• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أبناء / مراهقون
علامة باركود

حقوق الأولاد (2)

حقوق الأولاد (2)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/5/2025 ميلادي - 19/11/1446 هجري

الزيارات: 66

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الأولاد (2)

 

الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق من شاء من عباده لمكارم الأخلاق، وهداهم لما فيه صلاحهم وسعادتهم في الدنيا ويوم التلاق.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الخلق على الإطلاق، أدّبه ربه فأحسن تأديبه، وأنزل عليه الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيمًا، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

وبعد:

ما زلنا مع تربية الأولاد، مع حقوق الأبناء.

وهذا هذا هو اللقاء الثاني.

 

أول حق للأبناء قبل الولادة حسن اختيار أمهاتهم فالأم مدرسة إذا أعددتها... أعددت شعبا طيب الأعراق، الأم هي المربية للأجيال، والحاضنة للأطفال، والأمينة على الذرية، فإنها كما سترضع الطفل اللبن سترضعه العقيدة والأخلاق والقيم والمثل.

 

أيها القارئ الكريم: لقد خلد التاريخ الإسلامي أمهات خالدات كنّ رموزًا من رموز الإسلام، كنّ أمهات يعرفن مقام الأمومة ودور الأم في التضحية والتربية وتكوين البيت المسلم، فوراء كل عظيم في هذه الامة أُما عظيمة، أُمّا صالحة.

 

ها هي أم الإمام أحمد صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني، وقد ولد الإمام أحمد وعاش في بيت فقير.. مات أبوه وهو طفل فتكفلت أمه بتربيته.. يقول عنها: "حفظتني أمي القرآن وعمري عشر سنوات".

 

هذه الأم المباركة كانت رحمها الله توقظه وتجهز له الماء قبل صلاة الفجر وهو ابن عشر سنوات، ثم كانت تتخمر وتتغطى بحجابها وتذهب معه إلى المسجد لأنه بعيد، قال: فلما بلغت السادسة عشرة من عمري قالت لي أمي اذهب في طلب الحديث؛ فإن السفر في طلب الحديث هجرة إلى الله الواحد الأحد. وأعطتني متاع السفر عشرة أرغفة شعير ووضعت معها صرة ملح، وقالت يا بني إن الله إذا استودع شيئًا لا يضيعه أبدًا فاستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.

 

والإمام البخاري كذلك مات أبوه وهو صغير فكفلته أمه وأحسنت تربيته، ذهبت عيناه في صغره فرأت والدته الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها، يا هذه قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك فأصبح وقد رد الله عليه بصره، فتبدل حزنها فرحًا.

 

وها هي أم سفيان الثوري كانت تقول لسفيان: "يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك من مغزلي. يا بني، إذا كتبت عشرة أحاديث -وفي رواية: عشرة أحرف- فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خلقك وحلمك ووقارك؟ فإن لم تَرَ ذلك فاعلم أنه يضرك ولا ينفعك".

 

الحق الثاني من حقوق الابناء الاذان والإقامة في أذنيه ليكون أول شيء يسمعه في هذا الوجود هو توحيد الله تعالى الذي خلقه، وأوجده.

 

الحق الثالث: حسن اختيار الاسم:

حسنوا اسماءكم وأسماء ابنائكم فإن بها تدعون يوم القيامة.

 

الحق الرابع: تكريم الطفل بالعقيقة لإعلان السعادة والفرح والبشر بمقدمه، وتكون العقيقة بذبح شاة أو أكثر عن المولود يوم أسبوعه، وهي سنة فعلها النبي صلى الله وعليه وسلم.

 

الحق الخامس حقه في الرضاعة: قال تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233].

 

ومن الحقوق سادسا رعاية الطفل من الصغر: وذلك في مأكله ومشربه، وجسده، وثيابه، ليكون صحيح العقل، سوي الجسم، سليم الحواس.

 

أيها الاحباب: اعلموا أنه من أُسس ومبادئ وطرق الحصول على الجيل النافع الصالح المبارك المال الحلال، فلا يطعم الأولاد إلا من حلال، ولا تتغذى الحامل والمرضع والأم الحاضنة إلا من حلال، لأن اللبن أو الغذاء الحاصل من حرام لا بركة فيه. وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به.

 

ومن الحقوق سابعا العدل والتسوية بين الأولاد في الرعاية والمحبة والاهتمام حتى في القبلات لما روي أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم قال: "اعدلوا بين أولادكم في العطايا كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر"؛ [رواه الطبراني عن النعمان ابن بشير (فيض القدير 1/557)]. فإذا عدلت بين أبنائك وبناتك حللت منابر من نور في الجنة كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله وعليه وسلم - أنه قال: «إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا»، إننا ننشد العدل من الحكام ولن يتأتى حتى نعدل بين أبنائنا، فإياك أن تفضل بعض أبنائك بالعطية، إياك أن تكتب أرضًا، أو تعطي مالًا أو عقارًا إلى ابن أو بنت وتحرم الآخرين، بل اتق الله فيهم واعدل بينهم.

 

أيها الاخوة: لا يزال بين المسلمين اليوم من يتشاءم إذا ولد له أنثى لا يزال بيننا من﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59]. ونسي هؤلاء ان البنات بركة في الدنيا والاخرة:

أُحِبُّ البناتِ وحُبُّ البناتِ
فرضٌ على كل نفسٍ كريمة
فإن شعيبًا مِنْ أجل ابنتيه
أخدمه اللهُ موسى كليمَه


وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال قال - صلى الله وعليه وسلم -: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جِدته -يعني ماله - كن له حجابًا من النار» [صحيح الجامع 5 /34].

 

وعن جابر - رضي الله عنه -قال قال رسول الله- صلى الله وعليه وسلم -: «من كان له ثلاث بنات يُؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل بعض القوم: وثنتين يا رسول الله، قال: وثنتين» [أحمد والبخاري في الأدب المفرد].

 

إن مهمة الآباء مهمة عظيمة خصوصًا في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت غربة الدين، وكثرت فيه دواعي الفساد حتى صار الأب مع أولاده بمثابة راعي الغنم في أرض السباع الضارية إن غفل عنها أكلتها الذئاب، أو انتهشتها السباع.

 

وأغرب من ذلك أن ترى بعض الآباء هداهم الله لا يأمر أبناءه بمعروف ولا ينهاهم عن منكر، بل يتركهم وأنفسهم مع الشيطان، فلا يأمرهم بصلاة ولا ينهاهم عن غي وفساد، ولو ناصحته لقال لك: الله الهادي، وهذه فترة شباب وتزول.

 

وما أدراك أنها ستزول، ولو فرضنا أنها قد تزول هل تضمن أن يعيش ولدك إلى تلك الساعة ويتوب، والله إنها أمانة سنُسأل عنها، وحق لابد أن نؤديه.

 

ومن حقوق الأبناء‎ على الآباء ‎ثامنا الدعاءُ لهم بالصَّلاح والهداية والخير؛‎ اقتداء وتأسيا بأنبياء الله ورسله في دعائهم، فهذا الخليل إبراهيم عليه السلام يدعو فيقول: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، ويقول أيضًا: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40]. ويقول أيضًا: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ﴾ [البقرة: 128]. وهذا زكريا عليه السلام لا يطلب الذرية فقط؛ بل يطلبها ويسأل أن تكون ذرية طيِّبة صالحة: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].

 

فدعاء الوالدين مستجاب كما قال رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده». [رواه أحمد والترمذي وأبو داود، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الترمذي حديث حسن]. لذا حذر النبي صلى الله وعليه وسلم - من الدعاء على الأولاد مهما فعلوا، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة فيستجيب لكم». [‎رواه أبو داود بإسناد صحيح]‎. فإياك أيها الوالد الكريم‎. أن‎ تكون سببا في إفساد ولدك بالدعاء عليه، وإن عقك يوما ولم يستجب لندائك، فكن سمحا صابرا رحيما متجاوزا، فهذا سيدنا يعقوب عليه السلام يقول لأبنائه رغم ما صدر منهم من هفوات وزلات: ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 98].

 

أيها المسلم،.اشرك أولادك في دعائك وادع الله أن يصلحَهم ويكفيهم شر الاشرار وكيد الفجار.

 

إن من أعظم ما يُربى عليه الولد ويؤدّب:

أولًا: معرفة الله والإيمان به، فالتربية الإيمانية هي أساس كل خير، ومجتمعنا الآن لا يعاني من قلة الأقوياء وإنما من قلة الأمناء، مجتمعنا مفتقر إلى الأمناء الذين يخشون الله تعالى ويطيعونه في السر والعلن.

 

ونعني بالتربية الإيمانية تربية الإنسان على معرفة الله ورسوله وطاعتهما، التربية على الإيمان بأن الله واحد لا شريك له، وبأن الله هو الذي يعطي، وأنه هو الذي يمنع، وأنه هو الذي ينفع، وأنه هو الذي يضر، وأنه سبحانه وتعالى مطلع على خلقه، لا يخفى عليه شيء من أمرهم، وأنه سبحانه جامع الناس ليوم لا ريب فيه، لتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

 

علّم أولادك رقابة الله وخشية الله الذي يعلم السر وأخفى.

 

علّم ولدك أن يقول صباح مساء: الله معي الله يراني الله مطلع علي الله سوف يحاسبني.

 

وهذا رسولنا الكريم يربي ابن عمه على الصلة بالله عزوجل، حيث يقول لابن عباس: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، إذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفّت الصحف».


ثانيًا: إن تربيةَ الأولاد وصلاحَهم واستقامتهم، بعد إرادة الله، متوقفٌ على حركاتِ وسكنات الأبوين، على أقوالهم وأفعالهم، فالأبناء والبنات من الصِّغر يرقُبون أخلاقَ الأبوين، ويرقبون كلامَهم وتصرّفاتهم كلَّها، يرقبون أحوال الأبوين، فالأبناء والبنات إنْ تَربَّوْا في أحضانِ أبٍ يَخافُ اللَّه، وأمٍّ تَخْشى الله؛ نَشَؤُوا على ذلك الخلق الكريم. بل الأبلغ من ذلك بيان النبي أن الوالدين محدِّدان لمسار ولدهما، عن أبي هُرَيرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله وعليه وسلم -: «كلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة، فأبواهُ يُهوِّدانِهِ أَََو يُنصِّرانِهِ أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟!»[أخرجه البخاري في الجنائز (1358)، ومسلم في القدر (2658)].

 

وصدق من قال:

مَشَى الطاووسُ يومًا باعْوجاجٍ
فقلّدَ شكلَ مشيتهِ بنوهُ
فقالَ: علامَ تختالونَ؟ فقالوا:
بدأْتَ به ونحنُ مقلِدوهُ
فخالِفْ سيركَ المعوجَّ واعدلْ
فإنا إن عدلْتَ مُعَدِّلُوه
أمَا تدري أبانا كلُّ فرعٍ
يجاري بالخُطى من أدّبوه؟
وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منا
على ما كان عوَّدَه أبوه

 

أيها الأب الكريم:

إنَّ أولادك مرآةٌ يعكسون أخلاقك وأعمالك، إنْ رأوك تعظِّم الله وتخافه؛ عظَّموا الله جل وعلا، إن رأوْكَ تَخشى الله وتتَّقيه؛ خَشَوُا الله واتقَوْه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوْكَ ذا محافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، تأسَّوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك معظِّمًا لأبيك وأمك؛ فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوي التقى والصلاح بعيدًا عن أهل الإجرام والإفساد؛ نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن سمعوا منك كلمات طيبةً وألفاظًا حسنة؛ كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السِّباب واللعان والقبح والفحش في الأقوال؛ سمعتَ منهم مثل ذلك وأشدّ.

 

القدوة الصالحة نبراس للذريات، ودليل يهدي قلوب الأبناء والبنات.

 

ثالثًا: صلاح الأبناء والبنات يحتاج منك إلى كلمات نافعات وتوجيهات ومواعظ مؤثرات.

 

كثير من الآباء يظن التربية لا تكون إلا بالقسوة والشدة والغلظة والضرب، أين الرحمة أين اللطف والعطف واللين؟ يقول النبي - صلى الله وعليه وسلم -: «ليس منا من لم يوقر صغيرنا ويرحم صغيرنا»[ أخرجه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبّل رسول الله الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم، أوَ أملك لك أن كان الله نزع من قلبك الرحمة؟! »[متفق عليه]. وفي الصحيحين كذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت: «جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - فقال: إنكم تقبلون الصبيان، وما نقبلهم، فقال رسول الله: أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك» ومتى نُزعت- إخوة الإيمان- الرحمة من قلب المرء أبًا أو أمًا أو قريبًا فهل تنفع التربية مع الولد؟ أو التلميذ؟ هل يتقبل منه موعظةً أو نصحا؟

 

لقد كان - صلى الله وعليه وسلم - مثلا مجسدًا للرحمة بالأبناء، روى الترمذي وغيره عن عبدا لله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنها قال: «رأيت رسول الله وهو يخطب فجاء الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، وعليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل النبي، فحملهما ووضعها بين يديه ثم قال إنما أموالكم وأولادكم فتنة، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما».


وروى النسائي والحاكم: « بينما كان رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - يصلي بالناس، إذ جاءه الحسين، فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود بالناس، حتى ظنوا أنه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته، قالوا: قد أطلت السجود يا رسول الله، حتى ظننا أنه حدث أمر، فقال: إن ابني قد ارتحلني - أي صعد على ظهري، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته »، وجاء في الإصابة أنه كان يداعب الحسن والحسين - رضي الله عنهما - فيمشي على يديه وركبتيه ويتعلقان به من الجانبين فيمشي بهما، ويقول: « نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما » وفي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله وعليه وسلم - قال: « إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي - أي أختصر - مما أعلم من وَجْد أمِه من بكائه»، وكان - صلى الله وعليه وسلم - كما ورد في الصحيحين إذا مر على الصبيان يسلم عليهم ويحادثهم.

 

اتقوا الله، واعلموا أن الرحمة الحقّة قد تأخذ طابع القسوة أحيانًا، وهي ليست كذلك، فالأطفال عندما يساقون إلى المدارس كرهًا ويُحفَّظون الدروس زجرًا، ولو تركوا وأهواءَهم لقتلهم اللهو واللعب، وعندما يؤدبون على الخطيئة أو ينهوا من قبل آبائهم وأمهاتهم عما تميل إليه نفوسهم وفيه ضرر عليهم إنما هو رحمة من الوالدين، وكذلك الطبيب عندما يجري جراحة بالجسم فيمزق اللحم، وقد يضطر لتهشيم العظام أو بترها، وما يفعل ذلك إلا رحمة بالمريض، فليست الرحمة حنانًا لا عقل فيه، أو شفقة تتنكّر للعدل والنظام، وإنما هي عاطفة ترعى الحقوق جميعها، فمنظر الإنسان وهو يقتصّ منه قد يستدرّ العطف، ولو أجيبت هذه العاطفة السريعة وأطلق سراح القاتل لامتلأت الأرض فوضى وفسادًا، ولذا قال الله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حياة يا أُولِي الألْبَـابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[البقرة: 179]، والمسلم يسرّ ويفرح عند سماعه إقامة الحدود.

 

أيها الأب الكريم:

لا بدّ من عظةٍ للأبناء ونصيحة لهم بالحسنى، ورسم الطريق الصالح ليسلكوه، اسمعِ اللَّه يُحَدّثنا عن لقمان الحكيم: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13].


رابعا: صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالصلوات، الصلاة عماد الدين ومرضاة لله رب العالمين، فمروهم بها تصلح أحوالهم، وتصلح شؤونهم؟... ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾[العنكبوت: 45].


علِم الخليل عليه الصلاة والسلام، عظيم شأن الصلاة فرفع كفه إلى الله داعيًا سائلًا ضارعًا ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي... ﴾ [إبراهيم: 40]أي رب اجعل ذريتي تُقيم الصلاة.

 

مُر أولادك بالصلاة لسبع سنين و اضربهم عليها لعشر، فالله سائلك يوم القيامة هل أمرت أبناءك بالصلاة، وليتعلقن الابن بأبيه بين يدي الله في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، يقول: يا رب ما أمرني بالصلاة يا رب تركني نائمًا، يا رب ما أمرني بطاعتك.

 

ما الفائدة من ولد لا يصلي ولو كان أذكى الناس وأغنى الناس، بيت فيه قاطع الصلاة يمحق الله فيه البركة.

 

والعجيب أن البيوت أيام الاختبارات حالة طوارئ هل ذاكرت؟ هل درست؟ هل راجعت؟ انتبه تأخر عن الاختبار وما حاسبوه على الصلوات ولا على قراءة القران.

 

خامسًا: مما يُربى عليه الأولاد والبنات تنشئتهم على الآداب الإسلامية وتدريبهم عليها؛ ومن ذلك آداب الأكل والشرب، رأى النبي - صلى الله وعليه وسلم - عمر بن أبي سلمة تطيشُ يدُهُ في الصحفة، فقال لهُ النبي - صلى الله وعليه وسلم - مبادرًا لنُصحه وتوجيههِ: «يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» [ رواه البخاري]. علموهم آداب النوم وآداب الضيافة وآداب المجلس وآداب السلام وآداب قضاء الحاجة وآداب الجار وتشميت العاطس وغير ذلك، فمتى اعتادها في الصغر نشأ عليها في الكبر، وسهل عليه القيام بها، وسرّ الأب بها وثناء الآخرين على حسن تربيته.

 

سادسًا: الحرص على استعمال العبارات المقبولة الطيبة مع الأولاد، والبعد عن العبارات المرذولة السيئة: فإذا أعجَب الوالدين شيءٌ من عمل الأولاد على سبيل المثال قالا: ما شاء الله، وإذا رأيا ما يثير الاهتمام قالا: سبحان الله، الله أكبر، وإذا أحسن الأولاد قالا لهم: بارك الله فيكم، أحسنتم، جزاكم الله خيرًا, وإذا أخطئوا قالا: لا يا بني، ما هكذا، إلى غير ذلك من العبارات المقبولة الحسنة؛ حتى يألف الأولاد ذلك، فتعفّ ألسنتهم عن السباب والتفحّش.

 

لا تستغربوا عندما تسمعوا أولاد صغار في سن الزهور يسبون بكل اللغات أين تعلموا هذا السب وممن من؟

 

سابعًا: الحرص على تحفيظهم كتاب الله عزوجل: فالاشتغال بحفظه والعمل به اشتغال بأعلى المطالب وأشرف المواهب، ثم إن فيه حفظًا لأوقاتهم وحماية لهم من الضياع والانحراف، فإذا حفظوا القرآن أثر ذلك في سلوكهم وأخلاقهم، وفجر ينابيع الحكمة في قلوبهم.

 

والله أسأل أن يؤلف بين قلوب المسلمين، ويهديهم سبل السلام، وأن يجنبهم الفتن والآثام، وأن ينصرهم على أنفسهم وأعدائهم والشيطان، وصلى الله وسلم وبارك على محمد خير الأنام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق الأولاد
  • من حقوق الأولاد العدل بينهم في العطاء والمنع
  • حقوق الأولاد على آبائهم (خطبة)
  • حقوق الأولاد وواجبات الوالدين (خطبة)
  • حقوق الأولاد (1)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الأولاد وواجبات الوالدين(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • حقوق الأولاد(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب