تواصل القيادة مع مستويات الإدارة الوسطى والدنيا

تواصل القيادة مع مستويات

الإدارة الوسطى والدنيا

من أسس الإدارة الناجحة أن يكون هناك تواصل جيد، وواضح بين القيادة، وبين الإدارتين الوسطى، والدنيا، بل يتعدى هذا التواصل إلى الجمهور الخارجي الذي له صلة بخدمات الجهاز الإداري، أما أن تعيش القيادة في أبراجها العاجية، أو في مشاغلها بعيدة عن جو، وحياة الإدارات الأخرى، وحاجات الجمهور، فهذا خلل إداري كبير جداً، وله تأثيره السلبي على جو العمل من جهة، وعلى الإنتاجية، وتطويره من جهة ثانية، وعلى الرقي بالفرد وبالمجتمع، والأمة من جهة ثالثة.

إن من العيوب، والثغرات التي تعيشها بعض المجتمعات الإسلامية، وتُضعف عجلة التطور، والرقي فيها، أن القائد الإداري لا يعرف في الغالب عن الإدارات الأخرى المعرفة الحقيقية التي تجعله يستطيع أن يوجه، أو أن يصدر قرارات ذات فائدة، ومتناسبة مع ما تعيشه هذه الإدارات، وربما تمر الشهور، بل السنوات، أو حتى تنتهي فترة إدارته، وهو لا يعرف الكثير عن طبيعة الأعمال في الإدارات التابعة له.

وللأسف الشديد لو حصل، وقام هذا القائد بزيارة إلى بعض الإدارات، أو بعض المواقع التابعة له، فإن هذه الزيارة تكون معروفة، ومعلنة إذا لم تكن على المستوى الإعلامي، فهي على المستوى الإداري الداخلي، وبالتالي لا يحصل لها الفائدة المرجوة، لأن ما يظهر له بخلاف الواقع الحقيقي، لأنه تم تلميع ما سيشاهده، فلم ير إلا الحسن، ثم أخذ انطباعاً بأن كل الأمور على أفضل ما يكون، وهي قد تكون على عكس ذلك تماماً.

وهذا الواقع غير الجيد لا يعني عدم وجود قيادات على مستوى عال من حسن الإدارة، والتفاعل الإيجابي مع الإدارات الأخرى، ومع الجمهور الخارجي، فهناك قيادات لهم صولات، وجولات على كافة الأصعدة سواء على مستوى الإدارات الوسطى، أو الدنيا، أو الأعمال الميدانية التي تقع تحت نطاق مهماتهم، ومسؤولياتهم، وإداراتهم يضرب بها المثل في الانضباط، وحسن الأداء، ورضا الجمهور المستفيد من خدمات جهازهم الإداري.

وقد حددت الشريعة الإسلامية المسؤولية العامة لكل جوانب العمل الإداري على مختلف المستويات، أعلاها، وأوسطها، وأدناها، ففي الحديث الشريف، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهى مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع، وهو مسؤول عن رعيته "، قال فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " والرجل في مال أبيه راع، ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.[1]

إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم " فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " توجيه عام لكل من تولى عمل، وكل من أشرف على مجموعة عمال كثروا، أم قلوا، في مختلف المجلات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، والثقافية، والإعلامية، إلى غير ذلك، فهو مسؤول عنهم مسؤولية مباشرة، وسوف يسأل عن عمله، ويسأل عمن استرعاه الله تعالى، فالواجب حينئذ أن يبذل المسؤول كل جهده في العمل حتى يحقق أعلى درجات الإنتاجية، ويحقق أعلى رضا ممكن، فمتى اجتهد وبذل، فلا يلام المرء بعد اجتهاده.