• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية الخاصة
علامة باركود

نشأة تعليم المكفوفين بالمملكة في المملكة العربية السعودية

أ. د. محمد بن سعد بن حسين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2011 ميلادي - 21/2/1432 هجري

الزيارات: 34636

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نشأة تعليم المكفوفين بالمملكة في المملكة العربية السعودية

ألقاها د. محمد بن سعد بن حسين

ألقيت بمبنى المكتبة المركزية الناطقة بالرياض عام 1413هـ

قدم لها وأدار ندوتها: الأستاذ/ عبدالرحمن الخلف مدير المكتبة المركزية الناطقة

مدير الجلسة: الأستاذ: عبد الرحمن الخلف:[1]

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

يسر المكتبة المركزية الناطقة أن تبدأ برنامجها الثقافي باستضافة الأستاذ الدكتور (محمد بن سعد بن حسين) الأديب الكبير والكاتب المعروف والمؤلف البارز القدير، الكفيف الذي شق طريقه في الحياة واستقرت أقدامه على أرض صلبة يقف عليها راسخ القدم طويل الباع في الأدب والثقافة وذا أثر وتأثير في حياتنا الأدبية والإسلامية بصفة عامة، ولعل الكثير منا يعرف الدكتور (محمد بن سعد بن حسين) من خلال مؤلفاته التي تربو على ثمانية وعشرين مؤلفاً زود بها مكتبتنا العربية.

 

ولد محدثنا في عام (1350) في بلدة (العودة) من إقليم (سدير)، وبدأ تعليمه في هذه البلدة ثم انتقل إلى مدينة الرياض ودرس على بعض علماءها مثل الشيخ: (محمد بن إبراهيم)[2] ثم انتقل إلى الحجاز ودرس على بعض علماء الحرم المكي مثل الشيخ (أبو السمح)[3]، ثم التحق (بدار التوحيد)[4]، ثم عاد إلى الرياض وأتم دراسته في (المعهد العلمي)[5] ثم في كلية اللغة العربية.

 

وقد حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب والنقد من جامعة الأزهر، وله نشاطات أدبية وثقافية جال فيها وصال داخل المملكة وخارجها يصعب حصرها، ويبرز نشاطه بشكل واضح في خدمة الأدب السعودي، وقد أسهم بفكره وأدبه في وضع البرامج الأدبية والإعلامية التي تخدم الجامعات في المملكة العربية السعودية، وأسهم في إثراء البحوث الإسلامية والأدبية من خلال البرامج التي يقدمها في الإذاعة منذ أكثر من (13) عاماً، ومن خلال منصبه كرئيس لقسم الأدب والنقد.

 

وبصفته أستاذاً في الأدب والنقد أشرف على عدة رسائل للدكتوراه والماجستير، كان فيها باحثاً مجيداً وملاحظاً دقيقاً وموجهاً مفيداً.

 

وهو بالإضافة إلى ذلك عضو في رابطة الأدب الإسلامي ورابطة الأدب الحديث في مصر، وهناك أسباب قوية تجعلنا نختاره مفتتحاً لنشاطنا الثقافي، ومتحدثاً عن جانب تاريخي مهم في حياة المكفوفين ربما يجهله الكثير، ومن بين هذه الأسباب كونه أول شخص بالمملكة تعلم طريقة برايل وأول من أسس مدرسة لتعليم المكفوفين، وذلك قبل (38) عاماً تقريباً، وأسهم في فتح مدرسة ابتدائية لتعليم الكبار.

 

ومحدثنا له نشاط كبير يظهر في اشتراكه في بعض المؤتمرات والندوات داخل المملكة وخارجها، وقد استضافته بعض الجامعات العربية للاستفادة من علمه وأدبه في معالجة القضايا الأدبية.

 

وهو الآن يشغل منصب أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وما زال مستمراً في إثراء الساحة الأدبية بعطائه وفكره.

 

والدكتور (محمد بن سعد بن حسين) من رجال التربية والتعليم الذين أمضوا في هذا الميدان أكثر من أربعين سنة، ولا يزال يبني وينشئ أنفساً وعقولاً.

الدكتور محمد بن سعد بن حسين:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين وجعلنا منهم، آمين.

 

في الواقع أني عظيم السرور بهذا اللقاء الطيب المبارك إن شاء الله، والذي أشكر عليه الشيخ عبد الرحمن وإخواننا في التعليم الخاص، وهي فرصة جيدة جداً لأن نلتقي بإخوان نحبهم، قد لا تكون الفرص مناسبة فيما مضى للالتقاء بهم، فهذا اللقاء من حسنات الشيخ عبد الرحمن جزاه الله خيراً.

 

ولست أدري ما الذي أتحدث معكم فيه؟ فشؤون المكفوفين شؤون رحبة وواسعة، وحديثها أكثر ثراء من قديمها، غير أن في القديم أشياء كثيرة أهملها كثير من المؤرخين العرب، ولم يلتفتوا إليها، من ذلك على سبيل المثال أن أحد رجال الدين المسيحي في القرن الرابع للميلاد، أي قبل البعثة النبوية بزمن، قد حاول بقص بعض القصاصات من الخشب، تعليم المكفوفين حروف الكتابة في ذلك الزمن، وقد صار على نهجه عالم عربي في العصر العباسي، كان يصنع الحروف من الورق، ويلصقها في الكتب التي يريد أن يتعرف عليها ليدرك باللمس أسماء الكتب وأثمانها وما أشبه ذلك، ثم صار يَقُد شيئاً من الخشب، ويصنع كالذي يصنعه الرجل المسيحي سابق الذكر، ولست أدري ما إذا كان العالم العربي قد استفاد من النصراني أم لا؟ لكن علماء الإسلام كانت لهم أعمال جليلة سبقوا فيها الكثيرين من الآخرين.

 

وكان المعلمون في الكتاتيب يحسون بحاجة المكفوف إلى أن يعرف الحروف وإلى أن يكون لديه تصور، وأذكر ونحن في المدرسة كانت تُخط لنا الحروف على الرمل ونتصور هذه الحروف تماماً، بل وكنا في ذلك الوقت نستطيع كتابة بعض الحروف بالقلم نتيجة لما تعلمناه على الرمل.

 

إذن علماء العرب والأقدمون من قبلهم أحسوا بالحاجة إلى هذا وعملوا من أجله ولكنهم لم يُوفقوا إلى ما وفق إليه المتأخرون الذين أوجدوا طريقة برايل.

 

كنا ونحن طلبة نسمع من أساتذتنا أن طلاباً مكفوفين في بلاد عربية يحسنون القراءة والكتابة، وأن هناك كتباً يقرؤونها، كما يقرؤون القرآن الكريم ويقرؤون بعض الكتب الأخرى كألفيه بن مالك على سبيل المثال، وكنا من الجيل الذي يحرص على حفظ ألفية بن مالك، فكنا نتشوق إلى مثل هذه المطبوعات، لكن كيف نبحث عن أشياء لا تتوفر لدينا.

 

وكنا نسمع عن مدرسة المكفوفين التي أسست في بلدة (البيرة) في (فلسطين) وعن المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين في القاهرة، وهو من أسبق المراكز الخاصة بتعليم المكفوفين في العصر الحديث، كنا نسمع عن هذه المدارس والمراكز وما تطبعه من كتب بالخط البارز، ونتوق إلى الاستفادة من مطبوعاتها، لكن لم تكن الأسباب ميسرة في تلك الأيام.

 

في سنة (1372هـ) وفد على الرياض رجل سعودي الجنسية عراقي النشئة تعلم طريقة برايل في العراق، وقدم إلى المملكة بهدف الدراسة في المعهد العلمي آنذاك وكنا طلبة في هذا المعهد، فسمعنا عنه والتقينا به، غير أنا كنا متشككين في الدراسة بمثل هذه الطريقة، البعض يقول إنها لون من السحر، وآخرون يقولون إنها بدعة وما إلى ذلك من الأمور، وهذه الأقوال عن طريقة برايل لا تختلف عما قيل عن الوسائل التي ظهرت في هذا العصر ولم تكن معروفة من قبل فعاداها الإنسان بحكم جهله بها كالبرق والهاتف فالإنسان عدو ما جهل، ومن هنا كان يوجد تشكك في هذه الطريقة، ولم يكن طريق تعلمها ميسور لنا، بحكم عدم اقتناع أو هضم الكثير لها، من أجل ذلك اتفقنا مع الأخ (أحمد باحسين) هذا الرجل الذي تعلمها في العراق، اتفقنا معه على أن يأتي إليّ في البيت، وبالفعل كان يأتي إليّ، واجتمعنا ثلاثة من الطلبة هم أنا والدكتور محمد المفدى والشيخ علي السويد، فالتقينا معاً وصرنا ندرس على هذا الرجل، وأمضينا في دراستنا (15) يوماً فقط، بعدها واصلنا تعلمها بأنفسنا، وكان يأتي لنا باللوحات وبالكتب من خارج المملكة ولا ندري من أين يأتي بها، وكنا على استعداد لبذل كل ما يطلب منا في سبيل الحصول على وسائل تعلمها، وكان (باحسين) رجلاً فاضلاً أخلص في تعليمنا وأخلص في خدمتنا، غير أننا لم نصحبه أكثر من نصف شهر كما ذكرت لكم، حيث كنا طلبة وأوقاتنا محدودة فواصلنا طريقنا بأنفسنا.

 

وحينما تعلمناها نحن الثلاثة أخذنا بعد ذلك في نشرها بين المكفوفين الذين نلتقي بهم ونعرفهم، غير أن الناس لم يكونوا على استعداد لتقبلها لتشككهم في نجاح تعلم المكفوفين بهذه الطريقة.

 

أذكر أنني في عام (1373هـ) سافرت إلى مكة فالتقيت ببعض إخواننا المكفوفين، كان منهم الشيخ (صالح الزغيبي) وكان زميلاً لنا في دار التوحيد أيام أن كنا طلبة بها في الطائف، وجمعنا أيضاً ببعض المكفوفين، وبدأت أعلم هؤلاء هذه الطريقة.

 

وفي يوم من الأيام كنا في الحرم، فمر بنا (عبد الله عريف) ووجدنا نتعامل مع شيء لم يعرفه، فبفضول الرجل الصحفي سألنا ما هذا، فأخبرته، وطلب مني أن أذهب معه إلى مكتبه في صحيفة (البلاد)، حيث كان رئيس تحريرها إذ ذاك، فذهبت معه وأخذ مني بعض المعلومات عن هذه الطريقة ونشرها في صحيفته، وكان هذا أول تحقيق صحفي ينشر عن هذه الطريقة من خلال الصحف المحلية في المملكة.

 

ثم عدت إلى الرياض وواصلنا التعليم بأسلوب فردي، كل من رغب في هذا أخذنا ندربه في كلية اللغة العربية.

 

وفي سنة ألف وثلاثمائة - أحسبها - ست وسبعين، وجدت أن هذا الأسلوب الذي نسلكه في تعليم المكفوفين غير مُجدٍ، فاستأذنت الشيخ (عبد اللطيف) رحمه الله في فتح مدرسة بعد العصر في فصول كلية اللغة العربية، وكانت إذ ذاك في (دخنه)، مبناها في أول الشارع الذي كان يعرف بشارع السلام، ولا أدري هل بقي على هذا الاسم أم تغير اسمه، وحينما تمت الموافقة على المدرسة دعونا الطلبة المكفوفين للالتحاق بها.

 

ولعكم تعلمون أن الرئاسة العامة للكليات والمعاهد التي هي نواة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الوقت الحاضر عندما وجدت بعض المكفوفين لا يرتاحون إلى دراسة الجغرافيا والرياضيات، قسمت المعهد إلى قسمين:

• قسم يسمونه الخاص.

• والقسم العام.

 

القسم الخاص يدرس فيه المكفوفون الذين لا يرغبون أن يدرسوا الجغرافيا وما إليها، ثم طلب بعض المبصرين أيضاً أن يكونوا مع المكفوفين في هذا، حيث لا يريدون دراسة الجغرافيا والرياضيات وما إلى ذلك، فالتحق بهذا القسم مع المكفوفين جملة من المبصرين.

 

ودعونا الطلبة المكفوفين المنتسبين إلى المعهد العلمي وكلية الشريعة إلى الالتحاق بهذه المدرسة، فأقبلوا عليها والتحقوا بها بكثرة ما كنا نتصور أنها ستكون، وقد أعانني في ذلك الشيخ عبد الله بن غانم في تعليم هؤلاء.

 

وأذكر أني كنت أكتب في الليل على اللوحة الصغيرة هذه التي فيها ثمانية أسطر تقريباً، كنت أكتب في الليل ما يقرب من (16) تمريناً لمجموعة من الطلبة أظنهم يجاوزون الستة عشر تقريباً لا أتذكر الآن، وكان من بينهم (عبد العزيز الجهيمي)[6] وبعض إخواننا، المهم أني كنت أكتب (16) تمريناً لـ(16) طالباً، فأضربها (16×16) كلها أكتبها ليليلاً، كل ليلة أكتبها بهذا المسمار الذي يقول عنه بعض إخواننا المبصرين (المنغاز)، وكنا نقوم بهذا العمل لعدم توفر الكتب من ناحية، ومن ناحية أخرى كانت مواردنا شحيحة، فلا نستطيع أن نجلب مثل هذه الكتب من الخارج، لأن مكافآت الطلبة في تلك الأيام كانت محدودة.

 

ثم وجدنا أن مكان هذه المدرسة في كلية اللغة العربية غير مناسب، لذلك طلبنا من وزارة المعارف أن تسهم في هذا التعليم، فانتقلت المدرسة بعد موافقة وزارة المعارف إلى مدرسة (جبرة) الابتدائية، التي هي مدرسة (سعيد بن جبير) فيما بعد، وتجاوبت وزارة المعارف في دعم هذا النوع من التعليم، حيث خصصت إعانة سنوية للمدرسة لشراء الكتب والأدوات، وقد نسيت قدر هذه الإعانة التي خصصتها الوزارة لنا، هل كانت (7) آلاف أم (14) ألف ريال؟ لا أتذكر، والسبعة آلاف كانت يمكن أن تغطي حاجات المدرسة في ذلك الوقت، ففي تلك الأيام كان خريج الكلية يتقاضى راتباً قدره (850) ريال فقط، وكانت أثمان الكتب والمواد رخيصة جداً، وقد انضم إلينا في تعليم المكفوفين في تلك الفترة شخص مبصر هو الشيخ (إبراهيم الناصر) الذي يعمل الآن مفتشاً قضائياً في وزارة العدل.

 

ولأسباب ليس هذا ميدان ذكرها، قررنا أنا والشيخ (إبراهيم الناصر) ترك هذا التعليم في يد الشيخ (عبد الله بن غانم)، الذي سار فيه إلى أن تبنته وزارة المعارف رسمياً في عام (1380هـ)، أي أن وزارة المعارف من عام (1377هـ) وهي ترعاه بالإعانة وبالسماح له بالممارسة في مدرسة (جبرة) التابعة له، وهذا أمر يذكر ويُشكر لوزارة المعارف.

 

ولا يقتصر نشاط المكفوفين في ذلك الوقت على هذا الجانب فقط، بل تجاوزه إلى جوانب أخرى منها أننا كنا جماعة من الأخوان، من بينهم الشيخ الدكتور (محمد المفدى)، كنا نذهب ونحن في السنة الأخيرة، وربما قبل الأخيرة أيضاً إلى مدرسة في الليل، نسيت أن أقول لكم لماذا طلبت أن تكون الدراسة بعد العصر، ذلك أننا كنا نذهب إلى مدرسة ليلية، في المدرسة التي يسمونها الآن (التذكارية)، وكان اسمها (الأهلية)، كنا نذهب إليها بعد المغرب لندرس اللغة الإنجليزية ثم نأتي ونعلم إخواننا ما تعلمنا، وفي الواقع إنه كان عملاً شاقاً ومرهقاً، غير أنه كان إرهاقاً نسعد به، لأنا نشرك إخواننا فيما نحصل عليه من علم، ومن باب العلم بالشيء لم نكن نتقاضى مقابل هذا التعليم شيئاً إطلاقاً، سوى دعاء إخواننا لنا، وكنا نشتري الورق من جيوبنا الخاصة.

 

وبعد تركي لتعليم المكفوفين في عام (1378هـ) تقريباً، انقطعت صلتي التاريخية به، وربما يكون الشيخ (عبد الرحمن بن سالم الخلف) أدرى بما جدَّ في هذه المسيرة بعد هذا التاريخ، ومن الإصدارات التي تحدثت عن تاريخ تعليم المكفوفين في المملكة، مجلة التوثيق التربوي التي تشرف عليها وزارة المعارف عام (1406هـ) ذكرت بعض الوثائق التاريخية عن بداية هذا النوع من التعليم، كما إن وزارة المعارف قد أصدرت كتاباً إحصائياً تعرض لنشأة تعليم المكفوفين في المملكة أيضاً.

 

ومن النشاطات الأخرى التي قمنا بها هو افتتاح مدرسة تعليمية ليلية للكبار يدرسون فيها بعد المغرب وبعد العشاء، وكان طلبة كلية اللغة العربية يتعاونون في التعليم بهذه المدرسة، فمنهم المدير والمعلم والفراش.

 

وأود أن يدرس ويتتبع مكفوفو هذا العصر أحوال وأخبار مكفوفي العصر السابق ليكونوا على بصيرة ويستفيدوا.

 

كُتب عن المكفوفين الكثير من الكتب منها مثلاً (نَكْت الهميان في نُكَت العميان) وهو كتاب ألفه (صلاح الدين الصفدي)، وهذا كتاب جيد جداً فيه طُرف، أحياناً تجد فيه طرف مضحكة، لأن فيهم أناس من الصوفيين، والصوفيون يأتي على أيديهم طرائف عجيبة جداً، منها أن أحدهم رأى رؤيا وكان جائعاً فشاهد في منامه دجاجة وأخرج يده من تحت اللحاف وأمسك بها فلما استيقظ وجد في يده دجاجة.

 

ومع ذكر هذا الكتاب لتلك الخرافات إلا أنه كتاب مفيد جداً، أفاد منه الدكتور (أحمد الشرباصي) في كتابه (في عالم المكفوفين)، كتب مجلداً ذكر فيه كثيراً من أحوال المكفوفين واستفاد (الشرباصي) من كتاب (الصفدي) مع أنه لم يشر في المراجع ولم يثبت أنه استفاد منه.

 

ولو قرأتم كتاب (الشرباصي) هذا، لوجدتم كثيرين من المشاهير الذين يتحدث عنهم الناس، ولا يعرفون أنهم من المكفوفين، منهم على سبيل المثال الشاعر (أحمد الزين)، وهو أبرز الشعراء في مجال الاجتماع، ولم يكتب أحد في الشعر الاجتماعي مثل ما كتب (أحمد الزين)، والكثير يظنون أنه غير كفيف، ونسمع عن كثير من العلماء والأدباء، ولا نعرف أنهم من المكفوفين، لا نقول هذا اعتزازاً بالمكفوفين وحسب، بل لأنا نريد أن نكون على صلة بأعمال أولئك وأخبارهم إذ أن في ذلك فوائد كثيرة جداً لنا كمكفوفين، أيسرها أنها تبعث في نفوسنا الأمل وتبعث في نفوسنا حب العمل، وتبعث في نفوسنا الإحساس بالقدرة على أنه يمكن أن نكون منتجين في كل مجال نستطيع بقدراتنا طرقه.

 

كنا نسكن في (الرباط) وهو مكان مخصص لسكن طلبة العلم من المكفوفين وغيرهم، وفي الغرفة الواحدة يسكن من واحد إلى خمسة طلاب، ولا تزيد الغرفة تقريباً عن مترين ونصف في ثلاثة أمتار، وإذا ارتاح الشيخ (محمد بن إبراهيم) الذي بيده أمر توزيع هذه الغرف، إذا ارتاح إلى طالب أمر له بغرفة يسكنها وحده، وأذكر من بين المكفوفين الذين كانوا معنا في هذا البيت المسمى (بالرباط) شخص يمتاز بمهارات خاصة قد كان يصلح الساعات، فإذا لم يجد قطع غيار لإصلاح ساعة تالفة، أوجد وصمم قطعاً من القصدير أو الورق، وأحياناً من الخرق، يُلصق هذا في ذاك وتعود الساعة للعمل.

 

أشياء كثيرة جداً كان يعملها المكفوفين، وتدل على قدرة ومهارة جيدة، كما نجد منهم من يصلح أجهزة التسجيل وجهاز المذياع على الرغم من كف بصره، وذُكرت لي بعض الأشياء الخارقة للعادة، مثل أن هناك كفيفاً في المنطقة الشرقية يمتطي الدراجة، ويسير بها في الشوارع المتعرجة ولا يعرض نفسه للخطر.

 

وأقصد من وراء إيراد هذه الأمثلة أن عليكم مسؤولية كبيرة، في أن تُشعروا هؤلاء الصغار من المكفوفين بهذه القدرات والمهارات، وإني على يقين بأن لديكم الثقة بأنفسكم، والقدرة على عمل ما تستطيعون عمله، لكني أردت حضكم على أن تغرسوا في نفوس هؤلاء الأبناء الصغار الثقة، بأنهم سيكونون قادرين بإذن الله على كثير من الأمور التي يتصورون أنهم غير قادرين عليها بحكم تعويقهم البصري، حيث يمكن لكل واحد منهم أن يكون عضواً عاملاً في المجتمع في أي مجال من المجالات المناسبة، وعلينا مسؤولية نحن معشر المكفوفين نحو هؤلاء، لكي نأخذ بأيديهم، ولكي ندلهم على الطريق الصحيح، بناءً على القدرات والخبرات التي حصلنا عليها نتيجة الممارسات الفردية، وربما التي أسهمت فيها أمور جماعية.

 

على أي حال أنا لا أريد أن أطيل الحديث معكم أكثر من هذا، فإن كان هناك أشياء يمكننا أن نتحدث فيها فيمكن أن تطرح وأنا معكم فيما تريدون وشكراً.

الأستاذ: عبد الرحمن الخلف:

أيها الأخوان نشكر الدكتور محمد بن سعد بن حسين على هذه المحاضرة، وفيما ذكره معلومات جيدة ربما نعرفها لأول مرة، وتعليقي على ما ذكره الدكتور يتمثل في أن هناك تعتيماً إعلامياً على بعض الحقائق التاريخية، التي أرجو من كل كفيف مثقف أن يعرفها بنفسه، خاصة ما يتعلق ببدايات تعليم المكفوفين في المملكة، من خلال قراءتي لما ينشر في الصحف والمجلات بمناسبة عقد المؤتمر الذي تبنته جمعية رعاية الأطفال المعوقين بالرياض[7]، وجدت أن هناك بعض الصحف لا تتحرى الدقة في ذكر الحقائق التاريخية، حيث ذكر بعضها أن بداية التعليم الخاص كان في عام (1384هـ)، والصواب أن بدايته في عام (1380هـ)، وصحف أخرى ذكرت بعض المعلومات التي يؤسفني جداً أن أقرأها منسوبة إلى الطبقة المثقفة، التي من المفترض أن تمحص وتتحرى الدقة فيما تقول وتكتب.

 

وزارة المعارف طبعت كتاباً وثائقياً ضخماً ومن الصعب أن توزعه على الجميع، يقع في مئات الصفحات ويتكون من مجلدات، وقد تم توزيعه حين صدوره على الجهات الرسمية، كما وُزع على المكتبات الموجودة في داخل الرياض وخارجها، والموضوع الذي ذكره الدكتور نشر في مجلة التوثيق التربوي قبل حوالي سبع سنوات يتعلق بنشأة تعليم المكفوفين بالمملكة، وقد وزعت هذه المجلة أيضاً في حينها، ولا تزال هذه المجلة موجودة في معظم المكتبات المتخصصة، وقد ذكر لي شخص أنها موجودة في مكتبات الطائف، وموجودة بالطبع في مكتبات الرياض.

 

وعلى المكفوفين مسؤولية في عدم القراءة وزيارة المكتبات للبحث عن الجانب التاريخي المهم الذي يجب أن يعرفوه عن واقع المكفوفين في العصر الحديث، أو في أي عصر، وبالتالي نحن في أمس الحاجة إلى رجال يقرؤون ويبحثون، وتتضح لهم الرؤيا بأنفسهم، ولا يعتمدن على الغير في الحصول على المعلومات.

 

لعل انشغال الدكتور بالأدب وبمجالاته وبالإذاعة نأى به بعيداً عن ذكر بعض المكفوفين من الرعيل الأول مثل: (شبيب الجاسر)[8] و(محمد الدويس)[9] و(عبد العزيز بن عبد اللطيف)[10] رحمه الله، كما وأذكر أن أول مجموعة تخرجت من ثانوية معهد النور في عام (1387هـ) أو (1386هـ)، من بينهم (عبد الله الحصان) و(عبد الرحمن السعيد).

 

وإذا كانت معاهد النور قد أنشئت لتخدم المكفوفين، فهي أيضاً ضرت المكفوفين بقدر ما خدمتهم، ولا أتحفظ في هذا القول، فلو استمر المكفوفون في المعاهد العلمية في فصولهم الخاصة مع المبصرين، لكان هذا هو الوضع الطبيعي لهم، كانوا يتخرجون ويدرسون إلى جانب زملائهم المبصرين، كما كانوا يتفوقون عليهم، أولئك الرجال هم الذين ضربوا في ميدان الحياة بأوفر سهم.

 

ولا أنتقص من قدر أبنائي وطلابي الذين تخرجوا من معاهد النور، فمنهم أيضاً من يرفع الرأس ويسعدنا أن نفتخر به مثل الدكتور (ناصر الموسى)، غير أني أقول إن المكفوفين الذين درسوا في المعاهد العلمية، غالباً هم الذين خدموا حياتنا الأدبية والإسلامية أكثر من المكفوفين الذين تخرجوا من معاهد النور، هذا من جهة.

 

ومن جهة أخرى أريد أن أتساءل عن: متى هجر الدكتور (محمد بن سعد بن حسين) تعليم المكفوفين؟ ومتى انضم الشيخ (عبد الله الغانم) إلى هذا الفريق الذي ذكره أثناء المحاضرة؟

الدكتور: محمد سعد بن حسين:

الشيخ (عبد الرحمن) وجه سؤالين، أحدهما يتعلق بمتى انضم (عبد الله الغانم) إلينا، بدأ الشيخ (عبد الله الغانم) معي منذ أن كنت طالباً في كلية اللغة العربية، وأما السؤال الثاني عن متى تركت مدرسة تعليم المكفوفين، كان ذلك في آخر (1378هـ) وإذا كان عند الشيخ شيء آخر يأتي به.

 

الأستاذ: عبد الرحمن الخلف:

أسأل عن أول تحقيق صحفي عن برايل ذكرت أنك نشرته؛ متى كان ذلك؟

 

الدكتور: محمد سعد بن حسين:

في سنة (1373هـ).

 

أحد الحاضرين:

أريد أن تأذن لي أن أجري معك حواراً أسأل فيه عن بعض المعلومات.

 

الدكتور: محمد سعد بن حسين:

ليس من حقي أن أعتذر عن أي شيء فيه فائدة للمجتمع بوجه عام، وللمكفوفين بوجه خاص، إذا كنت أبذل الكثير في سبيل خدمة المجتمع - وقد وفقت إلى كثير من هذا والحمد لله - فإن واجب المكفوفين عليّ أوجب واجب بالقدر الذي أستطيعه، ولو ظننت أن في هذا الكتاب الذي يقترحه الإخوان نفع غير معرفة الحقائق التاريخية لفعلت، إنما النفع في توجيههم، وفي الأخذ بأيديهم ليبدؤوا الصراع، وأقوال الصراع مع الحياة لأن الحياة بالنسبة للمكفوفين ليست كالحياة بالنسبة للآخرين.

 

ومن خلال وجهة نظري فالعمى غير عائق في جميع مجالات الحياة، بل إنه ربما حبس الأعمى وصده عن أعمال قد تُفسد عليه مستقبله في الدنيا والآخرة، فربما كان في العمى خير، وأنا أظن أنني لو لم أكن أعمى ما كنت كما أنا الآن.

 

الأستاذ: عبد الرحمن الخلف:

من خلال النقاش الأخير هناك بعض التساؤلات:

تشجيع المجتمع للكفيف على البروز أو تحطيمه له، كل هذه عوامل تؤدي إلى نجاح أو فشل الكفيف، ويتمثل هذا التشجيع أو التحطيم في:

• موقف الأزهر من (طه حسين) حينما وقف منه الموقف المعروف الذي أدى إلى قفل أبواب الأزهر في وجهه، ومن ثم هجر القاهرة والأزهر وذهب إلى فرنسا ودرس بها وصار لديه ولاء للثقافة الغربية أكثر بحكم تبنيها له، ومثل هذا يعود إلى النظرة الاجتماعية، فلو تبنى مجتمع الأزهر (طه حسين)، لأصبح الأمر مختلفاً بالنسبة له في آرائه وأفكاره التي استمدها من التأثر بالقراءة في الثقافة الغربية، هذا بالنسبة للعصر الحديث.

 

• وبالنسبة للعصر القديم، فموقف بغداد من (أبي العلاء المعري)، حينما أخرج وطرد من مجلس (الشريف الرضي) على أثر الخلاف بينهما حول شاعرية (المتنبي)، وقد أثر هذا الطرد في نفسه وجعله رهين المحبسين في بلدته (المعرة) حتى مات بها ولم يغادرها.

 

وأريد من الدكتور التحدث حول أثر وتأثير المجتمع ونظرته في بروز أو تحطيم المكفوفين.

الدكتور : محمد سعد بن حسين:

أولاً: الأزهر لم يقف من المكفوفين موقفاً غير مشرف، وكثيرون من علماء الأزهر كانوا من المكفوفين، ومنهم (أحمد الزين) الذي سبق أن أشرت إليه قبل قليل، كذلك (طه حسين) يلح الكثيرون في موالاته للفكر الغربي، هذا صحيح في بداية حياته، لكن في آخر حياته يختلف الأمر حيث أقبل في آخر حياته على الدفاع عن لغة العرب، وأذكر أنني سمعت له حديثاً في تسجيلات الإذاعة السعودية، وطلبته من الإذاعة ولا أزال أحتفظ به، وهذا التسجيل يقول فيه (طه حسين) ما معناه: (إذا كانت المحافظة على لغة العرب وعلى القرآن الكريم، إذا كان هذا رجعية فأشهدكم بأني رجعي) وكان ذلك بصوته ويقيني أن المجتمع لم يقف من المكفوف موقفاً مضاداً أبداً، المجتمع دائماً يقول للأعمى يا أعمى ويقول للأعرج يا أعرج، ويقول للقصير يا قصير ويقول للطويل يا طويلان، أشياء كثيرة جداً تصدر عن المجتمع بالنسبة للكفيف ولغير الكفيف، فأنا على يقين أن المجتمع لم يقصد من وراء هذا ظلماً للكفيف، كل ما في الأمر أن الكفيف شديد الحساسية، فيتصور أن كل شيء يُذكر بكف البصر يحمل إذلالاً أو إهانة له، لو أن الكفيف تعود أن يطلق على نفسه ويخاطب نفسه بكلمة (أنا أعمى أو أنا كفيف) بلسانه، لساهم في إزالة مثل هذا الإحساس عن نفسه.

 

أحد الحاضرين:

دكتور هناك بعض الأشخاص عندما يريد أحدهم أن يسلم على الكفيف يرفع صوته، وكأنه يخاطب أصم.

الدكتور: محمد سعد بن حسين:

على كل حال ارفع صوتك أنت في الرد عليه، هناك أشياء كثيرة جداً من هذا القبيل، مثلاً يقول الناس (إن المكفوف إذا غاب بصره قلَّ حياؤه)، أشياء كثيرة، لكن هل نحاسب الناس على ما يقولون، لو حوسب المجتمع على كل ما يصدر منه قيد المجتمع في كل شيء، مثلاً الأعور والأعرج يعير، يقولون له يا أعرج يا أعور يا قصير يا طويل، ويقيني أنا نضخم مثل هذه الأشياء أكثر من اللازم، يجب أن ننزع من نفوسنا هذا الإحساس، وبالنسبة لرفع أصواتهم بالسلام فهذه حقيقة لاحظتها، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا استخفافاً بالكفيف، ونحمله على الإخلاص لإفهامك.

 

أحد الحاضرين:

سؤال يا دكتور، تطرقت للمكفوفين وطريقة تعليمهم برايل، لكن نريد منك ذكراً لبعض المكفوفين الذين لم يتعلموا برايل، وبرزوا في عدة مجالات وخاصة في العلوم االشرعية.

 

الدكتور محمد سعد بن حسين:

من الصعب جداً حصر المكفوفين الذين كانت لهم إسهامات من أيام المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إلى يومنا هذا، ولكن أقول لكم إن شيوخنا الذين أخذنا عنهم العلم كان من بينهم جملة من المكفوفين مثل الشيخ (محمد بن إبراهيم)[11] - رحمه الله -، والذي أخذنا عنه جُل ما علمناه من علوم التوحيد والتفسير والحديث والفقه، بل وحتى النحو، أخذنا عنه هذه العلوم واستفدنا منه كثيراً، وهذا هو السبب الذي جعله يرشح بعضاً منا للقضاء ولو أنه من خريجي اللغة وأنا من هؤلاء الذين رشحهم للقضاء، ولما قلت له (يا شيخ محمد أنا من اللغة فما الذي تريده مني)، قال: (أنا لا أريد منك ما درسته في الكلية، ولا ما درسته في المعهد، بل أريد ما قبله).

 

ومنهم أيضاً الشيخ (عبد الله بن عبد العزيز العنقري)[12] - رحمه الله - وكان عالماً جليلاً، ومنهم الشيخ (عبد الله بن حميد )[13] ولو أني لم أدرس عليه، ومنهم الشيخ (عبد العزبز بن باز)[14] - مد الله في عمره -، وقد درسنا عليه بعض العلوم، وبخاصة علوم الفرائض.

 

الشاهد أن الكثير من العلماء الكبار الذين تولوا القضاء وقادوا الأمة في كثير من مجالات حياتها كانوا من المكفوفين، ولا نسلم بقول بشار حين قال:

أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم
قد ضل من كانت العميان تهديه تهتهديه

 

لا، بل اهتدى من كانت العميان تهديه، اهتدوا لأن هؤلاء العميان قد أخلصوا لعلمهم، وأخلصوا لأمتهم، فاستفادوا ثم أفادوا كثيراً والحمد لله.

الأستاذ: محمد هاشم[15]:

أريد من الدكتور أن يعلق على نقطتين:

• الأولى: تتعلق بدراسة المكفوفين لمناهج تختلف عن المناهج التي يدرسها المبصرون أليس من باب مسايرة الكفيف للمبصر أن يدرس المنهج نفسه الذي يدرسه زميله المبصر، فمثلاً الطالب الكفيف لا يدرس الرياضيات المعاصرة التي يدرسها الطالب المبصر.

 

• أما النقطة الثانية: فهي تتعلق بعدم تقبل الأسرة السعودية للطفل الكفيف كفرد من أفرادها، فبعض الأسر تخفي عن المجتمع وجود كفيف، وكأنها ترى في وجوده بينها عاراً.

 

الدكتور (محمد سعد بن حسين):

أترك الإجابة على هذا السؤال للمسؤولين في التعليم الخاص.

الأستاذ عبد الرحمن الخلف:

إذا سمح لي الدكتور (محمد بن سعد بن حسين) وإذا سمح لي الدكتور (زيد) والدكتور (صالح)، أريد أن أعلق تعليقاً بسيطاً على ما ذكره الأستاذ (محمد هاشم) وتعليقي حول المفاهيم التي أثارها، فهي ليست مفاهيم لمجتمعنا والحمد لله، ولا نريد أن نثير آلاماً ولا نناقش مثل هذه الآلام، لأننا والحمد لله بخير.

 

أما ما يتعلق بالمناهج، فأنا أريد أن أصحح للأخ (محمد هاشم) بأن الكفيف يدرس منذ تأسيس معاهد النور المنهج نفسه الذي يدرسه زميله المبصر، ولم يحدث في يوم من الأيام أن الكفيف درس منهجاً وزميله يدرس منهجاً آخر، كل ما هنالك هو تعديلات في المنهج، وتحوير في بعض المواد يتناسب مع ظروف المكفوفين، ولا يطبق أي منهج في التعليم العام على الطلبة المكفوفين قبل أن يمر عليه سنتان أو أكثر في مجال التعليم العام، بعد أن يتم تجربته، ويثبت نجاحه، لذلك فالرياضيات المعاصرة تم تطبيقها في التعليم العام قبل أن تطبق في معاهد المكفوفين.

 

والطباعة بالخط البارز أيضاً تحتاج إلى وقت وجهد، ولا يستطيع التعليم الخاص وأنا واحد من منسوبيه - لا يستطيع أن يطبق المناهج سنة بسنة كما هو موجود في المبصرين، وإنما هناك برنامج وخطة دراسية، تطبق في التعليم الخاص بناء على ظروفه وإمكانياته الفنية والبشرية.

 

أما بالنسبة لمفهوم إخفاء الأسرة السعودية لأحد أفرادها من المعوقين، فأقول وبكل صراحة أنه لا يوجد، ولم يطرح هذا كمفهوم اجتماعي حتى من خلال الندوات التي حضرتها في داخل المملكة العربية السعودية، ولا أعرف أن هناك أسرة سعودية تخفي كفيفاً، وترى أن في وجوده من بين أفرادها شيئاً من العار، هذا ربما يكون موجوداً بالنسبة لبعض المجتمعات حولنا، ولكن المجتمع السعودي - حسب علمي - لا يمثل هذا مفهوماً اجتماعياً عاماً له ولا للأسرة السعودية.

الدكتور: محمد سعد بن حسين:

قضية الرياضيات وما إليها.. الشيخ (عبد العزيز بن باز) في علم الفرائض لا يجارى إطلاقاً، وهذا يدل على أن المكفوف عنده قدرة على تمرين ذاكرته من ناحية، وعنده قدرة على استيعاب جميع العلوم، وحتى ذات الصبغة الرياضية كعلم المواريث، وللشيخ (عبد العزيز بن باز) في ذلك كتاب اسمه (الفوائد الجلية في علم المواريث)، وهذا الكتاب معروف وذائع لدى الأوساط العلمية، وكان من الكتب التي درسناها.

 

أبناؤنا المكفوفون يدرسون الآن علم الجغرافيا والرياضيات ويستوعبونها استيعاباً تاماً كزملائهم المبصرين، إن لم يتفوقوا عليهم في بعض هذه المواد.

الأستاذ : رائد النصار[16]:

أود أن أعطي فكرة مبسطة عن خدمات الجامعات في المملكة، بالنسبة للمكفوفين والمعوقين بشكل عام، المكفوفون يلتحقون بخمس جامعات في المملكة، جامعة الملك سعود، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة أم القرى، وجامعة الملك عبد العزيز، وأيضاً الجامعة الإسلامية.

 

من المميزات التي يختص بها الطالب الكفيف أنه تصرف له مكافأة تشجيعية (بدل قارئ) بالإضافة إلى مكافأة الطالب الجامعي، وهذه خدمة متميزة، تمتاز بها جامعات المملكة عن جامعات العالم في خدمتها للطالب الكفيف، ومركز خدمات الجامعة يدرس مشاكل المكفوفين في كل عام، ويضع الحلول المناسبة لها، سواء كان في مجال الحركة أو الإسكان، أو في الاتصال بالأساتذة لتسجيل المقررات، كما أن هناك مكتبة ناطقة في كل جامعة، تضم الكتب الثقافية المكتوبة بالخط البارز، وفي جامعة الملك سعود أوجدنا الجناح المخصص لمطبوعات برايل في المكتبة المركزية وأيضاً في المكتبة الخاصة بالبحوث والدراسات للمعوقين.

 

وقد صُممت جامعات المملكة بحيث تكون مناسبة للمعوقين حركياً، بالنسبة للممرات ودورات المياه.

 

وأرجع في سؤالي للدكتور محمد إلى عام (1376هـ) حيث ذكرتم أنكم أنشأتم فصولاً لتعليم طريقة برايل، وذكرتم أيضاً أنكم أنشأتم مدرسة ليلية لتعليم الكبار، ما الفرق بين هاتين المدرستين؟

 

الدكتور : محمد سعد بن حسين:

أولاً أثنِّي على قول الأخ الأستاذ: رائد بأن الكفيف فعلاً ينال الآن نصيباً من العناية أكثر مما يناله زميله في أي بلد عربي آخر، بل وأكثر مما كنا نناله في الماضي، ما كنا في عصرنا نحظى بمثل هذه الميزات المالية.

 

والفرق بين المدرستين، أن هذه المدرسة التي كنا ندرس فيها بعد العصر هذه للمكفوفين وحسب، أما التي في المساء بعد المغرب وبعد العشاء، فهذه يدرس فيها أناس يعملون موظفين، ففي ذلك الوقت كان أي شخص يحسن الكتابة يعين موظفاً ولو بدون شهادة، فحرص من ليست لديه شهادة ابتدائية من الموظفين، أن يدرس ويحصل عليها، لأن حصوله على الابتدائية يزيد في مرتبه، من أجل ذلك أنشأنا المدرسة التي تشبه ما يسمونه الآن مكافحة الأمية أو تعليم الكبار.

 

وكانت هذه المدرسة في مبنى المدرسة المحمدية التي كانت توجد في غير مبناها الحالي الموجودة به الآن، فقد كان مبناها في بيت من طين بالجزء الشرقي من حي يعرف بحي (مليحة) ويقع في الجزء الغربي من ميدان (دخنة).

 

وأذكر أن مدير هذه المدرسة كان الشيخ (عبد الله بن عبد العزيز الخراشي) وهو أحد زملائنا من رجال التربية والتعليم.

الأستاذ: عبد الرحمن:

تعليق قصير على كلمة الأستاذ رائد يتعلق بموضوع إيجاد خدمات الشريط، الدولة ممثلة في جهاتها المسؤولة لم تقصر في خدمات الشريط المسموع، حيث أن مثل هذه الخدمة تقدم من خلال عدة جهات حكومية، وكل ما نحتاجه هو التنسيق بين هذه الجهات في تبادل المعلومات، بحيث نتحاشى الازدواجية في تقديم مثل هذه الخدمة، إذ أن تسجيل الكتاب أو إعداده للتسجيل يحتاج إلى وقت وجهد من كل جهة، فلو حدث التنسيق الذي أطالب به لتحاشي الازدواجية وتوفير الوقت والجهد والإنفاق المالي لكان هذا خير عمل يخدم اختيار وتسجيل الكتاب المناسب، فالمكتب الإقليمي[17] لديه أكثر من (17) سنة خبرة في تسجيل الكتاب النطاق، ولديه مراجع جيدة وكتب ثمينة، كما أن جامعة الملك سعود لديها مكتبة صوتية جيدة، وكذلك جامعة الإمام محمد بن سعود أيضاً لديها، ودار الإفتاء هي الأخرى لديها مكتبة صوتية تخدم الأهداف الإسلامية، وانطلاقاً من هذا المبدأ بدأت المكتبة المركزية بالاتصال بدار الإفتاء، وأخذت منهم حوالي (1500) شريط، وبعد ذلك سوف ننتقل إلى المكتب الإقليمي، أو إلى جامعة الملك سعود، أو لأي جهة نجد فيها أشرطة أو مقتنيات صوتية تخدم المكفوفين بصورة عامة.

الدكتور: صالح المهنا[18]:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أشكر الله العزيز القدير ثم أشكر الزميل الأستاذ (عبد الرحمن) على تنظيم هذا اللقاء، إنها لفرصة طيبة لإثارة عدد من القضايا التي تهم الجميع وتحتاج إلى وقت ومناقشات طويلة، ولكن أريد أن أؤكد على نقطة أكدها الدكتور (محمد) وأعتقد أنها أهم شيء نحتاج إليه، وهي زرع الثقة بالنفس، وذلك في كل شيء، سواء في المهارات العلمية البحتة، أو في الأنشطة المختلفة، أو في التناسق الجسدي العضلي في الرياضات، مثل التزلج على الأحذية المزودة بعجلات، هذا تناسق جيد، وكثير من المبصرين يفشلون فيه، ولكن بالتمرين ليس هناك شيء متعذر، وليس كل كفيف بنفس الدرجة، لا من الناحية الجسدية ولا العقلية أيضاً، فمنهم من هو مجيد، ومنهم من هو وسط، ومنهم من هو أدنى من ذلك، وهذا شيء يجب أن نؤكده للجميع أيضاً.

 

الشيء الآخر، يجب ألا نتردد في تعويد الكفيف على أن يقول نعم أنا أعمى، ليس في هذا عيب، ما هو العمى؟ هو عدم القدرة على الرؤية بالعين فقط، وهذه حقيقة في معظم حالات المكفوفين، منهم من يرى بعض الشيء، نعم أنا أعمى ولكن لدي بقية بصر فلا بأس بذلك، العمى في العين ليس هو العمى كما ذكر الله جل وعلا في قوله: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾[19]، بل حبذا لو أستطيع أن أقول العميان دائماً، ولكن للأسف نُشئنا على تجنب هذه الكلمة، مع أن الدكتور المرحوم - إن شاء الله - (صلاح مخيمر) كان ضد هذه الفكرة، وكان يؤكد على ضرورة استعمال كلمة أعمى ولا يتردد فيها، وكان بينه وبين القائمين على خدمة المكفوفين في مصر مناقشات ومضادات كثيرة حول مواقفه، ومن بينها هذا الموقف بالذات، وكان - رحمه الله - له جهود طيبة في موضوع علم النفس عند المعوقين عموماً، وعلم النفس عند المكفوفين، وقد كان يصدر مجلة جيدة عنوانها (الكفيف العربي)، كانت بهذا الاسم، وكان يقول (بودي أن اسميها (الأعمى)، ولكن خشيت ألا ينظر إليها إذا سميتها بهذا الاسم).

 

المهم في الأمر أن نزرع الثقة في أبناءنا الناشئة، أن نزرع الثقة وأن نتحمس نحن أيضاً العاملين في مجال التعليم، نتحمس لفكرة (دمج المكفوفين مع غيرهم)، وبهذه المناسبة ربما بعضكم يعلم - والكثير لا يعلمون - أن معهد النور (بالإحساء) قد سعى إلى دمج المكفوفين في المرحلة الثانوية منذ عدة سنوات وكانت هناك نتائج طيبة ومشجعة بصورة عامة، ولا شك أن كل شيء جديد فيه عقبات، ولاشك أن كونك تقدم الخدمة لشخص في مكان معين، أسهل له، ولكن هل هي الأفضل له على المدى البعيد أم لا؟ هذا الشيء هو الذي يجب أن نفكر فيه جيداً.

 

المهم أن الثقة عامل مهم، أما مجالات إبداع فاقدي البصري في مختلف المجالات، سواء تعلموا خط برايل أم لم يتعلموه، فهذا كما أشار الدكتور أمر معروف وليس هناك شك فيه، السؤال الذي لا يمكن الإجابة عليه، هل لو تعلم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز خط برايل سيكون أقدر على العطاء؟ الله أعلم لا نعلم ذلك، ولكن المهم أن خط برايل مهارة أساسية يجب التأكيد عليها في تعليم المكفوفين، يجب التأكيد عليها حتى ولو وُجد بقايا بصر، هذا لا يعني أنني لا أعوده على استخدام هذه البقايا من البصر، بل يستفيد منها بقدر ما يستطيع.

 

غير أن خط برايل - وللأسف - لدى كثير من المكفوفين، لا يستعمل إلا لقراءة المناهج، والإجابة على الأسئلة في الاختبارات، وهذا خطأ كبير، وكثيراً ما وجهنا المعاهد إلى تشجيع الطلبة على استخدام خط برايل في موضوعات مختلفة، بل إن الأمانة أرسلت تعميماً إلى المعاهد قبل عامين تقريباً، بعمل مسابقات لخط برايل، وللآسف حتى الآن لم أسمع ولا من معهد واحد، أنه قام بذلك.

 

أريد من برايل أن تستخدم لتسجيل الهواتف والملاحظات وكل شيء، وأريد من الطفل الكفيف أن يستخدم برايل كما يستخدم المبصر القلم لأخذ الملاحظات المختلفة، يجب عليه أن يتعلم كيف يستخدمها، ويجب أن نسعى لتوفير هذه الوسيلة له بأفضل أنواع الأجهزة وأحدثها، نحن لا نستطيع دائماً أن نحقق ما نتمناه من حيث توفير الأجهزة ولكن نسعى لذلك، والمهم أن ندربهم على ما يتوفر لدينا.

 

وعلينا مسؤولية كبيرة كمدرسين في معاهد النور لتأكيد أهمية الشعور بالثقة، وما لم تُبنى الثقة لدى الإنسان فإنه لن يستطيع أن يقف على أقدامه مستقبلاً على أرضية المجتمع ويكون نداً لزملائه وأقرانه في أداء الخدمة لأبناء وطنه.

 

وأعود إلى ما قاله الدكتور محمد قبل قليل، كان يقول (إن الثقة موجودة لدى الزملاء الموجودين هنا)، قد لا تكون الثقة موجودة لديّ أنا مثلاً، غير أننا شخنا وقد يصعب علينا زرعها واكتسابها، ولكن يجب ألا نمن بها على الناشئة، يجب أن نعودهم على أفضل مما تعودنا عليه، إذ أن ظروفنا تختلف عن ظروفهم، ويروى عن (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال ما معناه: ((أعدو أبناءكم فإنهم نُشِّئوا لجليل غير جيلكم))، يجب فعلاً أن نغرس فيهم الثقة بالنفس والاعتماد بعد الله على أنفسهم، ومن هنا تبرز أهمية التأكيد على ضرورة التدريب على خط برايل، وعلى مهارة استخدام العصا بالشكل السليم وعلى المهارات الأخرى، الموجودة في المناهج وغير الموجودة بها، قد لا تكون المناهج مشتملة على كثير من المهارات، الأمر الذي يجعلها تحتاج إلى تطوير وتحسين مستمر.

 

وموضوع نظرة المجتمعات المختلفة إلى كف البصر، النظرة تختلف من مجتمع لآخر، ومجتمعنا والحمد لله نظرته لكف البصر عموماً ليست سلبية تماماً، لكن لا ننكر أن فيها بعض السلبيات، التي تنعكس أحياناً على هيئة مراعاة وتوفير خدمات غير ضرورية، وفي قولهم (هذا مسكين) أو (هذا كفيف أمسك بيده)... إلى آخره، نعم أنا لا أنكر أنني أحتاج إلى مساعدة ولكن لا أريد من أحد أن يفرضها عليّ، إذا كنت في غير حاجة إليها، وفي نفس الوقت أريد أن أُنشِئَ الآخرين على الاستقلالية أكثر.

 

هناك شيء أخر أود التنويه عنه، فعندما أُنشئت معاهد النور أغلقت المعاهد العلمية أبوابها أمام المكفوفين للآسف الشديد، لسبب غير معروف تفاصيله، ولله الحمد أعيد فتح الأبواب الآن، فبإمكان الكفيف أن يلتحق بالمعاهد العلمية من الصف الأول المتوسط كغيره من المبصرين، وهذا من فضل الله سبحانه، فإنا نعلم أن كثيرين ممن درسوا في المعاهد العلمية والجامعات سواء في كلية اللغة العربية أو كلية الشريعة وفروعها أفادوا المجتمع بشكل واضح وجلي وهذا من فضل الله، ولكن أعتقد لو أنهم بالإضافة إلى ذلك أجادوا خط برايل لربما كانوا أفادوا أكثر وأكثر، وأرجو من الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير.

الدكتور: محمد سعد بن حسين:

أود أن أقول أن مشكلة المكفوف ليست مشكلة دمج أو عدم دمج، حيث أن المكفوف سيتعلم في معاهد النور أو غيرها، العلم سيحصل عليه، لكن القضية قضية المستقبل، قضية تشغيل وتوظيف المكفوفين في مجالات مناسبة، أخشى أن يأتي يوم من الأيام يتخرج فيه الكفيف فلا يجد مجالاً للعمل، هذه هي الأمور التي يجب أن يدرسها الإخوان في التعليم الخاص، وإن كانوا في غنى عن نصائحنا هذه لكن فقط أذكر به.

 

أما قضية مُسمى التعليم الخاص فأقول لكم إن الرئاسة العامة للكليات والمعاهد التي هي نواة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قد سبقت في ذلك حينما وضعت في بداية تعليمها برنامجين، برنامجاً عاماً تدرس فيه جميع المواد، وآخر أطلقت عليه القسم الخاص، يلتحق به المكفوفون وبعض المبصرين، ويعفون من الرياضيات والجغرافيا وبعض المواد الأخرى.

الدكتور: زيد المسلط[20]:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، هذه فرصة طيبة حقاً، إذ سعى لتنفيذها الأستاذ (عبد الرحمن الخلف) وفكر فيها منذ أكثر من سنة، وهو مجتهد في مجال عمله، ومخلص في أداءه، ومبدع فيه أيضاً، بحيث أنه يبحث عن الأفكار الجديدة المفيدة، وخير افتتاحية لهذا النشاط هذا الاختيار الطيب للأستاذ الدكتور (محمد بن حسين)، الذي له باع طويل في مجال التعليم العام والخاص والأدب وفروع أخرى من المعرفة.

 

هذه الندوة تفتح لنا آفاقاً جديدة في استمرار مثل هذه اللقاءات، وإذا كانت هذه تجربة فإنها تجربة ناجحة رغم بساطتها وعدم التكلف في الإعداد لها، وآمل أن يتم الإعلان عنها، وأن يستفيد منها زملاء لنا قد لا يعلمون أننا مجتمعون في هذا المكان.

 

ما ذكر كثير، وأعتقد أن هناك بعض الأمور لا تزال تحتاج إلى طرح ويمكن أن تناقش فيما بعد.

 

وفي مجال الدمج كان التركيز في الفترة الأخيرة على دمج المعوقين، وهذه الفكرة في أذهان الكثير من المثقفين وخاصة التربويين في مجال التعليم الخاص، ولا شك أنها خطوة تحتاج إلى تمهل، وإلى وضع ضوابط بحيث نضمن نجاحها والفائدة منها، حيث أن الهدف منها هو خدمة الطالب قبل أن تكون تنفيذ أفكار فقط.

 

والزملاء في الأمانة العامة للتعليم الخاص، قد بدؤوا في هذا المشروع في مجال إعادة المكفوفين إلى الدراسة في المعاهد العلمية، وفي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فكان الأستاذ (عبد الرحمن الخلف) خير من سعى إلى هذا وكانت الاستجابة والحمد لله سريعة وبشكل يستحق التقدير، فقد شكلت الجامعة لجنة في عام (1409هـ)، بموجب خطاب أرسل تحت توقيع معالي وزير المعارف الدكتور (عبد العزيز بن عبد الله الخويطر) لدراسة إعادة قبول المكفوفين في المعاهد العلمية، وأُبلغت الوزارة بموافقة أعضاء اللجنة على إعادة قبولهم في المعاهد العلمية.

 

أود أن أشكركم جميعاً على حضوركم، وأكرر شكري للأستاذ الدكتور (محمد بن سعد بن حسين) والأستاذ (عبد الرحمن الخلف).

 

وشكراً لكم والسلام عليكم[21].


[1] الأستاذ عبد الرحمن الخلف: انظر ترجمته في المحاضرة الخاصة به.

[2] الشيخ/ محمد بن إبراهيم: مفتي الديار السعودية في عصره، عالم كفيف درس على يده كثير من العلماء، تولى أكثر من (16) منصباً في الدولة، من بينها: (رئيس تعليم البنات)، (رئيس القضاء)، (رئيس المعاهد والكليات)، (رئيس الجامعة الإسلامية)، له كثير من المؤلفات والفتاوى، تزيد فتاواه التي جمعها الشيخ (عبد الرحمن القاسم) عن (13) مجلداً، توفي عام (1389هـ) ، ترجم له في عدة مراجع.

[3] محمد عبد الظاهر أبو السمح: جمع الملك عبد العزيز المصلين خلفه كإمام واحد للحرم وكان ذلك عام (1343هـ) وقبل هذا الوقت كان لكل مذهب إمام يؤم من يتبع مذهبه من المصلين وكان عددهم أربعة على عدد المذاهب.

[4] هي إحدى المؤسسات التربوية التي أنشأت في عهد الملك (عبد العزيز) عام (1364هـ) في (الطائف)، وتخرج فيها عدد كبير من الصفوة الذين ساهموا في صنع مسيرتنا الحضارية والتعليمية، ويذهب خريجوها في ذلك الوقت ليلتحقوا بكلية الشريعة في (مكة المكرمة)، وعند بداية مسيرتها التعليمية كانت مراحلها تتكون من سنتين تمهيديتين تمثلان الخامسة والسادسة الابتدائية ومرحلة متوسطة ومرحلة ثانوية.

[5] تم انشاءه في عهد الملك (عبد العزيز) عام (1370هـ) (1371هـ) في مدينة الرياض، وهو النواة الأولى للمعاهد والكليات التي تحولت فيما بعد إلى (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، وكان يشرف عليه في بداية تأسيسه الشيخ (محمد بن إبراهيم) - رحمه الله -، وأول مدير له هو أخوه الشيخ ( عبد اللطيف بن إبراهيم) - رحمه الله - .

[6] تخرج في كلية الشريعة وعمل مدرساً في معهد النور بالرياض، ثم مديراً له ثم موظفاً في دار الإفتاء ثم تفرغ للأعمال الحرة وهو شخص كفيف.

[7] كان تاريخ عقده في عام 1413هـ.

[8] شبيب الجاسر: تخرج في كلية الشريعة وعمل مصححاً في مطابع التعليم الخاص، ثم مدرساً في معهد النور بالرياض حتى إحالته على التقاعد، وهو شخص كفيف.

[9] محمد الدويس: تخرج في كلية الشريعة وعمل مدرساً في معهد النور للبنين ومعهد النور للبنات حتى طلب الإحالة مبكراً واشتغل بالأعمال الحرة، وهو شخص كفيف.

[10] عبد العزيز بن عبد اللطيف: أحد المكفوفين، عمل مديراً لمعهد النور بمكه ثم مدرساً بمعهد النور بالرياض ثم في التعليم العام.

[11] انظر هامش رقم (2) في الصفحة (45).

[12] عبد الله بن عبد العزيز العنقري: أحد المكفوفين البارزين، ولاه الملك عبد العزيز القضاء في عدة مدن له مؤلفات كثيرة، انظر ترجمته في علماء نجد خلال ثمانية قرون للشيخ عبد الله البسام الطبعة الثانية.

[13] الشيخ: عبد الله بن حميد: أحد المكفوفين البارزين، عالم جليل ولاه الملك عبد العزيز القضاء في عدة مدن من بينها مدينة (بريدة)، تولى رئاسة الحرمين الشريفين ومجلس القضاء الأعلى، توفي عام (1402هـ) انظر ترجمته في علماء نجد خلال ثمانية قرون للشيخ البسام الطبعة الثانية.

[14] الشيخ عبد العزيز بن باز: انظر ترجمته في بداية محاضرته.

[15] مدرس مادة الرياضيات في معهد النور بالرياض، أحد المتعاقدين المصريين مع وزارة المعارف، متخصص في مجال المكفوفين، له خدمة طويلة في هذا الميدان داخل المملكة وخارجها.

[16] أحد المكفوفين حاصل على بكالوريوس آداب قسم تاريخ جامعة الملك سعود، يعمل مشرفاً على مركز جامعة الملك سعود للمعوقين.

[17] المكتب الإقليمي: أُنشئ بالرياض في المملكة العربية السعودية عام (1393هـ)، وحين إنشائه كانت ميزانيته موزعة على دول الخليج، وتبلغ حصة المملكة 45% من هذه الميزانية، ولعدة سنوات توقفت هذه الدول عن دفع حصصها في هذا المكتب، وأصبح الممول الوحيد له هي المملكة بالإضافة إلى البحرين التي تدفع ما يقارب (500) ألف ريال سنوياً من هذه الميزانية، وحينما رأت المملكة امتناع دول الخليج عن دفع حصصها في هذا المكتب ضمته إلى وزارة المعارف، وكان ذلك في عام (1416 - 1417هـ).

[18] د. صالح المهنا: حاصل على شهادة كلية اللغة العربية بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وحاصل على الماجستير والدكتوراه في مجال تعليم المكفوفين من الولايات المتحدة الأمريكية، عمل مدرساً ثم موجهاً ثم مديراً لإدارة تعليم المكفوفين بوزارة المعارف.

[19] سورة الحج، الآية: 46.

[20] د. زيد المسلط: حاصل على بكالوريوس آداب - قسم تاريخ من جامعة الملك سعود، وحاصل على ماجستير ودكتوراه في مجال التعليم الخاص من الولايات المتحدة الأمريكية، عمل مدرساً ثم مديراً لمعهد الصم، ثم مديراً لإدارة تعليم الصم ثم موجهاً تربوياً ثم أميناً عاماً للتعليم الخاص بوزارة المعارف، وهو عضو في عدد من الجمعيات الخيرية والإتحادات الخاصة بالمعوقين.

[21] المحاضرة رقم (2) من كتاب لقاءات علميّة وثقافية في المكتبة الناطقة، إعداد ومراجعة وتعليق الأستاذ/ عبدالرحمن بن سالم العتيبي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أول مرة في التاريخ طباعة مصحف للمكفوفين باللغة الألبانية في "كوسوفو"
  • - تركيا: دورات قرآنية بطريقة برايل للمكفوفين
  • - روسيا: نداء المسلمين لمساعدة المكفوفين وضعاف البصر
  • بداية تعليم المكفوفين في المملكة العربية السعودية
  • تعليم المكفوفين في العالم العربي ونشأة الخط البارز
  • المكفوفون ونور البصيرة (خبرتي وذكرياتي)
  • مجالات العمل المناسبة للمكفوفين
  • البدايات التاريخية لتعليم المكفوفين في المملكة
  • دمج الأطفال المعوقين بصريًّا في المدارس العادية
  • تجربة دمج المكفوفين في الأحساء
  • لقاء فكري وثقافي مع د. محمد بن سعد بن حسين
  • في صحبة المكفوفين (1)
  • مفهوم الإعاقة
  • التعريف بالمؤسسات الخيرية الخاصة في المملكة العربية السعودية وتطورها (1)

مختارات من الشبكة

  • بداية تعليم المكفوفين في المملكة العربية السعودية(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • الشعر الاجتماعي في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وحتى عام 1395هـ(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تقويم برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في مراكز توعية الجاليات بالمملكة العربية السعودية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهمية تتطلبها أهداف التعليم والتربية في المملكة العربية السعودية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اتجاهات تطوير التعليم الفني في المملكة العربية السعودية (دراسة مستقبلية)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دور هيئة التحقيق والادعاء العام بالمملكة العربية السعودية مع المقارنة بالهيئات المماثلة في الدول العربية (WORD)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • دور هيئة التحقيق والادعاء العام بالمملكة العربية السعودية مع المقارنة بالهيئات المماثلة في الدول العربية (PDF)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • مهارات البحث في مقررات لغتي الخالدة للصف الأول المتوسط بالمملكة العربية السعودية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إستراتيجية مقترحة لتأهيل خريجي الثانوية العامة لسوق العمل بالمملكة العربية السعودية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • اتجاهات موظفي إدارات العلاقات العامة بالجامعات الحكومية والأهلية بالمملكة العربية السعودية نحو التدريب (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب