• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

مؤسسات التعليم الإسلامية: ما لها وما عليها

مؤسسات التعليم الإسلامية: ما لها وما عليها
شوقي عبدالله عبّاد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2025 ميلادي - 1/9/1446 هجري

الزيارات: 659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مؤسسات التعليم الإسلامية: ما لها وما عليها


لعِبت - ولا تزال - المؤسسات التعليمية الإسلامية دورًا في الحفاظ على هوية الأمة الإسلامية عبر عقود من الزمن، فهي قائمةٌ على ثغرٍ من ثغور الإسلام، تسعى من خلاله لإحداث نهضة علمية في العلوم الإسلامية، عبر بث الوعي لدى العامة والخاصة، وتنشئة جيلٍ يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

 

في هذا المقال، تشمل مؤسسات التعليم الإسلامية ما يلي:

1- الجامعات الإسلامية التي تُعنَى أكثر كلياتها بالعلوم الشرعية.

 

2- الكليات الشرعية ولو كانت داخل جامعات غير إسلامية؛ مثل كليات الشريعة.

 

3- الأقسام الأكاديمية الشرعية ولو كانت داخل كليات غير شرعية.

 

4- المدارس القرآنية التي تُعنى بالقرآن الكريم.

 

5- الاكاديميات الشرعية الافتراضية سواء كانت عبر الفضائيات أو الإنترنت.

 

6- الجهات القائمة على عقد الدورات الشرعية التي تستغرق أسابيعَ أو شهورًا.

 

7- المعاهد الشرعية.

وإذا كان عدد هذه الأنواع من المؤسسات قد قلَّ على أرض الواقع، فإن عددها ازداد بوصفها مؤسسات افتراضية تنشر العلم عبر التقنية الحديثة والإعلام الجديد، رغم أن الزيادة في هذا العدد لا تزال قليلًا مقارنةً بأعداد نظيراتها من مؤسسات التعليم غير الإسلامي (التنصيري على سبيل المثال).

 

ولأن هذه المؤسسات تقوم على أداء رسالة كبيرة تتعلق بأبناء الأمة رجالًا ونساءً، ومن أجل أن تؤتي هذه المؤسسات ثمارًا يانعة، لنا وقفات مع إدارات هذه المؤسسات، تتعلق بواقع هذه المؤسسات واستشراف مستقبلها، من خلال عرض الفرص والتحديات.

 

أولًا: المهام الثلاث:

على الجامعات أو الكليات الإسلامية التي تَمنح طلابها شهادات بكالوريوس أو دبلوم، عليها ألا تَخرج في مسيرتها عن ثلاث مهام: التدريس، البحث العلمي، خدمة المجتمع، وهذه المهام أصبحت معيارًا يتم من خلاله قياسُ الفرق بين مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات التعليم العام أو الأساسي، وكل مهمة من هذه المهام مكمِّلة للمهمة الأخرى، فلا يمكن أن يكون الأستاذ مؤهلًا لتدريس مادة الفقه بشكل صحيح ما لم يكن لديه مشاركات في هذا الباب، من خلال البحث العلمي، وليس ثمة بحث علمي معتبر ما لم يكن له علاقة بالمجتمع وبحل مشكلاته، وعلى إدارة المؤسسة التعليمة معالجة أي خللٍ أو ضعف في أي واحدة من هذه المهام الثلاث، ولعل عقد الشراكات والاتفاقيات مع أطراف أخرى داخلية أو خارجية حلٌّ مناسب في كثير من الحالات.

 

ثانيًا: الجودة:

تطبيق معايير الجودة في التعليم هو الفارق بين مؤسسة تعليمية وأخرى، وبقدر التزام المؤسسات التعليمية بهذا المعيار، بقدر ما تنجح والعكس أيضًا صحيح، ولأهمية الجودة فقد أصبحت ديدنَ أكثر المؤسسات؛ سواء كانت تعليمية أو صحية أو حكومية أو خيرية، ذلك أن شهادات الجودة التي تُمنح للجهات التعليمية تضمن الحد الأدنى المطلوب في جودة العملية التعليمة، سواء على مستوى الأستاذ أو الطالب، أو الإدارة أو القاعات والمباني، أو المنهج الدراسي، وأسلوب الاختبارات، فكل هذه الأمور وما أشبَهها ينبغي أن تتغير بين فترة وأخرى بما يواكب المستجدات، وأن تحافظ على مستوى معين من التميز.

 

فالأستاذ في مؤسسات التعليم الإسلامية لابد أن يكون مؤهلًا تربويًّا، والطالب يشارك في تقويم أستاذه نهاية كل فصل دراسي، وتدخل عوامل أخرى في تقويم مستوى الطلاب والطالبات – إضافة إلى المادة العلمية - مثل العمل الجماعي والعمل التطوعي.

 

وعلى المؤسسات الإسلامية في قطاع التعليم أن تُعنى عناية كبيرة بالحصول على شهادات الجودة، سواء كانت الشهادة على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، فكلها تَصُب في مصلحة المؤسسة على المدى البعيد؛ لأن الطلاب لن يَقبلوا الانضمام إلى جهة تعليمية دون التأكد أنها حقَّقت معايير الجودة، فما بالك إذا كانت المؤسسة التعليمية غير معترف بها مِن قِبَل وزارات التعليم العالي في الدول العربية أو الإسلامية، فهذا خطأ ينبغي على إدارات تلك المؤسسات تداركه عاجلًا؛ لأن عدم الاعتراف بهكذا جامعات أو كليات أو أكاديميات، سوف يسبب إشكالات للخريجين فيما بعدُ؛ إذ كيف سيسمح للخريجين أن يتولوا التوجيه والتعليم والإرشاد في أي من قطاعات البلد، والشهادة التي حصل عليها الطلاب صادرة من مؤسسة تعليمية غير معترَف بها من قِبَل الجهات الرسمية، علما أن الاعتراف بالمؤسسات التعليمية ليس بالأمر الصعب، وإذا كان صعبًا في بلد ما، فليس كذلك في البلد الآخر، ونفس الكلام ينسحب على بعض الجمعيات التعليمية التي تُعنى بنشر الأبحاث الشرعية الرصينة، ومع رصانة وجودة الأبحاث المنشورة، فإن المؤسسة التي تُصدر هذه الأبحاث هي الأخرى غير معترَف بها رسميًّا.

 

وكخطوة أُولى يُمكن للمؤسسات التعليمية الإسلامية أن تحدِّد برنامجين أو ثلاثة من برامجها الأكاديمية (مثلًا: الفقه وأصوله، والسنة النبوية، والاقتصاد الإسلامي)، من أجل أن يتمَّ اعتمادها أكاديميًّا من قِبَل منظمات الجودة، سواء كانت تلك المنظمات محلية أو دولية، وعند نجاح التجربة مع هذه البرامج، يمكن لإدارة المؤسسة التعليمية أن تعمِّم تلك التجربة على سائر البرامج الأخرى، ومن الأمثلة على الاعتمادات العالمية المعتبرة في هذا الخصوص: شهادات الآيزو، وتركز على الشؤون الإدارية في عمل المؤسسة وشهادات الإيبت (Abet[1])، وتركز على الشؤون الأكاديمية البرامجية، ومن الأمثلة على الاعتمادات الوطنية اعتماد الـ NCAAA[2] في السعودية.

 

وإنه من نافلة القول: إن موضوع الجودة برُمَّته لا يعدو أن يكون تطبيقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه"[3]، ولا عمل أعظم من نشر العلم والتعليم! وإذا كانت الشركات التجارية يمنحون المستهلكين ضمانات تجارية على منتجاتهم، فالمؤسسات التعليمية أولى بذلك؛ حيث يكون لديهم ضمان للمجتمع عمومًا أن المخرجات وهم الطلاب والطالبات قد تعلموا تعليمًا ذا جودة عالية.

ثانيًا: البحث العلمي:

اهتمامنا بالكم دون الكيف مشكلة عامة تعاني منها أغلب مؤسساتنا التعليمية في الوطن العربي، ومنها المؤسسات الإسلامية، ومن ذلك ما يتعلق بمجال البحث العلمي داخل الجهات الأكاديمية والتعليمية، رغم أن الدين والعقل يوصيان بألا يكون الكم على حساب الكيف في أيٍّ من شؤوننا، وأَسرد بعض الأمثلة.

 

1- على إدارات مؤسسات التعليم الإسلامية إلزام منسوبيها بإجراء الأبحاث العلمية بشكل دوري، ولا سيما أن مصادر المعلومات متوفرة بين الأيدي مقارنةً بالسنوات الماضية، تمامًا مثلما تُلزمهم الجامعات الأخرى، سواء العربي منها أو غير العربي، ولا يمكن كما أشرنا سابقًا أن يقدِّم أستاذ الاقتصاد الإسلامي مثلًا المادة بشكل صحيح، وهو ليس له مساهمات في مجال الاقتصاد الإسلامي ولو قليلة، وإذا كان الاكتفاء بالمادة النظرية نافعًا في فترات ماضية، فهو ليس كذلك اليوم.

 

2- الاهتمام بجودة النشر في المجلات المتخصصة المعتبرة، وليس في مجلات غير معروفة أو ضعيفة، أو عليها ملاحظات من قِبَل الجهات الرسمية، فهذا يُسيء للأستاذ نفسه وللمؤسسة التي يتبعها، وأهل الاختصاص يعرفون منافذ النشر الجيدة في أبوب الدين المختلفة، وإذا لزِم الأمر، فعلى إدارة المؤسسة التعليمية مساندة منسوبيها في مجال البحث العلمي، بالرغم من أن الأبحاث الشرعية لا تتطلب دعمًا ماليًّا كبيرًا كما هو الحال في مجال الأبحاث التجريبية.

 

3- البعد عن كل ما يُخل بالأمانة العلمية في مجال البحث العلمي، ويدخل في هذا الباب ما يتعلق بالسرقات العلمية، ومنسوبو مؤسسات التعليم الإسلامية هم أَولى الناس بالابتعاد عن مثل هذه الأمور؛ لأنها تتنافى من أحكام الإسلام.

 

ثالثًا: خدمة المجتمع:

المؤسسة التعليمية الإسلامية هي أَولى من غيرها بخدمة المجتمع الذي تَقطُنه، وبخدمة عموم الناس إذا كانت من النوع الافتراضي، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعُهم للناس"[4]، ولا يقتصر دور المؤسسة على الجانب التوعوي للمجتمع، فإن مثل هذا الجانب قد يقوم به مَن هو دون المؤسسات التعليمية، بل دورها يتجاوز ذلك إلى أمور؛ منها: تنظيم ورش العمل لبعض قيادات المجتمع، وعقد الشراكات والاتفاقيات مع مؤسسات المجتمع المدني.

 

ويدخل في ذلك افتتاحُ برامج أكاديمية وتخصُّصات دينية يحتاجها المجتمع، وضرورية لمستقبل الدعوة الإسلامية، وهذا يتعلق بموضوع الجودة الذي قد يجعل المؤسسة التعليمية تحذف برامجَ موجودة،أو تدمج أكثرَ مِن برنامج في برنامج واحد، أو افتتاح برامج جديدة لم تكن موجودة، وذلك للتغير الذي يحدث سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وافتتاحُ تخصصات في عدة مجالات؛ منها على سبيل المثال ما يلي:

• تخصص يهتم بالدعوة إلى الإسلام بإحدى اللغات الحية – غير العربية - الأمر الذي يستلزم أن يجتاز الطالب أو الطالبة اختبارًا في هذه اللغة قبل الالتحاق بالبرنامج.

 

• تخصص يهتم بالأنظمة والقوانين والتشريعات وعلوم السياسة.

 

• تخصص يُعنى بالمالية والمصرفية الإسلامية والاقتصاد الإسلامي، فإن الاقتصاد هو الذي يقود الأنظمة السياسية سلمًا وحربًا، وما تعانيه الدول الإسلامية من تخلف اقتصادي كبير؛ من حيث عدم استخدام الموارد الطبيعية والبشرية بشكل فعَّال يجعلنا نعطي أولوية لهكذا تخصصات.

 

• تخصص في الفن الإسلامي والإعلام الإسلامي.

 

• تخصص في قضايا الإلحاد المعاصر، وأقول المعاصر؛ لأن طرق وأساليب الإلحاد المعاصر اختلفت عما كان عليه الحال في السابق، الأمر الذي يستدعي أن تتغير وسائلنا في التصدي لهذا التيار الذي يتطلب أول ما يتطلب فهمًا لبعض العلوم التجريبية كالأحياء والفيزياء.

 

• تخصص في فقه الأقليات، ويُعنى بـدراسة "الأحكام الفقهية المتعلقة بالمسلم الذي يعيش خارج بلاد الإسلام"[5]، خصوصًا أن الأقليات المسلمة أصبحت تتعرض لمشاكل تتزايد مع زيادة اندماجها في مجتمعاتها غير الإسلامية، والعجيب أن الأقليات في بعض البلدان يُعَدُّون بالملايين، فهم ليسوا (أقلية)، بل (أكثرية)، لكنها محكومة بنظام غير إسلامي، ومما يدل على الحاجة لهكذا تخصص، هو ما يَرد من أسئلة مِن تلكم البلدان على البرامج الفضائية والمواقع الإلكترونية التي يتلقى فيها الفقيه الاستفسارات عما يواجه هذه الأقليات من مسائل قد لا تَرِد عن غيرهم.

 

هذه مجرد أمثلة، وعلى إدارة المؤسسة التعليمية أن تراجع خدماتها للمجتمع بشكل دوري، وعلى المؤسسات التي تُعنى بالقرآن الكريم كدُور التحفيظ، عليها مراجعة كل ما تقدمه للطلاب وللطالبات ولأولياء أمورهم، عدا مجرد الحفظ؛ لأن حفظ الكتاب العزيز دون فَهمٍ للمعاني وتدبُّر قد لا يفيد الأمة كثيرًا[6]، والحاصل أن الشراكة المجتمعية هي واحدة من معايير الجودة التي ستُطَالب بها المؤسسة إن عاجلًا أو آجلًا، وأكثر التخصصات العلمية الأكاديمية المعروفة ستتغير في المستقبل القريب لصالح التخصصات البينية التي تعني تداخل تخصصين أو أكثر في تخصص جديد، فالتخصص المعني بالتشريعات والقوانين والسياسة، ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار موضوع التقنية الحديثة التي تُحْدِث من التغيير اليومي ما يؤثر على القوانين والتشريعات والسياسة، وقلَّ مثلُ ذلك في التخصصات الشرعية الأصيلة كالفقه وأصوله والفتيا، فهذه تستلزم في الوقت الحالي فقهًا للزمان والمكان الذي يقتضي فقهًا في المستجدات، يرافقه فقه للمقاصد الشرعية العظيمة للتشريع.

 

رابعًا: استقلالية المؤسسة:

والمقصود عدم السماح لأي مكون من المكونات السياسية في البلد من التأثير على سياسة المؤسسة التعليمية التي من المفترض أن يكون تركيزها على مهامها ورسالتها، وأي اهتمام بغير هذه المهام، فهو خروج عن رسالة المؤسسة التعليمية، يُراعى في ذلك ما ضمِنه الدستور أو النظام العام في البلد للناس، لكن المقصود ألا تفتح المؤسسة التعليمية الإسلامية المجال لأي مكوِّن من المكونات السياسية أو الفكرية، أو حتى أصحاب رؤوس الأموال أن يكون لأي منهم دور فيما يتعلق برسالة المؤسسة ومهامها، إن التدخل في رسالة المؤسسة التعليمية ذات الصبغة الإسلامية من قِبَل هؤلاء وأمثالهم، قد يُضعفها على المستوى المحلي، ويُفقدها ثقة منسوبيها تدريجيًّا، سواء كانوا طلابًا أو أساتذة، أو حتى إداريين، نعم، لا بأس بعقد اتفاقيات بين المؤسسة التعليمية، وبعض من هؤلاء بشكل رسمي وواضح بين الطرفين، من أجل تحقيق رسالة المؤسسة، فهذا قد يكون من الحكمة، خصوصًا مع أصحاب رؤوس الأموال، أو مع المؤسسات التعليمية الأخرى، ولا سيما المشهور منها ونحوها، فإن العلاقات العامة من أهم مصادر الدخل للأفراد وللمؤسسات في الوقت الحالي، وعلى إدارات المؤسسات التعليمية الإسلامية أن تعي ذلك، وتعرف كيف تستثمره بما يحقِّق أهدافها، ويمكن مقارنة الأزهر الشريف - كمؤسسة تعليمية إسلامية - قديمًا وحديثًا؛ لترى كيف كانت الاستقلالية، ثم كيف أصبحت.

 

خامسًا: التمويل:

إذا كان المال هو عصب الحياة، فهو عصب الدعوة الإسلامية أيضًا، ولعب المال دورًا كبيرًا في نشر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، عندما انطلقت في مكة في بداياتها، وذلك من خلال الدعم المالي من قِبَل كلٍّ من خديجة وأبي بكر رضي الله عنهما، وكيف كانت تجارة هؤلاء الاثنين رافدًا للنبي في إيصال الدعوة، ولذلك ينبغي على مؤسسات التعليم الإسلامية أن تضع لها خطة في هذا المجال، خطة تجعلها تستغني عن الآخرين أيًّا كان هؤلاء الآخرون، وهذا هو ما تقوم به أكثر الجامعات المرموقة في العالم، والتفتت إليه بعض الجامعات في الخليج مؤخرًا، وذلك عبر الاعتماد على نفسها في شؤونها المالية، ويمكن أن يتم ذلك عبر تبنِّي مفهوم الأوقاف، وهو مفهوم جاء به الإسلام قبل أن تتبنَّاه جامعات الغرب المشهورة؛ مثل جامعة هارفرد الأمريكية التي تعتمد أول ما تعتمد على أوقافها الخاصة، وليس على وزارة أو حكومة، بل في بعض الأحيان قد تسند هذه الجامعة حكومة بلدها في وقت الأزمات، وبهذا تُصبح المؤسسة التعليمية حرةً ومستقلة في كل قراراتها، خاصة المالية.

 

وبالرغم من قلة ذات اليد بشكل عام، فلا تزال هناك مساحات يمكن للمؤسسة التعليمية الإسلامية أن تعمل فيها، هذه المساحات ليس لها كبير علاقة بالتمويل المالي، خذ مثلًا موضوع الجودة الذي أشرنا إليه سلفًا، فهو يتطلب أكثر ما يتطلب وجودَ أناس يملِكون فهمًا وإدراكًا للموضوع، وعملًا دؤوبًا في إعادة هيكلة البرامج والمناهج التي تقدِّمها المؤسسة حسب معايير محددة.

 

إن شح الموارد جعلت بعض مؤسسات التعليم الإسلامية تفتتح برامج أكاديمية بعيدة عن رسالتها الأصلية؛ كتخصصات الحاسب الآلي، وإدارة المشاريع وإدارة الأعمال، كل هذا حتى تستطيع أن تُكمل مسيرتها، ولذلك فإن "واجب الوقت" يتعيَّن أن يلتفت أصحاب رؤوس الأموال من أهل الخير في مساعدة هذه المؤسسات والأكاديميات، خاصة إذا كانت هذه المؤسسات تستهدف أبناء الدول النامية، أو كانت تنافس نظيراتها من المؤسسات التنصيرية، فإن الواقع يشهد أن ما تتلقاه هذه الكيانات التعليمية الإسلامية من تبرُّعات ودعم لا يزال قليلًا، مُقارنةً بما يتلقاه أهل التثليث في ذات المجال، ولا مانع أن يكون التعاون بين أصحاب رؤوس الأموال - مثل المصارف الإسلامية، وإدارات المؤسسات التعليمية - حسب اتفاقيات واضحة بين الطرفين.

 

وما ذكرناه في النقطة السابقة من استقلالية للأزهر الشريف كمؤسسة تعليمية إسلامية، إنما كان بسبب الأوقاف، فالأزهر "من أهم المدارس العلمية الشرعية في تاريخ الإسلام؛ إذ عاش الأزهر يؤدي رسالته في نشر العلم وخدمة العلماء وطلاب العلم أكثر من ألف عام، والذي ضمن للأزهر هذا الاستمرار بتوفيق من اللَّه هو الوقف الإسلامي الذي دعَمه اقتصاديًّا، وحماه من انقلابات الدول، وكفاه شرَّ المحن المتعاقبة على مدى تاريخه الطويل، فالعامل الاقتصادي الذي شكَّل قاعدة اقتصادية ارتكز عليها الأزهر طول تاريخه الطويل، اعتمادًا على الأوقاف الإسلامية التي يَرصُدها أهل البذل من الحكام والأثرياء، كان ضامنًا للاستمرارية في أداء رسالته"[7].

 

سادسًا: التقنية والإعلام:

لا شك أن التقنية الحديثة والإعلام الجديد يلعبان دورًا كبيرًا في مجال التعليم والتوجيه، فاق بكثير دور المؤسسات التعليمية التقليدية، وبعد جائحة كورونا تبيَّن أن البنية التحتية لتقنية المعلومات في المؤسسات التعليمية مهمة جدًّا؛ حيث استطاعت المؤسسات ذات البنية التحتية القوية في مجال التقنية أن تستكمل عامها الدراسي بشكل سلس، بينما تعثَّرت المؤسسات الأخرى، ولذا فالواجب على مؤسسات التعليم الإسلامية أن تعتني عناية فائقة بتطبيق التحول الرقمي على المؤسسة وأعمالها، وإلا فإنها ستواجه معضلات كثيرة قد تؤثر على الإقبال عليها من قِبَل عموم الناس، علمًا أن (التعليم الإلكتروني) أو (التعليم عن بُعد)، قد يخدم المؤسسة التعليمية حتى بعد جائحة كورونا؛ لأنه يقلل التكاليف المادية وكذلك الجهود، وبالرغم من هذا فينبغي ضبط ما يتعلق بالتقنية الحديثة؛ حتى لا يؤثر سلبًا على جودة المخرجات، فمثلًا ينبغي على الجهات القائمة على الدورات الشرعية أن تتأكَّد من انضباط المسجَّلين في هذه الدورات من الجنسين، والتأكد من الحضور، وكذلك التأكد من اجتياز الاختبارات ونحوها من الأمور التي لا تزال بحاجة إلى ضبط؛ حتى لا تُمنَحَ الشهادات لِمَن يستحق ومَن لا يستحق[8].

 

وختامًا:

ما سبَق يَصُبُّ كلُّه في المصلحة العامة لمؤسسات التعليم الإسلامية، وهو لا يقلِّل من الجهود التي تبذلها إدارات هذه الكيانات الدعوية في التطوير والتحسين، جهود تبذل مع قلة الإمكانيات وتحديات على صُعُد متعددة، والمسؤولية مشتركة بين إدارات هذه الكيانات، وبين وزارات التربية والتعليم أو التعليم العالي - أو وزارات الإعلام في حال كون المؤسسة التعليمية تعتمد على أسلوب التعليم عبر الإنترنت - كما أن المسؤولية مشتركة بين إدارات هذه المؤسسات وبين المجتمع عمومًا، وخاصة الطلاب والدعاة إلى الإسلام، فالجميع له حقوق وعليه واجبات ينبغي أن يقوم بها، وبقدر تعاون الجميع بصدق ومسؤولية، تحقِّق هذه الجامعات والكليات والأكاديميات والمدارس رسالتها ومهامها التي جاءت من أجلها، وبقدر تخلِّي البعض - فضلًا عن الكل- عن القيام بمسؤولياتهم، تتأخر هذه الكيانات وتؤول إلى الاندراس، بل قد تصبح عبئًا على البلد، ولعل موضوع (الجودة) الذي أشرنا إلى طرف منه[9] في النقطة (ثانيًا)، هو أهم هذه النقاط؛ لأن الكثير من جوانب القصور يتم إصلاحها عن طريق الالتزام بمعايير الجودة والحصول على الاعتمادات الأكاديمية، سواء المحلية أو الدولية.



[1] https://www.abet.org

[2] https://etec.gov.sa/

[3] الطبراني من حديث عائشة، وصحَّحه الألباني في الصحيحة (1113).

[4] الطبراني وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني في الصحيحة (906).

[5] حسب تعرف المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء رقم (5/12).

[6] قال ابن تيمية رحمه الله: "والمطلوب من القرآن هو فَهم معانيه والعمل به، فإن لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين"؛ مجموع الفتاوى (23/55).

[7] الأوقاف في العصر الحديث لخالد المشيقح، ص (23).

[8] للاستفادة من التقنية في عمل المؤسسات التعليمية الإسلامية، ينظر مقال للكاتب بعنوان: (استثمار أمثل للتقنية في أعمال المؤسسات الدعوية)، مجلة البيان 391، تجده هنا: https://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=8858

[9] الإشارة لموضوع الجودة كانت مختصرة جدًّا، وإلا فالموضوع يستحق توسعًا وفهمًا؛ لأنه مفيد جدًّا في جميع القطاعات، وخاصة قطاع التعليم، وإذا لم يكن الحصول على شهادة الاعتماد الأكاديمي التي تحقق الحد الأدنى من معايير الجودة، إذا لم يكن إلزاميًّا في هذه الأوقات، فسيكون كذلك خلال الفترة القادمة، وما يُعطى عبر الأكاديميات الفضائية والإلكترونية سيتم تقنينه في وقت لاحق، وما على إدارات مؤسسات التعليم الإسلامية إلا أن تأخذ بزمام المبادرة في هذا الجانب، وهي أهل لذلك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • - طلبة مؤسسات التعليم العالي الإسلامية في روسيا يتنافسون في ختم القرآن
  • الأنشطة الشبابية في المؤسسات التعليمية
  • جدل حول مطالب المسلمين الدينية بالمؤسسات التعليمية
  • الرسالة الحضارية للمؤسسات التعليمية
  • المشكلات الإدارية في المؤسسات التعليمية
  • مسابقة بين طلاب المؤسسات التعليمية الإسلامية في جمهورية تتارستان
  • إشكالية التعليم العمومي في المغرب: بين الأسلوب القديم وحتمية التحديث الرقمي

مختارات من الشبكة

  • حاكمية مؤسسات التعليم العالي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اتجاهات مسؤولي مؤسسات التعليم العالي نحو تطبيق ثقافة إدارة الأعمال في إدارة جامعة أمِّ القرى(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • إنشاء مؤسسات زكوية للقضاء على الفقر والمسكنة والعوز في البلدان الإسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مؤسسات التربية الإسلامية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أنماط التعليم الشرعي في العصر الرقمي: دراسة مقارنة بين التعليم المباشر والإلكتروني والهجين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التغير في المفاهيم التربوية: التعليم مدى الحياة أم التعليم من أجل المساهمة في وظيفية الحياة؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التعليم الديني في نظام التعليم الأذربيجاني(مقالة - المترجمات)
  • ربط التعليم ومؤسساته بحاجات المجتمع وواقع السوق(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • مؤسسات إسلامية تعتزم إهداء 10000 نسخة من القرآن بالنرويج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: الشرطة تهاجم مؤسسات إسلامية سعيًا لحظر نشاط السلفيين(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب