الإجازة المنفصلة للزوجين.. هدنة أم إعادة شحن؟!

الإجازة المنفصلة للزوجين

هدنة أم إعادة شحن؟!

• د. الحربي: لا أُوافِق على السَّفَر وحيدًا، ولا يَطيب لي الإجازة بدون زوْجتي.

• ولاء: مدخَل للشيطان، وتُسبِّب أزماتٍ غيرَ مأمونة العواقب.

• محمد اليحيى: كما هي بيوتُنا تحتاج إلى صيانةٍ، كذلك القلْب يحتاج إلى تجديدٍ لكسر المَلَل وإنعاش الرُّوح.

• البارون: الأزواج لا يحتاجون إلى هُدنة، إنَّما يحتاجون إلى حلول لمشاكلِهم العالقة.

• د. سميرة عبدالوهاب: فُرصة للوقوف أمامَ مرآة النَّفْس لنقيم مشاعرنا.

• استبيان: الزوجات: "لا بحبه ولا أقدر على بُعده!".

• الأزواج: نُفضِّلها إجازة مزدوجة!!

حينما يصبح جِسر الوصول بيْن الزوجين على وشك التهالُك، ويحتاج لإعادة ترميمه، فقد تكون الإجازة المنفصلة للزوجين هي الحلَّ لإعادة إحياء ما تهاوى مِن مشاعرهما في خضمِّ المسؤوليات والضغوطات، ولإعادة شحْن الجَسَد المُنهك والرُّوح المتعَبة، وتفريغ شُحنات التجاهُل والانشغال؛ ليصبحَ الوصول أسهلَ، والقرب أجمل، والمشاعر أعمق.

استبيان:
مِن خلال استبيان قامت به مجلَّة "تايم الأمريكية" حول إذا ما كانت الإجازة المنفصلة للزوجين تَعني وجودَ علاقة مضطربة بينهما، أم تعني تجديدَ الحب والاشتياق بينهما، جاءتِ الإجابات تؤكِّد أنَّه ليس بالضرورة أن يكون معناها وجود اضطرابٍ بين الزوجين، مؤكِّدة أنَّ الإجازة القصيرة والمنفصلة بين الزوجين كثيرًا ما تأتي بنتائجَ رائعة في صالح تجديدِ المشاعر، وتقوية وتعزيز الصِّلة بينهما، ولكن هل يتَّفق هذا الاستبيان مع منطقتنا العربية التي تضَع قواعدَ أخرى مختلفة للحياة الزوجية تخْضَع للعادات القوية والدين؟

تقول ولاء عبدالله:
مدخل للشيطان:
فِكرة الإجازة المنفصلة لكِلا الزوجين بعيدًا عن الآخَر هي في حدِّ ذاتها فِكرة غريبة ودخيلة على مجتمعاتنا العربيَّة والإسلامية، وتضيف: هي بالنسبة لي فِكرة مرفوضة، فطالما هناك إجازة، فلِمَ لا نستغلها في أن نزدادَ قُربًا وحميميَّة، ونجعلها فرصةً لتعويض الوقت الذي نَقضيه كلٌّ منشغل عن الآخَر؟! ففي ظلِّ هذه الحياة الصعبة لا يلتقي الأزواجُ أصلاً، وأنا لا أتَّفق مع القول بأنَّ الابتعاد بعضًا مِن الوقت يجدِّد المشاعر ويُقوِّي العلاقة بيْن الزوجين، بل على العكس فقد تكون مدخلاً مِن مداخل الشيطان، وتسبِّب أزماتٍ كبيرةً غير مأمونة العواقب بينهما.

يلعب بذيله:
وتُدخلنا "بتول" إلى مدخَل آخر: فهي ترى أنَّ غياب زوجها عنها لبضعةِ أيَّام قد تجعله يلعب بذيله! فتقول: أنا غيورة جدًّا، وأرافق زوجي في كلِّ رحلاته، وتُضيف قائلة: كيف أترُك لزوجي مساحةً لا أعرف عنه فيها شيئًا، أو لتفوزَ به غيري؟!

بينما محمد اليحيى - وهو زوج وأب - يقول:
مطلوبة أحيانًا:
إجازة قصيرة أعتقِد أنَّها مطلوبةٌ من وقت لآخَر؛ لإعادة دورة الحبِّ مِن جديد، وتجديد المشاعر لتعودَ بكامل طاقتها، فكما هي بيوتنا تحتاج إلى صيانةٍ مِن آن إلى آخَر، كذلك القلب يحتاج إلى تجديدٍ لكسر الملل وإنعاش الرُّوح.

ويتَّفق أشرفُ عبدالعزيز مع نفس الرأي، فيقول:
النتائج رائعة:
دائمًا ما نفعل ذلك أنا وزوجتي، فنستغلُّ السفر للعمل أو للزِّيارات العائلية للترويحِ عنِ النفْس المتعبة، وإلْقاء حمل المسؤولية الثقيل مِن على كاهلنا لبعضِ الوقت، ولتجديدِ العلاقة بيننا، والنتائج رائعة.

أما رأي د.محمد خليص الحربي - مستشار الموارد البشرية، مكة المكرمة -فهو مِن الرأي الرافض لفِكرة الإجازة المنفردة، فيقول موضحًا:
إجازة نعم، منفردة لا!

التجديد مطلوبٌ، ولكن لماذا السَّفَر كل على حِدَة؟! لو كان السفر لمكان له ذِكرى جميلة تجمعنا معًا، يكون أفضل مِن أن أسافر منفردًا، كالسفر للمكان الذي قضينا فيه شهرَ العسل، فأنا لا أعتقد أنَّ البُعد يجلب الشوق، ولو أُتيحت لي فرصةٌ للسفر بعيدًا بدون زوجتي لن أفعلَها، إلا إذا كان لعملٍ، ولكن ليس هروبًا مِن الواقع، فأنا لا يَطيب لي المقام بدون زوْجتي.

استبيان:
وفي استبيانٍ طريف أُجري مع عددٍ كبير مِن المتزوِّجين حولَ إجابة سؤال: هل تُفضِّل قضاء الإجازة منفردًا أم مع الزوج؟ جاءتِ الإجابة الخاصَّة بالزوجات على طريقة "لا بحبه ولا أقدِر على بعده" كالتالي:
أكثر من 80 % "مِن الزوجات قُلْن: نعم، يفضلن السفر بعيدًا بمفردهنَّ، ولكنَّها تبقى أمنية، فهنَّ لا يقدرن على ترْك الزوج بمفردِه لأسباب تتعلَّق بالغَيْرة وعدم الثِّقة، بينما جاءتْ إجابات 20 % من الرِّجال: لا.. نُفضِّلها مزدوجة!!

وحول تفسير هذا الاستبيان يقول د. خضر البارون - أستاذ علم النفس بجامعة الكويت:
نتيجة طبيعية:
هذه النِّسبة جاءتْ طبيعيَّةً نتيجة للضغوط التي تتعرَّض لها الزوجات والأعباء التي يُلقيها الرجل على كاهلها مِن عبء البيت، وتوصيل الأبناء للمدرسة، والذَّهاب بهم إلى الطبيبِ، وتدريسهم بالبيت، وغير ذلك مِن المهام التي يُلقيها الزوجُ غير مبالٍ على الزوجة، مكتفيًا بالإنفاق، وإجابة الأزواج جاءتْ تعبيرًا حقيقيًّا لأنانية الرَّجُل الذي يُفضِّل في الإجازات وجودَ مَن يخدمه ويُمتِّعه أيضًا.

وحول رأيه حولَ قِيام الزوجين بإجازة منفصِلة لتجديد العَلاقة الزوجية، يقول البارون:
تهدئة الأجواء:
إذا كانتِ الإجازة المنفصلة لتهدئة الأجواء الملتهِبة، فالأزواج لا يحتاجون إلى هُدنة، إنَّما يحتاجون إلى حلولٍ لمشكلاتهم العالِقة مِن خلال الحوار أولاً بأوَّل، وعدم ترْك شيء ليقع في بئر التراكمات؛ لأنَّ تراكم الخِلافات وتركها دون حلٍّ يجعلها في وقت تفور وتظهر على السَّطْح محدثة المشكلات التي يشعرون معها أنَّهم بحاجة إلى وقفةٍ لاتِّخاذ قرار مصيري، سواء بإنهاء هذه المشكلات أو بالانفصال.
لا أُشجِّع عليها.

ويُضيف البارون: أنا ضد أن يأخُذَ الزوجان إجازةً منفصلة، بل أفضلها ثنائية يبتعدان فيها عن الضغوطات والمشاحنات اليوميَّة، وإعادة شحْن طاقة الحبِّ التي قاربتْ على الانتهاء، فالإجازة معًا أراها نوعًا من التعويض يُقدِّمه الزوج لزوجته اعترافًا منه بجهدها، وامتنانًا لها على دَورها الرئيسي في بيته، ولا أُشجِّع أبدًا أن تترك الزوجة زوجها بمفردِه لفتراتٍ طويلة، فقد يُضاف إلى مشاكلها مشكلةٌ أخرى أكبر هي الخيانة!

أما د. سميرة عبدالعزيز - الاستشارية الأسرية - فتعرِض رؤيتها فتقول:
بشرط ألا نجور على حقِّ الآخر:
يتوقَّف مدى اتفاقي أو اختلافي مع الإجازة المنفصِلة للزوجين على سببِ هذه الإجازة ومدَّتها، فإذا كانتْ مجرد أيَّام قليلة للاستجمام واستعادة حيويَّة القلب والرُّوح للعودة أكثرَ اشتياقًا وحميميَّة، وكان هناك اتفاق واسترضاء مُسبَق بين الطرَفين، فنحن بشرٌ ولنا طاقة، ولا بأس من قضاء كلٍّ منهما إجازةً قصيرة، ولكن لا تكون على حسابِ حقوق الطرَف الآخر، كأن تترك الزوجة زوجها وأبناءَها لأيام يُعانون مِن تأثير بُعدها بحُجَّة الاستجمام! أو أن يترك الزوجُ فجأةً البيت مُعلنًا أنَّه مِن الآن في إجازة!

أمَّا إذا كانت بسببِ خِصام وخلافات حادَّة بيْن الزوجين، ويريد كلٌّ منهما أن يجلِس مع نفْسه لمراجعة النَّفْس، وإعادة الحسابات، واتِّخاذ قراراتٍ مصيريَّة بعيدًا عن التأثيرات المختلِفة، فيمكنهما ذلك، ولكن لفترة قصيرة حتى لا يُفهم مِن طول الإجازة أنَّ القرار قد اتُّخِذ فعلاً بالانفصال، فالانفراد بالنفس ومراجعة ذواتنا قدْ يُظهر لنا مدَى أهمية الطرَف الآخَر وقيمته بالنِّسبة لنا، فالإنسان يكون أكثرَ صدقًا أمامَ مرآة نفْسه، فتظهر مشاعره واضحةً جليه دون رتوش.