مصروف البيت، كم من جرائم ترتكب باسمه!

اقتصاد

مصروف البيت، كم من جرائم ترتكب باسمه!

مانشتات

- حتى نظرية الاحتمالات فشِلت في إدارة مصروف البيت!

- آثرت السلامة وتركت المصروف لزوجي؛ ليعرف مدى معاناتي.

- بسبب النِّزاع على مصروف البيت، رمى زوجته من الشُّرفة!

- د. رهام: تجنبًا للمشكلات: المصروف في عهدة شخص واحد.

مشاكل مصروف البيت لا تنتهي؛ فهي تكاد تكون الحديثَ اليوميَّ على الموائد الأسرية، وخاصة مع هذا الغلاءِ الذي طال كلَّ شيء، حتى أساسيات الحياة من طعام وغيره، ونسمع كل يومٍ عن مشاحنات تصل إلى حدِّ الطلاق، وفي بعض البلدان إلى حدِّ القتل وإلقاء الزوجة من شرفة المنزل!

والغريب أن الزوج يُلقي بهذه المهمةِ العسيرة في ملعب الزوجة؛ إما للتخلِّي عن مسؤوليَّته، أو ربما لرفع الحرج عن نفسه، وتتكفَّل هي بسدِّ النقص من راتبها، وإلا تكمل الشهر بترشيد النفقات وحزم البطون!

فلماذا تَقبل الزوجةُ هذه المهمة رغم ثِقَلها ومسؤوليتها، وكيف تتحكَّم في حبِّها للشراء؟ وكيف تواجه أزمةَ آخر الشهر؟ وماذا تفعل حتى لا تدخل في دوَّاماتٍ من المشكلات التي قد تؤدي إلى نتائجَ كارثية؟

أخبارٌ مفزعة والسبب مصروف البيت:

تعبير دموي!

عبَّرت سيدة سعودية ثَلاثينيَّة عن غضبها من عدم تأمين زوجِها لمصاريف الأسرة، بطعنةٍ سددتها إلى صدره، تمَّ على إثرها نقلُه إلى المستشفى غارقًا في دمائه، وكانت الزَّوجة دخلت في مشادَّة عنيفة مع زوجها بسبب عدم تأمينِه مصاريفَ المعيشة، فزجرها ثم ضربها، فأسرعتْ إلى المطبخ وأخذت منه سكينًا سدَّدت به طعنة غائرة إلى صدره!

ألقاها من الشرفة!

بسبب الخلاف على مصروف المنزل، ألقى عاملٌ بزوجتِه من شُرفة الطابق الأول بضاحية مدينة السلام، حدثت مشاجرة بينهما بسبب مصروف البيت، فأسرع خلفها للإمساك بها وضربها، فقفزت أعلى سور الشرفة، فدفعها إلى الشارع، حيث أصيبت، وتمَّ نقلُها بين الحياة والموت إلى المستشفى.

وفي المدينة المنورة:

أنهى المشادة بالطلاق:

لمواجهة احتياجات البيت المتزايدة وبعد عِشْرَةِ 11 عامًا، أنهى خلافَه معها بالطلاق.

وتحكي لنا ليلى قصتها مع مصروف البيت فتقول:

آثرت السلامة!

مصروف البيت أرهقني نفسيًّا، وخاصة أنَّ أيَّ تقصير يواجَهُ من قِبَل زوجي بالسُّخريَة والشكوى، وينتهي دائمًا نقاشُنا حوله بالشِّجار ثم بالخصام، فقررت من فترة أن يقومَ هو بالإنفاق على متطلَّبات البيت من شراء طعام وغيره، ويعطيني مصروفي الشَّهري الخاصَّ، ومن يومها والبيت هادئ، والأمور مستتبَّة بيننا.

وتقول سمية:

يُظهر شخصيتها:

مصروف البيت في رأيي يبيِّن مدى مهارة المرأة، ويظهر شخصيتها وما تملِكه من إرادة التحكُّم في النفس، وفي كيفية إدارة أمورِها بكفاءةٍ طوال شهرٍ كامل، دون أن تُحدِث صدامات مع الزوج، أو تستدين لتسدَّ العجز الذي أحدثه عدمُ وعيِها وإقبالُها على الشراء لإرضاء حاجةٍ نفسية.

يقول عبدالرزاق المناني:

التجربة هي الفيصل:

تظلُّ التجربة هي الفيصلَ، وهي من تحدِّد من هو الأجدر على الإدارة المالية للبيت، فنجد من له دخلٌ جيِّد بل ممتاز، ودائمًا يقع في القرض آخرَ الشهر، بينما نجد آخَرَ دخلُهُ متوسط وقد يكون ضعيفًا، لكنَّ إدارة مصروفه تكون مقنَّنةً بشكل يُبهر الغنيَّ المبذِّر، فالمسألة يحدِّدها الشخصية القائمة على مصروف البيت ومدى كفاءته، سواءٌ الزوج أو الزوجة.

أما فايزة، فتقول:

يسبِّب التجهُّم والنَّكد:

أراه قيدًا على الزوجة وسببًا للمشكلات، فالزوج في هذا الزمنِ يعطي الزوجةَ مبلغًا معينًا من المال، في معظم الأحوال لا يتناسب مع هذا الغلاء في كل شيء، وينتظر أن تُكمل هي النَّقصَ من راتبها، وإذا اعترضتْ، فالويل والثبور، وتظهر الوجوه المتجهِّمة والنَّكد، وقد عانيت كثيرًا في أوَّل زواجي، ولكنِّي تحررت من هذا القيد، وألقيت الكُرَة في ملعب الزوج؛ ليتحمَّل مسؤولياته.

بئر النفقات!

بالرَّغم أنَّ زوجي كان يعطيني مبلغًا من المال كلَّ شهر يغطِّي نفقات الشهر، إلا أنني كنت أحتار وأستعملُ كلَّ ما تعلَّمته من نظرية الاحتمالات، وجداول القسمة والضرب والطرح؛ لكي يكفي هذا المبلغُ الذي لا يتحرَّك إلى الأمام، بينما أسعارُ كل شيء في زيادة تكاد تكون يومية، وحينما أطلب منه زيادةً، تتعالى الصرخات في وجهي، وتنزل عليَّ الاتهامات بالطمع، وأنِّي امرأة مُسرِفة مبذِّرة، لا تُقدِّر تعبَ زوجها، تريد تقليد الآخرين، وحين أنام أفكِّر في الغد، وكيف ستسير الأمور، أنزل للتسوُّق، وأستخدم مهاراتي في الفصال واختيار السِّلع الأرخص، وأمشي على حبل المصروف؛ أخشى يومًا أن أقع في بئر النفقات ولا أصعد.

الزوجة الأقدر:

معظم المشاكل التي تحدث بسبب مصروف البيت تكون بين فئات المجتمع الدُّنيا، التي تقلُّ ثقافتُها ومستواها المعيشي، فكلما ترقَّى الإنسان في العلم والفهم، أعتقد أنه يترفَّع عن هذه المشاكل، ويُدير أموره وَفقًا لإمكاناته؛ فلا تَحدُث هذه المشكلات، وأرى أنَّ الزوجة رغم هذه المهمة الشاقَّة أجدُها الأقدر على إدارة بيتها ماليًّا؛ فهي تعرف جيدًا ماذا يريد بيتُها، وحجم ما تريد من مصروفات، بل هي التي توفِّر وتدبِّر وتقوم بعمل الجمعيات، وتضيف من راتبها طواعيةً بغير إعلان إذا حدث عجزٌ في ميزانية البيت؛ لأنه أولاً وأخيرًا بيتُها ومملكتها.

وعن كيفية الإدارة الجيدة والملائمة لظروف كلِّ أسرة، وتجنبًا للمشكلات، تقول د. رهام الحميان - مستشار تدريب وتطوير -:

خطة مسبقة:

إدارة المصروف هي إدارة وضبط الميزانية الشَّخصية أو الأُسَرية، من حيث التحكُّمُ في حجم المصروفات، التوفير؛ وذلك بِناءً على الخطة والأهداف المرسومة مسبقًا من قبل المُتَحكِّم بالمصروف.

لشخصٍ واحد:

وتجنبًا للتأزُّم وتَفجُّر المشكلات بين الزوجين، فإن إدارة المصروف يجب أن تُوكَل لشخص واحد، سواءٌ كانت الزوجة أو الزوج، وهذا يعتمد على الشخصية، ومن هو الممسك بزمام الأمور؟ وما يتم الاتفاق عليه مسبقًا.

لأنَّه أحيانًا يكون الرجل هو المسيطرَ والمتحكم، وأحيانًا أخرى العكس.

ولإدارة المصروف بطريقةٍ ناجحة وسليمة؛ نحن بحاجة إلى إعداد ميزانية للأسرة.

وللحصول على ميزانيَّة صحِّية سليمة؛ يجب أن تغطى الجوانب أو البنود التالية:

- المصروفات: "ضرورية، وهي التي يتم صرفُها بانتظام وشهريًّا كالاستقطاعات، إيجار المنزل، الخدم، مصروفات الأبناء، أما الكماليَّات، فهي الأغراض التكميلية، مثل: مصروف الصالون، هدايا للمناسبات، الخروج مع الأصدقاء، وغيره".

والذي يحدِّد البند أن يكون من الضروريَّات أو الكماليات يختلف باختلاف الأُسرة أو الشخص واحتياجاتهم.

- الطوارئ: "وهو بند المصروفات الطَّارئة، مثل: مستشفى، أو أي حالة طارئة أخرى".

- الادخار، وهو نسبة ما يتم توفيرُه من الرَّاتب.

ولنجاح ضبط الميزانية والادخار بصورة سليمةٍ؛ يجب تحديد الأهداف، ما الهدف من التوفير ولماذا؟

وأن تكون الأهداف مخطَّطًا لها خلال فترة زمنيَّة محددة؛ لنجاح عملية التوفير.

هناك أهداف قصيرة أو بعيده المدى، كشراء منزل، توفير مبلغ من المال للأبناء والدراسة في جامعات خاصَّة، أو بداية مشروع بعد التقاعد مثلاً.

أحيانًا نكون بحاجة لتحديد قيمة الادخار من البداية، وبعدها يتم تخطيطُ الميزانية على المبلغ المتبقي.

فالميزانية الصحيحة باتِّفاق الطرفين تُجنِّب الكثير من المشاكل؛ لأنه - وبكلِّ بساطةٍ - يكون هناك تخطيطٌ مسبَقٌ وأهداف محددة، يتمُّ على أساسها وضعُ الميزانية وتحديد المبلغ المدخر.