الحروف ليس لها شبكة مفردات بل شبكة أصوات

الحروف ليس لها شبكة مفردات بل شبكة أصوات

(1)

ما الشبكة؟

إنها تكرار وحدة حول مادَّة ما، ومنها شبكة الصيَّاد التي تتكرَّر فيها وحدات الثقوب، وتتَّصل خيوطها لتصنع المادَّة، التي هي الشبكة في صورتها النهائيَّة.

إذًا، لا بد أن يكون هناك محور، وحوله مكرَّرات متسقة اتساقًا يصنع وحدةً ما في المجال الذي تتصل به الشبكة.

ومن هنا جاءت "إستراتيجية شبكة المفردات"، فما "شبكة المفردات"؟

قلت عنها في مقال "إستراتيجيات القرائية أدوات التعلم النشط"، ومقال "الفلسفة اللغوية لإستراتيجيات القرائية الخاصة بالصوتيات والمفردات": (شبكة المفردات تعني: حصر أكبر قدر من الكلمات التي لها صِلة بالكلمة المرادة، وهي تتَّصل بالحقول الدلالية المعجمية، وهي تَهدف إلى إثراء معجم التلميذ؛ إذ تُذكر فيها كلمة ويطالَب التلميذ بذِكر كلمات متَّصلة بها، مثال: اكتب شبكة مفردات "المدرسة"؟ ويترك لهم الوقت الكافي، فيأتون بكلمات لها صِلة بالكلمة المطلوبة، مثل: المعلمين، والفصول، والكتب، و... إلخ).

إذًا، الشبكة تصنع حقلًا دلاليًّا معجميًّا، فما الحقل الدلالي؟

يعرفه الدكتور أحمد مختار عمر في كتابه "علم الدلالة" ط 5، 1998م، ص (79، 80): (الحقل الدلالي أو الحقل المعجمي: هو مجموعة من الكلمات ترتبط دلالاتها، وتوضع تحت لفظ عام يجمعها، مثال ذلك: كلمات الألوان في اللغة العربية... وتقول هذه النظرية: إنه لكي تفهم معنى كلمة يجب أن تفهم مجموعة الكلمات المتصلة بها دلاليًّا، أو كما يقول ليونز: يجب دراسة العلاقات داخل الحقل أو الموضوع الفرعي، ويعرف ليونز معنى الكلمة بأنه محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى في داخل الحقل المعجمي...).

إذًا، للكلمة داخل الشبكة علاقات، فما هي هذه العلاقات؟

تحدث عنها الدكتور ص 98، فحصرها في خمس علاقات هي: الترادف، والاشتمال أو التضمين، وعلاقة الجزء بالكل، والتضاد، والتنافر.

ولكلِّ علاقة من هذه العلاقات تفصيلات توضح أنواعها الفرعيَّة، وتمثل لكلِّ فرع بما يوضحه ويقربه؛ فمن يرغب في الاستزادة فعليه قراءة الكتاب.

(2)

إذًا، شبكة كل شيء يجب أن تكون من طبيعته كما اتَّضح من السابق.

ما معنى ذلك؟

معناه أن شبكة الحرف يجب أن تكون أصواتًا لا كلمات، أما شبكة الكلمة، فهي كلمات تصنع حقلًا دلاليًّا كما بيَّن السابق.

ولِمَ أقول ذلك؟

أقوله لأنَّه ظهرَت منذ ما يقرب من العام مثل هذه اللوحات على مجموعات القرائية على الـFACE BOOK:

ماذا فيها؟

فيها حرف في المركز، وحوله كلمات، وظن الظان أنَّ هذه الكلمات هي شبكة هذا الحرف، وهذا غير صحيح.

لمَ؟

لشيئين.

ما هما؟

أولهما: أن هذه الصورة تندرج تحت المسألة الصوتية "كلمات متشابهة البداية"، وآخرهما: أنَّ الحرف لو كانت له شبكة لكانت شبكة أصوات لا شبكة كلمات؛ حتى يتحقَّق الاتساق المشار إليه آنفًا؛ فالذي يتَّسق مع الحرف ويوضحه أصواته، أما الذي يتَّسق مع الكلمة ويوضحها، فهي كلمات حقلها الدلالي.

كيف؟

لنأخذ الحرف السابق نفسه، ونصنع له شبكته التي هي أصواته المجملة في الشكل والمفصلة في الجدول تاليه:

شبكة أصوات حرف الهمزة:

(3)

وقد يقول قائل: نقرُّ لك بهذا، لكن هذا مجرَّد وسيلة تعليمية لتقريب المعلومة للتلميذ!

وأسأله: وهل طلب التلميذ ذلك؟ وهل هذه هي الوسيلة الوحيدة لهذه المعلومة؟ ألن يدرس التلميذ المسائلَ الآتية: "الكلمات متشابهة الوزن والقافية"، و"الكلمات متشابهة الوزن"، و"الكلمات متشابهة البداية"، و"الكلمات متشابهة القافية"؟

سيدرسها، فتتَّضح له المعلومة المرادة بالطريقة الصحيحة؛ فلماذا نتعمَّد الخطأ لنعلِّمه ما يمكنه أن يتعلَّمه بوسيلة صحيحة؟