ورقة عمل في التخطيط الاجتماعي لمواجهة تحديات الرعاية الاجتماعية لمتحدي الإعاقة في مصر

ورقة عمل في التخطيط الاجتماعي

لمواجهة تحديات الرعاية الاجتماعية لمتحدي الإعاقة في مصر

إعداد: أ. د. وفاء يسري إبراهيم[1]

ملخص ورقة عمل:

تُعتبر مشكلة المعوَّقين ورِعايتهم من المشكلات الاجتماعيَّة التي تمتدُّ جذورها إلى العصور القديمة والوسطى، إلى أن وصلَت إلى الوضع الذي عليه حاليًّا في العصر الحديث، ولكن تَختلف بالطَّبع أساليب الرِّعاية ونوعيَّتها حسب الوضعِ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والدِّيني الذي كان سائدًا في كلِّ عصر.

فالإنسان كلٌّ متكامل، تتفاعَل عناصر شخصيَّته العقليَّة والبيولوجية والنفسيَّة والاجتماعية دائمًا، وأيُّ اضطرابٍ يصيب أحدَ هذه العناصر فإنَّه يَرتدُّ إلى العناصر الأخرى ويؤثِّر فيها في نفس الوقت، وبهذا تُعتبر الخدمة الاجتماعيَّة مع المعوَّقين ميدانًا له أهميته؛ حيث تُعنى بالمعوق كإنسانٍ له احتياجاته النفسيَّة والاجتماعية التي يَعمل على إشباعها؛ حتى يَستفيد من التأهيل المِهْني.

ونتيجةَ تدخُّل الدولة في تَقديم خدمات الرِّعاية الاجتماعيَّة - وفقًا للمراحل التاريخيَّة التي مرَّت بها الجهود - أصبحَت خدمات الرعاية تقدَّم للمواطنين من خلال بناءات تنظيميَّة ومؤسَّسية في كافَّة المجالات المرتبطة بعمليَّة إشباع احتياجات المواطنين المختلفة؛ (تعليمية، صحيَّة، ترويحية، اقتصادية... إلخ).

وفي إطار ذلك ظهرَت الحاجة إلى وجود تخصُّصات علميَّة؛ لمساعدة أجهزة المجتمع ومؤسَّساته المختلفة على تقديم خدمات الرِّعاية بشكل منظَّم، ومن هنا نشأَت الخدمة الاجتماعيَّة؛ حيث ساهمَت في توجيه خدمات ونِظام الرِّعاية الاجتماعيَّة، بما يساهِم في تحقيق استقرارِ وتوازن المجتمع.

والتخطيط الاجتماعي - كإحدى الطُّرق الثانويَّة للخدمة الاجتماعية - هو تلك الجهود المبرمَجَة التي يتَّخذها المسؤولون من أجل السَّيطرة على فاعليَّة وديناميكيَّة المؤسسات الاجتماعيَّة التي يتكوَّن منها البناء الاجتماعي.

ويَهدف التخطيطُ الاجتماعي إلى السَّيطرة على عمليات التحوُّل الاجتماعي بشِقَّيها المادِّي وغير المادي؛ أي: السَّعي إلى تحقيق الموازَنة بين سرعةِ تقدُّم العامل المادِّي والعامل الرُّوحي والقِيَمي؛ لكي يَستطيع المجتمَع السيطرة على مشكلاته الإنسانيَّة والحضارية.

فالتخطيط الاجتماعي مَهما كانت طبيعتُه وأساليبه وأهدافه يَحتاج إلى عمَل جماعيٍّ تعاونيٍّ تقوم به سُلطةٌ أو هيئة مخطِّطة، ويدعَم مظاهرَه ونتائجَه المواطنون أو الأهالي المستفيدون الحقيقيُّون من ثِماره، وتأتي أهميَّة التخطيط للرِّعاية الاجتماعيَّة وبرامجها في تَحديد وتقدير الاحتياجات والأولويَّات، والتعرُّف على الطُّرق والأساليب التي تواجِه الصعوبات، أو المعوقات التي تَحول دون وجود سياسة اجتماعيَّة لتحقِّق أهداف المجتمع، سواء ارتبطَت تلك التَّحديات بعدَم إمكانيَّة الوصول إلى سياسة ملائمة، أو عدم تناسب أساليب تَنفيذها مع متطلبات المَرحلة التي يمرُّ بها المجتمَع، أو عدم توفير الموارد الماديَّة والماليَّة والبشريَّة، أو التنظيميَّة اللازمة لصنع أو تَنفيذ أو متابعة وتقويم السياسة، ممَّا يَحول دون تحقيق الأهداف.

وهنا نَجد أنَّ البرامج الموجهة لرِعاية متحدِّي الإعاقة تتطلَّب التعامل من خلال التخطيط الاجتماعي؛ لتُلبِّي الاحتياجات، وتُسهم في تقديم برامِجَ أكثر كفاءة وفاعليَّة.

وهذه هي الإشكاليَّة التي تطرحها ورَقة العمل.

من الأوراق البحثية المقدمة للمؤتمر الرائد لمتحدي الإعاقة بجامعة الفيوم، في نوفمبر 2015 «التوجهات الحديثة في رعاية متحدي الإعاقة»