• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

مهارات التعلم الاجتماعي والعاطفي في ضوء المنهج الإسلامي

مهارات التعلم الاجتماعي والعاطفي في ضوء المنهج الإسلامي
مروة محمد علي البنيان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/3/2021 ميلادي - 17/8/1442 هجري

الزيارات: 7369

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مهارات التعلم الاجتماعي والعاطفي في ضوء المنهج الإسلامي


من خلال تتبُّع تاريخ ظهور التعلم الاجتماعي والعاطفي في المجال التربوي والتعليمي، يتضح وجود اهتمام عبر التاريخ الإنساني بمهاراته وكفايته، أيضًا عُنِيَ الدين الإسلامي عناية كبيرة بتنمية شخصية الإنسان من عدة نواحي، وللعديد من مهارات التعلم الاجتماعي والعاطفي أصل في الدين الإسلامي، وتُعد جزءًا من أهداف التربية الاسلامية، فكفاءات التعلم الاجتماعي والعاطفي المتمثلة في (الوعي الذاتي، والوعي الاجتماعي، وإدارة الذات، ومهارة إقامة العلاقات، والقدرة على اتخاذ القرارات المسؤولة)، جميعها لها أصول في التربية الإسلامية التي حرصت على تنمية الإنسان، خصوصًا من الناحية الشخصية والاجتماعية.

 

فالوعي الذاتي مرتبط بفَهم الفرد لنفسه الذي يحقِّق له السعادة، ويسهل له معرفة الصواب من الخطأ، ويظهر ذلك في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [المائدة: 105]، الذي فسره (السعدي 2000) بأنه الاجتهاد في إصلاح النفس وإلزامها الصراط المستقيم.

 

وذكر (رسلان، د.ت) أنه بصحة الوعي وسلامة الفهم يكون الفرد من الذين أنعم الله عليهم بالهداية والرشد إلى الطريق القويم، فهي تعتبر من أعظم النعم التي وفَّقه الله اليها، ويمكن الوصول للوعي الذاتي من خلال أدوات بيَّنها سبحانه وتعالى في محكم تنزيله بقوله: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، فمن خلال السمع والبصر والفؤاد الذي هو مجمع الادراك، وموضع الفهم، يمكن الوصول للوعي.

 

كذلك يعد التوازن والاعتدال في الأمور أحد أهم خصائص الدين الإسلامي المهمة، ويكون ذلك في كل ما يتعلق بالدين والدنيا، الذي حث النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمنا التوازن بين الروح والجسد وبين الدنيا والآخرة (رسلان، د.ت)، فعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ تَلَا: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153])؛ إسناده حسن[1]، فمن أهداف التربية الإسلامية تحقيق سعادة الإنسان عن طريق تعليمه التوازن بين متطلبات الحياة الدنيا والآخرة، والاهتمام بالجانب الدنيوي والمادي للفرد، الذي يحقق دوره في عمارة الأرض، والعمل على خدمة البشر عن طريق العلوم المختلفة، مع الاهتمام كذلك بالجانب الروحي، الذي يعتبر ضرورة نفسية للفرد تدفعه الى السعي والنشاط، ومدافعة العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تواجهه في حياته؛ (مرسي، 1987).

 

كذلك تسعى التربية الإسلامية إلى إشباع الحاجات العاطفية للفرد، كالحاجة إلى الأمن، والحب، والتقدير ممن حوله، وحاجته إلى الأمل، والبعد عن القلق والقنوط؛ حيث جاء ذكر الأمن في القرآن الكريم بعد الجوع، مما يظهر أن حاجة الإنسان للطمأنينة توازي حاجته للطعام؛ (القاضي، 2004)، وذلك في قوله عز وجل: ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش:4]، فمراعاة الحاجات الإنسانية هو مِن مبادئ الدين الإسلامي، ومما يظهر أهميتها هو ذكرها في دعاء إبراهيم عليه السلام لأهله من أجل إشباع حاجات مهمة لهم، وهي الأمن والطعام والتقدير التي تُعد وسائل تعينهم على إقامة الصلاة وشكر الله؛ (الكيلاني، 1997)، قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾[البقرة: 126].

 

أيضًا حفِظ الدين الإسلامي حقَّ الطفل في الإشباع العاطفي والحب والرحمة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ»)[2]، فمن حق الطفل أن تُغذَّى نفسُه بالحب والحنان والاحتضان، حتى تنموَ عواطفه بشكل سليم، وهذا الحق يشير إليه التعبير القرآني: (قرة أعين)؛ (الأنيس، 2008)؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

 

أيضًا تهتم التربية الإسلامية بإدارة الذات التي تقوم على تحديد الأهداف والتخطيط والسعي لتحقيقها، فإدارة الذات لا يُمكن أن تتم دون أن يضع الفرد أهدافًا لحياته، فحينها ستكون حياته مشتتة وإنجازاته ضعيفة؛ (الجراح والشريفين، 2017)، وهو ما يظهر في قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]، وقوله تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77]، التي فسَّرها (ابن كثير، 1999) بإعطاء كل ذي حق حقَّه، فلربك عليك حقٌّ باستعمال ما وهبك إياه من نعمٍ في سبيل الوصول إلى ثواب الآخرة، ولنفسك عليك حق مما أباح الله لك في الحياة الدنيا، فيظهر أن تخطيط الإنسان لحياته وتحديد أهدافه، من صفات المسلم الحق.

 

وأيضًا حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الفطنة والتخطيط والتفكر، والاعتبار من الأخطاء السابقة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ)[3] الذي يدل على مبدأ اتخاذ الحيطة والحذر من تكرار الأخطاء؛ (الجراح والشريفين، 2017).

 

أيضًا تظهر إدارة الذات في تحديد الأولويات التي تؤدي إلى نجاح إدارة الذات، فالتربية الإسلامية تؤكد ضرورة الترتيب بين الأشياء بحسب أولوياتها وأهميتها، ووضع كل شيء في موضعه المناسب، وبالتالي تَحسُن إدارة الفرد لأموره وحياته بفاعلية؛ (الجراح والشريفين، 2017)، ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: الوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ، أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْداللَّهِ - قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي)[4].

 

أيضًا تقوم إدارة الذات على السيطرة على الانفعالات، وهي من الأمور التي حثَّ عليها الدين الإسلامي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»)[5]، فالغضب من الانفعالات التي وصف القرآن تأثيرها على السلوك؛ حيث وصف غضب موسى عليه السلام عندما وجد قومه يعبدون العجل؛ (نجاتي، 2001) في قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 150]، فالغضب غريزة إنسانية، ويتم ضبطها بتهذيب وضبط النفس وكظم الغيظ، تجنبًا للعواقب التي تورث الندامة، فكظم الغيظ من صفات المؤمنين التي وصفهم الله بها؛ (التل، 2006) في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

 

أما الوعي الاجتماعي، فتظهر أهميتُه في الدين الإسلامي، من خلال الرجوع إلى أهداف التربية الإسلامية، ومنها تربية وظيفة العقل وقدراته؛ حيث تعمل على تنمية قدرات الأفراد العقلية، من خلال توفير البيئة المناسبة لتنميتها، كالحرية الفكرية التي تتوفر عن طريق تقبُّل أفكار الآخرين، فكلما نمت تلك القدرة زادت قدرة المتعلم على مواجهة المشكلات بدرجة عالية من الثقة والوعي، كذلك من الأهداف الأصيلة للتربية الإسلامية تنمية الإيمان بوحدة البشر والتكامل بينهم، فالمجتمعات البشرية تمر بمراحل أولها المجتمع الأسري، ثم القبلي ثم القومي، وصولًا إلى المجتمع العالمي، فتكون الوحدة الإنسانية ضرورة من ضروريات الحياة المعاصرة، وذلك لتعدد الأجناس والأعراق المهاجرة في البلدان المختلفة، وتوحد العالم من الناحية التكنولوجية والاقتصادية، فتعمل التربية الإسلامية على تحقيق وحدة الجنس البشري عن طريق غرس الإيمان بها، والتعريف بأصولها الاجتماعية والعقدية، وأيضًا تحويلها من أصول نظرية إلى ممارسات عملية من خلال الأساليب التربوية المناسبة؛ (الكيلاني، 1988).

 

وقد أشار القرآن الكريم إلى وجود العديد من الاختلافات بين البشر، والفروقات الفردية بينهم، سواء بسبب العوامل الوراثية أو البيئية أو الاقتصادية، وسواء كانت اختلافات بدنية أو نفسية أو عقلية، ولذلك فمن المتوقع وجود اختلافات في سلوكهم وتفاعلهم؛ (نجاتي، 2001)، فالتنوع بين البشر له مزايا ومنافع، فهو يحقق التنوع في القدرات، وبالتالي تتنوع المهن والتخصصات والاتجاهات التي تتضح في قول المولى عز وجل في محكم تنزيله: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]، فالمطلوب من البشر استعمال قدراتهم المختلفة من أجل توفير حياة رغيدة ومتجددة ومتنوعة عامرة بالخيرات والعطاءات؛ (الكيلاني، 1988).

 

أيضًا يربي الدين الإسلامي الفرد على الحد من الأنانية بالموازنة بين حبِّه لنفسه وحبه للآخرين، والتعاون معهم، وحسن معاملتهم، ويحث القرآن الكريم على التآلف بين البشر، وتعاونهم وتماسكهم؛ (نجاتي، 2001)، في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران 103].

 

كذلك من أهداف التربية الإسلامية تربية وظيفة العقل وقدراته، من خلال تدريب المتعلم على منهج التفكير السليم، وتدريبه على التفكير التجديدي الذي يجعله ينظُر للواقع بنظرة جديدة، فيُحلل واقعه، ويتحرَّى الصواب فيه، ويتم تدريب المتعلم أيضًا على التفكير الجماعي الذي يربط مصير الفرد بالجماعة والعكس، فتبادل الرعاية بين الفرد والجماعة ضروري للارتقاء بالمجتمع، فالتغير للأفضل لا يتم إلا من خلال أداء جميع أفراد المجتمع لدورهم، وتعاونهم؛ (الكيلاني، 1988)، وهو ما تضمنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد:11].

 

أما مهارة إقامة العلاقات، فتظهر في عدة جوانب في التربية الإسلامية، منها إظهار الشخصية القيادية التي تتفاعل مع مَن حولها بطريقة منظمة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]، أيضًا من صفاته الانفتاح على المجتمع وبناء العلاقات الإيجابية؛ كما يظهر في قوله تعالى: ﴿ قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158].

 

أيضًا حذَّر القرآن الكريم من عدة أفعال تؤدي الى التنافر وخلق علاقات سلبية بين الأفراد؛ كالغيبة والنميمة والغمز والهمز؛ (حبيب، 2016)؛ كما في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، كذلك نظَّم الدين الإسلامي العلاقات بين الناس، من خلال تهذيب الشخصية الإنسانية من الصفات السلبية التي تظهر خلال علاقة الشخص بمن حوله، مثل النفاق والحسد والرياء، وسوء الظن، والكبر الذي يظهر في الاستعلاء على الآخرين، ورفض إقامة علاقات اجتماعية معهم والبغي عليهم؛ (التل، 2006)؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37].

 

أما بخصوص القدرة على اتخاذ القرارات المسؤولة، فيحرص الدين الإسلامي على تعليم الأفراد تحمُّل المسؤولية واتخاذ القرارات، ويظهر ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35]، فيظهر تعليم الله سبحانه وتعالى لآدم وحواء إرادة الاختيار واتخاذ القرار، وتحمل مسؤوليته؛ (نجاتي، 2001)، أيضًا حث على المناقشة والحوار للتوصل إلى حلول مناسبة للمشكلات، والبعد عن التحيز الانفعالي والعاطفي، فتحيُّز الإنسان لرأيه وأفكاره يؤدي إلى الوقوع في الخطأ؛ مما يُعيقه عن الوصول للحقائق؛ كما جاء في قوله تعالى: ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [الروم: 29]؛ (نجاتي، 2001)، ومن السمات الشخصية التي اتصف بها قدوتنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم القدرة على اتخاذ القرار عند توافر المعلومات، بالإضافة إلى استشارة أصحابه ومشاركتهم القرار؛ (التل، 2006).

 

كذلك يظهر في القرآن الكريم والسنة النبوية تصوُّرٌ عن العديد من المشكلات النفسية والسلوكية التي وضَّح القرآنُ طريقة التعامل معها، فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من العديد من الأفكار والمشاعر السلبية؛ كالحزن، والعجز، والجبن، فعن عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: (سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»)[6]؛ (حبيب، 2016)، ووضع الدين الإسلامي عدة طرق لعلاج المشكلات النفسية كالغم والاكتئاب والوساوس، فعلى سبيل المثال الاكتئاب الذي يتمثل في الشعور بالحزن والتشاؤم والبؤس، وفقد الرغبة في الحياة؛ مما يفقد النفس الهمة والعزيمة، وقد سماه ابن سينا (المالنخوليا)، ويعتمد علاجه على أسبابه، وتَمحور حول معالجة الطريقة التي يفكر بها المكتئب، الذي يكون بشكل تدريجي لتعديل السمات الشخصية المسببة للحالة التي وصل إليها؛ كالحزن والغضب والخوف والشعور بالذنب؛ (التل، 2006).

 

ومن ثَم يتَّضح حرصُ الدين الإسلامي ومنهج التربية الإسلامية على إكساب الإنسان مهارات تجعله فردًا يتميز بصفات شخصية متكاملة، ولديه حس عالٍ بالمسؤولية والانتماء لدينه ومجتمعه، ويعمل على إعمار الأرض، وتحسين حياته وحياة من حوله، وتساعده أيضًا على مواجهة التغيرات العالمية من حوله؛ ليتمكَّن من اتخاذ قرارته بحكمة، ولتتناسب سماته الشخصية مع متطلبات الحياة المعاصرة.

 

الكتب والمراجع:

ابن كثير، إسماعيل بن عمر، (1999)؛ تفسير القرآن العظيم، ط2، دار طيبة، تحقيق سامي بن محمد السلامة.

 

الأنيس، عبدالحكيم، (2008)، حقوق الطفل في القرآن، ط1، دبي: دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري.

 

التل، شادية، (2006)؛ الشخصية من منظور نفسي إسلامي، الأردن: دار الكتاب الثقافي.

 

الجراح، فاروق والشريفين، عماد، (2017)؛ عناصر إدارة الذات في التربية الإسلامية: دراسة تأصيلية، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، مجلد26 (5). 188-218.

 

حبيب، محمد، (2016)؛ المنهج الإسلامي في تنمية المهارات البشرية، الإسكندرية: دار المجدد.

 

رسلان، محمد بن سعيد، (د.ت)، بناء الوعي وأثره في مواجهة التحديات.

 

السعدي، عبدالرحمن بن ناصر، (2000)؛ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ط1، مؤسسة الرسالة؛ تحقيق عبدالرحمن بن معلا اللويحق.

 

القاضي، سعيد إسماعيل، (2004)؛ التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة، ط1، عالم الكتب: القاهرة.

 

الكيلاني، ماجد عرسان، (1988)؛ أهداف التربية الإسلامية، ط2، مكتبة دار التراث، المدينة.

 

الكيلاني، ماجد عرسان، (1997)؛ التربية والتجديد وتنمية الفاعلية عند المسلم المعاصر، بيروت لبنان: مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع.

 

مرسي، محمد منير، (1987)؛ التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية، دار المعارف

 

نجاتي، محمد عثمان، (2001)؛ القرآن وعلم النفس، ط7، القاهرة: دار الشروق.



[1] أخرجه الدارمي في باب في كراهية أخذ الرأي، رقم 208.

[2] أخرجه البخاري في باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، رقم 5997.

[3] أخرجه البخاري في باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، رقم 6133.

[4] أخرجه البخاري في باب قول الله تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ [العنكبوت: 8]، رقم 5970.

[5] أخرجه البخاري في باب الحذر من الغضب، رقم 6116.

[6] أخرجه البخاري في باب الاستعاذة من الجبن، رقم 6369.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قواعد المنهج الإسلامي
  • الفارق الجوهري بين المنهج الإسلامي والفلسفات الغربية
  • ملخص كتاب تربية الطفل في ظل المنهج الإسلامي
  • الفنون الجميلة والمنهج الإسلامي
  • التنظيم من خصائص المنهج الإسلامي
  • تنمية وتطوير ملكات ومهارات التعلم
  • الإسلام نظام كامل للحياة
  • منهج الإسلام في الوقاية والتداوي من الأسقام
  • فضل التعلم والتعليم وسبل تحقيقها (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • المهارات اللغوية للناطقين بغير العربية (مهارة الاستماع - مهارة التحدث - مهارة القراءة) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مهارات التفاعل الصفي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مهارة بناء الاختبار(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مهارة تطوير الأسئلة واستخدامها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مهارات التقويم واستخدام الأسئلة وإعداد الاختبارات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المدرب الأستاذ عبدالرحمن الحمد في لقاء بعنوان: ( مهارات التواصل الاجتماعي الناجح )(مقالة - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)
  • عناصر التفاعل الصفي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من مهارات بناء الاختبارات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عشرون مهارة ذهبية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أوغندا: انتهاء فعاليات دورة تطوير المهارات(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب