• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تنمية المهارات
علامة باركود

الصحة والفراغ

الشيخ طه محمد الساكت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/5/2013 ميلادي - 27/6/1434 هجري

الزيارات: 27868

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصحة والفراغ [1]


عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ))؛ رواه البخاري[2].

 

هذا الحديث أيضًا من جوامع كَلِمه - صلوات الله وسلامه عليه - وقصدًا إلى الإيضاح؛ جعلنا القول فيه ذا شُعَب ثلاث: الأولى في مُفرَداته، والثانية معناه، والثالثة في بعض ما يشير إليه من لطائفَ وأسرار.

 

المفردات:

نعمتان: فُسِّرت النِّعمة - بكسر النون - بالإنعام، وبالحال الحسنة التي يكون عليها الإنسان، وبما مَنَّ الله به على العبد من فضلٍ وإحسان، وهذا أنسب المعاني هنا[3].

 

ويرى الإمام الغزالي أن النعمة بحق هي السعادةُ الأخروية، وكل ما يُعين عليها من قُرب أو بُعد، وأما السعادة الدنيوية وما يَعُده الناس خيرًا ولذة مما لا يؤدي إلى سعادة الآخرة ولا يُعين عليها، فليس من النعمة في شيء؛ فإن سُمِّي نعمة، فذلك من قبيل التجوُّز أو الغَلَط[4].

 

مغبون: مغلوبٌ مخدوعٌ، أو قليل الفِطْنة ضعيفُ الرأي؛ الأول من قولهم: غبَنَه في البيع أو الشراء، إذا غلَبه وخدَعه وبخسَه شيئه؛ والثاني من قولهم: غبِن رأيه، إذا قلَّت فِطنته ونَقَص ذكاؤه[5].

 

الصحة: خلاف المرض، أو هي سلامة الجسم من العيوب والآفات، وفسَّرها صاحب "المصباح" بأنها حالة طبيعية في البدن تجري أفعاله معها على المجرى الطبيعي، وصحَّ يَصِح، فهو صحيح وصِحاح.

 

الفراغ: خلاف الشُّغل، والمراد كفاية المؤونة وخُلوُّ البال من شواغل العيش، ومن دعوات صاحب "الأساس": "اللهم إني أسألك عيشًا رافغًا، وبالاً فارغًا"[6].

 

نعمتان كبيرتان:

نِعَمُ الله تعالى كثيرة، وأحقُّها بالرعاية، وأوْلاها بالشكر - وهو حُسن توجيه النعمة وصرْفها فيما خُلِقت له - هاتان النعمتان الكبريان: نعمتا الصحة والفراغ؛ ذلك بأنهما رأس مال المُتَّجِر في الآخرة والأولى، وأعظم وسائل السَّعادة في الدين والدنيا، وهل يُحسِن عابد عبادته، أو يُتقِن عامل عمله، أو يُصابِر داعٍ في دعوته، أو يوفِّي راعٍ حقَّ رعيته، إذا سُلِب تاج الصحة، أو غُلَّ بأغلال العيش وأثقال الحياة؟

 

وإذا كان الشكر على قَدْر العطاء، فحقيقٌ بمن آتاه الله إحدى هاتين النعمتين ألا يدَّخِر وُسْعًا في تثميرهما والانتفاع بهما، وإن حُرِم أختها، وهي لها نِعْم الظهير والمعين.

 

الاتِّجار بالخيرات والمنافسة في الصالحات:

أما مَن أسبغ الله عليه النعمتين، وجمَع له بين الرغبتين؛ فكساه حُلَّة الصحة والعافية، وكفاه مؤونة العيش والحاجة، فما أحقَّه بالاتجار بالخيرات، والمنافسة في الصالحات! وما أخْلَقَه بالعمل فيما يعود عليه وعلى أمته بالنفع والخير والفلاح والرشاد! وما يمنعه وقد تنحَّت عنه العوائق، وتهيَّأت له الأسباب؟

 

وإذا كان إنتاج رأس المال إنما بحُسن التدبير والأعمال - كما يقول علماء الاقتصاد - فما ثمرة نعمة عطَّلها صاحبها أو ضيَّعها في الغيِّ والفساد؟

 

مثل الذين صرَفوا أوقاتهم في الشهوات والأهواء:

مَثَل أولئك الذين أضاعوا شبيبتَهم في اللهو واللعب، وأعمارهم في الشهوات والأهواء - وكثيرٌ ما هم - كمَثَل الأغرار من التجار؛ تخدعهم زخارف الأشياء، فيستبدلون الرخيص بالثمين، والخبيث بالطيب، فتَحقّ عليهم كلمة الإفلاس والهوان.

 

إنَّ النفس لَتَذهبُ حَسَرات، وإن القلب لينقطع زَفَرات، على شُبان وشوابّ، وأشباه رجال ونساء، يُنفِقون حياتهم - وهي أغلى ما يملِكون - في غير فائدة ولا جدوى، فضلاً عن المآثم والمضار.

 

ولو لم يُصِب هذا الداءُ العَياء إلا السِّفلةَ والأوغاد، لكان همًّا مُحتمَلاً، وخطبًا هيِّنًا، ولكنه فشا في عِلية القوم، وخاصَّة الأمة، ومَن يُرَجَّون لمصلحة البلاد.

 

مَثَل الذين صرَفوا أوقاتهم في طلَب المعالي وعمل الصالحات:

ومَثَل هؤلاء الذين صرَفوا أوقاتهم في طلَب المعالي، وتحصيل الفضائل، وادِّخار الصالحات، كمثل الحُذَّاق من التجار؛ يشترون البضائع الجزيلةَ بالأثمان القليلة، فيُضاعَف لهم الربح ويمتازون بالفضل والثراء.

 

وما الناس في هذه الدار إلا تجارٌ، وإن اختلفت ألوان التِّجارات ورؤوس الأموال.

 

خير تجارة وأزكاها:

ألا وإنَّ خير تِجارة وأزكاها، وأسلمها وأنماها، هي التجارة مع الكريم المنان، ذي الفضل والإحسان، الذي يشتري الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضِعف، إلى أضعاف كثيرة لا يعلمها إلا الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الصف: 10 - 12].

 

سر تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - هاتين النعمتين بالذِّكر:

دلَّ تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - هاتين النعمتين بالذِّكر على عظيمِ فضْلهما، وكريم خَطَرهما، وإن استهان بهما الناس فلم يُقدِّروهما قدْرَهما، شأنهم في كل جليل من النِّعم، وكريمٍ من الهِبات، لا سيما النعم التي تَعُم العبادَ على السواء.

 

واعتبر بالشمس والهواء، والنار والماء، لا يعيش بدونها على أديم الأرض مخلوق، ومع هذا فهم عنها عَمُون، ولفضلها جاحدون، ثم هم بعد ذلك يُعظِّمون مُحقّرات الأمور، ويتنافَسون على تَوافِهِ الأشياء.

 

دُعي الحسن البصري إلى طعام ومعه فرقدٌ السِّنجي[7] وأصحابه، فقعدوا على المائدة وعليها الألوان من الدجاج المسمَّن والفالوذ[8]، فاعتزل فرقد ناحية، فسأل الحسن: أهو صائم؟ قالوا: لا ولكنه لا يأكل الفالوذ ويقول: لا أؤدي شكرَه، فقال: أيشرب الماء البارد؟ قالوا: نعم، قال: إنه جاهل، إنَّ نعمة الله عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ، ثم أقبل عليه فقال: يا فريقد، أترى لُعابَ النحل بلباب البُرّ بخالص السمن، يَعيبه مسلم؟!

 

على قدْر إلف النعمة، تكون الغفلة عنها:

ويبدو جليًّا أنه على قَدْر إلف النعمة ولِزامها، تكون الغفلة عنها، وقلما ذكَر أحد نعمة ألِفها إلا بعد فقْدها، ومن هنا قيل: إنَّ الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المَرْضى.

 

عنايته - صلى الله عليه وسلم - بأمر الصحة:

يُعنى علماء التربية والأخلاق بأمر الصحة والفراغ، وَيبسطون الوسائل في تدبيرها وحُسْن القيام عليها؛ لأن الصحة هي الشرط الأول لقيام الإنسان بالفضائل والواجبات وتأديتها على خيرِ وجه وأكملِه، كما يُعنون بالرياضة البدنيَّة؛ لأنها من ألزم الأمور لتوفير صحة الجسم ونشاطه، ولأنها تشغَل صاحبها عن العبث والهوى.

 

ولكن سبَقهم إلى هذا كله سيدُ الحكماء والمربِّين - صلوات الله وسلامه عليه - علمًا وعملاً، وهديًا وإرشادًا.

 

جاء في مسند الإمام أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس - رضي الله عنه -: ((يا عباس، يا عمَّ رسول الله، سَلِ العافية في الدنيا والآخرة))[9].

 

وروى الترمذي وغيره من حديث عبدالله بن مِحصَن الأنصاري[10]: ((مَن أصبَحَ مُعافى في جسده، آمنًا في سِرْبه، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَت له الدنيا))[11].

 

وروى الحاكم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل وهو يَعِظه: ((اغتنِم خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هَرمِك، وصحَّتَك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شُغلك، وحياتَك قبل موتك))[12].

 

وكان لا يأكل حتى يجوع، وإذا أكل لا يشبع[13]، وما أكل طعامًا تَعافه نفسه، وما أكل طعامًا على طعام قط، وكان لا يتشهَّى ولا يتكلَّف، وقد تداوى وأمَرَ بالتداوي، ولكن الوقاية عنده خير من العلاج، وهذا منتهى ما وصل إليه الطب الحديث.

 

ومَن اهتدى بهديه في تدبير المطعم والمشرب، والنوم واليقظة، والسكون والحركة، فإنه لا يحتاج إلى طبيب قط.

 

تجزئته - صلى الله عليه وسلم - لوقته:

أما وقته - صلوات الله عليه - فكان يُجزِّئه ثلاث أجزاء: جزء لله - عز وجل - وجزء لأهله، وجزء لنفسه؛ ثم يجزِّئ جُزأه بينه وبين الناس، فيتعهَّدهم ويَبرّهم ويتولَّى شؤونهم، ويخبرهم بالذي ينبغي لهم، ويُؤثِر أهل الفضل على قَدْر فضْلهم في الدين؛ ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

تقدير السلف للوقت:

وبعد، فإذا أَهمَّنا الخير لأنفسنا وبلادنا، فلنُسارِع إلى حلِّ هذه المشكلة العظمى؛ مشكلة الحياة وإضاعتها سُدًى، وفي طليعة ما نتقدَّم به من علاج هو النظر في تاريخ أسلافنا الأماجد، الذين قدَّروا الوقت حقَّ قدْره، ولم يُفرِّطوا في شيء منه دون فائدة، حتى كان منهم العلماء المبرّزون، والحكماء الربانيون، والهداة الراشدون.

 

هذا ابن رشد؛ نقرأ في تاريخه أنه لم يَدَع النظرَ ولا القراءة منذ عَقَل إلا ليلة وفاة أبيه وليلة بنائه على أهله.

 

وهذا داود الطائي كان يَستفُّ الفتيت ويقول: بين سَفِّ الفتيت وأكل الخبز تلاوةُ خمسين آية.

 

وهذا محمد بن أحمد البيروني - وكان جليلَ القدر، أثيرًا عند الملوك، مُكبًّا على تحصيل العلم - دخل عليه بعض أصحابه، وهو يجود بنفسه، فقال له: كيف قلت لي يومًا حساب الجدات في الميراث؟ فقال له صاحبه: أعلى هذه الحالة؟ قال: يا هذا، أُودِّع الدنيا وأنا عالم بها؛ أليس هذا خيرًا من أن أُخلِّيها وأنا جاهلٌ بها؟ قال: فذكرتُها له وخرجت، فسمعت الصريخ عليه وأنا في الطريق[14].

 

ولسنا بحاجة إلى الإفاضة في ضرب الأمثال؛ فحسْبُنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - والذين تخرَّجوا على يديه؛ الذين ملؤوا الدنيا نورًا وهدى، وعلمًا وعملاً، وفتحًا وعدلاً، وما كانوا أحسن منا صحة، ولا أكثر منا فراغًا.

 

تفاوت النعم فضلاً ورتبة:

ودلَّ هذا التخصيص كذلك على أن النعم تتفاوت فضلاً ورتبة.

 

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: اختلف في أول نِعَم الله على العبد، فقيل: الإيمان، وقيل:
الحياة، وقيل: الصحة... ثم قال: وأمثل هذه الأقوال الأول.

 

أجلُّ نِعَم الله على عباده:

وأدقُّ من هذا ما حقَّقه صاحب "زاد المعاد"[15]، من أن العافية المُطْلَقة هي أجلُّ نِعَم الله على العباد، ويعني بالعافية المُطْلقة السلامة من الآفات في الدين والدنيا، واستشهد لذلك بما رواه الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((سَلَوا الله اليقين والمُعافاة؛ فما أوتي أحد بعد اليقين خيرًا من العافية))[16]، فجمع بين عافيتي الدين والدنيا، ولا يتمُّ صلاح العبد في الداريين إلا بهما، ومما يُذكَر عن ابن عباس أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما أسأل الله بعد الصلوات الخمس؟ فقال: ((سلِ الله العافية))، فأعاد عليه، فقال له في الثلاثة: ((سَلِ الله العافية في الدنيا والآخرة))[17].

 

وتنقسم النعم باعتبارات مختلفة إلى أصول وفروع، وعامة وخاصة، وأساسيَّة وكماليَّة، إلى غير ذلك مما لا يحصى.

 

ولو أراد أحد أن يستقصى نعمة واحدة منها ويحصر أسبابها ومهيئاتها، لما استطاع إلى ذلك
سبيلاً ، وصدق الله إذ يقول: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18].

 

وليس المقام هنا للبسط والتفصيل، فمن أراد ذلك، فليرجع إلى كتاب الشكر من "الإحياء"؛ فقد أفاض الإمام الغزالي فيه وأجاد، ولا ريب أنه فارس هذا الميدان[18].

 

قلة الشاكرين:

يشير الحديث إلى ضَعْف الناس أمام الهوى، وإلى أن شكْر الله - جلَّت آلاؤه - حِصْن حصين من غوائل الأهواء والشهوات.

 

ثم يشير إلى أنَّ الشاكرين - وقليلٌ ما هم - أكيس الناس، وأحرصهم على خير، وأولاهم بفضل؛ اشتروا بثمنٍ بخس - حياة محدودة، وأوقات معدودة - ملكًا كبيرًا، ونعيمًا مقيمًا، وعزًّا خالدًا، أولئك هم الناس، وأولئك هم الأكياس[19]، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة.

 

المصدر: من ذخائر السنة النبوية؛ جمعها ورتبها وعلق عليها: الأستاذ مجد بن أحمد مكي



[1] مجلة الأزهر، العدد السابع، المجلد الرابع عشر، (1362).

[2] أخرجه البخاري (6412) في كتاب الرقاق.

[3] وأما النَّعمة بالفتح، فهي: التنعم، [وبالكسر: الإنعام]، وبالضم فهي: المسرَّة؛ كما في "الكشاف" [4: 640] (طه).

[4] إحياء علوم الدين، كتاب الصبر والشكر، في الركن الثاني من أركان الشكر: بيان حقيقة النعمة وأقسامها 4: 99.

[5] الأول مُتعدٍّ وبابه ضرب، والثاني لازم وبابه تَعِب، وقد يُنصَب ما بعده على نزع الخافض أو على التمييز كقولهم: رشد أمرَه، وسَفِه نفسَه؛ انظر "اللسان" (طه).

[6]أرفَغ: اتَّسع عيشه ورغد، والأرفغ من العيش: الخصيب الواسع، وصاحب الأساس هو العلامة المفسر اللغوي الزمخشري المتوفَّى (528هـ) رحمه الله تعالى.

[7] سِنج بكسر السين: قرية من قرى مرو، يُنسَب إليها جماعة من أهل العلم (طه).

[8] في "المختار": الفالوذ والفالوذق معربان، قال يعقوب: ولا تقل الفالوذج، وفي القاموس: الفالوذج، واقتصر عليه، حلواء معروفة (طه).

[9]رواه أحمد 1: 209 (1783)، والترمذي (3514)، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

[10] ويُسمى أيضًا: عُبيدالله، بالتصغير، قال الذهبي في "الكاشف" (2945): "عبدالله بن محصن الأنصاري، اختُلِف في صحبته، عنه ابنه سلمة"، وقال الحافظ سِبْط بن العجمي في "حاشيته على الكاشف" 1: 592: تابَع المؤلف المزي هنا، وفي "التذهيب" وفي ذكر عبدالله هذا مكبَّرًا، وأنه اختلف في صحبته، وقد قال مُغْلطاي: إنه لم يره في كتب العلماء إلا مُصغَّرًا مجزومًا بصحبته، انتهى.

وقد ذكره المؤلِّف في "تجريده" مصغرًا مجزومًا بصحبته، ثم قال الذهبي في آخر ترجمته: وقيل: بل هو عبدالله.

[11]رواه الترمذي (2347) وقال: حسن غريب، وابن ماجه (4141)، ورواه أيضًا البخاري في "الأدب المفرد" (300) كلهم من طريق سلمة بن عبيدالله بن محصن، وسلمة: قال أحمد: لا أعرفه، وليَّنه العقيلي كما في "حاشية الكاشف" (2038)، وفي "التقريب" (2399): مجهول.

ورواه أيضًا ابن حبان في "صحيحه" (671) من حديث أبي الدرداء، وسنده ضعيف جدًّا؛ فيه عبدالله بن هانئ بن عبدالرحمن بن أبي عبلة، قال الذهبي في "الميزان" و"المغني": "متهم بالكذِب"، ومع ذلك فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" 8: 357، ونسَبه الهيثمي في" المجمع" 10: 289 إلى الطبراني، وقال: "رجاله وثِّقوا على ضَعف في بعضهم".

وقوله: في سِرْبه؛ أي: في نفسه، يقال: فلان واسع السرب؛ أي: رخيُّ البال، ورُوي بفتح السين، وهو المَسلَك؛ كما في "جامع الأصول" 10: 136، والحذافير: عالي الشيء ونواحيه، يقال: أعطاه الدنيا بحذافير؛ أي: بأسرها، الواحد: حذفار.

[12] انظر كتاب الرقاق في فتح الباري ج 11، وزاد المعاد ج 3، وشرح المواهب اللدنية ج 4 (طه)، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك برقم (7916).

[13] ((نحن قوم لا نأكل حتى نجوع)).. إلخ، صحيح المعنى، ولكني لم أجده حديثًا بعد طول البحث، ثم أخبرني مُحدِّث ثقة أنه ثابت المعنى، غير ثابت اللفظ (طه).

[14] وانظر أخبار السلف في العناية بالوقت كتاب "قيمة الزمن عند العلماء"؛ لأستاذنا العلامة الجليل الشيخ عبدالفتاح أبو غدة - رحمه الله تعالى.

[15] 4: 214.

[16] أخرجه أحمد 1: 3 (5) و 1: 4 (17) و 1: 8 (46)، وابن ماجه (3849)، ولفظه من حديث أبي بكر: ((سلوا الله المعافاة - أو قال العافية - فلم يؤتَ أحد قط بعد اليقين أفضل من العافية أو المعافاة))؛ وهو حديث صحيح.

[17] يشهد له ما رواه الترمذي برقم (3512) من حديث أنس بن مالك، أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أيُّ الدعاء أفضل؟ فقال له مِثْل ذلك، ثم أتاه في اليوم الثالث، فقال مِثل ذلك، قال: ((فإذا أعطيت العافية في الدنيا وأعطيتها في الآخرة، فقد أفلحت))، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان.

[18]إحياء علوم الدين4: 80- 127.

[19]يشير إلى الحديث الذي رواه ابن ماجه في كتاب الزهد (4259) عن ابن عمر أنه قال: كنت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل من الأنصار، فسلَّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: ((أحسنُهم خُلُقًا))، قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: ((أكثرهم للموت ذِكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولئك الأكياس)).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشكلة وقت الفراغ
  • الفراغ والإجازة
  • الشغل.. والفراغ
  • العناية بالصحة
  • الصوم والصحة النفسية
  • الزكاة والصحة النفسية
  • الفراغ في حياة الشباب
  • هلك العبد وباغ في نعمة الفراغ !
  • الفراغ داء قاتل!
  • فراغ! (بوح)
  • فراغ وصدى
  • الفراغ القاتل
  • الصحة والفراغ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الصحة البدنية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فقه الصيام (2) شروط: الوجوب - الصحة - الوجوب والصحة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مقومات الصحة النفسية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أنشطة أوقات الفراغ لدى الشباب الجامعي وعلاقاتها ببعض جوانب الصحة النفسية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الصحة والفراغ(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • فوائد من حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باحثون ومهنيون يجتمعون في ويستلاند لمناقشة الصحة النفسية للمجتمع الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ندوة لأساتذة التربية الإسلامية عن الصحة النفسية للطلاب(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الأربعون النبوية في الصحة البدنية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مسلمو فلوريدا ينظمون مبادرة لتعزيز الصحة العقلية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب