• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة
علامة باركود

الأسرة في المجتمعات الغربية: إلى أين المصير؟

بشار بكور

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2016 ميلادي - 4/7/1437 هجري

الزيارات: 47660

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأسرة في المجتمعات الغربية: إلى أين المصير؟

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

لو لم يكن في الإسلام سوى هذه الآية الكريمة في سموِّ العلاقة الزوجيَّة وقدسية الزواج، وما يتفرَّع عنها من مودَّة ورحمة، ومن سكَن وطمأنينة بين الزوجين وبين الأولاد أيضًا - لكان في ذلك كفاية وغَناء.

 

ثلاث كلمات "سكَن، ومودَّة، ورحمة" تختصر الحكاية كلها، ثلاث كلمات يحقِّقها في الوجودِ رجلٌ وامرأة ارتبطَا برباط الزَّواج؛ رباط العفَّة والنزاهة، مختلفان لكن متكاملان، اختلافهما اختلافُ تنوعٍ لا اختلاف تضادٍّ، اختلافُ ودٍّ لا اختلاف بُغْضٍ، اختلافٌ يجمع لا اختلاف يفرِّق، اختلافٌ يبني لا اختلافٌ يهدم.

 

تأمَّل معي قولَه عزَّ وجل في آية أخرى: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، ماذا تفهم من كلمة لباس؟ اللِّباس بداهةً مناسب لِلابِسِه، وكذا الزَّوجة تلائم زوجها وهو يلائمها؛ واللِّباس يستر جسدَ لابسِه، وكذا الزوجة ستَّارة لعيوب زوجها؛ واللباس دفءٌ للابسه، وكذا المرأة تدفئ زوجَها بحنانها الفياض الذي لا ينقطع مدده.

 

كانت "الأسرة" أو "الزواج" عند المجتمعات الغربية - قبل ما يسمَّى بالثورة الصناعيَّة - ذا قداسة خاصة؛ فالرباط بين الزوجين رباط مقدَّس ومحترم، لا يفرق بين الزوجين إلا الموتُ أو خيانةُ أحدهما للآخر، وقد اعتبرت المسيحيةُ الكاثوليكية الزواجَ واحدًا من المقدَّسات السبع [1].

 

ويبيِّن علماء الاجتماع الغربيون أنَّ ما يسمَّى بالأسرة الممتدة أو الموسعة Extended family كان هو النَّمطَ الغالب في المجتمعات الغربية، فالأسرة الموسعة كانت تشتمل في الغالب على ثلاثة أجيال تعيش معًا، جميعُ أفرادها متعاونون متضامنون، ومنتجون أيضًا، حتى الأطفال كانوا يساعدون الكبارَ في الرعي، وزراعة المحاصيل، والحصاد[2].

 

لكن هذه الحال لم تستمر بعد مرحلة الثورة الصناعية[3] في القرن الثامن عشر الميلادي؛ فقد انحسرَت الصناعاتُ المنزلية الصغيرة التي كانت تقتات منها الأسرُ مقابلَ عملها عند الإقطاعيين، وحلَّ محلَّها المصانع الضخمة التي اضطر الرجالُ إلى العمل فيها، فهجروا الريف وقصدوا المدنَ للعمل ثَمَّ، وصار العمل بالأجر والتنافس على الفرص المتاحة ظاهرةً جديدة في أوروبة[4]؛ لذا فإنَّ أفراد العائلة الذين كانوا ينعمون بالعيش معًا اضطروا - سعيًا إلى الرِّزق - إلى هَجْر عائلاتهم والعيش في مكان آخر، وهذا الهجر المُلْجِئُ والتفكيك المُلْزِمُ اللذان وقعا على أعضاء الأسرة، كان من أوائل الضَّربات التي وجِّهَت إلى صرح الأسرة المقدس.

 

ثم توالت الضَّربات الموجعاتُ والمقوضات لهذا الركن الركين في حياة المجتمع الغربي، ومن هذه الضرباتِ: تحجيمُ سلطان المسيحية في نفوس أبنائها، والابتعادُ رويدًا رويدًا عن تعاليمها، ابتعادٌ مضى عليه قرونٌ ودهور، تحرَّر فيه المسيحيون من قبضة الكنيسة الغربية وسطوتها، وحجبها ضياءَ العلم والمعرفة، واضطهادها العلماء[5]، وهذا الإعراض عن تعاليم الكنيسة، الممثلة الشرعية للمسيحية هو حق ونتيجة لا بدَّ منها لكبح وتقييد الحريات، لكنه جرَّ معه - ولو عن غير قصد - الابتعادَ عن أمور أخلاقية، حصَّنها الدينُ المسيحي؛ لأنَّ المحافظة عليها أساسٌ لا غنى عنه لضمان استقرار الفضيلة؛ مثل تقديس الزواج، وكما قيل: "قد يُؤخَذُ الجارُ بجُرْمِ الجار".

 

ومن هذه الضربات: الفرديةُ المفرِطة، التي تقدِّس الفردَ، وتجعله المركز، وقُطْبَ الرَّحى، وتجعل القِيَم والمبادئ والأخلاق أمرًا هامشيًّا: (أنا ومِن بعدي الطوفان)؛ لذا فالمصلحة الخاصَّة مقدَّمة على المصلحة العامَّة، والحرية الفردية فوق سائر الحريات.

 

أمَّا الضربة القاضية لصرح الأسرة في العالم عمومًا وفي الغرب خصوصًا، فقد جاءت مما يسمَّى "الزواج المِثْلي": ذَكر يتزوج ذكرًا، وأنثى تتزوج أنثى Same - sex marriage، أو يتعاشرون دون زواج.

 

إنَّ حربًا ضارية قامت بين أنصار هذه الدعوة، وبين معارضيها؛ إنها والله لحَربٌ بين الملائكة والشياطين، بين العقلاء والمجانين، بين المحقِّين والمبطلين، بين الجادِّين والهازلين؛ هي حربٌ جديرة بأن تُبذل لها المُهَجُ حتى تغدو كفَّة الحق هي الراجحة.

 

وكم من كُتُبٍ أُلِّفتْ، ومؤتمراتٍ أُقيمَتْ، ومقالاتٍ كُتبَتْ، ولقاءات عُقِدَتْ، بشأن هذه الحرب!

 

منها كتاب: "الحرب حول الأسرة: التمسُّكُ بالمنهج الوسط".

The War Over the Family: Capturing the Middle Ground. Brigitte Berger and Peter L. Berger.(Garden City: AnchorPress/ Doubleday, 1983).

 

للكاتبين: بيرجيت بيرغر، وبيتر بيرغر.

ومنها مؤتمر البيت الأبيض عن الأسرة White House Conference on Families، بدعوة من جيمي كارتر عام 1977، ومنها مؤتمر "الدعوة إلى العمل" المنعقد في مدينة ديترويت في الولايات المتحدة عام 1976 Detroit Call To Action.

 

وممَّن أسهموا في هذا الموضوع، وهو من المعارضين لهذه الدعوة الإبليسية، الباحث الأمريكي ريان أندرسون Ryan Anderson في مقالته "الزواج: ما هو، ولماذا أهميته؟ وعواقب إعادة تعريفه".

Marriage: What It Is, Why It Matters, and the Consequences of Redefining It

 

يذكر أندرسون أنَّ الزواج المكوَّن من رجل وامرأة أمرٌ تتفق عليه الأديان الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام)، واليونان القديمة، والمفكِّرون الرومان، وفلاسفة التنوير، ويؤكِّده القانون المدني والعام.

 

ويؤكد أيضًا على فائدتين اثنتين للأسرة التقليدية المكوَّنة من أب وأم يجمعهما عقدُ الزَّواج، وليس مجرد المساكنة أو المعاشرة خارج رباط الزوجية؛ الفائدة الأولى: هي التربية السَّليمة للأولاد نفسيًّا وأخلاقيًّا، تربية تترك آثارَها الإيجابية على سلوكهم ودراستهم وعلاقاتهم الاجتماعية، أبحاث كثيرة قام بها علماء الاجتماع أكَّدَت على هذا الواقع؛ منها دراسةٌ قام بها وندي ماننغ وكاثلين لامب بعنوان: "سعادة المراهقين في الأُسَرِ المتساكنة، والمتزوجة، والأحادية الوالد"[6].

Wendy D. Manning and Kathleen A. Lamb. Adolescent Well - Being in Cohabiting, Married, and Single - Parent Families.

 

ويؤيد هذه الدراسة دراسات أخرى مسحية قام بها معهد بروكنجز Brookings Institution، وكلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية في جامعة برنستون the Woodrow Wilson School of Public and International Affairs، ومركز القانون والسياسة الاجتماعية the Center for Law and Social Policy، ومعهد القيم الأمريكية[7] the Institute for American Values

 

وجدير بالذِّكر أنَّ باراك أوباما في 15 حزيران عام 2008 اعتمد على هذه الإحصائيات في خطابه عن الأبوَّة، فكان مما قال: "نحن نعلم من الإحصائيات أن الأطفال الذين ينشؤون من دون أبٍ هم أكثر احتمالًا خمس مرات في أن يعيشوا في فقر ويرتكبوا الجرائم، وتسع مرات في أن يتركوا المدرسة، وعشرين مرَّة أن ينتهي بهم المصير في السجن، هم أكثر عرضةً لأن يقوموا بمشاكل سلوكيَّة، أو أن يهربوا من البيت، أو أن يكونوا آباء وهم في سنِّ المراهقة، كما أن أسسَ مجتمعنا ستغدو أضعفَ بسبب هذا الأمر".

 

ويقول الكاتب ديفيد بوبينو في كتابه "الحياةُ من دون أب: أدلَّةٌ جديدة قويةٌ حول أن الأبوَّة والزواج لا غنى عنهما لخير الأطفال والمجتمع":

David Popenoe, Life Without Father: Compelling New Evidence That Fatherhood and Marriage Are Indispensable for the Good of Children and Society (New York: The Free Press, 1996),

 

"إنَّ غياب الأب دافعٌ رئيسي وراء العديد من القضايا الخطيرة التي تستحوذ على اهتمام الإعلام: الجريمة، والسلوك غير الأخلاقي، وممارسة الجِنس قبل سنِّ النضج، وولادات المراهقات خارج إطار الزَّواج، والإنجازات الدراسية المتدهورة، والاكتئاب، واستعمال المخدرات استعمالًا ضارًّا، والجفاء بين المراهقين، وزيادة نِسبة الفقر بين النساء والأولاد".

 

ويضيف قائلًا بأنَّ بذور غياب الأب عن الأسرة زُرِعَتْ في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن التاسع عشر، فبسبب من الثورة الصناعية ومع ظهور العائلة العصرية، انتقل عملُ الرجال خارج وطنهم، وأنيط بالمرأة المسؤوليةُ شبه الكاملة في تنشئة الأولاد، كما أن عددًا من مسؤوليات العائلة - مثل التربية والتعليم - تولَّتها مؤسساتٌ حكومية، وانحصر دورُ الأب في تقديم الدَّعم الاقتصادي، وأثناء القرن العشرين زادت مشاركةُ المرأة الرجلَ في العمل، وبذلك زاد استقلالها الاقتصادي عنه، بل أكثر من ذلك، غدَت مشاركتُها تهدِّد الرجلَ من حيث كونُه المعيلَ الرئيسيَّ للأسرة، ومن جرَّاء ذلك بدأَت أهمية الزواج في الانحسار.

 

الفائدة الثانية هي فائدة اقتصادية: ينقل أندرسون عن بروفيسور علم الاجتماع برادفورد ويلكوكس، مدير مشروع الزواج الوطني في جامعة فيرجينيا، في دراسة له أن الدولة بتشجيعها للزواج تدعم الرفاه الاقتصادي، وأنَّ ثراء الأمم معتمد كثيرًا على ثراء الأسرة، كما أنَّ دعم الزَّواج والإنجاب ذو تأثير كبير على حجم وكيفية القوى العاملة[8].

 

إن الدعوة إلى حَلِّ الأسرة التقليدية والعزوف عن الزواج بين رجل وامرأة - تعُودُ ضررًا ماديًّا على المجتمع بأسره؛ ففي دراسة قام بها معهد بروكنج، دفعت الحكومة الأمريكية 229 مليار دولار كنفقات للصَّالح العام من عام 1970 إلى 1996، هذه النفقات سببها انحِلال مبدأ الزواج والآثار السلبية المتفاقمة بسبب الأمراض الاجتماعية؛ من حمل المراهقات، والفقر، والجريمة، والمخدرات، والمشاكل الصحية.

 

لكن مع كل هذه الأدلَّة الدامغة التي تعضد المعارضين لدعوة الزواج أو الارتباط بين المثليين، يزعم مناصرو هذه الدَّعوة بأنْ لا فرق على الإطلاق بين أن يعيش الطِّفل في ظلِّ أبويه، أو أن يعيش تحت جناح امرأتين متعاشرتين أو ذكَرين، وقد نشرَت جمعية علم النفس الأمريكية American Psychological Association في عام 2005 موجزًا رسميًّا عن أسرةٍ يكون الوالدان فيها من نفس الجنس Same - sex parenting، تزعم في هذا الموجز أنَّ الطفل الذي يعيش تحت مثل هذا النوع من الزواج أو الأسرة يحظى بنفس الميزات التي يَحظى بها الطِّفل الذي يعيش في ظل الأسرة التقليدية؛ ولا فرق على الإطلاق، وادَّعَت هذه الجمعية بأنه ليس ثم دراسة واحدة تؤكِّد الزعم القائل بوجود الفرق بين هذين النوعين من الزواج! طبعًا ما سبق من دراسات يَنفي هذا الزعم الباطل، وأشير هنا إلى دراسة ألِّفَت خصوصًا لردِّ أباطيل نشرة جمعية علم النفس الأمريكية، قام بها لورين ماركس، حاصل على دكتوراه في دراسات الأسرة:

Loren Marks, “Same - Sex Parenting and Children’s Outcomes: A Closer Examination of the American Psychological Association’s Brief on Lesbian and Gay Parenting,” Social Science Research, Vol. 41, No. 4 (July 2012).

 

وضع الأسرة الراهن في المجتمع الغربي:

كتب الكثير عن الوضع الخطير للأسرة الغربية، الذي غدا نتيجة للعوامل التي سبق التنويه إليها، وهاك بعضَ الأخبار:

• في موقع الجزيرة في عام 2008 جاء الخبر التالي بعنوان "دراسة تقول: الزواج لم يعد المعيار الأول للأسرة في بريطانيا"، يقول الخبر (وهو منقول عن الديلي تلغراف): أظهَرَ أوسعُ مسح يجرى في بريطانيا حول مواقف المواطنين من الشؤون الاجتماعيَّة أن البريطانيين لم يعودوا ينظرون إلى الزواج بوصفه "القاعدة الأساسية" التي تُبنى عليها الأسرة، وأكَّدَت الدراسة التي شارك فيها 3300 بالغ واستمرَّت منذ العام 1983 أنَّ الزواج لم يعد بالنسبة لثلثي البريطانيين مختلفًا عن طرُق التعايش الأسري الأخرى، وقالت صحيفة ديلي تلغراف التي أوردَت نتائج هذا المسح: إن مبررات هذا التوجُّه تأييد الحكومة البريطانية "لزواج المثليين" وللأسرة القائمة على أحد الأبوين دون الآخر، إضافة إلى تزايد ظاهرة "التعايش بالتراضي"، وإحجام الحكومة عن تشجيع الزواج التقليدي، وتكمن أهميَّة هذا المسح الذي قام به المركز الوطني للبحث الاجتماعي في كون أسئلته معَدَّة بالتنسيق مع الوزارات الحكوميَّة؛ لاستخدامها في إعداد السياسات الاجتماعية.

 

ولا يَرى أنَّ المتزوجين أفضل في تربية الأطفال من غيرهم، سوى ربع الذين شملهم المسح، في حين يرى ثلثُهم أنَّ المثليين قادرون على الاضطلاع بنفس المهام التي يضطلع بها الأب والأم المتميزان، كما يرى 61 % منهم أنَّ النساء يجب أن يمنحن حق إنجاب أطفال باستخدام حيوانات منوية متبرع بها.

 

وخلص المسح إلى أنَّ هناك انحطاطًا في رؤية البريطانيين لأهميَّة الزواج؛ إذ يعتبر أغلبهم حفل الزفاف مجرَّد مبرر لإقامة حفل بدلًا من أن يكون إعلانًا عامًّا عن التزام رجل وامرأة بالحياة معًا في عش الزوجية، ورغم أن تكاليف الزفاف ارتفعت إلى أكثر من 17 ألف جنيه، فإن 53 % من الذين شملهم المسح يعتبرون ذلك الحدث مجرد حفل لا يختلِف عن غيره من الحفلات، ويؤكد المسؤول عن وحدة السياسة القانونية بحزب المحافظين المعارض إيان دانكان سميث أن أطفال المطلقين أكثر تعرضًا للفشل في المدارس واختراق القوانين والإفراط في شرب الخمر، أو حتى التحول إلى إدمان المخدرات، ورغم أن 85 % من البريطانيين المتعايشين مع بعضهم البعض متزوجون، فإنَّ انهيار الأسر يكلِّف الدولة ما بين 20 و24 مليار جنيه إسترليني.

 

• يقول الكاتب ديفيد بوبينو في كتابه "الحياة من دون أب" - وقد نقلتُ عنه فيما سبق - بأنَّ أربعين بالمائة من الأولاد في أمريكا لا يعيشون مع آبائهم بسبب ارتفاع نِسبة الطلاق، والولادات غير الشرعية، وكل ثلاثة أطفال من أصل عشرة يولدون من أمَّهات غير متزوجات، وأنَّ الغالبية من هؤلاء الأطفال لا يعيشون مع آبائهم، الأكثر من ذلك أنَّ هؤلاء الآباء لا يرون أبناءهم بصورة منتظمة ولا ينفقون عليهم، والسبب الجوهري في هذا الأمر هو التغيير الثقافي في القيَم؛ فهناك الفردية المفرطة المنتشرة في المجتمع، ويحذر الكاتب من خطورة هذا التغيير في القيَم، ليس لأنه يهدِّد المؤسسات الاجتماعية الأساسية فقط؛ بل لأنَّه يؤثر سلبًا على الأطفال.

 

• يحذر باترك بوتشانن Patrick Buchanan في كتابه "موت الغرب" The Death of the West (2002) من الموت الحضاري والأخلاقي للغرب؛ فهو يشير إلى عدد من العوامل التي إنْ لم يتم احتواؤها وضبطها، فسوف تؤذِن بانهيار الحضارة الغربية انهيارًا فظيعًا، من هذه العوامل: انخفاض معدَّلات المواليد، وذوبان العائلة، واندثارها وحدةً اجتماعية، وعزوف النساء عن الحياة الطبيعية التقليدية؛ مثل الزواج وإنجاب الأطفال ورعايتهم، وعزوف الشباب عن مؤسسة الزواج، وشيوع الجنس، واللواط، والحماية القانونية لهذه النزعات غير السوية[9].

 

أما الطامَّة الكبرى، والداهية الدهياء، فهي جعل هذه الدعوة الشاذَّة (الزواج المثلي) تشريعًا تقرُّه الدول، وتباركه الكنائس، ويجعل لهؤلاء الأزواج المثليين حقوقًا كحقوق الأزواج الآخرين، هذا ما تمَّ بالفعل في عدد من الدول الغربية، وأقول جازمًا: إن هذا التشريع الإجرامي سينقلب يومًا ما جحيمًا مستعرة تلتهم الأخضرَ واليابس، فلا تُبقي ولا تذر، والأيام القادمة - دون ريب - شواهد صِدق على ما أقول.

 

أيها الإخوة القرَّاء، لا بد أن نعلم أنَّ الله تعالى أقام الكون كله على نظام الزوجية المكون من عنصرين مختلفين؛ رجل وامرأة، ذكر وأنثى، سالب وموجب، قال عز وجل: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، وقال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

 

ومن هذا الاختلاف الذي يحقِّق التكاملَ يعمر الكونُ، وتستمر الحياة، ويكون الأولاد؛ ففي الذرَّة بروتون ذو شحنة موجبة، وإلكترون ذو شحنة سالبة، وهذا الاختلاف هو سبب التجاذب والترابط، وكذا في الكهرباء سالب وموجب، ومنهما يكون التيار الكهربائي، أما السالب مع السالب، والموجب مع الموجب، فيتنافران ولا ينجذبان، إن الله تعالى بعد خلقه لآدم خلقَ منه أنثى (حواء) يأنس بها وتأنس به، ويداعبها وتداعبه، ويسامرها وتسامره، ولم يخلق منه ذكرًا آخر يتسلى معه.

 

إن الطفل يأخذ من أمِّه مع كل رَضعة يرضعها، مع كل ضَمَّة من صدرها، مع كل قُبلة من قبلاتها - عطفًا وشفقةً وحنانًا، تملأ ما بين جنبيه، تزوده بطاقة روحية لا تفارقه ما بقي حيًّا، أما الأب، فيمنح ابنه من قوة الفِكر، وصلابة الرأي، وشجاعة الإقدام، واقتحام الأهوال والمصاعب في معترك الحياة - ما لا يستطيع أحد زرعَه في قلبه وعقله، إن الأب والأمَّ هما جناحا الطفل لا يطير إلا بهما، ولا يحط إلا بهما؛ فالأم حنان وعطف ومودة، والأب قوة وصلابة وشجاعة وانضِباط.

 

هذه هي سُنَّة الله الماضية في الكون منذ آدم عليه السلام، إلا أن هؤلاء المساكين - وإن شئتَ قلت: المجانين - يأبَوْنَ إلَّا أن يسدُّوا هذه السبيل، ويستعيضوا عنها بسبيل من سبل الشيطان، ألا وهي الزواج المثلي، فاعجب معي، رعاك الله!

 



[1] وهي التعميد، والتأكيد، وطقس القربان المقدس، والمصالحة أو الكفارة، ودَهن المرضى، والزواج، والأوامر المقدسة.

[2] من كتاب "الأسرة في الغرب: أسباب تغيير مفاهيمها ووظيفتها"؛ للدكتورة خديجة، ص (138، 139)، باختصار، نشر دار الفكر، 2009.

[3] اصطلاح يشير إلى التغيير الكبير الذي حدث في حياة البشر، خاصة في الغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بدأَت هذه الثورة في بريطانيا في القرن الثامن عشر، ثم انتقلت إلى أجزاء من أوروبة وأمريكا الشمالية في القرن التاسع عشر، ثم إلى غيرها من البلدان الأوروبية، أدَّت الثورة الصناعية إلى زيادة عظيمة في الإنتاج، كما أخرجت التصنيع من نطاق المنزل والورشة الصغيرة، وحلَّت الآلات ذوات المحركات محل العمل اليدوي، وبهذا انتقل المجتمع الغربي من مجتمع ريفي زراعي إلى مجتمع حضري صناعي؛ من الموسوعة العربية العالمية (8/ 68، 69)؛ باختصار وتصرف يسير، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع ط 2، 1999.

[4] المرجع السابق (140)؛ بتصرف يسير.

[5] يراجع في هذا كتاب: "الجانب المظلم في التاريخ المسيحي"؛ للباحثة الغربية هيلين إيليربي، ترجمة: سهيل زكار، دار قتيبة - دمشق، 2005.

[6]Journal of Marriage and Family, Vol. 65, No. 4 (November 2003), pp. 876  and 890.

[7] هذه هي الدراسات المسحية التي قامت بها المؤسسات المذكورة:

SeeSara McLanahan, Elisabeth Donahue, and Ron Haskins, “Introducing the Issue,” Marriage and Child Wellbeing, Vol. 15, No. 2. Mary Parke, “Are Married Parents Really Better for Children?” Center for Law and Social Policy Policy Brief, May 2003. and W. Bradford Wilcox et al., Why Marriage Matters: Twenty - Six Conclusions from the Social Sciences, 2nd ed. (New York: Institute for American Values, 2005), p. 6.

[8] عنوان الدراسة:

Social Trends Institute, “The Sustainable Demographic Dividend: What Do Marriage and Fertility Have to Do with the Economy?” 2011

[9] للدكتور عبدالله النفيسي قراءة مفصلة لهذا الكتاب، تجدها في موقعه، ومنه استقيت هذا النقل.

وانظر مقالة: "الشعب الدانماركي مهدد بالانقراض: الشيوخ قادمون والمجتمعات الغربية تدفع ثمن انفلاتها"؛ للأستاذ فهمي هويدي، مجلة المجلة، العدد 891، ص (9 - 15)، آذار 1997م؛ والشرق الأوسط "المفوضية الأوروبية تدق ناقوس الخطر"، العدد (6307)، 5 آذار 1996 م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إقامة المسلمين في بلاد غير المسلمين
  • العمل في بلاد غير المسلمين

مختارات من الشبكة

  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة فقه الأسرة: الخطبة (1) أسس بناء الأسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الأسرة في علاج وتدريب الطفل المعاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأسرة ومقومات البيت المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد تربوية لمائدة طعام الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار الأسرة والزواج من ناحية فقهية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الفشل في بناء الأسر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ‏ آداب وأخلاق يجب مراعاتها في الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الخلافات الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب