• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

بين رهط اليوم ورهط الأمس.. إن الله لا يصلح عمل المفسدين

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2010 ميلادي - 4/12/1431 هجري

الزيارات: 22058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإفسادُ في الأرض شِيمَة المجرِمين، وطبيعة المخرِّبين، وعمل المفسِدين، والفَساد في الأرض ضَياعٌ للأملاك، وضِيقٌ في الأرزاق، وسُقُوطٌ للأخلاق، إنَّه إخفاقٌ فوق إخفاق، يُحوِّل المجتمع إلى غابَةٍ يأكُل القوي فيه الضعيف، وينقضُّ الكبير على الصغير، وينتَقِم الغني منَ الفقير، فيزداد الغنيُّ غنًى، ويزداد الفقير فقرًا، ويَقوَى القويُّ على قوَّته، ويضعُف الضعيف على ضعفه!

 

صنَّاع الفَساد يسعَوْن ليلاً ونهارًا، سرًّا وجهارًا، سفرًا ومقامًا، حلاًّ وترحالاً، لماذا؟! لأجل نشْر فسادِهم، وبثِّ سمومهم، وتحقيق أغراضهم، يُعاوِنهم الشيطان، ويُمهِلهم الرحمن، يقهرون أنفسهم، ويُجهِدون عقولهم، ويقتُلون مشاعِرهم، ويَفقِدون إحساسَهم، ويُنفِقون أموالهم، ولكن هيهات! ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].

 

رهط اليوم يترسَّمون خُطَى رهط الأمس!

﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [النمل: 48 - 49].

 

رَهْطُ اليوم كرَهْطِ الأمس في الفَساد والإفساد، يتبيَّن ذلك من خِلال الآيات السابقة؛ لأنَّ الهدف واحد، والغاية واحدة؛ صدٌّ عن سبيل الله، وتهميشٌ لدين الله، بل إقصاؤه عن واقع الحياة؛ ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [النمل: 48]، نفرٌ قليل، لكنَّه جُهد كبير، لا يُفسِدون في المدينة فحسب، بل إنهم ﴿ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾! إنَّه جرمُ الإفساد، فمِنْ تعظيم القرآن لخطر الإفساد في الأرض جَعَل الإفساد في منطقة معيَّنة هو في حقيقته إفسادٌ في جميع أرجاء الأرض، فماذا نقول لِمَن يُرِيد أنْ تَشِيع الفاحشة في الذين آمنوا؟ ممَّن يُريدون للمرأة أنْ تُسفِر عن جسدها، وتخرج من حيائها، وتُغضِب ربَّها ويسعَوْن من أجل ذلك سعيًا حثيثًا، ويَصبِرون في هذا الطريق ويُصابِرون!

 

بل في تَهْميش الشريعة وتعطيل الرسالة سِيادةُ القانون الوضعي، وموالاة الكفار ومعاداة الأصدقاء، بل قتْل الشُّعوب، والحرب على العلماء، الداعون إلى الفساد عددُهم قليل جدًّا، فهم رهطٌ قليل قد لا يتجاوَزون العدد في رهْط ثمود، نعم قد يكون لهم أتْباع وأذْناب وعملاء، لكن المحرِّك الأساس عند ذلك الرهط الذين ﴿ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾، ﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ... ﴾ [النمل: 49]، مُؤامَراتٌ داخليَّة واتِّفاقات سريَّة، واجتِماعات دوريَّة، لماذا كلُّ هذا؟! ليتمَّ الإفساد بحسب ما يُخطِّطون، وبقدْر ما يستَطِيعون.

 

﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ﴾ هم من بني جلدتنا، وَيَتَكَلَّمون بألسنتنا، ويتصدَّرون بأسمائنا، وينهبون تحت أسماعنا وأمام أبصارنا، ﴿ لَنُبَيِّتَنَّهُ ﴾ مع سبق الإصْرار والترصُّد، والبَيات لا يكون إلا بالليل، تعلَّق هذا الرهط بالظَّلام، أمَّا رهط اليوم أشدُّ حبًّا وشغفًا للأضواء، كيف؟! جرائد صفراء، وليالي حمراء، وشعارات جوفاء، ثم مُعاداةٌ لشريعة السماء، يُبيِّتون بليلٍ، ويمكرون بإخلاص، ويُخطِّطون بحقد، يقضون الليل في نقاشٍ وحوار، في تخطيطٍ وإصرار؛ لتدمير الإسلام وإبادة أهله، لهدِّ بنيانه، وإسقاط أركانه، ومحْو آثاره، وطمْس هويَّته، وسلْب مقدَّساته، فإنْ لم يستَطِيعوا القَضاءَ عليه مباشرةً فلا بأسَ بالتعامُل الحضاري؛ بالقتْل البطيء، بالموت الرحيم، فينظرون أيها أشد فتكًا، وأعظم هتكًا، فيبثُّون ما تحمله الرِّياح عبر الهواء والأثير، وما يكتب في المجلات والجرائد عبر المنافق والعميل.

 

وإنْ كان رهط ثمود أرادوا أنْ يقتَلِعوا الإسلام من جذوره بقتل نبيِّ الله صالح، فها هُم أتباعُهم اليوم قد استَوعَبُوا الدرس، وأدرَكُوا أنَّ جذوره متأصِّلة مَتِينة، فتبقى لهم وسيلة أخرى من هدْم الدين بتَهمِيشه وتنحيته، بعزله وتقييده!

 

﴿ وَأَهْلَهُ ﴾ عجيبٌ أمرُ هؤلاء الذين اتَّفقوا منذ فجر التاريخ على إيذاء المؤمنين في أهليهم! إذًا ما يحدث اليوم من حصار ودمار، وفساد وإفساد وحرب مسعورةٍ على المُصلِحين وأهليهم، ما هو إلا صدًى لما تعرَّض له الأنبياء والصالحون في أهليهم؛ في قصَّة إبراهيم - عليه السَّلام - مع النمرود معلومة، ولوط وبناته، وموسى وأمه وأخته، وعيسى ووالدته، وكلُّنا يتذكَّر حادثة الإفك وما فيها من إيذاء، وهذا رهط ثمود يُخطِّطون لقتل أهله، وتدميرهم!

 

حتى جاء رهط اليوم يُرِيدون أنْ يقتلوا المرأة؛ بضرْب عَفافِها، وطمْس هويَّتها، وقتْل حَيائِها، بدعوى التحرير، ودعوى الحريَّة! لكن رغم الضربات ورغم الحملات - بفضل الله ثم بجهد المصلحين على مختلف انتماءاتهم وأوطانهم - الحجاب ينتَشِر، والحياء يَترَعرَع، والمساجد تتَلألأ، والصحوة تتألَّق! شاهَت الوجوه وخابَت المَساعِي، كما شاهَتْ مَن قبلَها، وخابَتْ مَن سبقَتْها.

 

أيُصلِح الله عملَ المفسدين؟!

أيُصلِح الله عملَهم؟! كلاَّ ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 14]، أيعلو الله هدفهم؟! كلاَّ ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 50]، إنَّه تهديدٌ شديد، من عزيزٍ حميد، سنَّة كونيَّة، وقدرةٌ إلهيَّة، وآية قرآنيَّة سطَعتْ على مَدار الزمان والمكان، لتُسمِع مَن كان حيًّا فيرتَدِع، وتُذكِّر مَن كان ناسِيًا فيفيق، وتُنذِر مَن كان غافلاً فينتَبِه، وهي رسالةٌ إلى مَن بات يُرتِّب ويخطِّط، يعلِّل ويحلِّل، يمكُر ويُفكِّر، يتحيَّن ويتخيَّل؛ لتحريف آيةٍ قرآنيَّة، أو طمس سنَّة نبويَّة، ليحجب الناس عنْ دينهم، ولكنَّ المكر السيِّئ لا يحيق إلاَّ بأهله، فما عاقبة مكرهم؟

 

﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل: 51]، إنها مسألةٌ حسابيَّة واضحة ﴿ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ فقط في مجتمع، قادُوا المجتمع إلى الهاوية، أيُصلِح الله عملَهم؟! كلاَّ ﴿ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.

 

إنَّ رهط اليوم بلَغُوا من الفَساد والإفساد ما لا يُصدِّقه عقل، ولا يخطر على بال، فعَلُوا كلَّ شيءٍ في كلِّ شيءٍ، لكن أيُصلِح الله عمل قومٍ تاجُروا في أقوات الشُّعوب فضيَّعوها عمدًا، وتحايَلُوا على أموال اليتامى فأكلوها ظلمًا؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]، إذا كان الناس لا تعرف هؤلاء المجرِمين المفسِدين فالله يعلَمهم؛ ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].

 

أيُصلِح الله عملَ قومٍ أضمَرُوا الشرَّ وكرهوا الخير؟! أيُصلِح الله عملَ قومٍ أحبُّوا المعاصي وكرهوا الحسنات؟! أيُصلِح الله عملَ قومٍ أدمَنُوا الإفساد وحارَبُوا الإصلاح؟! أيُصلِح الله عملَ قومٍ لا يدعون الصدَّ عن سبيل الله، ولا ينفكُّون عن إيذاء العامِلين بمنهج الله، ويبغونها عِوَجًا في كلِّ مَيادِين الحياة؟! كلاَّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81]، ﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 86].

 

أيُصلِح الله عملَ قومٍ يسعَوْن سعيًا حثيثًا نحوَ الدَّمار والخراب، فيُوقِدون الحروب، وينسجون الخطوب، ويفتنون الشعوب؛ ﴿ ... كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64].

 

إنَّ نقص المكيال، وتَطفِيف الميزان، وبَخْس الناس حقوقَهم وأشياءَهم فسادٌ في الحياة، وإفسادٌ في الأرض؛ ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85].

 

﴿ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ﴾ أتمُّوها ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾ بالعدل ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ لا تنقصوهم من حقِّهم شيئًا، ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ بالقتل وغيره.

 

أيُصلِح الله عملَ قومٍ فعَلوا الفاحشة وقالوا: وجَدنا عليها آباءَنا والله أمَرَنا بها؟! كلاَّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81]، ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28]، إنَّ الله يَعلَم مَن المصلِح ومَن المفسِد، كيف؟! ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].

 

إنَّ الذين يجحَدُون النعمةَ ويرفضون الدين كصلاحٍ للدنيا - ظلمًا وعلوًّا واستكبارًا - بعد يَقِينهم وتأكُّدهم من ذلك فاسِدُون أيضًا مُفسِدون؛ ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [النمل: 14].

 

حِصار المُفسِدين:

إنَّ المُفسِدين يجب أنْ يُعزَلوا، وأنْ يُقاطَعوا فلا يَمشِي معهم أحدٌ، ولا يتعاوَن معهم أحدٌ حتى ولو أُنفِقت في ذلك أموال، وبُذِلت من أجل ذلك جهود؛ ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94]، قالوا: ﴿ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ﴾ اسمان أعجميَّان لقبيلتين ﴿ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بالنهب والبغي عند خُرُوجهم إلينا، ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ﴾ جُعْلاً مِنَ المال ﴿ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ حاجزًا فلا يصلوا إلينا!

 

الصالِحون والمُفسِدون، الفُجَّار والمتَّقون في ميزان الله!

المفسِدون سابقًا في مكَّة قالوا للمؤمنين: "إنَّا نُعطَى في الآخِرة مثلما تُعطَوْن"؛ بمعنى: أغنياء الدنيا - ولو من نصبٍ ونهبٍ - هم أغنياء الآخرة! فأنزل الله: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28]، نعم، فرقٌ واسعٌ بين الصلاح والفساد، وبونٌ شاسع بين التقوى والفجور!

 

فرعون الأوَّل في الفساد!

قمَّة الفَساد في الأرض؛ ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4]، هذا الأوَّل من الفراعنة أيُصلِح الله عملَه؟! كلاَّ، عندما أراد أنْ يؤمن وهو يُغَرغِر، أبَى اللهُ ولم يقبلْ منه، لماذا؟! لأنَّه كان عاصيًا، لأنَّه كان فاسدًا؛ ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 91]، وهكذا كلُّ الفاسدين اللاحِقين.

 

قارون الباغي الفاسد، أين؟!

المُفسِد في الأرض لا يَشبَع من الدنيا ولا يَقنَع بنصيبه، وإنما يُدمِن الفَساد ويبغي الإفساد ولا يملأ عينه حتى التراب؛ ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].

 

أيُصلِح الله عمله؟! كلاَّ؛ ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].

 

نداء عاجل!

في إندونيسيا أقنَعَ بعضُ المنصِّرين مجموعةً من شَباب المسلمين أنْ يعمَلُوا معهم في مجال التنصير؛ فشرعوا يُوزِّعون الكتب، وبعدما رأَوْا جهودهم جاءَهم المنصِّر المسؤول عنهم، وقال: أنتم عملتم معنا واجتهدتم، فماذا تتمنَّون؟ قالوا: نريد أنْ نزور مكة لأداء فريضة الحج، فعلم أنهم لم يتأثَّروا بالنصرانيَّة! ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81].

 

فيا أهل العلم، ويا أهل الفقه، ويا أهل الفكر، ويا أهل الإفتاء، ويا أهل الأقلام، ويا أهل العقول، ويا أهل الصلاح، ويا أهل الإخلاص، ويا أهل المروءة، أينما كنتُم وحينما وجدتم، إنَّ رهط اليوم من المفسِدين يقودون الأمَّة نحو الهاوية، إنهم يَحمِلون مَعاوِل الهدم لإغراق السفينة، إنهم يَحمِلون أدوات الفساد لطمْس الرسالة، إنهم يَحمِلون بذور الإفساد لتحريف العقيدة، لكن أيُصلِح الله عملهم؟! كلاَّ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

 

أيُحقِّق الله غرضَهم؟! كلاَّ ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8]، إنما أنتم المعنيُّون بجهادهم، وأنتم المُرابِطون في طريقهم، وأنتم العالِمون بطَبِيعة نفوسِهم ومرض قلوبهم، كيف؟! ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 52].

 

أمَّا الكفَّار فقد استَنفَر الله لصدِّهم وقتالهم جميعَ المؤمِنين؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 123].

 

عِقاب المفسدين:

إنَّ الإفساد سعيٌ دَنِيء، وعملٌ رَدِيء، وخلقٌ وَضِيع يُنافِي الفطرة، ويُغضِب الرب، ويُفسِد الأجيال، ويُحطِّم الآمال، ويمهِّد الطريق إلى خزْي الدنيا وعَذاب الآخِرة؛ ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]، وعلى النقيض!

 

جزاء المصلحين:

إنَّ الدار الآخِرة بكلِّ ما فيها من ثمارٍ وأنهارٍ، ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطَر على قلب بشَر - إنما جُعِلت للذين لا يُرِيدون الفَساد، ولا يرغَبُون في استعلاء أو استكبار!

 

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]، فما بالُكم بالذين يُحارِبون المفسِدين ويقتَلِعون الفساد؟!

 

الأمَّة الآن في حاجةٍ إلى سَواعِد المُرابِطين، إلى فكر العاملين، إلى جهْد المجاهِدين، إلى إخلاص المخلِصين، فأين أنتنَّ يا فتيات الأمَّة؟! ألاَ تنتبهن؟! أين أنتم يا شَباب الأمَّة؟! ألاَ تنهَضُوا؟! أين أنتم يا دُعاة الأمَّة ألاَ تستَفِيقوا؟! أين أنتم يا عُلَماء الأمَّة؟! ألاَ تنتَفِضوا؟! اللهمَّ شرِّفنا بالعمل لدينك، ووفِّقنا للجِهاد في سبيلك، امنَحنا التَّقوى، واهدِنا السبيلَ، وارزُقنا معيَّتك، وأورِثنا جنَّتك، اللهمَّ ارزُقنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تجعَل الدنيا أكبَر همِّنا ولا مَبلَغ علمِنا، وصلِّ اللهمَّ على سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم، والحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين المصلحين والمفسدين (1)
  • بين المصلحين والمفسدين (2)
  • عفوًا... عدل مسارك قبل سقوطك وانهيارك (1)
  • وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟
  • أصحاب الجدال من المفسدين

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تواصل النبي صلى الله عليه وسلم مع الرهط الثلاثة الذين سألوا عن عبادته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلمون بين قيصر اليوم وقيصر الأمس(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • المسلمون بين قيصر اليوم وقيصر الأمس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مهندسة الأجيال بين الأمس واليوم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • غزوة الأحزاب بين الأمس واليوم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • بين الأمس واليوم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الرثاء ما بين أندلس الأمس واليوم!(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
3- مقالة رائعة جداً جداً
AHmed - Egypt 02-10-2013 11:28 PM

أشكر الأستاذ خميس النقيب وأدعوا له بالتوفيق والإخلاص في القول والعمل وجزاه الله خير الجزاء

2- بارك الله فيك
أحمد - مصر 13-02-2013 10:14 AM

* (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) ، يعني: أنه لا يصلح عمل من سعى في أرض الله بما يكرهه ، وعمل فيها بمعاصيه. ولا يجعل عملهم نافعاً لهم . ولا يرضى عمل المفسدين . ولا يجعله ينفعهم
************* لماذا لا الله يصلح عمل المفسدين ؟
لإنهم يريدون بذلك نصر الباطل على الحق، وأي فساد أعظم من هذا؟!!
وهكذا كل مفسد عمل عملا واحتال كيدًا، أو أتى بمكر، فإن عمله سيبطل ويضمحل، وإن حصل لعمله روجان في وقت ما، فإن مآله الاضمحلال والمحق.
وأما المصلحون الذين قصدهم بأعمالهم وجه الله تعالى، وهي أعمال ووسائل نافعة، مأمور بها، فإن الله يصلح أعمالهم ويرقيها، وينميها على الدوام
والمصلح لابد أن يصلح الله سعيه و عمله . كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله ، ولا يتم له مقصوده .

1- بارك الله فيك
احمد - مصر 13-02-2013 09:48 AM

الأمَّة الآن في حاجةٍ إلى سَواعِد المُرابِطين، إلى فكر العاملين، إلى جهْد المجاهِدين، إلى إخلاص المخلِصين،

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب