينة، ومراتبُ شتَّى، وقد انقسموا باعتبارهما إلى أقسام أربعة:

الأول: من له أمانة وليس له قوة:

وهذا أوسطهم حالاً، اجتمع فيه خير وشر، وخيره غالب على شرِّه، فيكون أمينًا صادقًا، تقيًّا ورِعًا، مخلصًا، حسَنَ الخُلق، لكنه ضعيف في بدنه، أو فقير لا يملِك شيئًا من حطام الدنيا، أو سلبي ليس له أثر فيما حوله، أو قليل العلم، أو عاجز عن التعبير السليم عن نفسه أو عن غيره.

 

وهذا النوع هو الذي استعاذ منه عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قال: "اللهم إني أشكو إليك جَلَد الفاجر، وعجزَ التَّقي".

 

والضَّعف قد يكون عارضًا يزول بزوال أسبابه كما كان حال النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين في بداية الدعوة، ودعاؤه مشهور بعد حادثة الطائف وتطاول السفهاء عليه حين قال: ((اللهم إليك أشكو ضَعْف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين...))؛ فيض القدير ج2 ص150.

 

فالضَّعف يكون ابتلاء من الله دون تقصير، وصاحبه مخفوض عند الناس، لكنه مرفوع عند رب الناس، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ربَّ أشعثَ أغبَرَ ذي طمرين، مدفوعٍ بالأبواب، لو أقسَم على الله لأبرَّه))؛ أخرجه الحاكم وغيره، وقال الشاعر:

رُبَّ ذي طمرين نِضْوٍ
يأمَنُ العَالَمُ شَرَّهْ
لا يُرى إلا غنيًّا
وهو لا يملِكُ ذَرَّهْ
ثم لو أقسمَ في
شيءٍ على اللهِ أَبَرَّهْ

 

ومن صور ذلك:

• الدعاة والمصلحون الذين يعانون من محدودية العلم، أو الضَّعف البدني، أو ضعف اللغة، أو قلة الإمكانيات، أو غيرها من مظاهر النقص والتقصير، وقد يكون ذلك بسبب سوء الفهم، أو وهن العزيمة، وفتور الهمة، وهنا يظهر القصورُ الذاتي، والنقص الشخصي، فيصدُق قول المتنبِّي:

ولم أرَ في عيوب الناسِ شيئًا
كنقصِ القادرين على التَّمامِ

 

وهذا من عجائب الأمور؛ قربُ الدواء، واستفحال الداء، واستحكام المرض مع تيسر اللقاح والعلاج، وصدَق من قال:

ومن العجائبِ والعجائبُ جمَّةٌ
قُرْبُ الشفاءِ وما إليه وُصُولُ
كالعِيسِ في البَيْداءِ يقتُلُها الظَّما
والماءُ فوق ظهورِها محمولُ

 

• الأمة الإسلامية منهاجُها خيرُ مِنهاج، ورسالتها أسمى رسالة، لكنها ضعيفة بين الأمم، لا قوة لها ولا كلمة، بل أصبحت تَبعًا لغيرها، تتلقى المعونات، وتستقبل الضربات، وترضى بالفتات من خيراتها المسلوبة، وثرواتها المغصوبة، وما دامت على هذه الحال، فلن تزداد إلا ضعفًا وتبعيَّة؛ لأن ما أُخِذ بالقوة لا يستردُّ إلا بالقوة، ولا يفُلُّ الحديدَ إلا الحديدُ، ولا يُغني الشجب والتنديد، ومن كان الضعيف فإن حجَّتَه ضعيفة، ولا يُطاع لقصيرٍ أمرٌ، (وهذا هو عجزُ الثِّقة).

 

هذا الواقع المرير يمكن تغييرُه، وتلك الصورة المشوَّهة يمكن تحسينها؛ فالقوة كامنة في رسالتنا، متغلغلة في مبادئنا التي سُدْنا بها العالم زمنًا ليس بالقصير، وحكمنا بها الدنيا:

والليثُ ليثٌ ولو كَلَّتْ مخالبُه
والقردُ قردٌ وإن لبِس العمامة

 

الثاني: من له قوة وليس له أمانة:

وهذا شرُّهم وأخبَثُهم، وضرره غالب على نفعه، وخطره كبير؛ حيث يكون قويًّا في بدنه، أو كثير المال، أو عظيم الجاه، كثير الأتباع، أو فصيح اللسان، أو واسع الثقافة والاطِّلاع، لكنه لا يعرف الأمانة، ولا يدري ما الصدق والوفاء، قبيح الخُلق، سيِّئ النية، خبيث الطوية، سخَّر ما عنده لنصر الباطل ونشره، وحرب الحق وأهله، ومن صور ذلك:

• المنافقون من أجمل الناس منظرًا، وأحلاهم لسانًا، وأقواهم أبدانًا، وأكثرهم أتباعًا وجمهورًا، لكنهم مرضَى القلوب، ضعافُ النفوس، يقولون ما لا يفعلون، ويُظهِرون ما لا يُبطِنون؛ فمظاهرهم خادعة، وبواطنهم مظلمة، وصدق الشاعر حين قال:

وهل ينفَعُ الفتيانَ حُسنُ وجوهِهم
إذا كانت الأخلاقُ غيرَ حسانِ
فلا تجعَلِ الحُسنَ الدليلَ على الفتى
فما كلُّ مصقولِ الحديدِ يَماني

 

قال الله عنهم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: 204]، وقال عنهم: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون: 4]، قال السعدي في تفسيره:

﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ﴾ من رُوَائِها ونضارتها، ﴿ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾؛ أي: من حُسْن منطقِهم تستلذ لاستماعه، فأجسامهم وأقوالهم معجبة، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة والهدي الصالح شيء؛ ولهذا قال: ﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾ لا منفعة فيها، ولا ينال منها إلا الضرر المحض، ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾؛ وذلك لجُبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم، والريب الذي في قلوبهم يخافون أن يطلع عليهم؛ فهؤلاء ﴿ هُمُ الْعَدُوُّ ﴾ على الحقيقة؛ لأن العدو البارز المتميز أهونُ من العدو الذي لا يُشعَر به، وهو مخادع ماكر، يزعم أنه ولي، وهو العدو المبين، ﴿ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾؛ أي: كيف يُصرَفون عن الدين الإسلامي بعدما تبينت أدلته، واتضحت معالِمُه، إلى الكفر الذي لا يُفيدُهم إلا الخسار والشقاء؟!".

 

وهؤلاء تحرِّكُهم مصالُحهم، وتقودهم شهواتهم، وحكايتهم مع المجتمع كحكاية الثعلب المكار مع الديك الصداح، والتي صورها الشاعر أحمد شوقي في القصيدة الرمزية التالية:

برَز الثعلب يومًا
في شعار الواعظينا
فمشى في الأرض يهدي
ويسُبُّ الماكرينا
ويقول: الحمد للـ
ـه إلهِ العالَمينا
يا عبادَ الله، توبوا
فهو كهف التَّائبينا
وازهَدوا في الطير إنَّ ال
عيشَ عيشُ الزاهدينا
واطلُبوا الديكَ يؤذِّن
لصلاةِ الصُّبحِ فينا
فأتى الديكَ رسولٌ
من إمامِ النَّاسكينا
عرَض الأمرَ عليه
وهو يرجو أن يَلينا
فأجاب الدِّيكُ عذرًا
يا أضلَّ المهتدينا
بلِّغِ الثعلبَ عنِّي
عن جدودي الصَّالحينا
عن ذوي التيجانِ ممَّن
دخَل البطن اللعينا
إنهم قالوا وخيرُ ال
قولِ قولُ العارفينا
مخطئٌ مَن ظنَّ يومًا
أن للثَّعلبِ دِينا

 

• ومن صور ذلك: الكفَّار الذين يملِكون القوة والسلاح، والمال والأنصار، وأصبحت بيدهم مقاليدُ الأمور، لكنهم حربٌ على الإسلام وأهله، وهذا من مصائب الدهر، ومِحَن الزمان، وعلامات الساعة؛ أن يتقدم السفهاءُ، ويتأخَّر الفضلاء؛ كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا ضُيِّعت الأمانة، فانتظر الساعة))، قيل: كيف إضاعتُها يا رسول الله؟ قال: ((إذا أُسند الأمرُ إلى غير أهله، فانتظر الساعةَ))، ولله در القائل:

رأيتُ الدهرَ يرفَعُ كلَّ وغدٍ
ويخفض كلَّ ذي رُتَب شريفةْ
كمِثل البحرِ يأخُذ كل حي
ولا ينفَكُّ تطفو فيه جيفةْ
وكالميزان يخفِضُ كلَّ وافٍ
ويرفعُ كلَّ ذي زِنَةٍ خفيفةْ

 

وقد قال الله عنهم مبينًا عداءهم المستحكم وحقدهم الدفين: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، ومع ذلك نهى الله - عز وجل - عن الاستسلام لهذا الواقع العابر، أو الانهزام أمام هذا الطغيان الغاشم؛ فقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 196، 197]؛ لأنه مهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر، وصدَق الشافعيُّ حين قال:

تموت الأُسدُ في الغابات جوعًا
ولحمُ الضَّأنِ تأكُلُه الكلابُ
وذو سَفَهٍ ينام على حريرٍ
وذو فضلٍ مفارشُه الترابُ

 

ومن الأمانة أن نقول: إن بعض هؤلاء قد نجد فيهم أمانة، ورحمة، وحُسْنَ خُلق، ورفقًا بالحيوان أكثر مما عند كثير من المسلمين، وهي التي فتنتْ كثيرًا ممن ينتسبون إلى الإسلام، فاغترُّوا بما عندهم من فتات الأخلاق، وسراب القِيم، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم يفعلونها عادة وإنسانية، والمسلمون يفعلونها طاعة وعبودية، وهي حسنات مغمورة في بحار سيئاتهم، وأعمالهم يوم القيامة ﴿ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 39، 40].

 

• ومِن صور ذلك: الفجار والسفهاء من أبناء المسلمين الذين يتجلَّدون في الباطل، ويتحمَّلون الصعاب ليصلوا إلى إرواء شهواتهم، وإشباع نزواتهم، من الظلم والبطش والاحتيال، واستضعاف الفضلاء، وأكل المال بالباطل، بلا حياءٍ ولا تردد، وكأنهم صمٌّ عن قول الشاعر:

لا تظلمَنَّ إذا ما كنتَ مقتدرًا
فالظلمُ مصدرُه يُفضي إلى الندمِ
تنامُ عيناك والمظلومُ منتبهٌ
يدْعو عليك وعينُ اللهِ لم تَنَمِ

 

• ومن صور ذلك أيضًا: الظَّلَمة من حكام المسلمين، وأعوانهم المتجبِّرون، الذين يشددون على الرعية، ويبطشون بالضعفاء، وينهبون ويسلبون قريبًا أو بعيدًا عن أعين الرقباء، فهؤلاء ويلٌ لهم؛ كما قال الشاعر:

إذا خان الأميرُ وكاتباهُ
وقاضي الأرضِ داهَنَ في القضاءِ
فويلٌ ثم ويلٌ ثم ويل
لقاضي الأرضِ مِن قاضي السماءِ

 

فالدول تبقى مع العدل وإن كانت كافرةً، وتزولُ مع الظُّلم وإن كانت مسلمةً.

 

الثالث: من ليس له قوة وليس له أمانة:

فيكون ضعيف البدن، عليل الجسد، قليل الحيلة، أو فقيرًا معدِمًا، ومع ذلك يكون بذيئًا، سيئَ الأخلاق، لا دينَ له ولا أمانة، وهذا أتعسهم، فلم يُفلِح في دين، ولم ينجَحْ في دنيا، لا يألَف ولا يؤلف، ويصدُقُ عليه المثل القائل: (لا في العِير ولا في النَّفير)، وحاله كلحمِ جمل غثٍّ، على رأس جبل وعْرٍ، لا سهلٌ فيُرتقَى، ولا سمينٌ فيُنتقَى، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى.

 

ومن صور ذلك:

• الشيخ السفيه، والأشيمط الزاني، والعائل المستكبر؛ كما جاء في حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة لا ينظر اللهُ إليهم يوم القيامة، ولهم عذاب أليم: أشيمط زانٍ، وعائل مستكبر، ورجُلٌ جعَل اللهَ بضاعته؛ لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيعُ إلا بيمينه))؛ فيض القدير ج3 ص436، والعائل هو الفقير الذي ينبغي أن يكون هيِّنًا ليِّنًا، والأشيمط هو الشيخ الكبير الذي ينبغي أن يكون بعيدًا عن الزنا لضعفِ شهوته، وانحراف الشيخ صعبُ العلاج؛ لأن مَن شبَّ على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعِث عليه، هذا على التغليب وليس على الدوام؛ كما قال الشاعر:

وإنَّ سفاهَ الشيخِ لا حِلمَ بعده
وإن الفتى بعد السفاهةِ يحلُمُ

 

• الشباب الفاشل العاطل، البعيد عن معاني الرجولة، المتصف بالميوعة والتخنُّث الذي تعجَّب الشاعر من حاله فقال:

وما عجبٌ أن النساءَ ترجَّلتْ
ولكنَّ تأنيثَ الرِّجالِ عجيبُ

 

ومن أسباب ذلك: الترفُ، والدلال الزائد داخل الأسرة، وغفلة الآباء، وضعف التربية.

 

ويلحق بهؤلاء المسترجلاتُ من النساء، فهم سواء، هذا أضاع رجولتَه فتحوَّل إلى نكرة، وتلك فقَدتْ أنوثتها فأصبحت لا شيء، ورحم الله القائل:

تلقى فتاةً في ثيابِ ترجُّل
فتخالها من جملةِ الفتيانِ
نفسُ الملابس والمجالس والخطى
لم يبقَ إلا الشَّعرُ في الأذقانِ
أو قد ترى في الوجه دون تعمُّدٍ
عجبًا من الأصباغ والألوانِ
وإذا رأيتَ جلوسَهم وحديثهم
ورأيتَ أكوامًا على الميدانِ
لرأيتَ مِن دول الأعاجم لوحةً
مرسومة بأنامل الشَّيطانِ
ولسوف تُقسِمُ بالإلهِ مجاهرًا
أنْ قد رأيتَ الغربَ رَأْيَ عيانِ

 

الرابع: مَن جمَع بين القوة والأمانة:

فيكون قويًّا في بدنه، أو غزيرًا في عِلمه، أو كثيرًا في ماله، أو فصيحًا في قوله، أمينًا تقيًّا رفيقًا، حَسَن الخلق، وهذا خيرهم وأفضلهم وأنفعهم؛ كما جاء في القرآن: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، وكما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٍّ خيرٌ، احرِصْ على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تَعجِزْ، وإن أصابك شيء فلا تقُلْ: لو أني فعَلْتُ، كان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قدَرُ اللهِ وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان))؛ رواه مسلم.

 

ومن صور ذلك:

• الشاب المستقيم، الورِعُ المتعفِّف، والحاكم العادل، المنصف لرعيته، فهؤلاء أقوياء، ومع ذلك أمناء، وهم من السبعة أصحابِ الظِّل يوم القيامة؛ فقد روى أبو سعيد الخدريُّ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبعة يُظِلُّهم اللهُ في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله))، وذكر منهم: ((إمام عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله))، وساق الحديث إلى آخره.

 

• الداعية المتمكِّن، غزير العلم، واسع الاطِّلاع، قويُّ الحجة، حَسَن الخلق، بليغ الخطاب، قوي البدن، المتفاعل مع مجتمعه، هو الداعية الحي، والمربي القدوة، الذي سيُغيِّر وجه الأرض.

 

• الأمة الإسلامية حين تتسلَّح بالإيمان، وتتحصَّن بالعلم، وتقوم صفًّا واحدًا في مواجهة أعدائها كالبنيان المرصوص، وحين تحقِّقُ قولَه - تعالى -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، تعُود صاحبةَ الرِّيادة والقيادة، والكلمة والسيادة، ويتحقق فيها قولُه - تعالى -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، ولن يقف في وجهها عدو، وتكون هي المعنيَّة بقول الشاعر العشماوي متفائلاً:

صُبْحٌ تنفَّسَ بالضِّياءِ وأشرقا
الصَّحوةُ الكبرى تهزُّ البيرقا
وشبيبةُ الإسلام هذا فَيْلقٌ
في ساحةِ الأمجاد يتبَعُ فَيْلقا
وقوافلُ الإيمان تتَّخذ المَدى
دربًا وتصنَعُ للمُحيط الزَّورقا
وحروفُ شِعري لا تمَلُّ توثُّبًا
فوق الشِّفاهِ، وغيبُ شعري أبرقا
وأنا أقول وقد شرِقْتُ بأدمُعي
فرحًا وحُقَّ لِمَن بكى أن يشرَقا
ما أمرُ هذي الصَّحوة الكبرى سوى
وعدٍ مِن الله الجليل تحقَّقا
هي نخلةٌ طاب الثرى فنَمَا لها
جذعٌ قويٌّ في التراب وأعذقا
هي في رياضِ قلوبنا زيتونةٌ
في جذعِها غصنُ الكرامة أورقا
فجرٌ تدفَّق مَن سيحبِسُ نورَه
أرِني يدًا سدَّتْ علينا المشرقا
يا نهرَ صحوتِنا، رأيتُك صافيًا
وعلى الضفاف رأيتُ أزهار التُّقى
فجرٌ تدفَّق مَن سيحبِسُ نورَه
أرِني يدًا سدَّت علينا المشرِقا

 

ونواصل حديثنا مع ثنائية أخرى بمشيئة الله، والله الموفق





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (1) العقل والشهوة
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (2) الذكر والأنثى
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (4) الكتاب والحديد
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (5) صحة الفهم وحسن القصد

مختارات من الشبكة

  • المباديء اللدنية للعلوم النقلية والعقلية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ثنائيات لا تلتقي(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • ثنائيات تلتقي(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • ثنائيات متلازمة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • ثنائيات أحكام الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأدلة النقلية والعقلية على إثبات الربوبية لله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فائدة في هل قول العلوم الشرعية والعقلية وقول السمعية والعقلية أيهما أصح(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الخلاصة والنتيجة من كتاب صدام الثنائيات افتعال الصراع بين الملتقيات(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأدلة النقلية على ما جاء بالمنظومة الحائية من عقائد سلفية (9)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب