• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإسلام يحافظ على الكيان الأُسري
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثالثة عشرة: التسامح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تربية الأبناء في عصر "الشاشة" كيف نربي طفلا لا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تطوعي نجاحي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

لهموم أقل (معا نحو اهتمام متزن)

لهموم أقل (معا نحو اهتمام متزن)
محمود أمين قاسم دبوان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/11/2021 ميلادي - 26/3/1443 هجري

الزيارات: 2657

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لهمومٍ أقلَّ

(معًا نحو اهتمام متزن)

 

قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23].

 

في واحة القرآن تستوقفنا الكثير من الآيات التي تكون مصدرَ إلهام لنا في الكثير من الأوقات، وهذا ما جعلني أفتتح مقالي بهاتين الآيتين اللتين أحدثتا في نفسي تغيُّرًا كبيرًا.

 

ربما تستهوي أفئدتكم أنتم أيضًا ويكون لهما أثر كبير عليكم، فيأتي بقية مقالي كتذييل لِما حدث من تغيير في أنفسكم بسببهما، ولكيلا تكون مفرداتي في هذا المقال بمثابة كومة من النصائح تُلقى عليكم، فتجعلكم تائهين، فقد حاولت تيسير الأمر بتجزئة المواضيع، وربطها بالواقع، مع الاعتماد على اطلاعي باقتباس الكثير من النصوص المفيدة.

 

الاهتمام بمثالية الجسد...

ألقى بنفسه في غيابات سجن جسده، يتفحص هيئته الجسدية كل يوم، ثم يتأفف لهيئته؛ حيث إنها لم تقترب من الجمال الذي تصوره في ذاته عنها.

 

يحدِّث عن ذلك قائلًا: (لقد ساومتها باستخدام الكثير من المساحيق، ولولا قلة المال لكنت الآن في غرفة العمليات).

 

آخَر يتأفَّف كثيرًا من وزنه، وآخر يكتوي بنار الحزن أسفًا على طوله، بينما ثالث يندُب حظه نظير تلك التشوهات التي تقع في بعض أجزاء جسمه، بينما شخص رابع انطوى بين أركان اليأس متذمِّرًا يشتكي من الإعاقات، ويرى أنها سببٌ في عدم تميزه.

 

خامس وسادس و...؛ خشية الإطالة تجاوزت الكثير من السلوكيات التي تتملك اهتمامنا، وتجعل من الانشغال بها عادة متكررة؛ ليتحول الأمر إلى انطباع في ذهن الفرد يسيطر على أفكاره وأحاسيسه؛ مما يولد لديه حالة من عدم الاتزان والهشاشة النفسية.

 

غالبًا ما تكون البداية بالمقارنة؛ حيث يعمَدُ الفرد إلى مقارنة نقاط ضعفه بما يراه نقاطَ قوة لدى الآخرين، وبلا شكٍّ فإنه سوف يخسر، وبمجرد أن يخسر يتحول إلى مرحلة الانتقاد ليهاجم شخصيته معترضًا على هيئته، ومتأففًا منها حتى يصل إلى مرحلة يتمثل فيه انتقاد الآخرين له وفق تفكيره وتصوره لنفسه؛ مما يجعله يدخل في مرحلة متلازمة من القلق.

 

في كتاب "كيف تستمتع بحياتك وعملك؟" يعالج الكاتب في البداية نظرة الإنسان تجاه نفسه، ويجعل منها مشكلة تاريخية: (إن مشكلة عدم استعداد الإنسان لتقبل نفسه وشخصيته كما هي قديمة قِدَمَ التاريخ، كما أنها منتشرة بين البشر على اختلاف جنسياتهم، وهذه المشكلة هي السبب وراء العديد من الأمراض والعقد النفسية)، لكن الكاتب لا يتوقف عن ربطها بالأمراض النفسية، بل إنه يجعل من التفكير فيها وما حوَّلت التدقيق فيما ينقصنا مسببًا للبؤس، مُدَّعيًا أن أثرها يفوق الحروب والأوبئة: (التفكير فيما ينقصنا ومحاولة الحصول عليه هو الذي سبب لهذا العالم البؤسَ الذي يفوق ما تسببت فيه كل الحروب والأمراض في تاريخ العالم).

 

إن تركيزنا على العيوب والنظر بعين الذباب تجاه أنفسنا يجعلنا نفقد الاستمتاع بكثير من النعم التي وهبها الله لنا، فجميعنا يملك الكثير من النعم، لكنه يفقد عين النحلة في التركيز عليها؛ ولذلك نجد الدكتور إياد قنيبي (دكتوراه في علم الأدوية الجزئي) في كتابه "حسن الظن بالله" يجعل من هذه الطريقة داءً؛ حيث يقول: (هذا الداء جزء من ظواهرَ نفسية يعرفها المعالجون النفسيون بالـ(Cognitive Distortion)؛ أي: التشوه المعرفي، ويسمون هذه الظاهرة بالذات ( Mental Filter)؛ أي: الفلترة الذهنية؛ وهي عدم قدرة الفرد على ملاحظة النواحي الإيجابية في حياته بسبب انشغال ذهنه بمعكِّر بسيط نسبيًّا كمن لا يرى إلا خللًا بسيطًا في ثوب نافع).

 

في الخطاب الشهير للملاكم محمد علي كلاي: أنا الأفضل أو الأعظم، تدور الفكرة حول التأكيد على قدراته التي من خلالها يعمد إلى تحفيز نفسه لمواجهة الخصم، وكسب الفوز في المنافسة، وهذه الفكرة كان لها من الأهمية الشيء الكبير لكسب ثقته بذاته، بغض النظر عما تحدثه من الأثر في خصومه، ونحن أيضًا بحاجة إلى تنمية قدراتنا من خلال النظر إلى نقاط القوة فينا، والعمل على تنميتها، مع إثارة الحماس في نفوسنا، بما يعزز شعورنا الإيجابي تجاه أنفسنا؛ ومن ثَمَّ فإن ذلك سوف ينعكس على إنتاجنا.

 

ختام البند: تذكر أيها القارئ أن الله (لم يقذف بنا إلى الدنيا لنعاني بلا معين كما يقول سارتر... إن كل ذرة في الكون تشير بإصبعها إلى رحمة الرحيم... حتى الألم لم يخلقه الله لنا عبثًا، وإنما هو مؤشر وبوصلة تشير إلى مكان الداء، وتلفت النظر إليه)؛ مصطفى محمود.

 

الاهتمام بانطباعات الآخرين تجاهنا...

حساسيته مفرطة، ولو كانت التهابًا جلديًّا، لكان أهون، ولكنها التهاب ذهني متجدد، تجذب عقله العاطفي حركة مفاجئة، وتشغله كلمة مبهمَة لا يهدأ له بال حتى يحلل ما وراء الستار، ويتعرف على الكواليس، وما هي إلا لحظات حتى تتحول تلك التحليلات إلى كوابيسَ متتابعة تقضُّ مضجعه وتشغل باله.

 

في القرآن إشارة إلى ذلك مع نهي عن الوقوع فيه؛ حيث حذرنا القرآن عن الخوض في الظنون التي تنشب غالبًا عن توقعات وتنبؤات تعتري الفرد منا على نظرته تجاه الآخرين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، لكنه مع ذلك يضعنا أمام معادلة موزونة: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾، ولأن الله يعلم أن ظنونك إنما تنشب بِناءً على نظرتك تجاه الآخرين وتصوراتك عنهم، فمثلًا: (إذا كان هناك صورة سيئة في ذهنك عن ذلك الشخص، فإنك ستكيل جميع تصرفاته بمكيال الشتيمة منك والاستهزاء بك)؛ ولذا بعد أن نهانا الله عن الوقوع في دائرة التوهم، نهانا أيضًا عن الوقوع في دائرة الشتيمة؛ لأن في ذلك سلامة للنية، وراحة للبال، وصفاء في الروح، وهذا ما يجعلك تقابل الآخرين ببشاشة، وتأسرهم بابتسامة، وعندما يتحول هذا الأمر إلى عادة لديك، فإنك سوف تجد أثره في تعامل الآخرين معك، ونظرتهم تجاهك، ولأجل ذلك جعل الرسول صلى الله عليه وسلم من إطلاق الابتسامة صدقة؛ فعن أبي ذرٍّ الغِفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ))؛ [رواه الترمذي]، وحين تجد في ميزان حسناتك الكثير من الابتسامات، فاعلم أن ثقلها هناك لم يكن بسبب ثقلها عليك في الدنيا فحسب، وإنما لحَجْمِ الأثر الذي أحدثتَهُ حين أطلقت سراحها في وجه أخيك، أما عن حجم الأثر في نفسك، فسوف تستشعره مع قيامك بالكثير من التجارب.

 

(لا بد أن تكون حريصًا جدًّا فيما تفكر فيه؛لأن ما يقودك هي الأفكار؛فاحذر من التفكير السلبي؛ حيث أوضحت إحدى الدراسات أن 80% من أفكار الإنسان سلبية،وهي تتسببفي 75% من الأمراض العضوية والنفسية والعصبية،وتسبب له الإحباط والاكتئاب والقرحة، والسكر والكلى، وأيضًا السرطان،فالأفكار في منتهى الخطورة على الإنسان)؛ إبراهيم الفقي.

 

ختام هذا البند: أهمس إليك: (إن النظر إلى ما في قلوب الناس وتفحصها أمر معجز؛ ولأجل ذلك اختصه الله لنفسه، فهو وحده من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلا ترهق نفسك في ذلك فتنشغل عن مهامك، وتقتل وقتك).

 

الاهتمام بآراء الناس وأقوالهم...

يقول ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "وقال موسى صلوات الله عليه: يا ربِّ، إن الناس يقولون فيَّ ما ليس فيَّ، فأوحى الله إليه: يا موسى، لم أجعل ذلك لنفسي، فكيف أجعله لك؟".

 

هل وعيت؟! إن خوض الناس في بعضهم البعض ليس أمرًا محدثًا، بل هي سابقة في بني البشر، وأشدها ما كان في الافتراء على الله تعالى، فالكثير من الأقاويل أخبرنا عنها الله وجعل منها آياتٍ تُتلى:

قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64].

 

قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [التوبة: 30].

 

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181].

 

اللهم إنا نَبرأ إليك من جميع الافتراءات التي قيلت فيك، ونشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.

 

قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ؛ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ)؛ [رواه البخاري ومسلم].

 

إنها من طبائع البشر التي تعرَّض لها الكثير من الناس، حتى أولو العزم، بل لقد كان لإمام الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم نصيبٌ من ذلك؛ فقد رمَوه بالجنون، وحرضوا عليه سفهاءهم بافتراءات نزَّهه الله منها، وفي حادثة الإفك التي تناولت عِرْضَهُ الكثيرُ من الدروس التي نعجز عن سردها هنا.

 

يتناول ابن عطاء الله السكندري هذا الأمر بمحمل آخر، ويجعل منه وسيلة تذكير وتنبيه بالله؛ كونها تبعدك عن الآخرين لتصلك بالله؛ حيث يقول: (أجرى الأذى على أيديهم حتى لا تسكن إليهم، أراد أن يزعجك عن كل شيء حتى لا يشغلك عنه شيء).

 

أما في كتاب "ما لم يخبرني به أبي عن الحياة"، فإن المولف يتساءل عن قاعدة قد تبدو بديهية، لكنها فعلًا تحاكي شيئًا من الواقع الذي يمكننا استنطاقه ممن خاضوا التجربة في مراحل متفرقة من العمر.

 

(... هل سمعت من قبل عن قاعدة (18-40-60)؟

هذه القاعدة ببساطة تخبرك عن شيء هام جدًّا؛ وهو أنك في سن الثامنة عشرة تكون مهتمًّا للغاية برأي الناس فيك، ومنتبهًا لِما يقولونه عنك، وقلِقًا بخصوص ما يشعرون به تجاهك.

 

وعندما تبلغ سن الأربعين، تصبح غير مهتم ألبتةَ بما يقوله الناس عنك، غيرَ آبِهٍ بآرائهم فيك، ولا يقلقك ثناؤهم أو نقدهم.

 

بينما وأنت في الستين تدرك الحقيقة الغائبة؛ وهي أنه لا أحد في الحياة كان مهتمًّا بك للدرجة التي كنت تظنها طيلة حياتك!)؛ ومن ثَمَّ فإننا بحاجة إلى الاستقلالية عند القيام بأفعالنا، وألَّا نصدر الأحكام فيها بناء على انطباعات الآخرين، وآرائهم السلبية، وهذا ما يؤكده لنا الكاتب بقوله: (إننا كثيرًا ما نعطي لرأي الآخرين أكثر مما يستحق، ونزِنُ أفعالنا بانطباعاتهم، وأنَّى للناس أن يعايشوا ويتفهموا ما نحن بصدد المُضيِّ فيه وتحقيقه؟!

 

إن استقلاليتك العقلية، وتحررك من سيطرة الناس أمر بالغ الأهمية في تحقيق أحلامك وأمانيك).

 

الاهتمام بالإخفاقات...

يتوارى بين خَلَجات نفسه بعيدًا عن الواقع، يجرُّ من خلفه كائنًا ينبض في ذهنه، لكن نبضه بمثابة قدح تتطاير منه شرارة الحسرة والندم.

 

يعلن مع كل ذكرى أو تنبيه له عن ذلك الفشل بقيام محكمة تستدعي القاضي الموجود في عقولنا، وكالعادة يصدر القاضي أحكامه ضد الضمير، والتي غالبًا ما تبدأ بالتأنيب وقد تنتهي بالانتحار.

 

في كتاب "من الاتفاقيات الأربع - حكمة حضارة التولتك"، ناقش حكماؤها هذه المشكلة، واعترضوا على حكم القاضي معتمدين على المنطق في إنكار الحكم والرد عليه، وإليك النص المقتبس:

(... يؤسس القاضي في عقولنا أحكامه بناء على المعتقدات، ويصدر أحكامه لتعاني الضحية العقاب، لكن الأحكام لا تنطوي على العدل، فليس من العدالة أن ندفع ثمن الخطأ عدة مرات، بدلًا من مرة واحدة، فالكائن الوحيد الذي يدفع ثمن خطئه آلاف المرات هو الإنسان.

 

... فكل مرة نتذكر ما اقترفنا نحكم على أنفسنا مرة أخرى، ونكتشف من جديد أننا مذنبون لنعاقب أنفسنا، وهكذا نعيد الكَرَّة) لقد نبذوا تلك الأحكام الجائرة، وأقاموا الحجة على القاضي لينتصروا للضحية، ولأن الضحية يلعب دور الجاني، كان لا بد عليهم من الإفصاح عن أن إساءتنا لأنفسنا تفوق إساءة الآخرين لنا، بل إنها قد تفتح المجال أمام الآخرين للإساءة والنَّيل منا؛ لأن عقاب الفرد لذاته، وعدم تقبلها يجعل منه شخصية غير موزونة في المجتمع؛ ومن ثَمَّ فإنهم يجعلون من رفض الفرد لذاته وعدم تقبله للفشل سببًا في الإساءة لها، وهذا ما نجده في هذه المتسلسلة، (فالإساءة للذات تنبع من رفضها، ورفضها ينبع من صورة الكمال، وفشلنا الدائم في الوصول إليها).

 

إن رفض القضاء والعمل على إقصاء الأفكار التي تدعو إلى إقامة الأحكام في حق الذات ليس حلًّا نهائيًّا، فالأفكار قد تجد مثيرًا قويًّا يزيد من شدة تأثيرها مما يجعل الإنسان يدخل في دوامة من اللوم، متبوعًا بالحسرة والندامة.

 

تُقدِّم الكاتبة أمل أحمد طعمة حلًّا للتخلص من إعادة التفكير في الإخفاقات – أو كما تسميها هي: المحن، الفتن، المصائب - بصورة تربوية روحية تعتمد على العلاقة بين المخلوق وتصرفاته، وبين الخالق والمخلوق؛ حيث تقول: (... ففسِّر الحدث والمحنة والفتنة التي تمر بها وفقها – أي: حالة الرضا بالله عز وجل... عندها تجد شعاع النور يتسلل إلى قلبك بالسكينة والطمأنينة، ويرشدك إلى معول التغيير والإصلاح... فإن كانت تلك المصيبة بما جنته يداك، أصلحت، فإن عدتم عدنا، وإن كانت من غير إرادة منك وقَدَرًا من أقداره جل جلاله، عندها يكون حيز عملك وحركتك في الرضا والتسليم، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومتابعة المسير والبحث عن أبواب أخرى).

 

تظل الكاتبة متمسكة بالرضا على أنه مفتاح للسعادة، كما أنه بوابة للثقة في مواجهة الإخفاقات، بل إنها تجعل منه مصدرًا للتفاؤل بالمنح الربانية (... بالرضا ترى مكامن الخير في المحنة، فتتمكن بعون الله من الخروج منها بأفضل ما يمكن... ولولا الرضا لما رأيت الخير تحت الرماد، ولما استطعت تغيير الحال والموقف، ولولا الرضا لما أشرقت النفس وتفاءلت بما هو قادم، فاستطاعت أن ترى الإيجابيات والخير وسط الغبار والفتن).

 

الاهتمام بمشاكل الآخرين...

يتطلع إلى من حوله بقلب مفتوح، يمتص آلامهم وأحزانهم ليركمها فوق أحزانه دونما وعي أو بصيرة، ولئن سألته عما سيفيد به ذلك الشخص من أحزانه وآلامه تجاهه، فإنه بلا شك سيجيبك: لا شيء، إذًا فما الداعي إلى أن تحزن أو تقلق نفسك؟!

 

غالبًا ما يتطلع الفرد إلى اهتمامك من خلال ما تجود به عليه سواء أكان كلمة طيبة، أو نصيحة عابرة أو دعوة في ظهر الغيب أو معونة ينتفع بها في دنياه، أما أن تفِدَ عليه وقد اعتراك الحزن والهم لأجله، فتلك هدية استعاذ منها الرسول صلى الله عليه وسلم وندبنا إلى الوقاية منها.

 

لا أُمجد الأنانية، كما أنني أكره المشاعر الجامدة، وما أفعله هنا إنما هي دعوة إلى تبنِّي السلوك المتفائل، والممزوج بالحكمة، وأن يكون التصرف بطريقة يملؤها الأمل بعيدًا عن العاطفة التي تمتص الحزن، ثم تتوه في بحر الألم دونما جدوى.

 

في مشهد تفاعلي يرويه لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلًا: ((قُدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَبْيٍ، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذْ وجدت صبيًّا في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترَون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟ قلنا: لا والله، فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها))؛ [متفق عليه].

 

هنا محاكاة تتطلب منا النظر إلى مشاكل الآخرين (أيًّا كانوا وليس اأابناء فقط) وفق إمكانياتنا التي أتاحها لنا الله، مع تفويض الأمر كله لله؛ فهو وحده القادر على كل شيء؛ لأن الاعتراض المبالغ فيه، والاندفاع بالعواطف من سوء الأدب في التعامل مع مشيئة الله وإرادته، هذا بالإضافة إلى الآثار النفسية التي ترتبط بالفرد وتتعلق به.

 

الاهتمام بالخلافات...

(آهِ لو منحني الله قطعة أخرى من الحياة، لاستمتعت بها - ولو كانت صغيرة - أكثر مما استمتعت بعمري السابق الطويل، ولنمتُ أقل، ولاستمتعت بأحلامي أكثر، ولغسلت الأزهار بدموعي،ولكنت كتبت أحقادي كلها على قطع من الثلج، وانتظرت طلوع الشمس كي تذيبها، ولأحببت كل البشر، ولَما تركت يومًا واحدًا يمضي دون أن أبلغ الناس فيه أني أحبهم، ولأقنعت كل رجل أنه المفضل عندي)؛ الروائي غابريل ماركيز في رسالة له وجَّهها إلى قرَّائه بعد أن أنهكه المرض، وشعر باقتراب الأجل.

 

إن نشوب الخلاف بين البشر ليس أمرًا مستبعدًا، بل قد يكون أمرًا حتميًّا، لكن استمرار الخلاف وديمومته يحمل في طياته الكثير من المصاعب على كلا الفريقين، ويسمح للكثير من الضغائن أن تستوطن الذات، فتكدر الصفو وتشغل البال، وكلما زادت حِدَّة الخلاف، كان أثره أكبر.

 

لقد حرص الإسلام على القضاء على الضغائن التي تخلِّفها الخلافات، وقدَّم عروضًا كبيرة أمام المبادرين للتخلص منها؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

 

قال تعالى: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]، في القرآن نجد أيضًا صورًا من العفو والمبادرة إلى التصالح، والتي تجسدت إحداها في سورة يوسف، حينما بادر بإصدار مرسوم عفوٍ بحق إخوته دون تردد أو مماطلة، على الرغم من أن خطأهم كان يهدد وجوده، ويقتضي التخلص منه، لكنه آثر الإحسان، والله يحب المحسنين.

 

على عهد النبوة يُلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاب النصر يوم الفتح ويعلن فيه أن لا تثريب؛ فتلك هي سنة الأنبياء وعاداتهم، وهذا ما لاحظناه أيضًا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتب السير كثير من الصور التي نقلها لنا الرواة؛ لتكون لنا قدوة في تعاملنا فيما بيننا في هذه الحياة.

 

عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))؛ [رواه البخاري].

 

ثم ما الذي يجنيه الفرد من استمرار الخلاف وديمومته؟! في كتاب "أبي الذي أكره"، يتناول الكاتب ما يدور في ذات الفرد المتشاحن، ويجعل منها سمومًا مؤذية تفتُّ في ذهن صاحبها قبل أن تنتقل أعراضها إلى الآخر؛ مما يجعل الفرد يحمل في ذهنه الكثير من الكوابيس المرتبطة بخلافات لا تزال عالقة في الذهن: (الحكم على الآخر وكراهيته والقضاء عليهوالدينونة، والإدانة الكاملة، وشيطنة الآخر ليست جزءًا من التعافي،بل سمومًا روحية تؤذينا قبل أن تصيبه،وتبقينا عالقين في ذكرى الإساءة).

 

ختامًا:

يروم الإنسان الأسى، وتعتريه الكثير من الوقائع التي تكون مصحوبة بالمصائب أحيانًا، وما أُنشده هنا ليس الدعوة إلى الهروب منها أو اللامبالاة، وإنما هي دعوة لأن تكون نظراتنا تجاه ما يدور حولنا بعيدًا عن الحساسية المفرطة؛ حتى لا يكون الاهتمام مصدرًا للهموم ومثيرًا للقلق، وما القلق إلا ككرسيٍّ هزَّاز يستثير صاحبه، لكنه لا يبرح مكانه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنسان آخر الاهتمامات
  • ما هي اهتماماتنا؟
  • دائرة الاهتمام .. ودائرة التأثير
  • الاهتمام بالآخرين

مختارات من الشبكة

  • سؤال التربية بين الخطاب الرؤيوي والبديل السوسيوثقافي من خلال كتاب: إشكاليات التربية بالمغرب لمحمد أمزيان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • النبوة أو الرسالة أو هما معا سبب لطرد الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العبادات للدنيا والآخرة معا(استشارة - الاستشارات)
  • معا على طريق الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معا إلى التوازن: طريقة عملية بإرشادات نبوية لتحقيق التوازن في جوانب الحياة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لا نستطيع العيش معا(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • معا سوف نبقى (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • معا نغني للسلام (نشيد للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المستقبل للدين والعلم معا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • معا على الطريق منذ البداية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب