• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / فتيات
علامة باركود

أسباب ظاهرة الفتيات المسترجلات من الناحية النظرية

أسباب ظاهرة الفتيات المسترجلات من الناحية النظرية
فريال بنت أحمد الفنتوخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/3/2017 ميلادي - 29/6/1438 هجري

الزيارات: 17606

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب ظاهرة الفتيات المسترجلات من الناحية النظرية


تعرضنا في المقالات السابقة إلى آراء العلماء من عدة تخصصات حول الانحراف وكيفية تكوّن بعض السلوكيات والتي يدخل من ضمنها الاسترجال، معقبة عليها بنظرة الإسلام لتلك الآراء ومحاولة قراءة ملامحها الثقافية، بيد أن هذه الآراء لم تكشف مباشرة عن الأسباب الثقافية لهذه الظاهرة بل كانت مجرد إشارات يستفاد منها في الأبعاد التي سأتناولها فيما يلي:

1- ضعف الوازع الديني:

يعد الدين بلفظه العام جوهر معظم ثقافات الشعوب، فهو يصيغ ثقافتها وفق تعاليمه ويصبغها بآدابه وقيمه، ومن ثَم فهي لا تحيد عن حدوده ولا تميل عن مساره، وما يطرأ على ثقافتها من صور انحرافية إنما يتأتى من اضطراب مستوى التدين في نفوس أبنائها[1].

فالاسترجال على سبيل المثال - والمحرم في الإسلام - يعزا ظهوره في المجتمعات ذات الثقافة الإسلامية إلى ضعف في الوازع الديني لدى الفتيات المسترجلات اللاتي غاب عنهن حقيقة الإيمان بأحاديث النهي عن ذلك الفعل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبينًا أثر الإيمان على الجوارح ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب))[2]، قال ابن تيمية في بيان معنى هذا الحديث:" فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد"[3]. فالشاهد من هذا الحديث هو أن صلاح الجوارح مرتبط بصلاح القلب، والأخير لا يصلح إلا بالإيمان بما جاء به الإسلام ومن ذلك أحاديث النهي عن الاسترجال، فمتى تحقق هذا الإيمان اختفى ظهور هذا السلوك بين الفتيات.


قال ابن رجب: "فإذا كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقي الشبهات حذراً من الوقوع في المحرمات. وإن كان القلب فاسداً، فقد استولى عليه اتباع هواه، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب"[4].

ورغم أهمية هذا السبب ووجاهته إلا أنه ينبغي عدم غض الطرف عن المسببات الأخرى التي كان بعضها في الحقيقة وراء ضعف الوازع الديني كالتنشئة الأسرية التي تعد محضنًا رئيسًا للفتاة.

 

2- الخلل الأسري في البناء الثقافي للفتاة:

تعد الأسرة أحد أبرز أعمدة البناء الثقافي للأولاد، إذ عن طريقها تبرز وتتشكل ملامح هويتهم الثقافية، فهي جسر الوصل بين جيل الأولاد ومجتمعهم، فمتى كان هذا الجسر صالحًا كان اتصال الأولاد بثقافة مجتمعهم ظاهرة ومتسقة، ومتى كان معطوبًا حدث الانقطاع عن ثقافة المجتمع بحسب درجة ذلك العطب. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الأسرة في تشكيل هوية الأولاد، حيث قال: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء))[5]، فبحسب معين ثقافة الآباء يكون الصفاء أو العكر لفطرة الأولاد.


والملاحِظ للقرآن الكريم يجد أن الله - تعالى - قرن طاعته بطاعة الوالدين في حال سلامة منهجهما، فقال عز وجل: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36] [6]، أما في حال فساده ومناقضته لمراد الله سبحانه فإن الطاعة تتلاشى وتبقى المصاحبة بالمعروف حفظًا لحقهما وحفاظًا على هوية الأولاد الدينية، ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15] [7]. ومن هنا يتبين أهمية إصلاح المحتوى الفكري والقيمي وسلوكي للوالدين إذ عن طريقه يتم تشكيل الإطار الثقافي للأبناء، ومن ثَم فإن أيّ خلل في المحتوى الثقافي للوالدين سينشأ عنه -في الغالب-اختلال عملية التأطير لدى الأولاد. فبعض الصور الانحرافية الظاهرة على الأولاد -والتي منها استرجال الفتيات- هي نتيجة لثقافة تراكمية نقلها الوالدان إلى أبنائهم خلال مراحل حياتهم مترجمة بلغة سلوكية. فأساليب تنشئة الفتيات المطروحة مسبقًا في نظرية إريكسون[8] والمؤدية لاسترجالهن تدور حول أمرين للوالدين علاقة كبيرة بهما: الأول زرع دونية الجنس الأنثوي لديهن من خلال تعزيز بعض سلوكياتهن الذكورية أو طمس هويتهن بتطبيعهن على ممارسة دور الذكور أو وقوع العنف على الجنس الأنثوي من قبل الذكور، والثاني افتقادهن للجانب المفهومي لدور الجنسين جراء اختزال مهمة تربيتهن على جنس واحد أو تعارض دور الجنسين واختلاطه.

وقد يعظم الخلل في تلك اللغة السلوكية حينما يتخلى الوالدان عن دورهما في عملية البناء الثقافي للفتاة - لاسيما في ظل الترف الذي تعيشه بعض الأسر- لتبنى بعد ذلك على قواعد الخدم والذين ينتمون - في الغالب - إلى ثقافات مغايرة للثقافة الأصلية للفتاة، الأمر الذي يؤدي إلى احتكاك ثقافتهن غير المكتملة من جميع جوانبها بثقافة الخدم الأقوى إزاء هذا النقص، ومن ثَم امتزاج الثقافتين وظهور قيم جديدة في ثقافة الفتاة تكشفها بعض السلوكيات المنحرفة لديها كالشذوذ الجنسي[9]، والذي يعد من أخطر مراحل الاسترجال. بيد أن هذه اللغة السلوكية بشكل عام تظل متأثرة في جانب كبير منها بلسان بعض عادات المجتمع وتقاليده أو عُجمة بعض قيم الإعلام وتغريبه.

 

3- النظرة الدونية للمرأة.

عاشت المرأة في العصر الجاهلي حياة مليئة بالذل والمهانة ولا ثمة مناص، فهي إما أن توأد أو تتجرع الهوان طيلة مراحل حياتها، وقد صور القرآن الكريم جانبًا من ذلك الإذلال، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].


بيد أن هذه الغمة قد انكشفت بعد مجيء الإسلام، وعادت الموازين لأوضاعها الصحيحة فعرف للمرأة قدرها ومكانتها. لكن مابرحت تلك الموازين أن اختلت مرة أخرى عند بعض العرب فرجعت تلك الرواسب بصورة مغايرة لما كانت عليه قبل الإسلام، إذ باتت تحت غطاء شرعي تمثل في تصور خاطئ حول بعض المفاهيم الإسلامية المرتبطة بالمرأة، مما أسهم في انتشارها بين عامة الناس وقليلي العلم، ومن أمثلة ذلك مفهوم نقصان الدين والعقل للمرأة المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن))[10] فما أصبح هذا المفهوم يفسر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسره للصحابيات –رضي الله عنهن- اللاتي استفسرن عن معناه، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ((أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن بلى قال فذلك نقصان من عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها))[11] فرغم وضوح معنى النقصان في هذا النص الشرعي إلا أنه صار سمة نقص وازدراء من قبل بعضهم لها، والحال ذاته يقاس على مفهوم القوامة[12] في قول الله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34] [13] حيث تحول هذا المفهوم من تكريم للمرأة وقيام بشؤونها إلى تسلط وقهر لها، شكل عبر الزمن عند بعض الناس عادات وتقاليد تنتقص فيها المرأة ويقلل من شأنها[14]. الأمر الذي بدوره أتاح لدعاة تحرير المرأة الثغرات التي استطاعوا الولوج فيها ظنًا منهم أن هذا الانتقاص كان من قِبَل النصوص الشرعية، فحملوا شعار تحرير المرأة ومساواتها بالرجل وهم حينئذ يتوكّؤون على خطط العولمة التي صيرت تلك الدعوات إلى اتفاقيات دولية لم تكتف بالمساواة بل تدعو لإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة مما حدا ببعض النساء إلى تشرب تلك النداءات والتمرد على جنسها[15].


ومما يثبت انتشار الفهم الخاطئ لمفهوم القوامة ظهور حالات من العنف الأسري في الآونة الأخيرة إذ أشارت إحدى الدراسات التي أجريت في المنطقة الشمالية من المملكة العربية السعودية إلى أن سوء الفهم للتشريع الإسلامي- وبخاصة في المسائل المتعلقة بالزوج والتي منها القوامة- تأتي في المرتبة الثانية لعوامل العنف[16]. وبمقارنة هذه النتيجة مع ما توصلت إليه العبد اللطيف في دراستها[17] والتي أشارت إلى قلة استخدام سكان البادية للعنف مع زوجاتهم بنقيض سكان القرية والمدينة[18]، نخرج بأن الإعلام هو المسؤول عن بث مثل هذه المفاهيم المغلوطة لاسيما وأنه أحد أطراف العولمة.

إن ما يقوم به الإعلام وبعض العادات والتقاليد من رسم صورة دونية للمرأة من خلال تصوير قوامة الرجل على أنها أحد صور التسلط يدفع بالمرأة إلى الاسترجال؛ بغية التخلص من سيطرة الرجل. ويعد هذا التقليد أحد أنواع الانتشار الثقافي "الذي يكون الدافع إليه هو التخلص من سيطرة الشيء المقلَد نفسه...عن طريق امتلاكه ومعرفة سر قوته" [19].


ويحتل الجهل بحقوق المرأة في الإسلام مرتبة كبيرة في تثبيت دونية مكانتها في أذهان الناس بشكل عام والمرأة على وجه الخصوص[20]، إذ تلجأ بعض النساء إلى أقصى مراحل الاسترجال بحثًا عن حقوق تراها عند الرجل أكثر مما هو عندها، فتتخذ من إجراء عمليات التغيير لجنسها سبيلاً لكسبها، ومن تلك الحقوق نصيبها في الميراث مقابل الرجل[21]، حيث تدرج قوله تعالى: ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11] [22]، تحت كل حالات التوريث لها رغم أنه قد يصل ميراثها أعلى من الرجل أو مساويا له في حالات أخر، فميراث الأم على سبيل المثال قد يتساوى مع الأب عند وجود ولد ذكر أو بنتين أو بنت أحيانًا، بل إن المتأمل في تقسيم المواريث بشكل عام في القرآن الكريم يجد أن أكبر الفروض الثلثين وقد كانت من نصيب النساء [23]، مما يشير إلى أن العامل المشترك لهذه الشبهة والشبه السابقة هو الجهل بنصوص الشرع تحت غطاء العادات والتقاليد.

 

4- خلل المحتوى الفكري والقيمي للإعلام:

يمثل الإعلام بوسائله الحديثة أرض التقاء الثقافات وتنافسها، فهو يعرض للمتلقي مجمل ثقافات العالم والشعوب وفق قوالب متعددة ورؤى متباينة يخضع كثير منها لأيدلوجيات معينة تسهم في خلق صورة مبجلة عن ثقافاتهم ووهمية تجاه الثقافات التي تخالف توجههم، الأمر الذي ينتج عنه اضطراب كفة المقارنة بين قيم ثقافة المتلقين والثقافات الأخرى، وبالتالي حدوث صراع داخلي لديهم يولد انبهارًا بقيم الثقافات الأخرى -رغم مصادمتها لثقافتهم الأصلية- ومن ثَم استعارتها وظهور انعكاساتها على سلوكياتهم.

ولاغرو أن تكون معظم تلك الأيدلوجيات تصب في صالح الفكر الغربي وتوجهاته. نظرًا لأسبقية تواجد وسائل الإعلام الحديثة في دوله وتحقق فائض في إنتاجها، الأمر الذي من شأنه أن يشبع محتوى تلك الوسائل بقيم الفكر الغربي، حتى إذا ما انتقلت تلك الوسائل إلى المجتمعات الإسلامية كان من الطبيعي أن تحمل في جانب كبير منها طابع المحاكاة لأفكار ومناهج الإعلام الغربي، مما يكسب الإعلام في تلك المجتمعات بعد مدة من الزمن ملامح تخالف منهج الإسلام [24].


ويعد استرجال الفتيات ضمن السلوكيات التي أفرزتها قيم الإعلام، حيث يقول الجندي[25] أثناء حديثه عن إحدى وسائل الإعلام: "تعمل الصحافة لتحقيق هدف خطير: هو دمج الرجولة في الأنوثة وتحويل الأنوثة إلى رجولة والعكس"[26]. والمستقرئ لمحتوى وسائل الإعلام المتعددة وأساليبها المختلفة سيتجلى له المنهجية المتبعة في غرس سلوك الاسترجال وسط المجتمعات الإسلامية. حيث أن إحدى الأساليب التي انتهجتها الصحافة على سبيل المثال كانت في نقل أخبار الجنس الثالث في الغرب وتقليعاتهم دون التحذير منها وبيان حقيقتها الأمر الذي أدى إلى إغراء الشباب والفتيات بها ومن ثَم وقوعهم في تقليدها[27] وهذا ما أشار إليه باندورا في نظريته التعلم بالملاحظة[28].

أما الأسلوب الآخر فقد تركز في تكرار تأطير المتلقين بقيم ومفاهيم تخالف الشريعة الإسلامية بغية الوصول لمرحلة مؤالَفة لتلك القيم ومن ثَم فقدان الممانعة لها وهو ما يسمى بنظرية التطعيم[29]، فمثلًا: مشاهد السفور والاختلاط وخروج النساء بمظهر مسترجل قوبلت في بداية الأمر بالاستهجان نتيجة مخالفتها لقيم الشريعة الإسلامية، ثم ما إن تكررت تلك الصور والمشاهد في الإعلام المقروء والمرئي حتى قلّت ردود الانفعال والنفور منها، مما سمح بممارستها على أرض الواقع كسلوكيات تبدو لدى بعض الناس طبيعية تقتضيها الحضارة.


كما قد يتبع الإعلام أسلوبًا مقاربًا مما سبق وهو الأسلوب التراكمي القائم على التأثير على المدى الطويل[30]، والذي يظهر جليًا في علاقات العشق بين الذكر والأنثى، حيث يبدأ الإعلام مستغلًا عاملي العمر والمدة ببثها كرسوم متحركة تحاكي فكر الطفلة وتزرع فيه تلك القيم حتى تكبر، ومن ثَم يطرحها عليها كواقع لحياة كثير من المجتمعات عن طريق بعض المسلسلات والأفلام[31] مما يؤدي بها إلى تبني تلك القيم ومحاولة إنزالها في واقعها بيد أنها تصطدم بقيم مجتمعها المحافظ والذي يقف حائلًا أمام إنزال تلك القيم المستعارة بصورتها الأصلية، مما يدفعها إلى إعادة تشكيلها بما يتوافق في ظاهره مع محيطها فتنزلها في وسط أنثوي ظاهره الصداقة البريئة مع فتاة أخرى وباطنه العلاقة العشقيّة متخذة من السلوك الاسترجالي رمزًا يحل محل الرجل.

وعلى غرار الأساليب السابقة يتم تقديم معظم المحتوى الإعلامي المرتبط بالمرأة والذي يتخذ عدة قضايا أبرزها: الشبهات حول مكانتها في الإسلام، وتهميش دورها الحقيقي في الأسرة، وتحفيزها لاحتلال دور الرجل وتأليبها على ولي أمرها[32]، فكل هذه الموضوعات وغيرها في حقيقتها ما هي إلا مثيرات لإيقاظ سلوك الاسترجال في أنفس الفتيات تولى كبرها الاتفاقيات الدولية التي تنادي بالقضاء على كافة صور التمييز ضد المرأة[33].


وتحظى الشبكة العنكبوتية بنصيب وافر من التأثير على المتلقين نظرًا لعالميتها وتنوع عرضها مابين مقروء ومرئي ومسموع، الأمر الذي يؤهل مادتها لتكون مركزة وشديدة التأثير بحيث توازي أو تطغى على الوسائل الأخرى، فهي بوتقة الإعلام التي تنصهر فيها جميع وسائل الإعلام الحديثة؛ لذا فإن تأثيرها على الفتيات في انتهاج مسلك الاسترجال سيكون شديدًا -لاسيما في ظل انتشار الهواتف النقالة الذكية- حيث لم تكتف الشبكة بنقل أخبار وعالم المسترجلات الظاهر كما فعلته الوسائل الأخرى بل ساعدت على كشف خباياهن من خلال إطلاع الفتيات على الروايات التي تحكي جانبًا من واقع حياتهن، حيث كشفت عن عادات وسلوكيات تكاد أن تكون أعرافًا سائدة في عالمهن وتصرف الأنظار تجاههن.

ولم تقتصر على ذلك بل هيأت للمتلقّيات فرصة التفاعل والاحتكاك بالمسترجلات عن طريق المنتديات الخاصة بهن وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث تعرفن من خلالها على حياة المسترجلات عن قرب والتي صورت في كثير من جوانبها بصور عاطفية يقبع خلفها خدش للحياء وإثارة للشهوات تنحرف بمسار بعض المتلقيات وتؤزهن لممارسة ذلك السلوك بحثًا عما يشبع تلك الغرائز المؤججة.



[1] لمزيد من التفصيل عن مستوى علاقة التدين بالسلوكيات المنحرفة ينظر نظرية غانم ص24-26.

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه، رقمه:52، (1 / 28).

[3] مجموع فتاوى ابن تيمية، 7 / 187، مرجع سابق.

[4] جامع العلوم والحكم، 1 / 210، ط (8) 1419هـ، بيروت: مؤسسة الرسالة.

[5] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين، رقمه:1319، (1 / 465).

[6] النساء: 36.

[7] لقمان: 15.

[8] لمزيد من الإيضاح ينظر ص 20-24.

[9] ذكرت صحيفة الاقتصادية أن بعض العمالة المنزلية لها دور في انتشار ظاهرة الاعتداءات الجنسية والشذوذ الجنسي.

[10] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم، رقمه: 298، (1 / 116).

[11] سبق تخريجه.

[12] يراجع: الخنين، أحمد- تشبه المرأة بالرجل، ص 29-30، ط(1) 1429هـ، الرياض: دار القاسم.

[13] النساء: 34.

[14] راجع: عمارة، محمد، وآخرون- حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، ص575-589، 600-611، ط (بدون) 1423هـ، القاهرة: مطبوعات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

[15] للمزيد: راجع الدورة التأهيلية لمادة علم الثقافة الإسلامية المحاضرة الثامنة على اليوتيوب (محاضرة8 ثقافة د.عبدالله العويسي دورة تأهيلية ج / الإمام).

[16] royahcenter .

[17] بعض العوامل المؤثرة على حقوق المرأة المطلقة و المهجورة و المتغيب عنها زوجها، والتي بينت فيها إلى أن الفهم الخاطئ للقوامة سبب لهضم حقوق المرأة بنسبة 62،1%، ينظر: العبد اللطيف، لطيفة، ص336، ط (بدون) 1430هـ، الرياض: مركز البحوث بجامعة الملك سعود بمركز الدراسات الجامعية بعليشة.

[18] المرجع السابق، ص337.

[19] السويدي، محمد- مفاهيم علم الاجتماع الثقافي ومصطلحاته، ص166، ط (1) 1411هـ، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب.

[20] بينت العبد اللطيف في دراستها أن ثلثي المبحوثات يرين أن المرأة السعودية معرفتها بحقوقها قليلة أو أنها لاتعرفها على الإطلاق في حين أن نسبة من تعرف حقوقها معرفة كاملة نسبة قليلة جداً. ينظر: بعض العوامل المؤثرة على حقوق المرأة المطلقة و المهجورة و المتغيب عنها زوجها، ص336، مرجع سابق.

[21] ذكر الجراح ياسر جمال إلى وجود حالات طلبت منه تغيير جنسها لهذا السبب (سبق).

[22] النساء: 11.

[23] ينظر: سلطان، صلاح الدين- ميراث المرأة وقضية المساواة، ص10-11 ، 22-41، ط (1) 1999م، السادس من أكتوبر: دار نهضة مصر.

[24] ينظر:عبد الواحد، حامد- الإعلام في المجتمع الإسلامي، ص129-130، ط(بدون)، مكة المكرمة:رابطة العالم الإسلامي.

[25] هو المفكر أنور الجندي ولد عام 1917م في مدينة ديروط بمصر، عمل في الصحافة وكان مهتمًا بإيضاح مفهوم الإسلام الشمولي، ساهم مساهمة عظيمة في مقاومة التغريب والغزو الثقافي كما سعى في تأصيل العلوم وأسلمتها وألف عدة مؤلفات، منها: عالمية الإسلام، والإسلام والحضارة، والإسلام والدعوات الهدامة.

[26] الصحافة والأقلام المسمومة، ص38، ط (1) 1400هـ، القاهرة: دار الاعتصام.

[27] ينظر: الجندي، أنور، ص72، مرجع سابق.

[28] لمزيد من الإيضاح ينظر ص29-32.

[29] ينظر:الحضيف، محمد- كيف تؤثر وسائل الإعلام، ص19، ط (1) 1415هـ، الرياض: العبيكان.

[30] ينظر: المرجع السابق، ص18.

[31] في دراسة المحيا (1414ه) والتي أجرى فيها مقارنة على أربع مسلسلات عربية بلغ نسبة علاقات الحب والغرام 18،79%. ينظر: القيم في المسلسلات التلفازية، ص224، ط(1) 1414هـ، الرياض: دار العاصمة. وهذه النسبة تعد كبيرة بمقارنتها مع تاريخ إعداد الدراسة مما يشير إلى ازدياد خطورة الأمر كلما تقدم الزمن.

[32] ينظر: المرجع السابق، ص199-200.

[33] يراجع: منال أبو الحسن - التفعيل الإعلامي للمواثيق الدولية الخاصة بالمرأة





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النظرية النفسية الاجتماعية المفسرة لظاهرة الفتيات المسترجلات
  • تصحيح مسار التنشئة الأسرية
  • السلوك والبيئة المحيطة
  • تحليل أسباب ظاهرة الفتيات المسترجلات
  • تحليل بيانات الدراسة لظاهرة الفتيات المسترجلات
  • تحليل بيانات بحث عن الفتيات المسترجلات
  • أسباب استرجال الفتيات
  • علاج المسترجلات
  • المراسلة بين الفتيات والشباب

مختارات من الشبكة

  • أسباب ظاهرة الفتيات المسترجلات وسبل علاجها: دراسة ثقافية تطبيقية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صدقة السر سبب من أسباب حب الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر سبب من أسباب رضى الله عنك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلة الرحم سبب عظيم من أسباب الرزق(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • قيام الليل سبب من أسباب دخول الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضل بناء المساجد: بناء المساجد سبب من أسباب دخول الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب فضل ترديد الأذان: التهليل بعد الأذان سبب من أسباب مغفرة الذنوب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب